خروجها على الإمام علي يوم الجمل :
السؤال : أُريد أن اعرف ما هي قصّة مولانا علي (عليه السلام) مع عائشة في واقعة الجمل ؟ وكيف انتهت هذه المعركة ؟
الجواب : التحقيق في كتب التاريخ والسير المعتبرة يفيدنا بوضوح : أنّ عائشة كانت من المتشدّدين في الخلاف مع عثمان ، ومواقفها ضدّ عثمان كثيرة جدّاً ، وهي مسجّلة بكُلّ وضوح في مصادر المسلمين ، حتّى أنّها كانت تحرّض المسلمين على قتل عثمان بعبارتها : " اقتلوا نعثلاً ، قتل الله نعثلاً " (1) ، وكانت في فعلها هذا تأمل أن تصل الخلافة إلى طلحة أو الزبير ، بأمر قد دبّر من ذي قبل ... .
ولكن لمّا قُتل عثمان ، وبايع الناس أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ، شعرت عائشة بخيبة أمل ، فدبّرت هي وطلحة والزبير قضية الخروج على أمير المؤمنين (عليه السلام)، ونكث طلحة والزبير البيعة ، والتحقوا بالبصرة ، وذهبت عائشة أيضاً إلى البصرة ، وهي تنادي إلى نصرة عثمان وتنعاه ، فجمعت من المسلمين عدداً لحرب الإمام علي (عليه السلام) ، واتهمته بقتل عثمان .
____________
1- شرح نهج البلاغة 6 / 215 و 20 / 17 ، تاريخ الأُمم والملوك 3 / 477 ، الإمامة والسياسة 1 / 72 .
|
الصفحة 242 |
|
ودارت حرب الجمل ، وسرعان ما فشل جيش عائشة ، وقتل طلحة والزبير ، وانتهت الحرب ، وأُرجعت عائشة إلى المدينة (1) .
( عزّ الدين . الإمارات . سنّي . 20 سنة . طالب جامعة )
السؤال : ما سبب نزول سورة التحريم ؟ وفيمن نزلت ؟
الجواب : إنّ المتّفق عليه عند أرباب التفاسير من الفريقين ـ بعبارات شتّى ومضمون واحد ـ : أنّ الآيات الأُولى من سورة التحريم قد نزلت في مورد عائشة وحفصة ، وإيذائهما الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) (2) ؛ وحتى أنّ الفخر الرازي يرى أنّ آية { ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ ... } (3) فيها تعريض آخر بحفصة وعائشة ، وتحذير لهما على أغلظ وجه وأشدّه لما في التمثيل من ذكر الكفر (4) .
( رضا عبد الله السيّد . الكويت . 38 سنة . مهندس حاسوب )
وفاتها ومدفنها والصلاة عليها :
السؤال : الرجاء موافاتي بالإجابة الكافية حول موضوع وفاة عائشة ، وأين دفنت ؟ ومن صلّى عليها ؟
____________
1- تاريخ الأُمم والملوك 3 / 477 ، الإمامة والسياسة 1 / 72 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 180 ، الكامل في التاريخ 3 / 206 ، البداية والنهاية 7 / 229 .
2- تفسير القرآن 3 / 301 ، زاد المسير 8 / 49 ، تفسير القرآن العظيم 4 / 413 ، السنن الكبرى للنسائي 3 / 130 و 5 / 286 ، كنز العمّال 2 / 533 ، التفسير الكبير 10 / 568 ، روح المعاني 14 / 341 .
3- التحريم : 10 .
4- التفسير الكبير 10 / 574 .
|
الصفحة 243 |
|
الجواب : ماتت عائشة بنت أبي بكر سنة 57 أو 58 من الهجرة ، وصلّى عليها أبو هريرة ، ودفنت ليلاً بالبقيع بوصيةٍ منها .
قيل لها : تدفنين مع رسول الله ؟ قالت : لا ، إنّي أحدثت بعده أحدثاً ! (1) .
( أبو الزين . الأردن . ... )
قولها : ما وجدتَ إلاّ فخذي ! :
السؤال : في الحقّيقة بالإضافة إلى استعجابي من هذه الروايات العجيبة في مصادرنا ، لا أدري ـ حتّى مع افتراض ضعفها ـ الفائدة من إيرادها ، سامح الله المتسرّعين قديماً وحديثاً : عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : أتيت النبيّ (صلى الله عليه وآله) وعنده أبو بكر وعمر ، فجلست بينه وبين عائشة ، فقالت لي عائشة : ما وجدتَ إلاّ فخذي أو فخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ فقال : " مه يا عائشة ، لا تؤذيني في علي ... " (2) .
الجواب : في سند الرواية إسحاق بن عبدوس وهو غير موثّق ، ومحمّد بن بهار وهو غير موثّق أيضاً .
وفي متنها : أوّلاً : أنّ الإمام (عليه السلام) جلس بينها وبين الرسول ، ولم يجلس على فخذها وفخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ولكن لكرهها لعلي (عليه السلام) جعلت حيلولته بينها وبين رسول الله سبباً في أن تتكلّم لـه بهذا الكلام الغير مهذّب .
فلم تصدّق في كلامها ، وما عهدنا من علي (عليه السلام) غير الصدق ، أمّا عائشة فإنّها كذبت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قضية المغافير ، فلا مانع أن تكذب أيضاً على علي (عليه السلام) .
____________
1- العقد الفريد 5 / 79 ، المصنّف لابن أبي شيبة 8 / 708 .
2- الأمالي للشيخ الطوسي : 290 .
|
الصفحة 244 |
|
وهذا نصّ تلك الرواية : عن عائشة قالت : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يشرب عسلاً عند زينب ابنة جحش ويمكث عندها ، فواطأت أنا وحفصة على أيّتنا دخل عليها فلتقل لـه : أكلت مغافير ؟ إنّي أجد منك ريح مغافير !!
قال : " لا ، ولكنّي كنتُ أشرب عسلاً عند زينب ابنة جحش ، فلن أعود لـه ، وقد حلفت لا تخبري بذلك أحداً " (1) .
ثانياً : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) غضب عليها ، وهذا ما يؤكّد افتراءها على علي (عليه السلام) فإنّه معصوم ، والمعصوم لا يغضب إلاّ لله تعالى .
ثالثاً : إنّ الإمام علي (عليه السلام) جلس مع وجود الرسول (صلى الله عليه وآله) وأبي بكر وعمر ، وليس علي وحده .
ولكن الذي هو غير مناسب أن تجلس لوحدها مع رجلين ، كما رواه الترمذي في سننه ، عن أنس بن مالك قال : بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) بامرأة من نسائه ، فأرسلني فدعوت قوماً إلى الطعام ، فلمّا أكلوا وخرجوا قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) منطلق قبل بيت عائشة ، فرأى رجلين جالسين ، فانصرف راجعاً ، فقام الرجلان فخرجا ، فأنزل الله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ } (2) (3) .
ومن غير المناسب أن تتوضّأ عائشة وتغسل يديها وخدّيها ووجهها وأذنيها أمام الناس : " فعن أبي عبد الله سالم سبلان قال : وكانت عائشة تستعجب بأمانته وتستأجره ، فأرتني كيف كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتوضّأ ، فتمضمضت واستنثرت ثلاثاً ، وغسلت وجهها ثلاثاً ، ثمّ يدها اليمنى ثلاثاً واليسرى ثلاثاً ، ووضعت يدها في مقدّم رأسها ، ثمّ مسحت رأسها واحدة إلى مؤخّره ، ثمّ أمرت يديها بأذنيها ، ثمّ مرّت على الخدين .
____________
1- صحيح البخاري 6 / 68 .
2- الأحزاب : 53 .
3- الجامع الكبير 5 / 35 .
|
الصفحة 245 |
|
قال سالم : كنت آتيها مكاتباً ما تختفي منّي ، فتجلس بين يدي وتتحدّث معي ، حتّى جئتها ذات يوم فقلت : ادعي لي بالبركة يا أُمّ المؤمنين ، قالت : وما ذاك ؟ قلت : أعتقني الله ، قالت : بارك الله لك وأرخت الحجاب دوني ، فلم أرها بعد ذلك اليوم " (1) .
كما وليس من المناسب أن تغتسل أمام الرجال أيضاً ، كما ورد عن أبي سلمة عن عائشة قال : سألها أخوها من الرضاعة عن غسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الجنابة ، فدعت بماء قدر الصاع ، واغتسلت وصبّت على رأسها ثلاثاً (2) .
فإذا كان ليس من المناسب أن يجلس علي (عليه السلام) بينها وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهي بحجابها ، فإنّه ليس من المناسب أكثر أن تغتسل أمام الرجال ، وإن كانوا إخوانها من الرضاعة .
وهنا ينبغي أن نذكّر الإخوة : بأنّ المجامع الحديثية لابدّ لها أن تنقل الروايات على ما هي عليه ، مع غضّ النظر عن صحّة الحديث وضعفه ، أو كون الحديث مورداً للقبول من ناحية المعنى وعدمه ، بالأخص أنّ المبنى عند الشيعة أن يخضع كُلّ حديث إلى قواعد الجرح والتعديل ، فلا يكون مجرد النقل قبوله ، كما هو المبنى عند أهل السنّة .
والجدير بالذكر : أنّ هذه الراوية قد جاءت في بعض مصادر العامّة عن لسان عائشة ، مع اختلاف يسير في التعبير ، ففيها : قالت : نعم ، دخل ـ علي (عليه السلام) ـ على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو معي وعليه جرد قطيفة ، فجلس بيننا ، فقلت : أما وجدت مكاناً هو أوسع لك من هذا ؟
فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : " يا عائشة دعي لي أخي ، فإنّه أوّل الناس إسلاماً ، وآخر الناس بي عهداً ، وأوّل الناس لي لقياً يوم القيامة " (3) .
____________
1- السنن الكبرى للنسائي 1 / 86 .
2- السنن الكبرى للبيهقي 1 / 195 ، مسند أحمد 6 / 143 ، صحيح البخاري 1 / 68 ، صحيح مسلم 1 / 176 .
3- الإصابة 8 / 307 .
|
الصفحة 246 |
|
والاختلاف في التعبير قد نشأ إمّا من الرواة ، وإمّا من أصحاب الكتب ، حفظاً منهم على كرامة عائشة ، وصون لفظها من الركاكة !!
( أبو محمود . البحرين . 28 سنة . مهندس حاسب آلي )
هذه مقتطفات من كتب أهل السنّة تجد فيها كيف يرون أخلاق النبيّ ، وأخلاق نسائه ، فمن تلك الروايات : ما رواه أحمد عن عائشة قالت : خرجت مع النبيّ (صلى الله عليه وآله) في بعض أسفاره ... ثمّ قال لي : " تعالي حتّى أسابقك " فسابقته فسبقته ، فسكت عنّي حتّى إذا حملت اللحم ... فسابقته فسبقني ، فجعل يضحك وهو يقول : " هذه بتلك " (1) .
أقول : تخيّلوا معي ، لو أنّ المسلمين اليوم تسابقوا مع زوجاتهم ، تأسّياً بما رواه أئمّتهم عن الرسول (صلى الله عليه وآله) ، الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق ؟ أين آداب الطريق يا رسول الله ؟ أين هي الغيرة ؟ وهل من الخُلق العظيم أن يتسابق الرجل مع زوجته ؟ وهل يبقى لرسول الله ولأُمّ المؤمنين عائشة هيبة إذا رآهما أحد ؟!
وعن أبي سلمة قال : دخلت أنا وأخو عائشة على عائشة ، فسألها أخوها عن غسل النبيّ (صلى الله عليه وآله) فدعت بإناء نحو من صاع فاغتسلت ، وافاضت على رأسها ، وبيننا وبينها حجاب (2) .
سؤال : هل يعقل أن يصدر هذا الفعل من امرأة ، يفترض أن تكون عنواناً للعفّة والأخلاق ، وقدوة حسنة للمؤمنات ، بحكم كونها أُمّهم ؟! فماذا ترون يا سادة يا كرام ، فيمن يرمي نبيّكم بهذا الكلام ؟
____________
1- مسند أحمد 6 / 264 .
2- صحيح البخاري 1 / 68 .
|
الصفحة 247 |
|
( غانم النصار . الكويت . ... )
السؤال : هل يقول كبار علماء الشيعة بأنّ عائشة كافرة ؟ جزاكم الله خيراً .
الجواب : إنّ حكمها في هذه الدنيا الإسلام ، وكونها مسلمة ، وما ارتكبته من مخالفات لله ورسوله (صلى الله عليه وآله) فإنّ هذا متعلّق بيوم القيامة .
( جعفر صادق . البحرين . ... )
السؤال : ما هي خلاصة حرب الجمل ؟
الجواب : بعد مقتل عثمان بن عفّان ، بايع الناس الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ، ومن بين المبايعين طلحة بن عبيد الله ، والزبير بن العوام ، وطلباً منه (عليه السلام) أن يولّيهما بعض ولاياته ، ولكن الإمام (عليه السلام) قال لهما : " واعلما إنّي لا أشرك في أمانتي إلاّ من أرضى بدينه وأمانته من أصحابي ، ومن عرفت دخيلته " (1) ، فداخلهما اليأس من المنصب ، فاستأذناه للعمرة ، وخرجا من المدينة إلى مكّة ناكثين بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) .
ولمّا وصلا إلى مكّة دخلا على عائشة ، وأخذا يحرّضانها على الخروج ، فخرجت عائشة معهما على جمل ـ مطالبة بدم عثمان ـ قاصدين الشام ، فصادفهم في إثناء الطريق عبد الله بن عامر ـ عامل عثمان على البصرة ـ قد صرفه أمير المؤمنين (عليه السلام) بحارثة بن قدامة السعدي ، فرجّح لهم البصرة ، لما فيها من كثرة الضيع والعدّة ، فتوجّهوا نحوها ، فمانع عنها عثمان بن حنيف ، والخزّان والموكلون ، فوقع بينهم القتال ، ثمّ اسروا عثمان وضربوه ونتفوا لحيته .
____________
1- شرح نهج البلاغة 1 / 231 .
|
الصفحة 248 |
|
ولمّا سمع أمير المؤمنين (عليه السلام) بوصولهم ، جهّز جيشاً وخرج إلى البصرة ، ولمّا وصلها بعث إليهم يناشدهم ، فأبوا إلاّ الحرب لقتاله .
ثمّ أخذ الإمام (عليه السلام) يناشد طلحة والزبير فلم تنفع معهما ، عند ذلك نشبت الحرب بينهما ، وأسفرت عن قتل ستة عشر ألف وسبعمائة وسبعون رجلاً من أصحاب الجمل ، وأربعة آلاف رجلاً من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وانكسار جيش أصحاب الجمل .
ثمّ إنّ الإمام (عليه السلام) أمر محمّد بن أبي بكر ، أن ينزل عائشة في دار آمنة بنت الحارث ، ثمّ أمر بإرجاعها إلى المدينة ، ورجع هو (عليه السلام) إلى الكوفة .
هذا ، ومع العلم بأنّ أكثر المؤرّخين ذكروا : أنّ عائشة كانت من أوائل المحرّضين على قتل عثمان ، وعباراتها مشهورة ومعروفة : " اقتلوا نعثلاً لعن الله نعثلاً فقد كفر " !! (1) .
( أبو الزين . الأردن . ... )