من قال به وحكم من يعتقد به :
السؤال : أنا اعلم أنّكم لن تجيبوا على سؤالي ، ولن تضعوه في الأسئلة ، لذلك أردت أن اكتب السؤال لأتيقّن أكثر من الذي سمعت .
سؤالي كالتالي : من يقول أنّ القرآن ناقص ومحرّف ، هل هو مسلم أم
|
الصفحة 96 |
|
كافر ؟
الجواب : تلقينا سؤالك برحابة صدر ، ونجيب عليه ونضعه في الأسئلة إن شاء الله تعالى : أتعلم من قال بأنّ القرآن ناقص ومحرّف ؟
1ـ عائشة بنت أبي بكر .
2ـ عمر بن الخطّاب .
3ـ أبو موسى الأشعريّ .
4ـ زيد بن ثابت .
5ـ عبد الله بن عباس .
6ـ أُبي بن كعب .
7ـ عبد الله بن مسعود ، وغيرهم .
هذا ، وجاء في روايات أهل السنّة تصريح بأنّ بعض الصحابة كان يقول بالتحريف ، بل أنّ بعض الكتب التي روت أحاديث التحريف التزم مؤلّفوها بأن لا يرووا فيها إلاّ ما صحّ سنده ، وما اعتقدوا به ، وبناءً على هذا يكون الكثير من مؤلّفي الصحاح والسنن ممّن يقول بالتحريف ، أضف إلى هذا فإنّ كتاب ( المصاحف ) لابن أبي داود السجستانيّ ، وكتاب ( الفرقان ) لابن الخطيب ، قد أثبتا التحريف ، وهما من علماء أهل السنّة .
ثمّ كلّ من قال بتحريف القرآن من علماء الشيعة أو السنّة ، إنّما قال بذلك لشبهة حصلت له ، ومثل ذلك لا يستوجب التكفير ، ولو جاز لنا أن نقول بكفر كلّ من قال بتحريف القرآن ، للزم القول بكفر كثير من كبار الصحابة ، وأصحاب الصحاح الستّة ، والمسانيد المعتبرة ، وعلماء المذاهب الأربعة عند أهل السنّة ، وهذا شيء لا يمكن التفوّه به من أجل القول بتحريف القرآن على أساس بعض الشبهات .
( عبد الله . الكويت . 19 سنة . طالب )
تعليق على السؤال السابق وجوابه :
السؤال : قلتم أنّ أئمّة المذاهب الأربعة يقولون بتحريف القرآن ، فهل هناك مصدر لهذا الكلام .
الجواب : إنّنا لم نقل أنّ أئمّة المذاهب الأربعة قالوا بالتحريف ، حتّى تريد منّا المصدر ، وإنّما قلنا : علماء المذاهب الأربعة نقلوا في كتبهم عدّة روايات تدلّ على التحريف ، منها :
1ـ ( وقد سئلت عائشة عن اللحن الوارد في قوله تعالى : { إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ } (1) ، وقوله عزّ من قائل : { وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ } (2) ، وقوله جلّ وعزّ : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ } (3) .
فقالت : هذا من عمل الكتّاب ، أخطأوا في الكتاب .
وقد ورد هذا الحديث بمعناه بإسناد صحيح على شرط الشيخين ) (4) .
2ـ عن أبي خلف مولى بني جمح أنّه دخل مع عبيد بن عمير على عائشة ... ، قال : ( جئت أسألك عن آية في كتاب الله عزّ وجلّ ، كيف كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرؤها ؟ قالت : أيّة آية ؟ قال : { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا ... } (5) ، أو : { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا أتَوا ... } ؟ فقالت : أيّتهما أحبّ إليك ؟ قال : قلت : والذي نفسي بيده لإحداهما أحبّ إليّ من الدنيا جميعاً ، أو الدنيا وما فيها ، قالت : أيّتهما ؟ قلت : { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا أتَوا ... } ، قالت : أشهد أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان كذلك يقرؤها ، وكذلك أُنزلت ، ... ولكن الهجاء حرّف ) (6) .
____________
1- طه : 61 .
2- النساء : 162
3- المائدة : 69 .
4- الفرقان : 41 .
5- آل عمران : 188 .
6- مسند أحمد 6 / 95 .
|
الصفحة 97 |
|
3ـ عن ابن عباس في هذه الآية { ... حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا } (1) قال : ( إنّما هي خطأ من الكُتّاب ، حتّى تستأذنوا وتسلّموا ) (2) .
4ـ أخرج عبد بن حميد ، والفريابي ، وابن جرير ، وابن المنذر عن مجاهد في قوله تعالى : { وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ... } (3) ، قال : ( هي خطأ من الكاتب ، وهي في قراءة ابن مسعود : وإذ أخذ ميثاق الذين أوتوا الكتاب ، وأخرج ابن جرير عن الربيع أنّه قرأ : وإذ أخذ الله ميثاق الذين أُوتوا الكتاب .
قال : وكذلك كان يقرؤها أُبيّ بن كعب ) (4) .
5ـ روي عن قتادة : ( أنّ عثمان لمّا رفع إليه المصحف قال : إنّ فيه لحناً وستقيمه العرب بألسنتها ) (5) .
6ـ عن ابن عباس أنّه قرأ : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ ـ ولا محدّث ـ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى ... } (6) .
7ـ عن أبي إدريس الخولانيّ قال : كان أُبي يقرأ : إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ ـ ولو حميتم كما حموا أنفسهم لفسد المسجد الحرام ـ فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ (7) .
8ـ عن ابن عباس أنّه قرأ : { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ ـ إلى أجل ـ فَآتُوهُنَّ
____________
1- النور : 27 .
2- تفسير القرآن العظيم 3 / 290 ، جامع البيان 18 / 146 .
3- آل عمران : 81 .
4- جامع البيان 3 / 450 .
5- كنز العمّال 2 / 587 ، الدرّ المنثور 2 / 246 .
6- فتح الباري 7 / 42 ، الحجّ : 52 .
7- كنز العمّال 2 / 568 و 594 ، السنن الكبرى للنسائيّ 6 / 464 ، تفسير القرآن العظيم 4 / 209 ، الدرّ المنثور 6 / 79 ، تاريخ مدينة دمشق 68 / 101 ، الفتح : 26 .
|
الصفحة 98 |
|
أُجُورَهُنَّ ... } (1) .
9ـ عن الإمام علي (عليه السلام) أنّه قرأ : { وَالْعَصْرِ ـ ونوائب الدهر ـ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ... } (2) .
10ـ عن أبي يونس مولى عائشة أنّه قال : ( أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً ، قالت : وإذا بلغت هذه الآية فآذنّي { حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى ... } (3) ، فلمّا بلغتها أذنتها فأملت عليّ : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر و ... ، قالت عائشة : سمعتها من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بزيادة صلاة العصر ) (4) .
11ـ عن ابن مسعود قال : ( أقرأني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، إِنّي أنا الرزّاق ذو القوّة المتين ) (5) .
12ـ عن ابن مسعود أنّه قرأ : والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلّى والذكر والأنثى ، والآيات هكذا : { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى } (6) .
13ـ عن ابن عباس أنّه قرأ : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ـ في مواسم الحجّ ـ أَن
____________
1- النساء : 24 ، المصنّف للصنعانيّ 7 / 498 ، جامع البيان 5 / 18 ، معاني القرآن 2 / 61 ، تفسير القرآن العظيم 1 / 486 ، الدرّ المنثور 2 / 140 ، فتح القدير 1 / 449 .
2- العصر : 1 ـ 2 ، المستدرك 2 / 534 ، كنز العمّال 2 / 601 ، جامع البيان 30 / 372 ، الجامع لأحكام القرآن 20 / 180 ، الدرّ المنثور 6 / 392 ، فتح القدير 5 / 492 .
3- البقرة : 238 .
4- مسند أحمد 6 / 178 ، فتح القدير 1 / 257 ، تهذيب الكمال 22 / 23 و 34 / 420 .
5- تحفة الأحوذيّ 8 / 209 ، مسند أحمد 1 / 394 و 418 ، فتح الباري 8 / 462 ، عون المعبود 11 / 16 ، السنن الكبرى للنسائيّ 4 / 406 ، سير أعلام النبلاء 10 / 403 .
6- الليل : 1 ـ 3 ، مسند أحمد 6 / 449 ، صحيح البخاريّ 4 / 215 ، صحيح مسلم 2 / 206 ، الجامع الكبير 4 / 262 ، السنن الكبرى للنسائيّ 6 / 516 ، صحيح ابن حبّان 14 / 237 .
|
الصفحة 99 |
|
تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ ... } (1) .
14ـ عن ابن عباس وابن مسعود ، أنّه كان يحكّ المعوّذتين من المصحف ويقول : ( لا تخلطوا القرآن بما ليس منه ، إنّهما ليستا من كتاب الله ، إنّما أمر النبيّ أن يتعوّذ بهما ، وكان ابن مسعود لا يقرأ بهما ) (2) .
15ـ عن ابن سيرين قال : ( كتب أُبي بن كعب في مصحفه فاتحة الكتاب والمعوّذتين ، واللهم إنّا نستعينك ، واللّهم إيّاك نعبد ، وتركهن ابن مسعود ، وكتب عثمان منهن : فاتحة الكتاب والمعوّذتين ) (3) .
( سعد الربيعي . ألمانيا . ... )
السؤال : يحاججنا بعض الإخوان من أهل السنّة : بأنّ الشيعة لديهم قول بنقصان القرآن ، وهي آية الولاية ـ وهي غيرها التي في سورة المائدة ـ على أساس أنّها من قرآن الشيعة المحرّف ، وبداية الآية المزعومة : يا أيّها الذين آمنوا آمنوا بالنبيّ وبالوليّ الذين بعثناهما ... .
فما هي الحقيقة في ذلك ؟ ولكم الفضل .
الجواب : نختصر لك في الجواب فنقول : إنّ مسألة التحريف من المسائل التي اتخذها النواصب ذريعة للطعن بالتشيّع ، مع عدم وجود قائل بها في عصرنا الحاضر من الشيعة .
ولو قيل : إنّ في مصادر الشيعة ما يدلّ على التحريف .
____________
1- البقرة : 198 ، صحيح البخاريّ 2 / 197 و 3 / 4 و 15 ، سنن أبي داود 1 / 391 ، المستدرك 1 / 481 و 2 / 277 ، السنن الكبرى للبيهقيّ 4 / 333 ، صحيح ابن حبّان 9 / 305 ، المعجم الكبير 11 / 93 .
2- مسند أحمد 5 / 129 ، معجم الزوائد 7 / 149 ، فتح الباري 8 / 571 ، المعجم الكبير 9 / 235 ، تفسير القرآن العظيم 4 / 611 ، الدرّ المنثور 6 / 416 ، فتح القدير 5 / 518 .
3- الإتقان في علوم القرآن 1 / 178 .
|
الصفحة 100 |
|
قلنا : أوّلاً أكثر ما يدلّ على التحريف في مصادرنا فهو قابل للحمل على التأويل ، والذي غير قابل للحمل على التأويل فأكثره ضعيف سنداً ، والصحيح السند منه ساقط بقاعدة العرض على الكتاب ، حيث يخالف صريح قوله تعالى : { وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } (1) .
ولو أرجعنا القول إلى أهل السنّة ، لوجدنا أنّ ما هو في مصادرهم من التحريف أضعاف ممّا هو في مصادر الشيعة ، وروي الكثير منه في صحاحهم ، التي التزموا بصحّة كلّ ما روي فيها ، وأهل السنّة لا يقبلون بقاعدة العرض على الكتاب .
هذا ، ويمكنكم أن توجّهوا السؤال إلى من حاججكم في آية الولاية ، وتطلبوا منه أن يأتيكم بالمصدر من كتب الشيعة المعتبرة ، فإنّ هذه الآية لا وجود لها في مصادر الشيعة المعتبرة ، ولم يقبلها أحد من العلماء .
ويمكنكم أيضاً أن تسألوهم عن آية الشيخ والشيخة التي ادعوا أنّها كانت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وادعوا أنّها نسخت قراءتها مع بقاء حكمها ؟ وقولوا لهم : ما معنى نسخ القراءة وبقاء الحكم ، وما فائدته ؟
وكذلك يمكنكم أن تسألوهم عن كتاب ( المصاحف ) للسجستانيّ ، وكتاب ( الفرقان ) لابن الخطيب ؟ وهما من كبار علماء أهل السنّة ، حيث أثبتا التحريف .
( ... . ... . ... )