السؤال: رغم اطلاعي على عشرات بل ربما المئات من مواقع الشيعة المتميّزة ، ولكنّي أجد نفسي مأسوراً لموقعكم ، وكلّ مرّة أدخله أشعر أنّني أدخله للمرّة الأُولى ، ونسأل الله لكم التوفيق في خدمة الإسلام والمسلمين ومذهب الحقّ ، مذهب أهل البيت (عليهم السلام) .
سؤالي : ما هو موقف الشيعة الإمامية من الصحيحين البخاري ومسلم ؟ وكتب الحديث الأُخرى ؟ أرجو التوضيح .
الجواب : إنّ لتقييم صحيحي البخاري ومسلم مجالاً واسعاً ويحتاج إلى بحث طويل ، ولكن نذكر هنا بعض النقاط المسجلّة عليهما ، وتشترك الصحاح الأُخرى معها في بعضها :
1-ضعف بعض رجال الصحيحين ، وأنّهم غير موثقين في علم الرجال .
2-العصبية الشديدة التي تحلّى بها مؤلّفا الكتابين .
3-الفترة الزمنية الطويلة الممتدّة بين زمن صدور الحديث وتاريخ تدوينه ، مع النظر إلى دواعي وأسباب الجعل والوضع .
____________
1- أُسد الغابة 1 / 34 .
|
الصفحة 399 |
|
4-تقطيع بعض الأحاديث عند البخاري تمشياً لذوقه ورأيه .
5-النقل بالمعنى ، كما يلاحظ في صحيح البخاري .
6-تتميم وتكميل صحيح البخاري بوسيلة الآخرين .
7-ملاحظة كثرة الأحاديث المخالفة للأدلّة العقلية والدينية فيهما .
وللإطلاع على تفاصيل هذه النقاط ، راجع كتاب " أضواء على الصحيحين " للشيخ محمّد صادق النجمي .
مع ملاحظة أنّ بعض علماء ومحقّقي أهل السنّة يتّفقون معنا في الرأي ، بل بعضهم طعنوا في شخص البخاري ومسلم ، ولكن أنّى لأصواتهم أن يصل إلى الأسماع تحت هذه الضوضاء المتعمّدة !
ويمكنك مراجعة كتيب : " البخاري وصحيحه " للشيخ حسين غيب غلامي ، الموجود على صفحتنا ، وأيضاً يفيدك الرجوع إلى كتاب " نظرة عابرة إلى الصحاح الستة " لعبد الصمد شاكر .
( أبو ياسين . الكويت . 24 سنة )
موقف الشيعة من عمر بن عبد العزيز :
السؤال: جزاكم الله خير الجزاء على هذا المجهود العظيم ، الذي تبذلونه في سبيل إعلاء كلمة الحقّ ، والدفاع عن مذهبنا الطاهر بموالاة الرسول وآل بيته (عليهم السلام) .
إخواني لي سؤال عن هذه الفقرة التالية :
جاء في كتاب " الخرائج والجرائح " ، قال أبو بصير : ( كنت مع الباقر (عليه السلام) في المسجد ، إذ دخل عليه عمر بن عبد العزيز ، عليه ثوبان ممصران ، متكئاً على مولى له ، فقال (عليه السلام) : " ليلين هذا الغلام ، فيظهر العدل ، ويعيش أربع سنين ثمّ يموت ، فيبكي عليه أهل الأرض ، ويلعنه أهل السماء " فقلنا : يا ابن رسول الله ، أليس ذكرت عدله وإنصافه ؟ قال : " يجلس في
|
الصفحة 400 |
|
مجلسنا ، ولا حقّ له فيه ، ثمّ ملك وأظهر العدل جهده " ) (1) .
السؤال هو : ما هو موقفنا نحن الشيعة من الخليفة عمر بن عبد العزيز ؟ وهل هذا الحديث المنقول عن الباقر (عليه السلام) صحيح أم لا ؟ وإذا كان صحيحاً هل معناه أن لا نترّحم على هذا الخليفة ؟ وما سبب رأي الإمام (عليه السلام) به أي بالخليفة هذا ولكم جزيل الشكر .
الجواب : إنّ موقف الشيعة من جميع الخلفاء واحد ، فكلّهم يشتركون في اغتصابهم للخلافة ، التي هي حقّ من حقوق الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) ، ولا يختلف في ذلك سواء اظهروا العدل ، أو اظهروا الجور ، فكلّهم يستحقّون العذاب الأليم يوم القيامة ، ومن قضى بين المسلمين بحقّ ، وهو ليس أهلاً للقضاء والحكم بين المسلمين فهو في النار ، كما ورد في معنى بعض الروايات .
ولا يخفى عليك أنّ اللعن ورد على آل مروان كما في زيارة عاشوراء ، وعن الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث طويل ، يصف بها النار ومن يدخلها ، فيقول (عليه السلام) : " وهذا الباب الآخر يدخل منه بنو أُمية لأنّه هو لأبي سفيان ومعاوية وآل مروان خاصّة ، يدخلون من ذلك الباب فتحطّمهم النار حطماً ، لا تسمع لهم فيها واعية ، ولا يحيون فيها ولا يموتون " (2) ، وقد ورد أنّ الشجرة الملعونة في القرآن هي بنو أُمية وآل مروان .
والإمام ذكر في نهاية الحديث المعني ما يوضّح سبب قوله ذلك ، وهو جلوس عمر في مجلسهم الذي خصّهم الله به ، ولكن ذكر حقيقة عمر بن عبد العزيز على لسان الأئمّة (عليهم السلام) لا يختصّ بهذه الرواية ، فغيرها كثير ، فأنظر مثلاً " دلائل الإمامة " للطبري الشيعي ، و " الصراط المستقيم " ، و " بصائر الدرجات " ، و " الثاقب في المناقب " ، و " الخرائج والجرائح " ، وغيرها من المصادر .
____________
1- الخرائج والجرائح 1 / 276 .
2- الخصال : 361 .
|
الصفحة 401 |
|
( ... ... ... )
مصادر كشف عمرو بن العاص لعورته :
السؤال: أقوم بمناظرة مع أحد الطلبة السنّة ، وقد ذكرت له حادثة مبارزة الإمام علي (عليه السلام) مع عمرو بن العاص ، وأنّ الأخير كشف عن عورته للفرار ، فلم يصدّق ، وطلب منّي الدليل من كتب التاريخ السنّية ، فأرجو إعطائي المصادر ، ورقم الصفحات إن أمكن .
الجواب : قال البيهقي : " دخل عمرو بن العاص على معاوية وعنده ناس ، فلمّا رآه مقبلاً استضحك ، فقال يا أمير المؤمنين : اضحكَ الله سنك وأدامَ سرورك ، وأقرَّ عينك ، ما كلّ ما أرى يوجب الضحك ؟ فقال معاوية : خطر ببالي يوم صفّين ، يوم بارزتَ أهلَ العراق ، فحَمَل عليك علي بن أبي طالب ، فلمّا غشيكَ طرحتَ نفسكَ عن دابتك ، وأبديتَ عورتكَ ، كيف حضرك ذهنك في تلك الحال ؟ أما والله لقد واقفت هاشمياً منافياً ، ولو شاء أن يقتلك لقتلك ... " (1) .
وذكرت هذا المعنى عدّة مصادر سنّية معتبرة أُخرى (2) .
( أبو علي . أمريكا . 21 سنة . طالب جامعة )
السؤال: لديّ سؤال ، وأتمنّى منكم الإجابة ، أفادكم الله .
ما هو رأي مدرسة آل البيت (عليهم السلام) في الزبير ابن عمّة الرسول (صلى الله عليه وآله) ؟ وهل توقّف عن مقاتلة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في واقعة الجمل ؟ جزاكم الله عنّا وعنكم خير الجزاء ، نسألكم الدعاء .
____________
1- الغدير 2 / 163 عن المحاسن والمساوئ 1 / 38 .
2- أُنظر : عيون الأخبار 1 / 262 ، شرح نهج البلاغة 6 / 107 و 317 ، أنساب الأشراف : 305 ، جواهر المطالب 2 / 38 .
|
الصفحة 402 |
|
الجواب : قبل وقوع معركة الجمل خرج الإمام علي (عليه السلام) لطلب الزبير ، وحدّثه عن خروجه ، وما هو عذره أمام الله في ذلك الخروج ، وذكّره بحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه يقاتل علياً فرجع الزبير ، وقيل : أنّه رجع نادماً على فعلته ، ورجع أمير المؤمنين (عليه السلام) مسروراً ، وقيل : أنّ سبب ندم الزبير وعودته عن القتال هو معرفته أنّ عمّار بن ياسر مع علي (عليه السلام) ، وهو يعلم أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : " يا عمّار تقتلك الفئة الباغية " (1) .
ولكن هذا الندم وخروجه عن المعركة قد لا يكفي في نجاة الزبير من الحساب الشديد ، ويؤيّد ذلك ما ورد : " إنّ الزبير وقاتله في النار " (2) .
أمّا ما ورد من الأحاديث التي تبشّر قاتل الزبير بالنار فقط ، دون الإشارة إلى مصير الزبير ، فذلك لأنّ قاتله كان مستحقّاً للنار من عدّة جهات ، بالإضافة إلى إعطائه الأمان للزبير وغدره به ، وقتله في أثناء الصلاة كما قيل ، وكان خروج قاتل الزبير على أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم النهروان كاشفاً عن عدم إيمانه وتصديقه بأحقّية أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وما كان قتله للزبير إلاّ بدوافع شخصية .
والمحصّل من كلّ هذا : إنّ قاتل الزبير وإن كان مستحقّاً للنار ، لكن الزبير يبقى أيضاً محاسباً عن أفعاله ، وبالخصوص خروجه على أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وكان عليه لتحقيق التوبة إرجاع الجيش عن محاربة أمير المؤمنين (عليه السلام) ، أو المحاولة على الأقلّ ، بل يجب عليه المقاتلة مع أمير المؤمنين (عليه السلام) ، كما فعل الحرّ بن يزيد الرياحيّ مع الإمام الحسين (عليه السلام) .
____________
1- مسند أحمد 2 / 161 ، صحيح مسلم 8 / 186 ، الجامع الكبير 5 / 333 ، المستدرك على الصحيحين 2 / 148 ، السنن الكبرى للبيهقي 8 / 189 ، مجمع الزوائد 7 / 242 ، فتح الباري 1 / 451 ، مسند أبي داود : 84 ، السنن الكبرى للنسائي 5 / 75 ، المعجم الكبير 1 / 320 ، الطبقات الكبرى 1 / 241 .
2- وقعة الجمل : 137 ، الأنوار العلوية : 215 .
|
الصفحة 403 |
|
( يعقوب الشمّري . اسكتلندا . 18 سنة . طالب )
مذهب اليعقوبي والأصفهاني والمسعودي :
السؤال: هل صحيح أنّ كلّ من الكتب التالية : تاريخ اليعقوبي , مقاتل الطالبيين , تاريخ المسعودي ، تعتبر مصادر شيعية ؟
الجواب : الكتب الثلاثة المذكورة هي كتب تاريخ وسير ومقاتل ، فيرد فيها الغثّ والثمين ، ولابدّ من تمحيصها أو تمحيص الخبر والحديث المنقول قبل الاعتماد عليه والركون إليه .
على أنّ اليعقوبي لم يثبت تشيّعه ، وأبا الفرج الأصفهاني كان زيدي المذهب ومرواني النسب .
وأمّا المسعودي فبما أنّ السبكي ذكره في طبقاته (1) ، فلذا يعدّ من علماء العامّة ؛ ومن جانب آخر بما أنّه صاحب كتاب إثبات الوصية لأمير المؤمنين (عليه السلام)، فيحتمل قويّاً أن يكون من الشيعة .
وبالجملة ، لا يخفى أنّ مبنى الشيعة في العمل بما في الكتب والأخبار والأحاديث هو : البحث السندي أوّلاً ، ثمّ البحث الدلالي ، ولا يشذّ من هذه القاعدة أيّ كتاب وتصنيف إلاّ القرآن الكريم .
( كرّار أحمد المصطفى . الكويت . 19 سنة . طالب جامعة ومبلّغ دين )
السؤال: هل كان حجر بن عدي هو صاحب مقولة : السلام عليك يا مذلّ المؤمنين للإمام الحسن (عليه السلام) ؟ وعلى اعتبار صحّة هذا الكلام ألا يكون ذلك من أخطائه الفادحة التي تخرجه من ملّة الشيعة ؟ حيث من أهمّ شروط الانتساب للتشيّع الاعتقاد بأنّ الحسن المجتبى (عليه السلام) إمام مفترض الطاعة ، خصوصاً وأنّنا نعتبر هذا الصحابي من خلّص أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) .
ودمتم موفّقين لخدمة محمّد وآل محمّد (عليهم السلام) .
____________
1- طبقات الشافعية الكبرى 2 / 323 .
|
الصفحة 404 |
|
الجواب : ورد في بعض الكتب غير المعتبرة هذا القول منسوباً إلى حجر بن عدي بسند مرسل وضعيف ، لوجود ثقيف البكّاء المجهول ، أو غير الموثّق فيه .
ومضافاً إلى عدم حجّية النسبة المذكورة لوهن سندها من جهتين نجد عامّة المصادر من الفريقين تصرّح بأنّ القائل لهذه المقولة هو شخص آخر ، وفي أكثرها أنّه سفيان بن أبي ليلى (1) .
على أنّ العبارة المذكورة لا تليق أن تنسب إلى أيّ شخص من شيعة الإمام (عليه السلام)، فكيف يعقل أن تصدر ممن ثبت أنّه من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ، والإمام الحسن (عليه السلام) ، وهو الذي قتل صبراً لولائه ؟!
والنتيجة : إنّ النسبة المذكورة مفتعلة قطعاً ، وضعها بعض الأُمويين للنيل من كرامة هذا الصحابي الجليل المتفاني في الولاية .
( كرّار أحمد المصطفى . الكويت . 19 سنة . طالب جامعة ومبلّغ دين )