روي أن شخصاً مبتلى بالضيق، كان يمشي في الطريق، فرأى فتاة جميلة، فأمعن نظره في حسنها و جمالها، فوقع قلبه اسيراً لهذا الجمال، فتبعها؛ وعندما وصلت تلك الفتاة إلى دارها نظرت إلى ورائها فرأت ذلك الرجل المتيّم بجمالها، فقالت: ماذا تريد؟ فقال: ان جمالك قد أسرني وسيطر عليّ، فأحببت وصالک.
و کانت تلك الفتاة على قدر واسع من الجمال؛ و ايضاً كانت عاقلة؛ فقالت: غداً سوف اجيب ما طلبت.
وفي اليوم التالي، كان الرجل ينتظرها؛ حتى يستطيع ان يرى ذلك الجمال ويصل إلى غايته، فجاءت تلك الفتاة ومعها جاريتها وبيدها مرآة، فقالت: يا جارية، اعكسي المرآة حتى يستطيع ذلك الرجل ان يراني ويصل إلى مراده([1]).
فالقلب مشتاق لجمال قلب آخر، وروحه يختلف عن بقية الارواح. فالمشتاق في سلطة عشق الحق، والمشتاق يعشق العبادة ويتجنب الذنوب، والعارف المستغرق في حب الله؛ يضحي بروحه وجسمه، و قد قال أهل العرفان:
قُلُوبُ الْمُشْتاقينَ مُنَوَّرَة بِنُورِ اللّه فَإِذا تَحَرَّكَ اشْتِياقَهُمْ أَضاءَ النُّورُ مابَيْنَ السَّماءِ وَالأَرْضِ، فَيَعْرِضَهُمُ اللّه عَلَى الْمَلائِكَةِ وَيَقُولُ: هؤلاءِ المُشْتاقُونَ إِلَيَّ، أُشْهِدُكُمْ أَنّي إِلَيْهِمْ أَشْوَق[2].
[1]- روح الأرواح: 18.
[2]- روح الأرواح: 22.