هذه الجملة تشير إلى الآية (22) من سورة الزمر المباركة:
{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِْسْلامِ فَهوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ. . .}[1].
وكذلك المعنى المأخوذ من الآية {قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي}[2].
و من هذه الآية أيضا{أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}[3].
معنى كلمة (شرح) لغة: الفتح والافساح، وايضاح الشيء بصورة شفافة.
ومعنى كلمة (صدر): مجازاً يعني القلب لأن مكانه في الصدر، لذا فإن (شرح الصدر) تعني فتح الصدر واخراج الهموم والغموم من الإنسان، أو إفساح المزاج والقدرة على التحمّل[4].
يقول الملا عبد الرزاق لاهيجي؛ بالنظر إلى الآية (22) من سورة الزمر:
معنى هذه الجملة هو: و وضع نور معرفته في قلوبهم وعلى إثر هذا النور، انقادوا للإسلام وسلّموا له، وليس هذا التوفيق لقبول الإسلام؛ إلا من اثر ذلك النور الذي قذفه في قلوبهم.
وكذلك تشير إلى الحديث المروي عن رسول الله| الذي يشير إلى هذا، ومضمونه هو:
«متى ما دخل نور الله سبحانه وتعالى إلى قلب المؤمن، فإن قلبه ينشرح من الضيق والظلام، ويتنور ويكبر، ودليل ذلك، انه إفراغ نفسه من منزل الغرور، والرجوع لدار الخلود و الإستعداد ليوم الورود».
وإنما ذكر شرح الصدر بعد طهارة القلب، لإشارته إلى تقديم الطهارة على التزكية، وهذا إن دلّ على شيء، فإنّما يدل على انه ما لم يطهر القلب من ظلمات الذنوب، ويصفو من الشوائب وكدورات الدنيا، لا يستطيع ان يتحلى بجواهر المعرفة. مثلما هو حال الطبيب؛ إذ يعالج مريضه أولاً في التخلص من المواد الفاسدة؛ ثم بعد ذلك يجوّز له الاغذية المناسبة والأشربة النافعة. وكذلك لا يمكن ان للقماش الأبيض أن يكون لامعاً، مالم ننظفه أولاً من الاوساخ.
يقع الصدر أعلى البطن، وهو القفص الصدري الذي يحافظ على القلب والرئتين، والأوعية الدموية والجهاز التنفسي؛ الذي يكون مصنوعاً من العظام والعضلات ومن غشاء مخاطي مطاطي. و هو في حالة انقباض وانبساط، ولأن كل تأثر فكري وروحي، يؤثر على حركة القلب والدورة الدموية؛ وعلى عملية التنفس، لذا تنسب هذه الآثار المعنوية إلى هذه الاجهزة العضوية.
القلب أو الصدر المنشرح، واضح، حزين، مظلم، مريض، منحرف. . .
انقباض القلب أو الصدر، أو بتعبير عامة الناس؛ قلة الصبر واليأس؛ و نقود الصبر نابع من عدم تحقق الأحلام والشهوات؛ واليأس من الوصول إلى المراد ناشئ من التلوّث بالذنوب، وكل هذه الأمور هي بسبب الجهل بحقائق الأمور والحوادث وسنن الحياة؛ والتي لا يمكن معرفة هذه الاشياء إلا عن طريق الوحي والإلهام من الله سبحانه وتعالى؛ فلهذا فإنّ أكثر الناس يلجأ إلى وسائل تخدير الشعور، ليتخلصوا من المصير المبهم والهموم والمشاكل.
و بصورة إجمالية، فإن ضيق الصدر والحزن؛ يكون سبباً في تزلزل الإنسان في اتخاذ قراراته؛ وهو نوع من الانفعال والتأثر النفسي، ومن آثار تجاذب الأفكار المختلفة. وعندما يتخلص الإنسان من التجاذبات المخالفة وتأثيراتها؛ ويتخذ قراراً، بالمضي في مسير واحد؛ عنذ ذلك فإنّه يتحرر من ضيق الانفعال والاضطراب، وينشرح صدره، ويُسهّل أمره.
ربما يكون معنى شرح الصدر في الإسلام والكفر في القرآن بهذا المعنى:
{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِْسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً}[5].
وعلى أية حال؛ فأيّاً ما کان المعنى الحقيقي لشرح الصدر، فإن اثره هو الخروج من حالة الشك والترديد، والتصميم بالعمل وتحمّل الصعاب؛ والاطمئنان النفسي. كما يُفهم من محتوى ومضمون الآيات التي تخصّ النبي موسى(ع) والرسول الأكرم(ص) وممّا وصلنا من سيرة الأنبياء؛ يتضح ان تقدم دعوة الأنبياء(ع) بعد نزول الوحي والقيام بأعباء الرسالة؛ هي حالة شرح الصدر التي كانت تحصل عندما يقومون بتبليغ الرسالة أو المواجهة مع الأعداء و تحدّي الصعاب.[6]
يستغرق ان تصبح مسلماً الف عام، والف عام أخرى لأن تصبح إنساناً.
إذا حرّكت سلسلة العشق، وتدور الخرزة داخل قاعدة الفلك.
فأنت عظيم وذو أصل ونسب، وما الفائدة منها وانت لا تعرف قدرك.
أنت لم تذهب إلى ذلك الوادي الفسيح، عندما تسير فيه فإنك تتيه.
تعال واستمع إل جوهر أصلك في هذا العدم، ولا هم أكبر من الجهل.
مثل عيسى في هذا الدير، وموسى في ذلك الطور، لا يوجد رداء، ناقوس، مزمار، كالرهبان.
ولا تصبح مثل صعوة وتواجه في قعر البئر، فاللعب مع النسر والعنقاء من أعمال سليمان.
إذا الكأس والساقي اتحدا وطلبا منك الشراب، تصبح مثل الخضر تقر سرّ المعاني.
لم يشاهد حقيقة وجهه في المرآة، ولم يعلم أن المعاني الحقيقية فيه.
انظر بتمعن في داخل هذا محيط الظهور، وشاهد المعاني الواضحة في الأصداف.
[1]- الزمر 39: 22.
[2]- طه 20: 25.
[3]- الانشراح 94: 1.
[4]- >تفسير نوين: 230<.
[5]- الأنعام 6: 125.
[6]- «تفسير برتوي از قرآن، جزء سي ام، 151<.