عربي
Saturday 23rd of November 2024
0
نفر 0

أهل البيت النور المطلق

أهل البيت النور المطلق

أهل البيت النور المطلق

انطلاقاً من الحديث الهام والموثوق عن النبي’ وصور له:

>أول ما خلق الله نوري<([1]).

وما أثبتناه فيما مضى في أن أهل البيت^ هم المظهر التام والكامل لهذا النور فإنه يمكن القول وبلا تردد في أن أهل البيت^ هم من حيث الهوية والماهية والخلقة ليسوا إلا النور الإلهي الذي يزخر القرآن الكريم في الإشارة إليه، وأن حقيقة وجودهم هي من حقيقة وجود الله الجامعة لجميع الصفات الكمالية.

هذه الحقيقة الخالدة المتصلة بالحق تعالى إلى الأبد. الحقيقة المتوهجة المتألقة المضيئة أبداً والتي لا تعرف الانتهاء ولا الانطفاء مهما كاد الكائدون وكره الكافرون وتميز غيظاً الحاقدون.

{يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ}([2]).

وهذه الآية الكريمة التي تصرح بشكل جليّ بإضافة النور إلى الله ومن ناحية أدبية نعرف أن المضاف يكتسب هويته وتعيّنه وأوصافه من المضاف إليه وهو الله عز وجل بعبارة أخرى أن هذا النور ـ الذي أوضحنا بأنه يعني أهل البيت والأئمة المعصومين ـ لا ينفصل عن الله عز وجل أبداً، وهو يتلقى الفيض الإلهي بشكل دائم ومستمر يقول الإمام الصادق×:

>أشدّ اتصالاً بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها<([3]).

أجل أن أهل البيت لأشد اتصالاً بالحق من شعاع الشمس بالشمس، وهذه الزيارة الجامعة الكبيرة وهي موثوقة السند متصلة بالإمام الهادي×، ونحن نزور أئمة أهل البيت جميعاً بهاو نقرأ فيها:

>خلقكم الله أنواراً<([4]).

ونجد فيها هذا النص أيضاً: >وأن أرواحكم ونوركم وطينتكم واحدة طابت وطهرت<([5]).

ونقرأ في زيارة وارث:

>أشهد أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة<([6]).

كما نقرأ في كتب المقاتل أن الإمام السجاد× لما وضع جسد أبيه الذبيح في القبر ووضع رقبته عن التراب قال:

>أبتاه أما الدنيا فبعدك مظلمة، وأما الآخرة فبنور وجهك مشرقة<([7]).

أهل البيت وإتباعهم

يروي أبو خالد الكابلي أنه سأل الإمام الباقر× حول قوله تعالى:

{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا}([8]).

فأجاب الإمام الباقر× قائلاً: يا أبا خالد النور والله الأئمة من آل محمد إلى يوم القيامة، هم والله النور الذي أنزل وهم والله نور الله في السماوات والأرض والله يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم والله ينوّرون قلوب المؤمنين ويحجب الله نورهم عمّن يشاء فتظلم قلوبهم. والله يا أبا خالد لا يحبنا عبد ويتولاّنا حتى يطهر الله قلبه، ولا يطهر الله قلب عبد حتى يسلم لنا ويكون سلماّ لنا فإذا كان سلماً سلّمه الله من شديد الحساب وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر([9])

أجل أن الإنسان عندما يجتنب الآثام والذنوب والمعاصي فإن قلبه ينفتح على نور أهل البيت فيتلقى إشراق النور، وحينئذ ينجذب إلى ذواتهم المقدسة فيملأ قلبه بحب أهل البيت^ ومودتهم ويتشرّب ثقافتهم ويسلك طريقهم وصراطهم الذي هو صراط الله المستقيم وطريق الحق القويم.

وقد ورد في مقتل سيد الشهداء× أن عمر بن سعد أرسل من قبله مبعوثاً إلى الإمام الحسين وكان برفقة رسول ابن سعد أربعة رجال وذلك في ساعات يوم عاشوراء الأولى فقرأ على الإمام× رسالة عمر بن سعد، وقد أجاب الإمام× لكن المبعوث ظل واقفاً فقال له الإمام ألا ترجع إليه بالجواب فقال الرجل: ما جئت إليك لكي أرجع أنا باق معك، أقف إلى جانبك([10]).

أجل أن القلم عندما ينفتح أمام شمس الإمام فإن ينغمر بالنور فنشد إلى الإمام ويدور في فلكه وحينئذ يسعد في دنياه وآخرته.

فالإمام وكما تفيد الروايات هو نور الله وشأنه المعنوي شأن الله وكل من أطاعه الله ومن أحبه فقد أحب الله ومن بايعه فقد بايع الله.

يروي ابن عباس أنه كان يطوف حول الكعبة فسمع هاتفاً يقول: أيها الناس من أراد أن يبايع الله فليبايع حسيناً، «سمعت قائلاً لم أرَ شخصه»([11]).

أن أهل البيت هم نور الله عز وجل الذي هو نور السماوات والأرض، وهم في السنام الأعلى وفي الذروة العليا من الطهر والنقاء والعصمة من الأنام والذنوب، وهم في أقصى درجات النفور من المعاصي والذنوب، وهم يحبون لشيعتهم أن يكونوا كذلك وأن يبذلوا غاية الجهد في اجتناب المعاصي وارتكاب الذنوب.

إنّ أهل البيت^ يرون الرجس الباطني ظلمات ولذا يصرّون على شيعتهم أن يقتدوا بهم للخلاص من ظلمة الباطن وظلامه.

إن أهل البيت وهم ذروة الطهر والنقاء لا يحبذون من تلوّث ثوبه بدنس ظاهر أو باطن، ولذا^ لا يستقبلون من كان جنباً أو بثوبه لوث.

وقد جاء في الأخبار أن أحدهم دخل المدينة وكان جنباً وأراد زيارة الإمام الصادق ثم الذهاب إلى الحمام للتطهّر فلما طرق الباب على الإمام إذا بصوته× يأتيه: >أن تطهّر ثم ائتنا<([12]).

اغتسل بدمعك هكذا يقول أهل الطريقة



 

تطهر أولاً ثم انطلق للقاء ذلك الطاهر

كلمة صدقت في الآفاق



 

وسبرت الوجود والأعماق

أرى في حنايه علياً

 

أنه يملأ الأبصار والأحداق

ليس كفى هذا الذي قلت

 

فعلي دليل الإيمان في الآفاق

 

إن حياة الحب والولاء لأهل البيت^ والاقتداء بهم في كل شؤون الحياة المادية و الروحية أن هكذا حياة هي في الحقيقة حياة الأنبياء.

يروي الإمام الباقر× عن جدّه رسول الله’ قوله:

>من أحب أن يحيا حياة تشبه حياة الأنبياء، ويموت ميتة تشبه ميتة الشهداء، ويسكن الجنان التي غرسها الرحمن، فليتولّ علياً وليوالِ وليّه وليقتد بالأئمة من بعده، فأنهم عترتي، خلقوا من طينتي؛ اللهم أرزقهم فهمي وعلمي، وويل للمخالفين لهم من أمتي، اللهم لا تنلهم شفاعتي<([13]).

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الخوف من سوء العاقبة
النفس ومراحلها السبعة:
حديث من العرفاء:
أهل البيت^ والعبودية-2
وَالْحُبُّ فَرْعُ الْمَعْرِفَةِ
أهل البيت النور المطلق
التوسل بأهل البيت -2
10. علل اختفاء النعم
11.استكمال البركة
مراحل عبادة العارفين:

 
user comment