12 ـ عدة الداعي: قال أمير المؤمنين×: >واعلموا عباد الله أنَّ المؤمن لا يصبح ولا يمسي إلاّ ونفسه ظنون عنده، فلا يزال زارياً عليها ومستزيداً لها فكونوا كالسابقين قبلكم، والماضين أمامكم، قوَّضوا من الدُّنيا تقويض الراحل وطووها طيَّ المنازل.
وعن الأصبغ بن نباتة قال: خطب عليٌّ× فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبيَّ فصلّى عليه، ثمَّ قال:
>أما بعد فأنّي أوصيكم بتقوى الله الذي بطاعته ينفع أولياءه، وبمعصيته يضرُّ أعداءه وإنّه ليس لهالك هلك من يعذره في تعمّد ضلالة حسبها هدى، ولا ترك حقّ حسبه ضلالة، وإنّ أحقّ ما يتعاهد الراعي من رعيّته أن يتعاهدهم بالذي لله عليهم في وظائف دينهم.
وإنّما علينا أن نأمركم بما أمركم الله به، وأن ننهاكم عمّا نهاكم الله عنه وأن نقيم أمر الله في قريب الناس وبعيدهم ولا نبالي بمن جاء الحقُّ عليه، وقد علمت أن أقوى ما يتمنّون في دينهم الأمانيّ، ويقولون: نحن نصلّي مع المصلّين ونجاهد مع المجاهدين، ونهجر الهجرة، ونقتل العدوَّ، وكلُّ ذلك يفعله أقوام.
ليس الإيمان بالتحلّي ولا بالتمنّي، الصلاة لها وقت فرضه رسول الله، لا تصلح إلاّ به، فوقت صلاة الفجر حين تزايل المرء ليله، ويحرم على الصائم طعامه وشرابه ووقت صلاة الظهر إذا كان القيظ حين يكون ظلّك مثلك، وإذا كان الشتاء حين تزول الشمس من الفلك، وذلك حين تكون على حاجبك الأيمن مع شروط الله في الركوع والسجود، ووقت العصر والشمس بيضاء نقيّة، قدر ما يسلك الرجل على الجمل الثقيل فرسخين قبل غروبها، ووقت صلاة المغرب إذا غربت الشمس وأفطر الصائم، ووقت صلاة العشاء الأخرى حين غسق الليل وتذهب حمرة الأفق إلى ثلث الليل، فمن نام عند ذلك فلا أنام الله عينه، فهذه مواقيت الصلاة {إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً}([8]).
ويقول الرجل: هاجرت ولم يهاجر، إنّما المهاجرون الذين يهجرون السيّئات ولم يأتوا بها، ويقول الرجل: جاهدت ولم يجاهد، إنّما الجهاد اجتناب المحارم ومجاهدة العدوّ.
ولهذا يحذرون شيعتهم قائلين:
>وإياكم ومعاصي الله أن تركبوها، فإنّه من انتهك معاصي الله فركبها فقد أبلغ في الإساءة إلى نفسه<([9]).
وحتى الشفاعة لها شروطها فهم^ لا يشفعون لمن يعصي الله ولهذا فهم يقولون لشيعتهم:
>واعلموا أنّه ليس يُغني عنكم من الله أحد من خلقه شيئاً، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا من دون ذلك. فمن سرّه أن تنفعه شفاعة الشافعين عند الله فليطلب إلى الله أن يرضى عنه، وأعلموا أن أحداً من خلق الله لم يصب رضى الله إلا بطاعته، وطاعة رسوله وطاعة ولاة أمره من آل محمد صلوات الله عليهم، ومعصيتهم من معصية الله، ولم يُنكر لهم فضلاً عظم أو صغر<([10]).
فمن أراد أن يعرف أهل البيت في وصاياهم وسيرتهم المشرقة فما عليه إلاّ أن يراجع هذه الكتب القيّمة من قبيل: الكافي، الخصال، تحف العقول ، وسائل الشيعة(ج11)، مجموعة وارم، مكارم الأخلاق، روضة الواعظين، بحار الأنوار، المحجة البيضاء، ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، جامع الأخبار، المواعظ العددية وجامع السعادات وغيرها.
([1]) الكافي: 2/74، باب الطاعة والتقوى، حديث 13؛ روضة الواعظين: 2/294؛ مشكاة الأنوار: 59؛ ذكر صفات الشيعة.
([3]) الأمالي، الصدوق: 400، المجلس الثاني والتسعون، حديث 17؛ وسائل الشيعة: 12/193، حديث 16063؛ بحار الأنوار: 68/310، باب 79، حديث 3.
([4]) تحف العقول: 303، مستدرك الوسائل: 12/193، باب 119، حديث 16063؛ بحار الأنوار: 68/310، باب 79، حديث 3.