س 40 : البداء إنّما وضع حلاً لموت إسماعيل ـ قبل أبيه ـ الذي اعتقدوا إمامته فترة من الزمن، عملاً بنظرية أنّ الإمامة في الكبير من أولاد الإمام السابق .
ج 40 : ثبوت مسألة البداء كعقيدة إسلامية يكفي في الدلالة عليها ما يلي :
1ـ قوله تعالى : { يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } (1) .
2ـ قوله تعالى : { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } (2) .
____________
1- الرعد : 39 .
2- الرحمن : 29 .
|
|
|
3ـ قوله تعالى : { لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا } (1) .
وكذلك ما ورد في آثار الدعاء وفلسفته في تغيير القدر ، أو الصدقة التي تدفع ميتة السوء ، أو صلة الرحم التي تطيل العمر ، وهذه كلّها مسلّمات عند جميع المسلمين ، وهي من البداء .
وكذلك ورد لفظ البداء في صحيح البخاريّ عن أبي هريرة قال : أنّه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : ( إنّ ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأعمى وأقرع بدا لله عزّ وجلّ أن يبتليهم ، فبعث إليهم ملكاً ... ) (2) ، وهناك أحاديث كثيرة بهذا اللفظ ، أو بمعنى البداء .
س 41 : حصر الإمامة في اثني عشر ، وضع حلاً لانعدام ذرّية الإمام الحادي عشر عندكم .
ج 41 : ثبت ذلك في كتب السنّة قبل وفاة الإمام العسكريّ (عليه السلام) ، فروى حديث الأئمّة الاثني عشر ، كلّ من أحمد بن حنبل (3) ، والبخاريّ (4) ، ومسلم (5) ، وكلّ هؤلاء ألّفوا كتبهم قبل وفاة الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام) .
حتّى قال ابن كثير في البداية والنهاية ، بعدما نقل من التوراة أنّ الله بشّر إبراهيم بإسماعيل ، وإنّه ينمّيه ويكثّره ، ويجعل من ذرّيته اثني عشر عظيماً ، ونقل عن شيخه ابن تيمية ، أنّه قال : ( وهؤلاء المبشّر بهم في حديث جابر بن سمرة ، وقرّر أنّهم يكونون مفرقين في الأُمّة ، ولا تقوم الساعة حتّى يوجدوا ، وغلط كثير ممّن تشرف بالإسلام من اليهود ، فظنّوا أنّهم الذين تدعو
____________
1- الطلاق : 1 .
2- صحيح البخاريّ 4 / 146 .
3- مسند أحمد 1 / 398 و 5 / 86 و 90 و 95 و 101 و 107 .
4- صحيح البخاريّ 8 / 127 .
5- صحيح مسلم 6 / 3 .
|
|
|
إليهم فرقة الرافضة فاتبعوهم ) (1) .
وكلّ ذلك يا أخي ، يدلّ على وجود النصّ على الأئمّة الاثني عشر حتّى في الأديان السابقة ، ناهيك عن كتب المسلمين المتقدّمين منهم والمتأخّرين ، فهي من الأُمور المتسالمة .
س 42 : جاء في نهج البلاغة ذكر صفات هامّة لإمام المسلمين، من ذلك :
1ـ قال الإمام علي (عليه السلام) حين جمع الناس وحثّهم على الجهاد ، فتكاسلوا وتحجّجوا بعدم خروجهم معه ، فقالوا : إن تخرج نخرج ، فقال كلاماً منه : ( أفي مثل هذا ينبغي لي أن أخرج ! وإنّما يخرج في مثل هذا رجل ، ممّن أرضاه من شجعانكم ، وذوي بأسكم ، ولا ينبغي لي أن أدع الجند والمصر وبيت المال وجباية الأرض ، والقضاء بين المسلمين ، والنظر في حقوق المطالبين ، ثمّ أخرج في كتيبة أتبع أخرى ... ) (2) .
2ـ قال (عليه السلام) في تبيين سبب مطالبته بالإمامة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ( اللهم إنّك تعلم أنّه لم يكن الذي كان منّا منافسة في سلطان ، ولا التماس شيء من فضول الحطام ، ولكن لنرد المعالم من دينك ، ونظهر الإصلاح في بلادك ، فيأمن المظلومون من عبادك ، وتقام المعطّلة من حدودك ... ) (3) .
يبيّن فيها سبب طلبه للحكم ، ويصف الإمام الحقّ .
3ـ قال (عليه السلام) : ( إنّه ليس على الإمام إلاّ ما حمل من أمر ربّه : الإبلاغ في الموعظة ، والاجتهاد في النصيحة ، والإحياء للسنّة ، وإقامة الحدود على مستحقيها ، وإصدار السهمان على أهلها ) (4) .
في بعض صفات الرسول الكريم ، وتهديد بني أُمية وعظة الناس .
فقد ذكر (عليه السلام) في الكلمة الأُولى بعضاً من أهمّ أعمال الإمام ، وهي أنّه
____________
1- البداية والنهاية 6 / 280 .
2- شرح نهج البلاغة 7 / 285 .
3- المصدر السابق 8 / 263 .
4- المصدر السابق 7 / 167 .
|
|
|
لا ينبغي للإمام ترك الجند والمصر ، وبيت المال وجباية الأرض ، والقضاء بين المسلمين ، والنظر في حقوق المطالبين ، رغم وجاهة السبب وهو الخروج للجهاد .
كما ذكر (عليه السلام) في الكلمة الثانية أعمالاً هامّة أُخرى للإمام ، وهي ردّ المعالم من الدين ، وإظهار الإصلاح في بلاد ربّ العالمين ، وتأمين المظلومين ، وإقامة المعطّل من حدود أحكم الحاكمين .
كما ذكر (عليه السلام) في الكلمة الثالثة أعمالاً أُخرى للإمام ، وهي : الإبلاغ في الموعظة ، والاجتهاد في النصيحة ، والإحياء للسنّة ، وإقامة الحدود على مستحقّيها ، وإصدار السهمان على أهلها ، ومن المعلوم أنّ اشتراط الإمام علي (عليه السلام) في الإمام القيام بتلك الأعمال هو معنى ما تشترطه الزيديّة في الإمام ، من الدعوة والقيام بأمر الإمامة .
كما أنّه من المعلوم : أنّ غائب الاثني عشرية لا يقوم بشيء من تلك الأعمال ، ولا يفعل شيئاً من تلك المهام ؛ فهو تارك للجند والمصر ، وبيت المال ، وجباية الأرض ، والقضاء بين المسلمين ، والنظر في حقوق المطالبين ، كما أنّه لا يردُّ المعالم من الدين ، ولا يظهر الإصلاح في بلاد المسلمين ، ولا يؤمن المظلومين ، ولا يقيم حدود دين ربّ العالمين ، وكذلك لا ينطبق عليه ما اشترطه الإمام علي(عليه السلام) في الإمام ، من الإبلاغ في الموعظة ، والاجتهاد في النصيحة ، والإحياء للسنّة ، وإقامة الحدود على مستحقّيها ، وإصدار السهمان على أهلها ؛ فهو لا يبلغ في الموعظة ولا ينصح ، ولا يحيي السنّة ولا يقيم الحدود ، ولا يصدر السهمان على أهلها ، أليس في عدم اتصاف غائب الاثني عشرية بتلك الصفات والأعمال نقض لمشروعية الغيبة ؟
وكيف ستجمعون بين كلام الإمام علي (عليه السلام) وبين عدم اتصاف غائب الاثني عشرية بهذه الصفات الإمامية الهامّة ؟ وعدم قيامه بشريف تلك الأعمال السامية .
ج 42 : المواصفات التي ذكرها أمير المؤمنين (عليه السلام) واضحة ، لمن كان من
|
|
|
الأئمّة (عليهم السلام) متقلّداً للإمامة ظاهراً .
فإنّ الإمام علي (عليه السلام) هو نفسه لم يفعل كلّ ذلك أو أغلبه ، لما أبعد عن مقامه في بداية الخلافة ، وكذلك في زمانه لم يستطع فعل الكثير من السنن ، أو النهي عن الكثير من البدع ، وكذلك أنّه لم يُطع إلاّ قليلاً ، وقد حورب وكفّر ، ولم يُسمع رأيه .
فالإمامة التي تصلح الأُمّة بها ، لا تكون فيها المصلحة الكاملة حتّى تكون في وقتها وبشروطها ، فلمّا ترك المسلمون ذلك بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ضلّوا واختلفوا، ولم يوفّقوا لثمرة الإمامة إلاّ بالنزر اليسير .
فالأئمّة (عليهم السلام) لم يتقلّدوا الإمامة إلاّ في زمان أمير المؤمنين ، وهي خمسُ سنوات وستّة أشهر ، وللإمام الحسن ، وجرى في جُلِّ هذه المدّة البسيطة من حربهم ومخالفتهم حتّى انقضت .
وكذلك عصر الغيبة لا يختلف عمّا سبق ، إلاّ بعدم ظهور الإمام ، وقد حصل السجن أو القعود في البيت لكثير من الأئمّة قبله ، والفرق هنا هو طول مدّة الغيبة ، وعدم مشاركة الناس الظاهرة ، أو وجود آرائه ، أو المشاركة في شيء من الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر ، أو نشر العلم أو غير ذلك ظاهراً مشهوراً بين الناس معروفاً ، وإن كان الكثير منه معروفاً لدى القليل منهم ، وليس ذلك أمراً غريباً بعدما رفضوا من قبل المسلمين ، ولم يعملوا بوصية رسول ربّ العالمين .