مظلوميتها من أساسيات المذهب لا من المسائل التاريخية :
السؤال : ما رأي أكثر الفقهاء في مسألة ضرب السيّدة الزهراء (عليها السلام) ؟ هل يعتبر من أساسيات المذهب ؟ أم أنّه مجرد مسألة تاريخية ؟ ودمتم في خدمة الإسلام .
الجواب : لا يخفى على أحد أنّ من أهمّ أركان التشيّع :
1ـ التولّي والولاية ، وهو عبارة عن موالاة أولياء الله واتباعهم ، وجعلهم القدوة في كُلّ الأُمور .
2ـ التبرّي والبراءة من أعداء الله ، سواء في ذلك بالعلن أو الخفية ، بالجنان واللسان .
فلا يصدق على أحد أنّه شيعي إذا أخلّ بأحد هذين ، إذ لا يمكن للولاء أن يتمّ من دون التبرّي ، ولأجل التبرّي والبراءة في الفكر الشيعي لقّب الشيعة بالروافض، ولأجل هذا نشاهد أنّ المؤرّخين ينعتون من كان يروي من علماء أهل السنّة روايات في فضائل أهل البيت : " شيعي بلا رفض " أو " يتشيّع بلا رفض " .
ومن أهمّ المصاديق التي يبتني عليه التبرّي ، هو مظلومية أهل البيت (عليهم السلام) عموماً ، ومظلومية الزهراء (عليها السلام) خصوصاً .
|
الصفحة 505 |
|
فالذين يشككّون ـ أيّاً من كان ـ في مظلومية أهل البيت (عليهم السلام) ، ومظلومية الزهراء (عليها السلام) ، هم الذين في قلوبهم مرض ، يريدون أن يجعلوا التشيّع في الولاء فقط من دون تبرّي ، وذلك لأغراض أضمروها في قلوبهم .
وبعد هذا كُلّه ، يمكن للقارئ العزيز أن يشخّص هو بنفسه أنّ مظلومية أهل البيت (عليهم السلام) عموماً ، ومظلومية الزهراء (عليها السلام) خصوصاً ، هل هي من أساسيات المذهب ، أم أنّها مجرد مسائل تاريخية ؟
( أُمّ حسين . البحرين . ... )
قولها " خير للمرأة أن لا ترى رجلاً " لا يعارض خطبتها في المسجد :
السؤال : في متابعتي لحياة السيّدة الزهراء (عليها السلام) ، وجدت أنّها تقول : " خير للمرأة أن لا ترى رجلاً ، ولا يراها رجل " في حين أنّها (عليها السلام) قد ذهبت مع ثلّة من نساء بني هاشم إلى مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) ، لمطالبة أبي بكر بفدك ، وهو جالس مع جماعة من المهاجرين والأنصار ، وألقت خطبتها الشهيرة ، في حين أنّنا نعلم أيضاً أنّ صوت المرأة عورة ، أليس هناك تناقض في ذلك ؟ مع شكري الجزيل .
الجواب : قول الزهراء (عليها السلام) فيما هو الخير للمرأة : " أن لا ترى رجلاً ، ولا يراها رجل " (1) هو بمعنى الأفضل والأحسن للمرأة أن لا ترى رجلاً ، ولا يراها رجل ، وذلك في الأوقات والحالات الطبيعية العادية ، وأمّا في الأوقات والحالات الضرورية ، التي تتطلّبها مقتضيات الحياة فلا ، كخروجها لصلة أرحامها ، أو ذهابها إلى الطبيب لمعالجتها ، وغير ذلك .
بل قد يتوجّب عليها الخروج بسبب الحفاظ على الدين وضرورياته ، ولا ضرورة أوجب من الدفاع عن الإمامة ، وعن مظلومية إمام اغتصبت فيه
____________
1- مناقب آل أبي طالب 3 / 119 .
|
الصفحة 506 |
|
الخلافة ، كما فعلته الزهراء (عليها السلام) ، وذلك لتبيين الحقائق للأُمّة الإسلامية ، وعليه فلا تناقض في ذلك .
( حسين قرقور . البحرين . ... )
سبب خروجها لباب دارها عند هجوم القوم :
السؤال : من الآداب الإسلامية ، إذا جاء أحد لزيارة أحد البيوت يخرج الرجل إلى استقبال الزائر ، فلماذا لم يخرج الإمام علي (عليه السلام) يوم هجوم القوم على الزهراء ؟ وهو جالس في المنزل ؟ أليس على الإمام (عليه السلام) هو الذي يخرج ليستقبلهم بدل الزهراء ؟
أو لماذا لم يخرج أحد الصحابة الذين كانوا مع الإمام علي (عليه السلام) في ذلك الوقت لاستقبالهم ؟ لماذا تذهب امرأة لمقابلة رجال .
الجواب : أوّلاً : لم يأت القوم إلى بيت الزهراء (عليها السلام) زيارة ، وإنّما كان هجوماً كما ذكرتم ، حيث جاء جماعة للحرب على صورة همجية بصياح وعربدة .
وثانياً : خروج الزهراء (عليها السلام) لهم كان من باب أن يرتدع القوم من الهجوم على بيت بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، لأنّ المخاطب لهم من وراء الباب هو بنت نبيّهم ، التي قال في حقّها رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " فإنّما هي بضعة منّي ، يريبني ما أرابها ، ويؤذيني ما آذاها " (1) .
____________
1- صحيح البخاري 6 / 158 ، مسند أحمد 4 / 5 ، الجامع الكبير 5 /360 ، المستدرك 3/ 159 ، كنز العمّال 12 / 107 ، سير أعلام النبلاء 2 / 133 ، ينابيع المودّة 2 / 53 و 478 ، الآحاد والمثاني 5 / 362 ، المعجم الكبير 22 / 405 ، تاريخ مدينة دمشق 3 / 156.
|
الصفحة 507 |
|
فهل ارتدع القوم ورجعوا ؟! أم أنّ عمر لمّا أمر بإحراق البيت ، قيل لـه : إنّ فيها فاطمة ؟ فقال : وإن !! (1) ، وإن في شخوص الزهراء خلف الباب ، ومحاججتها مع القوم ، هو إتمام الحجّة عليهم ، وعلى جميع المسلمين ، ولكن أين مَن لـه قلب ؟! وأين من يلقي السمع وهو شهيد ؟!
( أحمد . السعودية . ... )
كان علي في بيتها عند هجوم القوم :
السؤال : هل كان الإمام علي (عليه السلام) موجود في البيت عندما ضربت فاطمة الزهراء (عليها السلام) ؟
الجواب : ذكرت الأخبار وجود الإمام علي (عليه السلام) والحسنين (عليهما السلام) في الدار ، حين هجوم القوم على دار الزهراء (عليها السلام) ، وعصرها ما بين الحائط والباب ، وأضافت بعض الأخبار وجود الزبير وفضّة أيضاً (2) .
هذا وقد استفاد البعض من وجود الإمام علي (عليه السلام) في الدار لإثارة بعض الشبهات لتكذيب ما ورد من المآسي على الزهراء (عليها السلام) .
من تلك الشبهات : أنّ وجوده (عليه السلام) في الدار ، وعدم نصرته للزهراء (عليها السلام) ينافي الشجاعة .
قال ابن روزبهان عن حديث الإحراق : " لو صحّ هذا دلّ على عجزه ، حاشاه عن ذلك ، فإنّ غاية عجز الرجل أن يحرق هو وأهل بيته ، وامرأته في داره ، وهو لا يقدر على الدفع ... " .
وقد أجاب عن هذه الشبهة أحد علماء الزيدية ـ وهو ابن حمزة ـ في كتابه الشافي ما نصّه : " أنّا قد بيّنا أنّه لا عار عليه في أن يغلب ، إذ ليست الغلبة دلالة حقّ ، ولا باطل ، ولا على جبن ، وهو إمام معصوم بالنصّ ، لا يفعل
____________
1- الإمامة والسياسة 1 / 30 .
2- الأمالي للشيخ المفيد : 49 ، الاحتجاج 1 / 237 .
|
الصفحة 508 |
|
بالعصبية ، وإنّما يفعل بالأمر ، وقد أُمر بالصبر ، فكان يصبر امتثالاً لأمر الله تعالى ، وأمر رسوله (صلى الله عليه وآله) ، لا يقدم غضباً ولا يحجم جبناً ... " (1) .
بالإضافة إلى هذا الردّ ، فقد كان المهاجمون على دار الزهراء (عليها السلام) يريدون استدراج الإمام علي (عليه السلام) لمعركة ، يتضرّر من خلالها الإسلام ، فشجاعة علي (عليه السلام) هنا هي بصبره على الأذى ، وعدم استجابته للاستفزاز الذي مارسوه ضدّه (عليه السلام) .
ومن تلك الشبهات أيضاً : أنّ وجوده (عليه السلام) في الدار ، وتركه زوجته تبادر لفتح الباب يتنافى مع الغيرة والحمية .
ونقول في الجواب :
أوّلاً : أنّه لاشكّ في أنّ علياً (عليه السلام) هو إمام الغياري ، وهو صاحب النجدة والحمية .
وثانياً : المهاجمون هم الذين اعتدوا ، وفعلوا ما يخالف الدين والشرع ، والغيرة والحمية ، وحتّى العرف الجاهلي ، أمّا الإمام علي (عليه السلام) فلم يصدر منه شيء من ذلك ، بل هو قد عمل بتكليفه ، حتّى ولو كلّفه ذلك روحه التي بين جنبيه .
وثالثاً : لقد كان النبيّ (صلى الله عليه وآله) يأمر بعض زوجاته ـ كأُمّ أيمن ـ بأن تجيب من كان يطرق عليه الباب حين يتقضي الأمر ذلك ، وهل هناك أغير من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟
وأخيراً : فإنّ مثول بنت الرسول وراء الباب ، ومحاججتها معهم ، كُلّ ذلك إتماماً للحجّة ، لكي يرجع القوم إلى الحقّ ، ويعرفوا طريقه ، { لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ } (2) .
____________
1- الشافي 4 / 200 .
2- الأنفال : 42 .
|
الصفحة 509 |
|
( ... . البحرين . ... )