عربي
Thursday 10th of October 2024
0
نفر 0

المعصية منه، ولا شكّ أنّ هذا المعنى يساوق العصمة!

المعصية منه، ولا شكّ أنّ هذا المعنى يساوق العصمة!

المعصية منه، ولا شكّ أنّ هذا المعنى يساوق العصمة!

وكذلك يقع الترديد في المراد من الصحابة، هل هم الّذين اتّفقوا على بيعة أبي بكر، وكان هواهم ورأيهم على ذلك ; أم إنّه يشمل من خالف بيعته ولم يبايعه إلى نهاية المطاف؟

فهل دائرة البحث هي في الصحابة والصحبة؟! أم هي في شرعية بيعة السقيفة؟!!

وكذا الترديد في معنى الحجّية لقول الصحابي وفعله، هل هي بمعنى حجّية قوله كراو من الرواة وأخبار الآحاد، وكذا فعله من جهة كونه أحد المتشرّعة، الكاشف فعله عن الحكم المتلقّى من الشارع، فلا موضوعية لقوله وفعله في نفسه؟..

أم إنّ حجّية قوله وفعله من باب حجّية اجتهاده، ورأيه كمجتهد قد يصيب وقد يخطئ؟!

وإنّه هل يحدّد اجتهاده بموازين الاجتهاد، أم لا ينضبط رأيه بقيود الأدلّة والموازين؟!

أم إنّ حجّية قوله وفعله ـ ولو لبعض الصحابة ـ هي من باب التفويض له في حقّ التشريع، وإنّه مشرّع يخصّص إطلاق وعموم الكتاب والسُـنّة، وقد ينسخ السُـنّة ويحكم بكون ما يراه من حكم يؤخذ به بمنزلة السُـنّة النبويّة في ما لم يأت به الكتاب والسُـنّة، وعلى ذلك فلا تصدق على مخالفته ومباينته للكتاب والسُـنّة أنّها مخالفة، وأنّها ردّ لهما، بل هي نسخ أو تقييد وتخصيص لهما؟!

والمتصفّح لكلمات القوم يلوح له تراوحها بين هذه الاحتمالات،


 

الصفحة 3


 

وتقلّبها بين هذه الوجوه، وإليك بعض الكلمات المتعلّقة بالبحث:

قال الشريف المرتضى في كتابه الذريعة إلى أُصول الشريعة عند ردّه للتصويب، وتخطئة الصحابة بعضهم لبعض، قال: " واعلم أنّنا أسقطنا بهذا الكلام الذي بيّـنّاه إلزام المخالفين لنا في خطأ الصحابة أن يكون موجباً للبراءة بذِكر الكبير والصغير الذي هو مذهبهم دون مذهبنا فكأنّنا قلنا لهم: ما ألزمتمونا إيّاه لا يلزمنا على مذاهبكم في أنّ الصغائر تقع محبطة من غير أن يستحقّ بها الذمّ وقطع الولاية، وإذا أردنا أن نجيب بما يستمرّ على أُصولنا ومذاهبنا، فلا يجوز أن نستعير ما ليس هو من أُصولنا.

والجواب الصحيح عن هذه المسألة أنّ الحقّ في واحد من هذه المسائل المذكورة، ومن كان عليه ومهتدياً إليه من جملة الصحابة كانوا أقلّ عدداً وأضعف قوّة وبطشاً ممّن كان على خلافه ممّا هو خطأ، وإنّما لم يُظهِر النكير عليهم والبراءة منهم تقية وخوفاً ونكولا وضعفاً.

فأمّا تعلّقهم بولاية بعضهم بعضاً مع المخالفة في المذهب، وأنّ ذلك يدلّ على التصويب، فليس على ما ظنّوه، وذلك أنّه لم يولّ أحد منهم والياً لا شـريحاً ولا زيـداً ولا غـيرهمـا إلاّ على أن يحكمـوا بكـتاب الله وسُـنّة نبـيّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وما أجمع عليه المسلمون، ولا يتجاوز الحقّ في الحوادث ولا يتعدّاه "(1).

قال ابـن السـبكي في جـمع الجـوامع: " الصحابي من اجتمع مؤمناً بمحمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم) وإن لم يرو ولم يُطِل، بخلاف التابعي مع الصحابي، وقيل: يُشترطان، وقيل: أحدهما، وقيل: الغزو أو سنة.... والأكثر على عدالة

____________

1- الذريعة إلى أُصول الشريعة 2 / 767 ـ 769.


 

الصفحة 4


 

الصحابة، وقيل: كغيرهم، وقيل: إلى قتل عثمان، وقيل: إلاّ من قاتل عليّـاً "(1).

وشرح ابن المحلّى ـ المتن ـ القول الثاني: " فيبحث عن العدالة فيهم، في الرواية والشهادة، إلاّ مَن يكون ظاهر العدالة أو مقطوعها، كالشيخين ".

وشرح القول الثالث: " يبحث عن عدالتهم من حين قتله لوقوع الفتن بينهم من حينئذ وفيهم الممسك عن خوضها ".

وشرح القول الرابع: " فهم فسّاق ; لخروجهم على الإمام الحقّ، وردّ بأنّهم مجتهدون في قتالهم له فلا يأثمون وإن أخطأوا، بل يؤجرون كما سيأتي في العقائد ".

وقال ابن السبكي: " قول الصحابي على صحابي غير حجّة وفاقاً، وكذا على غيره، قال الشيخ الإمام: إلاّ في الحكم التعبّدي، وفي تقليده قولان لارتفاع الثقة بمذهبه إذ لم يدوّن، وقيل: حجّة في القياس، فإن اختلف صحابيّان فكدليلين، وقيل: دونه، وفي تخصيصه العموم قولان، وقيل: إن انتشر، وقيل: إن خالف القياس، وقيل: إن انضمّ إليه قياس تقريب، وقيل: قول الشيخين فقط، وقيل: الخلفاء الأربعة، وعن الشافعي إلاّ عليّـاً "(2).

وقال في مسألة الاجتهاد في عصر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): " والأصحّ أنّ الاجتهاد جائز في عصره... وثالثها: بإذنه صريحاً، قيل: أو غير صريح، ورابعها:

____________

1- حاشية العلاّمة البناني على شرح ابن المحلّى على متن جمع الجوامع 2 / 167.

2- حاشية العلاّمة البناني على شرح ابن المحلّى على متن جمع الجوامع 2 / 354.


 

الصفحة 5


 

للبعيد، وخامسها: للولاة، وأنّه وقع... وثالثها(1): لم يقع للحاضر، ورابعها: الوقف "(2).

وشرح ابن المحلّى ذلك: " وقيل: لا للقدرة على اليقين في الحكم بتلقّيه منه، واعترض بأنّه لو كان عنده وحي في ذلك لبلّغه للناس، وقد بنى ابن السبكي وغيره من علماء العامّة على جواز الاجتهاد في عصره (صلى الله عليه وآله وسلم)بمعنى إبداء الرأي وإن لم يرد نصّ من الكتاب والسُـنّة في القول المزبور على معتقدهم في النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) والنبوّة، فقد قدم ابن السبكي وغيره على ذلك بقوله: والصحيح جواز تجزّؤ الاجتهاد، وجواز الاجتهاد للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)ووقوعه، وثالثها في الآراء والحروب فقط، والصواب أنّ اجتهاده (صلى الله عليه وآله وسلم)لا يخطئ ".

وشرح ابن المحلّى ذلك: " لقوله تعالى: ( ما كان لنبيّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض )(3) ( عفا الله عنك لِمَ أذنت لهم )(4).. عوتب على استبقاء أسرى بدر بالفداء، وعلى الإذن لمن ظهر نفاقه في التخلّف عن غزوة تبوك، ولا يكون العتاب في ما صدر عن وحي، فيكون عن اجتهاد.

وقيل: يمتنع له، لقدرته على اليقين بالتلقّي من الوحي بأن ينتظره، والقادر على اليقين في الحكم لا يجوز له الاجتهاد جزماً.

____________

1- هذا التعداد بلحاظ وقوع الاجتهاد، والتعداد السابق بلحاظ حكم الاجتهاد.

2- حاشية العلاّمة البناني على شرح ابن المحلّى على متن جمع الجوامع 2 / 387.

3- سورة الأنفال 8: 67.

4- سورة التوبة 9: 43.


 

الصفحة 6


 

وردّ بأنّ إنزال الوحي ليس في قدرته ".

وشرح أنّ اجتهاده (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يخطئ " تنزيهاً لمنصب النبوّة عن الخطأ في الاجتهاد.

وقيل: قد يخطئ ولكن ينبّه عليه سريعاً ; لِما تقدّم في الآيتين ; ولبشاعة هذا القول عبّر المصنّف بالصواب ".

والمعروف لدى مفسّري العامّة ومحدّثيهم أنّ الوحي نزل في موارد بتخطئة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وتصويب رأي عمر ـ والعياذ بالله تعالى! ـ منها ما جرى في أسرى بدر ـ.

وقد رووا في أحاديثهم أنّه قال (صلى الله عليه وآله وسلم): لو كان من بعدي نبيٌّ لكان عمر.

ومرادهم من اجتهاده (صلى الله عليه وآله وسلم) اعتماده على الظنّ والرأي ـ والعياذ بالله ـ.

وقال ابن السبكي: " ونعتقد أنّ خير الأُمّة بعد نبيّها محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم): أبو بكر خليفته، فعمر، فعثمان، فعليّ، أُمراء المؤمنين... ونمسك عمّا جرى بين الصحابة، ونرى الكلّ مأجورين "(1).

وشرحه ابن المحلّى: " ونمسك عمّا جرى بين الصحابة من المنازعات والمحاربات، التي قُتل بسببها كثير منهم، فتلك دماء طهّر الله منها أيدينا فلا نلوّث بها ألسـنتنا، ونرى الكلّ مأجورين في ذلك ; لأنّه مبنيّ على الاجتهاد في مسألة ظنّية، فيها أجران على اجتهاده وإصابته، وللمخطئ أجر على اجتهاده ".

____________

1- حاشية العلاّمة البناني على شرح ابن المحلّى على متن جمع الجوامع 2 / 422.


 

الصفحة 7


 

وقال التفتازاني(1): " يجب تعظيم الصحابة والكفّ عن مطاعنهم، وحمل ما يوجب بظاهره الطعن فيهم على محامل وتأويلات، سيّما للمهاجرين والأنصار وأهل بيعة الرضوان، ومن شهد بدراً وأُحداً والحديبية، فقال: انعقد على علوّ شأنهم الإجماع، وشهد بذلك الآيات الصراح، والأخبار الصحاح، وتفاصيلها في كتب الحديث والسير والمناقب، ولقد أمر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بتعظيمهم وكفّ اللسان عن الطعن فيهم، حيث قال: أكرموا أصحابي فإنّهم خياركم...

وتوقّفُ عليّ (رضي الله عنه) في بيعة أبي بكر كان للحزن والكآبة، وعدم الفراغ للنظر والاجتهاد ; وعن نصرة عثمان بعدم رضاه، لا برضاه، ولهذا قال: والله ما قتلت عثمان، ولا مالأت عليه ; وتوقّف في قبول البيعة إعظاماً للحادثة، وإنكاراً، وعن قصاص القتلة لشوكتهم، أو لأنّهم عنده بغاة، والباغي لا يؤاخذ بما أتلف من الدم والمال عند البعض.

قد استقرّت آراء المحقّقين من علماء الدين على أنّ البحث عن أحوال الصحابة وما جرى بينهم من الموافقة والمخالفة ليس من العقائد الدينية، والقواعد الكلامية، وليس له نفع في الدين، بل ربّما يضرّ باليقين، إلاّ أنّهم ذكروا نبذاً من ذلك لأمرين:

أحدهما: صون الأذهان السليمة عن التدنّس بالعقائد الرديّة التي توقعها حكايات بعض الروافض ورواياتهم.

ثانيها: ابتناء بعض الأحكام الفقهية في باب البغاة عليها، إذ ليس في ذلك نصوص يرجع إليها ".

____________

1- شرح المقاصد ـ للتفتازاني ـ 5 / 303.


 

الصفحة 8


 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السؤال : هل عصمة النبيّ والأئمّة (عليهم السلام) ...
موضع الخضوع فی العبادة
السؤال : هل يدخلون الجنّة أهل السنّة ?
السؤال : لماذا كنّي الإمام علي (عليه السلام) بـ " ...
السؤال: ما الفرق بين الإمامية والإسماعيلية ؟ وهل ...
سؤال عن من الذي أجهز على الامام الحسين عليه ...
السؤال : تستدلّون على التوسّل بالنبيّ والأئمّة ...
السؤال: ولكن هناك من يقول : إنّ قوله تعالى : { ...
في أي مسجد نزلت آية تغيير القبلة على الرسول ...
السؤال : هل يجوز البكاء على الميّت القريب جدّاً ، ...

 
user comment