ثمّ أورد عليك نقضاً بغياب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلاثة أيّام في الغار ، فما تقول هنا نقول هناك ؟
س 43 : قال الإمام علي (عليه السلام) : ( وقد علمتم أنّه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء ، والمغانم والأحكام ، وإمامة المسلمين البخيل فتكون في أموالهم نهمته ، ولا الجاهل فيضلّهم بجهله ، ولا الجافي فيقطعهم بجفائه ، ولا الحائف للدول فيتخذ قوماً دون قوم ، ولا المرتشي في الحكم فيذهب
|
|
|
بالحقوق ، ويقف بها دون المقاطع ، لا المعطّل للسنّة فيهلك الأُمّة ) (1) .
يبيّن فيها سبب طلبه للحكم ، ويصف الإمام الحقّ .
إذا كانت الإمامة محدّدة بالنصّ على أسماء أشخاص معينيّن كما تقولون ، وليست كما تقول الزيديّة من أنّها بالشروط والصفات ؛ فلماذا لم يقل الإمام علي (عليه السلام) أنّه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين ـ غير الأئمّة الاثني عشر ـ وإنّما عيّن الأئمّة بذكر صفات كما هو مذهب الزيديّة من تحديد الإمامة بالصفات والشروط ؟
ج 43 : الإمام هنا يبيّن صفاته وواجباته بعد ثبوت إمامته وولايته للأمر ، أي أنّه يبيّن صفات الإمام الواقعية ، أمّا إذا اغتصب آخر للخلافة ، وجعلها ملكاً عضوضاً ، أو ملكاً جبرياً ، أو دون نصّ من الله أو رسوله ، فلا يقصد الإمام وصفه بذلك واقعاً وشرعاً كما بيّنا سابقاً .
وقد بيّن الإمام (عليه السلام) حقّه والنصّ عليه ، كما يروي أحمد في مسنده (2) وغيره ، من أنّه أشهد الصحابة على نصّ حديث الغدير في رحبة الكوفة ، ودعا على من لم يشهد له بعد أن كان خليفة عليهم وباختيارهم ، وكانوا قد بايعوه واتفقوا على خلافته ، فلماذا يستشهد ويستدلّ بحديث الغدير ؟ ويظهر النصّ عليه من قبل الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) .
س 44 : قال (عليه السلام) لعثمان بن عفّان : ( فاعلم أنّ أفضل عباد الله عند الله إمام عادل ، هُدِي وهَدَى ، فأقام سنّة معلومة ، وأمات بدعة مجهولة ، وإنّ السنن لنيرة لها أعلام ، وإن البدع لظاهرة لها أعلام ، وإنّ شرّ الناس عند الله إمام جائر ، ضَلَّ وضُلَّ به ، فأمات سنّة مأخوذة ، وأحيا بدعة متروكة ، وإنّي سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول : يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر ، وليس معه نصير ولا عاذر ، فيلقى في نار جهنّم ، فيدور فيها كما تدور الرحى ، ثمّ
____________
1- المصدر السابق 8 / 263 .
2- مسند أحمد 1 / 84 و 118 و 4 / 370 .
|
|
|
يرتبط في قعرها ) (1) .
قالها حينما اجتمع إليه الناس شاكين عثمان ، وطلبوا منه مخاطبته ونصحه .
قسّم الإمام علي (عليه السلام) في هذه الكلمة أصحاب الإمامة إلى عادل مهدي ، مقيم للسنّة ، ومميت للبدعة ، وإلى جائر ضالّ ، مميت للسنّة ، ومحيي للبدعة ، فإذا كانت الإمامة منحصرة في اثني عشر كما تقولون ، فسيكون معنى تقسيم الإمام (عليه السلام) أنّ الإمام الجائر الضالّ المميت للسنّة ، والمحيي للبدعة ، إنّما هو من أُولئك الاثني عشر ، فما تعليقكم ؟
وأخيراً : نسأل الله أن يوفّقنا جميعاً لمرضاته ، ويهدينا للمستقيم من صراطه ، ويجنبنا الشكّ في دينه ، والإلحاد عن سبيله ، والضلال عن ما ارتضاه منهجاً لجميع عبيده ، آمين اللهمّ آمين .
ج 44 : نقول يرد ذلك عليكم أيضاً ، فإنّكم لا تؤمنون بأئمّة الجور أيضاً .
بالإضافة إلى ذلك نقول : أنّ الإمام (عليه السلام) هنا ليس في صدد قبول إمامة الإمام العادل ، والإمام الجائر ، وشرعيّة إمامتهم ، ولكنّه يتكلّم عن الواقع الحاصل في الخارج ، وذلك لبيان حاجة الناس للإمام ، سواء كان إماماً شرعيّاً ، أو غاصباً غير شرعيّ .
وعندنا قامت الأدلّة كافّة على شرعيّة اثني عشر إماماً فقط ، منذ وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى قيام المهديّ (عليه السلام) وظهوره ، وقيام دولة الحقّ في الأرض ، وإقرار عيون المؤمنين ، وكذلك شرعيّة نُوّابهم الخاصّين والعامّين إلى قيام يوم الدين .
وفي الختام : نسأل لك الموفّقية والهداية لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) ، فإنّه والله السعادة في الدنيا والآخرة .
____________
1- المصدر السابق 9 / 261 .
|
|
|
( أحمد محمّد . مصر . 22 سنة . بكالوريوس في الهندسة الطبية )
السؤال : ما رأيكم في رأي الإمام زيد في أبي بكر وعمر ؟ وهل كان حقّاً مقرّاً بخلافتهم ؟ وإن كان ذلك صحيحاً فما تفسير ذلك ؟ وإن كان خاطئاً ، فكيف شاع هذا الرأي عنه ؟ وشكراً جزيلاً لسعة صدركم .
الجواب : إنّ زيد بن الإمام زين العابدين (عليه السلام) كان جليل القدر ، عظيم الشأن ، كبير المنزلة ، رأيه في أبي بكر وعمر رأي أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) ، من أنّهما غصبا الخلافة من الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو أحقّ بها ، وما ورد ممّا يوهم خلاف ذلك ، فهو أمّا مطروح ، أو محمول على التقيّة .
ويؤيّد هذا ما جاء في كتب القوم ، من أنّ أتباع زيد سألوه عن رأيه في أبي بكر وعمر ، وعن مطالبته بدم أهل البيت ، فقال : ( إنّا كنّا أحقّ بسلطان رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الناس أجمعين ، وإنّ القوم استأثروا علينا ، ودفعونا عنه ... ) (1) .
فهذه الرواية تنصّ بصراحة ، ولا تقبل التأويل والجدل ، على أنّ زيداً كان يرى أنّ القوم قد اغتصبوهم حقّهم ، واستأثروا به عليهم ، وهي لا تتّفق مع الشائع عنه على ألسنة بعض الكتّاب .
( يعقوب الشمّري . اسكتلندا . 18 سنة . طالب )
السؤال : هل صحيح أنّ زيد بن علي كان يتولّى الشيخين ؟
الجواب : نُسب إلى زيد كلمات وأقوال في هذا المجال ، لا طريق لنا لإثبات صحّتها ، لأنّها وردت في بعض كتب التاريخ والسير بدون سند ، أو بسند ضعيف؛ مضافاً إلى معارضتها مع ما ورد عندنا من تصريح زيد بالبراءة منهما (2) .
____________
1- تاريخ الأُمم والملوك 5 / 498 ، البداية والنهاية 9 / 361 .
2- بحار الأنوار 46 / 201 .
|
|
|
نعم ، قد يكون صدر منه بعض العبارات إمّا تقيّة ، ولحقن الدماء ، وتوحيد صفوف جبهة المعارضة ضدّ بني أُمية ، وإمّا أنّ هذه الكلمات صدرت بنحو التورية في الكلام ، كما ينسب إليه أنّه سئل عنهما فأجاب بأنّهما : إمامان عادلان ، فكان يقصد العدول عن الحقّ ، ولو أنّه يوهم خلاف ذلك .
|
|
|
( زهراء . العراق . ... )