الطاقة الوجودية لأهل البيت^
يقول الإمام أمير المؤمنين علي× يصف طاقة الملائكة الوجودية:
>الثابتة في الأرضين السفلى أقدامهم والمارقة من السماء العليا أعناقهم<([33]).
الملائكة حقائق مجردة ولهذا فهي تحيط بنظام الوجود وتغطي العالم، وهي ذاتها الحقيقة المجردة التي تجلت في أعماق وباطن النبي الأكرم’ وأهل بيته.
وبما أن القرآن الكريم إنما ظهر من أفق قلب النبي’ فلا شيء ينشأ عنه وعن أهل بيته المعصومين إلا الحق، ذلك أن الإنسان لا ينطوي على قلبين في جوفه قلب يكون محلاً للحق تعالى وآخر للباطل، كما أن الباطل ليس أمراً وجودياً ليكون إلى جانب الحق.
وإذن فأن أهل البيت^ ليسوا سوى الحق ولا يقولون إلا الحق ولا يقومون إلا بالحق ولا يفعلون إلا الحق.
وهم^ رحمة للعالمين وأن كل الناس إنما ينهلون من رحمتهم شاءوا أم أبوا علموا أم جهلوا.
إنّ الإنسان الكامل قد بلغ أم الكتاب، وأم الكتاب محسوس بالنسبة إليه، وأهل البيت قد بلغوا هذه المرحلة:
{فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ}([34]).
فهم^ فوق نشأة الطبيعة و الزمان فهم على حافة الماضي وهم أيضاً على حافة المستقبل، يعني أنهم بلغوا درجة أصبحوا فيها أعلى من الزمان وفوقه وخارجه. ولهذا السبب فهم لديهم أخبار الماضي وما سيحصل في المستقبل لأن المستقبل حاضر لديهم.
ومن خاصّية الذي يعلو فوق الزمن ويقف خارج حركة الزمن أن يشهد الماضي والمستقبل.
إنهم ينظرون إلى الماضي وحوادثه كما وقعت، وكما حصلت وينظرون إلى المستقبل فيرون الحوادث كيف ستجري وكيف ستقع. ونحن نقرأ في القرآن المجيد قصة الإسراء والمعراج، وكيف حصل المعراج إلى المستقبل وكيف نظر النبي الأكرم’ إلى مشاهد يوم القيامة:
{ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى أَ فَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى}([35]).
ما حصل في المعراج أن الله سبحانه أعد لرسوله خلاصة القيامة في صورة الجنة والجحيم، فلم يكن النبي ليعي ويدرك ويفهم الماضي والمستقبل، بل رآهما وهذه الرؤية التي تجلت للنبي’ انتقلت إلى أهل بيته المعصومين فهم كالنبي’ يعلمون، ويرون الماضي والمستقبل.
وهكذا أشخاص هم من حيث الطاقة الوجودية تكون عبادتهم على مستوى بحيث لا يقارن بهم أحد ولا يقاس بهم احد، حتى أن لحظة من عبادتهم تعدل عبادة الثقلين ـ الإنس والجن أجمعين ـ .
قال النبي الأكرم محمد’:
>لضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين<([36]).
([9]) الكافي: 1/194، باب أن الأئمة نور الله، حديث 1، تفسير القمي: 2/371، بحار الأنوار: 23/308، باب 18، حديث 5.
([12]) وتجد من قبيل هذه الرواية في وسائل الشيعة: 2/212 باب 16، كراهة دخول الجنب بيوت النبي والأئمة، حديث 1952 إلى 1956.
([28]) نهج البلاغة: 516 خطبة 234، فضل الوحي؛ عوالي اللالي: 4/122، حديث 204؛ بحار الأنوار: 60/264، باب3، حديث 147.