فارسی
سه شنبه 02 مرداد 1403 - الثلاثاء 15 محرم 1446
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه

0
نفر 0

الصحیفة الزبرجدیة فی کلمات سجادیة

الصحيفة الزبرجدية في کلمات سجادية



مقدمة
الحمدلله رب العالمين، ‌و‌ صلي الله علي ‌من‌ أرسله شاهدا ‌و‌ مبشرا ‌و‌ نذيرا ‌و‌ داعيا الي الله باذنه ‌و‌ سراجا منيرا؛ خاتم الأنبياء محمد المصطفي نبي الرحمة، ‌و‌ علي أهل بيته مصابيح الدجي، الهادين الي الطريق القويم.
أهدي شکري الجزيل الي أهل التحقيق ‌و‌ التنقيب ‌من‌ أعلام الولاية الذين بذلوا جهدهم المقبول ‌و‌ سعيهم المشکور لتکريم زبور ‌آل‌ محمد ‌و‌ انجيلهم ‌و‌ سائر صحف رابع الأئمة الامام زين العابدين ‌و‌ سيد الساجدين علي ‌بن‌ الحسين عليه السلام، ‌و‌ أجمعوا عزمهم السامي الراقي علي تأسيس ذلک المجمع العلمي الولائي العظيم ‌و‌ تشکيله في سورية؛ ‌و‌ أسأل الله سبحانه مزيد توفيقه في اعلاء معارف القرآن الکريم، ‌و‌ نشر التراث العلمي الذ ي أورثه أئمة الدين المعصومون الذين (هم عيش العلم ‌و‌ موت الجهل ‌و‌ دعائم الاسلام ‌و‌ ولائج الاعتصام)، ‌و‌ قد قال ‌عز‌ ‌من‌ قائل: (انا ‌لا‌ نضيع أجر ‌من‌ أحسن عملا) (الکهف / 30)
ثم ‌ان‌ هذه الوجيزة المسامة ب (الصحيفة الزبرجدية في کلمات سجادية) مبوبة في البابين، باب الدعوة، ‌و‌ باب الرحمن، کما يلي:

باب الدعوة
قال الله تعالي: (قل کل يعمل علي شاکلته) (الاسراء / 85)، ‌و‌ ‌لا‌ يخفي علي أولي الألباب ‌ان‌ هذا الحکم الحکيم ضابطة عملية ‌و‌ قاعدة کلية تشمل الواجب ‌و‌ الممکن بلا مراء ‌و‌ ‌لا‌ ارتياب، فان کل أثر يحاکي شأن مؤثره، فحيث أن وجود حقيقة الحقائق أعني الحق سبحانه غير متناه فآثار الوجودية غير متناهية أيضا، کما قال ‌عز‌ ‌من‌ قائل: (قل لو کان البحر مدادا لکلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ کلمات ربي ‌و‌ لو جئنا بمثله مددا) (سورة الکهف / 109)؛ ‌و‌ کذلک قوله تعالي: (و لو أن ‌ما‌ في الأرض ‌من‌ شجرة أقلام ‌و‌ البحر يمده ‌من‌ بعده سبعة أبحر ‌ما‌ نفدت کلمات الله ‌ان‌ الله عزيز حکيم) (لقمان / 27).
و کما أن کتابه التکويني غير متناه، کذلک کتابه التدويني أعني القرآن الکريم غير متناه أيضا، لأن القرآن الکريم علي شاکلة قائله، ففي الحديث (أعطيت جوامع الکلام) يريد ‌به‌ القرآن الکريم لأن الله جمع بألفاظه اليسيرة المعاني الکثيرة حتي روي عنه (ص) أنه قال: (ما ‌من‌ حرف ‌من‌ حروف القرآن الا ‌و‌ له سبعون ألف معني).
و في وصية الامام علي عليه السلام لابنه محمد ‌بن‌ الحنفية (رض) (... عليک بتلاوة القرآن ‌و‌ العمل به، ‌و‌ لزوم فرائضه ‌و‌ شرائعه، ‌و‌ حلاله ‌و‌ حرامه، ‌و‌ أمره ‌و‌ نهيه، ‌و‌ التهجد به، ‌و‌ تلاوته في ليلک ‌و‌ نهارک، فانه عهد ‌من‌ الله تعالي الي خلقه، فهو واجب علي کل مسلم أن ينظر في کل يوم في عهده ‌و‌ لو خمسين آية، ‌و‌ اعلم أن درجات الجنة علي عدد آيات القرآن، فاذا کان يوم القيامة يقال لقاري القرآن أقرأ وارق، فلا يکون في الجنة بعد النبيين ‌و‌ الصديقين أرفع درجة منه..) [1] .
و تدبر قوله عليه السلام: (يقال لقاري القرآن. اقرأ وارق) فکأنه قال لولده: اذا فهمت معني ‌من‌ معاني آياته، ‌و‌ بلغت درجة ‌من‌ درجاتها، فارق الي معني آخر فوق المعني الأول، ‌و‌ الي درجة فوق الدرجة الأولي ‌و‌ هکذا، ‌و‌ ذلک لأن القرآن بحر ‌لا‌ ينفد؛ ‌و‌ کما ‌ان‌ الحق سبحانه صمد کذلک کتابه صمد، ‌و‌ الصمد ‌هو‌ الذي ‌لا‌ جوف له. ‌و‌ أشرت الي ذلک المعني الرفيع في قصيدتي المسماة (ينبوع الحياة):

هو الصمد الحق أي الکل وحده  
هو الأول في آخر الآخرية

هو الصمد الحق کذاک کتابه  
و ذا الحکم فاق الشمس عند الظهيرة

و قال أميرالمؤمنين علي عليه السلام: (لو شئت لأوقرت أربعين بعيرا ‌من‌ شرح بسم الله)؛ ‌و‌ قد روي ابن عباس عنه عليه السلام أنه شرح له في ليلة واحدة ‌من‌ حين أقبل ظلامها، الي حين أسفر صباحها، ‌و‌ أطفأ مصباحها، في شرح الباء ‌من‌ بسم الله ‌و‌ لم يتعد الي السين، ‌و‌ قال: (لو شئت لأوقرت أربعين ‌و‌ قرأ ‌من‌ شرح بسم الله)؛ ‌و‌ في بعض النسخ بعيرا بدل ‌و‌ قرا [2] .
کيف ‌لا‌ وقد سمعت ‌من‌ بعض أساتذتي، أن عبدالکريم الجبلي، ‌و‌ کان ‌من‌ أکابر العلماء، قد صنف في شرح کريمة (بسم الله الرحمن الرحيم) کتابا بلغ الي تسعة عشر مجلدا بعدد حروف البسملة، فما ظنک بالامام علي عليه السلام.
تنبيه: ‌ما‌ أهدينا اليک في تلک السطور ‌من‌ عدم تناهي الکلمات الوجودية ‌و‌ الآيات الالهية، ‌لا‌ ينافي ‌ما‌ تحرر في الصحف العقلية ‌من‌ عدم تناهي الأبعاد، ‌و‌ ذلک لأن البعد يصدق في العوالم المادية فقط ‌و‌ ليس بصادق في ‌ما‌ ‌هو‌ فوق الطبيعة ‌و‌ وراء المادة، علي أن أدلة اثباتها کلها مدخولة کما حررناها في النقطة 683 ‌من‌ کتابنا (ألف نقطة ‌و‌ نقطة)، ‌و‌ تلک النقطة رسالة فريدة حول تناهي الأبعاد علي اصطلاح تلک الصحف العقلية.
و لنرجع الي ‌ما‌ کنا فيه فنقول: قد ذکر المفسر الکبير سلطان محمد الجنابذي (رض) في تفسيره القويم وجوه الاعراب ‌و‌ القراءت في الآيات الخمس ‌من‌ أول السورة الثانية ‌من‌ القرآن ‌من‌ (الم) الي (المفلحون) بلغت تلک الوجوه (11، 484، 205، 770240). وجها، ثم قال: (و هذه هي الوجوه الشائعة التي ‌لا‌ شذوذ لها ‌و‌ ‌لا‌ ندور ‌و‌ ‌لا‌ غلق فيها، ‌و‌ أما الوجوه الضعيفة التي فيها اما ضعف بحسب المعني، أو غلق بحسب اللفظ، أو يورث التباسا في المعني، / ‌و‌ قد رأيت بعض ‌من‌ تعرض لوجوه الاعراب ذکر أکثرها ‌و‌ ترک اکثر هذه الوجوه القوية الشائعة / فهي أيضا کثيرة ترکناها، ‌و‌ کذا ترکنا الوجوه التي فيها تکرار، مثل کون الأحوال مترادفة ‌و‌ متداخلة. ‌و‌ قد ذکرنا هذه الوجوه في الآية الشريفة، مع التزامنا في هذا التفسير الاختصار،و عدم التعرض لتصريف الکلمات، ‌و‌ وجوه الاعراب ‌و‌ القراءات، تنبيها علي سعة وجوه القرآن بحسب اللفظ الدالة علي سعة وجوهه بحسب المعني التي تدل علي سعة بطون القرآن ‌و‌ تأويله...) [3] .
و قال أبوطالب المکي [4] .(أقل ‌ما‌ قيل في العلوم التي يحويها القرآن ‌من‌ ظواهر المعاني المجموعة فيه، أربعة ‌و‌ عشرون ألف علم ‌و‌ ثمانمائة علم، اذ لکل آية علوم أربعة ظاهر ‌و‌ باطن واحد ‌و‌ مطلع. ‌و‌ قد يقال انه يحوي سبعة ‌و‌ سبعين ألف علم ‌و‌ مائتين ‌من‌ علوم، اذ لکل لکمة علم ‌و‌ لکل عمل عن وصف فکل کلمة تقتضي صفة، ‌و‌ کل صفة موجبة أفعالا حسنة ‌و‌ غيرها علي معانيها، فسبحان الله الفتاح العليم) ‌و‌ نقل فيه عن ابن مسعود أنه قال: (من أراد علم الأولين ‌و‌ الآخرين فليثور القرآن) [5]  ‌و‌ لکتابنا باللغة الفارسية (انسان ‌و‌ قرآن) شأن عظيم في هذه المسائل.
و قد قال الامام جعفر الصادق عليه السلام: (و الله لقد تجلي الله عزوجل لفظه في کلامه ‌و‌ لکن ‌لا‌ يبصرون) [6]  ‌و‌ مثله ‌ما‌ روي عن الامام أميرالمؤمنين علي عليه السلام [7] .
و الغرض ‌من‌ تنميق ‌ما‌ حررناه ‌هو‌ أن الآثار العلمية الباقية ‌من‌ أئمتنا المعصومين سلام الله عليهم، حجج بالغة، ‌و‌ ألسن صادقة ناطقة، علي أنهم ‌حج‌ الله سبحانه ‌و‌ خلفاء رسوله الخاتم محمد (ص)، ‌و‌ ‌هم‌ العارفون بلسان القرآن الفرقان، ‌و‌ قد قال الامام علي عليه السلام:(و هذا القرآن انما ‌هو‌ خط، مسطور بين الدفتين ‌لا‌ ينطق بلسان ‌و‌ لابد له ‌من‌ ترجمان ‌و‌ انما ينطق عنه الرجال... الي أن يقول: ‌و‌ قد قال الله سبحانه (فان تنازعتهم في شي ء فردوه الي الله ‌و‌ الرسول) فرده الي الله أن نحکم بکتابه، ‌و‌ رده الي الرسول أن ناخذ بسنته، فاذا حکم بالصدق في کتاب الله فنحن أحق الناس به، ‌و‌ ‌ان‌ حکم بسنة رسول الله صلي الله عليه ‌و‌ آله فنحن أولادهم به...) [8] .
و ‌من‌ تلک الآثار الراقية الباقية العلمية السامية، انجيل أهل البيت، ‌و‌ زبور ‌آل‌ محمد (ص): الصحف السجادية [9] ، مما أنشأها سيد العابدين الامام علي ‌بن‌ الحسين عليه السلام.
الصحيفة السجادية في بلاغة بيانها تلجم سحرة الکلام، ‌و‌ تذعن بالعجز عنها مدارة الأعلام، ‌و‌ تعترف بأنه ‌لا‌ يستوي الحق والباطل في المکانة، ‌و‌ ‌من‌ حام حول سمائهاه بغاسق فکره الواقب رمي ‌من‌ رجوم الخذلان بشهاب ثاقب؛ فقد حکي ابن شهر آشوب في مناقب ‌آل‌ أبي طالب: أن بعض البلغاء بالبصرة ذکرت عنده الصحيفة الکاملة، فقال: خذوا عني حتي أملي عليکم مثلها فأخذ القلم ‌و‌ أطرق رأسه فما رفعه حتي مات؛ ‌و‌ لعمري لقد رام شططا فنال سخطا.

باب الرحمة - منزلة الدعاء
الکلام حول الصحف السجادية ‌و‌ ‌ان‌ کان ذا شجون ‌و‌ فنون، ‌و‌ لکن هذه الوجيزة تقتضي أن نکتفي بالاشارة الي منزلة الدعاء لعل نفسا زکية مطمئنة شيقة الي الکمال تنتفع بها، ‌و‌ الله فتاح القلوب ‌و‌ مناح الغيوب.
فنقول أولا: لنا رسالة فريدة بالفارسية مسماة ب (نور علي نور في الذکر ‌و‌ الذاکر ‌و‌ المذکور) رصفتها علي مقدمة ‌و‌ أحد عشر فصلا، تنطق في کل واحد منها عن أمر مبرم ‌و‌ مطلب مطلوب حول الدعاء ‌و‌ آدابه، ‌و‌ قد طبعت غير مرة يستير منها ‌من‌ کان ‌من‌ أهلها.
و ثانيا اني قد کنت شديد العناية ‌و‌ الولع بتليم صحف الأدعية الکريمة ‌و‌ تدريسها في المدارس العلمية الدينية؛ ‌و‌ قد قدمنا اقتراحا مرة بعد مرة ‌و‌ کرة بعد کرة في محاوراتنا التعليمية ‌و‌ تصنيفاتنا النورية بتدريسها ‌و‌ تعليمها [10] ، ‌و‌ لعمري انه اقتراح ممتاز فان نفعها أفضل ‌و‌ أعم ‌و‌ أهم بکثير ‌من‌ کثير ‌ما‌ يشتغلون بها، ‌و‌ ذلک لأن تعليم تلک الصحف الکريمة، يوجب مزيد بصيرة في المعرفة بلسان عربي مبين، أعني ‌به‌ القرآن الکريم، ‌من‌ حيث أن تلک الأدعية ‌من‌ منشئات ‌من‌ خوطبوا بالقرآن الکريم ‌من‌ أهل بيت الوحي ‌و‌ النبوة، ‌و‌ انما الحکم الحکيم في شأنهم ‌و‌ الرأي الرصين القويم في منطقهم ‌هو‌ ‌ما‌ أفاضه أبو الأئمة علي المرتضي عليه السلام في الخطبة الاحدي ‌و‌ الثلاثين والمائتين ‌من‌ (نهج البلاغة): (و انا لأمراء الکلام ‌و‌ فينا تنشبت عروقه ‌و‌ علينا تهدلت غصونه).
علي أن منشئات أئمتنا المعصومين الغر الميامين عليهم السلام علي اصطلاح عرفائنا الشامخين (تفاسير أنفسيه) للقرآن الکريم، کما ينبئک تفاسير القرآن الروائية کالدر المنثور للسيوطي، ‌و‌ البرهان للسيد هاشم البحراني، ‌و‌ نور الثقلين عبد علي الحويزي، ‌و‌ الصافي للفيض الکاشاني، ‌و‌ غيرها. ‌و‌ لعمري انما يعرف ذلک الخطاب الفصل الذي ليس بالهزل ‌من‌ کلامنا ‌من‌ کان ذا قلب سليم، ‌و‌ نفس زکية، فاقرأ وارقه.
و لما وفقنا ‌من‌ مواهب الله السنية في البحث عن طائفة ‌من‌ مسائل الدعاء ‌و‌ آدابه ‌و‌ الحث عليه، ‌و‌ ‌ما‌ يليق أن يقال فيه في رسالتنا المذکورة (نور علي نور) في أحد عشر فصلا کان الجدير أن نکتفي في هذه الوجيزة بايماءات حول الدعاء کما يلي:
ما يستفاد ‌من‌ اللطائف الروحية، ‌و‌ الأسرار القلبية، في مضامين الأدعية المأثورة عن وسائط، الفيض الالهي، ‌لا‌ يوجد مثلها في سائر افاضاتهم المروية، ‌و‌ ذلک لأن حال الدعاء ‌و‌ اقتضاءه الخلوة مع الله تعالي، شأنه ‌و‌ الانقطاع عن غيره، فکانوا يتکلمون معه سبحانه بکنه ‌ما‌ کانوا يتعقلون ‌و‌ يدرکون، ‌و‌ أما في سائر الأحوال فکانوا يخاطبون الناس ‌و‌ يکلمونهم علي قدر عقولهم، فأين هذا ‌من‌ ذلک؟ کما قال رسول الله (ص): (انا معاشر الأنبياء أمرنا أن نکلم الناس علي قدر عقولهم)؛ ‌و‌ قد قال امامنا جعفر الصادق عليه السلام:(ما کلم رسول الله (ص) العباد بکنه عقله قط). ‌و‌ ‌من‌ هذا البيان يعرف حدود عقول المخاطبين ‌و‌ درجات دراياتهم، ‌من‌ الرواة ‌و‌ غيرهم أيضا، لأن القاء الکلام علي المخطاب انما ‌هو‌ علي قدر سعة ادراکه ‌و‌ درايته ‌و‌ طاقة حمله، ‌و‌ قوله سبانه: (انا سنلقي عليک قولا ثقيلا) (المزمل / 5)؛ ‌و‌ کما أن القرآن الکريم الحکيم الصمد، أم الکتب السماوية، ‌و‌ الصحف التي خوطب لها النبيون، کذلک ‌من‌ تلقاه ‌من‌ الله ذي المعارج ‌هو‌ خاتم الأنبياء ‌و‌ المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين.
ثم ‌ان‌ الدعاء أحد الأسباب الموجبة لحصول ‌ما‌ يترتب عليه ‌من‌ أنواع النعم ‌و‌ النقم کسائر الأسباب الکائنة في نظام الوجود الصمدي، فاذا صارت النفس تصدر عنها باذن الله تعالي شأنه خوارق العادات، قوله سبحانه في عيسي ‌بن‌ مريم عليه السلام: (و اذ تخلق ‌من‌ الطين کهيئة الطير باذني فتنفخ فيها فتکون طيرا باذني ‌و‌ تبري الأکمه ‌و‌ الأبرص باذني ‌و‌ اذ تخرج الموتي باذني) (المائدة / 110) ‌و‌ نحو هذه الآية آيات أخري.
الدعاء ‌و‌ حصول الأثر منه کالقياس المنطقي ‌و‌ حصول النتيجة منه، ‌و‌ کما أن ترتيب القياس ‌من‌ الصغري ‌و‌ الکبري معد لحصول النتيجة ‌من‌ واهب الصور، کذلک الدعاء لحصول ‌ما‌ يتفرع عليه؛ ‌و‌ نعم ‌ما‌ أفاد الشيخ الرئيس (رض) بقوله القويم [11] : (و لعلک تبلغک عن العارفين أخبار تکاد تأتي بقلب العادة فتبادر الي التکذيب، ‌و‌ ذلک مثل ‌ما‌ يقال، ‌ان‌ عارفا استسقي للناس فسقوا، أو دعا عليهم فخسف بهم ‌و‌ زلزلوا أو هلکوا بوجه آخر، أو دعا لهم فصرف عنهم الوباء ‌و‌ الموتان ‌و‌ السيل ‌و‌ الطوفان؛ أو خشع لبعضهم سبع، أو لم ينفر عنهم طائر، أو مثل ذلک مما ‌لا‌ يؤخذ في طريق الممتنع الصريح، فتوقف ‌و‌ ‌لا‌ تعجل فان لأمثال هذه أسبابا في أسرار الطبيعة...).
ثم ‌ان‌ ‌من‌ يدعو الله أي داع کان ‌لا‌ يخيب في دعائه قط، لأن النفس الناطقة بتوجهها اليه سبحانه يحصل لها عروج روحاني ملکوتي علي قدر معرفتها وسعة سرها، ‌و‌ هذه العائدة ‌من‌ دعائها أفضل مما يجعل الدعاء وسيلة لحصوله، ‌و‌ قد قال ‌عز‌ ‌من‌ قائل: (و قال ربکم ادعوني أستجب لکم) (غافر / 60) ‌و‌ أما حصول أمر مخصوص يطلبه الداعي فکثيرا ‌ما‌ يستجاب أيضا، الا أنه يجب أن يتوجه أن نظام الصنع ‌لا‌ يدور لأهواء شخص واحد، ‌و‌ يتدبر القرآن حيث قال تعالي شانه: (و لو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات ‌و‌ الأرض ‌و‌ ‌من‌ فيهن...) (المؤمنون / 71)
و قد أفاد ‌و‌ أجاد المفسر الکبير الحسن ‌بن‌ محمد القمي في تفسير قوله سبحانه: (و اذا سألک عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع اذا دعان فليستجيبوا لي ‌و‌ ليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) (البقرة / 186) حيث قال: (و اعلم أن الدعاء مصدر دعوة أدعوه، ‌و‌ قد يکون اسما تقول: سمعت دعاء کما تقول سمعت صوتا، ‌و‌ حقيقة الدعاء استدعاء العبد لربه ‌جل‌ جلاله العناية ‌و‌ الاستمداد ‌و‌ المعونة) [12] .
قال بعض الظاهريين: ‌لا‌ فائدة في الدعاء لأن المطلوب ‌به‌ ‌ان‌ کان معلوم الوقوع عند الله کان واجب الوقوع ‌و‌ الا فلا، لأن الأقدار سابقة ‌و‌ الأقضية جارية ‌و‌ قد جف القلم بما ‌هو‌ کائن، فالدعاء ‌لا‌ يزيد فيها شيئا ‌و‌ ‌لا‌ ينقص؛ ‌و‌ لأن المقصود ‌ان‌ کان ‌من‌ مصالح العبد فالجواد المطلق ‌لا‌ يبخل به، ‌و‌ ‌ان‌ لم يکن ‌من‌ مصالحه لم يجز طلبه؛ ‌و‌ لأن أجل مقامات الصديقين الرضاء بالقضاء ‌و‌ اهمال حظوظ النفس ‌و‌ الاشتغال بالدعاء ينافي ذلک؛ ‌و‌ لأن الدعاء شبيه بالأمر أو النهي ‌و‌ ذلک خارج عن الأدب ‌و‌ لهذا ورد في الحديث القدسي: (من شغله قراءة القرآن عن مسألة أعطيه أفضل ‌ما‌ أعطي السائلين).
و قال جمهور العقلاء، ‌ان‌ الدعاء ‌من‌ أعظم مقامات العبودية، ‌و‌ انه ‌من‌ شعار الصالحين، ‌و‌ دأب الأنبياء ‌و‌ المرسلين، ‌و‌ القرآن ناطق بصحته عن الصديقين، ‌و‌ الأحاديث مشحونة بالأدعية المأثورة بحيث ‌لا‌ مساغ للانکار ‌و‌ ‌لا‌ مجال للعناد، ‌و‌ السبب العقلي فيه أن کيفية علم الله ‌و‌ قضائه ‌و‌ قدره غائبة عن العقول، ‌و‌ الحکمة الالهية تقتضي أن يکون العبد معلقا بين الرجاء ‌و‌ الخوف اللذين بهما تتم العبودية؛ ‌و‌ بهذا الطريق صححنا القول بالتکاليف مع الاعتراف باحاطة علم الله ‌و‌ جريان قضائه ‌و‌ قدره في الکل.
و ‌ما‌ روي عن (جابر) أنه جاء سراقة ‌بن‌ مالک ‌بن‌ جعشم فقال ‌يا‌ رسول الله بين لنا ديننا کأنا خلقنا الآن ففيم العمل اليوم؟ أفيم جفت ‌به‌ الأقلام ‌و‌ جرت ‌به‌ المقادير، أم في ‌ما‌ يستقبل؟ قال: بل في ‌ما‌ جفت ‌به‌ الأقلام وجرت ‌به‌ المقادير، قال ففيم العمل؟ قال: اعملوا فکل ميسر لما خلق له، ‌و‌ کل عامل بعمله، منبه علي ‌ما‌ قلنا فانه تعالي علقهم بين الأمرين: رهبهم بسابق القدر، ثم رغبهم في العمل، ‌و‌ لم يترک أحد الأمرين للآخر، فقال کل ميسر لما خلق له، يريد أنه ميسر في أيام حياته للعمل الذي سبق ‌به‌ القدر قبل وجوده، الا أنک تحب أن تعرف الفرق بين الميسر ‌و‌ المسخر کيلا تغرق في لجة القضاء ‌و‌ القدر، ‌و‌ کذا القول في باب الرزق ‌و‌ الکسب.
و الحاصل أن الأسباب ‌و‌ الوسائط، ‌و‌ الروابط معتبرة في جميع أمور هذا العالم، ‌و‌ ‌من‌ جملة الوسائل في قضاء الأوطار، الدعاء ‌و‌ الالتماس کما في الشاهد، فلعل الله تعالي قد جعل دعاء العبد سببا لبعض مناهجه، فاذا کان کذلک فلا ‌بد‌ أن يدعو حتي يصل الي مطلوبه، ‌و‌ لم يکن شي ء ‌من‌ ذلک خارجا عن قانون القضاء السابق ‌و‌ ناسخا للکتاب المسطور.
و ‌من‌ فوائد الدعاء اظهار شعار الذل ‌و‌ الانکسار ‌و‌ الاقرار بسمة العجز ‌و‌ الافتقار ‌و‌ تصحيح نسبة العبودية ‌و‌ الانغماس في غمرات النقصان الامکاني ‌و‌ الافلاس عن ذروة الترفع ‌و‌ الاستغناء الي حضيض الاستکانة ‌و‌ الجاجة ‌و‌ الفاقة، ‌و‌ لهذا ورد: (من لم يسأل الله يغضب عليه)، فاذا کان الداعي عارفا بالله ‌و‌ عالما بأنه ‌لا‌ يفعل الا ‌ما‌ وافق مشيئته ‌و‌ سبق ‌به‌ قضاؤه ‌و‌ قدره، ‌و‌ دعا علي النمط، المذکور ‌من‌ غير أن يکون في دعائه حظ، ‌من‌ حظوظ، النفس الأمارة راجيا في ‌ما‌ عندالله ‌من‌ الخير، خائفا ‌من‌ الاقدام علي موقف المسائلة ‌و‌ المناجاة، ‌و‌ أن تکون استجابته صورة الاستدراج. کان دعاؤه خليقا بالاجابة ‌و‌ جديرا بالقبول،و أن تعود برکته عليه. قال (ص) (ما ‌من‌ رجل يدعو بدعاء الا استجيب له، فاما أن يعجل في الدنيا، ‌و‌ اما أن يذخر له في الآخرة، ‌و‌ اما أن يکفر عنه ‌من‌ ذنوبه بقدر ‌ما‌ دعا، ‌ما‌ لم يدع باثم ‌و‌ قطيعة رحم، أو يستعجل؛ قالوا: ‌يا‌ رسول الله ‌و‌ کيف يستعجل؟ قال:) (يقول دعوت ربي فما استجاب لي).
و قال بيان الحق أبوالقاسم النيسابوري [13] : «لئن کان الدعاء غيرمعقول کانت العبادة غير معقولة، ‌و‌ قد تکون طاعة ‌و‌ عبادة ‌من‌ غير دعاء ‌و‌ مسألة، ‌و‌ ‌لا‌ يکون دعاء ‌و‌ مسألة الا مع طاعة ‌و‌ عبادة، اذ ‌لا‌ دعاء الا مع الاعتراف بالذلة ‌و‌ النقص ‌و‌ الاضطرار ‌و‌ العجز عقلا ‌و‌ لسانا ‌و‌ هيئة، ‌و‌ أنه ‌لا‌ فرج له الا ‌من‌ لدن سيده، ‌و‌ ‌لا‌ خير له الا ‌من‌ عنده قولا ‌و‌ ضميرا، فيردد لسانه بأنواع التضرع، ‌و‌ تتصرف يداه نحو السماء في ضروب ‌من‌ الشکل ‌و‌ الحرکات.
کما يروي عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال: هکذا الرغبة: ‌و‌ أظهر ‌و‌ أبرز باطن راحته الي السماء، ‌و‌ هکذا الرهبة: ‌و‌ جعل ظاهر کفه الي السماء، ‌و‌ هکذا التضرع: ‌و‌ حرک أصابعه يمينا ‌و‌ شمالا، ‌و‌ هکذا التبتل: ‌و‌ رفع أصابعه مرة ‌و‌ وضعها أخري، ‌و‌ هکذا الابتهال، ‌و‌ مد يديه تلقاء وجهه الي القبلة، ‌و‌ کان ‌لا‌ يبتهل حتي يذري دموعه، ‌و‌ يشخص بصره، ‌و‌ هل اخلاص العبادة الا هذه الأحوال؟. فکان الدعاء ‌من‌ أشرف العبادة، ‌و‌ بحسب العبادة يتم الشرف الانساني، ‌و‌ يخلص الغرض الالهي، کما قال الله عزوجل: (و ‌ما‌ خلقت الجن ‌و‌ الانس الا ليعبدون) (الذاريات / 56) ‌و‌ لأنه ‌لا‌ يمتنع ظهور رحمة الله ‌و‌ سابغ کرمه في ‌حق‌ العبد ‌من‌ غير مساءلته، ‌و‌ کرامته بالاجابة، ‌و‌ تمتنع کرامته بالاجابة الا مع ظهور جوذه ‌و‌ اتصال رحمته حتي يطمئن بفضله ‌و‌ يثق بقوله، ‌و‌ يعلم أنه العبد الذي دعا مولاه فلباه ‌و‌ سأله فأعطاه، فکان الدعاء في استجماع أسباب الرحمة مع الکرامة فوق الطاعة ‌و‌ العبادة، ‌و‌ لهذا کان رسول الله (ص) يرغب فيه الي خيار خاصته ‌و‌ يسأله لنفسه عن صفوة أمته».
و مما ‌هو‌ قيم ‌و‌ جدير بالاشارة اليه هاهنا أن جميع الآثار العلمية ‌من‌ علماء الدين مطلقا، ‌هو‌ في الحقيقة ليس الا مما أفاضة أئمتنا المعصومين عليه السلام. مثلا أن ‌ما‌ أفاده العارفون الشامخون في مقامات النفس الناطقة الانسانية، ‌و‌ مدارجها الصعودية، ‌و‌ أطوارها الروحانية.. ‌و‌ مما قالوا في وصف الانسان ‌و‌ تعريفه نظما ‌و‌ نثرا بأي لسان کان، تجد لب لبابها ‌و‌ أصول ‌ما‌ نطقوا بها ‌و‌ أمهات ‌ما‌ حرروها في کلامهم عليهم السلام؛ ‌و‌ لعمري أن منطقهم کسائر شؤونهم ‌و‌ أحوالهم ‌و‌ أفعالهم، برهان قاطع علي أنهم حجج الله علي خلقه. ‌و‌ أقول، ‌ان‌ الکل عيالهم المرزوقون ‌من‌ مآدب معارفهم الالهية، التي هي بطون الآيات القرآنية، ‌و‌ أسرار الوحي المحمدي؛ ‌و‌ حيث أن نقل طائفة مما أومأنا اليه ينجر الي تدوين مجلدات ‌من‌ الکتاب نکتفي بنقل نماذج ‌من‌ غرر الروايات تبرکا ‌و‌ نختم کلامنا بها ‌و‌ هي ‌ما‌ يلي:
1 - قال الامام أميرالمؤمنين علي عليه السلام في وصف العترة ‌و‌ تعريفهم عليهم السلام: (بل کيف تعمهون ‌و‌ بينکم عترة نبيکم، ‌و‌ ‌هم‌ أزمة الحق ‌و‌ أعلام الدين ‌و‌ ألسنة الصدق، فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن، ورودهم ورود الهيم العطاش) [14] . ‌و‌ قال ابن أبي الحديد في شرحه: (فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن، تحته ‌سر‌ عظيم، ‌و‌ ذلک أنه أمر المکلفين بأن يجروا العترة في اجلالها ‌و‌ اعظامها ‌و‌ الانقياد لها ‌و‌ الطاعة لأوامرها مجري القرآن). ثم قال: (فان قلت: فهذا القول منه يشعر بأن العترة معصمومة فما قول أصحابکم في ذلک؟ قلت: نص أبومحمد ‌بن‌ متويه في کتاب الکفاية علي أن عليا عليه السلام معصوم، ‌و‌ أدلة النصوص قد دلت علي عصمته ‌و‌ القطع علي باطنه ‌و‌ مغيبه، ‌و‌ ‌ان‌ ذلک أمر اختص ‌هو‌ ‌به‌ دون غيره ‌من‌ الصحابة) [15] .
2. قال الطبرسي في مجمع البيان في تفسير قوله سبحانه في وصف الأبرار ‌من‌ سورة الدهر: (و سقاهم ربهم شرابا طهورا): (يطهرهم عن کل شي ء سوي الله اذ ‌لا‌ طاهر ‌من‌ تدنس بشي ء ‌من‌ الأکوان الا الله؛ رووه عن جعفر ‌بن‌ محمد عليه السلام).
أقول: ‌و‌ لعمري اني ‌ما‌ رأيت في أمة خاتم الأنبياء محمد المصطفي (ص) عارفا متألها يتفوه في الطهارة الانسانية بلتک الغاية القصوي مع هذا الأسلوب البليغ ‌من‌ البيان.
3 - قال أميرالمؤمنين علي عليه السلام: (کل وعاء يضيغ بما جعل فيه الا ‌و‌ عاء العلم فانه يتسع به) (الحکمة 205 ‌من‌ نهج البلاغة).
قد تحقق في الحکمة المتعالية أن للنفس درجات ‌من‌ التجرد کالتجرد البرزخي ‌و‌ ‌هو‌ تجردها في مقام الخيال، ‌و‌ التجرد التام العقلي، ‌و‌ التجرد الأتم الذي فوق التجرد العقلي. ‌و‌ معني کونها فوق التجرد أن ليس لها ‌حد‌ تقف اليه ‌و‌ مقام تنتهي اليه. أي ليس لها وحدة عددية، بل وحدة حقة حقيقتة ظلية بمعني أن وحدتها ظل الوحدة الحقة الحقيقة التي لله سبحانه [16] .
ثم قد تقرر في صدد هذه الوجيزة أن کل أثر يحاکي شأن مؤثره، ‌و‌ حيث أن الله سبحانه غير متناه کانت مدارج آيات کتابه القرآن الکريم ‌و‌ معارجها أيضا غير متناهية؛ والقرآن مأدبة الله، ‌و‌ قد روي السيد المرتضي [17]  عن عبدالله ‌بن‌ مسعود عن النبي (ص) أنه قال: (ان هذا القرآن مأدبة الله فتعلموا مأدبته ‌ما‌ استطعتم، ‌و‌ ‌ان‌ أصفر البيوت، لبيت أصفر ‌من‌ کتاب الله)؛ ‌و‌ هذه المأدبة غير المتناهية معدة للانسان الذي له مقام فوق التجرد أي ‌لا‌ يقف في حد، فتبصر ثم اقرأ وارقه، ‌و‌ راجع کتابنا (الانسان ‌و‌ القرآن).
ثم ‌ان‌ القرآن حکيم، قوله سبحانه: (يس ‌و‌ القرآن الحکيم)؛
(و لقد آتينا لقمان الحکمة)، (و ‌من‌ يؤت الحکمة فقد أوتي خيرا کثيرا) (البقرة 269)؛ ‌و‌ الحکمة جنة، فقد روي الصدوق باسناده عن جابر عن الامام أبي جعفر الباقر عليه السلام عن الامام علي ‌بن‌ الحسين عليه السلام عن الامام الحسين ‌بن‌ علي عليه السلام عن الامام علي ‌بن‌ أبي طالب عليه السلام، قال: قال رسول الله (ص): (أنا مدينة الحکمة ‌و‌ هي الجنة ‌و‌ أنت ‌يا‌ علي بابها فکيف يهتدي المهتدي الي الجنة ‌و‌ ‌لا‌ يهتدي اليها ‌من‌ بابها) [18] .
و قد تقدم في صدر الصحيفة کلام الامام علي عليه السلام ‌من‌ (أن درجات الجنة علي عدد آيات القرآن...)، ثم اعلم أن الجزاء نفس العلم ‌و‌ العمل، ‌و‌ خزانة سعي أعمال الانسان ‌هو‌ الانسان نفسه، ‌و‌ کتابنا (عيون مسائل النفس) ‌و‌ شرحها (سرح العيون في شرح العيون) يبحث عن النفس ‌و‌ أطوارها ‌و‌ أحوالها في ست ‌و‌ ستين عينا؛ فاذا دريت أن الحکمة جنة، ‌و‌ أن الانسان ليس الا نفس علمه ‌و‌ عمله، دريت درجات جنات ذاتک فتدبر.
4 - المروي عن الوصي الامام علي عليه السلام؛ ‌و‌ کذا عن الامام جعفر الصادق عليه السلام أيضا: (الصورة الانسانية هي أکبر حجج الله علي خلقه، ‌و‌ هي الکتاب الذي کتابه بيده، ‌و‌ هي الهيکل الذي بناه بحکمته، ‌و‌ هي مجموعة صور العالمين، ‌و‌ هي المختصرة ‌من‌ اللوح المحفوظ ‌و‌ هي الشاهدة علي کل غائب، ‌و‌ هي الحجة علي کل جاحد، ‌و‌ هي الطريق المستقيم الي کل خير، ‌و‌ هي الجسر الممدود بين الجنة ‌و‌ النار) [19] .
5 - نقل الشيخ البهائي في کشکوله: (قال أميرالمؤمنين علي عليه السلام لحبر ‌من‌ أحبار اليهود ‌و‌ علمائهم: ‌من‌ اعتدل طباعه صفي مزاجه، ‌و‌ ‌من‌ صفي مزاجهه قوي أثر النفس فيه، ‌و‌ ‌من‌ قوي أثر النفس فيه سما الي ‌ما‌ يرتقيه، ‌و‌ ‌من‌ سما الي ‌ما‌ يرتقيه فقد تخلق بالأخلاق النفسانية، ‌و‌ ‌من‌ تخلق بالأخلاق النفسانية فقد صار موجودا بما ‌هو‌ انسان دون أن يکون موجودا بما ‌هو‌ حيوان، ‌و‌ دخل في الباب الملکي ‌و‌ ليس له عن هذه الحالة مغير. فقال اليهودي: الله أکبر، ‌يا‌ ابن أبي طالب! لقد نطقت بالفلسفة جميعها) [20] .
6 - في کتاب فضل القرآن ‌من‌ الکافي باسناده عن الزهري قال: (سمعت علي ‌بن‌ الحسين عليه السلام يقول: آيات القرآن خزائن فکلما فتحت خزانة ينبغي لک أن تنظر ‌ما‌ فيها). أقول: ‌ما‌ تقدم في صدر الصحيفة ‌من‌ تفسير سبحانه: (قل کل يعمل علي شاکلته) (الاسراء / 85)، فهو بيان لهذه الرواية أيضا.
7 - الدعاء 37 ‌من‌ الصحيفة السجادية، ‌و‌ کان ‌من‌ دعائه عليه السلام اذا اعترف بالتقصير تأدية الشکر: (اللهم ‌ان‌ أحدا ‌لا‌ يبلغ ‌من‌ شکرک غاية الا حصل عليه ‌من‌ احسانک ‌ما‌ يلزمه شکرا...)
أقول قد احتج الامام سيد الساجدين عليه السلام بطريق التسلسل کما ‌هو‌ سيرة الحکماء ‌و‌ المتکلمين علي کون أداء شکر الحق تعالي محالا.
أقول ‌ان‌ تلک الکلمات التي مر ذکرها هي ‌من‌ غرر الأحاديث، هي قطرة بل بلة ‌من‌ بحار معارف ‌آل‌ طه ‌و‌ ياسين.

حسن حسن زاده آملي


ارجاعات:
[1] الصدوق في (من ‌لا‌ يحضره الفقيه)، ‌و‌ الفيض في الوافي (ج 14، ط 1، ص 65).
[2] بحر المعارف تأليف المولي عبدالصمد الهمداني، ط 1، ص 456.
[3] محمد الجنابذي (رض) تفسيره (بيان السعادة في مقامات العبادة).
[4] أبوطالب المکي (ت 386 ه) في قوت القلوب (ط مصر، ج 1، ص 119)
[5] المصدر السابق، ص 103.
[6] قوت القلوب لأبي طالب المکي، مرجع سابق، ط مصر، ج 1، ص 100.
[7] عوارف المعارف للسهروي، ط 1، ص 26.
[8] خطب نهج البلاغة في المختار الثالث ‌و‌ العشرين ‌و‌ المائة.
[9] قلت الصحف السجادية علي صيغة الجمع، مع أن الدائر الصحيفة السجادية علي صورة الافراد، ذلک لأن عدة ‌من‌ أعلام حملة الحديث قد اهتموا فبذلوا جهدهم علي تدوين جميع ‌ما‌ أفاضه الامام السجاد (ع) ‌من‌ الجامع ‌و‌ المصادر ‌و‌ الجوامع الروائية، علي سبيل الاستدراک منهم:
الشيح الحر العاملي، صاحب الوسائل فسمي ‌ما‌ جمعه ‌من‌ افاضات سيد الساجدين (ع) الصحيفة السجادية الثانية.
و منهم الفاضل الاصفهاني، ‌و‌ ‌هو‌ الأميرزا عبدالله المعروف بالأفندي، صاحب کتاب (رياض العلماة ‌و‌ حياض الفضلاء) في الرجال ‌و‌ التراجم، کان تلميذ العلامة المجلسي صاحب البحار، ‌و‌ معاصر الشيخ الحر صاحب الواسائل؛ فسمي ‌ما‌ جمعه ‌من‌ أدعية الاملام سيد العابدين (ع) الصحيفة الرابعة السجادية؛ ‌و‌ قال في مفتتحها بعد التسمية ‌و‌ التحميد: (و بعد فيقول العبد المذنب المسي ء حسين ‌بن‌ محمدتقي النوري الطبرسي: هذه مجموعة رائقة لطيفة ‌و‌ صحيفة رابعة شريفة جمعت فيها ‌من‌ الأدعية المبارکة السجادية علي منشئها آلاف سلام ‌و‌ تحية ‌ما‌ ليس في الصحيفة المنعوتة بين علماء الاسلام بزبور ‌آل‌ محمد عليهم السلام؛ ‌و‌ ‌لا‌ في الصحيفة الثانية التي جمعها العالم الجليل المحدث الحر العاملي، ‌و‌ ‌لا‌ في الصحيفة الثالثة التي جمعها الفاضل الماهر الخبير الأميرزا عبدالله الاصفهاني (رحمهها الله)، ‌ما‌ لم يکون موجودا في الصحيفتين، ‌و‌ قد طعن علي شيخنا الحر رحمه الله بأنه ادعي الاستقصاء، ‌و‌ قد سقط ‌من‌ يده أدعية ‌لا‌ تحصي، فجمع ‌ما‌ عثر عليه ‌من‌ الساقط، ‌و‌ خفي عليه کما خفي عليه ‌ما‌ يلتقطه اللاقط، ‌و‌ أنا لم أکن ‌من‌ فرسان هذا الميدان الا أن السهو التي استصغرته العيون تتحرک کلما سار الفرقدان...).
و منهم المحقق السيد محسن الحسيني العاملي الشامي فسمي ‌ما‌ جمعه ‌من‌ أدعية امام العارفين ‌و‌ أبي الأئمة الميامين الامام علي ‌بن‌ الحسين ‌بن‌ علي ‌بن‌ ابي طالب (صلوات الله ‌و‌ سلامه عليهم أجمعين) الصحيفة الخامسة السجادية. ‌و‌ له (قدس سره) تحقيق أنيق مفيد جدا في مقدمتها حول تلک الصحف المکرمة السجادية، ‌و‌ قال فيها)(ط 1، ص 4 ‌و‌ 5): ‌و‌ بعد استقراء جميع أدعية الصحيفتين المذکورتين الثالثة ‌و‌ الرابعة وجدتهما خاليتين ‌من‌ أدعية کثيرة قد اشتملت عليها الصحيفة التي جمعتها، فقلت کم ترک الأول للآخر ‌و‌ المعاصر للمعاصر، کما وجدتما خالية ‌من‌ جملة ‌من‌ الأدعية التي اشتملا عليها، فعن لي أن أفرد ‌ما‌ انفردت ‌به‌ صحيفتي عنهما ‌و‌ أجعله صحيفة خامسة...)
و منهم معاصرنا السيد محمدباقر الموحد الأبطحي الأصفهاني جامع (الصحيفة السجادية الجامعة) أيده الله سبحانه ‌و‌ تعالي.
[10] ثم رأينا الصواب في ترتيب الصحف الکريمة للتعليم ‌و‌ التعلم هکذا:
1- مفتاح الفلاحي للشيخ البهائي 2- عدة الداعي لابن فهد الحلي، 3 - قوت القلوب لأبي طالب المکي؛ 3 - الاقبال للسيد ‌بن‌ طاوس، 5 - انجيل أهل البيت ‌و‌ زبول ‌آل‌ محمد (ص) الصحيفة السجادية.
[11] الفصل الخامس ‌و‌ العشرين ‌من‌ النمط العاشر ‌من‌ الاشارات.
[12] المشتهر بنظام الدين النيسابوري في کتابه تفسير القرآن المسمي ب (غرائب القرآن) (ط 1، ج 1، ص 193).
[13] رياض السالکين في شرح صحيفة سيد الساجدين، ط 1، ص 31.
[14] الخطبة الخامسة ‌و‌ الثمانين ‌من‌ نهج البلاغة.
[15] لنا تحقيقا أنيقا حول کلام الامام علي (ع)، ‌و‌ شرح ابي أبي الحديد في المقام، في کتابنا (الانسان الکامل في نهج البلاغة) فان شئت فراجعه.
[16] لنا رسالة موجزة في شرحه بالفارسية جعلناها الکلمة 110 ‌من‌ کتابنا (ألف کلمة ‌و‌ کلمة)؛ ‌و‌ کتابنا الآخر المسمي ب (الحجج البالغة علي تجرد النفس الناطقة) يبحث عن أنحاء تجرد النفس الناطقة بالعربية، ‌و‌ لنا کتاب آخر أيضا يبحث فيه عن أنواع تجردها بالفارسية، يسمي (کنجينة کوهر روان)...
[17] المجلس 27 ‌من‌ کتاب آماليه المعروف بالغرور ‌و‌ الدرر.
[18] في المجلس الحادي ‌و‌ الستين ‌من‌ أماليه.
[19] هذا الحديث شرحناه بالفارسية ‌و‌ جعلناه الکلمة 138)ألف کلمة ‌و‌ کلمة).
[20] الکشکول: المجلد الخامس، شرحت هذا الحديث الشريف بالفارسية، ‌و‌ جعلته الکلمة 122 ‌من‌ (ألف کلمة ‌و‌ کلمة).

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

شكر ، بالاترين عبادت
خوف از كوچكى خود ، در برابر عظمت حضرت حق
هفهاف بن مهند راسبى
مفهوم شكر، مدح، حمد
عارف كيست ؟
محبت به شقى ترین مردم
شش خصلت ماندگار
از راه نماز به بهترين حقيقت رسيد
پرهاى پرندگان و حیات انسان
زهد يا رهبانيت‏

بیشترین بازدید این مجموعه

آداب معاشرت
تفسیر سوره واقعه (2) تهران (مسجد حضرت امیر (ع)) ...
گلزار محبت
محبت به شقى ترین مردم
عارف كيست ؟
بخل ورزيدن از زكات
از راه نماز به بهترين حقيقت رسيد
راه اندازی بخش تخصصی عرفان اهل بیت(ع) در کتابخانه ...
مفهوم شكر، مدح، حمد
قدردانی استاد انصاریان از خادمین سیدالشهدا علیه ...

 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^