منشأ ألقابهم :
السؤال : أرغب بسرد موجز عن سبب تسمية الأئمّة (عليهم السلام) بألقاب الزكي والصادق والرضا ، فليكن لجميعهم .
الجواب : إنّنا اتبعنا في ذلك النصّ الوارد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ففي رواية جابر بن عبد الله الأنصاري ـ المروية في كتاب الغيبة ـ أنّه : " سمّاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولقّبهم بهذه الألقاب " (1) .
أمّا لماذا اختصّ هذا الإمام بهذا اللقب ، وذاك بذاك اللقب ، مع أنّهم جميعاً صادقون وباقرون وكاظمون و .. ؟ فلعلّه ناظر إلى تلك الظروف التي كان يعيشها الإمام (عليه السلام) ، فمثلاً الإمام الباقر (عليه السلام) كان يعيش في ظرف فسح له المجال لانتشار علم الأئمّة ، فكأنّه أتى بجديد على الناس ، ولم يسمعوا به بهذا التفصيل من ذي قبل ، خاصّة من كثرة الوقائع وتوسّع المسائل ، فعرف بالباقر لبقره وشقّه للعلم ، وفتقه لمسائل العلم وتعمّقه فيها ، وكشفه عن خفاياها وكنوزها .
وهكذا الإمام الصادق (عليه السلام) ، فإنّه عاش في ظرف كثر فيه العلماء ، وانتشرت فيه العلوم ، ممّا أدّى إلى اختلاط كبير بين الروايات والفتاوى الصادرة من بعض علماء المدارس والمذاهب الأُخرى ، فاحتاجت الساحة العلمية إلى من يفرز الفكر الأصيل على مستوى الرواية عن غيرها، فتصدّى الإمام الصادق (عليه السلام) لهذا الدور بشكل مركّز ، وباعتبار عظمة الثقة به ، ولقدرة تمييزه الصحيح من غيره عرف بالصادق .
إذاً لعلّ مثل هذه الظروف كان لها سهم كبير في ظهور هذه الصفة في هذا الإمام أكثر من ذلك ، وإلاّ من حيث المبدأ كلّهم متساوون في هذه الصفات .
____________
1- الغيبة للشيخ الطوسيّ : 143 .
|
الصفحة 415 |
|
( ياسر العسبول . البحرين . ... )
موالاتهم عامل مهم لدخول الجنّة :
السؤال : هل كلّ من يوالي أهل البيت (عليهم السلام) يدخل الجنّة ؟
الجواب : لا ريب أنّ موالاة أهل البيت (عليهم السلام) مع التبري من أعدائهم ـ أي الموالاة الحقيقيّة الدائرة بين النفي والإيجاب كـ" لا إله إلاّ الله " ـ عامل مهمّ بل هو عمدة ما في الباب للدخول إلى الجنّة ، بل يظهر من بعض النصوص حتمية ذاك ، وإن فعل كذا وكذا ، أو لم يفعل .
نعم ، لابدّ وأن يمرّ المؤمن بمرحلة تمحيص ، وقد يصل إلى دخول النار واللبث فيها ، وقد لا يكون قصيراً ، بل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : " من قال لا إله إلاّ الله دخل الجنّة ، وإن زنى وإن سرق " (1) ، وهذا لاشكّ أنّه ليس على إطلاقه ، فكذا فيما يرجع إلى من تولاّهم (عليهم السلام) .
ونظير هذا ما جاء في كتاب التوحيد ، حيث علّق الشيخ الصدوق (قدس سره) بقوله : " يعني بذلك أنّه يوفّق للتوبة حتّى يدخل الجنّة " (2) .
وقال العلاّمة المجلسيّ (قدس سره) : " وأمّا أصحاب الكبائر من الشيعة ، فلا استبعاد في عدم دخولهم النار ، وإن عذّبوا في البرزخ وفي القيامة ... وقد ورد في بعض الأخبار : أنّ ارتكاب بعض الكبائر ، وترك بعض الفرائض أيضاً داخلان في الشرك ، فلا ينبغي الاغترار بتلك الأخبار ، والاجتراء بها على المعاصي " (3) .
ومع هذا ، فقد وردت روايات كثيرة جدّاً في الصفح عن الشيعة ، وشفاعة أئمّتهم (عليهم السلام) ، فراجع (4) .
( أبو أحمد . السعودية . ... )
موقفهم من الحركات الثورية الشيعيّة :
السؤال : بعد لثم أناملكم الشريفة ، أبعث لسماحتكم تساؤلاتي التالية ، آملاً أن أحظى بالإجابة الوافية :
1ـ يزعم البعض : أنّ هناك روايات عن الأئمّة (عليهم السلام) تذكر : أنّ أيّ دولة تقوم
____________
1- صحيح البخاريّ 7 / 43 .
2- التوحيد : 25 و 410 .
3- بحار الأنوار 3 / 8 .
4- المصدر السابق 65 / 98 .
|
الصفحة 416 |
|
قبل خروج الإمام الحجّة (عليه السلام) فهي دولة غير شرعية ، فما مدى صحّة هذه الروايات وثباتها وحجّيتها ؟ وما المقصود منها إن صحّت ؟
2ـ هل كان الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) يشجّعون الحركات الثورية الشيعيّة المتعدّدة ، التي حدثت في زمانهم ؟ وما موقفهم (عليهم السلام) من حركة إبراهيم ومحمّد ذي النفس الزكية ؟
3ـ ما الأسباب التي دعت الأئمّة (عليهم السلام) عدم انتهاج المقاومة المسلّحة ؟ ونسألكم الدعاء .
الجواب : نجيب على أسئلتكم بالترتيب كما يلي :
1ـ هناك أحاديث وردت في مجامعنا الحديثية تنهى وتستنكر الحركات والأنظمة السياسية قبل ظهور الحجّة (عليه السلام) ، ولكن يجب أن نلاحظ في المقام عدّة أُمور :
أ ـ إنّ هذه الروايات على طوائف من حيث السند ، ففيها المعتبر ، وفيها غيره ، وعليه فلابدّ من التأكّد في جانب السند حتّى يكون الحديث حجّة في المقام .
ب ـ إنّ النهي الوارد في بعض هذه النصوص هو نهي إرشادي لا مولوي ، أي إنّ الإمام (عليه السلام) كان يريد أن يذكر بأنّ الحركة والنهضة سوف لا تثمر ولن تصيب الهدف ، وإن كانت الغاية منها قد يستوجب التقدير والتأييد ، ولكن بما أنّها لن تستثمر ، ومن ثمّ تقع سلبياتها على الشيعة والأُمّة .
فإنّ الأئمّة (عليهم السلام) كانوا ينهون عن التورّط في هذه الحركات ، وهذا ما حدث مع زيد بن علي (عليه السلام) ، فقد كان هو وهدفه ممدوحاً ومؤيّداً من جانب الأئمّة (عليهم السلام) ، ولكن بما أنّ الإمام (عليه السلام) كان لا يرى نتيجة مثمرة من نهضته فكان تارةً يصرّح ، وأُخرى يلوّح بما سيؤول إليه أمره .
وفي عبارة مختصرة : إنّ النهي الوارد في بعض هذه الروايات كان لمصلحة الاحتفاظ على كيان التشيّع عن الدخول في معركة غير متوازنة مع الحكم السائد .
|
الصفحة 417 |
|
وهذا يختلف جذرياً مع النهضة الحسينية ، إذ كان القائد لها وهو الإمام الحسين (عليه السلام) قد انتهج خطّاً ، واستعمل أسلوباً خاصّاً في حركته ، أدّت إلى بقاء وازدهار الفكر الشيعيّ إلى يومنا هذا .
ج ـ إنّ النهي الوارد في بعض هذه الأحاديث نهي مضاف لا مطلق ، أي إنّ الإمام (عليه السلام) وبملاحظة المصالح كان قد ينهى عن التحرّك والخروج لبعض الأشخاص والجهات ، وهذا نظير نهي الإمام (عليه السلام) عن التوغّل في المباحث الكلامية لبعض أصحابه ، في حين كان يشجّع البعض الآخر لتصدّي هذا الأمر .
د ـ إنّ النهي الوارد في بعض هذه النصوص وإن كان مطلقاً ، ولكنّه قد قيّد وخصّص في فترات زمنية محدّدة ، فترى مثلاً أنّ بعض الروايات تؤيّد حركة اليماني ـ وهي من الحركات التي تسبق الظهور ـ وتحثّ الناس بالمشي إليه ، أو أنّ خروج الحسني أو الخراساني ، وذي النفس الزكية ، وحركاتهم مؤيّدة في الجملة .
أو أنّ دولة الأدارسة في المغرب ـ في أيّامها الأول ـ كانت على صلة قريبة من بعض الأئمّة (عليهم السلام) ، أو أنّ إمارة علي بن الإمام الباقر (عليه السلام) في مشهد أردهال ـ منطقة قريبة من قم وكاشان ـ كانت بتنصيص صريح من الإمام (عليه السلام) ، ونظائر أُخرى .
2ـ إنّ الأئمّة (عليهم السلام) لو كانوا يرون مصلحة في تأييد بعض الجهات والحركات، كانوا يدعمونهم باليد واللسان في حدود التقية ، ولكن بما أنّ أكثر التحرّكات لم تكن صالحة ومثمرة ، والبعض القليل منها وإن كانت على حقّ ، ولكن لم تعط النتائج المتوقّعة منها ، لم يبدوا اهتماماً جادّاً في هذا المجال .
ثمّ إنّ خروج إبراهيم ومحمّد ذي النفس الزكية يجب أن ينظر إليه من هذه الزاوية ، فالإمام (عليه السلام) وإن كان يعلم صدق نيّتهما ، ولكن بما أنّه كان يرى عدم الفائدة في ذلك المقطع من الزمن في التحرّك على الطاغية ، لعدم تهيّؤ
|
الصفحة 418 |
|
الأرضية المناسبة لهذه الحركة ، لم يشجّعهما ، ولم يحثّ الشيعة بالالتحاق بهما .
3ـ السبب الوحيد في هذا المجال هو عدم استجابة الخطّ العام في المجتمع لفكرة الإمامة ، ويؤيّد هذا الموضوع عدم رضوخهم لحكومة أمير المؤمنين (عليه السلام)، وانحيازهم إلى جانب معاوية في مجابهته للإمام الحسن (عليه السلام) ، وأخيراً استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) ، وعدم وقوفهم معه في وجه يزيد بن معاوية .
كلّ هذا كان دليلاً واضحاً على أنّ عامّة الناس يفضّلون البقاء تحت إمرة الطواغيت ، ولا يستجيبون للحقّ إلاّ القليل منهم .
وفي هذه الظروف لا يمكن اتخاذ أسلوب الكفاح المسلّح ، لأنّه لا يثمر النتيجة المتوخّاة ، وتبقى الخسائر في الأرواح والأموال على أرض الصراع دون ثمرة .
( أمير . الإمارات . ... )
السؤال : هل الذين يبغضون آل البيت مؤمنين ويدخلون الجنّة ؟
الجواب : ورد في كتب الفريقين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال لعلي (عليه السلام) : " يا علي ، إنّك قسيم الجنّة والنار " (1) .
فإذا كان علي (عليه السلام) هو قسيم الجنّة والنار ، كيف يدخل الجنّة من يبغضه ؟ وهل يسمّى مؤمناً من يبغض علياً وآله (عليهم السلام) ؟
وقد ورد في كتب الفريقين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال لعلي (عليه السلام) : " يا علي ، لا يحبّك إلاّ مؤمن ، ولا يبغضك إلاّ منافق " (2) .
ثمّ إنّ بغض علي (عليه السلام) هو في الواقع بغض لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، كما ورد في كتب الفريقين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : " من أحبّني فليحب علياً ، ومن أبغض علياً فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله عزّ وجلّ ، ومن أبغض الله
____________
1- ينابيع المودّة 1 / 173 و 249 و 2 / 404 ، شرح نهج البلاغة 9 / 165 و 19 / 139 ، كنز العمّال 13 / 152 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 298 ، لسان العرب 12 / 479 ، تاج العروس 9 / 25 ، مناقب أمير المؤمنين : 107 .
2- مسند أحمد 1 / 95 و 128 ، مجمع الزوائد 9 / 133 ، فتح الباري 1 / 60 و 7 / 58 ، شرح نهج البلاغة 13 / 251 ، تاريخ بغداد 8 / 416 و 14 / 426 ، أُسد الغابة 4 / 26 ، تذكرة الحفّاظ 1 / 10 .
|
الصفحة 419 |
|
أدخله النار " (1) .
إذاً ، مبغض علي وآله (عليهم السلام) ليس مؤمناً بل منافق ، وفي بعض الروايات كافر، ومصيره النار لا الجنّة .
( كميل . عمان . 22 سنة . طالب جامعة )
السؤال : ما معنى أنّ أهل البيت (عليهم السلام) هم آل الله ؟
الجواب : الأهل في اللغة أهل البيت ، والأصل فيه القرابة ، وقد أطلق على الأتباع(2) وأهل الله وآل الله كناية عن شدّة الحبّ لله والقرب منه ، حتّى أطلق عليهم أولياء الله ، وهم (عليهم السلام) حجّة الله في أرضه .
( علي شكر . بريطانيا . 18 سنة . طالب )
السؤال : من هم الراسخون في العلم في القرآن ؟ هل هم أهل البيت (عليهم السلام) ؟ وكيف يمكن إثبات ذلك ؟
الجواب : إنّ معنى الرسوخ هو الثبات ، ومنه قولك : رسخ في ذهني رسوخاً ، أي ثبت الشيء في الذهن ، والراسخون في العلم أي الثابتون فيه والعارفون بواطنه .
والراسخون في العلم المشار إليهم في الآية الكريمة هم الراسخون في علم تأويل القرآن ، لأنّ سياق الآية يفهم منه أنّ الراسخين في العلم الذين يعرفون تأويل القرآن وبواطنه وغوامض متشابهه .
وإنّ الراسخين في العلم في الأُمّة المرحومة لا يكونون إلاّ أهل البيت (عليهم السلام) فقد ورد عن أئمّتنا (عليهم السلام) التصريح بأنّهم الراسخون في العلم ، والعارفون بمواطن
____________
1- ذخائر العقبى : 65 ، المستدرك 3 / 130 ، مجمع الزوائد 9 / 132 ، المعجم الكبير 23 / 380 ، الجامع الصغير 2 / 554 ، كنز العمّال 11 / 601 و 622 ، فيض القدير 6 / 42 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 271 ، الجوهرة : 66 ، جواهر المطالب 1 / 63 ، سبل الهدى والرشاد 11 / 293 ، ينابيع المودّة 2 / 155 و 363 و 395 و 458 .
2- المصباح المنير : 28 .
|
الصفحة 420 |
|
الكتاب ومتشابهه ، فضلاً عن محكماته .
فعن أبي بصير عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : " إنّ القرآن محكم ومتشابه ، فأمّا المحكم فنؤمن به ونعمل به وندين به ، وأمّا المتشابه فنؤمن به ولا نعمل به، هو قول الله تعالى : { فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا } (1)، والراسخون في العلم هم آل محمّد " (2) .
عن الفضيل بن يسار عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال : { وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ } نحن نعلمه (3) .
وعن أبي بصير عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : " نحن الراسخون في العلم ، فنحن نعلم تأويله " (4) .
إلى غير ذلك من الروايات الصحاح التي تؤكّد أنّ أهل البيت (عليهم السلام) هم الراسخون في العلم .
( أسدي . بريطانيا . ... )