عربي
Monday 22nd of July 2024
0
نفر 0

هل بعد هذا الكلام يؤمن الأخذ من أحاديث الشيعة والتعبّد بها ؟

هل بعد هذا الكلام يؤمن الأخذ من أحاديث الشيعة والتعبّد بها ؟

سبب تأليف علم الحديث عند الشيعة :

إنّ تقسيم الشيعة للأحاديث إلى صحيح وضعيف كان في القرن السابع ، كما يقول الحرّ العامليّ : إنّ هذا الاصطلاح مستحدث ، في زمان العلاّمة ، أو شيخه ، أحمد ابن طاووس ، كما هو معلوم ، وهم معترفون به ـ وسائل الشيعة 30 / 262 ـ فما السبب يا ترى في وضعهم لهذا العلم بعد أن كان مهملاً ؟

إنّ من الملاحظ ، أنّ هذا العلم ظهر عند الشيعة موافقاً لحملة شيخ الإسلام ابن تيمية في التشنيع على الشيعة ، حيث أنّ ليس لديهم علم في الرجال .

ويظهر هذا جلياً في قول العامليّ ـ إمام الجرح والتعديل عند القوم ـ : والذي لم يعلم ذلك منه ، يعلم أنّه طريق إلى رواية أصل الثقة الذي نقل الحديث منه ، والفائدة في ذكره مجرد التبرّك باتصال سلسلة المخاطبة اللسانية ، ودفع تعيير العامّة الشيعة بأنّ أحاديثهم غير معنعنة ، بل منقولة من أُصول قدمائهم ! ـ وسائل الشيعة 30 / 258 ـ .

فهنا يبيّن الحرّ العامليّ ـ الذي هو المفروض أن يكون علاّمة في الجرح والتعديل ـ أنّ وضع السند فقط لدفع اتهامات أهل السنّة والجماعة ، إنّما أصل تصحيحهم هو ناقل الحديث الثقة ، ولا يلزم ثقة المنقول عنهم !!

فعلم الحديث عندهم ما هو إلاّ تقليداً للسنّة ، وهنا الدليل :

يقول شيخهم الحائريّ : ومن المعلومات التي لا يشكّ فيها أحد أنّه لم يصنّف في دراية الحديث من علمائنا قبل الشهيد الثاني ، وإنّما هو من علوم العامّة ـ يعني بالعامّة أهل السنّة ـ مقتبس الأثر 3 / 73 .


الصفحة 312


ويقول الحرّ العامليّ : أنّ طريقة المتقدّمين مباينة لطريقة العامّة ، والاصطلاح الجديد موافق لاعتقاد العامّة ، واصطلاحهم ، بل هو مأخوذ من كتبهم كما هو ظاهر بالتتبع ، وكما يفهم من كلام الشيخ حسن ، وغيره ـ وسائل الشيعة 30 / 259 ـ .

ولعمري إنّ هذا لاعتراف خطير ، فنفهم من هذا الكلام أنّ الدافع لتأليف علم للأحاديث ليس هو الوصول إلى صحّة الحديث بقدر ما هو توقّي نقد المذهب من قبل الخصوم والدفاع .

ولهذا كثر الاختلاف : وطبعاً نتيجة لعدم التفريق بين الصحيح والضعيف ، واختلاط الحابل بالنابل في دين الاثني عشرية ، كثر الاختلاف في كتبهم ، والتناقض ، حتّى في الأُمور العقدية ، تصوّروا ؟!

فقد تألّم شيخهم محمّد بن الحسن الطوسيّ كثيراً لما آلت إليه كتبهم وأحاديثهم من التضاد والاختلاف والمنافاة والتباين ، وقال : لا يكاد يتّفق خبر إلاّ وبازائه ما يضادّه ، ولا يسلم حديث إلاّ وفي مقابلته ما ينافيه ـ تهذيب الأحكام 1 / 2 ـ .

وأيضاً الفيض الكاشانيّ صاحب الوافي اشتكى من ذلك كثيراً ، فقال : تراهم يختلفون في المسألة الواحدة على عشرين قولاً ، أو ثلاثين قولاً أو أزيد ؛ بل لو شئت أقول لم تبق مسألة فرعية لم يختلفوا عليها ، أو في بعض متعلّقاتها ـ الوافي المقدمة : 9 ـ .

تصوّروا يا إخوة ، قول أكبر علمائهم بأنّه لا توجد مسألة إلاّ اختلف فيها ، وكان هذا إلاّ لعدم وجود مرجع صحيح يرجعون إليه .

واسمعوا ما جاء به الكشّي : اشتكى الفيض بن المختار إلى أبي عبد الله ، قال : جعلني الله فداك ، ما هذا الاختلاف الذي بين شيعتكم ؟ فقال : ( وأي الاختلاف ) ؟ فقال : إنّي لأجلس في حلقهم بالكوفة ، فأكاد أشكّ في اختلافهم في حديثهم ... فقال أبو عبد الله : ( أجل هو ما ذكرت أنّ الناس أولعوا بالكذب علينا ، وإنّ أحدث أحدهم بالحديث ، فلا يخرج من عندي ، حتّى يتأوّله على غير تأويله ، وذلك أنّهم لا يطلبون بحديثنا وحبّنا ما عند الله ،


الصفحة 313


وإنّما يطلبون الدنيا ، وكلّ يحبّ أن يدعى رأساً ) ـ اختيار معرفة الرجال : 135 ، بحار الأنوار 2 / 246 ـ .

خاتمة : إنّي أهيب بكلّ شيعي باحث عن الحقّ ، وليس التعصّب الأعمى ، أن يتأمّل هذه الحقائق .

ويعرف الأُسس التي بني عليها دينه ، وأنّ جميع الأحاديث والأخبار التي على أساسها وضع المذهب هي أخبار ضعيفة ، وأحاديث مكذوبة ، وضعها الكذّابين والفاسدين على أهل بيت النبوّة .

فكيف للشيعي أن يتأكّد من صحّة صلاته أو وضوءه ؟ أو أيّ من العبادات والتشريعات ؟ وهو لا يعرف صحيح الحديث من ضعيفه .

نرى دائماً الشيعة يستدلّون بكتب أهل السنّة والجماعة ، ولكنّهم لا يسألون أنفسهم ، لماذا يحاول مشائخهم إبعادهم عن كتب الشيعة !!

فليسأل الشيعيّ نفسه ، من ردّ على كتاب البرقعي ـ الذي كان من أقران الخمينيّ ـ عندما ضعّف جميع أحاديث الكافي مستخدماً مقاييس الشيعة في التصحيح والتضعيف ، ومستدلاً بكتب المجلسيّ ، وهذا في كتابه الذي هزّ الرافضة ـ كتاب كسر الصنم ـ وما ردّكم على كتاب : طريق الاتحاد لحيدر علي قلمداران القمّيّ ، حين عرض جميع الأدلّة على الإمامة ، ونقضها واحدة تلو الأُخرى .

وأسأل نفسك ، لماذا دخلنا في القرن الرابع عشر هجري ، ولم يؤلّف كتاب واحد يحوي الصحيح من أحاديثكم ؟ وادخلوا عليكم الأكاذيب والحيل لإبعادكم عن هذه الفكرة .

وما كان هذا إلاّ لعدم وجود أحاديث صحيحة عندكم .

نسأل الله أن يرينا الحقّ حقّاً ويرزقنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه .

الجواب : إنّ المسائل التي ذكرت تطلب جوابهاً مستعجلاً ، ليست من المسائل الجديدة إذ لم تجد جوابها في الإنترنت ، وإنّها طروحات قديمة مغرضة ، تثار ضدّ الشيعة الإمامية بين آونة وأُخرى ، لغرض إيقاع الفرقة ، وصدّ التيار


الصفحة 314


الذي بدأ يكتسح الأشواك أمامه ، حتّى بلغ السيل الربى ، فتصاعد عدد المستبصرين إلى الآلاف بفضل الوعي الإسلاميّ الصحيح ، وهذا ما يغيظ الذين هم كالأنعام بل هم أضلّ سبيلا .

أيّها الشيخ الطالب للحقّ : اعلم أيّدك الله ورعاك ، إنّا كشيعة امامية لو فعلنا ما فعلوا لزاد النار أواراً ، لكنّنا استعملنا عقولنا ، وقلنا لهم : بيننا وبينكم كتاب الله ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وهو يقول : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا }(1) ، وإن ما آتانا به الرسول وأمرنا بالتمسّك به قوله (صلى الله عليه وآله) : ( إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما فلن تضلّوا بعدي أبداً ) (2) ، وهذا هو المعروف بحديث الثقلين .

وقد صدع به (صلى الله عليه وآله) في ستّة مواطن تأكيداً على أهمّيته ، منها يوم الطائف ، ويوم عرفة ، ومسجد الخيف بمنى ، ويوم الغدير ، وقبل موته بأيّام يسيرة ، وسادسها في حجرته وقد غصّت بأصحابه ، وفي هذا الموقف قال (صلى الله عليه وآله) : ( أيّها

____________

1- الحشر : 7 .

2- فضائل الصحابة : 15 ، الجامع الكبير 5 / 328 ، تحفة الأحوذيّ 10 / 196 ، المصنّف لابن أبي شيبة 7 / 418 ، كتاب السنّة : 337 و 629 ، السنن الكبرى للنسائيّ 5 / 45 و 130 ، خصائص أمير المؤمنين : 93 ، المعجم الصغير 1 / 135 ، المعجم الأوسط 4 / 33 و 5 / 89 ، المعجم الكبير 3 / 66 و 5 / 154 و 166 و 170 و 182 ، شرح نهج البلاغة 9 / 133 ، نظم درر السمطين : 232 ، كنز العمّال 1 / 172 و 186 ، تفسير القرآن العظيم 4 / 122 ، المحصول 4 / 170 ، الإحكام للآمدي 1 / 246 ، الطبقات الكبرى 2 / 194 ، علل الدارقطنيّ 6 / 236 ، أنساب الأشراف : 111 و 439 ، البداية والنهاية 5 / 228 ، السيرة النبويّة لابن كثير 4 / 416 ، سبل الهدى والرشاد 11 / 6 و 12 / 232 ، ينابيع المودّة 1 / 74 و 95 و 99 و 105 و 112 و 119 و 123 و 132 و 345 و 349 و 2 / 432 و 438 و 3 / 65 و 141 و 294 ، النهاية في غريب الحديث والأثر 1 / 211 و 3 / 177 ، لسان العرب 4 / 538 و 11 / 88 ، تاج العروس 7 / 245 .


الصفحة 315


الناس إنّي خلّفت فيكم كتاب الله وسنّتي وعترتي أهل بيتي ، فالمضيّع لكتاب الله كالمضيّع لسنّتي ، والمضيّع لسنّتي كالمضيّع لعترتي ، أمّا أنّ ذلك لن يفترقا حتّى ألقاه على الحوض ) (1) .

فنحن والحمد لله تمسّكنا بهم ، وأخذنا بأحاديثهم ، كما أخذنا بأحاديثه (صلى الله عليه وآله) حتّى ما صحّ ذلك عنه (صلى الله عليه وآله) وعنهم (عليهم السلام) ، ولذلك موازيننا موازين العلماء لمعرفة الحقّ ، وتمييز الصحيح عن غيره كما سيأتي بيانه .

ولم نشطح كغيرنا ممّن غالا بإفراط وقال : إنّ صحيح البخاريّ أصحّ كتاب بعد كتاب الله ، وهذه المقولة تعني أنّ متون روايات البخاريّ هي في حجّيتها كحجّية ألفاظ القرآن الكريم ، إلاّ أنّها تأتي بعدها في الرتبة ، وهذه دعوى خطيرة ، والأُولى أن نسمّيها فطيرة فالآيات القرآنيّة كلّها بألفاظها قطعية الصدور ، وحجّة على المسلمين إلى يوم الدين ، أمّا روايات البخاريّ فإنّها أخبار آحاد ، فهي ظنّية الصدور فضلاً عن دلالتها ، وأغلبها مرويّ بالمعنى ، وكثيراً منها ما قطّعه البخاريّ ، فتجد الحديث الواحد مروياً في عدّة أبواب ، وعدّة كتب يختلف زيادة ونقصاناً ، مع اتحاد الراوي ، على أنّا لو وافقناهم في تسمية صحيح البخاريّ بالجامع للأحاديث النبويّة بتمام معنى الكلمة ، لتخلّف عن ذلك المعنى الدقيق في عرضه الحوادث والسير والمغازي ومواقف صحابية ، بل وحتّى أحاديث النساء ، مثل قصّة أُمّ زرع وأبي زرع ، فأين هذا من الحديث النبويّ الشريف .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

من هو شيخ الأنبياء ومن هو سيد البطحاء وشيخ ...
السؤال : لماذا الشيعة لا يصلّون صلاة التراويح ؟ ...
السؤال : ما هي فلسفة الحجاب ؟ ولماذا هو واجب في ...
السؤال : هل يدخلون الجنّة أهل السنّة ?
السؤال : هل الإمامة مذكورة في القرآن ؟ وهل هي ...
سؤال: لماذا يستخدم القرآن الكريم في بعض الآيات ...
السؤال: هل يعتبر المأمون العباسيّ من الشيعة أم لا ...
السؤال : لماذا نتوسّل بأهل البيت (عليهم السلام) ؟ ...
هل نزل القرآن على سبعة أحرف؟!!
السؤال : ما معنى : " علي خير البشر ، فمن أبى فقد كفر ...

 
user comment