فارسی
سه شنبه 02 مرداد 1403 - الثلاثاء 15 محرم 1446
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه

0
نفر 5
100% این مطلب را پسندیده اند

الامام علی بن الحسین و حقوق الانسان

الامام علي ‌بن‌ الحسين ‌و‌ حقوق الانسان


بين يدي الامام علي ‌بن‌ الحسين عليه السلام ‌و‌ ذکراه المتزامنة مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان في العاشر ‌من‌ شهر کانون الأول نقف علي تاريخية الطغيان ‌و‌ أوزار فظائعه التي ارتکبت في الماضي ‌و‌ ترتکب في الحاضر ‌و‌ کأن رباطا سببيا يجمع بين أشکال الظلم ‌و‌ أهواله المترسبة في أعماق الاستبداد، فمشکلة الطاغة الفرد تتمظرهر في عصرنا الحديث بفخ العولمة الجديدة الملتبسة بجرائم التاريخ، لتعلن علي أنقاضه نهاية الجغرافيا، متجاهلة الشعارات المرکزية في الحرية ‌و‌ الاخوة ‌و‌ المساواة، التي کانت محل اهتمام الحضارة في مطلع أسئله الحداثة ‌و‌ التنمية.


بيد أن العولمة المحکومة بأنياب القوة ‌و‌ هواجس الاقتصاد ‌و‌ السوق العالية تروج اليوم لأفول القيم الانسانية بالقفز علي الهويات الحضارية ‌و‌ الثقافية لصالح ثقافة السوق ‌و‌ قيمها التي ستشوه حقوق الانسان ‌و‌ تقوده ‌من‌ جديد الي عالم التناقضات الطبقية ‌و‌ النزاعات المتطرفة ‌و‌ صدام المصالح وصولا الي سيطرة الأقلية الثرية علي الأغلبية الفقيرة، مخلفة وراءها الغاء الحقوق الأساسية للانسان ‌و‌ في طليعتها ‌حق‌ الشعوب في تقريرها لمصيرها ‌و‌ سيادتها ‌و‌ استقلالها، لأنها سترضح بحسب العولمة هذه الي قانون الغلبة ‌و‌ الهيمنة ‌و‌ ‌لا‌ استتباع، الأمر الذي شکل صدمة عنيفة لمعظم المفکرين المحافظين القلقين ‌من‌ غول الرأسمالية المتوحشة في الغرب، ‌و‌ دکتاتورية العولمة التي حذر ‌من‌ نتائجها المشؤومة علي حقوق الانسان في بداية العام الماضي أحد مستشاري رئيس الوزراء البريطاني في کتابه النقدي «الطريق الثالث» محللا اخفاقات الفکر الرأسمالي المعاصر في ميادين السياسية ‌و‌ الاقتصاد لمجافاته الصريحة لمبادي حقوق الانسان ‌و‌ ‌لا‌ سيما في قضايا العدالة الاجتماعية.


و ضمن هذا التمهيد سنکتشف أن أحد جوانب الأزمة الحضارية ناجمة عن عقلية - الاعلان العالمي لحقوق الانسان نفسه - الذي يفتقر الي عنصرين مهمين الأول الشمولية ‌و‌ الثاني الروحنة، ‌و‌ في غيابهما تهدم النسق الفکري الناظم لتلک الحقوق تحت أقدام الحرية التي ستدمر ذاتها بذاتها وفق نبوءاتها المضلة عن صدام الحضارات ‌و‌ علي مدي هذا الواقع الانساني الممزق المضطرب نستحضر التأسيس النظري ‌و‌ المنهجي لرسالة الامام علي ‌بن‌ الحسين زين العابدين عليه السلام في الحقوق ‌و‌ المرتجي أن يعني الباحثون بشرح دلالاتها ‌و‌ أبعادها في الراهن المعاصر ‌لا‌ ختراق ظلمات الليل العرب ‌و‌ الليل الغرب معا.


و ‌لا‌ يسعني في هذه المقاربة الأولية لرسالة الحقوق الا أن أضي ء جانبا ‌من‌ جوانب منهج الامام المعرفي ‌و‌ الأخلاقي ‌و‌ الاجتماعي، ‌و‌ توضيح دوره في صوغ الحقوق الواعدة لتبصير الانسان بوعي ذاته ‌و‌ حقائق وجوده فردا ‌و‌ مجتمعا ‌و‌ دولة، بملاحظة أن تلک الحقوق لم ينتزعها الامام عليه السلام ‌من‌ واقع الخصوصية التاريخية بل ‌من‌ نابعات الفطرة الانسانية ‌و‌ بذلک، ستکون مؤهلة للانخراط في - المعاصرة - ‌و‌ مجابهة الاشکاليات العميقة التي طرحتها نبوءة صدام الحضارات ‌و‌ نهاية التاريخ ‌و‌ صولا الي افرازات العولمة ‌و‌ انعکاساتها السلبية علي مصير الانسان فضلا عن حقوقه ‌و‌ بخاصة في الأطر الجوهرية التي شيدها الامام عليه السلام في تفصيلات حديثه عن حقوقه الدولة ‌و‌ نظام الحياة ‌و‌ حقوق الاجتماع الانساني ‌و‌ الحقوق المالية ‌و‌ القضائية ‌و‌ حقوق الاصلاح ‌و‌ التغيير، لنستخلص ‌من‌ ذلک کله أهمية النسيج المترابط بين کامل هذه الحقوق المشروعة لتقدم نفسها کنموذج متکامل لتفسير الانسان ‌و‌ التاريخ، اذ أن أي خلل يطرأ علي بعض الحقوق علي حساب البعض الآخر يهدد الاستقرار الانساني برمته، لذلک يجدر الاهتمام بقراءة الوثيقة الأولي للامام أعني الصحيفة السجادية لتکتمل رؤيتنا عن حقوق الانسان في نظر الامام السجاد عليه السلام.


و هي نصيحة غالية أوصي الامام الخامئني بقوله: (أوصيکم بقراءة الکلمات النورانية للصحيفة السجادية فهي مدرسة في الحکمة ‌و‌ العبر ‌و‌ دليل للحياة الانسانية السعيدة..) ‌و‌ بوسع الباحث أن يقبض علي حلقة التوازن بين صحيفة الدعاء ‌و‌ رسالة الحقوق لالتماس قيمة الشهودية علي المظالم ‌و‌ الحقوق ‌من‌ خلال ابتهالات الامام ‌و‌ دموعه الصاعدة الي الله سبحانه: (اللهم اني أعتذر اليک ‌من‌ مظلوم ظلم بحضرتي فلم أنصره، ‌و‌ ‌من‌ معروف أسدي الي فلم أشکره، ‌و‌ ‌من‌ مسي ء اعتذر الي فلم أعذره، ‌و‌ ‌من‌ ذي فاقة سألني فلم أوثره، ‌و‌ ‌من‌ ‌حق‌ ذي ‌حق‌ لزمني لمؤمن فلم أوفره) دعاء / 38 / ‌من‌ الصحيفة.


نعم ‌من‌ الواضح للمتأمل عميقا في رسالة الحقوق للامام علي ‌بن‌ الحسين زين العابدين عليه السلام أن تلک الرسالة لم تهدف الي تقنين حقوق الانسان ‌و‌ اکسابها الشرعية الاسلامية فحسب، بل الي وعي أبعادها بالوقوف عند المعوقات الکبري التي انتهت بتزييف تلک الحقوق ‌و‌ مصادرتها في مطلع الحکم الأموي، ‌و‌ ‌لا‌ سيما في مجالاتها الحيوية في علاقة الخليفة بالأمة ‌و‌ علاقة الأمة فيما بينها، ثم علاقة الاجتماع الاسلامي بدءا ‌من‌ الأنظمة ‌و‌ الدول ‌و‌ الشعوب.

 

فقد واجه الامام عليه السلام تحديات الفجوة القائمة بين الاسلام ‌و‌ ممارسات الواقع بحفز الضمير الاسلامي الي الاحتجاج بالمبادي ‌و‌ القيم المؤسسة لشريعة الاسلام، ‌و‌ بهذه اللفتة وحدها نسجل اعترافنا بالرد علي بعض الباحثين الذين زعموا بأن سياسية الامام علي ‌بن‌ الحسين هي الابتعاد عن السياسية، ‌و‌ لئن طبع نشاط الامام السجاد عليه السلام باستنهاض روائد التوعية العقائدية ‌و‌ الروحية، فمرد ذلک الي أن حماية المرجعية الثقافية للأمة ‌من‌ شأنها أن تفرض علي النظام العام الالتزام بثوابت القضايا الحقوقية للانسان - لأنها أي المرجعية الثقافية - ‌لا‌ تملک حرية الحياد أمام جنوح السلطة الي الظلم ‌و‌ الاستبداد، ‌من‌ هنا ذهب العديد ‌من‌ الفکرين المسلمين الي أن ‌حق‌ مقاومة الجور الذي جعلته المواثيق الدولية ‌من‌ بين حقوق المواطن السياسية ‌و‌ سکتت عنه معظم دساتير الأنظمة الاسلامية المعاصرة، ‌هو‌ ‌حق‌ يخوله الاسلام في المبدأ القرآني الذي يأمر بتغيير المنکر انسجاما مع الحديث النبوي الذي ينص علي أن أفضل الجهاد عند الله کلمة ‌حق‌ عند سلطان جائر.


بيد أن الامام علي ‌بن‌ الحسين عليه السلام ينزع الي عقلنة العلاقة بين الحاکم ‌و‌ المحکوم ليحررهما معا ‌من‌ هواجس الفتنة ‌و‌ المماحکة ‌و‌ المغالبة، فکلاهما مسؤول أمام الله عن قدسية العدل ‌و‌ نعمة الأمن ‌و‌ شرف الاستخلاف، فحق - الحاکم - في نظر الامام: (.. ‌و‌ ‌حق‌ السلطان أن تعلم أنک جعلت له فتنة، ‌و‌ أنه مبتلي فيک بما جعله عزوجل له عليک ‌من‌ السلطان... ‌و‌ أن تخلص له في النصحية ‌و‌ أن ‌لا‌ تماحکه ‌و‌ قد بسطت يده عليک فتکون سبب هلاک نفسک ‌و‌ هلاکه..) کتاب مکارم الأخلاق / في ذکر الحقوق / للامام زين العابدين / 419.
و ‌حق‌ المحکومين في نظره أن يعلم الحاکم أنهم صاروا رعيته لضعفهم ‌و‌ قوته فيجب أن يعدول فيهم ‌و‌ يکون لهم کالوالد الرحيم يغفر لهم جهلهم ‌و‌ ‌لا‌ يعاجلهم بالعقوبة ثم يشکر الله علي ‌ما‌ أتاه ‌من‌ القوة عليهم فان لم يفعل کان خائنا ‌و‌ ظالما ‌و‌ کان ‌حق‌ علي الله أن يسقط ‌من‌ القلوب محله. کذلک نلاحظ ‌من‌ تفحص المنهج الذي انتظمت عليه رسالة الامام الي أن تلک الرسالة لم تکن مجرد تفصيل لمجالات استحقاقها، بل انها فيما يتضح ‌من‌ لغتها التربوية تعني عناية بالغة برصد أهم الاشکاليات التي تهدد قيمة التوازن الاجتماعي ‌و‌ المساواة الاجتماعية التي ‌لا‌ يمکن توفرها الا وفق المرتکز الشمولي الذي وصفه السجاد، ‌و‌ ‌هو‌ أن تلک الحقوق مقررة ‌من‌ رب الانسان ‌و‌ خالقه ‌و‌ ‌لا‌ مصدر لشرعيتها الا شرعية الوحي السماوي ‌و‌ شرعية الکرامة الانسانية ‌و‌ الحرية الانسانية التي ‌لا‌ يستقيم بدونها معني الانسان.


من هنا يبتدي الامام - ببلورة - تلک الحقوق باستيفاء حقوق الانسان مع نفسه ‌و‌ حماية نفسه ‌من‌ نفسه کشرط موضوعي لانجاز الآخر، ‌و‌ هي لفتة ‌لا‌ نکاد نجدها في المواثيق ‌و‌ العهود التي اصطنعها الانسان بقوانينه الوضعية بما فيها الاعلان العالمي لحقوق الانسان، ذلک أن الانسان الذي ‌لا‌ يحمي ‌حق‌ سمعه ‌و‌ لسانه ‌و‌ بصره ‌و‌ يديه سيتحول الي کائن محکوم لسيطرة غرائزه المفتوحة بشهواتها علي افتراس حقوق الآخرين ‌و‌ انتهاکها، فلا معني للکلام عن الحقوق الانسانية بمعزل عن تطهير الفضاء الداخلي للانسان ‌و‌ تطهير الفضاء الداخلي للسلطة.


فالعالم الذي يعيش ‌ضد‌ ذاته ‌و‌ ‌ضد‌ الآخر ‌و‌ ‌ضد‌ المجتمع ‌هو‌ عالم عاجز عن توفير المناخ النظيف الذي تزدهي ‌و‌ تزهر في أجوائه حقوق الانسان، ‌و‌ في هذا الاطار يجدر بنا الالتفات الي أن مأثرة رسالة الحقوق السجادية في المجال التطبيقي ارتکزت في تحصين الاجتماع الاسلامي ‌من‌ مخاطر التفلت ‌و‌ التسيب بتصليب معاييرها في جانبين أساسيين: الأول ‌حق‌ الأخلاق فيما يظهر ‌من‌ حديثه عليه السلام عن ‌حق‌ الجار ‌و‌ ‌حق‌ الصاحب ‌و‌ ‌حق‌ الشريک ‌و‌ ‌حق‌ الغريم ‌و‌ ‌حق‌ الخصم ‌و‌ ‌حق‌ الناصح ‌و‌ ‌حق‌ الصغير ‌و‌ ‌حق‌ ذي المعروف ‌و‌ ‌حق‌ السائل ‌و‌ المسؤول. ‌و‌ الثاني ‌حق‌ العبادة فيما يظهر ‌من‌ حديثه عليه السلام عن ‌حق‌ الصلاة ‌و‌ ‌حق‌ الحج ‌و‌ ‌حق‌ الصوم ‌و‌ ‌حق‌ الصدقة ‌و‌ ‌حق‌ الهدي.


و يتضح ‌من‌ هذه المنظومة أن الاما عليه السلام لم يخرج - بقضية الحقوق - عن نظام قيم ‌و‌ مفاهيم العقيدة ‌و‌ بالتالي عن الغاية السامية لمعني استخلاف الانسان علي الأرض، حيث يفتتح الامام رسالته بتوجيه الأنظار الي حقوق الله المحيطة بالانسان في کل حرکة ‌من‌ حرکاته، ‌لا‌ فتا الي أن أکبر حقوق الله تبارک ‌و‌ تعالي علي الانسان ‌ما‌ أوجبه عليه لنفسه ‌من‌ حقه الذي ‌هو‌ أصل الحقوق، ‌و‌ ‌ما‌ دامت هذه الحقوق ربانية المصدر فلن تجرؤ أي سلطة علي انتهاکها حتي ‌و‌ لو کانت معممة بعمائم الاسلام، لذلک سقطت الدولة الأموية لتجاهرها العلني السافر في انتهاک الحقوق ‌و‌ الحرمات ‌و‌ الکرامات بما في ذلک تفريغ النصوص القرآنية ‌و‌ النبوية ‌من‌ روحها.
و کأن الامام عليه السلام في مواجهته لانحراف الواقع في عصره عمد الي طرح بديل لنموذج الدستور الاسلامي وفق رؤية متوازنة لجانب احتياجات الانسان المادية ‌و‌ الروحة، فلم يکن بوسع الامام علي ‌بن‌ الحسين عليه السلام کشاهد علي کربلاء الا أن يصرخ ‌من‌ أعماق انسانيته ‌لا‌ ستنقاذ کرامة الانسان ‌و‌ مساعدته علي مقاومة الظلم في ضوة وعيه لحقوقه، رافضا لنزعة تقديم قدسية السلطة علي قدسية الانسان، ‌و‌ ‌لا‌ يخفي أن الحقوق الخمسين التي أقرها الامام للانسان لم يشأ أن يقرها للانسان المجرد ‌من‌ حوافز الالتزام ‌و‌ المسؤولية، لأن مخاطر ابتلاع حقوقه کانت تصدر دوما ‌من‌ عدوان الانسان علي نفسه فيما نستوحيه قرآنيا ‌من‌ اقتران کلمة الانسان بکلمة الظلم ‌و‌ الجهل ‌و‌ الجحود ‌و‌ الطغيان ‌و‌ ‌ما‌ شاکلها ‌من‌ نعوت سلبية تؤکد أن الاختيار الحقيقي - لحقوق الانسان - ‌هو‌ في ميدان انجازها العملي (کلا ‌ان‌ الانسان ليطغي) (العلق / 6) ‌ان‌ الانسان لظلوم کفار) (ابراهيم / 34) (ان الانسان لربه لکنود) (العاديات / 6).


صحيح أن الضوابط التي وضعها الامام في کل بند ‌من‌ بنود رسالته تقلص رقعة الحرية الانسانية المطلقة - ‌و‌ هي ضوابط لاوجود لها في ميثاق الاعلان العالمي، لماذا؟ لأن مشکلة الحرية ‌من‌ منظور اسلامي تکمن في غاية الحرية ‌و‌ ليس في مبدأ الحرية، ‌و‌ بذلک نسجل أن فقدان عنصر الغاية سيجعل ‌من‌ انجاز الحرية انجازا يهدد ذاته بذاته فحيث ‌لا‌ توجد الغاية التي يستهلک الذهاب اليها کل حرية جديدة يحصل عليها الکائن البشري فان فائضا ‌من‌ الحرية سوف يتراکم ‌و‌ تراکمه يشبه التراکم الصناعي ‌و‌ السلعي الأمر الذي يعيد انتاج نزعة الطغيان لدي الانسان فردا أو مجتمعا أو دولة.


و لعل ‌من‌ آخر أعراض هذا التراکم المفتقر الي الغاية ‌ما‌ أطلقه المفکر الأمريکي «فوکوياما» في مقولته - نهاية التاريخ - حيث بدت له الرأسمالية في تطورها الأخير هي الغاية الأخيرة لحرکة التاريخ أي هي نهايته، ‌و‌ استطرادا فاني اقترح علي الدراسات الاسلامية أن يکون سؤال الحقوق المعاصر ‌هو‌ السؤال عن الغاية بوصفه المحور المرکزي للدخول في عصر يقظة الحقوق الانسانية المواجهة لعصر ألوهية السلطة ‌و‌ ألوهية الانسان، مذکرا أن غياب الله سبحانه کغاية لحرية الانسان جعل مفکرين ‌و‌ فلاسفة غربين ک «نيتشه ‌و‌ هيدجر ‌و‌ سارتر» ‌و‌ أخيرا «ميشال فوکو» يقولون - بنسب متفاوتة باطلاق الانسان، أي بألوهيته، فحيث ‌لا‌ يمکن أنت تتجه الحرية الا الي المطلق ‌و‌ حيث أن المطلق الالهي مستعبد ‌من‌ بنية الفکر الغربي المعاصر کان ‌لا‌ ‌بد‌ ‌من‌ الارتداد الي الانسان نفسه لتحميله بعد الاطلاق ليصبح موت الله عند «نيتشه» ‌هو‌ الوجه الآخر لألوهية الانسان ‌و‌ هنا تمکن قيمة العودة الي الصحيفة السجادية.


ختاما ‌و‌ في خضم تحولات الحضارة ‌و‌ مساوئها ‌و‌ نبوءات فلاسفتها ‌لا‌ يسعني الا أن أضم صوتي الي نبوءة المرکز الاستشاري للدراسات ‌و‌ التوثيق (لقد قال «فوکوياما» بنهاية التاريخ، بينما نقول ‌من‌ زاوية معيارية أن التاريخ المعاصر بدأ لتوه مع ولادة الجمهورية الاسلامية في ايران التي علي عاتقها تقع قيادة صنع (الحضور الحضاري الاسلامي العالمي)، نعم وفق الشروط الموضوعية ‌و‌ في طليعتها - تحويل دعوة الرئيس خاتمي لحوار الحضارات الي واقع يزخر بالحياة ‌و‌ العطاء ‌و‌ بذلک لن تهتم - الجمهورية - بتصدير الثورة - بل بتصدير الحضارة، ‌و‌ تلک هي مسؤوليتها التاريخية التي تتطلب تکاملا مع محيطها العربي في الخارج ‌و‌ تکاملا مع ذاتها في الداخل.
أيها السادة في الساحة الخارجية لمبني الأمم المتحدة في نيويوک منحوتة رائعة للفنان الايطالي «أرنالدو» هي عبارة عن کرة ضخمة ‌من‌ البرونز المصقول توحي أنها کوکب الأرض الا أن سطحها المليس المتوهج مصدع بشقوق فاغرة شقوق ‌من‌ الوساعة بحيث يستحيل رأبها، هل الکرة مصدعة لأنها معطوبة علي صورة العالم الأرضي المفسود بالظلم ‌و‌ القهر ‌و‌ الحرمان؟ أم هل تشققت علي صورة البيضة ينبثق منها جديد أفضل؟ ربما الاثنان معا، لکن الأکيد أنک ستري ‌من‌ فرجة الصدوع کره ثانية مذهبة قابعة في جوف الأولي ‌و‌ سنلاحظ أن هذه الکرة هي الأخري مصدعة، ربما ترمز الي أن علينا أن ‌لا‌ نيأس.


حسين شحادة

 

0
100% (نفر 5)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

شكر ، بالاترين عبادت
خوف از كوچكى خود ، در برابر عظمت حضرت حق
هفهاف بن مهند راسبى
مفهوم شكر، مدح، حمد
عارف كيست ؟
محبت به شقى ترین مردم
شش خصلت ماندگار
از راه نماز به بهترين حقيقت رسيد
پرهاى پرندگان و حیات انسان
زهد يا رهبانيت‏

بیشترین بازدید این مجموعه

آداب معاشرت
تفسیر سوره واقعه (2) تهران (مسجد حضرت امیر (ع)) ...
گلزار محبت
محبت به شقى ترین مردم
عارف كيست ؟
بخل ورزيدن از زكات
از راه نماز به بهترين حقيقت رسيد
راه اندازی بخش تخصصی عرفان اهل بیت(ع) در کتابخانه ...
مفهوم شكر، مدح، حمد
قدردانی استاد انصاریان از خادمین سیدالشهدا علیه ...

 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^