السؤال: قرأت في كتاب " دفاع عن السنّة " حديثاً مطوّلاً عن عمر بن الخطّاب ، في وصف علاقته بأبي بكر وأبي موسى الأشعري ، والمغيرة بن شعبة ، ونظراً لما يحمله هذا الخبر من الكلام الجديد على القارئ ، والذي يفضي إلى نتائج خطيرة ، والخبر جاء نقلاً عن " شرح نهج البلاغة " لابن أبي الحديد .
فسؤالي إذا سمحتم : هل المرجع المذكور معتمد لدى علماء أهل السنّة ؟
الجواب : نود إعلامك أوّلاً : إنّ أهل السنّة قد اتبعوا منهجاً عامّاً في تعديل الرجال وتجريحها ، وكان أهمّ أساس اعتمدوه في التجريح والتعديل ، هو رواية الراوي فضائل علي (عليه السلام) ومناقبه ، وجعلوا أساس ضعف الراوي وكذبه وتخليطه هو رواياته فضائل علي (عليه السلام) ، ولك أن تتابع مثلاً كتابي " الموضوعات " لابن الجوزي ، وكتاب " اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة " ، بل كتابي " تهذيب التهذيب " لابن حجر ، وكتاب " ميزان الاعتدال " للذهبي ، وأمثالها كثير ، تجد أنّ عمدة تضعيف الراوي ، هو روايته لفضائل علي (عليه السلام) ، ولعلّك إذا استقصيت كتب الجرح والتعديل لأخذك العجب في بنائهم التوثيقي ، وفي تجريحهم للشخص .
فمثلاً أحمد بن الأزهر النيسابوري ، بعد أن مدحه ابن حجر في " تهذيب التهذيب " ، ونقل توثيق المحدّثين له قال : " لما حدّث أبو الأزهر بحديث
|
الصفحة 304 |
|
عبد الرازق في الفضائل ، يعني عن معمّر عن الزهري ، عن عبيد الله بن عباس ، قال : نظر النبيّ (صلى الله عليه وآله) إلى علي (رضي الله عنه) فقال : " أنت سيّد في الدنيا سيّد في الآخرة " الحديث ، أخبر بذلك يحيى بن معين ، فبينما هو عنده في جماعة من أهل الحديث إذ قال يحيى : من هذا الكذّاب النيسابوري الذي يحدّث عن عبد الرازق بهذا الحديث ؟
فقام أبو الأزهر فقال : هو ذا أنا ، فتبسّم يحيى فقال : إمّا إنّك لست بكذّاب ، وتعجّب من سلامته وقال : الذنب لغيرك في هذا الحديث " (1) ، على أنّ هذا الراوي من أهل السنّة ، فاتهموه بالكذب لروايته الحديث ، ومثله عبد الرازق بن همام الحافظ الصنعاني ، صاحب " المصنّف " المعروف ، وهو من كبار أهل السنّة ، فإذا ذكروه قالوا : كان يتشيّع ، وقال أبو داود : وكان عبد الرازق يعرّض بمعاوية ، وقال العجلي : ثقة يتشيّع (2) .
وهكذا هو ديدنهم في من يروي فضائل علي (عليه السلام) ، ولعلّ اختلافهم في تشيّع الحاكم النيسابوري ، وإصرار بعضهم على كونه شيعيّاً ، ليس بشيء إلاّ لروايته فضائل علي (عليه السلام) ، وقد أغفلها الشيخان في صحيحيهما ، فمتى تجد من يذكر فضائل علي ومناقبه ، ويطعن على مخالفيه ، ويذكر معائبهم يوثّق ويأخذ بقوله ؟!
هذا هو حال ابن أبي الحديد المعتزلي ، فهم لا يعتبرونه لهذه العلّة التي عمّموها على كلّ من روى فضائل علي (عليه السلام) ، لذا قال الشعبي : ماذا لقينا من علي ؟ إن أحببناه ذهبت دنيانا ، وإن بغضناه ذهب ديننا .
فلا عليك أيّها الأخ بعد ذلك في اعتبار وعدم اعتبار الراوي ، أو الكتاب عند أهل السنّة ، بعد أن عرفت معيار جرحهم وتعديلهم .
____________
1- تهذيب التهذيب 11 / 10 .
2- المصدر السابق 6 / 280 .
|
الصفحة 305 |
|
( إبراهيم عبد الله. البحرين ... )
الاحتجاج بما ينقله ابن أبي الحديد والمسعودي :
السؤال: هل يصحّ الاحتجاج على أهل السنّة ، بما أورده ابن أبي الحديد في شرحه للنهج ، وما أورده المسعودي في " مروج الذهب " ؟
حيث إنّ هذا الشيء قد حصل فعلاً في بعض المؤلّفات الكلامية والعقائدية ... وعلى الطرف الآخر هل يصحّ الاحتجاج على الإمامية بهذين الكتابين ؟
حيث أكثر البعض مثل : إحسان الهي ظهير مع تدليسه بعض الحقائق من الاحتجاج على الإمامية بهما ... .
ما هو مبدأ الاحتجاج على أهل السنّة بهما ، وعلى أيّ أساس احتجّ به ظهير ؟ ولكم جزيل الشكر .
الجواب : الثابت أنّ ابن أبي الحديد معتزلي المذهب في الأُصول ، وحنفي المذهب بالفروع ، ولذا يصحّ للإمامي أن يحتجّ بما يذكره في " شرح نهج البلاغة " على الطرف الآخر ، وأيضاً المسعودي صاحب " مروج الذهب " ، بالإضافة إلى ثناء القوم عليه ، ذكره السبكي في طبقاته (1) ، وعليه يصحّ للإمامية أن يحتجّوا بما يذكره على الطرف الآخر .
ولما ذكرناه حول الرجلين لا يكون ما يذكرانه حجّة للقوم على الشيعة الإمامية ، وإن كانا يعدّان من علماء التاريخ والأدب المعتدلين غير المتعصّبين فيما ينقلانه ويحكمان به .
( يحيى العسقلاني . السعودية )
السؤال: لقد سمعت حديثاً ، وقرأت في شبكات الوهّابية ، حول كتاب " كسر الصنم " لأبي الفضل البرقعي ، فمن هو هذا الرجل الذي نسبه القوم للتشيّع ؟ وهل تعرفونه ، وما هي منزلته العلمية ؟ أفيدونا جعلني الله فداكم .
____________
1- طبقات الشافعية الكبرى 2 / 323 .
|
الصفحة 306 |
|
الجواب : كان أبو الفضل البرقعي من أسرة عريقةٍ من أهالي قم ، وكان من جملة المحصّلين في الحوزة العلمية ، إلاّ أنّه كان منذ شبابه خفيف العقل ، منحرف الفكر ، فترك الدراسة ، وذهب إلى طهران بدعوةٍ من بعض السفارات الأجنبية، بواسطة بعض عملائها ، فجعلوا يروّجون له ، ويمدّونه بالأموال ، ويطبعون مقالاته ، حتّى أفتى كبار المراجع بضلالته ، وأوعزوا إلى الجهات الحكومية بإلقاء القبض عليه وتأديبه ، فانكشف حاله ، وافتضح أمره ، ومَقتَه الناس وطردوه ، فمات على تلك الحال ، وخسر الدنيا والآخرة ، وذلك هو الخسران المبين .
وإنّ حال البرقعي وأمثاله عند الشيعة الإمامية ، يشبه تماماً حال ابن تيمية وأتباعه عند أهل السنّة ، فقد وصف علماء السنّة ابن تيمية بخفّة العقل ، وكذلك وصفوا أتباعه بأنّهم خفاف العقول .
فقد خاطب الحافظ الذهبي ابن تيمية في رسالةٍ له إليه مذكورة في المصادر السنّية بقوله : " يا خيبة من اتبعك ، فانّه معرّض للزندقة والانحلال ... ، فهل معظم أتباعك إلاّ مقيّد مربوط ، خفيف العقل ، أو عامّي كذّاب ، بليد الذهن ... " (1) .
وقال عنه الحافظ ابن حجر الهيثمي في " الفتاوى الحديثية " : " عبد خذله الله وأخزاه ، وأصمّه ، وأعماه " (2) .
فحال البرقعي حال ابن تيمية ، والأخبار عن ضلاله ، وسوء حاله في الآخرة ليس إخباراً عن غيب ، بل هو على ضوء الموازين الشرعية ، وترك الجواب عمّا كتبه كالسكوت عن أباطيل ابن تيمية .
ولا يخفى أنّ الطعن الصادر من العلماء في ابن تيمية ليس طعناً في عموم
____________
1- السيف الصقيل : 218 .
2- المصدر السابق : 165 .
|
الصفحة 307 |
|
أهل السنّة ، أو كلّ علماء الشام ، فكيف يقال بأنّ الطعن في البرقعي طعن في علماء قم ؟ فإنّ هذا الكلام لا يصدر من عاقل فاهم !
ونحن نسأل الله تعالى أن يوفّقنا لمعرفة الحقّ واتّباعه أينما كان .
( علي العلي . الكويت ... )
الكتب الأربعة في نظر الأُصوليين والإخباريين :
السؤال: ما مدى صحّة ما في الكتب الأربعة ؟
الجواب : تعتقد الشيعة أنّ الكتب الأربعة أوثق كتب الحديث ، وأمّا وجوب العمل بما فيها من الأخبار ، أو بكلّ ما رواه إمامي ، ودوّنه أصحاب الأخبار منهم ، فلم يقل به أحد من المحققّين ، ويشهد لذلك تنويعهم الأخبار على أقسام أربعة : الصحيح ، الحسن ، الموثّق ، الضعيف .
وهذا هو رأي الأُصوليين من علماء الشيعة ، بينما يرى الإخباريون من علماء الشيعة صحّة كلّ ما موجود في الكتب الأربعة ، بمعنى أنّ روايات الكتب الأربعة قطعية الصدور ، وهذا القول باطل من أصله ، إذ كيف يمكن دعوى القطع بصدور رواية رواها واحد عن واحد ؟ ولاسيّما أنّ في رواة الكتب الأربعة من هو معروف بالكذب والوضع .
( ... ... ... )
الكتب الفكرية والفكر الإسلامي :
السؤال: ماذا تعني الكتب الفكرية ؟ وما المراد من الفكر ، والفكر الإسلامي بالذات ؟
الجواب : إنّ المراد من الفكر في مورد السؤال المواضيع التي تعتمد أساساً على الاستدلالات العقلية في قبال العلوم النقلية التي تتركّز في البحث عن النصوص القرآنية أو الحديثية .
فالفكر الإسلامي يطلق على كافّة الأُسس الثقافية ، والعلوم العقلية التي
|
الصفحة 308 |
|
تستمد جذورها من الكتاب أو السنّة ، مع محورية العقل في طريق الاستنتاج والاستنباط .
وعليه ، فالكتب الفكرية هي الكتب التي تبرز في هذا الاتجاه ، وتكون معظم مباحثها من نوع التعقّل والتعمّق في المواضيع الدينية .
( صادق . السعودية ... )