السؤال :
لماذا البكاء على السيد الشهداء
الجواب :
بسمه سبحانه
الحزن على المصيبة ، والفرح على قضية ما يستقي كل منهما القوة والإندفاع والإستمرارية من مصدرهما ، ويستمد كل منهما القوة بما يتعلق به وينشأ منه ، فهناك أحداث ربما تحدث وتنتهي وينتهي الحزن أو الفرح بانتهاء الحدث وانتهاء تبعاته ، وهناك أحداث تأخذ مجالاً أوسع لأهميتها ، ألا ترى الأعياد الوطنية لكل الدول في العالم والإهتمام بمواليد أو وفيات قادتها ؟ بل يتخذ أسامي بعض القادة رمزاً وطنياً واسماً للعاصمة ، وصورته نبراساً ومثالاُ على النقد الرائج ، وكل ذلك مشهور وملموس في العالم ، وكذلك في الديانات السماوية كلها ، فهناك عيد الغفران لدى اليهود ، وهناك ميلاد المسيح لدى المسيحيين ، وهناك الأعياد الإسلامية ، وهناك واجبات ضمن الحج والعمرة تتضمن تذكير بعض الأحداث المهمة كالسعي بين الصفا والمروة ، والهدي في منى ، كل ذلك بأمر من الله ولأجل ربط النفوس به سبحانه ، والتشجيع عليه من خلال تلك الذكريات ، وهذا أمر واضح جلي لا يفتقر إلى البرهان .
وليس في التاريخ الإسلامي حادث مؤلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كحادثة استشهاد سيد الشهداء سلام الله عليه ، وهذه الحادثة جلبت بكاء النبي قبل وقوعها ، ودعى الأئمة سلام الله عليهم المسلمين إلى إحياء هذه الذكرى وعدم تناسيها ، ونقلوا عن جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله عظيم الأجر والثواب المترتب على إحياء هذه الذكرى ، ومن ناحية أخرى ، فإن الإيمان ينبع عن مدى العلاقة بين العبد وبين الله ، وكذلك عن عمق العلاقة بين الأمة وبين الرسول صلى الله عليه وآله ، حتى يكون النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، والآيات صريحة في أنه يجب أن يكون الله ورسوله أحب إلى الإنسان من كل ما في الدنيا ، وهذه العلاقة وتلك المحبة تقتضي أن يكون المؤمن كذلك مع الأئمة ، وهذا الحب بين المؤمن وبين الإمام الحسين عليه السلام يدعو إلى الارتباط العاطفي والتعلق الروحي وهو يؤدي إلى أكثر مما نشاهده من الحزن والأسى على فاجعة الطف بين المؤمنين .
وأيضاً أنه كما قلنا في الكلمة الموجزة التي بثت من خلال الموقع (يا حسين) أن نهضة الحسين سلام الله عليه ، والتضحيات الجسام التي قدمها على مذبح الحق كانت لأجل إحياء الإسلام ، لأنه هو الطريق الوحيد لإصلاح المجتمع ودرء الفساد ، وكان يزيد وقبله أبوه معاوية ومن تبعهما سعوا في محو الإسلام وسحقه وإعادة الناس إلى الجاهلية الأولى ، وخلق النظام الطبقي المبني على الظلم والطغيان ، ففي نهضة الحسين عليه السلام استمرار لتلك الثورة في وجه كل طاغٍ وردعٌ لكل ظالم وتعديل لكل اعوجاج ، فبقاء هذه الثورة متقدمة في القلوب يحمل في طياته الضمان للخلق الحسن وحب العدل ورفض الظلم والابتعاد عن كل ما هو باطل .
وأيضاً مما ينبغي أن نتأمل ملياً في أن الشيعي إنما يبكي بعينيه ويضرب صدره أسفاً وأسىً وحزناً على ما جرى على ذرية الرسول صلى الله عليه وآله ، ومن يعادي الشيعة ينبغي بمقتضى الطبع البشري أن يفرح بذلك ويترك الشيعي في حزنه وبكائه مغموراً في الأسى ومظاهر المصيبة (كما هو مقتطى الطبع البشري أن يفرح بحزن العدو وبكائه ويحزن بفرحه وسروره) ولكن الذي نرى في قضية الحسين عكس ذلك ، فإن الذي يعادي الشيعي يتأذى بحزن الشيعي على الحسين ، ويكاد يهلك أسىً حين ما يرى شيعياً يبكي على إمامه سيد الشهداء ، فإنها معادلة نادرة لا تفسير لها إلا أن استمرار جذوة ثورة الحسين متقدة يكشف عن وجه بني أمية عموماً ويزيد ومن سوّلأ له ما فعل ومكّنه من رقاب المسلمين بالخصوص ، فتتبين فضائح أعداء أهل البيت ، فعليه يجب أن تبقى هذه الذاكرة باقية مدى الدخول ، وتستمر شعلة ثورته وأشعة نهضته ممتدة لتغمر العالم ، تستصحب معها مبادئ الإسلام الأساسية حتى يتحقق الوعد الإلهي ليظهر دينه على الدين كله ، فسلام الله عليك يا أبا عبد الله ، وعلى الأرواح التي حلت بفنائك ، عليكم مني سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار ، السلام على الحسين ، وعلى علي ابن الحسين , وعلى أولاد الحسين ، وعلى أصحاب الحسين .
من اجابات المرجع الديني الشيخ بشير النجفي
source : اهل بیت