عربي
Friday 19th of April 2024
0
نفر 0

السؤال : ذكرتم في الردّ على سؤال أحد الأخوان في باب تبرّك الصحابة بقبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) عدداً من الأحاديث ، فهل هذه الأحاديث صحيحة عند أهل السنّة ؟

تعليق على الجواب السابق وجوابه :

السؤال : ذكرتم في الردّ على سؤال أحد الأخوان في باب تبرّك الصحابة بقبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) عدداً من الأحاديث ، فهل هذه الأحاديث صحيحة عند أهل السنّة ؟

____________

1- نيل الأوطار 5 / 180 ، تاريخ مدينة دمشق 7 / 137 ، أُسد الغابة 1 / 208 ، سير أعلام النبلاء 1 / 358 ، دفع الشبه عن الرسول : 182 ، سبل الهدى والرشاد 12 / 359 ، مشارق الأنوار : 57 .

2- النساء : 64 .

3- كنز العمّال 4 / 259 الجامع لأحكام القرآن 5 / 265 ، دفع الشبه عن الرسول : 142 ، سبل الهدى والرشاد 12 / 381 و 390 .


الصفحة 48


كما أرجو ذكر المزيد منها ، ولكم جزيل الشكر .

الجواب : لاشكّ أنّ بعض هذه الروايات قد صحّحها رواتها في كتبهم ، كما وقد ذكرها مجموعة أُخرى من علماء أهل السنّة في كتبهم ، ثمّ بالإضافة إلى هذه الروايات ، نذكر روايات وأقوال أُخرى دالّة على تبرّك الصحابة وغيرهم ، منها :

1-عن داود بن أبي صالح قال : أقبل مروان يوماً ، فوجد رجلاً واضعاً وجهه ـ جبهته ـ على القبر ، فأخذ مروان برقبته ، ثمّ قال : هل تدري ما تصنع ؟

فأقبل عليه ، فإذا أبو أيّوب الأنصاريّ ، فقال : نعم جئت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ولم آتِ الحجر ، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : ( لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ، ولكن ابكوا على الدين إذا وليه غير أهله ) (1) .

2-عن إسماعيل بن يعقوب التيمي قال : ( كان ابن المنكدر يجلس مع أصحابه ، قال : وكان يصيبه الصمات ، فكان يقوم كما هو يضع خدّه على قبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) ثمّ يرجع ، فعوتب في ذلك ، فقال : إنَّه ليصيبني خطرة ، فإذا وجدت ذلك استشفيت بقبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) .

وكان يأتي موضعاً من المسجد في الصحن ، فيتمرّغ فيه ويضطجع ، فقيل له في ذلك ، فقال : إنّي رأيت النبيّ (صلى الله عليه وآله) في هذا الموضع ـ يعني في النوم ـ ) (2) .

3-روى عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه رواية أبي علي بن الصوف عنه ، قال عبد الله : ( سألت أبي عن الرجل يمسُّ منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ويتبرّك

____________

1- مسند أحمد 5 / 422 ، المستدرك على الصحيحين 4 / 515 ، مجمع الزوائد 5 / 245 ، الجامع الصغير 2 / 728 ، كنز العمّال 6 / 88 ، فيض القدير 6 / 501 ، تاريخ مدينة دمشق 57 / 249 ، دفع الشبه عن الرسول : 199 ، سبل الهدى والرشاد 12 / 398 ، وفاء الوفا 4 / 1404 .

2- وفاء الوفا 4 / 1406 .


الصفحة 49


بمسِّه ويقبِّله ، ويفعل بالقبر مثل ذلك رجاء ثواب الله تعالى ؟ قال : لابأس به ) (1) .

4-ذكر الخطيب ابن حملة : ( أنَّ عبد الله بن عمر كان يضع يده اليمنى على القبر الشريف ، وأنَّ بلالاً (رضي الله عنه) وضع خدّيه عليه أيضاً .

ورأيت في كتاب العلل والسؤالات لعبد الله ابن الإمام أحمد ... ثمّ قال : ولاشكّ أنَّ الاستغراق في المحبّة يحمل على الإذن في ذلك ، والمقصود من ذلك كلّه الاحترام والتعظيم ، والناس تختلف مراتبهم في ذلك كما كانت تختلف في حياته ، فأُناس حين يرونه لا يملكون أنفسهم بل يبادرون إليه ، وأُناس فيهم أناة يتأخّرون ، والكلّ محلُّ خير ) (2) .

5-قال الشافعيّ الصغير محمد بن أحمد الرملي ـ المتوفّى 1004 هـ ـ في شرح المنهاالجواب : ( ويكره أن يجعل على القبر مظلّة ، وأن يُقبَّل التابوت الذي يُجعل فوق القبر واستلامه ، وتقبيل الأعتاب عند الدخول لزيارة الأولياء .

نعم ؛ إنّ قصد التبرّك لا يكره كما أفتى به الوالد ) (3) .

6-الذهبيّ المعاصر لابن تيمية ، والذي يعترفون بإمامته ، فقد انتقد أصحاب هذا الرأي المتطرّف ، وسمّاهم المتنطعين وأتباع الخوارج ، وأفتى بأنّ تحريمهم للتبرّك بمنبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) بدعة !

قال في سير أعلام النبلاء : ( أين المتنطع المنكر على أحمد ، وقد ثبت أنّ عبد الله سأل أباه عمّن يلمس رمانة منبر النبيّ ، ويمسّ الحجرة النبويّة ؟ فقال : لا أرى بذلك بأساً ؟! أعاذنا الله وإيّاكم من رأي الخوارج ، ومن البدع ) (4) .

____________

1- وفاء الوفا 4 / 1404 ، العلل 2 / 492 ، سبل الهدى والرشاد 12 / 398 .

2- وفاء الوفا 4 / 1405 .

3- الغدير 5 / 151 .

4- سير أعلام النبلاء 11 / 212 .


الصفحة 50


7- قال البخاريّ : ( باب ما ذكر من درع النبيّ وعصاه ، وسيفه وقدحه وخاتمه ، وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك ، ممّا لم يذكر قسمته ، ومن شعره ونعله وآنيته ، ممّا تبرّك أصحابه وغيرهم بعد وفاته ) (1) .

وغيرها من أقوال العلماء السنّة الدالّة على جواز التبرّك .

( خالد . ... . ... )

رأي الشيعة فيه :

السؤال : ما هو رأيكم في التبرّك بالقبور ؟

الجواب : من المعلوم لديك أنّ الأشياء تابعة لأسبابها وعللها ومناشئها ، وتكتسب الوصف المناسب لها بحسب الهدف والغاية منها .

وقضية التبرّك بالقبور لا تخرج عن هذه القاعدة ، فالقبر إنّما يكتسب الاهتمام وعدمه إذا سلّطنا الضوء على صاحب القبر ، فإنّ كان المدفون فيه عبداً كافراً فاسقاً ، فمن الطبيعيّ لا يصحّ التبرّك بقبره .

أمّا إذا كان عبداً مقرّباً عند الله تعالى ، ووليّاً من أوليائه ، أو نبيّاً ، أو ما شاكل ، فيكتسب القبر اهتماماً لأجل المدفون فيه .

ويصحّ التبرّك بالقبر لأجل صحّة التبرّك بصاحبه ، فقبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصحّ التبرّك به ؛ لأجل أنّ المسلمين كانوا يتبرّكون به في حياته .

وكما قلنا : فإنّ الأشياء تابعة لمناشئها وعللها .

وقد تناقل المسلمون ـ شيعة وسنّة على السواء ـ صحّة التبرّك بالقبر وأمثاله ، وعلى سبيل المثال لا الحصر : فقد نقل عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب العلل والسؤالات قال : ( سألت أبي عن الرجل يمسُّ منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ويتبرّك بمسِّه ويقبِّله ، ويفعل بالقبر مثل ذلك رجاء ثواب الله تعالى ؟ قال : لابأس به ) (2) .

____________

1- صحيح البخاريّ 4 / 46 .

2- وفاء الوفا 4 / 1404 ، العلل 2 / 492 ، سبل الهدى والرشاد 12 / 398 .


الصفحة 51


( عاشق الحسين . الكويت . 22 سنة . طالب جامعي )

بالأضرحة وربط الخرق الخضراء :

السؤال : نسعد كثيراً ـ نحن أبناء المذهب الجعفريّ ـ بربط الخرق السوداء والخضراء في أيادينا وحاجياتنا الخاصّة ، دون أدنى معرفة بأصل هذه العادة ، ويسألنا أخوتنا كثيراً من أهل السنّة عن هذا الموضوع ، ولا نجيب بوضوح ، كيف نفسّر ذلك ؟

الجواب : إنّ الشيعة بل المسلمين جميعاً ، يعتقدون بحياة الأولياء بعد الموت ، ودليلهم في ذلك أدلّة كثيرة ، منها قوله تعالى : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } (1) ، هذا حال الشهداء ، فكيف بأئمّة آل البيت (عليهم السلام) فهم شهداء وأولياء .

فاعتقاد حياتهم ممّا لاشكّ فيه ولا ريب ، وإذا كان الأمر كذلك ، فإنّهم يرون ويسمعون من زارهم ، ومن سألهم وهم في قبورهم ، هذه كرامة ومنزلة وهبها الله لهم تعظيماً لمقامهم وشرفهم .

ومن هنا ، فإنّ الشيعة يقفون على قبورهم ، ويسألون الله بحقّهم ، ويدعونه فيستجاب لهم ، فإنّ الله قد جعل لبعض الأماكن شرفاً ومنزلة ، فأحبّ أن يدعوه المؤمن في هذه الأماكن المقدّسة ، كما أحبّ أن يدعوه عند مساجده وبقاعه المشرّفة .

وبذلك فإنّ زائري قبورهم يستحصلون من قبورهم وضرائحهم البركة ، ويتعاملون معهم أحياءً لا أمواتاً ، لذا فإنّ أضرحتهم قد حلّت بها البركة ، وأنّ لهذه الأضرحة آثاراً كما لأجسادهم الشريفة ، فيجعلون ما مسّ أضرحتهم مورداً للاستشفاء بإذن الله تعالى ، وهذه الخرق السوداء والخضراء حينما تمسّ هذه الأضرحة ، يعتقد الناس ببركتها ، فتكون لهم حرزاً لطلب الشفاء مثلاً .

وهذه حالة من حالات اعتقاد الناس بحياة الأئمّة (عليهم السلام) بعد الموت ، فهم يتعاملون معهم أحياءً لا أمواتاً .

ولهذه الحالات نظائر قد حدثت في حياة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، والأئمّة (عليهم السلام) كذلك ، فالروايات تشير إلى أنّ خديجة بنت خويلد (عليها السلام) قد طلبت من النبيّ (صلى الله عليه وآله) أن يكفّنها ببردته تبرّكاً بها ، ولتحميها من هول المطّلع ، ومن القبر وحالاته ، وفعلاً فقد استجاب لذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فكفّنها ببردته (2) .

وهذا زهير بن أبي سلمى خلع عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بردته فقبّلها متبرّكاً بها ، بعد أن مدحه بقصيدته التي سمّيت بالبردة .

والكميت الأسدي الشاعر المعروف ، حين ألقى قصيدته عند الإمام الباقر (عليه السلام) أعطاه الإمام مالاً ، فرفض الكميت أخذه وقال : ما مدحتكم للدنيا ، فإنّ جزائي أُريده من الله تعالى ، وطلب منه قميصه أن يعطيه تبرّكاً بهذا القميص الذي مسّ جسد الإمام (عليه السلام) ، وفعلاً فقد أعطى الإمام قميصه (3) .

ودعبل الخزاعي حين أنشد قصيدته عند الإمام الرضا (عليه السلام) ، قدّم الإمام (عليه السلام) له عطاءً جزيلاً فرفضه ، وطلب منه جبّته وقال : لتقيني من أهوال القبر يا بن رسول الله (4) .

وفعلاً أعطاه جبّته ، فلمّا وصل بغداد كانت له جارية قد شكت عينها ، وأصابها العمى ، فمسح بفاضل جبّة الإمام على عينها ، فزال ما بها من ألمٍ وعمى .

كلّ هذه شواهد على إقرار الأئمّة (عليهم السلام) بما اعتقده شيعتهم .

____________

1- آل عمران : 169 .

2- شجرة طوبى 2 / 235 .

3- مناقب آل أبي طالب 3 / 329 .

4- الأمالي للشيخ الطوسيّ : 359 .


الصفحة 52


مضافاً إلى ما كان عمر بن الخطّاب يتبرّك بالحجر الأسود ويقبّله (1) ، مع أنّه حجر ، وضريح الإمام مشرّف بما حواه من جسد الإمام (عليه السلام) ، كما أنّ غلاف القرآن منزلته تأتي ممّا يحويه من كلام الله تعالى .

والذي نريد قوله : أنّ اعتقاد الشيعة بشرف هذه الأضرحة ، واستحصال البركة بكلّ ما يمسّ هذه الأضرحة من خرقة خضراء أو غيرها ، ويتمّ الاعتقاد بأنّ الله تعالى لمنزلة هذا الإمام ، قد جعل سبب الشفاء والبركة لما يعتقده الإنسان بهذا الخرقة .

على أنّنا نودّ التنبيه إلى أنّ لفّ هذه الخرق ليس من الضروريّ أن تكون من ضرورات مذهبنا ، بل هي حالة اعتقادية يعتقدها الشيعة لحسن ظنّهم بالله ، واعتقادهم بمنزلة الإمام (عليه السلام) ، ويمارسونها ليعطيهم الله ذلك على حسب ما يعتقدونه ، وليس في ذلك ما يخالف الكتاب أو السنّة ، بل العقل كذلك .

ومن ثمّ ما تعارف عليه المسلمون من التبرّك بما خلّفه رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قميصه وشعره ، والمسلمون جميعاً يروون قصّة الرجل الذي أحجم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فبعد حجامته له شرب ذلك الدم ، فسأله النبيّ (صلى الله عليه وآله) : ( أين ألقيت الدم ) ؟ فقال : شربته يا رسول الله ، فنهاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك ، ولكن قال له : ( إنّ جسدك لم تمسّه النار أبداً ) (2) ، ممّا يشير إلى أنّ لدمه (صلى الله عليه وآله) خصوصية ، وعدم مسّ ذلك الجسد الذي اختلط بدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، هذا ما أمكن توضيحه ببيانٍ سريعٍ مقتضب .

( كميل . الكويت . ... )

أخطاء البعض لا تكون باعثة لحذفه :

السؤال : في مسألة التبرّك بقبور النبيّ وآله ؛ قال لي أحدهم : بأنّه صحيح

____________

1- مسند أحمد 1 / 51 ، صحيح البخاريّ 2 / 162 ، صحيح مسلم 4 / 66 .

2- المبسوط للسرخسيّ 3 / 69 .


الصفحة 53


أنّنا نحن الشيعة نعبد الله في ذلك الآن ، وصحيح أنّنا حين نطلب من عندهم قضاء الحوائج نعتقد أنّه بأمر الله ، ولكن في المستقبل سيتحوّل الأمر إلى الاعتقاد بأنّ بيدهم النفع والضرّ ، وهذا كفر ، وبما أنّ دفع المفسدة أُولى من جلب المنفعة ، يجب منع مثل هذه الأُمور ، فما رأيكم ؟

الجواب : لو فرضنا أنّ البعض في مسألة التبرّك بقبر النبيّ وآله ارتكب محرّماً ، أو ما عرف المسألة فوقع في محرّم ، فهل هذا يستطلب نفي هذا الفعل من أساسه ؟ أم تصحيح الخطأ عند هذا البعض ؟

فلا يمكن أن نحمل أخطاء البعض ـ على فرض وقوعها ـ على أن تكون باعثة لحذف الفعل من أصله ، بل علينا أن نصحّح الأخطاء ، ونوصل المفاهيم الصحيحة إلى الناس .

فلو أنّ بعض الناس إنّما يطوف بالبيت الحرام لاعتقاده بأنّ الله تعالى جالس في الكعبة ، ويطوف لأجل هذا ، فهل يحقّ لنا أن نمنع الطواف بحجّة أنّ دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة ؟!

( عادل أحمد . البحرين . 35 سنة . خرّيج جامعة )

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السؤال : بعد الصلاة على محمّد وآله الطيبين ...
السؤال : إمامة أيّ من الأئمّة (عليهم السلام) كانت ...
من هي سكينة بنت الحسين ؟ وممن تزوجت ؟ وهل أنجبت ؟ ...
السؤال : عقلي يمنعني من تقبيل الأضرحة ويقول : هذه ...
السؤال : هل يجوز البكاء على الميّت القريب جدّاً ، ...
كيف يستفيد الخطيب من نهج البلاغة
السؤال : ما الفرق بين الشيعة والسنّة ؟
السؤال : هل يدخلون الجنّة أهل السنّة ?
السؤال: هل حقّاً أنّ عمر بن عبد العزيز ، وهارون ...
السؤال : أنا من السنّة ولست شيعياً ، ولكن أُريد أن ...

 
user comment