إقامة المجالس لإحياء ذكر أهل البيت
من الأمور التي أكّد عليها أئمة أهل البيت^ هي إقامة مجالس الذكر لأهل البيت^ وفي طليعة هذه المجالس: المجالس الحسينية لإحياء ملحمة سيد الشهداء في عاشوراء.
ومن هنا فإن الشيعة وبعد استشهاد الإمام الحسين وبتوجيه من أهل البيت^ اتجهوا إلى إقامة المجالس الدينية للتبليغ الثقافي والتوجيه الأخلاقي وهكذا ظهر المنبر الحسيني الذي يعد مدرسة ثقافية كبرى لتعليم القرآن الكريم والفقه والأخلاق وإباء الضيم ومواجهة الظالمين وهذه المجالس المباركة خرّجت آلاف العلماء والثائرين وأطاحت بعروش الحاكمين.
ولا يمكن في هذه السطور أن نعدد الآثار التي تركها المجلس الحسيني في التاريخ وأن الله وحده هو الذي يحيط بما فعله المنبر الحسيني في التاريخ الإسلامي.
وأجمل ما في هذه المجالس أن يتضامن عشّاق أهل البيت يداً بيد لإقامة مجالس الذكر على الحسين× وأهل البيت^ في أيام محرم وصفر والأيام الفاطمية كل عام.
وفي هذه المجالس المباركة يتلقى الناس خطاباً مفعماً بالقيم الأخلاقية والإنسانية إضافة إلى دوره في تزكية النفس وصقل الروح.
وفي بعض المواسم الدينية يتوجه الملايين من الناس لأداء مراسم الزيارة فتزدهر الحياة الاقتصادية في المدن التي يضم ترابها ضريح إمام من أئمة أهل البيت.
وما أكثر المجالس التي دفعت بعض المحسنين إلى تأسيس المدارس وإنشاء دور الأيتام وإقامة الجمعيات الخيرية.
إن الذين يعارضون إقامة هذه المجالس إنّما يعارضون الله ورسوله وهم أعداء الإنسان والإنسانية.
قال الإمام الصادق× للفضيل بن يسار:
>تجلسون وتتحدثون؟ فقال: نعم، فقال: إنّ تلك المجالس أحبُّها، فأحيوا أمرنا فرحم الله من أحيا أمرنا<([1]).
وقال الإمام الباقر×:
>رحم الله عبداً اجتمع مع آخر فتذاكر أمرنا، فإنّ ثالثهما ملك يستغفر لهما، وما اجتمع أثنان على ذكرنا إلا باهى الله بهما الملائكة فإذا اجتمعتم فاشتغلوا بالذكر؛ فإن في اجتماعكم ومذاكرتكم إحياءنا<.
وقال الإمام الرضا×:
>من جلس مجلساً يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب<.
وقد أصبحت مودة أهل البيت ركن في الدين، يقول القرآن الكريم:
{قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ}.
وجاء في مناسبة أخرى:
{... فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
وأصبح حب أهل البيت أجر الرسالة:
{... قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ
يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ}.
وقال النبي’: >لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه وتكون عترتي أحبّ إليه من عترته ويكون أهلي أحب إليه من أهله<([2]).