وروي أنه نادى غلامه فلم يجبه ثم ناداه فلم يجبه فجاءه فقال له: أما سمعت؟ قال: بلى سمعت قال: فمالك لم تجب قال الغلام: لأني أمنت عقوبتك. فقال الحمد لله الذي جعل غلامي يأمن عقابي([28]).
كان «بابا حسن» إمام الصلاة لشيخنا >أبو سعيد أبو الخير< وكان إمام المتصوفة في عهد شيخنا<.
وذات يوم كان يصلي الفجر فلما كان القنوت قال: >تباركت ربّنا وتعاليت صلَّ على محمد؛ ثم سجد.
فلما فرغ من الصلاة؛ قال شيخنا: لم تركت ا لصلاة على آل النبي ولم تقل: >اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد<؟ فقال بابا حسن: إن الأصحاب في خلاف على ذلك هل تجب الصلاة: على آل محمد في القنوت أو التشهد الأول أم لا، وقد تركت ذلك على سبيل الاحتياط.
فقال شيخنا: إننا لا نسير في موكب لا يكون فيه آل محمد([29]).
وقال شيخنا: إن رجلاً من الجهوديين (اليهود) جاء إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وقال: يا أمير المؤمنين إن الله ربنا جلّ جلاله الذي كان كيف كان؟ فأقبل عليه أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وقال: إن الله بلا صفة ولا كيف وهو كما هو، هو الأول بلا أولية والآخر بلا آخرية الغايات دونه منقطعة؛ لأنه غاية الغايات: أفهمت يا يهودي أم لا؟ قال اليهودي: أشهد أن من قال غير هذا فهو باطل وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله([30]).
قال شيخنا أبو سعيد+ : رأيت أن من صلّى على المصطفى في كل ليلة جمعة ألف مرة فإنه يراه عليه الصلاة والتحية في المنام.
ففعلنا ذلك ورأينا المصطفى وكانت فاطمة الزهراء جالسة عنده والمصطفى صلوات الله وسلامه عليه يمسح بيده المباركة على فرق رأسها الميمون، فلما أردنا أن نجلس عند الرسول، قال لنا: مه فإنها سيدة نساء العالمين([31]).
المستملي النخاري
علي بن أبي طالب، سِرّ العارفين وقد أجمعت الأمة على أن علي بن طالب هو أنفاس الأنبياء ومن كان كلامه كلاماً لم ينطق به أحد قبله ولم يأت به أحد بعده.
الحسن بن علي نتحدث عن بعض عمله فنقول: أنه سقي السم ست مرّات لم يؤثر به في خمسة منها وأثر به في السادسة، وجلس أخوه الحسين عند رأسه، وقال: ألا تخبر عمن سقاك السم يا أخي؟ فقال: يا أخي مما كان أبي علي غمازاً وما كانت أمي وما كان جدّي محمد المصطفى وما كانت جدّتي خديجة وما كان من أهل البيت غماز.
وأني لا أدخل الجنة يوم القيامة بعد غفران ربي حتى يهبني من سقاني السم.
ومن أخلاق الحسين: أنه كان يأكل طعامه وكانت جارية واقفة على رأسه فسقط الإناء من يدها فنظر إليها الحسين فقالت: (والكاظمين الغيظ)([32]).
فقال: عفوت عنك.
قالت: (والله يحب المحسنين)([33]).
قال: أنت حرّة لوجه الله تعالى.
وكيف نستقصي مناقب كان فلذة من نبي.
قال تعالى: {إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}([34]).
كان النبي مع علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء والحسن والحسين تحت الكساء فجاء جبرائيل، وقال: إذن لي يا محمد أن أكون معكم لأكون سادسكم<([35]).
أبو الحسن الجويري الغزنوي
باب في ذكر أئمة من أهل البيت... وأهل بيت النبي هؤلاء مختصون بالطهارة الإلهية وكل منهم قدوة الطائفة وقدوة الخاص والعام، وها أنا أبين سيرة بعضهم إن شاء الله.
منهم: فلذة المصطفى وريحانة فؤاد المرتضى، قرة عين الزهراء، أبو محمد الحسن بن علي ـ كرم الله وجهه ـ
له نظر كامل في هذه الطريقة وحظ وافر في دقائق العبارات ولما غلب القدريون وتشتت أهل الاعتزال كتب الحسن البصري إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما قائلاً:
سلام عليك يا بن بنت الرسول وقرّة عينه ـ رحمة الله عليكم وبركاته وانتم يا بني هاشم كالسفن السائرة في البحار والنجوم الساطعة، وأنتم علائم الهداية والأئمة من اتبعكم نجا كما نجا من ركب سفينة نوح فالذين نجوا من الغرق هم المؤمنون.
فما تقوم يا بن الرسول ونحن في حيرة من القدر واختلاف في الاستطاعة لنعرف نهجك في هذا وأنتم ذرية النبي وعلمكم من علم الله الذي لا ينقطع وهو حافظكم.
فجاء الجواب أن العبد مخيّر فمن قال القدر (تفويض الناس) فهو كافر ومن قال أن المعصية من الله فهو فاجر، وهو مذهب أهل الجبر وأن الدين لا جبر ولا تفويض.
ورآه إعرابي فسبه وسب أمه، وأباه فنهض إليه وقال: يا إعرابي إن كنت جائعاً أطعمناك أو ظمآناً سقيناك، ثم ألتفت إلى غلامه وأمره أن يأتيه ببدرة دنانير فناولها إلى الأعرابي وقال: لوكان عندنا غير هذا أعطيناك.
فلما رأى الإعرابي ذلك قال: أشهد أنك ابن رسول الله. هذا من صفات الحليم، وقد جاء عن مشايخنا رضوان الله عليهم أن المدح والذم يتساوى عندهم وهم لا يغضبون ممن أساء إليهم.
وأما شمعة آل محمد سيد زمانه أبو عبدالله الحسين بن علي بن أبي طالب فهو محقق الأولياء وقبلة أهل البلاء وقتيل كربلاء.
وقد اتفق أهل هذه ا لقصة على صحة حاله لإظهار الحق، فلما رأى الحق مفقوداً شهر سيفه وجاد بنفسه شهادة في سبيل الله، ومناقبه أشهر من أن تخفى على الأمة.
وأيضاً وارث النبوّة وسراج الأمة، السيد المظلوم والإمام المحروم زين العباد وشمع الأوتاد أبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أكرم وأعبد أهل زمانه وهو مشهور بكشف الحقائق ونطق الدقائق، وقد جاء أن الحسين لما قتل وقتل جميع ولده رضوان الله عليهم في كربلاء لم يبق غيره ليكون القيم على الضعفاء وكان عليلاً.
وكان أمير المؤمنين الحسين يدعوه علياً الأصغر.
وقد حمل على الإبل بلا وطا إلى دمشق وأدخل على يزيد بن معاوية أخزاه الله.
قال له رجل: كيف أصبحتم يا أهل بيت الرحمة؟
فقال: في جفاء من قومنا كما أصبح قوم موسى من قوم فرعون يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم، لا نعرف نهاراً من ليل.
وجاء في الأخبار أن هشام بن عبدالملك بن مروان حج ذات مرّة فلما قام بالطواف وأراد استلام الحجر الأسود لم يستطع من شدّة ازدحام الخلق فوضع له منبر وجلس ينظر.
ثم جاء زين العابدين علي بن الحسين إلى المسجد الحرام وقد أشرق وجهه المقمر وفاح ثوبه ا لمعطر، فطاف حول البيت فلما أراد استلام الحجر الأسود انشق له الناس صفين تعظيماً وإجلالاً فاستلم الحجر وقبله.
فلما رأى أهل الشام ذلك سأل رجل من هشام: من هذا الذي انفرج له الناس صفين؟ فقال هشام: لا أعرفه وكان مراده ألا يعرفه أهل الشام فيولّونه ويزهدون فيه.