صك البراءة بيده من مصادر سنّية :
السؤال : هل هذه الرواية موجودة في كتب أهل السنّة ؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " إذا جمع الله الأوّلين والآخرين يوم القيامة ، ونصب الصراط على جسر جهنّم ما جازها أحد حتّى كانت معه براءة بولاية علي بن أبي طالب " .
أُريد ذكر تمام المصادر ، أو أكثرها ، وشكراً .
الجواب : قد ذكرت هذه الرواية في عدّة مصادر لأهل السنّة ، وبألفاظ مختلفة ، منها مثلاً : الرياض النضرة للطبريّ (6) ، الصواعق المحرقة لابن حجر (7) ، وغيرهما من المصادر (8) .
هذا ، وقد روى هذا الحديث كلاً من الإمام علي (عليه السلام) ، وأنس ، وأبي بكر ، وأبي سعيد الخدريّ ، وابن عباس ، وعبد الله بن مسعود .
____________
1- شرح نهج البلاغة 9 / 171 .
2- الرياض النضرة 3 / 103 .
3- ينابيع المودّة 1 / 47 و 2 / 307 .
4- تاريخ مدينة دمشق 42 / 67 .
5- جواهر المطالب 1 / 61 .
6- الرياض النضرة 3 / 118 .
7- الصواعق المحرقة 2 / 369 .
8- أُنظر : ينابيع المودّة 1 / 335 ، مناقب الإمام علي : 140 و 147 و 218 ، تاريخ بغداد 3 / 380 و 10 / 355 ، تاريخ مدينة دمشق 44 / 254 .
|
الصفحة 77 |
|
( أحمد جعفر . البحرين . 19 سنة . طالب جامعة )
معنى قوله : أنا الأوّل وأنا الآخر :
السؤال : أيّها الأساتذة الكرام ، عندي تساؤل عن قول الإمام علي (عليه السلام) : " وأنا الأوّل وأنا الآخر ، وأنا الظاهر وأنا الباطن ، وأنا وارث الأرض " (1) .
الجواب : الوراثة على قسمين : وراثة ملكية ، كأن يورث الأب ولده قطعة من الأرض ، أو أي شيء آخر يتملّكه الإنسان ، ووراثة ملكوتية معنوية ، كوراثة الإمام المعصوم للأرض ، فإنّ زمام أُمورها في الواقع والباطن ، وفي ملكوتها وحكومتها إنّما هي بيد الإمام المعصوم (عليه السلام) ـ أعم من النبيّ أو الوصيّ (عليهما السلام) ـ وأمير المؤمنين علي (عليه السلام) هو سيّد الأوصياء ، فهو وارث الأرض ، والحاكم عليها في ملكوتها بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وكذلك الأئمّة من بعده يرثون الأرض ، كلّ هذا بإذن الله ، فإنّ الله جعل لهم الأرض ، وأورثهم مقاليدها ، وحكومة ملكوتها وباطنها .
وأمّا قوله (عليه السلام) : " أنا الأوّل أنا الآخر " ، فله معان كما يذكرها علماء الحديث ، منها : أنّه أوّل من آمن برسول الله في عالم الأنوار والأرواح والذرّ ، وكذلك في الدنيا فهو أوّل من اسلم به ، كما هو الآخر لرسول الله ، فإنّه آخر من كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقد فاضت روحه الشريفة في حجر أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فهو الأوّل وهو الآخر مع النبيّ الأعظم محمّد (صلى الله عليه وآله) .
وأمّا قوله (عليه السلام) : " وأنا الظاهر وأنا الباطن " ، فكذلك يحمل معاني دقيقة ، لا يلقّاها إلاّ ذو حظّ عظيم ، إلاّ أنّه من المعاني المألوفة كما ورد في الروايات عنه (عليه السلام) : أنّه الظاهر مع النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله) في نصرته وتأييده ، والباطن مع الأنبياء من آدم إلى الخاتم في نصرتهم بولايته العظمى التي أعطاها الله سبحانه إيّاه ، فهو مع الأنبياء في الباطن فهو الباطن ، ومع النبيّ في الظاهر
____________
1- اختيار معرفة الرجال 2 / 471 .
|
الصفحة 78 |
|
فهو الظاهر .
وإذا أردت بعض المعاني الأُخرى فراجع كتاب " الأسرار العلوية " للشيخ محمّد فاضل المسعوديّ ، وغيره .
( أحمد . فرنسا ـ ... )
السؤال : ما هي دابة الأرض المذكورة في علامات الساعة ؟
الجواب : إنّ دابة الأرض هي : الإمام علي (عليه السلام) ، كما ورد ذلك في رواياتنا :
فعن أبي بصير عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : " انتهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو نائم في المسجد ، قد جمع رملاً ، ووضع رأسه عليه ، فحرّكه برجله ، ثمّ قال : قم يا دابة الأرض .
فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله أيسمّى بعضنا بعضاً بهذا الاسم ؟
فقال : لا والله ، ما هو إلاّ له خاصّة ، وهو الدابة الذي ذكره الله في كتابه ، فقال عزّ وجلّ : { وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ } (1) .
ثمّ قال (صلى الله عليه وآله) : إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ، ومعك ميسم تسم به أعدائك " (2) .
وفي رواية أُخرى عن الإمام الصادق (عليه السلام) أيضاً : " قال رجل لعمّار بن ياسر : يا أبا اليقضان ، إنّ آية في كتاب الله أفسدت قلبي وشكّكتني ؟
قال : وأية آية هي ؟
قال : قول الله : { وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الأَرْضِ
____________
1- النمل : 82 .
2- تفسير القمّيّ 2 / 130 .
|
الصفحة 79 |
|
تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ } فأية دابّة هي ؟
قال عمّار : والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتّى أُريكها ، فجاء عمّار مع الرجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وهو يأكل تمراً وزبداً ، فقال له : يا أبا اليقضان : هلم ، فجلس عمّار ، وأقبل يأكل معه ، فتعجّب الرجل منه ، فلمّا قام عمّار ، قال له الرجل : سبحان الله يا أبا اليقضان ، حلفت أنّك لا تأكل ، ولا تشرب ، ولا تجلس ، حتّى ترينيها ، قال عمّار : قد أريتكها إن كنت تعقل " (1) .
( معاذ . الأردن . سنّي . 33 سنة . طالب جامعة )
مصادر سبّه من قبل الأمويّيّن :
السؤال : إنّ بعض الناس هنا تنكر أنّ الأمويّين كانوا يشتمون علياً على المنابر ؟ فهل ورد هذا الأمر في كتب أهل السنّة ؟
حسب معلوماتي أنّي قرأت شيئاً من هذا القبيل ، بل حتّى أنّهم كانوا يشتمونه في دعاء القنوت ، فما مدى صحّة ذلك ؟ وهل كان الشتم منتشراً ، أم أنّه حدث في حالات معيّنة ومحدودة ؟
الجواب : إنّ التاريخ يشهد بأنّ الأمويّين ـ وابتداءً من معاوية ـ قد روّجوا هذه البدعة المحرّمة ، وعلى سبيل المثال ، نذكر بعض النماذج :
1ـ لعن علي بن أبي طالب (عليه السلام) على منابر الشرق والغرب ، ولم يلعن على منبرها ـ أي سجستان ـ إلاّ مرّة ، وامتنعوا على بني أُمية ... وهو يلعن على منابر الحرمين مكّة والمدينة (2) .
2ـ وكتبت أُمّ سلمة زوج النبيّ (صلى الله عليه وآله) إلى معاوية : " إنّكم تلعنون الله ورسوله على منابركم ، وذلك أنّكم تلعنون علي بن أبي طالب ومن أحبّه ، وأنا أشهد أنّ
____________
1- المصدر السابق 2 / 131 .
2- معجم البلدان 3 / 191 .
|
الصفحة 80 |
|
رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحبّه ، والله أحبّه ، فلم يلتفت معاوية إلى كلامها " (1) .
3ـ إنّ معاوية كان يقول في آخر خطبته : اللهم إنّ أبا تراب ألحد في دينك ، وصدّ عن سبيلك ، فالعنه لعناً وبيلاً ، وعذّبه عذاباً أليماً .
وكتب بذلك إلى الآفاق ، فكانت هذه الكلمات يشار بها على المنابر إلى أيّام عمر بن عبد العزيز ... .
وروى أبو عثمان أيضاً : إنّ قوماً من بني أُمية قالوا لمعاوية : يا أمير المؤمنين ، إنّك قد بلغت ما أملت ، فلو كففت عن هذا الرجل ! فقال : لا والله ، حتّى يربو عليه الصغير ، ويهرم عليه الكبير ، ولا يذكر له ذاكر فضلاً (2) .
4ـ إنّ بني أُمية لعنوا علياً على منابرهم سبعين سنة ، بما سنّه لهم معاوية من ذلك (3) .
5 ـ إنّ معاوية بن أبي سفيان لمّا ولّى المغيرة بن شعبة الكوفة في سنة 41 هـ دعاه ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال له : ... ولست تاركاً إيصاءك بخصلة : لا تتحم عن شتم علي وذمّه ... والعيب على أصحاب علي والإقصاء لهم ، وترك الاستماع منهم ، ... وأقام المغيرة على الكوفة عاملاً لمعاوية ، سبع سنين وأشهراً ، وهو من أحسن شيء سيرة ، وأشدّه حبّاً للعافية ، غير أنّه لا يدع ذمّ علي والوقوع فيه (4) .
6ـ روى أهل السيرة : أنّ الوليد بن عبد الملك في خلافته ، ذكر علياً (عليه السلام) لعنه الله ـ بالجر ـ كان لصّ ابن لصّ (5) .
7ـ وذكر المبرّد في الكامل : " إنّ خالد بن عبد الله القسريّ لمّا كان أمير
____________
1- جواهر المطالب 2 / 228 .
2- شرح نهج البلاغة 4 / 57 .
3- ربيع الأبرار 2 / 186 .
4- تاريخ الأُمم والملوك 4 / 188.
5- شرح نهج البلاغة 4 / 58 .
|
الصفحة 81 |
|
العراق في خلافة هشام ، كان يلعن علياً (عليه السلام) على المنبر ، فيقول : اللهم اللعن علي بن أبي طالب ... " (1) .
8ـ ودخل عليه ـ أي على خالد القسريّ ـ فراس بن جعدة بن هبيرة ، وبين يديه نبق ، فقال له : العن علي بن أبي طالب ، ولك بكل نبقة ديناراً ... (2) .
9ـ فرأى ـ أي خالد القسري ـ يوماً عكرمة ، مولى ابن عباس ، وعلى رأسه عمامة سوداء ، فقال : إنّه بلغني أنّ هذا العبد يشبه علي بن أبي طالب ، وأنّي لأرجو أن يسوّد الله وجهه ، كما سوّد وجه ذاك (3) .
10ـ وأخبرني ابن شهاب بن عبد الله قال : قال لي خالد القسريّ : ... واكتب لي السيرة . فقلت له : فإنّه يمر بي الشيء من سير علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأذكره ، فقال : لا ، إلاّ أن تراه في قعر الجحيم (4) .
وأخيراً : فهذا غيض من فيض ، ولعلّ المتتبع للتاريخ والسير يعثر على زلاّت الأمويّين في هذا المجال ، أكثر ممّا ذكرناه .
( أحمد جعفر . البحرين . 19 سنة . طالب جامعة )