عربي
Monday 20th of May 2024
0
نفر 0

الخوف من عذاب الذنوب أفضل سبب للتوبة

الذنب أمام مولى رؤوف والذي يعفو عن عباده بمجرّد طلب العفو والمغفرة، ويغض الطرف عن عقاب الإنسان.
الخوف من عذاب الذنوب أفضل سبب للتوبة

على الإنسان ان ينتبه في مسألة الذنب والمعصية، عليه أن يعرف اي وجود يعصي، وأي أمر يخالف، وأي مولى يحارب؟

فالذنب والمعصية تكون دائماً في مقابل الله سبحانه وتعالى الذي وهبه الحياة، وأسبغ عليه نعمه المتعددة التي لا تحصى منذ بدأ خلقه. 

الله الذي أنعم على الإنسان بنعمة العافية وحفظه من جميع المكاره والمصائب، تلك التي عجزت عن حلها الوسائل المادية،  فأعانه سبحانه وتعالى عليها. 

الخالق و الربّ يعشق ويحب الإنسان، ومن اجل ان لا يسقط الإنسان في فخ الشيطان، أرسل مائة وأربع وعشرين ألف نبي ورسول، و مائة وأربعة عشركتاباً سماوياً، و نصب اثني عشر إماماً، وكل هؤلاء الحكماء والمصلحين والعارفين ومحبي الخير، الذين جعلهم في خدمة الإنسان. 

المعصية أمام عزيز يريد خير الإنسان فقط، ولا يحبّ الشرّ للإنسان حتى ولو كانت أصغر من الذرة. 

الذنب أمام مولى رؤوف والذي يعفو عن عباده بمجرّد طلب العفو والمغفرة، ويغض الطرف عن عقاب الإنسان. 

الذنب أمام وجود مقدس الذي هو مع الإنسان في كل مكان، حتى أنه أقرب إليه من حبل الوريد. 

علی الانسان أن لا يرتکب الذنب أمام الذي خلق الإنسان، ولا يوجد غيره خالق للإنسان و هو الذي يعينه في المحن والشدائد، ولا يوجد غيره يلبّي ما يريده الإنسان. 

‌يقول الإمام الحسين(ع) في دعاء عرفة:

«يامَنْ قَلَّ لَهُ شُكْرِي فَلَمْ يَحْرِمْنِي وَعَظُمَتْ خَطِيئَتِي فَلَمْ يَفْضَحْنِي وَرَآنِي عَلى المَعاصِي فَلَمْ يَشْهرْنِي يامَنْ حَفِظَنِي فِي صِغَرِي يامَنْ رَزَقَنِي فِي كِبَرِي يامَنْ أَيادِيهِ عِنْدِي لاتُحْصى وَنِعَمُهُ لاتُجازى يامَنْ عارَضَنِي بِالخَيْرِ وَالإحْسانِ وَعارَضْتُهُ بِالاِسائَةِ وَالعِصْيانِ يامَنْ هَدانِي لِلاِيمانِ مِنْ قَبْلِ أَنْ أَعْرِفَ شُكْرَ الاِمْتِنانِ، يامَنْ دَعَوْتُهُ مَرِيضاً فَشَفانِي وَعُرْياناً فَكَسانِي وَجائِعاً فَأَشْبَعَنِي وَعَطْشاناً فَأَرْوانِي وَذَلِيلاً فَأَعَزَّنِي وَجاهِلاً فَعَرَّفَنِي وَوَحِيداً فَكَثَّرَنِي وَغايِباً فَرَدَّنِي وَمُقِلاً فَأَغْنانِي وَمُنْتَصِراً فَنَصَرَنِي وَغَنِيّاً فَلَمْ يَسْلُبْنِي وَأَمْسَكْتُ عَنْ جَمِيعِ ذلِكَ فَابْتَدَأَنِي؛ فَلَكَ الحَمْدُ وَالشُّكْرُ يامَنْ أَقالَ عَثْرَتِي وَنَفَّسَ كُرْبَتِي وَأَجابَ دَعْوَتِي وَسَتَرَ عَوْرَتِي وَغَفَرَ ذُنُوبِي وَبَلَّغَنِي طَلَبِي وَنَصَرَنِي عَلى عَدُوِّي وَإِنْ أَعُدَّ نِعَمَكَ وَمِنَنَكَ وَكَرائِمِ مِنَحِكَ لااُحْصِيها، يامَوْلايَ أَنْتَ الَّذِي مَنَنْتَ أَنْتَ الّذِي أَنْعَمْتَ أَنْتَ الَّذِي أَحْسَنْتَ أَنْتَ الَّذِي أَجْمَلْتَ أَنْتَ الَّذِي أَفْضَلْتَ أَنْتَ الَّذِي أَكْمَلْتَ أَنْتَ الَّذِي رَزَقْتَ أَنْتَ الَّذِي وَفَّقْتَ أَنْتَ الَّذِي أَعْطَيْتَ أَنْتَ الَّذِي أَغْنَيْتَ أَنْتَ الَّذِي أَقْنَيْتَ أَنْتَ الَّذِي آوَيْتَ أَنْتَ الَّذِي كَفَيْتَ أَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَ أَنْتَ الَّذِي عَصَمْتَ أَنْتَ الَّذِي سَتَرْتَ أَنْتَ الَّذِي غَفَرْتَ أَنْتَ الَّذِي أَقَلْتَ أَنْتَ الَّذِي مَكَّنْتَ أَنْتَ الَّذِي أَعْزَزْتَ أَنْتَ الَّذِي أَعَنْتَ أَنْتَ الَّذِي عَضَدْتَ أَنْتَ الَّذِي أَيَّدْتَ أَنْتَ الَّذِي نَصَرْتَ أَنْتَ الَّذِي شَفَيْتَ أَنْتَ الَّذِي عافَيْتَ أَنْتَ الَّذِي أَكْرَمْتَ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ فَلَكَ الحَمْدُ دائِماً وَلَكَ الشُّكْرُ وَاصِباً أَبَداً، ثُمَّ أَنا ياإِلهِي المُعْتَرِفُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْها لِي. أَنا الَّذِي أَسَأْتُ أَنا الَّذِي أَخْطَأْتُ أَنا الَّذِي هَمَمْتُ أَنا الَّذِي جَهِلْتُ أَنا الَّذِي غَفَلْتُ أَنا الَّذِي سَهَوْتُ أَنا الَّذِي أَعْتَمَدْتُ أَنا لَّذِي تَعَمَّدْتُ أَنا الَّذِي وَعَدْتُ أَنا الَّذِي أَخْلَفْتُ أَنا الَّذِي نَكَثْتُ أَنا الَّذِي أَقْرَرْتُ أَنا الِّذِي اعْتَرَفْتُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَعِنْدِي، وَأَبُوُء بِذُنُوبِي فَاغْفِرْها لِي يامَنْ لاتَضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبادِهِ وَهُوَ الغَنِيُّ عَنْ طاعَتِهِمْ وَالمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ صالِحا مِنْهُمْ بِمَعُونَتِهِ وَرَحْمَتِهِ. 

فَلَكَ الحَمْدُ إِلهِي وَسَيِّدِي أَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُكَ وَنَهَيْتَنِي فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ فَأَصْبَحْتُ لا ذا بَرائةٍ لِي فَأَعْتَذِرُ وَلا ذا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرُ فَبِأَيِّ شَيٍْ أَنْتَصِرُ فَبِأَيِّ شَيٍْ أَسْتَقْبِلُكَ يامَوْلايَ أَبِسَمْعِي أَمْ بِبَصَرِي أَمْ بِلِسانِي أَمْ بِيَدِي أَمْ بِرِجْلِي؟ أَلَيْسَ كُلُّها نِعَمَكَ عِنْدِي وَبِكُلِّها عَصَيْتُكَ يامَوْلايَ؟». 

نعم، هكذا الله،  وهكذا العبد، فهو المنعم عليه بكلّ هذه النعم وهو المذنب، فلنفكّر مرّة أخرى أننا أمام أي عظيم نرتكب الذنب والمعصية، وبأي جرأة تعدّينا على أوامره؟

أليس جدير ونحن ملوّثين بجميع هذه الذنوب أن نخاف من عذابه وانتقامه وسخطه؟ من ذنوب؛ حسب ما ورد عن المعصوم(ع) في دعائه بعد زيارة الإمام الرضا(ع)؛ أن لو اطّلعت عليها الأرض لابتلعتني، والسماء لاطبقت علي، والجبال لتدکدکت علي، والبحار لأغرقتني[1]. 

وما أفضل أن نطالع بدقّة في القرآن الكريم والروايات الشريفة والأخبار الواردة حول عقاب الذنوب وجزاء المعاصي، فربما تكون هذه المعرفة والبصيرة سبباً في تخويفنا، وهذا الخوف يكون سبباً في التوبة عما ارتکبناه من الذنوب ، وسبباً لورعنا عن المعاصي في المستقبل. 

 


[1]- بحار الأنوار: 84/246، باب 12، حديث56. 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الخوف الممدوح
من العبودية إلى الربوبية
نبع العرفان
الخوف من ضآلة النفس امام عظمة الخالق
النبّاش؛ سارق الأكفان
صفات الله في الأدعية
وصايا الإمام الصادق(ع) للمفضل
العرفان من لسان الإمام علي(ع)
مراحل الربوبية
طهارة القلب

 
user comment