عربي
Tuesday 23rd of July 2024
0
نفر 0

السؤال: المرجو من سماحتكم تفسير ما يلي : هل عبارة " بلا كيف " في صفات الله تعطي تفسيراً ؟

عبارة بلا كيف لغز وإبهام :

السؤال: المرجو من سماحتكم تفسير ما يلي : هل عبارة " بلا كيف " في صفات الله تعطي تفسيراً ؟

وما معنى المشيئتين في قوله تعالى : { لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } (1) .

الجواب : إنّ ما جاء به الأشاعرة في هذه النظرية ، وقولهم : بأنَّ لله يداً حقيقة بلا كيف ، لا يرجع إلى معنى صحيح مفهوم ، وذلك أنّ العقيدة الإسلامية تتّسم بالدقّة والحصانة ، وفي نفس الوقت بالسلامة من التعقيد والإبهام ، وتبدو جلية مطابقة للفطرة والعقل السليم ، فإبرازها بصورة الإبهام والألغاز كما في هذه النظرية لا يجتمع مع موقف الإسلام والقرآن في عرض العقائد على المجتمع الإسلامي .

فالقول بأنّ له يداً لا كأيدينا ، أو وجهاً لا كوجوهنا ، وهكذا سائر الصفات الخبرية أشبه بالألغاز ، إذ لو كان امرارها على الله تعالى بنفس معانيها الحقيقية ، لوجب أن تكون الكيفية محفوظة حتّى يكون الاستعمال حقيقيّاً ، لأنّ الواضع إنّما وضع هذه الألفاظ على تلك المعاني التي قوامها بنفس كيفيّتها ، فاستعمالها في المعاني الحقيقية وإثبات معانيها على الله سبحانه بلا كيفية ، أشبه بكون حيوان أسداً حقيقة ، ولكن بلا ذنب ولا مخلب ولا ناب ولا ... .

وباختصار : قولهم : إنّ لله يداً حقيقة لكن لا كالأيدي ، كلام يناقض ذيله صدره ، فاليد الحقيقية عبارة عن العضو الذي له تلك الكيفية المعلومة ، وحذف الكيفية حذف لحقيقتها ولا يجتمعان .

أضف إلى ذلك أنّه ليس في النصوص من الكتاب والسنّة من هذه البلكفة أي بلا كيف عين ولا أثر ، وإنّما هو شيء اخترعته الأفكار للتذرّع به في

____________

1- التكوير : 28 ــ 29 .


الصفحة 562


مقام ردّ الخصوم على تهجّمهم عليهم بتهمة التجسيم ، ولذلك يقول العلاّمة الزمخشري :

 

قـد شـبّـهـوهُ بخـلـقـهِ فتـخـوَّ فُـوا

شَنْعَ الورى فتستّروا بالبلكفة (1)

 

وأمّا معنى الآية : إن مشيئة العبد تتفرّع على مشيئة الله تعالى ، وإعمال سلطنته ، والاستثناء من النفي يفيد أنّ مشيئة العبد متوقّفة في وجودها على مشيته تعالى ، ومشيته تعالى لم تتعلّق بأفعال العباد ، وإنّما تتعلّق بمبادئها ، كالحياة والقدرة وما شاكلهما .

وبطبيعة الحال أنّ المشيئة للعبد إنّما تتصوّر في فرض وجود تلك المبادئ بمشيئة الله سبحانه ، وأمّا في فرض عدمها بعدم مشيئة الباري فلا تتصوّر ، لأنّها لا يمكن أن توجد من دون وجود ما تتفرّع عليه ، والآية الكريمة إنّما تشير إلى هذا المعنى .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السؤال : ما رواه زيد النرسيّ في كتابه عن عبد الله ...
أمّا سعد بن أبي وقّاص ـ أحد العشرة المبشّرة ـ ...
المقصود من بعض كلمات الامام السجاد(ع) - خطبته مع ...
السؤال : ما هو المقصود بالتشيّع ؟ ومن هم الشيعة ؟
السؤال: من المعلوم أنّ الشيخ الكليني مؤلّف ...
ما حکم من طلّقها زوجها طلاقاً رجعیّاً و لزمت عدّة ...
السؤال : هل صحيح أنّ سيف ذو الفقار للإمام علي ...
من هو شيخ الأنبياء ومن هو سيد البطحاء وشيخ ...
السؤال : لماذا الشيعة لا يصلّون صلاة التراويح ؟ ...
السؤال : ما هي فلسفة الحجاب ؟ ولماذا هو واجب في ...

 
user comment