السؤال: ما هی ضرورة وحدة الأمة الإسلامیة و کیف تحصل؟
الجواب: نحن فی عهد جدید من التاریخ الإسلامی، وأن هذا العهد هو عهد نهوض الأمة الإسلامیة والعودة إلى القیم الإسلامیة" و إن ما نحتاج الیه الیوم هو وحدة الأمة الإسلامیة ، کما هی من اهم مسائل الاسلام و تدل علیه الآیات والروایات؛ منها:
1 ـ قال الله تعالى: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِیعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ)[1]؛
2- قال النبی (صلى الله علیه وآله) فی خطبة حجة الوداع: « ایّها الناس! انّ ربّکم واحد و اباکم واحد، لیس لعربى على اعجمىّ و لا لأعجمىّ على عربىّ و لا لأحمر على ابیض و لا لأبیض على أحمر فضلٌ الاّ بالتقوى»[2]؛
3 ـ و جاء فی کتاب مسند احمد عن النبی (صلى الله علیه وآله): « مثل المؤمنین فی توادّهم و تعاطفهم و تراحمهم مثل الجسد، اذا اشتکى منه شىء تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمىّ»[3]؛
4 ـ و جاء فی کتاب بحار الانوار عن الامام باقر(علیه السلام): « لمّا کان یوم فتح مکة قام رسول الله(صلى الله علیه وآله) فی الناس خطیباً فحمد الله و اثنى علیه ثمّ قال: ایها الناس! لیبلغ الشاهد الغائب، انّ الله تبارک و تعالى قد اذهب عنکم بالاسلام نخوة الجاهلیة و التفاخر بآبائها و عشائرها. ایها الناس! انّکم من آدم و آدم من طین، ألا و انّ خیرکم عند الله و اکرمکم علیه الیوم اتقاکم و اطوعکم له»[4]؛
فالمستفاد من الآیات و الروایات و سیرة النبی (صلى الله علیه وآله) ضرورة اتحاد المسلمین و التاکید علی الاصول المشترکة و الاهداف المهمة ؛و إنه من المؤسف أن 90% مما یثار حوله النقاش والحدیث هو فی 10% الخلافیات بین الناس بما یجهد الذهن ویضیع الأوقات ویفرق ولا یجمع.
ثم لتحصیل اجتماع الکلمة ووحدة الصف والاتفاق وسائل یمکن استلهامها من الآیات و الروایات نذکر بعضها:
1) معرفة لغة المتکلم وحقیقة رأیه: فإذا جهل الإنسان حقیقة قول المتکلم ومقصده من اصطلاحاته حمله على غیر مقصوده؛
2) التثبت:فالاستعجال فی إصدار الأحکام تصرف یوقع صاحبه فی الزلل والخطأ، ولذا جاء الشرع بالأمر بالتثبت والتبیّن کما قال تعالى: (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَتَبَیَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَیْکُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً).[5]
والمراد بالتبیّن: التعرّف والتبصر والأناة وعدم العجلة حتى یتضح الأمر ویظهر؛
3) الإنصاف مع المخالف: فإن الاختلاف فی الرأی لا یمکن أن یکون مؤدیاً إلى فتنة إلا إذا صاحبه بغى أو هوى کما قال تعالى: (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِینَ أُوْتُواْ الْکِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْیًا)[6]
4) لزوم آداب الشرع: فإن فی سلوک الأدب تخلصاً من آثار الخلاف السیئة ومنعاً لتضخمها وهذه الآداب کثیرة،
منها: إحسان الظن بالمخالف، فقد أمرنا الله بذلک: (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا کَثِیراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ).[7]فلا یجوز تکفیر الأمة بدون تحقیق فی آرائه .
و منها: الخضوع للحق ولو نطق به الخصم کما قَالَ النَّبِیُّ ص: فِی الْقَلْبِ نُورٌ لَا یُضِیءُ إِلَّا مِنِ اتِّبَاعِ الْحَقِ وَ قَصْدِ السَّبِیلِ وَ هُوَ نُورٌ مِنَ الْمُرْسَلِینَ الْأَنْبِیَاءِ مُوَدَّعٌ فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ.[8]
وَ قال الشافعی: "ما ناظرت أحداً إلا قلت: اللهم أجْرِ الحق على قلبه ولسانه، فإن کان الحق معی اتبعنی، وإن کان الحق معه اتبعته".[9]و... .
نتیجة هذه المباحث ان الوحدة الإسلامیة ممکنة التحقیق ما دامت الأمّة الإسلامیة تجتمع حول عقیدة واحدة ، ومصالح واحدة ، ومصیر واحد ، و تواجه عدوّا واحدا وحّد صفوفه وإمکاناته من أجل إیقاف المسیرة الإسلامیة.
مصادر:
[1]. سورة: آل عمران، الآیة: 103.
[2]. سیره ابن هشام، ج 2، ص 412.
[3]. مسند احمد، ج 4، ص 270.
[4]. بحارالأنوار، ج 73، ص 293.
[5]. سورة النساء: 94.
[6]. سورة آل عمران: 19.
[7]. سور ة الحجرات: 12.
[8]. بحار الأنوار، ج2، 265.
[9]. قواعد الأحکام: 2/176.
مصدر: مکتب سماحة آیة الله العظمی مکارم الشیرازی