حقّه كحقّ الوالد على الولد :
السؤال : نرجو التكرّم ببيان المصادر في كتب إخواننا السنّة للحديث النبويّ الشريف : " يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأُمّة " .
الجواب : روى هذا الحديث الشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزيّ الحنفيّ ـ المتوفّى
____________
1- الاختصاص : 163 .
2- اختيار معرفة الرجال 2 / 471 .
3- بحار الأنوار 39 / 349 .
|
الصفحة 57 |
|
سنة 1294هـ ـ في كتابه ينابيع المودّة لذوي القربى (1) .
وورد هذا الحديث بعبارات أُخرى ، وهي : قول الرسول (صلى الله عليه وآله) : " حقّ علي على المسلمين حقّ الوالد على ولده " (2) .
وقول الرسول (صلى الله عليه وآله): " يا علي، حقّك على المسلمين كحقّ الوالد على ولده " (3).
وقوله (صلى الله عليه وآله): " حقّ علي على هذه الأُمّة كحقّ الوالد على ولده " (4) .
( السيّد أحمد السيّد نزار . البحرين . ... )
السؤال : هناك قصّة نسمعها كثيراً ، ولكن لي بعض الملاحظات عليها ، وأرجو أن تجيبوني عليها ، إذا كانت القصّة صحيحة متناً وسنداً .
ومضمون القصّة كالتالي : في أحد الأيام والإمام علي (عليه السلام) يسير ، سقط درعه فلم ينتبه له ، وفي أحد الأيام رأى درعه مع يهوديّ ، فقال له : " هذا درعي " .
فقال اليهوديّ : لا هذا درعي أنا .
فقال له الإمام علي (عليه السلام) : " تعال نتقاضى عند القاضي " ، فذهبا إلى القاضي شريح ، فاحتكما عنده ، فقال شريح : يا أبا الحسن ، فقال له الإمام : " عاملني مثله ، واحكم بالعدل " .
فقال شريح لأمير المؤمنين : هل عندك شهود ؟ فقال : " لا " ، فقال لليهوديّ : احلف أنّ الدرع لك ، فحلف اليهوديّ ، فقال شريح : إنّ الدرع
____________
1- ينابيع المودّة 1 / 370 .
2- تاريخ مدينة دمشق 42 / 308 ، جواهر المطالب 1 / 91 .
3- مناقب الإمام علي : 94 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 308 ، ينابيع المودّة 1 / 369 .
4- تاريخ مدينة دمشق 42 / 307 ، ينابيع المودّة 1 / 370 و 2 / 76 و 238 .
|
الصفحة 58 |
|
لليهوديّ .
فقال له الإمام : " لقد حكمت بشرع " ، فلمّا رأى اليهوديّ الموقف ، قال : إنّ الدرع للإمام ، وأنّه فعلاً درعه ، وشهد الشهادتين وأسلم ، هذه خلاصة القصّة ، والملاحظات هي كالآتي :
1ـ كيف يحكم شريح ضدّ أمير المؤمنين ؟ ويطلب من الإمام شهوداً ؟ أهناك أعظم من شهادة الله ورسوله ؟ حيث قال الرسول في حقّ الإمام : " علي مع الحقّ والحقّ مع علي " (1) .
2ـ كيف يقول الإمام لشريح : لقد حكمت بالشرع ، هل الشرع يقول بخلاف العقيدة الاثني عشرية بعصمة الإمام ؟
صحيح أنّ القصّة تحمل الكثير من الدروس والعبر في ذهاب الإمام إلى القاضي ، مع أنّه كان باستطاعته أن يأخذ الدرع رغماً على اليهوديّ ، وفي حكم القاضي ضدّ الإمام إلى صالح اليهوديّ الضعيف ، ولكن هذا لا يلغي الملاحظات الآنفة الذكر .
الجواب : إنّ هذه الرواية واردة بسند ضعيف لوجود عمرو بن شمر وعامر الشعبيّ ، ولو سلّمنا أنّها واردة بسند قويّ ، فطلب شريح القاضي من الإمام (عليه السلام) شهوداً من باب أنّ الطرف الآخر ـ وهو اليهوديّ ـ لا يلتزم بغير ذلك ، بمعنى لا يلتزم بإمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) وعصمته ، نعم يلتزم بالقواعد القضائية التي منها : إحضار البيّنة .
فأراد أمير المؤمنين (عليه السلام) وقاضيه إظهار هذه الصورة العظيمة للإسلام ، والتي لم تكن تظهر بهذا الشكل بل على عكس ذلك لو استدل شريح أو غيره بعصمة الإمام (عليه السلام) لأجل الحكم له ، خصوصاً وأن أمير المؤمنين كان الخليفة
____________
1- تاريخ بغداد 14 / 322 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 449 ، الإمامة والسياسة 1 / 98 ، جواهر المطالب 1 / 343 ، كشف الغمّة 1 / 144 .
|
الصفحة 59 |
|
السياسي حينها .
لذلك كان لهذا الموقف أثره البالغ في نفس ذلك النصرانيّ أو اليهوديّ حيث أسلم على إثره .
وتجدر الإشارة إلى عدم وجود عبارة " لقد حكمت بالشرع " في الرواية ، نعم نقلت بعض المصادر السنية عبارة : " أصاب شريح " . وهذا لا يتنافى مع ما ذكرنا من تفسير ، فتأمّل .
( أبو علي . الكويت . ... )
السؤال : هل صحيح أنّ أمير المؤمنين علي (عليه السلام) كان أصلعاً وبديناً ، كما يروى في الكتب ؟ قرأت هذا في وصفه بعدّة كتب من كتبنا ، ولكن لم يدخل إلى عقليّ أيّ منها .
أرجو منكم الإفادة ، سائلاً المولى تعالى أن يوفّقكم لما فيه مصلحة دين الله الحقّ ، وهو مذهب أهل البيت (عليهم السلام) .
الجواب : من ألقاب الإمام علي (عليه السلام) المعروفة : الأنزع البطين .
فالبعض فسّر هذا اللقب على ظاهره اللغوي ، والبعض فسّره بأنّ الأنزع كناية عن امتناع الشرك فيه ، والبطين كناية عن كثرة العلم والإيمان واليقين ، لا ضخامة البطن ، والدليل على ذلك روايات كثيرة ، وردت في كتب الفريقين في هذا المجال .
منها قوله (صلى الله عليه وآله) : " يا علي ، إنّ الله قد غفر لك ولذرّيتك ، ولشيعتك والمحبّي شيعتك ، والمحبّي محبّي شيعتك ، فابشر فإنّك الأنزع البطين ، منزوع من الشرك ، مبطون من العلم " (1) .
____________
1- عيون أخبار الرضا 1 / 52 ، مسند زيد بن علي : 456 ، ينابيع المودّة 2 / 452 .
|
الصفحة 60 |
|
ولو حملنا الأنزع البطين على معناه الظاهريّ فلا أجد في ذلك ما يتنافى مع العقل ، نعم العقل يحكم بأن يكون شكل النبيّ أو الإمام وظاهره مألوفاً بحيث لا تنفر منه النفوس ، وكم أنزع بطين تألفه النفوس وتنجذب إليه ، وكم من شخص لا يتصف بهذين الوصفين تبغضه النفوس ولا ترغب في رؤيته الأعين ، فتأمل .
وتجدر الإشارة إلى عدم التلازم بين كون الإنسان بطيناً وبين كثرة الأكل ، حيث أن ذلك تابع لطبيعة خلقة الشخص ، فتجد شخصاً نحيفاً ولا يؤثر كثرة الطعام على وضعه ، وتجد العكس ، فلا يتنافى هذا التفسير مع زهد الإمام وقد ورد عنه (عليه السلام): " ولكن هيهات أن يغلبني هواي ، ويقودني جشعي إلى تخيّر الأطعمة ـ ولعلّ بالحجاز أو باليمامة من لا طمع له في القرص ، ولا عهد له بالشبع ـ أو أبيت مبطاناً وحولي بطون غرثى ، وأكباد حرّى ، أو أكون كما قال القائل :
وحسبك عاراً أن تبيت ببطنة |
وحولك أكباد تحنّ إلى القدّ |
أأقنع من نفسي بأن يقال : هذا أمير المؤمنين ، ولا أشاركهم في مكاره الدهر ، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش ! فما خلقت ليشغلني أكل الطيّبات ، كالبهيمة المربوطة ، همّها علفها ، أو المرسلة ، شغلها تقممها ، تكترش من أعلافها ، وتلهو عما يراد بها ، أو أترك سدى ... " (1) .
( محمّد العجمي . عمان . ... )