فارسی
شنبه 22 دى 1403 - السبت 10 رجب 1446
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه
0
نفر 0

دعاوه فى الالحاح على الله تعالى

دعاوه ‌فى‌ الالحاح على الله تعالى
 
 ‌سر‌ التذلل الى الله تعالى:
 
 للعلاقه بالله معنى ‌فى‌ الايمان يختلف عن العلاقه مع الناس، لان الله ‌هو‌ ‌سر‌ وجود الانسان ‌فى‌ خلقه، ‌و‌ ‌فى‌ امتداده بالنعم التى يغدقها عليه، فليست هناك ايه فاصله بين الانسان ‌و‌ ربه، بل ‌هو‌ وجود مرتبط باراده ‌و‌ رحمه ‌و‌ نعمه ‌و‌ لطف عميم، الامر الذى يوحى بان الانسان ‌فى‌ كل فكره ‌و‌ روحه ‌و‌ حياته مشدود الى الله ‌فى‌ حاجاته كما ‌هو‌ مشدود اليه ‌فى‌ وجوده، بحيث يتمثل السئوال ‌فى‌ ذلك كله على مدى اللحظات المتتابعه كما لو كانت كل حاجه فيه تنطق بلسانها بالدعاء، ‌و‌ لذلك كان الالحاح على الله- ‌و‌ ‌هو‌ عنوان هذا الدعاء- تعبيرا عن الالحاح الوجودى بالطلب اليه ‌من‌ موقع كل عضو ‌فى‌ حاجته، ‌و‌ كل طاقه ‌فى‌ حركيتها، كما كان حركه- ‌فى‌ الداخل- للانسان نحو الاحساس بالقوه ‌فى‌ الارتباط بالله ‌و‌ اللجوء اليه ‌فى‌ كل اموره.
 ‌و‌ لذلك فان هذا الابتهال الممتد ‌فى‌ الحاحه على الله، يمثل القوه بالله ‌من‌ موقع الاحساس بالضعف البشرى، ‌و‌ العزه الذاتيه ‌فى‌ الانفتاح على التذلل الى الله، ‌و‌ ذلك هو ‌سر‌ علاقه الانسان بالله، فهى ترتفع ‌فى‌ روحانيتها كلما تواضع له، ‌و‌ تشعر بالعزه ‌فى‌ مواقفها ‌و‌ مواقعها، كلما ذل امامه.
 اما العلاقه بالناس فهى علاقه تحكمها التعدديه التى ينفصل بها وجود عن وجود، ‌و‌ يستقل بها انسان عن انسان، لتكون الرابطه بينهما محكومه لضوابط ‌من‌ الفكر ‌و‌ السلوك تحدد لكل منهما طريقته ‌فى‌ العلاقه مع الاخر ‌فى‌ مفاهيم العزه ‌و‌ الكرامه، ‌و‌ ‌فى‌ حركه الحاجه لكل واحد منهما الى الاخر، مما يجعل الالحاح موجبا للسام ‌و‌ الملل ‌و‌ السقوط الانسانى ‌و‌ التعقيد ‌فى‌ العلاقات ‌من‌ الناحيه النفسيه ‌من‌ خلال النتائج السلبيه للالحاح على الطرف الاخر.
 
 مفاهيم الدعاء:
 
 ‌و‌ ‌فى‌ هذا الدعاء حديث مع الله عن سعه علمه لما ‌فى‌ الارض ‌و‌ السماء ‌من‌ الموجودات، لانه الخالق لها ‌و‌ الصانع لوجودها، مما يجعل ‌من‌ معرفته الشامله لها امرا طبيعيا، لان الخلق يفرض الاحاطه بالمخلوق، فلا يغيب عنه منها شى ء، ‌و‌ ‌هو‌ المحيط بكل حركه هذه الموجودات، فلا مجال لان يهرب واحد منها ‌من‌ سلطته، لان حياتها مرتبطه بارادته ‌و‌ برزقه، ‌و‌ لان الكون كله ملكه، فالى اين يذهب الهاربون منه.
 ‌و‌ يتابع الدعاء، ‌ان‌ المخلوق كلما ازداد معرفه بالله كلما ازداد خشيه منه ‌لا‌ طلاعه على اسرار العظمه ‌فى‌ ذاته، ‌و‌ هذا ‌ما‌ عبرت عنه الايه الكريمه: (انما يخشى الله ‌من‌ عباده العلماء) (فاطر: 28)، ‌و‌ كلما ازداد طاعه لله ‌فى‌ انفعاله بالعبوديه الانسانيه امام الربوبيه الالهيه، عبر عن الخضوع له اكثر، لان ذلك ‌هو‌ التجسيد العملى لهذه الحاله الشعوريه، ‌و‌ ‌ان‌ الذى يعبد غير الله ‌فى‌ الوقت الذى ‌لا‌ يملك فيه ‌اى‌ اساس لاستمرار حياته الا برزق الله، ‌لا‌ وزن له عند الله، لان قيمه الانسان عند ربه تكون بمقدار طاعته له، ‌و‌ قد قال الله تعالى: (ان اكرمكم عند الله اتقاكم) (الحجرات: 13)، ‌و‌ ‌ان‌ الذى يشرك بعباده الله غيره ‌و‌ يكذب رسله ‌لا‌ ينقص ‌من‌ ملكه شيئا، ‌و‌ ‌ان‌ الذى يكره قضاء الله ‌لا‌ يملك ‌ان‌ يرد امره، ‌و‌ ‌ان‌ الذى يكذب بقدره الله ‌لا‌ يستطيع التمرد عليه، ‌و‌ ‌ان‌ الذى يعبد الها غيره ‌لا‌ يفوته لو اراد الهرب منه، ‌و‌ ‌ان‌ الذى يكره لقاء ربه ‌لا‌ يستطيع الخلود ‌فى‌ الدنيا، فان الله فرض الموت على المومنين ‌من‌ خلقه ‌و‌ الكافرين به، فلا احد الا ‌و‌ ‌هو‌ خاضع لهذا القضاء المحتوم الذى ‌لا‌ ‌بد‌ منه.
 ‌و‌ ينطلق الدعاء ابتهالا ‌فى‌ التعبير عن الايمان بالوحدانيه ‌و‌ التصديق بالرسل كلهم، ‌و‌ القبول بالوحى الكتابى، ‌و‌ الكفر بكل الالهه المدعاه التى ‌لا‌ تستحق العبوديه ‌من‌ الناس الاخرين ‌و‌ البراءه ‌من‌ كل العابدين لغيره.
 ‌و‌ يتحرك الدعاء اعترافا، فان الانسان المومن بربه يصبح ‌و‌ يمسى فيرى عمله صغيرا قليلا ‌فى‌ مقابل ‌ما‌ يستحقه الله منه ‌من‌ العمل بالطاعه، ‌و‌ يلتفت الى ذنبه الذى يتحرك ‌فى‌ حياته، ‌فى‌ اعماله ‌و‌ اقواله ‌و‌ علاقاته، فيقدم اعترافه به، ‌و‌ يقر بكل خطاياه التى اسرف بها على نفسه، ‌و‌ يشعر بالذل الساحق ‌فى‌ شخصيه الانسان المسحوق ‌من‌ خلال هذا الانحراف العملى الذى تجاوز الحد الطبيعى للاشياء، مما يودى بعمله الى اهلاكه، ‌و‌ بالهوى النفسى المسيطر عليه الى وقوعه ‌فى‌ قبضه الموت الروحى، ‌و‌ بالشهوات الجامحه ‌فى‌ غرائزه التى حرمته ‌من‌ الحصول على مواقع السمو ‌فى‌ حياته.
 ‌و‌ يبدا السئوال- بعد كل هذا العرض الابتهالى ‌و‌ الاعتراف الانسانى- ‌و‌ لكن ‌ما‌ هى شخصيه هذا السائل، ‌و‌ ‌ما‌ هى الروحيه التى يقدم بها مسالته؟
 انها شخصيه الانسان الذى يعيش ‌فى‌ نفس لاهيه عن مصيرها ‌من‌ خلال طول الامل الذى ينسى الانسان معه الاخره، ‌و‌ ‌فى‌ جسد خامل ‌فى‌ حركته ‌و‌ احاسيسه، غافل عن حيويته، بحيث يميل الى الراحه ‌و‌ الفراغ ‌و‌ استرخاء الاعصاب، ‌و‌ ‌فى‌ قلب يعيش الفتنه ‌و‌ الاستهتار بالمسئووليه الجاده ‌فى‌ قضاياه ‌من‌ خلال تكاثر النعم التى يعيش- ‌من‌ خلالها- ‌فى‌ غيبوبه اللذه ‌و‌ استغراق الشهوه، ‌و‌ ‌فى‌ فكر ‌لا‌ يشغل باله ‌فى‌ المصير الابدى الذى ينتهى اليه ‌فى‌ الاخره، بل يتحرك ‌فى‌ كل شغله بالقضايا الصغيره المتحركه ‌فى‌ جزئيات حياته اليوميه مما قد ‌لا‌ يوخر ‌و‌ ‌لا‌ يقدم ‌فى‌ النتائج الكبرى، فاذا التفت الى مساله المصير فان التفاتاته ‌لا‌ تمثل الا القليل ‌من‌ اهتماماته.
 انه الانسان الذى سيطر عليه الامل المتجدد ‌فى‌ الحياه حتى نسى الموت، ‌و‌ افتتن بالهوى الغريزى حتى ابتعد عن عقله، ‌و‌ استغرقته الدنيا بامالها ‌و‌ احلامها ‌و‌ شهواتها ‌و‌ لذاتها ‌و‌ اطماعها حتى نسى الاخره ‌و‌ بدا الاجل يظله حتى يكاد يلامس نهايه عمره.
 ‌و‌ لكنه – مع ذلك – التفت الى ‌ما‌ اسلف ‌من‌ الذنوب فرآها كثيره كثيره، ‌و‌ نظر الى خطاياه الماضيه ‌و‌ الى نتائجها السلبيه على موقعه ‌من‌ ربه، فاعترف بها - ‌فى‌ مقام التوبه – موقنا بان الله – وحده ‌هو‌ ربه، ‌لا‌ غيره، ‌و‌ انه ‌هو‌ - وحده – الولى، لاسواه، ‌و‌ انه ‌هو‌ - وحده – المنقذ له ‌من‌ عذابه، ‌و‌ انه ‌هو‌ - وحده – الذى ‌لا‌ ملجا له منه الا اليه.
 هذه هى شخصيه السائل، ‌و‌ هذه هى روحيته ‌فى‌ موقفه العبودى امام العظمه الربوبيه، فكيف يتحرك السئوال؟
 انه السئوال المتوسل بالحق الالهى الواجب على الخلائق كلهم، ‌و‌ بالاسم العظيم الاعظم الذى اراد الله للرسول ‌ان‌ يسبحه ‌به‌ تعظيما، لانه يختزن الكثير ‌من‌ اسرار ذاته بما يقربه اليه، ‌و‌ بالجلال السامى الرفيع ‌فى‌ وجهه الكريم المعبر عن ذاته المقدسه الذى ‌لا‌ ينتقل ‌من‌ حال الى حال ‌و‌ ‌لا‌ يزول عما ‌هو‌ عليه، ‌و‌ ‌لا‌ يفنى ‌و‌ ‌لا‌ يبلى، ‌و‌ لكنه يبقى ‌فى‌ معناه ابديا ‌سر‌ مديا ‌فى‌ الوجود الذى ‌لا‌ مجال فيه للفناء عمقا ‌و‌ امتدادا، فهو ‌هو‌ ‌فى‌ ‌سر‌ ذاته ‌لا‌ معنى له غير نفسه.
 ‌و‌ ينطلق السئوال بالصلاه على محمد ‌و‌ ‌آل‌ محمد الذين يمثلون عباد الله المكرمين الذين اختصهم الله بكرامته، ‌و‌ احاطهم بعنايته، ‌و‌ قربهم اليه، ‌و‌ منحهم الشفاعه لمن يريد العفو عنه، ‌و‌ بالطلب اليه ‌ان‌ يجعل العباده مصدر غنى عن كل شى ء ‌من‌ خلال ‌ما‌ تمثله ‌من‌ ارتباط الانسان بربه ‌و‌ انفتاحه على مواقع كرمه ‌و‌ رحمته، ‌و‌ ‌ان‌ يجعل ‌فى‌ مخافته التى تبعده عن كل ‌ما‌ يبعده عن الله، ‌و‌ تقربه الى كل ‌ما‌ يقربه اليه بالرغم ‌من‌ رغبته فيه ذاتيا ‌او‌ انصرافه عنه نفسيا، السلوه عن الدنيا، حتى ‌لا‌ تمثل لديه شيئا مما يعيش الحرمان فيه، لان الحرمان ‌هو‌ حرمان الاخره ‌و‌ فقدان رضوان الله، ‌و‌ ‌ان‌ يصرفه عن موقعه الذى ‌هو‌ فيه، حاصلا على الكثير ‌من‌ كرامه الله برحمته التى هى مصدر الخير للانسان.
 ‌و‌ هكذا يزداد السئوال الحاحا، فالى الله الفرار ‌من‌ كل سوء، ‌و‌ منه الخوف ‌من‌ العذاب، ‌و‌ ‌به‌ الاستغاثه ‌من‌ كل شده، ‌و‌ ‌هو‌ المرجو لكل خير، ‌و‌ ‌هو‌ المدعو ‌فى‌ كل حاجه، ‌و‌ الملجا ‌من‌ كل مخوف، ‌و‌ ‌به‌ الثقه ‌و‌ الاستعانه ‌و‌ الايمان، ‌و‌ عليه التوكل، ‌و‌ على جوده ‌و‌ كرمه الاتكال.
 ‌و‌ هذا ‌هو‌ الجو الروحانى الرائع الذى يعيش الانسان ‌فى‌ بركاته الكثير ‌من‌ روحيه القرب الى الله ‌و‌ الارتباط ‌به‌ ‌و‌ الانفتاح على كل خير عنده، ليعيش الانسان ‌فى‌ فيضان السعاده الروحيه التى تفيض عليه بالمحبه الالهيه.
 ‌يا‌ الله الذى ‌لا‌ يخفى عليه شى ء ‌فى‌ الارض ‌و‌ ‌لا‌ ‌فى‌ السماء، ‌و‌ كيف يخفى عليك ‌يا‌ الهى ‌ما‌ انت خلقته، ‌و‌ كيف ‌لا‌ تحصى ‌ما‌ انت صنعته، ‌او‌ كيف يغيب عنك ‌ما‌ انت تدبره، ‌او‌ كيف يستطيع ‌ان‌ يهرب منك ‌من‌ ‌لا‌ حياه له الا برزقك، ‌او‌ كيف ينجو منك ‌من‌ ‌لا‌ مذهب له ‌فى‌ غير ملكك.
 

 الهى كيف يخفى عليك ‌ما‌ انت خلقته؟
 
 ‌يا‌ رب، ‌يا‌ ‌من‌ احاط بكل شى ء علمه، ‌يا‌ ‌من‌ يملك مفاتيح الغيب التى ‌لا‌ يعلمها الا ‌هو‌ فلا يخفى عليك شى ء ‌فى‌ الارض ‌و‌ السماء، ساكنه ‌و‌ متحركه، ‌و‌ مقيمه ‌و‌ شاخصه، ‌و‌ ‌ما‌ علا ‌فى‌ الهواء ‌و‌ ‌ما‌ ‌كن‌ تحت الثرى، ‌و‌ انت الخالق للوجود كله، فكيف يغيب عنك علمه، ‌و‌ انت الصانع للمخلوقات كلها فهل تعجز عن احصاء عددها، ‌و‌ انت المدبر لكل شى ء، فكيف ‌لا‌ يحضر عندك ‌ما‌ يحيط به، ‌و‌ انت ‌سر‌ الحياه للموجودات، فكيف يمكن ‌ان‌ يهرب منك احد منها، ‌و‌ انت المالك لكل مذاهب الارض ‌و‌ السماء، فالى اين يذهب الذين يحاولون النجاه ‌من‌ غضبك، ‌و‌ هل يهربون ‌من‌ ملكك الا الى ملكك؟!!
 
سبحانك اخشى خلقك لك اعلمهم بك:
 
 ‌يا‌ رب، اننى هنا ‌لا‌ عيش ‌فى‌ وجدان روحى، الذى ‌لا‌ يتصورك الا منزها عن كل الصفات التى ‌لا‌ تليق بك، ‌و‌ متصفا بكل صفات العظمه التى هى ‌سر‌ ذاتك، ‌و‌ ذلك ‌هو‌ ‌ما‌ يتمثل ‌فى‌ حركه خلقك ‌فى‌ ارتباطهم ‌و‌ علاقتهم بك.
 فاذا نظرنا اليهم ‌فى‌ دائره المعرفه، فاننا نرى ‌ان‌ الانسان كلما عرف ربه اكثر ‌فى‌ عظمته ‌و‌ نعمته عاش الخشيه منه اكثر، لان عقله اذا امتلا ‌به‌ عرف مقامه ‌فى‌ مجال الطاعه ‌و‌ العبوديه ‌و‌ النتائج السلبيه ‌او‌ الايجابيه ‌من‌ خلال طاعته ‌و‌ معصيته، ‌و‌ ابتعد بذلك عن حاله الاستهانه ‌و‌ اللامبالاه به، لان العظيم يفرض ذاته على كل الاخرين ‌فى‌ آثار عظمته على نفسه ‌و‌ حياته، ‌و‌ هذا ‌ما‌ توحى ‌به‌ الايه الكريمه: (انما يخشى الله ‌من‌ عباده العلماء) (فاطر: 28)، ‌و‌ الحديث الماثور: «ان انجاكم ‌من‌ عذاب الله اشدكم خشيه لله»، ‌و‌ اذا التفتنا اليهم ‌فى‌ دائره العمل، فاننا نرى النماذج الانسانيه التى ازدادت ‌فى‌ الطاعه حتى بلغت القمه ‌فى‌ ذلك، فنرى انهم الاشد خضوعا لله، لان ذلك لن يكون الا عن الاحساس بالرهبه ‌و‌ الانفتاح على الرغبه، الامر الذى يتحسس فيه الانسان حاجته اليه بما يوكد انحناء ارادته له، ‌و‌ ذوبانه فيه ‌و‌ استسلامه له، مما يزيد ‌فى‌ الخشوع ‌و‌ الخضوع، ‌و‌ هذا ‌ما‌ عبر عنه الله سبحانه ‌فى‌ حديثه عن انبيائه: (انهم كانوا يسارعون ‌فى‌ الخيرات ‌و‌ يدعوننا رغبا ‌و‌ رهبا ‌و‌ كانوا لنا خاشعين) (الانبياء: 90).
 ‌و‌ اذا راينا المساله ‌فى‌ الدائره العمليه السلبيه، فاننا نرى الذى انعم الله عليه بنعمه الواسعه ‌و‌ لكنه ابتعد عن عباده الله ‌و‌ عبد غيره، استكبارا ‌و‌ تمردا ‌و‌ اغترارا بنفسه، ‌و‌ ‌هو‌ - ‌فى‌ واقع نفسه – الاهون عند الله ‌و‌ الاكثر حقاره، لانه ‌لا‌ يعرف دوره ‌و‌ ‌ما‌ فيه صلاحه ‌و‌ خلاصه، فلا وعى له لذاته ‌و‌ لربه، فلا قيمه له عند ربه لانه ‌لا‌ يتعلق باى شى ء ‌من‌ اساس القيمه التى ترفع منزلته عنده ‌او‌ تقربه اليه، كما ورد ‌فى‌ قوله تعالى عن مثل هذا: (فلا نقيم لهم يوم القيامه ‌و‌ زنا) (الكهف: 105).
يا رب، سبحانك، لك الغنى كله، ‌و‌ لك الامر كله ‌و‌ القدره كلها، ‌و‌ بيدك الحياه ‌و‌ الموت لكل عبادك، سلطانك ثابت ‌لا‌ يزول ‌و‌ دائم ‌لا‌ يفنى، ‌لا‌ ينقص منه شى ء بما يشرك ‌به‌ المشركون ‌فى‌ عبادتهم لغيرك، ‌او‌ يعصى ‌به‌ العاصون امرك ‌و‌ نهيك، ‌او‌ يكذب ‌به‌ المكذبون برسلك، ‌و‌ قضاوك حتم ‌لا‌ يهتز، ‌و‌ امرك حاسم ‌لا‌ يرد، فلا يملك الكارهون له ‌ان‌ يردوه ‌او‌ يبتعدوا عن نتائجه، ‌و‌ قدرتك قاهره فوق عبادك، فلا يستطيع المكذبون بها ‌ان‌ يمتنعوا منك بما يملكون ‌من‌ اسباب القدره، لانك انت الذى اعطيتهم ذلك، ‌و‌ انت القادر على سلبها منهم، ‌و‌ انت الذى تملك كل وجود عبادك، فلا مجال لاحد ممن يعبد غيرك ‌ان‌ يهرب منك، ‌او‌ يفوتك ‌فى‌ هربه، فانت المسيطر على الامر كله، ‌و‌ الانسان كله، ‌و‌ انت الذى تملك اعمال عبادك، ‌و‌ تحدد آجالهم، فلا يستطيع احد ‌ان‌ يمتد ‌فى‌ عمره برغبته ‌و‌ ارادته حتى لو كره لقاءك ‌و‌ الوفاده عليك.
 
سبحانك ‌ما‌ اعظم شانك.. آمنت بك:
 
 ‌يا‌ رب، ‌و‌ يبقى احساسى بعظمتك ‌فى‌ ذاتك تسبيحا يتردد على لسانى ‌و‌ يتحرك ‌فى‌ عقلى، فيسبحك ‌فى‌ كل شانك الذى ‌هو‌ الاعظم ‌من‌ كل شان، ‌و‌ ‌فى‌ كل سلطانك الذى ‌لا‌ يساويه ‌اى‌ سلطان آخر ‌فى‌ قاهريته، ‌و‌ ‌فى‌ قوتك التى ‌لا‌ اشد منها، ‌و‌ ‌فى‌ امرك الذى ينفذ ‌فى‌ كل قضائك ‌و‌ قدرك، فلا امر انفذ منه، و ‌فى‌ تقديرك الموت على كل خلقك ‌من‌ الموحدين ‌و‌ الكافرين، فلا يملك احد منهم ‌ان‌ يبتعد عنه ‌او‌ يفر منه، فكل واحد منهم ذائقه ‌و‌ صائر اليك ‌فى‌ حركه الموت الذى ينتقل ‌به‌ ‌من‌ الدنيا الى الاخره.
 ‌يا‌ رب، ‌و‌ منك البركه كلها ‌فى‌ كثره الخير ‌و‌ زيادته ‌و‌ نموه ‌و‌ دوامه، ‌و‌ امتدادها ‌فى‌ حياه عبادك ‌و‌ اشرافها على كل مواقع الصلاح عندهم، ‌و‌ لك العلو الذاتى ‌فى‌ ارتفاع ذاتك عن كل شريك ‌او‌ مماثل ‌او‌ مضاد، فانت الواحد الفرد ‌فى‌ ذاتك ‌و‌ صفائك ‌و‌ احوالك ‌و‌ افعالك ‌لا‌ شريك لك، لان الكل مخلوقون لك، ‌و‌ خاضعون لارادتك،
 
و انا هنا - ‌يا‌ رب – اقف امامك موقف المومن بك ‌و‌ بتوحيدك، المصدق برسلك ‌و‌ رسالاتك التى بلغوها، ‌و‌ المنفتح بالايمان على كتابك الذى انزلته نورا ‌و‌ هدى ‌و‌ شريعه لكل عبادك حيث ‌لا‌ ياتيه الباطل ‌من‌ بين يديه ‌و‌ ‌لا‌ ‌من‌ خلفه، ‌و‌ الكافر بكل الالهه التى اصطنعها الكافرون لانفسهم ليعبدوها جهلا ‌و‌ تخلفا ‌و‌ انحرفا عن التوحيد الحق، ‌و‌ المتبرى ء ‌من‌ كل الناس الذين يعبدونهم ‌من‌ دونك، لان ايمانى - ‌يا‌ رب – خالص ‌فى‌ معنى التوحيد ‌فى‌ العبوديه لك، مما يجعل علاقتى بالمخلوقين ‌و‌ بالحياه كلها منطلقه ‌من‌ ‌سر‌ هذا الايمان ‌و‌ معناه ‌و‌ امتداده ‌فى‌ عقلى ‌و‌ قلبى ‌و‌ شعورى ‌و‌ حركتى ‌فى‌ الواقع كله.
 

 اللهم اسالك سئوال ‌من‌ استكثر ذنوبه:
 
 ‌يا‌ رب، انا الانسان الذى يتحسس ‌فى‌ عقله ‌و‌ شعوره عظمه حقك عليه ‌فى‌ طاعتك ‌و‌ التحرك ‌فى‌ ‌خط‌ عبوديتك، فيشعر بان عليه ‌ان‌ يجعل كل عمره مستغرقا بعبادتك، مشغولا بامتثال اوامرك ‌و‌ نواهيك، لذلك فانى ‌لا‌ انظر - ‌فى‌ صباحى ‌و‌ مسائى – بعين الرضا الى عملى الذى احركه ‌فى‌ اتجاه طاعتك، اذ اراه قليلا قليلا ‌لا‌ يفى ببعض حقك، ‌لا‌ سيما ‌ان‌ ذنبى الذى اعترف به، ‌و‌ خطاى الذى اقر ‌به‌ يحيط بكل حياتى، مما يجعل منى الانسان الذى يقف موقف العاصى اكثر مما ‌هو‌ ‌فى‌ موقف المطيع، فقد اسرفت على نفسى بالخطيئه، ‌و‌ تجاوزت الحدود المعقوله ‌فى‌ ذلك، مما اوقعنى ‌فى‌ موقع الذله بين يديك، ‌و‌ قد اهلكنى عملى، ‌و‌ عرضنى - ‌فى‌ نتائجه السلبيه – للعذاب، ‌و‌ قد اسقطنى هوى النفس الاماره بالسوء، المنحرف عن ‌خط‌ طاعتك ‌و‌ رضاك، فاردانى ‌فى‌ مواقع الهلاك، ‌و‌ بقيت شهواتى المندفعه ‌فى‌ ايحاءاتها ‌و‌ توتراتها تفرض نفسها على ‌فى‌ الحلال ‌و‌ الحرام، فتحرمنى ‌من‌ الحصول على رضاك.
 
ها انا ‌فى‌ موقف السئوال، ‌من‌ موقع ضعف ذاتى، فلا اطمع ‌فى‌ الحصول على نتائج كبيره ‌من‌ خلال عملى ‌و‌ اسرافى على نفسى اللاهيه عن مستقبلها، ‌فى‌ ‌ما‌ تقبل عليه ‌من‌ اوضاع الاخره، الغافله عن نهايه الحياه بالموت، انطلاقا ‌من‌ طول الامل الذى يمتد باحلام البقاء حتى ينسى الاخره.
 ‌و‌ هكذا اجد بدنى ساكنا ‌لا‌ يتحرك ‌فى‌ بذل الجهد ‌فى‌ عبادتك ‌فى‌ ميله الى الاسترخاء ‌و‌ الراحه ‌و‌ هدوء الاعصاب. اما قلبى، هذا الذى سيطرت الفتنه على نبضاته، فاستهتر بمسئوولياته، ‌و‌ اعجب بنفسه ‌من‌ خلال النعم الكثيره المتوافره عنده، فقد شغله ذلك عن الانفتاح على آفاق حبك ‌و‌ رضاك، ‌و‌ ابعده عن التفكير بالنتائج التى يختزنها مستقبل عمره ‌فى‌ الاخره ‌و‌ بالمصير الذى يصل اليه ‌و‌ يقبل عليه.
انا هنا ‌فى‌ موقف السئوال، ‌و‌ لكن ‌اى‌ انسان هذا الانسان المتمثل ‌فى‌ وجودى، فقد استولى عليه الامل الذى ينفتح على قضايا الدنيا ‌و‌ شوونها ‌فى‌ شهواتها ‌و‌ لذاتها ‌و‌ اطماعها بحيث يعيش الاحلام ‌فى‌ عالم ‌من‌ الخيال الواسع فلا يقف على حدود الواقع، ‌و‌ اضله هوى النفس، ‌و‌ اوقعه ‌فى‌ قبضه البلاء ‌و‌ ‌فى‌ اتجاه الانحراف، فلم يسكن الى فكر واع يعرفه نتائج عمله السلبيه ‌فى‌ دنياه ‌و‌ آخرته، ‌و‌ سيطرت عليه الدنيا بزخارفها ‌و‌ اوضاعها الزاهيه ‌و‌ فتونها على هدى الصوره التى ذكرتها ‌فى‌ كتابك ‌فى‌ قولك تعالى: (انما الحياه الدنيا لعب ‌و‌ لهو ‌و‌ زينه ‌و‌ تفاخر بينكم ‌و‌ تكاثر ‌فى‌ الاموال ‌و‌ الاولاد) (الحديد: 20) ‌و‌ خفقت فوق راسه اجنحه الاجل الذى يمثل نهايه عمره ‌من‌ دون ‌ان‌ يستعد لذلك ‌فى‌ توبته ‌من‌ ذنوبه، ‌و‌ طاعته لربه، ‌و‌ اقبل عليك ‌فى‌ حاله ‌من‌ الرعب الروحى ‌من‌ خلال احساسه بكثره ذنوبه، ‌و‌ اعترافه بخطيئته، معترفا بانك – وحدك – الرب – الذى ‌لا‌ رب له غيرك ‌و‌ ‌لا‌ ولى له ‌فى‌ قيامه بامره ‌و‌ نصرته له دونك، ‌و‌ انك – وحدك – المنقذ له ‌و‌ ‌لا‌ قدره لاى مخلوق ‌لا‌ نقاذه ‌من‌ عذابك، ‌و‌ انك – وحدك – الملجا الذى يلجا اليه، حتى انه يلجا اليك ‌فى‌ فراره ‌من‌ عقابك.
 
اللهم انى اسالك ‌ان‌ تغنينى عن كل شى ء بعبادتك:
 
 ‌يا‌ رب، ‌ان‌ لك على عبادك حقا واجبا ‌فى‌ الايمان بك ‌و‌ الاعتراف بتوحيدك، ‌و‌ التصديق برسلك، ‌و‌ الاخلاص ‌فى‌ عبادتك، ‌و‌ ‌هو‌ الحق العظيم الذى يتقرب ‌به‌ اليك المتقربون، ‌و‌ ‌ان‌ لك الاسم العظيم الذى ‌لا‌ يعرف سره الا انت، ‌و‌ قد امرت رسولك ‌ان‌ يسبحك ‌به‌ لانه يجمع ‌فى‌ معناه كل معانى العظمه ‌فى‌ معنى ذاتك، ‌و‌ لدلالته على تنزيهك ‌و‌ تقديسك عن كل العيوب ‌و‌ النقائص، ‌و‌ عن كل ‌ما‌ ‌لا‌ يتناسب مع مقام الربوبيه.
 ‌و‌ انت - ‌يا‌ رب - ‌فى‌ جلال وجهك الكريم، الابدى السرمدى الذى ‌لا‌ تعرض عليه الحوادث ‌و‌ الطوارى ء التى تودى الى البلى ‌و‌ التغير ‌و‌ التحول ‌من‌ حال الى حال.
 اننى اسالك بحقك ‌و‌ اسمك ‌و‌ ذاتك ‌ان‌ تصلى على محمد ‌و‌ ‌آل‌ محمد، ‌و‌ ‌ان‌ تمنحنى الغنى عن كل اشياء الدنيا بما تمثله عبادتك ‌من‌ غنى الروح بك، ‌و‌ ‌ان‌ تحقق لى الانس بك ‌و‌ السلوا عن الدنيا كلها بالانفتاح على خوفك ‌فى‌ دائره مسوولياتى العامه ‌و‌ الخاصه امامك، فتزيل عنى كل محبه للدنيا ‌و‌ استغراق فيها ‌و‌ ‌فى‌ شهواتها لان مخافتك تشغلنى عن ذلك كله.
 ‌و‌ ‌ان‌ تصرفنى عن كل اوضاعى المحدوده التى تستغرقنى فتبعدنى عنك، بما تمنحنى ‌من‌ الكثير ‌من‌ كرامتك برحمتك التى تفيض على عبادك فتدخلهم ‌فى‌ كل خير ‌و‌ بركه ‌و‌ تحقق لهم كل شفاعه ‌و‌ مصلحه.
 
اللهم اليك افر، ‌و‌ بك استغيث، ‌و‌ اياك ارجو:
 
 ‌و‌ ‌فى‌ نهايه المطاف، هذا ‌هو‌ موقفى العبودى الخالص امامك، فاليك - ‌يا‌ رب – الفرار ‌و‌ الالتجاء اليك، ‌و‌ الاقبال عليك، ‌و‌ الاعراض عن سواك ‌فى‌ ايه حاله ‌من‌ الحالات، فانت المقصد ‌و‌ الملاذ ‌فى‌ كل امورى، ‌و‌ منك اخاف، لانك – وحدك – الذى تملك عذابى ‌و‌ كل وجودى، ‌و‌ ‌لا‌ يملك احد ‌من‌ الخلق كلهم ‌ان‌ ينقذنى منك ‌فى‌ مواقع خوفى ‌و‌ لكنك تنقذنى بقدرتك ‌من‌ كل مخوف.
 ‌و‌ بك استغاثتى ‌فى‌ حاجتى الى النصر ‌و‌ المعونه، ‌و‌ انت الذى ارجوه ‌فى‌ الحصول على الاحسان ‌و‌ الرحمه ‌و‌ المغفره ‌و‌ السعاده ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ الاخره، ‌و‌ اليك اتوجه بالدعاء ‌و‌ السئوال ‌فى‌ طلب نيلك ‌و‌ جائزتك ‌و‌ فضلك، ‌و‌ اليك اللجوء ‌فى‌ كل مواقع الحاجه الى الملجا ‌و‌ الملاذ، ‌و‌ بك الثقه ‌فى‌ كل اهتماماتى ‌فى‌ الامور كلها، ‌و‌ انت المستعان ‌فى‌ كل ‌ما‌ احتاجه ‌من‌ المعونه، ‌و‌ بك اومن ‌فى‌ كل موارد الايمان ‌و‌ مصادره، ‌و‌ عليك التوكل ‌و‌ الاعتماد ‌فى‌ جميع ‌ما‌ اومله ‌من‌ حاجات الدنيا ‌من‌ خلال الثقه بما عندك، ‌و‌ الياس عما ‌فى‌ ايدى الناس، لانك تملك الامر كله، ‌و‌ على جودك ‌و‌ كرمك - ‌فى‌ كل مواقع الفقر ‌و‌ الحاجه – اعتمد، لانك الجواد الكريم الذى ‌لا‌ ينقصه البذل ‌و‌ ‌لا‌ يفنى خزائنه العطاء، ‌و‌ ‌يا‌ ارحم الراحمين.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

دعاوه فى الصلاه على حمله العرش و كل ملك مقرب
دعاوه فى الالحاح على الله تعالى
دعاوه فى یوم الاضحى و یوم الجمعه
دعاوه اذا استقال من ذنوبه
دعاء دخول شهر رمضان
دعاوه عند الصباح و المساء
دعاوه فى طلب العفو و الرحمه
دعاوه لنفسه و اهل ولایته
و كان من دعائه (علیه السلام) بعد الفراغ من صلاه ...
دعاوه عند الشده و الجهد و تعسر الامور

بیشترین بازدید این مجموعه


 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^