س 19 : كيف تجمعون بين وصفكم الإمام بالخوف ، وبين المعلوم ضرورة من وجوب اشتراط الشجاعة فيه ؟ أم أنّكم تجوّزون الجبن في حقّه ؟!
ج 19 : من المواصفات الثابتة للإمام (عليه السلام) الشجاعة ، وإذا ورد أنّ الإمام يخاف ، فهو لا يخاف على نفسه حتّى يثبت له الجبن ، بل أنّه يخاف على الدين من الضياع والاندراس والاضمحلال ، وبهذا الخوف لا تنتفي الشجاعة عن الإمام ، بل الإمام في قمّة شجاعته ، لكن الموقف يحتمّ عليه عدم إعمال شجاعته ذلك أن تقول أنّه خائف على نفسه التي بذهابها يذهب الدين ، وإلاّ فما تفسير خوف موسى (عليه السلام) بنصّ القرآن ؟!
س 20 : إذا كان الأئمّة يعلمون الغيب ، فلماذا خرج الإمام الحسين (عليه السلام) إذا كان يعلم عدم الجدوى ؟ بينما لم يخرج باقي الأئمّة ، خاصّة بعد وجود الناصر لبعضهم ، كزين العابدين (عليه السلام) عندما عرضت عليه البيعة والإمامة فرفض ، وقبلها ابن عمّه الحسن بن الإمام الحسن ، مع أنّ وجود الناصر يقيم الحجّة ، حتّى ولو كان الناصر غير صادق في بيعته ، كما قال الإمام علي (عليه السلام) : ( والله لولا حضور الحاضر ، وقيام الحجّة بوجود الناصر ... ، لألقيت حبلها على غاربها ، ولسقيت آخرها بكأس أوّلها ) (1) ؟!
ج 20 : الإمام الحسين (عليه السلام) لم يخرج من أجل الانتصار العسكريّ السريع ، بل كان يعلم بمقتله ومقتل أصحابه ، لكن هذا العمل ـ وهو الشهادة في سبيل الله ـ هو الانتصار الحقيقيّ الذي كان ينظر إليه الإمام ، بأنّه هو الذي يعيد
____________
1- شرح نهج البلاغة 1 / 202 .
|
|
|
الإسلام إلى المسار الصحيح ، بعد أن أراد بنو أُمية إعادة الأمر جاهلية .
ثمّ إنّه لابدّ من أجل قيام الإمام زين العابدين (عليه السلام) من وجود العدد الكافي لذلك ، وتشخيص الإمام زين العابدين (عليه السلام) ـ وهو المعصوم ـ أنّ أنصاره من القلّة بحيث لا يستطيع القيام بهم ، وهذا يختلف تمام الاختلاف مع الإمام علي (عليه السلام) ، الذي كانت مقاليد السلطة بيديه ، عندما حارب حروبه الثلاثة ، ولذلك فالإمام علي (عليه السلام) لم يقم قبل خلافته ، وكان يعتذر أيضاً بقلّة الناصر .
ثمّ أنّ معنى حضور الحاضر ، من حضر لبيعته ، ولزوم البيعة لذمّة الإمام بحضوره ، والإمام بعبارته لم يعلّق الأمر على قيام الحجّة بوجود الناصر فقط ، بل أضاف ذلك إلى حضور الحاضر ، وهذا هو الفرق بين الإمامين (عليهما السلام) .
س 21 : لماذا تناول السمّ من مات من الأئمّة مسموماً ؟ وهو يعلم أنّه مسموم ، كالإمام الحسن ، وعلي بن موسى الرضا ، ألا يكون ذلك قتلاً للنفس ؟!
ج 21 : إنّ الله تعالى قدّر عليهم ذلك ، وقضاه وأمضاه وحتمه على سبيل الاختيار ، فإن اختاروا ذلك كتبت لهم تلك المنازل ، وأعطيت لهم تلك الكرامات ، التي لا ينالها إلاّ من قتل في سبيله ، وهذا ليس مختصّاً بمن شرب السمّ ، بل حتّى من قتل بالسيف ، كالإمام علي (عليه السلام) ، فقد كان يعلم قاتله ، والليلة التي يقتل فيها ، والموضع الذي يقتل فيه .
يعلّل إمامنا الرضا (عليه السلام) عن ذلك بقوله : ( ذلك كان ، ولكنّه خير في تلك الليلة ، لتمضي مقادير الله عزّ وجلّ ) (1) ، وهكذا كان الجواب منهم (عليهم السلام) عن شأن حادثة الحسين (عليه السلام) .
س 22 : ما معنى وصف أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) للأئمّة بالقيام في قوله : ( وإنّما الأئمّة قوام الله على خلقه ) (2) ، وقوله : ( اللهم بلى ، لا
____________
1- الكافي 1 / 259 .
2- شرح نهج البلاغة 9 / 152 .
|
ا |
|
تخلو الأرض من قائم لله بحجّة ) (1) ؟!
ج 22 : أنت بذكرك لقول الإمام علي (عليه السلام) أمّا أن تعترف به وتقرّ بصحّته أو لا ؟ فإذا أقرّيت بصحّته ، فكيف تفسّر الفترات الزمنية التي لم يوجد فيها إمام يحمل تلك الصفات ؟ وأمّا أنّك لا تعترف بصحّة قول الإمام علي (عليه السلام) فلا داعي للنقاش فيه .
والذي نقوله نحن : أنّ الخبر صحيح ، وأنّ المراد بهم الأئمّة الاثنا عشر ، الذين لا تخلو الأرض منهم ، وأن لم يقوموا بالسيف ، بدليل آخر الخبر الذي بترته ولم تذكره ، وهو قوله (عليه السلام) : ( لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة ، إمّا ظاهراً مشهوراً ، وإمّا خائفاً مغموراً ) .
س 23 : ورد عن الإمام علي (عليه السلام) عدّة روايات تذكر صفات الأئمّة ، كقوله : ( وقد علمتم أنّه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء ... البخيل ) (2) ، وكقوله : ( إنّ أحقّ الناس بهذا الأمر أقواهم عليه ) (3) ، لماذا يذكر الأئمّة بالصفات مع علمه بالأسماء ، فيقول : إنّ أحقّ الناس بالإمامة هم المنصوص عليهم ، وهم فلان وفلان ؟!
ج 23 : الإمام علي (عليه السلام) ليس بصدد الإجابة عن سؤال : من هم الأئمّة ؟ أو إيضاح ذلك ، حتّى يبيّن لهم أسماء الأئمّة واحداً واحداً ، بل هو بصدد إيضاح مسؤوليته هو كإمام ، ومسؤولية الأئمّة من بعده ، وذكره للصفات لا ينفي وجود نصوص تعيّن فيها أسماء الأئمّة واحداً واحداً ، وهي كثيرة فراجع .
س 24 : تجوّزون إمامة الأطفال ، تبريراً لإمامة الجواد والهادي حال طفوليتهما ، اذكروا لنا الدليل القطعي على جواز الإمامة في الأطفال ؟!
ويستدلّ بعضكم على جواز الإمامة في الأطفال ، بقوله تعالى : { وَآتَيْنَاهُ
____________
1- المصدر السابق 18 / 347 .
2- المصدر السابق 8 / 263 .
3- المصدر السابق 9 / 328 .
|
|
|
الْحُكْمَ صَبِيًّا } (1) .
فكيف تقيسون أئمّتكم على هذه الآية ، مع أنّكم تحرّمون القياس ؟! وهل معنى قياسكم على هذه الآية أنّ كلّ ما ورد في الأنبياء من الخصوصيّات فهو في الأئمّة ، كتكليم الله لموسى (عليه السلام) ، وكجواز تعدّد الزوجات في حقّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) لأكثر من أربع ؟! إن قلتم : نعم ، فبيّنوا وقوع ذلك للأئمّة بالدليل القطعي .
ج 24 : للإجابة على هذا السؤال نذكر النقاط الآتية :
1ـ لا يحتاج لإثبات إمامة الجواد (عليه السلام) لأكثر من النصوص الواردة باسمه من قبل الإمام الرضا (عليه السلام) ، ومن قبل بقية المعصومين (عليهم السلام) ، وكذلك الحال بالنسبة للإمام الهادي (عليه السلام) .
2ـ هناك فرق بين القياس الباطل الذي لا نقول به ، والقياس الذي يصحّ الاستدلال به ، لأنّ المناط في القضيتين واحد ، فجواز تبليغ الأحكام وهداية الخلق ، مثل ما جاز في النبوّة من قبل من هو صغير السنّ ، كذلك يجوز أيضاً في الإمامة .
3ـ نحن لا نقول : بأنّ الإمام كان يمتلك عقول الأطفال ، حتّى يرد علينا ما يرد ، ولكن نقول : أنّ الإمام كان أعلم أهل زمانه ، والمناظرات التي أجراها مع علماء عصره ـ وهو صغير السنّ ـ تثبت ذلك .