عربي
Thursday 26th of December 2024
0
نفر 0

أهل البيت^ معدن الرحمة

أهل البيت^ معدن الرحمة

تجليات الرحمة

أهل البيت^ معدن الرحمة، وكل من عرف حقهم عن بصيرة وتمسك بهم واعترف بفضلهم واضمر لهم المودة والحب وسار على دربهم وعبر عن طاعته لهم واقتدى بسلوكهم، فإن ذلك سيكون سبباً في انفتاح الرحمة عليه في لحظات الاحتضار، وفي حياة البرزخ، وفي يوم القيامة.

يقول الإمام محمد الباقر’.

«إنما أحدكم حين يبلغ نَفَسُهُ ههنا ينزل عليه ملك الموت فيقول: إمّا ما كنت ترجو نقد أعطيته، وأما ما كنت تخافه فقد أمنت منه، ويفتح له باب إلى منزلة من الجنّة ويقال له: انظر إلى مسكنك في الجنّة وانظر هذا رسول الله وعلي والحسن والحسين رفقاؤك وهو قول الله: {وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الآْخِرَةِ}([42])([43]).

وروى الحارث الهمداني قال: دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب× فقال: ما جاء بك؟ فقلت: حبّي لك يا أمير المؤمنين، فقال: يا حارث أتحبني؟ قلت، نعم والله يا أمير المؤمنين؟

قال: أما لو بلغت نفسك الحلقوم رأيتني حيث تحب، ولو رأيتني وأنا أذود الرجال عن الحوض ذود غريبة الإبل لرأيتني، حيث تحب، ولو رأيتني وأنا مارّ على الصراط بلواء الحمد بين يدي رسول الله’ لرأيتني حيث تحب([44]).

وروي عن الإمام الباقر× قوله: «اتقوا الله واستعينوا على ما أنتم عليه بالورع والاجتهاد في طاعة الله، فإن أشدّ ما يكون أحدكم اغتباطاً بما هو عليه لوقد صار في حدّ الآخرة وانقطعت الدنيا عنه، فإذا كان في ذلك الحدّ عرف أنّه قد استقبل النعيم والكرامة عن الله والبشرى بالجنّة وأمن ممن كان يخاف وأيقن أن الذي كان عليه هو الحق، وأنّ من خالف دينه على باطل هالك»([45]).

وقال رسول الله’: «والذي نفسي بيد لا تفارق جسد صاحبها حتى تأكل من ثمار الجنّة أو من شجرة الزقوم، وحين ترى ملك الموت تراني وترى علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً^ فإن كان يحبنا قلت: يا ملك الموت أرفق به إنّه كان يحبّني ويحبّ أهل بيتي، وإن كان يبغضنا قلت: يا ملك الموت شدّد عليه أنه كان يبغضني ويبغض أهل بيتي»([46]).

وعن سدير الصيرفي في حديث هام جداً قال: قلت لأبي عبدالله× جعلت فداك يا ابن رسول الله هل يكره المؤمن على قبض روحه؟ قال: لا والله أنه إذا أتاه ملك الموت لقبض روحه جزع عند ذلك فيقول له ملك الموت: يا ولي الله! لا تجزع فوالذي بعث محمداً’ لأنا أبر بك وأشفق عليك من والد رحيم لو حضرك، افتح عينيك فانظر! قال: ويمثل له رسول الله’ وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ذرّيتهم^ فيقال له: هذا رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة رفقاؤك، قال: فيفتح عينيه فينظر فينادى روحه مناد من قِبَل ربّ العزّة، فيقول: {يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} إلى محمد وأهل بيته (ارجعي) (إلى ربك راضية) بالولاية (مرضية) بالثواب (فادخلي في عبادي) يعني محمداً وأهل بيته( وأدخلي جنتي) فما من شيء أحب إليه من استلال روحه واللحوق بالمنادي<([47]).

واقعة مدهشة

وهذه واقعة مدهشة يرويها العالم المشهور والفيلسوف المعروف السيد حسين علي راشد وهو ممن يدقق في قضايا الكرامات والمكاشفات والواقعة كانت عند لحظات احتضار والده المرحوم الآخوند ملا عباس تربتي وهو من العلماء الأفذاذ في عصره كتب يقول عن والده، ومن جملة الأشياء التي رأيناها (أفراد الأسرة) منه وظلت غامضة هي أن والدي في يوم الأحد 24 مهر( الشهر السابع في السنة الإيرانية، وهو من أشهر الخريف) سنة 1322 هجرية شمسية الموافق لـ 17 شوال 1362 هـ . ق وكان قد مرّ على شروق الشمس حوالي ساعتين، وكان قد صلّى الصبح راقداً وهو في حالة احتضار، وقد مدّ رجليه باتجاه القبلة وكان حتى آخر لحظة واعياً ويتمتم بكلمات، حيث أنتبه إلى حالة لفظ أنفاسه الأخيرة، وكان يردد هذه الجملة >لا إله إلا الله< .

وفي يوم الأحد الماضي وبعد صلاة الصبح تمدد باتجاه القبلة وسحب عباءته وغطى وجهه، فجأة غمره نور كما لو أن نور الشمس يغمره، من كوّة أو نور الكشّاف، وقد غمره من أخمص قدميه إلى هامة رأسه، وأصبح لون وجهه وكأنه قد أصفرّ بسبب المرض ـ شفافاً مورداً حتى أنه ليرى من وراء عباءته الرقيقة فتحرك وقال: سلام عليكم يا رسول الله أجئت لزيارتي أنا العبد الذي لا قدر له؟ ثم راح يسلم على أناس جاءوا للسلام عليه فحيّا أمير المؤمنين علي× ثم الأئمة من بعده واحداً، وأظهر لهم الشكر ثم سلّم على السيدة الزهراء ثم سلّم على السيدة زينب ثم بكى وقال: يا سيدتي طالما بكيت لمصائبك ثم سلّم على أمه، وقال: شكراً لك يا أمي وقد أرضعتني حليباً طاهراً، واستمر ذلك حتى مضت ساعتان على طلوع الشمس، ثم رحل النور الذي غمر جسمه وعاد كما كان قبل ذلك، وعادت إلى وجهه صفرة المرض، حتى إذا حل يوم الأحد التالي سلّم الروح في نفس تلك الفترة من الصباح يعني بعد ساعتين من طلوع الشمس.

وكنت قد سألته في أحد الأيام التي سبقت وفاته وبعد تلك الحادثة العجيبة، وقلت له: أننا نسمع في الروايات أشياء عن حالات الأنبياء والأولياء ونتمنى أننا كنا نشهد ونرى ونفهم ما جرى؛ الآن وأنت أقرب الناس إليّ رأيت حالة من ذلك وأحب أن أفهم ما جرى فيها لك؟

فسكت ولم يقل شيئاً وكررت عليه ذلك مرّة وأخرى وثالثة فسكت، فلما كررت عليه رابعة أو خامسة، قال: لا تؤذيني يا حسين! قلت، إنما أردت أن أدرك ما جرى قال: لا أستطيع أن أفهمك، أذهب وأفهم بنفسك، وظل ما جرى غامضاً عليّ وعلى أمي وأخي وأختي وعمتي، وحتى كتابة هذه السطور في الساعة 9.30 من صباح الثلاثاء 24 تير (الشهر الرابع في السنة الإيرانية وأول شهر في فصل الصيف) سنة 1354هـ. ش الموافق لشهر رجب سنة 1395هـ.ق وأنا لا أستطيع إلا أن أذكر ما حصل فقط([48]).

لماذا أصبحت شيعياً؟

وهذا العلامة الكبير المجاهد الشيخ محمد مرعي الأمين الأنطاكي في كتابه: >لماذا اخترت مذهب الشيعة مذهب أهل البيت^<.

يعزو سبب انتخابه مذهب أهل البيت إلى آيات الولاية والتطهير والمباهلة والمودّة والصلاة والتبليغ والى ما جرى في يوم غدير خم والتهنئة بخلافة الإمام أمير المؤمنين وإلى حديث الدار والثقلين، وحديث المنزلة، وحديث السفينة وحديث مدينة العلم والروايات الواردة عن النبي’ في استخلاف الإمام علي والأئمة من ولده([49]).

ويختتم كتابه الجليل بهذه الأبيات ا لمؤثرة:

لماذا اخترت مذهب آل طه



 

وحاربت الأقارب في ولاها

وعفت ديار آبائي وأهلي

 

وعبثاً كان ممتلئاً رفاها

لأني قد رأيت الحق نصاً

 

ورب البيت لم يألف سواها

بالاستمساك بالثقلين حازت

 

بأولاها وأخراها نجاها

وصارت أعظم المخلوق قدراً

 

وأورثها الولا عزّا وجاها

ولا أصغي لعذر بعد علمي

 

بأن الله للحق أصطفاها

ولا أهتم في الدنيا لأمر

 

إذا ما النفس وأفاها هداها

فمذهبي التشيع وهو فخر

 

لمن رام الحقيقة وامتطاها

وفرعي من علي وهو در

 

صفا والدهر فيه قد تباها

وهل ينجو بيوم الحشر فرد

 

مشى في غير مذهب آل طه([50])

أجل أنه ما من شك في أهل البيت^ هم معدن الرحمة والبركة، وأنه لا أمل في النجاة وتحقيق رضا الله تبارك وتعالى إلا بالتمسك بهم، وإعلان الدعاء لهم والسير على خطاهم وسلوك طريقهم.

إن محبي أهل البيت^ وعشاق العترة الطاهرة لا يرون أحداً جديراً بالطاعة، غيرهم لا يعرفون قدوة سواهم، وهم يدركون جيداً أن الاعتقاد بإمامتهم والأخذ بأحكامهم وانتهاج سيرتهم يحقق لهم السعادة في الدنيا والفوز في الآخرة.

ببركة ويمن أهل البيت^ تستمسك السماء فلا تقع على الأرض وببركة أهل البيت^ تستقر الأرض ويشعر الناس فيها الأمان، وبوجود أهل البيت^ وكرامة لهم تستمسك السموات والأرض أنت تزولا وهذه الحقيقة لا يدركها إلا أهل الإيمان من الذين أضاء نور الحق أعماقهم وملأت الأنوار أفئدتهم من الصالحين المتقين.

ومن هنا يقول الإمام الباقر×:

«إن رسول الله باب الله الذي لا يؤتى إلا منه وسبيله الذين من سلكه وصل إلى الله عز وجل، وكذلك كان أمير المؤمنين× من بعده وجرى للأئمة واحداً بعد واحد جعلهم الله عزّ وجلّ أركان الأرض أن تميد بأهلها»([51]).

وقال الإمام علي بن الحسين السجاد×:

«نحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلا بأذنه، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها وبنا ينزل الغيث وبنا ينشر الرحمة ويُخرج بركات الأرض، ولولا ما في الأرض منا لساخت بأهلها»([52]).

وعن النبي الأكرم’ قال: «النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي، فإذا ذهب النجوم ذهب أهل السماء، وإذا ذهب  أهل بيتي ذهب أهل الأرض»([53]).

وقال أمير المؤمنين علي×:«نحن بيت النبوّة ومعدن الحكمة، وأمان الأهل الأرض ونجاة لمن طلب»([54]).

إن السماء قائمة بيمن أهل البيت^ والأرض مستقرة ببركة وجودهم، فهم عماد الأرض والسماء، والأحاديث التي تشير إلى هذه الحقيقة لا يقتصر وجودها في مصادر الإمامية فقط؛ ففي مصادر أهل السنة أحاديث عديدة تشير إلى هذا المعنى ويمكن لمن يريد التحقق من ذلك أن العديد من المصادر من قبيل: ذخائر العقبى: 170.

وينابيع المودّة: 19 ومستدرك الصحيحين: 3/149.

والصواعق المحرقة: 140 وكنز العمال: 6/116 و7/217.

ومجمع الزوائد: 9/174 وغيرها.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

النفس ومراحلها السبعة:
أهل البيت في التوراة والإنجيل-2
أهل البيت في التوراة والإنجيل
مراحل عبادة العارفين:
أهل البيت أحباء الحق
>الَّذي نَوَّرَ قُلُوبَ الْعارِفينَ بِذِكْرِهِ<
أهل البيت^ في الزبور -3
طلاب الدنيا لا يدركون أهل البيت^
أهل البيت^ الطريق إلى الله
أهل البيت^ في الزبور

 
user comment