دعاوه اذا عرضت له مهمه او نزلت به ملمه و عند الكرب
كيف يواجه الانسان المومن المواقف الصعبه، فى الواقع المعقد القاسى الذى يعيش فى داخله، و الاوضاع الشديده التى تحيط به، فى نفسه و ماله و عرضه و اهله و ولده، و فى القضايا التى يعيش لها و يتحرك من خلالها؟
هل يسقط او يتراجع تحت تاثير الالام و الاحزان و المشاكل ليعيش فى حاله حيره و اهتزاز او ياس قاتل؟
او يتوازن فيوحى لنفسه بالقوه من خلال التزامه بايمانه و انفتاحه على ربه؟
ان الايمان يمثل القوه الروحيه التى تمنح الانسان المومن المناعه من السقوط حتى لو عاش حاله الاهتزاز، لانه الذى يوحى اليه بان الله هو الرب الذى يرحم عباده و يلطف بهم، و لايهملهم و لا يخذلهم، بل يرعاهم برعايته، و يحفظهم بحفظه حتى اذا ابتلاهم ببعض المشاكل و الالام، فانه يهيى ء لهم- بذلك- الاجواء التى تمنحهم القوه، و تفتح لهم ابواب الفرج.
و هكذا يقف، اذا عرضت له مهمه تشغل فكره، و تنطلق به من مواقع اهتماماته الصغيره و الكبيره لتملا قلبه بالهم، و تثير حياته بالقلق، و اذا نزلت به ملمه من ملمات الزمان الصعبه، فاطبقت عليه، و ضيقت عليه عيشه، و اذا عاش الكرب النفسى، و الغم الشعورى من خلال الاوضاع الصعبه المحيطه به، فانه يلجا الى الله سبحانه ليرفع عنه ذلك كله، لانه الملجا للانسان فى كل حياته و المجير الوحيد الذى يجيره من كل الاخطار، و المغيث الذى يغيثه من كل مشكله.
الله تعالى هو المفزع فى الملمات:
و هذا الدعاء يمثل نموذجا من نماذج الابتهالات الروحيه فى مثل هذه الحالات التى تعرض للانسان، فيتنفس من خلالها روح الامل، و يعيش الاحساس بالطمانينه الروحيه، و ذلك فى جوله فكريه روحيه فى آفاق قدره الله و سيطرته على الكون و الانسان، فالله هو الذى تحل به عقد المكاره، فلا تبقى هناك عقده عاصيه على الحل، و هو الذى يكسر الشدائد فى حدتها و ضغطها، فيخفف تاثيرها على الواقع، و هو الذى يفزع الناس اليه عندما تضيق عليهم ابواب الحياه فيجدون لديه المخرج حيث لا مخرج، و المنفذ حيث لا منفذ، لانه المهيمن على الامر كله.
فالصعاب تضعف و تهون امام قدرته التى لا يقف امامها شى ء، و هو الذى اعطى الحياه- بلطفه- نظامها القائم على السببيه، فجعل لكل ظاهره قانونا، و لكل واقع ظروفا، و لكل نتيجه مقدماتها، و لكل شى ء سببا، فى تدبيره للكون، فهو سر سببيه الاسباب فى الكون كله، مما يجعل خضوعها له امرا تفرضه طبيعتها الذاتيه. و هو الذى اجرى القضاء فى شوون الكون و الانسان، فى حوادث الامور و تقلباتها بقدرته التى شملت كل شى ء، و هو الذى تحركت الاشياء على اساس ارادته، ليسير كل واحد منها الى غايته التى حددها الله فلا حاجه- فى حركه الوجود كلها- الى قول آمر لتاتمر به، فمشيئته التى تحكم الوجود كله هى التى تنطلق منها الحركه، و لا حاجه به الى اصدار نهى منه، لتنزجر عما لا يريد لها ان تعيش فيه، فان ارادته هى التى تفرض ذلك.
و لذلك فانه- وحده- المدعو للمهمات، و هو- وحده- المفزع للملمات، فهو الذى يدفع ما تقتضيه حكمته ان يدفع، و هو الذى يكشف ما يريد له الانكشاف، و هذا الذى يدفع المومن الى ان يقف خاشعا متضرعا بين يدى الله، ليعرض عليه كل همومه و آلامه و كروبه، ليستعين به على ذلك.
و هكذا ينطلق الايمان بالله، فى المعرفه المنفتحه على رحمته و لطفه و قدرته، ليحفظ للانسان توازنه، و ليوكد له قوته، و ليثير فى نفسه روح الطمانينه، و يحقق له اراده الثبات، و ذلك عندما تتصاغر التعقيدات الماديه امام القوه الالهيه المطلقه.
و هذا ما يجب ان يثيره الدعاه الى الله و العاملون فى سبيله فى عمليه التربيه و التوجيه و الواقع الحركى فى ساحات الصراع، و هذا الذى اثاره النبى محمد (ص)- ليله الهجره- فى ما حدثنا الله عنه: (اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا)(التوبه: 40) فكانت النتيجه الروحيه الحاسمه (فانزل الله سكينته عليه و ايده بجنود لم تروها و جعل كلمه الذين كفروا السفلى و كلمه الله هى العليا)(التوبه: 40).
و هذا ما تعلمه المسلمون فى صدر الدعوه فى حديث الله عنهم فى كتابه العزيز: (الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا و قالوا حسبنا الله و نعم الوكيل)(آل عمران: 173).
فكانت النتيجه الالهيه: (فانقلبوا بنعمه من الله و فضل لم يمسسهم سوء و اتبعوا رضوان الله و الله ذو فضل عظيم انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه فلا تخافوهم و خافون ان كنتم مومنين)(آل عمران: 175 -174).
الله تعالى هو القادر على فتح ابواب الفرج:
و ينطلق الفصل الثانى فى الدعاء، ليوكد للانسان المومن الداعى الواقع الذى يعيش فيه، فى العب ء الذى يتحمله من خلال ضغط المشكله عليه، بما تفرضه من اثقال ماديه او معنويه، فلا يستطيع ان يحملها الا بمشقه بالغه.
و لما كانت الامور كلها بيد الله فهى خاضعه لسلطانه من خلال قدرته التى لا يحدها شى ء، فهو السبب الاعمق فى وجود الاشياء كلها، سواء اكانت ايجابيه ام سلبيه، و هو الذى يتصرف فيها بارادته التى لا يعجزها شى ء، فاذا اراد شيئا كان، و لا يستطيع احد تغيير ما يريد او ازالته عن موقعه، فهو المرجع فى ذلك كله، فلا يملك احد ان يرد قضاء الله فى صرف ما اورده الله و ما وجهه، او يغلق ما فتحه، او يفتح ما اغلقه، او ييسر ما عسره، او ينصر من خذله.
و هكذا يبتهل الى الله ليفتح له ابواب الفرج بفضله، و يكسر عنه ضغط الهم بقوته، و يعطيه من رحمته النظره الرحيمه الى شكواه، و يذيقه حلاوه الصنع فى مسالته، و يهبه من عنده رحمه و فرجا هنيئا، و يجعل له مخرجا سريعا، و يبعده عن الاشتغال بالاهتمام بمشاكله، ليقوم بفروضه الشرعيه، و يودى السنن المحببه لله.
انه يلح على ذلك لانه يعيش الضيق الخانق من خلال ما نزل به من ضغوط قاسيه، و الهم الكبير بالاحمال الثقيله التى اثقلت كاهله، لان الله- وحده- هو القادر على دفع ما ابتلى به، و دفع ما وقع فيه، و ان لم يستحق ذلك لعصيانه، لان الله هو اهل الرحمه و اللطف و المغفره.
يا من تحل به عقد المكاره، و يا من يفتا به حد الشدائد، و يا من يلتمس منه المخرج الى روح الفرج.
اللهم يا من تحل به عقد المكاره:
يا رب، انت- وحدك- الذى تحل العقد المستعصيه التى تعقد واقع الحياه فى دائره المكاره التى لا يرتاح الانسان اليها، او التى يشق عليه الصبر عليها. و انت- وحدك- يا رب- الذى يكسر حده الشدائد المطبقه على حركه الانسان فى واقع التحديات، فتمنعه من الانطلاق بعيدا فى قضاياه الحيويه.
و انت الذى يتطلع العباد اليك عندما تضيق بهم الامور، و تغلق عليهم الابواب و النوافذ، فلا يملكون الخروج من هذه الدائره المغلقه، فيلتمسون منك تهيئه المخرج حيث لا مخرج، ليتنفسوا لديك الراحه فى نطاق الفرج.
اللهم يا من ذلت لقدرتك الصعاب:
يا رب، ما قيمه الصعاب، مهما اشتدت، امام قدرتك؟ فهى ذليله بكل عناصرها الذاتيه امامك.
اما الاسباب، اسباب المشكله، و اسباب الحل، فهى التى اخذت مضمون السببيه من لطفك الذى اردت للحياه فى نظامها الكونى الانسانى ان تتحرك من خلال السنن التى اودعتها فى الوجود كله، من خلال قانون السببيه فى الاشياء، و هكذا كانت قدرتك سر الوجود كله، بكل تفاصيله، و كانت ارادتك وراء كل شى ء فى الحياه، فالقضاء الذى يحكم الواقع جرى بقدرتك، و الاشياء انطلقت بارادتك.
و لذلك فان تحرك الكون فى ما تريده، لا يحتاج الى الكلمه التى تصدر الامر، كما يفعل الانسان فى ما يريده من انسان آخر، لان المشيئه هى التى تصنع الفعل، كما ان الابتعاد عن اى شى ء من ايه ظاهره كونيه لا تخضع للحاجه الى كلمه النهى، لان انزجارها ينطلق من خلال ارادتك.
اللهم انت المدعو للمهمات:
يا رب، ليس هناك غيرك، انت كل شى ء فى وجودنا، و الاشياء كلها ظلال للحقيقه الوجوديه التى نتمثلها فى ذاتك المقدسه.
فانت المدعو للمهمات من كل امورنا الصغيره و الكبيره، الخاصه و العامه، لانك المهيمن على ذلك كله، و لذلك تتجه كل الدعوات اليك لا الى غيرك، و انت المفزع فى الملمات التى تلم بالناس من مصائب الدهر و بلاياه، فيفزعون اليك فى كل ذلك، لانهم يجدون فى رحمتك و قدرتك ما يخرجهم منها، و يدلهم على طريق الخلاص.
فلا يندفع منها الا ما اردت له ان يندفع، و لا ينكشف منها الا ما شئت له ان ينكشف، و هذا هو ما عبرت عنه فى كتابك فى قولك- سبحانك-:
(و اذا مسكم الضر فى البحر ضل من تدعون الا اياه)(الاسراء: 67).
و قولك- سبحانك-:
(ارايتكم ان اتاكم عذاب الله او اتتكم الساعه اغير الله تدعون ان كنتم صادقين)(الانعام: 40).
و قولك- سبحانك-:
(بل اياه تدعون فيكشف ما تدعون اليه ان شاء و تنسون ما تشركون)(الانعام: 41).
و جاء فى احاديث اهل البيت (ع):
«جاء رجل للصادق (ع)، قال: يابن رسول الله، دلنى على الله ما هو، فقد اكثر على المجادلون و حيرونى؟ فقال له: يا عبدالله هل ركبت سفينه قال: نعم، قال: فهل كسر بك حيث لا سفينه تنجيك و لا سباحه تغنيك؟ قال: نعم، قال: فهل تعلق قلبك هنالك ان شيئا من الاشياء قادر على تخليصك من ورطتك؟ قال: نعم، قال الصادق (ع): فذلك الشى ء هو الله القادر على الانجاء حيث لا منجى، و على الاغاثه حيث لا مغيث».
اللهم انت الناصر و الميسر:
انا- يا رب- عبدك الذى اثقلته الهموم و المشاكل و الملمات، فقد عشت معها الكثير من الحاله النفسيه الصعبه التى تترك تاثيرها على الواقع الذى اتحرك فيه، من خلال ما يحيط بى من اوضاع، و انا- يا رب- الانسان الذى يحمل على ظهره اثقال البلاء، الذى يشق حمله على الفكر و الروح و الشعور، لانه يرهق كل احساس الانسان بالامن و الطمانينه.
و اذا كنت استغرق فى ذلك كله فى حالتى الذاتيه الخاصه، فاننى اعيش التصور الكونى العميق فى علاقه الحياه بك فى كل احداثها، و فى حركه الانسان المرتبطه بقدرتك و ارادتك فى كل اوضاعها، فانت- يا رب- وراء كل صغيره او كبيره فى الوجود، لانك خالق كل شى ء فى ذاته و خصوصيته و حركته، فقد ابدعت لكل ظاهره سببا، و قد جعلت لكل حركه قاعده، و اطلقت نظام الوجود بكل حكمه و دقه، و قدرت له اوضاعه و ابعاده، و دبرت له ثباته و اهتزازه، و لم تكن قدرتك متعسفه فى مواقعها، و لم تكن ارادتك ظالمه فى افعالها، لانك لا تنطلق الا من رحمه تنفذ الى اعماق الامور و لا تقف عند سطحها، و الا من حكمه تلاحق دقائق الاشياء فى مقدماتها و نتائجها، و لكن الناس لا يرون من الاوضاع الا الجانب الذاتى الذى يتصل باحساسهم الشخصى، و لا ينطلقون من النظره الشموليه التى ترصد علاقتهم بالاخرين من حولهم فى الوجود المترابط، الذى تتصل اجزاوه ببعضها البعض فى عمليه تاثر متبادل، و فى تواصلها و تكاملها، مما قد يترك اثره السلبى على عمليه الانفصال بينها، لو قدر للانسان ان يفكر بذلك.
و فى ضوء هذا، كانت حركه المشاكل و المصائب و الالام فى حياتنا جزءا من حركه الوجود الشامل فى دائره النظام الكونى، الذى تمثل ارادتنا فى جزئياته، جزءا من قوانينه، فلا تنفصل ارادتنا عن الواقع، و لكنها تتحرك من خلال طبيعه الموثرات و الشروط التى تحيط بها و تتحرك فى مواقعها...، الامر الذى يجعل النتائج مربوطه بمقدماتها، و المسببات خاضعه لاسبابها، سواء اكانت ظاهره مما يدرك الانسان حقيقته، ام خفيه لا يعرف الانسان كنهها..
و مهما اختلفت الاسباب و المسببات، فان ارادتك تمثل عمق سببيه الاشياء، و قدرتك تتعلق باسرار طبيعتها، فلا يملك احد من ذلك شيئا، بل الامر لك فى كل مفرداته، فانت الاساس فى كل شى ء، و كل الوجود خاضع لارادتك، فلا مجال لاحد ان يغير ما اردت من السلب فيحوله الى الايجاب، او ما اردته من الايجاب فيحوله الى السلب، فلا مصدر لما اوردت، فاذا اردت ايراد امر و تثبيته و تركيزه، فمن ذا الذى يستطيع ان يصرفه الى موقع آخر، و اذا اردت ان توجه شيئا الى غايه، فمن الذى يملك ان يصرفه عنها، و اذا شئت ان تفتح مغاليق الامور لشخص او لوضع معين. فهل يمكن ان يغلقها الناس عليه، و اذا اغلقت بابا فمن ذا الذى يفتحه.. و اذا اقتضت ارادتك ان تتحرك الاوضاع فى نطاق العسر فمن الذى ييسرها، و اذا خذلت شخصا فى ايه قضيه، فمن الذى ينصره، فانت الكافى من كل شى ء و لا يكفى منك شى ء.
اللهم افتح لى باب الفرج:
يا رب، انك الفاتح لكل مغاليق الابواب فى الحياه عندما يحبس الواقع الانسان فى زواياه، فيختنق فى ظلماتها و تسقط روحه فى كهوفها، و انا المحبوس فى ضيق المشاكل الخانقه الضاغطه، المتطلع الى الهواء الطلق فى فضاء الحريه، فافتح لى- يا رب- باب الفرج الذى انطلق منه الى الراحه و الانفتاح على الحياه، و ها انا- يا رب- اعيش الهم الكبير الذى يملا كل كيانى، و يضغط على مشاعرى، و يحاصر خفقات الفرح فى قلبى، و يسلب لمحه الامل من عينى، و اشراقه الاحلام من روحى...
انه يزحف الى بسلطانه ليطرد كل احساس بالسعاده فى حياتى، و يسيطر بايحاءاته الحزينه على نوازع الرغبه فى وجودى، و انت- وحدك- القادر على ان تكسر سلطانه، و تقهر قوته، و تبعد عنى كل ايحاءاته و احاسيسه و افكاره، لا تطلع اليك- بعد الخلاص منه- فى قمه الفرح الروحى بالسعاده باللقاء بك فى دعائى و ابتهالى.
لقد وعدت- يا رب- عبادك الخاشعين لك، الخاضعين لربوبيتك، ان تنظر اليهم نظره رحيمه من خلال عمق الحنان فى رحمتك، فتطل من عليائك على شكاواهم و تنهداتهم و احزانهم، لتمنحهم حسن النظر فى ذلك كله، فى اهتمام الاله الرحيم بعباده المتعبين المثقلين بمشاكل الحياه، فاعطنى يا رب حسن النظر فى ما شكوت.
و انت- يا رب- الذى تنزل الرحمه على خلقك، لتستجيب لهم فى ما يسالونك، فتحسن صنيعك لحياتهم كلها فى كل مفرداتها، لانك المحسن الذى امتد احسانه الى كل مخلوقاته من خلال فيض نعمه التى لا تعد و لا تحصى، فى ما يغمرهم به من ذلك كله، فانلنى حلاوه الصنع فى ما سالت من حاجاتى و تطلعاتى فى الحياه، لاتذوق حلاوه لطفك التى تبدد عن روحى مراره متاعبى و همومى فى الحياه.
و انا الذى اعيش فى الشده فى حركه الضغوط التى يشتد ضغطها على، فهل تهب لى- يا رب- الفرج الهنى ء الذى يمنحنى هناءه الفرج بعد الشده؟!
و انا الذى تحاصرنى الدروب الضيقه و تغلق عنى كل مخارجها، فهل تجعل لى من عندك مخرجا سريعا حتى لا اعيش طويلا فى مضائق الالام؟!
انى اتوسل اليك ان تهب لى الفرج من عندك، و ان تجعل لى المخرج حيث لا مخرج بعيدا عن ارادتك و قدرتك.
اللهم انت القادر على دفع البلاء:
قد تشغلنى الحاله النفسيه الصعبه التى تسيطر على ازاء المشاكل التى تواجهنى فى حياتى اليوميه، فتملا عقلى و قلبى بالاهتمام الفكرى و التاثير الجسدى، فتمنعنى عن القيام بالفرائض التى اوجبتها على فى مواقع عبادتك من جهه، و فى مجالات المسووليات التى حملتنى اياها من جهه اخرى، كما تشغلنى عن استعمال سنتك، التى احببت لى ان اقوم بها فى اكثر من مهمه عباديه و حياتيه، لان النفس المثقله بالهموم و الاحزان قد تترك تاثيراتها السلبيه على مساله المحافظه على الوظائف العمليه من الواجبات و المستحبات، للخلل النفسى الذى يمنع من الدقه و التركيز، و قد عبر الامام على (ع) عن هذه المساله بقوله- كما جاء فى نهج البلاغه- «ان للقلوب اقبالا و ادبارا، فاذا اقبلت فاحملوها على النوافل، و اذا ادبرت فاقتصروا بها على الفرائض».
اننى- يا رب- احس بالمشكله التى تحيط بى، كما لو كانت فوق الطاقه، فلا تتحملها قوتى، و اعيش الهم فى ما جرى على من احداث قاسيه حتى امتلات نفسى بكل جوانبها به، و انت العالم بضعفى امام طوارى ء الدهر و طوارق الحدثان، فقد تهتز المشاعر و تختلط الافكار و يضعف الجسد من خلال ذلك، و انت- وحدك- القادر على كشف ما ابتليت به، و دفع ما وقعت فيه، لانك المهيمن على الحياه كلها فى احداثها و مشاكلها و مصائبها، فهل اطمع يا رب بان تكشف عنى ذلك و تفعل بى ما فعل الرب القوى بعبده الضعيف، الذى يستمد قوته من امتداد القوه فى القدره المطلقه من ربه؟
اننى اعرف- يا رب- انى لا استحق ذلك، لما اسلفت من ذنوب و جرائم مما قارفت من معاصيك، و ما تمردت به عليك من اعمال و اقوال...، و لكنى اعرف انك الكبير فى عظمته، الرحيم فى قدرته، الواسع فى نعمه، و لن يضيق عنك اى عطاء فى حاجاتى الماديه و المعنويه، فانك ذو العرش العظيم الذى ارتفع بعليائه عن الانتقام، فكانت رحمته اوسع من غضبه، و عفوه اكبر من عقابه.
و ها انا فى انتظار الفرج الكبير من خلال حولك و طولك، فقد يشفع لى ابتهالى اليك فى الحصول على الخير فى الدنيا و الاخره....