عربي
Sunday 24th of November 2024
0
نفر 0

الفرق بينه وبين النسخ :

الفرق بينه وبين النسخ :

الفرق بينه وبين النسخ :

السؤال : ما هو البداء ؟ وما الفرق بينه وبين النسخ ؟

الجواب : إنّ البداء في اللغة هو الظهور بعد الخفاء ، والمقصود منه عند الشيعة : ما يظهر للناس متأخّراً عمّا كانوا يرونه ، أو يتصوّرونه سابقاً .

وهذا المعنى لا إشكال فيه من جهة الإمكان والوقوع ، إذ لا يوجد في الالتزام به أيّ محذور عقلي ، مضافاً إلى وقوعه في موارد متّفق عليها ، مثل رفع العذاب عن قوم يونس بعدما أُخبروا بنزوله ، أو تبديل ذبح إبراهيم لابنه إسماعيل (عليهما السلام) بفداء بعدما تحقّق عنده ذبحه أوّلاً ، وغيرها .

هذا ، وقد نصّ القرآن الكريم بجواز هذا المعنى ووقوعه : { يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } (1) .

وعلى هذا لا مجال لما ينسبونه إلى الشيعة من الاعتقاد بوقوع الجهل في علم الله تعالى ـ تعالى الله عمّا يصفون ـ فإنّ الشيعة براء ممّا يتفوّهون به ، بل الأمر كما ذكرنا ليس فيه أيّ إيهام أو إبهام ، وهو واضح كلّ الوضوح لمن له أدنى تأمّل في المسألة .

ثمّ إنّ الفرق بين البداء والنسخ هو في متعلّقهما ـ بعد الاشتراك في أصل الفكرة ـ وتوضيحه : أنّ البداء يقع في التكوينيّات ، أي في الحوادث والوقائع

____________

1- الرعد : 39 .


الصفحة 8


الملموسة، والخارجية التي وقعت أو سوف تقع ، ولا دخل له بالجانب التشريعيّ ، أي لا يرتبط بوظائف المكلّفين ؛ في حين أنّ النسخ هو الحكم الإلهيّ التشريعيّ بحذف وظيفة عملية ، أو تبديلها بوظيفة أُخرى لمصلحة يراها الباري عزّ وجلّ ، ولا صلة له بالحوادث والوقائع ، بل يرتبط بتحديد وظائف العباد من حيث العمل والتكليف .

( علي . الكويت . ... )

حصوله في الإمامين العسكريّ والكاظم :

السؤال : هناك روايات تنصّ على أسماء الأئمّة جميعهم ، فهل هذه الروايات تتعارض مع مسألة البداء التي حصلت للإمام الحسن العسكريّ حين قال له الإمام الهادي(عليه السلام) : ( يا بني أحدث لله شكراً ، فقد أحدث الله فيك أمراً ) (1)، حيث لو كان أسماء الأئمّة معروفة فما هو موقع البداء بتعين الإمام العسكريّ (عليه السلام) إماماً ، مع شهرة القول بإمامة محمّد ابن الإمام الهادي (عليه السلام) .

ولكم جزيل الشكر .

الجواب : نشير إلى عدّة نقاط لها صلة بالموضوع ، قد ترفع الإبهام عن المسألة :

1ـ إنّ البداء بأيّ تفسير مقبول يجب أن لا يعارض العلم الأزليّ لله تعالى ، وهذا شيء لا مناص منه ، ومتّفق عليه .

2ـ معنى البداء ـ على التحقيق ـ هو إظهار شيءٍ في عالم التكوين من جانب الله عزّ وجلّ ، كان مكتوماً على الناس ، فهم كانوا لا يرونه أو يرون خلافه، فبإظهاره تعالى يظهر عندهم ، ففي الواقع البداء هو إظهار من قبل الله ـ على لسان المعصومين (عليهم السلام) ـ وظهور عند الناس ، فله وجهان باعتبارين ،

____________

1- كشف الغمّة 3 / 201 .


الصفحة 9


ونظرتين مختلفتين فلا تنافي بينهما .

3ـ إنّ النصوص الواردة في أسماء الأئمّة المعصومين الاثني عشر (عليهم السلام) هي بحدّ الاستفاضة أو التواتر ، وكلّها متّفقة في العدد والأسامي ، وعليه فكلّ ما يُوهم خلاف ذلك ، إمّا مردود سنداً ، وإمّا ممنوع ومخدوش من باب الدلالة .

4ـ إنّ الرواية التي تتحدّث عن طروّ البداء في شأن الإمام العسكريّ (عليه السلام) ـ مع غضّ النظر عن البحث السندي فيها ـ ليس فيها ما ينافي القواعد التي ذكرناها ، بل فيها تلويح بأنّ الناس كانوا يرون الإمامة بعد الإمام الهادي (عليه السلام) في ابنه الأكبر السيّد محمّد سبع الدجيل ، وثمّ بعد وفاته صرّح الإمام الهادي (عليه السلام) بخطأ ما ذهبوا إليه ، بعد ما تبيّن عندهم أيضاً ذلك .

والذي يدلّ على ما قلنا أنّه لا يوجد أيّ تصريح من الإمام الهادي (عليه السلام) ، أو آبائه بإمامة السيّد محمّد ، حتّى يفرض تبديل كلامهم (عليهم السلام) حينئذٍ ، بل إنّ الشيعة ومن منطلق ارتكازاتهم الموجودة ، كانوا يعتقدون بإمامة الولد الأكبر ، ولكنّ الله تعالى ومن منطلق علمه الأزليّ ، ووجود المصالح الإلهيّة كان لا يرى ذلك ، وفي نفس الوقت المصلحة العليا تقتضي أن لا يصرّح بهذا الموضوع قبل وفاة السيّد محمّد .

ثمّ هذه المصلحة قد تكون هي بيان مقام السيّد محمّد وعظمته عند الشيعة، حتّى يعرفونه بحدّ معرفتهم عن الإمام (عليه السلام) ، أو أنّ المصلحة كانت في إخضاع الشيعة للاختبار الإلهيّ في طاعتها وولائها لله عزّ وجلّ ، والأئمّة المعصومين (عليهم السلام)، أو غير ذلك .

وأخيراً : لابأس أن نشير إلى ورود رواية بنفس المضمون في شأن الإمام الكاظم (عليه السلام) ، لتدلّ على حدوث البداء له بالنسبة إلى أخيه الأكبر إسماعيل .

والبحث في هذه الرواية كسابقتها .

وبالجملة فالاعتقاد والالتزام بالبداء لا يناقض الأُمور الحتمية واليقينية كما ذكرنا .


الصفحة 10


( مفيد أبو جهاد . السعودية . ... )

رأي الشيعة حوله :

السؤال : ما البداء ؟ وما وجهة نظر الشيعة فيه ؟

الجواب : البداء في اللغة : الظهور بعد الخفاء .

والبداء في الاصطلاح : ظهور شيء بعدما كان خافياً على الناس .

والشيعة الإمامية تعتقد بالبداء ، وأنّه من المسلّمات ، وقد حثّت روايات أهل البيت (عليهم السلام) على الاعتقاد به ، وهي روايات كثيرة منها :

1ـ قال الإمام الصادق (عليه السلام) : ( ما عُظّم الله بمثل البداء ) (1) .

2 ـ قال الإمام الصادق (عليه السلام) : ( لو علم الناس ما في البداء من الأجر ، ما فتروا عن الكلام فيه ) (2) .

3 ـ قال الإمام الباقر أو الإمام الصادق (عليهما السلام) : ( ما عبد الله بشيء مثل البداء ) (3) .

هذا إجمالاً ، وأمّا تفصيلاً :

فقد تعرّض المخالفون إلى مسألة البداء من دون مراجعة إلى كتب الشيعة ، فاتهموا الشيعة بأنّهم يقولون بالبداء بمعنى الجهل على الله تعالى ـ والعياذ بالله ـ .

والواقع أنّ منكري البداء اختلقوا من عند أنفسهم للبداء معنى ، وجعلوا يردّدون به على الشيعة ، غافلين عن أنّ أتباع أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) براء من ذلك المعنى ، براءة الذئب من دم يوسف (عليه السلام) .

ولتوضيح الحقيقة نقول : كما قلنا فإنّ معنى البداء في اللغة هو : الظهور

____________

1- الكافي 1 / 146 .

2- المصدر السابق 1 / 148 .

3- المصدر السابق 1 / 146 .


الصفحة 11


بعد الخفاء ، والدليل عليه بعض الآيات المباركة من قبيل :

1 ـ قوله تعالى : { وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا } (1) أي ظهر لهم ما كان خافياً عليهم من سيئات ما كسبوا .

2 ـ قوله تعالى : { ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ } (2) .

وهذا المعنى من البداء يحصل للإنسان فقط ، ولا يحصل في حقّ الله عزّ وجلّ ، لأنّه يلزم الجهل عليه ، وقد اتفقت الشيعة الإمامية على أنّه تعالى لا يجهل شيئاً ، بل هو عالم بالحوادث كلّها ، غابرها وحاضرها ومستقبلها ، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ، فلا يتصوّر فيه الظهور بعد الخفاء ، ولا العلم بعد الجهل ، بل الأشياء دقيقها وجليلها حاضرة لديه .

ويدلّ على ذلك قوله تعالى : { إِنَّ اللهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء } (3) ، وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) : ( كلّ سرّ عندك علانية ، وكلّ غيب عندك شهادة ) (4) ، مضافاً إلى البراهين العقلية المقرّرة في محلّها .

وأمّا البداء في الاصطلاح فيمكن نسبته إلى الله تعالى ، ولا يلزم منه الجهل ، فعندما يقال : بدا لله تعالى بمعنى أظهر ما كان خافياً على الناس لا خافياً عليه ، لأنّ الآيات والأحاديث دلّت على أنّ مصير العباد يتغيّر بحسب أفعالهم وصلاح أعمالهم ، من الصدقة ، والإحسان ، وصلة الأرحام ، وبرّ الوالدين ، والاستغفار والتوبة ، وشكر النعمة ، وأداء حقّها ، إلى غير ذلك من الأُمور التي تغيّر المصير وتبدّل القضاء ، وتفرّج الهموم والغموم ، وتزيد في الأرزاق والأمطار ، والأعمار والآجال ، كما أنّ لمحرّم الأعمال وسيئها تأثيراً

____________

1- الزمر : 48 .

2- يوسف : 35 .

3- آل عمران : 5 .

4- شرح نهج البلاغة 7 / 194 .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السؤال : هل كانت الشيعة في زمن الرسول ؟ وما رأي ...
السؤال : لماذا نرى بالمذهب الشيعي الصلاة على ...
هل منزلة الأئمة الأطهار أرفع منزلة من الأنبياء ...
السؤال : من المؤكّد أنّ العصمة الموعودة من الله ...
الخطبة الشقشقية
لماذا صار يوم عاشوراء اعظم الايام مصيبة
السؤال : هذه شبهة وردت في إحدى مواقع الوهّابية في ...
السؤال : هل توجد رواية في كتب أهل السنّة تبيّن ...
ما هو سرّ الخليقة وفلسفة الحياة؟!
السؤال : قال الإمام علي أمير المؤمنين : " أنا الذي ...

 
user comment