عربي
Monday 20th of May 2024
0
نفر 0

الله سبحانه وتعالى والمذنبين التائبين

إنّ مجوسيّا استضاف إبراهيم الخليل(ع) فقال: إن أسلمت أضفتك فمرّ المجوسيّ فأوحى اللّه تعالى إلى إبراهيم يا إبراهيم لم تطعمه إلا بتغيير دينه و نحن منذ سبعين سنة نطعمه على كفره فلو أضفته ليلة ما ذا كان عليك، فمرّ إبراهيم يسعى خلف المجوسيّ فردّه و أضافه فقال المجوسيّ: ما السبب فيما بدا لك؟ فذكر له، فقال المجوسيّ: أهكذا يعاملني، ثمّ قال: اعرض عليّ الإسلام فأسلم.
الله سبحانه وتعالى والمذنبين التائبين

حقاً ما اعجب وألطف وأكرم الله سبحانه وتعالى، فالإنسان الذي قضى عمره في الكفر والمعصية ولم يذكر الله ولو لحظة، ولم يعمل عملاً مطابقاً لأوامر الله، عندما يواجه الهداية والإيمان ويقبل ذلك، فإن جميع ماضيه يغفره الله له، إحتراماً لهذا الإرتباط والرجوع إلى حضيرة الرب، في الوقت الذي إذا مات هذا الشخص وهو في حالة إيمان، كان من أهل الجنة، فحقاً، كيف لا يأمل الإنسان بهكذا رب؟

جاء في الآثار الإسلامية:

إنّ مجوسيّا استضاف إبراهيم الخليل(ع) فقال: إن أسلمت أضفتك فمرّ المجوسيّ فأوحى اللّه تعالى إلى إبراهيم يا إبراهيم لم تطعمه إلا بتغيير دينه و نحن منذ سبعين سنة نطعمه على كفره فلو أضفته ليلة ما ذا كان عليك، فمرّ إبراهيم يسعى خلف المجوسيّ فردّه و أضافه فقال المجوسيّ: ما السبب فيما بدا لك؟ فذكر له، فقال المجوسيّ: أهكذا يعاملني، ثمّ قال: اعرض عليّ الإسلام فأسلم[1]. 

يقول العارف الكبير المرحوم الشيخ النراقي في كتابه الجليل (طاقديس) وفيه يبيّن سلوك الساحة المقدسة تجاه احد عباده المذنبين التائبين في زمان نبي الله موسى(ع)، فيقول:

رأى موسى كافراً في طريقه، وكان كبيراً في السن وضالاً. 

يا موسى إلى أين هذا الطريق يؤدي؟، فتذهب فيه أنت مع ادعائك. 

فقال موسى إنما أذهب إلى طور سيناء، أذهب إلى عمق بحر النور. 

أذهب لكي أناجي الله سبحانه، واطلب المغفرة لذنوبك. 

يا موسى أيمكنك حمل رسالة، إلى ربك وإيصالها إليه. 

فقال موسى ما هي رسالتك؟ فقال له: قل له عن أحوالي وأوضاعي. 

قل: إن فلاناً يعيش في مشکلاته مضطربا، ويستحي من لقائك. 

إن كان الرزق عليك فلا أريده، ولا أريد رزقك وأنت تمنّ علي. 

فلا أنت ربي ولا أنا عبد لك، ولا أريد أن أكون ممتنناً لرزقك. 

فغضب موسى من كلامه، وقال له: ماتقول يا رجل؟ مه!. 

فاستمر موسى في طريقة لمناجاته، وناجى ربه الغني. 

وفي تلك العزلة لم يكن أحد معه، فأراد الرجوع نحو المدينة. 

واستحى إيصال رسالة ذلك الرجل، فلم يقل سوى المناجاة. 

فقال له ربه: أين رسالة عبدي؟، فقال موسى: إني أستحي ان اقولها. 

اذهب إلى ذلك الرجل، وبلغه سلاماً مني. 

وقل له بأنك تقول إن الله يكسر القلوب، إن كنت تستحي منا، فاستح. 

فنحن لا نستحي منك وكذلك، نحن لا نريد ان نغضب عليك أو نحاربك. 

وإن لم تكن تريدنا فلا، ولكننا نريدك عزيزاً. 

وإن كنت لا تريد أن أرزقك، فرزقك يأتيك من مائدة الفضل والكرم. 

وإذا لا تتحمل منه الرزق، فأرزقك دون منة. 

فيضي يعم الجميع وفضلي كذلك، ولطفي دون نهاية وجودي قديم. 

فالخلق هم عيال الله وفيضه، كالمرضعة الحنون والحسنة الأخلاق. 

فالاطفال يزعلون مرة وأخرى يتدلعون، ومرة لا يقبلون برضع اللبن من ثدي المرضعة. 

فالمرضعة تضع ثديها في فمه، وتقول له: يا أنيس الروح. 

فينحنون تجاه المرضعة ويضعون أفواههم في ثديها، وهي تقبلهم في أفواههم. 

فلما رجع موسى من جبل الطور، طريقه كان مليئاً بالنور. 

فقال الكافر إن موسى قد رجع، أين جواب رسالتي، إن كان لديك جواباً. 

فبلّغ موسى رسالة ربه إلى الكافر، فذهب صدأ الكفر عن الكافر. 

فكانت روحه مرآة للصدأ، وكان جواب الله له كالصيقل صقله. 

وكان الكافر يسير في طريق الضلال، وكان جواب الله له كالجرس أيقظه من الغفلة. 

كانت روحه كالليلة المظلمة الطويلة، فجواب الله كان له كبزوغ الفجر ونور الشمس. 

فطأطأ رأسه منحنياً ، واضعاً يديه على عينيه خجلاً. 

ثم رفع رأسه وعينه مبتلة بدموعه، بلسان وباطن مفعم بالحرارة. 

قال لموسى: قد أحرقتني، واشعلت النار في داخلي. 

ويلي ماذا قلت ووجهي أسود، يا حيائي وخجلتي منك يا رب. 

ياموسى، اعرض عليّ الإيمان، فإني الآن كالطفل لا أقدر على الكلام. 

يا موسى علّمني الإيمان، ويا ربّ ارجعني إليك وخذ روحي. 

فكلّمه موسى حديثاً واحداً، الرجل ردد الکلمات وفاضت روحه. 

فيا لصفاء الروح، اصبر وتعلّم الإيمان من هذا الرجل. 

حتى وإن كان كلامك إيماني، مع ذلك فإن حديثك ألذّ وأطيب. 

فكلامي كله إسلام، وحديثك تمامه سلام. 

وحتى ولو ان اعمالك عار وذل، مثل الكافر الذي يعبد الأصنام. 

 


[1]- المحجة البيضاء:7/267. 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الخوف الممدوح
من العبودية إلى الربوبية
نبع العرفان
الخوف من ضآلة النفس امام عظمة الخالق
النبّاش؛ سارق الأكفان
صفات الله في الأدعية
وصايا الإمام الصادق(ع) للمفضل
العرفان من لسان الإمام علي(ع)
مراحل الربوبية
طهارة القلب

 
user comment