عربي
Monday 20th of May 2024
0
نفر 0

كلام في باب العشق

العشق الطبيعي هو من لطافة العناصر الأربعة، فمن جهة فهو يحرّك النفس الناطقة، ومن جهة أخرى النفس الامارة، وكذلك فهو يقع تحت تأثير النفس الأم، وتحت تأثير النفس الخادعة. فإذا تغلب العقل والروحانيات على هذا العشق؛ فإنه محمود، وإلا فإن كان ذا طبع جسماني، فإنّه عند أهل العشاق مذموم. ولأن العقل والعلم لا يتدخلان فيه لا تكون نتيجته سوى النار والعذاب، في هذا العالم بسبب الشهوة حيوانية، وفي ذلك العالم أيضاً؛ لأن النار جسماني.
كلام في باب العشق

احد الفضلاء و الکرام،  يوضح ويفسر معنى العشق قائلاً:

اقسام العشق:

نستطيع تقسيم العشق إلى خمسة أقسام:

1ـ العشق الإلهي: هو اعلى واسمى مقام ومرتبة، حيث ينالها فقط أهل البصيرة، والتوحيد والحقيقة. 

2ـ العشق العقلي: هو مقام يناله أهل المعرفة ويرتبط بعالم المكاشفة والملكوت. 

3ـ العشق الروحاني: وهو  مختص بعباده الخاصين الذين يختارهم الله سبحانه وتعالى، ويمتلكون لطافة وقابلية عالية. 

4ـ العشق الحيواني: هو من صفات أصحاب الرذائل والشهوات النفسانية. 

5ـ العشق الطبيعي: هذا العشق يشترك به جميع الناس، حتى ان اجهل الناس يعرف الکثير عن هذا العشق. 

لكل نوع من هذا العشق، توضيح خاص به:

فالعشق الحيواني هو من ارذل الصفات الخلقية. حيث شرب الخمر، والفساد، والغناء، والفسق وارتكاب المعاصي و هي من اطاعة هوى النفس النفس الامارة؛ التي تهيج الشهوات المذمومة حتى يصل إلى حد الضعف الحيواني، الذي هو في الأصل شهوة فطرية. بعد أن يأنس ويألف محبوبه لعدة ثوان فإنه يتخلص من نار شهوة النفس الامارة. وفي عالم العقول وعند اهل الشريعة، هو مذموم؛ لأنه خلاف أحكام وأوامر الله سبحانه وتعالى. 

العشق الطبيعي هو من لطافة العناصر الأربعة، فمن جهة فهو يحرّك النفس الناطقة، ومن جهة أخرى النفس الامارة، وكذلك فهو يقع تحت تأثير النفس الأم، وتحت تأثير النفس الخادعة. فإذا تغلب العقل والروحانيات على هذا العشق؛ فإنه محمود، وإلا فإن كان ذا طبع جسماني، فإنّه عند أهل العشاق مذموم. ولأن العقل والعلم لا يتدخلان فيه لا تكون نتيجته سوى النار والعذاب، في هذا العالم بسبب الشهوة حيوانية، وفي ذلك العالم أيضاً؛ لأن النار جسماني. 

العشق الروحاني هو الذي يكون لدى خاصة الناس. فجواهر الوجه الظاهر ومعانيه قد اتسمت بصفاء الروح المقدسة، وهُذّبت من عالم العقل، فظاهرهم كباطنهم، وكلما يرون من مستحسنات المعشوق، كلما غرقوا وهاموا في عشقه أكثر. وبما أنهم أحرقوا خبث طبائعهم بنار المجاهدة، ونار شهوة صرصر وانفاس خمود؛ فإنّه يتصل هذا العشق؛ بعش أهل المعرفة، لأنه سلم الأساس للصعود إلى الملكوت؛ ولا سيما هذا العشق هو مستحسن عند أهل مذهب العشق. 

وأما العشق العقلي فيظهر من سير العقل بجوار النفس الناطقة في عالم الملكوت، ومن علائم مشاهدة الجبروت. وهو بداية الحب الإلهي واما الحب الإلهي فهو ذروة العلياء في حده الأقصى وله بدايات، وانبساط ونهايات ولا يقوم إلا بمشاهدة جمال الحق وجلاله سبحانه وتعالى. 

فتذكر هذه الملاحظة ضروري؛ بأن الإنسان متصف بأنواع عديدة من المحبة، وهذه الأنواع ناشئة من فطرة وطبيعة وحقيقة الإنسان. و محور حياة الإنسان على ذلك. كالمحبّة للنفس، والمحبّة للوالدين، والمحبّة للاقرباء والأولاد والأصدقاء والبيت والعمل، والمحبّة للدنيا. يجب ان ننتبه إلى القرآن المجيد والروايات الشريفة قد أصرّت على ان جميع أنواع المحبّة بالإرتباط مع التربية الإسلامية، يجب أن تكون تابعة لمحبّة وعشق الله سبحانه وتعالى، حتى يكون الإنسان في حركة مستمرة على طريق الرشد والكمال والوصول إلى المقصود، وإذا طغت أنواع المحبّة الأخرى في داخل الإنسان على محبّة الله سبحانه وتعالى، فبدون شك، إن الإنسان قد وقع في خطر كبير وهلاك ابدي، مثلما يقول القرآن الكريم:

{قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ}[1]. 

{لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِْيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَْنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[2]. 

نعم، فكما قال القرآن الكريم؛ يجب ان نجعل محبّة الله هي الأساس والمحور، وبقية انواع المحبّة الأخرى ظل وتابع لها، وبهذه المناسبة فإنه خُصص باب مهم في كتب الشيعة المعتبرة بإسم >الحب في الله والبغض في الله< التي تعتبر رواياته من الآثار الإسلامية الاصلية وافضل مرشد للإنسان نحو الحب الصحيح. 

 


[1]- التوبة 9: 24. 
[2]- المجادلة 58: 22. 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الخوف الممدوح
من العبودية إلى الربوبية
نبع العرفان
الخوف من ضآلة النفس امام عظمة الخالق
النبّاش؛ سارق الأكفان
صفات الله في الأدعية
وصايا الإمام الصادق(ع) للمفضل
العرفان من لسان الإمام علي(ع)
مراحل الربوبية
طهارة القلب

 
user comment