عربي
Sunday 24th of November 2024
0
نفر 0

أهل البيت في التوراة والإنجيل-2

واقعة هامة جدا

وقد حصلت هذه الواقعة في الطريق إلى صفين عندما وصل جيش الإمام علي× مدينة الرقة التي اختارت الوقوف إلى جانب معاوية قال نصير بن مزاحم في كتابه وقعة صفين: >إن علياً× لما نزل على الرقة نزل على موضع يقال له: >البليخ< على جانب الفرات، فنزل راهب هناك من  صومعته فقال لعلي× إن عندنا كتاباً توارثناه عن آبائنا كتبه أصحاب عيسى بن مريم أعرضه عليك؟ قال: نعم فقرأ الرهب الكتاب:

بسم الله الرحمن الرحيم

الذي قضى فيما قضى وسطر فيما كتب (وفي كتاب صفين: سطر فيما سطر) أنه باعث في الأميين رسولاً منهم يعلمهم الكتاب والحكمة ويدلهم على سبيل الله لافظ ولا غليظ ولا صخّاب في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة، بل يعفو ويصفح، أمته الحمادون الذي يحمدون الله على كل نشر وفي كل صعود وهبوط تذلّ ألسنتهم بالتكبير والتهليل والتسبيح وينصره الله على من ناواه، فإذا توفاه الله، اختلفت امته من بعده ثم اجتمعت فلبثت ما شاء الله ثم اختلفت، فيمرّ رجل من أمته بشاطئ هذا الفرات يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقضي بالحق، ولا يركس في الحكم (في كتاب صفين ط مصر ولا يرتشي في الحكم) الدنيا أهون عليه من الرماد في يوم عصفت به الريح والموت أهون عليه من شرب الماء على الظمآن.

يخاف الله في السر وينصح له في العلانية، ولا يخاف الله لومة لائمة فمن أدرك، ذلك النبي’ من أهل هذه البلاد فآمن به كان ثوابه رضوانه والجنّة.

ومن أدرك ذلك العبد الصالح فلينصره فإن القتل معه شهادة.

ثم قال (الراهب): أنا مصاحبك فلا أفارقك حتى يصيبني ما أصابك فكبر [علي]× ثم قال: الحمد لله الذي لم أكن عنده منسياً، الحمد لله الذي ذكرني عنده في كتب الأبرار.

فمضى الراهب معه فكان فيما ذكروا يتغدّى مع أمير المؤمنين× ويتعشى حتى أصيب يوم صفين، فلمّا خرج الناس يدفنون قتلاهم قال×: أطلبوه، فلمّا وجده صلّى عليه ودفنه وقال: هذا منا أهل البيت وأستغفر له مراراً<([13]).

وما ورد في الرواية من كتاب الراهب يتطابق مع قوله تعالى في محكم كتابه: {فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}([14]).

آه لو كان لي قلباً كقلب ذلك الراهب المسيحي آه لو كان لي قلباً كذلك القلب الذي المفعم بحب آل محمد وعشقاً كذلك العشق لنموت يوم لا ينجو إلا من أتى الله بقلب سليم.

وها أنا أنظر بأسى إلى سنوات العمر وهي تنصرم، يعرفني الناس بـ >خادم أهل البيت< لكني أقول مخاطباً نفسي بلسان الحال والمقال:

تشتعل النار في أخمص قدميك إلى هامة رأسك

ويحترق في تلك النار وجودك

لقد نأيت بعيداً عن روض الوجود

وفقد أساس كونك والعدم

حائراً تدور محروما ًعن فيوضات الإله.

مثل كل الذين عصوا وأسودّت وجوهم.

لقد هوت داخل الحجب.

أعرجاً أعمى في لجّة من السراب

تعيش أوهاماً وجدالاً

وأنت لا تدري أين في أين

قد تخلفت وحيداً

ففيم تنتظر وقد رحلت القافلة

أليس لك شغل في هذا العالم

أليس لك من الأزل نصيراً

غارقاً في هموم الدنيا قد فقدت وعيك

فأنت سكران ضعيف

غافلاً أنت عمن فتن روحك

وعن النار التي شبت بمنزلك

أطلق تغريدة لأجل الحبيب

لتحلق بك إلى درب الجلال

ولو خلصت شفاهك الباسمة

لانبعثت الروح في وجودك ([15]).



([1]) سورة الأعراف: الآية 57.

([2]) الأمالي للصدوق: 465، المجلس 71، بحار الأنوار: 16/216، باب9 ح5، تفسير الصافي: 1/616.

([3]) سورة الصف: الآية 6.

([4]) سفر التكوين: 17:9 ـ 23.

([5]) إنجيل برنابا: 43: 20 ـ 31 و44: 1 ـ 11.

([6]) سفر التكوين: 18: 22.

([7]) إنجيل برنابا: 43: 13 ـ 19.

([8]) سفر التكوين: 11 ـ 16.

([9]) سفر التكوين: 21: 17 ـ 18.

([10]) إنجيل برنابا: 220.

([11]) إنجيل برنابا: 42: 4 ـ 10 وخلق قبلي أي نبه الله على مجيئه من قبل ولادتي، وفي مروج الذهب (ج1ص32 ـ 33) يقول المسعودي: >وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب× أنه قال: >إن الله حين شاء تقدير الخليقة وذرء البرية وابداع المبدعات، نصب الخلق في صور كالهباء قبل دحو الأرض ورفع السماء وهو في انفراد ملكوته وتوحد جبروته، فأساح نوراً من نوره فلمع ونزغ قبساً من ضيائه، فسطع. ثم اجتمع النورفي وسط تلك الصور الخفية فوافق ذلك صورة نبينا محمد’ فقال الله عز من قائل أنت المختار المنتخب وعندك مستودع نوري، وكنوز هدايتي من أجلك أسطح البطحاء، وأمرج الماء، وأرفع السماء، وأجعل الثواب والعقاب والجنة والنار وأنصب أهل بيتك للهداية وأوتيهم من مكنون علمي ما لا يشكل عليهم دقيق ولا يعييهم خفي، واجعلهم حجتي على بريتي والمنبهين على قدرتي ووحدانيتي ثم أخذ الله الشهادة عليهم بالربوبية والأخلاص والوحدانية؛ فبعد أخذ ما أخذ من ذلك شاب ببصائر الخلق انتخاب محمد وآله، وأراهم أن الهداية معه والنور له والإمامة في آله، تقديماً لسنة العدل وليكون الإعذار متقدماً، ثم أخفى الله الخليقة في غيبة، وغيبها في مكنون علمه ثم نصب العوامل وبسط الزمان، ومرج الماء وأثار الزبد وأهاج الدخان فطفا عرشه على الماء فسطح الأرض على ظهر الماء، وأخرج من الماء دخاناً فجعله السماء ثم استجلبهما إلى الطاعة فأذعنتا بالاستجابة، ثم أنشأ الملائكة من أنوار إبدعها، وأرواح اخترعها، وقرن بتوحيده نبوة محمد’ فنهرت في السماء قبل بعثته في الأرض، فلما خلق آدم أبان فضله للملائكة، وأراهم ما خصّه به من سابق العلم من حيث عرّفه عند استنباكه إياه اسماء الأشياء، فجعل الله آدم محراباً وكعبة وباباً وقبلة أسجد إليها الأبرار والروحانيين الأنوار ثم نبه آدم على مستودعه، وكشف له عن خطر ما أئتمنه عليه، بعدما سماه إماماً عند الملائكة فكان حظ آدم من الخير ما أراه من مستودع نورنا ولم يزل الله تعالى يخبئ النور تحت الزمان إلى أن فضل محمد’ في ظاهر الفترات، فدعا الناس ظاهراً وباطناً وندبهم سرّاً وإعلاناً، واستدعى× التنبيه على العهد الذي قدمه إلى الذرّ قبل ا لنسل، فمن وافقه وقبس من مصباح النور المقدّم اهتدى إلى سرّه واستبان واضح أمره ومن أبلسته الغفلة استحق السخط، ثم انتقل النور إلى غرائزنا، ولمع في أئمتنا؛ فنحن أنوار السماء وأنوار الأرض، فبنا النجاة، ومنا مكنون العلم، وإلينا مصير الأمور، وبمهدينا تنقطع الحجج، خاتمة الأئمة، ومنقذ الأمة، وغاية النور، ومصدر الامور فنحن أفضل المخلوقين وأشرف الموحدين وحجج رب العالمين، فليهنأ بالنعمة من تمسك بولايتنا وقبض على عروتنا<

 

([13]) وقعة صفين: 147؛ بحار الأنوار: 32/426 باب11.

([14]) سورة آل عمران: الآية 159.

([15]) المؤلف.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الخوف من سوء العاقبة
النفس ومراحلها السبعة:
حديث من العرفاء:
أهل البيت^ والعبودية-2
وَالْحُبُّ فَرْعُ الْمَعْرِفَةِ
أهل البيت النور المطلق
التوسل بأهل البيت -2
10. علل اختفاء النعم
11.استكمال البركة
مراحل عبادة العارفين:

 
user comment