كيفية صلاة المعصومين :
السؤال : أُودّ أن أعرف عن كيفية الصلاة التي كان يعمل بها في زمن الرسول(صلى الله عليه وآله)، ومن بعده الأئمّة الأطهار ؟ جزاكم الله خيراً .
الجواب : إنّ أفضل حديث يمكن الاعتماد عليه في معرفة كيفية صلاة المعصوم (عليه السلام) هو حديث حمّاد بن عيسى الصحيح السند :
قال : قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) يوماً : " يا حمّاد تحسن أن تصلّي " ؟ قال : فقلت : يا سيّدي أنا أحفظ كتاب حريز في الصلاة ، فقال (عليه السلام) : " لا عليك يا حمّاد ، قم فصلّ " ، قال : فقمت بين يديه متوجّهاً إلى القبلة ، فاستفتحت الصلاة فركعت وسجدت ، فقال (عليه السلام) : " يا حمّاد ، لا تحسن أن تصلّي ، ما أقبح بالرجل أن يأتي عليه ستّون سنة ، أو سبعون سنة ، فما يقيم صلاة واحدة بحدودها تامّة " ؟!
قال حمّاد : فأصابني في نفسي الذلّ فقلت : جعلت فداك فعلّمني الصلاة ، فقام أبو عبد الله (عليه السلام) مستقبل القبلة منتصباً ، فأرسل يديه جميعاً على فخذيه ، قد ضمّ أصابعه ، وقرّب بين قدميه حتّى كان بينهما ثلاثة أصابع مفرجات ، واستقبل بأصابع رجليه جميعاً لم يحرّفهما عن القبلة ، وقال بخشوع : " الله أكبر " ، ثمّ قرأ الحمد بترتيل ، وقل هو الله أحد ، ثمّ صبر هنيئة بقدر ما يتنفّس وهو قائم ، ثمّ رفع يديه حيال وجهه وقال : " الله أكبر " وهو قائم ، ثمّ ركع وملأ كفّيه من ركبتيه منفرجات ، وردّ ركبتيه إلى خلفه حتّى استوى ظهره ، حتّى لو صبّ عليه
|
الصفحة 174 |
|
قطرة من ماء أو دهن لم تزل لاستواء ظهره ، ومدّ عنقه وغمّض عينيه ، ثمّ سبّح ثلاثاً بترتيل وقال : " سبحان ربّي العظيم وبحمده " .
ثمّ استوى قائماً ، فلمّا استمكن من القيام قال : " سمع الله لمن حمده " ، ثمّ كبّر وهو قائم ، ورفع يديه حيال وجهه وسجد ، وبسط كفّيه مضمومي الأصابع بين يدي ركبتيه حيال وجهه فقال : " سبحان ربّي الأعلى وبحمده " ثلاث مرّات ، ولم يضع شيئاً من بدنه على شيء منه ، وسجد على ثمانية أعظم : الكفّين ، والركبتين ، وأنامل إبهامي الرجلين ، والجبهة ، والأنف وقال : " سبعة منها فرض يسجد عليها وهي التي ذكرها الله في كتابه ... " .
ثمّ رفع رأسه من السجود ، فلمّا استوى جالساً قال : " الله أكبر " ، ثمّ قعد على فخذه الأيسر ، وقد وضع ظاهر قدمه الأيمن على بطن قدمه الأيسر وقال : " استغفر الله ربّي وأتوب إليه " ، ثمّ كبّر وهو جالس وسجد السجدة الثانية وقال كما قال في الأُولى ، ولم يضع شيئاً من بدنه على شيء منه في ركوع ولا سجود وكان مجنّحاً ، ولم يضع ذراعيه على الأرض فصلّى ركعتين على هذا ، ويداه مضمومتا الأصابع وهو جالس في التشهّد ، فلمّا فرغ من التشهّد سلّم فقال : " يا حمّاد ، هكذا صلِّ " (1) .
( ... . السعودية . ... )
السؤال : أنا على مذهب الإسماعيلية ، ولكن قدّر لي الله أن أطّلع على أُمور كثيرة عن مذهب الاثني عشرية وأُعجبت به ، وبدأت أشعر أنّه هو المذهب الصحيح ، ولكنّي لم أحسم أمري بعد ، فهناك بعض التساؤلات التي لم أجد لها إجابة ، إذا كنتم على استعداد على حلّها لي أكون لكم من الشاكرين .
السلام في الصلاة عند جميع المذاهب واحد وغير مختلف فيه حتّى في المذاهب الشيعية الأُخرى ، فلو افترضنا جدلاً أنّ هذه هي الطريقة التي كان
____________
1- الكافي 3 / 311 ، من لا يحضره الفقيه 1 / 300 .
|
الصفحة 175 |
|
عليها السنّة المطهّرة وآل البيت ، لوجدناها في المذاهب الشيعية الأُخرى ، لأنّنا نعرف أنّ الاختلافات في الصلاة حصلت بعد موت الرسول وفي عهد عمر ، عندما زاد " آمين " ، وحذف " حيّ على خير العمل " ، وهذا ما يعترف به جميع المذاهب الشيعية ، ولكن موضوع التسليم في آخر الصلاة هذا تتساوى فيه المذاهب الشيعية ـ كالزيدية والإسماعيلية ـ مع السنّة ، ويشذّ عنها مذهب الاثنا عشرية ، ممّا يعطي الإيحاء بأنّ هذه الزيادة أتت من عند الاثني عشرية ، وليست في سنّة آل البيت .
أرجو الإجابة حيث أنّ هذا السؤال يحيّرني .
الجواب : نسأل الله تعالى لك التوفيق في التعرّف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) أكثر فأكثر ، والتعمّق فيه ، ومعرفة مبانيه وأدلّته ، ليكون اختيارك لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) عن دليل وقناعة كافية .
أعلم أنّ التسليم عندنا يتم بأحد الصيغتين : الأُولى : " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " ، والثانية : " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " .
فالمصلّي إذا قال الصيغة الأُولى استحبّت لـه الصيغة الثانية ، أمّا لو قال الثانية قبل الأُولى لم تستحبّ لـه الأُولى ، وعليه فبأيّ الصيغتين ختم صلاته فإنّ صلاته تختم .
وأمّا صيغة " السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته " فهي ليست من صيغ السلام ـ كما نصّ الفقهاء ـ وإنّما هي مستحبّة ، والدليل هو ورود نصوص عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) .
وهذا ليس بالأمر الغريب ، إذ في المقابل المذاهب الأربعة ربّما استدلّوا على بعض الأحكام التي لا يقول بها الشيعة بقول بعض الصحابة ، فمثلاً ما ينقل عن عمر بن الخطّاب أنّه قال : في العسل زكاة (1) ، فلماذا يستغرب هؤلاء إذا اعتمدنا على أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) ؟
____________
1- المصنّف لابن أبي شيبة 3 / 33 ، الآحاد والمثاني 5 / 147 .
|
الصفحة 176 |
|
إذاً ، مستند التسليم عندنا هو ما ورد عن طريق أهل البيت (عليهم السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ وليس المستند هو المزاج والهوى ـ أي ورد من طرقنا ، وفي أدلّة صحيحة عن أهل البيت (عليهم السلام) : أنّ الحكم الكذائي كذا وكذا ، وأهل البيت (عليهم السلام) لم يأخذوه دون مستند ، ومستندهم هو النبيّ (صلى الله عليه وآله)، لذا هم أمناء على سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
هذا بالإضافة إلى أنّنا مأمورون باتباع النبيّ (صلى الله عليه وآله) عند اختلاف الأُمّة ، والنبيّ (صلى الله عليه وآله) دلّنا إلى من نرجع إليهم عند الاختلاف ، لأنّ بالرجوع إليهم نجاة ، وبتركهم هلاك ، وهم أهل البيت (عليهم السلام) : " مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها هوى " (1) .
ثم إنّ انفرادنا عن بقية المذاهب في الحكم الكذائي ليس بالأمر الغريب ، لأنّ كثير من أهل السنّة خالفوا فقهاء المسلمين ، من قبيل ما يقولـه الشافعي في جواز نكاح البنت من الزنا ، فإنّه انفرد فيه وخالفه بقية الفقهاء .
نسأله تعالى أن يعرّفنا الحقّ حقّاً ويوفّقنا لاتباعه .
____________
1- المستدرك على الصحيحين 2 / 343 و 3 / 151 ، مجمع الزوائد 9 / 168 ، المعجم الأوسط 5 / 355 و 6 / 85 ، المعجم الكبير 3 / 45 و 12 / 27 ، مسند الشهاب 2 / 273 ، نظم درر السمطين : 235 ، الجامع الصغير 1 / 373 و 533 ، كنز العمّال 12 / 94 ، فيض القدير 2 / 658 و 5 / 660 ، الدرّ المنثور 3 / 334 ، علل الدارقطني 6 / 236 ، تهذيب الكمال 28 / 411 ، سبل الهدى والرشاد 10 / 490 ، ينابيع المودّة 1 / 93 و 2 / 90 و 101 و 472 ، النهاية في غريب الحديث والأثر 2 / 298 ، لسان العرب 3 / 20 .
|
الصفحة 177 |
|
( ... . السعودية . ... )
التخيير بين الحمد والتسبيحات الأربعة :
السؤال : أودّ أن أشكركم على الجهود التي تبذلونها لوجه الله تعالى في الردّ على بعض الشبهات ، التي نقابلها من بعض الجماعة ، الذين عندهم حبّ استطلاع عن مذهب آل البيت (عليهم السلام) .
لماذا أكثر المذاهب يقومون بقراءة الفاتحة في جميع الركعات ، بينما المذهب الجعفري يكتفي بقراءتها في الأُولى والثانية فقط ، ويقول التسبيحات في بقية الركعات ؟ جزاكم الله عنّا خيراً .
الجواب : قد وردت روايات عن أهل البيت (عليهم السلام) تدلّ على التخيير ، بمعنى أنّ المكلّف مخيّر في الركعتين الأخيرتين بين قراءة سورة الحمد وبين قراءة التسبيحات الأربعة ، دون الركعتين الأوّليتين فيجب فيهما قراءة الحمد ، وذلك لقولـه : " لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب " (1) .
( موالي . الكويت . 19 سنة . طالب )