نبذة من حياتها :
السؤال : أُريد أن ترسلوا لي مناقشات جديدة حول السيّدة زينب (عليها السلام) ، التي لم تكن معهودة حتّى الآن في محافل الشيعة ، ولم تطرح وتناقش جوانبها ، وشكراً على مساعدتكم .
الجواب : إنّ السيّدة زينب (عليها السلام) هي الصدّيقة الصغرى ، عقيلة بني هاشم ، ولدت في الخامس من شهر جمادى الأُولى من السنّة الخامسة للهجرة ، ولمّا ولدت جاءت بها أُمّها الزهراء (عليها السلام) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وقالت : ( سم هذه المولودة ) ؟
فقال : ( ما كنت لأسبق رسول الله (صلى الله عليه وآله) ) ، وكان في سفر له ، ولمّا جاء النبيّ وسأله علي عن اسمها ؟ فقال : ( ما كنت لأسبق ربّي تعالى ) ، فهبط جبرائيل يقرأ على النبيّ السلام من الله الجليل ، وقال له : ( سم هذه المولودة زينب ، فقد اختار الله لها هذا الاسم ) .
ثمّ أخبره بما يجري عليها من المصائب ، فبكي النبيّ ، وقال : ( من بكى على مصاب هذه البنت ، كان كمن بكى على أخويها الحسن والحسين ) (1) .
ولمّا دنت الوفاة من رسول الله ، جاءت زينب إليه (صلى الله عليه وآله) قائلة : ( يا جدّاه رأيت البارحة رؤيا : أنّه انبعثت ريح عاصفة ، سوّدت الدنيا وما فيها وأظلمتها ، وحرّكتني من جانب إلى جانب ، فرأيت شجرة عظيمة ، فتعلقتُ
____________
1- وفيات الأئمّة : 431 .
|
|
|
بها من شدّة الريح ، فإذا بالريح قلعتها وألقتها على الأرض ، ثمّ تعلّقت على غصن قوي من أغصان تلك الشجرة ، فقطعتها أيضاً ، فتعلّقت بفرع آخر ، فكسرته أيضاً ، فتعلّقت على أحد الفرعين من فروعها ، فكسّرته أيضاً ، فاستيقظت من نومي ) ، فبكى رسول الله وقال : ( الشجرة جدّك ، والفرع الأوّل أُمّك فاطمة ، والثاني أبوك علي ، والفرعان الآخران هما أخواك الحسنان ، تسودّ الدنيا لفقدهم ، وتلبسين لباس الحداد في رزيّتهم ) .
قال يحيى المازني : كنت في جوار أمير المؤمنين (عليه السلام) في المدينة مدّة مديدة ، وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته ، فلا والله ، ما رأيت لها شخصاً ، ولا سمعت لها صوتاً ، وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدّها رسول الله (صلى الله عليه وآله) تخرج ليلاً ، والحسن عن يمينها ، والحسين عن شمالها ، وأمير المؤمنين أمامها ، فإذا قربت من القبر الشريف ، سبقها أمير المؤمنين (عليه السلام) فأخمد ضوء القناديل ، فسأله الحسن مرّة عن ذلك ؟ فقال : ( أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك زينب ) (1) .
وكان الإمام الحسين (عليه السلام) إذا زارته زينب يقوم لها إجلالاً ، ويجلسها في مكانه .
وروى القندوزي في ينابيع المودّة حديثاً طويلاً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، جاء فيه : ( وهذا الحسين خير الناس أباً وأُمّاً وأخاً وأختاً ، أبوه علي ، وأُمّه فاطمة ، وأخوه الحسن ، وأخته زينب ورقية ) (2) .
وروي عن أحمد بن إبراهيم قال : دخلت على حكيمة بنت محمّد بن علي الرضا ـ أخت أبي الحسن العسكريّ ـ في سنة 262 هـ بالمدينة ، فكلّمتها من وراء حجاب ، وسألتها عن دينها ، فسمّت لي من تأتم بهم ، ثمّ قالت : فلان ابن الحسن العسكريّ (عليه السلام) ، فسمّته ... .
____________
1- المصدر السابق : 435 .
2- ينابيع المودّة 2 / 380 .
|
|
|
فقلت : فإلى من تفزع الشيعة ؟ قالت : إلى الجدّة أُمّ أبي محمّد (عليه السلام) ، فقلت لها : اقتدى بمن في وصيّته إلى امرأة ؟ فقالت : اقتداء بالحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) ، إنّ الحسين بن علي أوصى إلى أخته زينب بنت علي بن أبي طالب في الظاهر ، وكان ما يخرج عن علي بن الحسين من علم ، ينسب إلى زينب بنت علي ، ستراً عليه (1) .
ومن مواقفها (عليها السلام) ما رواه الشيخ المفيد : من أنّ عائشة كتبت من البصرة إلى حفصة ، تخبرها بنزول علي (عليه السلام) بذي قار مستهزئة بجيشه ، فجمعت حفصة الصبيان ، وأعطت جواريها دفوفاً ، وأمرتهن أن يضربن الدفوف ، ويقلن :
ما الخبر ما الخبر علي في كالأشقر |
إن تقدّم نحر وإن تأخّر عقر |
فخرجت زينب (عليها السلام) متنكرة ، مستصحبة جواريها متخفرات ، فدخلت عليهن ، فلمّا رأت ما هن فيه من العبث والسفه ، كشفت نقابها وأبرزت وجهها ، ثمّ قالت : ( إن تظاهرتِ وأختك على أمير المؤمنين ، فقد تظاهرتما على أخيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قبل ، فأنزل الله عزّ وجلّ فيكما ما أنزل ، والله من وراء حربكما ) ، فانكسرت حفصة ، وأظهرت خجلاً ، وقالت : إنّهن فعلن هذا بجهل ، وفرّقتهن في الحال ، فانصرفن من المكان (2) .
هذه نبذة مختصرة ، وإلاّ فتسليط الضوء على مواقفها يحتاج إلى كتب ومؤلّفات .
( أُمّ مهدي . السعودية . ... )
السؤال : نعلم بأنّ السيّدة زينب (عليها السلام) بعد خروجها من المدينة ، ذهبت إلى
____________
1- كمال الدين وتمام النعمة : 501 ، الغيبة للشيخ الطوسيّ : 230 .
2- الكافئة : 16 .
|
|
|
كربلاء ، ومن كربلاء سُبيت إلى الشام ، ومن الشام إلى المدينة ، فكيف أصبح مرقدها (عليها السلام) في الشام ؟ وشكراً جزيلاً لكم .
الجواب : اختلفت الأقوال في مدفن السيّدة زينب (عليها السلام) ومحلّ قبرها ، اختلافاً عجيباً ، هي :
1ـ أنّها توفّيت في المدينة ، ودفنت هناك .
2ـ أنّها دفنت في ضواحي مدينة دمشق في الشام .
3ـ أنّها هاجرت إلى بلاد مصر ، وعاشت هناك حوالي سنة واحدة ، ثمّ توفّيت ودفنت في مدينة القاهرة .
وذكر القائل بدفنها (عليها السلام) في الشام ، أنّ سبب رجوعها كان : المجاعة التي أصابت أهل المدينة ، فخرجت (عليها السلام) مع زوجها عبد الله بن جعفر إلى ضيعته بالشام ، وبعد وصولها بمدّة مرضت وماتت ، ودفنت هناك .
( خديجة . السعودية . ... )
السؤال : لماذا خطبت السيّدة زينب بنت علي في مجلس يزيد ؟ ألا كان السكوت لها أولى ؟ لأنّها امرأة لا تقدر أمام خليفة المسلمين .
أرجو الإجابة ، ولكم جزيل الشكر .
الجواب : لقد شاهدت السيّدة زينب (عليها السلام) في مجلس يزيد مشاهد وقضايا ، وسمعت من يزيد كلمات تعتبر من أشدّ أنواع الإهانة والاستخفاف بالمقدّسات .
مظاهر وكلمات ينكشف منها إلحاده وزندقته وإنكاره لأهمّ المعتقدات الإسلاميّة .
مضافاً إلى ذلك ، أنّ يزيد قام بجريمة كبرى ، وهي أنّه وضع رأس الإمام الحسين (عليه السلام) أمامه ، وبدأ يضرب بالعصا على شفتيه وأسنانه ، وهو ـ حينذاك ـ يشرب الخمر !
|
|
|
فهل يصحّ ويجوز للسيّدة زينب أن تسكت ؟ وهي ابنة أمير المؤمنين (عليه السلام) .
كيف تسكت ، وهي تعلم أنّ بإمكانها أن تزيّف تلك الدعاوى ، وتفنّد تلك الأباطيل ، لأنّها مسلّحة بسلاح المنطق المفحم ، والدليل القاطع ، وقدرة البيان ، وقوّة الحجّة .
ولعلّ التكليف الشرعيّ فرض عليها أن تكشف الغطاء عن الحقائق المخفية عن الحاضرين في ذلك المجلس الرهيب ، لأنّ المجلس كان يحتوي على شتّى طبقات الناس ، وقد خدعتهم الدعايات الأُموية ، وجعلت على أعينهم أنواعاً من الغشاوة ، فصاروا لا يعرفون الحقّ من الباطل ، طيلة أيّام الحكم الأُموي .
وعلامات الفرح والسرور تبدو على الوجوه بسبب انتصار السلطة على عصابة عرّفتهم أجهزة الدعاية الأُموية بصورة مشوّهة .
أما ينبغي لزينب (عليها السلام) أن تنتهز الفرصة ، وتجازف بحياتها في سبيل الله ، وتنفض الغبار عن الحقّ والحقيقة ، وتعرّف الباطل بكلّ صراحة ووضوح ؟
بالرغم من أنّها كانت أجلّ شأناً ، وأرفع قدراً من أن تخطب في مجلس ملوّث لا يليق بها ، لأنّها سيّدة المخدّرات والمحجّبات !
ولكن الضرورة أباحت لها أن توقظ تلك الضمائر ، وتعيد الحياة إلى القلوب التي أماتتها الشهوات ، فباتت وهي لم تسمع كلمة موعظة من واعظ ، ولا نصيحة من ناصح .