موقفها من أبي بكر :
السؤال : ما هي قصّة فاطمة الزهراء (عليها السلام) مع الخليفة الأوّل ، هل هي مؤكّدة ؟
الجواب : إنّ الصحابة ينقسمون إلى قسمين : قسم منهم توفّوا في زمن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فالشيعة وباقي المسلمين يحترمونهم ، وقسم منهم توفّوا بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وهؤلاء على قسمين :
الأوّل : منهم من عمل بوصية النبيّ (صلى الله عليه وآله)، فالشيعة وباقي المسلمين يحترمونهم .
الثاني : منهم من لم يعمل بوصية النبيّ (صلى الله عليه وآله) ـ التي أوصى بها في عدّة مواطن ـ فالشيعة وكُلّ منصف لا يحترمهم .
____________
1- كنز العمّال 5 /651 .
2- السقيفة : 75 ، شرح نهج البلاغة 20 / 24 ، تاريخ مدينة دمشق 30 / 419 ، تاريخ الأُمم والملوك 2 / 619 ، كنز العمّال 5 / 631 .
|
الصفحة 484 |
|
وأمّا بالنسبة إلى السبّ ، فالسبّ غير اللعن ، لأنّ الله تعالى قد لعن في القرآن الكريم في عدّة مواطن ، منها قولـه تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ } (1) .
ومع الجمع بين هذه الآية وما روي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : " فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها ، وينصبني ما انصبها " (2) ، وقال أيضاً : " فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها ، ويغضبني ما أغضبها " (3) .
وما روي أيضاً في صحيح البخاري وغيره : من أنّ فاطمة (عليها السلام) ماتت وهي واجدة ـ أي غضبانة ـ على أبي بكر (4) يتبيّن الجواب عن سؤالكم .
( أبو محسن . الكويت . ... )
السؤال : نشكركم على جهودكم العظيمة ، ما الدليل على صحّة قضية كسر ضلع الزهراء (عليها السلام) ؟
الجواب : إنّ الدليل على صحّة قضية كسر ضلع الزهراء (عليها السلام) هو النصوص الكثيرة الواردة عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) ، نذكر لكم نموذجاً منها :
1ـ جاء في رواية : " وحالت فاطمة (عليها السلام) بين زوجها وبينهم عند باب البيت ، فضربها قنفذ بالسوط على عضدها ، وإنّ بعضدها مثل الدملوج من ضرب
____________
1- الأحزاب : 57 .
2- مسند أحمد 4 / 5 ، الجامع الكبير 5 / 360 ، المستدرك 3 / 159 ، كنز العمّال 12 / 107 ، سير أعلام النبلاء 2 / 133 ، ينابيع المودّة 2 / 53 و 478 .
3- الآحاد والمثاني 5 / 362 ، المعجم الكبير 22 / 405 ، تاريخ مدينة دمشق 3 / 156 .
4- صحيح البخاري 5 / 82 ، مسند أحمد 1 / 9 ، صحيح مسلم 5 / 154 ، السنن الكبرى للبيهقي 6 / 300 ، صحيح ابن حبّان 11 / 153 و 14 / 573 ، مسند الشاميين 4 / 198 ، الطبقات الكبرى 2 / 315 ، سبل الهدى والرشاد 12 / 369 .
|
الصفحة 485 |
|
قنفذ إيّاها ، فأرسل أبو بكر إلى قنفذ : اضربها ، فألجأها إلى عُضادة باب بيتها ، فدفعها فكسر ضلعاً من جنبها ، وألقت جنيناً من بطنها " (1) .
2ـ جاء في زيارتها (عليها السلام) : " الممنوعة إرثها ، المكسور ضلعها ، المظلوم بعلها ، المقتول ولدها " (2) .
3ـ عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله : " وأمّا ابنتي فاطمة ... وإنّي لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي ، كأنّي بها وقد دخل الذلّ بيتها ، وانتهكت حرمتها ، وغصب حقّها ، ومنعت إرثها ، وكسر جنبها ، وأسقطت جنينها ... " (3) .
4ـ روي في كتاب سليم بن قيس : " فألجأها قنفذ لعنه الله إلى عضادة باب بيتها ودفعها ، فكسر ضلعها من جنبها ، فألقت جنيناً من بطنها ، فلم تزل صاحبة فراش حتّى ماتت صلّى الله عليها من ذلك شهيدة " (4) .
5ـ قال السيّد الحميري (قدس سره) في شعره :
ضربت واهتضمت من حقّها |
وأذيقت بعده طعم السلع |
قطـع الله يـدي ضـاربها |
ويد الراضي بذاك المتبع (5) |
السلع : الشقّ والجرح .
وشعر السيّد الحميري يدلّ على شيوع هذا الأمر في عهد الإمام الصادق (عليه السلام) ، وذيوعه ، حتّى لتذكره الشعراء ، وتندّد به ، وتزري به على من فعله .
____________
1- بحار الأنوار 28 / 283 ، مرآة العقول 5 /320 ، الاحتجاج 1 / 109 .
2- إقبال الأعمال 3 / 166 ، بحار الأنوار 97 / 200 .
3- الأمالي للشيخ الصدوق : 176 ، بشارة المصطفى : 307 .
4- كتاب سليم بن قيس : 153 ، الاحتجاج 1 / 109 .
5- الصراط المستقيم 3 / 13 .
|
الصفحة 486 |
|
وخلاصة الأمر : إنّه لا يمكن بملاحظة كُلّ ما ذكرناه تكذيب هذا الأمر ، ما دام أنّ القرائن متوفّرة على أنّهم قد هاجموها ، وضربوها ، واسقطوا جنينها ، وصرّحت النصوص بموتها شهيدة أيضاً ، الأمر الذي يجعل من كسر الضلع أمراً معقولاً ومقبولاً في نفسه ، فكيف إذا جاءت روايته في كتب الشيعة والسنّة ، بل وأشار إليه الشعراء أيضاً ، ولاسيّما المتقدّمون منهم .
ثمّ لا يخفى عليكم أننّا لا نحتاج في إثبات هذه القضايا إلى صحّة السند ، بل يكفي الوثوق بصدورها ، وعدم وجود داع إلى الكذب كافّ لصحّة الأخذ بالرواية .
( هويدا . ... . ... )