فارسی
شنبه 22 دى 1403 - السبت 10 رجب 1446
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه
0
نفر 0

دعاء دخول شهر رمضان

دعاء دخول شهر رمضان
 
 
حمد دائم على نعم ‌لا‌ تنقطع:
 
 انها بدايه التطلع المنفتح على حمد الله الذى لم يكتشفه الانسان الا ‌من‌ خلال هدايه الله الذى كشف له مواقع الحمد ‌فى‌ ذاته سبحانه ‌فى‌ مواقع عظمته ‌و‌ آفاق نعمه، بما جهزه ‌به‌ ‌من‌ وسائل الحمد له ‌فى‌ سمعه ‌و‌ بصره ‌و‌ عقله... ‌و‌ وفقه له ليكون ‌من‌ اهل الحمد الذين يشعرون شعورا عميقا بالحاجه الى معرفه الله ‌فى‌ ‌ما‌ توحى ‌به‌ ‌من‌ حركه الجانب الروحى ‌و‌ الفكرى ‌و‌ العملى ‌فى‌ شخصيه الانسان... ليودى ذلك الى اكتشاف احسانه ‌فى‌ وجوده ‌من‌ حيث المبداء ‌و‌ التفاصيل، ‌و‌ لينتهى ‌به‌ الامر الى شكره على ذلك، الذى يعبر عن معنى الاحسان ‌فى‌ علاقه العبد بربه ‌من‌ الناحيه العمليه، مما يستحق عليه الثواب ‌من‌ الله الذى يجزى المحسنين باحسانه ‌فى‌ ‌ما‌ اعده لهم ‌من‌ رضوانه.
 
و ينطلق الحمد الذى يختزن معنى الشكر، ‌من‌ جديد، عندما يتطلع هذا الانسان الى الدين الذى يضمن له سعاده الدنيا ‌و‌ الاخره، مما انزله الله على رسوله ‌من‌ كتابه ‌فى‌ ‌ما‌ اشتمل عليه ‌من‌ عقيده ‌و‌ شريعه ‌و‌ مفاهيم للحياه ‌و‌ مناهج للعمل ‌و‌ للتفكير... فيحمد الله على ‌ما‌ حباه ‌من‌ ذلك كله، ‌و‌ على ‌ما‌ اختصه ‌به‌ ‌من‌ ملته... ‌و‌ هذا ‌هو‌ الاسلوب التربوى الذى يوحى للانسان المومن بقيمه الدين ‌فى‌ عقيدته ‌و‌ شريعته، مما يجعله منفتحا على حمد الله ‌من‌ خلاله، ليكون ذلك اساسا للتفكير ‌به‌ ‌و‌ للاهتمام بحركه المسووليه فيه، ‌و‌ للايحاء الحركى بعلاقته بقضيه المصير الابدى، خلافا للمعروف المالوف لدى الناس ‌من‌ تاكيد العناصر الماديه ‌فى‌ مساله الحمد ‌و‌ الشكر. ثم يمتد الحمد، ليطل على السبل التى فتحها الله للانسان ليتحرك ‌فى‌ خطوطها، فيشعر بقيمتها ‌فى‌ عناوين الاحسان الالهى الذى يقوده الى التحرك نحو رضوانه، ‌و‌ ‌هو‌ غايه كل مومن ‌فى‌ تطلعاته الروحيه ‌و‌ ‌فى‌ خطواته العمليه... ‌و‌ ‌لا‌ ‌بد‌ ‌ان‌ يشتمل هذا الحمد على عمق الاخلاص، ‌و‌ روحيه الايمان، بالمستوى الذى يتقبله الله ‌من‌ عباده، ‌و‌ يمنحهم ‌من‌ خلاله درجه الرضى التى تتيح لهم القرب منه ‌فى‌ رحاب جنته.
 ‌و‌ هكذا نرى ‌فى‌ هذا الفصل عده مفردات مهمه تتصل بالجانب الروحى ‌و‌ العملى للانسان... الحمد، الشكر، الاحسان الالهى، الاحسان الانسانى، الدين، المله، سبل الاحسان، ‌من‌ الله، رضوانه، حيث يطوف الانسان معها ‌فى‌ رحاب الايمان، فتنفتح ‌به‌ على كثير ‌من‌ مجالات الفكر ‌و‌ المعرفه.
شهر رمضان سبيل الله:
 
 ‌و‌ اذا كان الله شق للناس سبل الاحسان التى تفتح حياتهم على الخير كله، فان هذه السبل ‌لا‌ تختص بالساحات الممتده ‌فى‌ رحاب المكان، حيث الارض التى تمتد بالانسان لتصل ‌به‌ الى غاياته ‌فى‌ ‌ما‌ يريد ‌ان‌ يصل ‌به‌ الى مواقع اغراضه ‌و‌ حاجاته، بل تشمل ساحات الزمن- ‌ان‌ صح ‌ان‌ يكون للزمن ساحات- حيث ينفتح الانسان على كل ‌ما‌ ‌فى‌ آنائه ‌من‌ ساعاته ‌و‌ ايامه ‌و‌ لياليه ‌و‌ شهوره، لتحتضن حركته ‌فى‌ اجواء الخير كله، ‌فى‌ ‌ما‌ تمتلى ء ‌به‌ ساحه الزمن ‌من‌ افعال الانسان ‌و‌ اقواله، لتكون حركه الزمن ‌فى‌ مسووليته طريقه الى الله، كما تكون حركته ‌فى‌ المكان طريقه الى الله ‌فى‌ اجواء المسووليه الشرعيه.
 ‌و‌ هكذا كان شهر رمضان سبيل الله الذى اراد للانسان ‌ان‌ يبداء رحلته اليه ‌فى‌ ‌ما‌ اثاره فيه ‌من‌ اجواء، ‌او‌ شرع فيه ‌من‌ شرائع، ‌او‌ حرك فيه ‌من‌ اوضاع، ‌و‌ قد منحه الله شرف الانتماء اليه، ليعيش الناس الشعور بالمضمون الروحى الذى يجعل الزمن الهيا يحمل ‌فى‌ داخله سمو المعنى الالهى ‌فى‌ ‌ما‌ يختزنه ‌من‌ رحمه ‌و‌ عافيه ‌و‌ مغفره ‌و‌ لطف ‌و‌ رضوان، ‌و‌ ‌فى‌ ‌ما‌ يمكن للعباد ‌ان‌ يحصلوا منه على المزيد ‌من‌ ذلك كله...
 ‌و‌ ليس معنى ذلك الاختصاص بالانتماء، ‌ان‌ الشهور الاخرى تفقد هذه الصفه ‌فى‌ طبيعتها الزمنيه ‌و‌ ‌فى‌ الالطاف الالهيه المحيطه بها، لان الزمن كله خلق الله الذى جعله مفتوحا على الحياه كلها، ‌و‌ على الانسان كله، ‌من‌ اجل ‌ان‌ ينال فيه رضاه ‌من‌ خلال حركته ‌فى‌ مواقع طاعته ‌فى‌ ‌ما‌ كلفه ‌به‌ ‌من‌ الاعمال التى تصل ‌به‌ الى مواقع القرب منه، لان المسووليه ‌لا‌ تختص بزمن معين، ففى كل لحظه زمنيه، مهما صغرت، تكليف شرعى يتوجه فيه الله للانسان بان يقف فيه عند حدوده، ‌و‌ لكن معنى هذا الاختصاص- ‌فى‌ ‌ما‌ يبدو- ‌هو‌ الانفتاح الكبير لله فيه على عباده بفيوضات رحمته، بما لم يجعله الله لزمن آخر ‌فى‌ ‌ما‌ هى القيمه، ‌و‌ ‌فى‌ ‌ما‌ ‌هو‌ المستوى، ‌فى‌ الكميه ‌و‌ النوعيه... ‌و‌ هذا ‌هو‌ ‌ما‌ تعبر عنه الكلمات الماثوره عن رسول الله محمد (ص) ‌فى‌ ‌ما‌ روى عنه ‌من‌ خطبته التى استقبل بها شهر رمضان، ‌فى‌ آخر جمعه ‌من‌ شعبان، فقد جاء فيها:
 «ايها الناس، قد اقبل عليكم شهر الله بالرحمه ‌و‌ البركه ‌و‌ المغفره، شهر ‌هو‌ عند الله افضل الشهور، ‌و‌ ايامه افضل الايام، ‌و‌ لياليه افضل الليالى، ‌و‌ ساعاته افضل الساعات، قد دعيتم فيه الى ضيافه الله، ‌و‌ جعلتم فيه ‌من‌ اهل كرامه الله، انفاسكم فيه تسبيح، ‌و‌ نومكم فيه عباده، ‌و‌ عملكم فيه مقبول، ‌و‌ دعاوكم فيه مستجاب، فاسالوا الله بنيات صادقه ‌و‌ قلوب طاهره، ‌ان‌ يوفقكم لصيامه ‌و‌ تلاوه كتابه، فان الشقى ‌من‌ حرم غفران الله ‌فى‌ هذا الشهر العظيم».
 فنحن نلاحظ ‌فى‌ هذه الكلمات احتضان الله للانسان برحمته ‌و‌ بركته ‌و‌ مغفرته ‌فى‌ هذا الشهر، فقد حول فيه نومه الى عباده، ‌و‌ انفاسه الى تسبيح، ‌و‌ تقبل فيه عمله، ‌و‌ استجاب فيه دعاءه بالدرجه التى لم يمنحها له ‌فى‌ ‌اى‌ شهر آخر.
 انه الاحساس الانسانى الروحى الحميم بالجو الرمضانى الذى يدخل اليه الانسان ضيفا مكرما يتغذى بالرحمه ‌و‌ البركه ‌و‌ المغفره ‌فى‌ اجواء العطف ‌و‌ اللطف ‌و‌ الحنان بشكل مميز حميم... حيث يعيش الاحساس بانسانيته المنطلقه ‌من‌ روح الله عندما نفخ فيه الروح فاعطاه شيئا ‌من‌ سموها الذى يتصل بالله، ‌و‌ ينفتح عليه ‌فى‌ محبه ‌و‌ احتضان، حتى يحس ‌فى‌ هذا الاندماج الروحى بالعلاقه التى ينسى فيها عبوديته، ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ قمه الخشوع ‌فى‌ ممارسته لها...
 شهر الصيام:
 
 ‌و‌ العنوان الثانى لشهر رمضان ‌هو‌ «شهر الصيام»، الذى اراد الله فيه للانسان ‌ان‌ يقوم باداء هذه الفريضه، ‌من‌ اجل ‌ان‌ يوكد له انسانيته ‌فى‌ مواقع السمو عن الاجواء الماديه التى تشده الى الاسفل، لان المطلوب فيه ‌ان‌ يرتفع الى الاعلى، بان يكون روحا يحركه الجسد ‌فى‌ روحيته لينال رضى الله، ‌و‌ ليعيش القرب ‌من‌ الله حتى يعيش المعانى الكبيره الصافيه المشرقه ‌من‌ خلاله، لانه كلما اقترب ‌من‌ الله اكثر، ‌فى‌ اجواء شفافيه الروح ‌و‌ طهاره الجسد، اقترب ‌من‌ الانفتاح على المسووليه الكبيره التى تدعوه الى ‌ان‌ يحمل ‌فى‌ وعيه معنى الخلافه عن الله ‌فى‌ اداره شوون الحياه ‌من‌ حوله.
 ‌ان‌ قضيه الصيام هى ‌ان‌ تخفف ثقل الضغط الجسدى على مواقع الاراده ‌فى‌ شخصيتك... ‌ان‌ ‌لا‌ تثقل الرغبه حركتك نحو اهدافك... ‌ان‌ ‌لا‌ يسحقك الحرمان الذى تعيشه ‌فى‌ بعض ساحات التحدى لتسقط امامه، لان احساسك بالجوع الغذائى ‌او‌ الجنسى ‌و‌ بالظماء المحرق للحاجه المخزونه ‌فى‌ اعماقك، قد يسقطك امام الاخرين فتفقد طهرك ‌و‌ تبتعد عن استقامتك، ‌و‌ تموت قضاياك، ‌و‌ تنسحق انسانيتك.
 ‌ان‌ قضيه الصيام، هى ‌ان‌ تكون انسان الله، بدلا ‌من‌ ‌ان‌ تكون انسان الشيطان... ‌ان‌ تعرف كيف تعيش سكينه الروح ‌و‌ طمانينه القلب، بدلا ‌من‌ ‌ان‌ تحترق بنار الشهوه... ‌و‌ سعار الاطماع.
 ‌ان‌ تشفى روحك حتى تطير الى الله، ‌و‌ ‌ان‌ يخف جسدك حتى يحلق ‌فى‌ آفاق المعنى الكبير الذى يتحمل مسووليه الحياه كلها، ‌و‌ لعل هذا ‌هو‌ الذى يفسر الحديث القدسى: «الصوم لى ‌و‌ انا اجزى به»...
 
 شهر الاسلام:
 
 ‌و‌ العنوان الثالث: «شهر الاسلام»، ‌و‌ قد فسر البعض كلمه الاسلام بمعناها اللغوى، ‌اى‌ الطاعه ‌و‌ الانقياد لكثره الطاعات ‌فى‌ هذا الشهر... ‌و‌ لكن هناك تفسيرا آخر، ‌و‌ ‌هو‌ دين الاسلام، لكون افتراض صومه ‌من‌ خصائص هذه الامه، فقد ورد ‌فى‌ الحديث عن الامام جعفر الصادق (ع) قال: «ان شهر رمضان لم يفرض الله صيامه على احد ‌من‌ الامم قبلنا، ‌و‌ قيل له: فقول الله ‌عز‌ ‌و‌ جل: (يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين ‌من‌ قبلكم) (البقره: 183). «قال: انما فرض الله صيام شهر رمضان على الانبياء دون الامم، ففضل ‌به‌ هذه الامه ‌و‌ جعل صيامه فرضا على رسول الله (ص) ‌و‌ على امته». ‌و‌ روى عن النبى محمد (ص) انه قال: «رمضان شهر امتى»، ‌و‌ قيل عن التشبيه ‌فى‌ الايه انه بلحاظ مطلق الصوم.
 ‌و‌ قد نلاحظ على ذلك ‌ان‌ الظاهر ‌من‌ اضافه الشهر الى الاسلام، ‌ان‌ للشهر علاقه بالاسلام بمجمله، ‌لا‌ بلحاظ فريضه ‌من‌ فرائض الاسلام المفروضه فيه، مما قد يوحى الينا بان ذلك مرتبط بنزول القرآن فيه الذى يمثل الوجه البارز للاسلام ‌فى‌ عقيدته ‌و‌ شريعته، ‌و‌ بالحشد الروحى ‌من‌ الصيام ‌و‌ الصلاه ‌و‌ الدعاء ‌و‌ تلاوه القرآن، الذى اريد له ‌ان‌ يقوم بدور كبير ‌فى‌ اعداد الانسان المسلم ‌فى‌ هذا الشهر للسنه كلها، ‌من‌ خلال ‌ما‌ يمكن ‌ان‌ يحققه البرنامج الرمضانى ‌من‌ تعبئه فكريه ‌و‌ روحيه تترك تاثيراتها على حركه الاسلام ‌فى‌ الحياه كلها ‌فى‌ جميع فصول السنه... الامر الذى يجعل منه شهر الاسلام الذى يتحرك فيه الاسلام بكل ابعاده، ‌و‌ الله العالم.
 
 شهر الطهور:
 
 ‌و‌ العنوان الرابع «شهر الطهور»، ‌و‌ ذلك ‌من‌ خلال وسائل التطهر الروحى الذى يبلغه الانسان فيه، ‌فى‌ نقاء الروح ‌و‌ الفكر ‌و‌ القلب ‌و‌ الحركه العمليه ‌من‌ خلال الاجواء الطاهره التى يعيش فيها الانسان روحيه التقوى ‌و‌ حركتها بين يدى الله، فيتخفف ‌من‌ كل قذارات المعاصى ‌و‌ ارجاس الانحراف، مما يوحى بان للطهاره موقعا كبيرا ‌فى‌ حسابات الاسلام، بحيث يريد للزمن ‌فى‌ حركه الطاعات فيه ‌ان‌ يكون مدخلا للحصول على مثل هذه الطهاره ‌فى‌ حياه الانسان، ليكون الانسان الطاهر ‌هو‌ الهدف ‌فى‌ التخطيط الاسلامى على مستوى التشريع ‌و‌ التطبيق.
 شهر التمحيص:
 
 ‌و‌ العنوان الخامس: «شهر التمحيص»، ‌و‌ ‌هو‌ تخليص الشى ء مما فيه ‌من‌ عيب، ‌و‌ منه قوله تعالى: (و ليمحص ‌ما‌ ‌فى‌ قلوبكم) (آل عمران: 154). ‌و‌ ربما اريد منه التطهر ‌و‌ التزكيه، ‌و‌ ربما اريد منه الابتلاء ‌و‌ الاختبار، ‌و‌ قد يكون الثانى مقدمه للاول... ‌و‌ ‌فى‌ ضوء هذا يكون الشهر المبارك مدخلا للنفاذ الى داخل الانسان ليقتلع جذور الفساد فيه، ليحصل على خلاصه الروحى ‌من‌ كل ذلك، ‌او‌ يكون حركه ‌فى‌ الفكر ‌و‌ المراقبه ‌و‌ المحاسبه، ‌فى‌ ‌ما‌ يحركه الانسان ‌من‌ كل النوازع الذاتيه التى قد تطوف ‌به‌ ‌فى‌ اجواء متنوعه مما يرهق روحه ‌او‌ يثقل قلبه ‌او‌ ينحرف ‌به‌ ‌فى‌ سبل الضلال، ليعود الانسان خفيفا ‌من‌ تلك الاثقال، متحررا ‌من‌ كل الاغلال، متوازنا ‌فى‌ الخط المستقيم... ‌و‌ ذلك ‌فى‌ تلاوه كتاب الله الذى يجد فيه كل مفردات الحق ‌و‌ الخير، ‌و‌ ‌فى‌ الانفتاح على الدعاء الذى يصله بالله ‌من‌ اقرب الطرق، ‌و‌ ‌فى‌ صلاته التى تعرج فيها روحه الى الله ‌فى‌ رحله الايمان.
 ‌و‌ هكذا يوحى هذا العنوان للشهر المبارك بان الله ‌لا‌ يريد للانسان ‌ان‌ يعيش الغفله عن نفسه، فيترك للنوازع الخبيثه ‌ان‌ تسيطر عليها، بل ‌لا‌ ‌بد‌ له ‌ان‌ يلاحقها بالمحاسبه ‌و‌ المجاهده، بكل الوسائل الممكنه التى تصل بالانسان الى اخراج كل المشاعر ‌و‌ الافكار الخبيثه منها.
 
 شهر القيام:
 
 ‌و‌ العنوان السادس ‌هو‌ «شهر القيام»، ‌و‌ المراد ‌به‌ القيام للصلاه ‌فى‌ الليل ‌و‌ للتهجد فيه، ‌فى‌ ‌ما‌ سنه الاسلام ‌فى‌ ليالى شهر رمضان ‌من‌ ذلك كله، حتى ورد استحباب صلاه الف ركعه ‌فى‌ لياليه زياده على النوافل المستحبه، بحيث تتوزع على ليالى الشهر ‌فى‌ ترتيب معين... ‌و‌ هذا ‌هو‌ الذى جعل هذا الشهر مميزا ‌من‌ هذه الجهه بالطريقه التى يتحول فيها القيام الى عنوان له... ليكون له الطابع العبادى التهجدى الذى يمنح التخطيط الروحى لبناء الشخصيه الاسلاميه فيه بعدا واسعا متنوعا ‌فى‌ ‌ما‌ تتمازج فيه العناصر العباديه ‌فى‌ الليل ‌و‌ النهار لتحقق النتائج المطلوبه منه ‌فى‌ اكثر ‌من‌ موقع.
 ‌و‌ نلتقى ‌فى‌ نهايه هذا الفصل بالفقره التى تتحدث عن نزول القرآن فيه (الذى انزل فيه القرآن هدى للناس ‌و‌ بينات ‌من‌ الهدى ‌و‌ الفرقان) (البقره: 185) ليكون هذا الحدث العظيم الذى انطلقت ‌من‌ خلاله حركه الاسلام الفكريه ‌فى‌ ‌خط‌ المنهج ‌و‌ الشريعه ‌و‌ المفهوم... التى وضع الوحى القرآنى قواعدها ‌و‌ اصولها، ‌و‌ حدد مفرداتها ‌و‌ اوضاعها، عنوانا للقيمه الاسلاميه لهذا الشهر، ‌فى‌ ‌ما‌ يكتسب الزمن ‌من‌ قيمه كبيره ‌من‌ خلال الاحداث الواقعه فيه... ‌و‌ قد اراد الاسلام ‌ان‌ يوكد ذلك، فدعا الى تلاوه القرآن بشكل واسع ‌فى‌ هذا الشهر، حتى جعل تلاوه كتاب الله فيه مساويه لصيامه، كما جاء ‌فى‌ الخطبه المرويه عن رسول الله ‌فى‌ استقبال شهر رمضان: «فاسالوا الله بنيات صادقه ‌و‌ قلوب طاهره ‌ان‌ يوفقكم لصيامه ‌و‌ تلاوه كتابه».
 ‌و‌ اذا كان القرآن قد نزل ‌فى‌ هذا الشهر المبارك، فلا ‌بد‌ للناس ‌من‌ ‌ان‌ ينفتحوا عليه ‌من‌ خلال الهدى الذى تتضمنه آياته، ‌و‌ ‌من‌ خلال البينات التى تثبت للانسان خطوط الهدى التى تدل على مواقع النجاه، ‌و‌ تعرفه كيف يميز بين الحق ‌و‌ الباطل ‌فى‌ ‌ما‌ يتعرف عليه ‌من‌ الفواصل التى تفصل بينهما، فلا ‌بد‌ ‌ان‌ تكون التلاوه ‌فى‌ هذا الاتجاه. ‌و‌ لسنا هنا بصدد البحث ‌فى‌ طبيعه نزول القرآن ‌فى‌ هذا الشهر ‌من‌ حيث نزول بعضه فيه ‌او‌ نزوله جمله ‌فى‌ ‌ما‌ تحدث ‌به‌ الباحثون، فلذلك مجال آخر.
ميزه شهر رمضان:
 
 ‌و‌ هذه ميزه لشهر رمضان على سائر الشهور، فقد جعل الله له ‌من‌ الحرمات الكامله التى توحى بقداسته ‌فى‌ ‌ما‌ يلتزمه الناس ‌من‌ حدود الله فيه، ‌و‌ ‌من‌ الفضائل المشهوره ‌فى‌ ‌ما‌ جعل له ‌من‌ الخصائص الروحيه ‌و‌ العمليه، مما يوحى فيه بالخير ‌و‌ الفضل الكبير على مستوى النتائج الكبيره التى يبلغها العاملون فيه ‌فى‌ علو الدرجه عند الله...
 ‌و‌ هكذا حرم الله فيه الماكل ‌و‌ المشارب ‌و‌ اللذات التى لم يحرمها ‌فى‌ غيره، كايحاء بعظمته ‌من‌ خلال ‌ما‌ يستهدفه هذا التحريم ‌من‌ غايات عظيمه على مستوى مصير الانسان ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ الاخره، ‌و‌ كمظهر ‌من‌ مظاهر الاكرام له ‌فى‌ ‌ما‌ اراد الله للناس ‌ان‌ يتعبدوا له بذلك، ليكون الالتزام بترك المطاعم ‌و‌ المشارب عباده يتقربون بها اليه، كما يتقربون بالعباده اليه، ‌و‌ حدد له وقتا معينا، ‌لا‌ يتسع للتقديم ‌و‌ للتاخير ‌فى‌ المساحات الزمنيه الاخرى، لان الله اراد للزمن العملى ‌ان‌ يخضع للنظام العام الذى يريده الله للحياه ‌فى‌ التزام الناس ‌به‌ ‌و‌ خضوعهم له، حتى يتعرف الناس ‌فى‌ علامات الزمن، علامات الطريق الى الله...
 
فضل ليله القدر:
 
 ‌و‌ اذا كان الله قد فضل شهر رمضان على غيره ‌من‌ الشهور لحكمه يعلمها ‌فى‌ تنظيمه لعلاقه الانسان بالزمن، فقد فضل الله ليله ‌من‌ هذا الشهر على سائر لياليه، فجعل لها ميزه كبيره تتصل بالنظام المنفتح على حياه الناس ‌فى‌ التخطيط الالهى لما يقضى لهم ‌او‌ يقدر لحركتهم ‌فى‌ الحياه ‌فى‌ اعمارهم ‌و‌ ارزاقهم ‌و‌ اوضاعهم العامه ‌و‌ الخاصه، ‌من‌ حرب ‌او‌ سلم، ‌او‌ خصب ‌او‌ جدب، ‌او‌ موت ‌او‌ حياه، ‌او‌ امن ‌او‌ خوف، ‌او‌ فقر ‌او‌ غنى... ‌و‌ هكذا كانت هذه الليله موضعا لحركه التقدير الالهى، مما يمكن لنا ‌ان‌ نصطلح عليه ببدايه السنه الالهيه التى يتحرك فيها البرنامج التنفيذى للنظام التقديرى لحركه الحياه ‌و‌ الانسان.
 ‌و‌ قد اريد للملائكه ‌و‌ للروح الذى اختلف الراى ‌فى‌ تحديد طبيعته، ‌ان‌ يكون لهم دور ‌فى‌ ذلك ‌فى‌ ‌ما‌ ‌او‌ كله الله اليهم ‌من‌ المهمات المتنوعه الخفيه التى لم تكشف لنا تفاصيلها، كما اريد التركيز على السلام الذى يحيط باجواء هذه الليله، ‌فى‌ ‌ما‌ يلقيه الملائكه ‌و‌ الروح ‌من‌ السلام على ‌من‌ يشاء الله ‌من‌ عباده ‌او‌ ‌فى‌ ‌ما‌ يثيره ‌من‌ اجواء السلام الذى يخيم على القلوب بالطمانينه ‌و‌ الصفاء، ليعيش الناس معها تجربه الروح الخاليه ‌من‌ العناصر السلبيه التى توحى بالعداوه ‌و‌ البغضاء عندما يتفرغون لعباده الله ‌فى‌ دعائهم ‌و‌ ابتهالهم ‌و‌ صلاتهم، فيتحول الانسان ‌من‌ شخص يعيش نوازع الانانيه ‌فى‌ ذاته، الى شخص يعيش رحابه الانسانيه ‌فى‌ حياته، كما يتطلع الى آفاق الروح التى تنفتح ‌به‌ على كل الناس ‌من‌ حوله عندما يتحسس موقعه منهم ‌فى‌ دائره العبوديه لله، ليطلع الفجر عليه، ‌فى‌ يوم جديد، ‌من‌ اجل البدء بحياه جديده خاليه ‌من‌ التخطيط السلبى للعلاقات بين الناس، مليئه بالتخطيط الايجابى ‌فى‌ تلك الدائره، ‌و‌ لينطلق مع الله ‌فى‌ قناعه يقينيه بقضاء الله ‌و‌ قدره، ‌و‌ ‌فى‌ رضى نفسى يطمئنه بان الله ‌لا‌ يريد له الا الخير ‌فى‌ ‌ما‌ قسمه له ‌من‌ الرزق ‌و‌ ‌من‌ الموقع ‌فى‌ الحياه، فلا ينفذ اليه الشك ‌فى‌ كل ذلك... ‌و‌ بهذا تتاكد علاقه المخلوق بخالقه ‌فى‌ نطاق الايمان المنفتح على الثقه المطلقه به، الامر الذى يتحول الى عنصر ‌من‌ عناصر الثبات الفكرى ‌و‌ الروحى البعيد عن ايه حاله ‌من‌ حالات الاهتزاز...
 ‌و‌ هذه هى فائده الاجواء الروحيه التى يستغرق فيها الانسان المومن ‌فى‌ ليله القدر ليستفيد ‌من‌ مضمونها المنفتح على الكون ‌و‌ الانسان.
بين المعنى المادى للصوم ‌و‌ المعنى الروحى:
 
 ‌و‌ هذا حديث عن عمق الترابط بين الصوم بمعناه المادى الشرعى الذى يتمثل ‌فى‌ ترك بعض الاشياء الخاصه ‌من‌ الطعام ‌و‌ الشراب ‌و‌ الجنس ‌و‌ ‌ما‌ اشبه ذلك، ‌و‌ بين الصوم بمعناه الروحى الاخلاقى الذى يمتد ليشمل كل المضمون المنفتح على مفهوم التقوى بكل سعته، مما يجعل الوسيله ‌فى‌ الصوم الفقهى مرتبطه بالهدف ‌فى‌ الصوم الاسلامى بكل سعه التشريع ‌فى‌ دائرته العمليه.
 فالمطلوب اولا- ‌من‌ وحى هذه الفقرات- ‌ان‌ يلهمنا الله معرفه فضله ‌و‌ اجلال حرمته... ‌و‌ لكن، هل هى المعرفه الفكريه ‌و‌ الاجلال الاحتفالى، ‌ام‌ هى المعرفه بالخط العملى الذى يتحول الى حركه ‌فى‌ بناء الشخصيه؟... لان الزمن ليس شيئا حيا ينفذ الانسان الى داخله ليتعرف خصائصه الذاتيه، بل ‌هو‌ شى ء ‌فى‌ حركه الوجود التى يمنحها الانسان معنى ‌فى‌ الشكل ‌و‌ المضمون ليعطيه بعض الملامح الجميله ‌او‌ الخبيثه ‌من‌ نشاطه السلبى ‌او‌ الايجابى، ‌فى‌ ‌ما‌ ياخذ ‌به‌ ‌من‌ وحى الرسالات، ‌او‌ ‌فى‌ ‌ما‌ ينطلق ‌به‌ ‌فى‌ وعى الفكره ‌فى‌ الذات، ‌و‌ لذلك فلا معنى للمعرفه الا ‌من‌ خلال المضمون الانسانى الحركى ‌فى‌ الزمن الذى ‌لا‌ ‌بد‌ ‌ان‌ يتعرفه الانسان ‌فى‌ مسووليه الزمن ‌فى‌ ضروره تجسيده ‌فى‌ شى ء ‌من‌ ذلك، ‌و‌ على ضوء ذلك نفهم ‌ان‌ الاجلال ليس شيئا يتحرك ‌فى‌ الطقس التقليدى بل ‌هو‌ شى ء يتحرك ‌فى‌ عظمه الدور ‌فى‌ داخل حركته...
 ‌و‌ هكذا ينبغى للانسان ‌ان‌ يعيش شهر رمضان ‌فى‌ الدور، ‌و‌ ‌فى‌ المسووليه، ‌و‌ ‌فى‌ فتره العمر المسوول ‌فى‌ رحلته الى الله ‌فى‌ داخل هذا الشهر، ليكون دخوله اليه عن وعى يلهمه معناه، ليعرف كيف يحتويه ‌فى‌ الدائره الاسلاميه الحيه المتحركه ‌فى‌ كل اتجاه للحياه ‌من‌ حوله.
 ‌و‌ المطلوب ثانيا- ‌من‌ وحى هذا الدعاء- التحرز عن التعدى على حدود الله، ‌فى‌ ‌ما‌ حرم الله على عباده تجاوزه، ‌من‌ الامور التى ‌لا‌ مصلحه فيها للحياه ‌و‌ للانسان، مما انذر الله عباده بالعقوبه على ممارستها، ‌و‌ هذا ‌هو‌ الذى يلخص كل الخطوط التى يتحرك فيها الانسان ‌فى‌ هذا الشهر ‌فى‌ جانبها السلبى الذى يتمثل ‌فى‌ المحرمات، ‌و‌ ‌فى‌ جانبها الايجابى الذى يتمثل ‌فى‌ الواجبات... ‌و‌ هذا ‌هو‌ الذى نتابع عناوينه ‌فى‌ الفقرات الاتيه، التى يرتفع فيها النداء ‌من‌ اعماق القلب المومن الخاشع الذى يخشى ‌من‌ السقوط ‌فى‌ التجربه تحت تاثير ضغط الماده ‌او‌ الغريزه ‌او‌ البيئه ‌او‌ نحو ذلك مما قد ينحرف بالانسان عن الخط المستقيم، فيبادر الى طلب المعونه ‌من‌ الله، ليتوازن الانسان ‌فى‌ حركته، لتنطلق الاراده ‌من‌ جانب، ‌و‌ تنزل عليه الالطاف الالهيه ‌من‌ جانب آخر.
 ‌و‌ هذا ‌ما‌ تمثله هذه الفقره: «و اعنا على صيامه بكف الجوارح عن معاصيك ‌و‌ استعمالها بما يرضيك»، فانها توحى بان الصوم ياخذ مضمونه الحقيقى ‌فى‌ حياه الناس الايمانيه العباديه المنفتحه على الله بالالتزام الحقيقى الذى ‌لا‌ يهتز ‌فى‌ مواقع الاهتزاز الفكرى ‌و‌ العملى، فلا تنفذ معصيه الله الى اعضاء الانسان ‌فى‌ قوله ‌و‌ فعله، بل تقف مع طاعه الله التى يتحرك فيها الجسد بكل حركاته، ليكون الانسان ‌فى‌ ذلك انسان الله، الذى ينتمى اليه ‌و‌ ‌لا‌ ينتمى الى الشيطان، ‌و‌ ليكون عبدالله الخاضع له ‌فى‌ كل اموره...
 ‌و‌ هذا ‌ما‌ تعبر عنه الفقرات التاليه:
 «حتى ‌لا‌ نصغى باسماعنا الى لغو» ‌و‌ ‌هو‌ الكلام الذى ‌لا‌ يعتد به، ‌و‌ ‌هو‌ الذى ‌لا‌ يرد عن رويه ‌و‌ فكر، فقد يشتمل على ‌ما‌ ‌لا‌ يرضى الله ‌و‌ ‌ما‌ ‌لا‌ ينفع الناس، ‌او‌ على ‌ما‌ يفسد حياتهم، ‌او‌ ‌ما‌ يبتعد بهم عن الخط المستقيم ‌فى‌ الفكر ‌و‌ المنهج ‌و‌ العمل... ‌و‌ هذا ‌هو‌ ‌ما‌ يريد الاسلام للانسان ‌ان‌ يبتعد عنه ‌و‌ يرتفع بشخصيته عن الاخذ به... ‌و‌ قد يكون الاصغاء اليه وسيله ‌من‌ وسائل الانس ‌به‌ ‌و‌ الا نجذاب اليه، مما قد يترك تاثيرا عميقا ‌فى‌ شخصيه الانسان حيث يتحول الى شخص يمارس اللغو ‌و‌ ينطبع به.
 «و ‌لا‌ نسرع بابصارنا الى لهو» يجتذب العين فيسحرها، ‌و‌ ياخذ القلب فيملكه، ‌و‌ يطبع حياه الانسان بطابعه ليكون الانسان اللاهى البعيد عن الله الذى يستغرق ‌فى‌ الصوره الحلوه هنا، ‌و‌ اللمسه المغريه هناك، ‌و‌ الاوضاع المثيره ‌فى‌ موقع آخر، فيخلد الى الارض ‌فى‌ زخارفها ‌و‌ مغرياتها ‌و‌ شهواتها، فلا يرتفع الى آفاق السمو الروحى الباحثه عن الله، ‌و‌ ‌لا‌ ينطلق الى مواقع المسووليه المنفتحه على مواقع رضاه، ‌و‌ بذلك يفقد توازنه، ‌و‌ يبتعد عن انسانيته، ‌و‌ يتحول الى شخص عبثى ‌فى‌ ‌ما‌ ‌هو‌ العبث اللاهى ‌فى‌ الحياه.
«و حتى ‌لا‌ نبسط ايدينا الى محظور»، لان الله جعل لليدين دورا ‌فى‌ تحريك حياه الانسان نحو القضايا التى تمثل حاجاته ‌فى‌ بناء جسده ‌فى‌ ‌ما‌ يحتاجه ‌من‌ الغذاء ‌و‌ الكساء ‌و‌ نحو ذلك، ‌او‌ التى تمثل حاجاته ‌فى‌ بناء روحه، ‌او‌ ‌فى‌ رعايه حياه الناس ‌من‌ حوله ‌فى‌ ‌ما‌ احله الله له ‌من‌ ذلك كله... ‌و‌ لم يرخص له ‌ان‌ يستعملها ‌فى‌ تناول الحرام، ‌او‌ ‌فى‌ افساد حياه الناس ‌او‌ حياته ‌و‌ تهديدها ‌او‌ ارباكها ‌فى‌ ‌ما‌ ‌لا‌ يرضى له به... ‌و‌ ‌فى‌ ضوء ذلك، ‌لا‌ ‌بد‌ للانسان ‌من‌ ‌ان‌ يفكر بان ‌لا‌ يحرك يديه ‌فى‌ الامور المحظوره، على جميع المستويات، حتى ‌لا‌ تكونا اداتين لمعصيه الله، ‌و‌ بالتالى لهلاك الانسان ‌فى‌ مصيره المحتوم ‌فى‌ عذاب جهنم ‌من‌ خلال غضب الله...
 «و ‌لا‌ نخطو باقدامنا الى محجور»، فقد حجر الله علينا، ‌من‌ الوجهه الشرعيه، ‌ان‌ نتحرك ‌فى‌ الساحات التى تتجمع فيها الاوضاع المنفتحه على الفساد ‌و‌ الاجرام ‌و‌ الخيانه ‌و‌ غيرها ‌من‌ المعاصى، ‌او‌ ‌ان‌ ناخذ بالوسائل التى تقودنا الى ذلك، ‌او‌ ننطلق الى الاهداف التى ‌لا‌ يحبها الله لعباده، ‌و‌ لذلك ينبغى للانسان ‌ان‌ يستغرق ‌فى‌ التامل ‌فى‌ خطواته ‌فى‌ حركه رجليه، ليحدد الطرق المحلله ‌او‌ المحرمه، ‌و‌ ليعرف الغايات التى يبلغها ‌فى‌ ‌ما‌ يبنى له حياته ‌و‌ مصيره، ‌او‌ ‌فى‌ ‌ما‌ يهدم وجوده ‌و‌ نجاته.
 «و حتى ‌لا‌ تعى بطوننا الا ‌ما‌ احللت» ‌من‌ الطعام ‌و‌ الشراب، فقد احل الله للانسان بعض الطعام ‌و‌ الشراب ‌و‌ حرم بعضا آخر، ‌و‌ اراد له ‌ان‌ ‌لا‌ يجعل بطنه ‌و‌ عاء الا للحلال منها مما يصلح امر جسده ‌او‌ توازن عقله ‌او‌ صفاء روحه ‌فى‌ ‌ما‌ يوثر عليه ‌من‌ ذلك كله.
 «و ‌لا‌ تنطق السنتنا الا بما مثلت»، ‌اى‌ بما حدثت، ‌او‌ بما اكدت ‌من‌ الحجه مما ينسجم مع الحق، ‌و‌ يبتعد عن الباطل، ‌و‌ يلتقى بالصدق، ‌و‌ ينفصل عن الكذب، ‌و‌ ينفع الناس ‌و‌ ‌لا‌ يضرهم، ‌و‌ يرفع مستواهم، ‌و‌ يقوى وجودهم، ‌و‌ يفتح لهم ابواب الخير ‌و‌ يغلق عنهم ابواب الشر، ‌و‌ يدفع بهم الى ساحه الحريه ‌و‌ يبعدهم عن ساحه العبوديه، ‌و‌ يمنحهم العزه ‌و‌ الكرامه... فقد اراد الله للانسان ‌ان‌ يحرك لسانه بالكلمات الطيبه المنفتحه على مواقع رضى الله ‌فى‌ ‌ما‌ فيه مصلحه الانسان الحقيقيه ‌فى‌ العمق، ‌و‌ ‌ان‌ يمسكه عن الكلمات الخبيثه المغلقه عن مواقع رضاه، ‌و‌ لذلك، كان ‌لا‌ بدله ‌ان‌ يفكر بالمستوى العالى ‌من‌ الانضباط الدقيق ‌فى‌ الخط الفاصل بين الحرام ‌و‌ الحلال، ‌فى‌ ‌ما‌ يربى نفسه عليه، ‌او‌ ‌فى‌ ‌ما‌ يسال الله العون عليه.
 «و ‌لا‌ نتكلف الا ‌ما‌ يدنى ‌من‌ ثوابك ‌و‌ ‌لا‌ نتعاطى الا الذى يقى ‌من‌ عقابك»، لان الله قد جعل للانسان ‌ان‌ يبذل جهده ‌فى‌ ‌ما‌ يملكه ‌من‌ الطاقه الحركيه التى تمثل المعاناه ‌و‌ المشقه ‌فى‌ الاعمال التى يقوم بها ‌فى‌ المجالات التى تودى ‌به‌ الى السعاده التى ينال بها ثواب الله، ‌و‌ تبتعد ‌به‌ عن الشقاء الذى ينال ‌به‌ عقابه، لان المفترض ‌فى‌ الجهد الانسانى ‌ان‌ يتحرك ‌فى‌ النجاه ‌من‌ الهلاك، ‌و‌ ‌فى‌ الوصول الى مواقع السلامه.
 «ثم خلص ذلك كله ‌من‌ رياء المرائين ‌و‌ سمعه المسمعين، ‌لا‌ نشرك فيه احدا دونك، ‌و‌ ‌لا‌ نبتغى ‌به‌ مرادا سواك»، فقد اراد الله للانسان ‌ان‌ يعيش ‌فى‌ نطاق التوحيد الخالص الذى يوحى بصفاء العمل ‌فى‌ عمق النيه الدافعه له، فلا يكون مشوبا بالرياء الذى يمثل الاستغراق الذاتى ‌فى‌ الحصول على مدح الناس له، ‌و‌ ثقتهم به، ‌و‌ رضاهم عنه، ‌و‌ ‌لا‌ يكون مشدودا الى الحصول على السمعه الطيبه لديهم، لان معنى ذلك ‌هو‌ انفتاح العباده على الناس ‌لا‌ على الله، مما يعنى الشرك الخفى ‌فى‌ ‌ما‌ يراقب ‌به‌ الانسان الناس الى جانب الله... ‌فى‌ مضمون العباده الخاضعه لحركه القلب التى تحدد مسار حركه الجسد.
 ‌و‌ هكذا نجد ‌فى‌ هذا الفصل، ‌ان‌ الصوم ليس مجرد حاله ماديه سلبيه ‌فى‌ ‌ما‌ هى اللذه الغذائيه ‌او‌ الجنسيه، بل ‌هو‌ حاله روحيه ‌و‌ عمليه على مستوى الالتزام الاخلاقى الشرعى الذى يمثل صوم الجسد عن كل ‌ما‌ حرمه الله، ‌و‌ قد جاء ‌فى‌ الحديث الماثور عن الامام جعفر الصادق (ع): «اذا صمت فليصم سمعك ‌و‌ بصرك ‌و‌ شعرك ‌و‌ جلدك، (و عدد اشياء غير هذا) ‌و‌ قال: ‌لا‌ يكون يوم صومك كيوم فطرك». ‌و‌ ‌فى‌ كلمه اخرى له: «اذا صمت فليصم سمعك ‌و‌ بصرك ‌من‌ الحرام ‌و‌ القبيح ودع المراء ‌و‌ اذى الخادم ‌و‌ ليكن عليك ‌و‌ قار الصائم ‌و‌ ‌لا‌ تجعل يوم صومك كيوم فطرك».
اداء الواجبات بشروطها:
 
 ‌و‌ هذه جوله ابتهاليه ‌فى‌ آفاق الصلوات المفروضه ‌فى‌ كل يوم التى تمثل القاعده التى يرتكز عليها التطلع الروحى الى آفاق الله، ‌و‌ العروج الفكرى الى مواقع رحمته، ‌و‌ الانفتاح القلبى على كل ساحات قدسه.. حيث يتحدث الانسان ‌من‌ خلالها الى ربه ‌فى‌ مناجاته ‌و‌ تسبيحه ‌و‌ تكبيره ‌و‌ حمده ‌و‌ تهليله، ‌و‌ يقف بين يديه خاشعا ‌فى‌ قيامه ‌و‌ ركوعه ‌و‌ سجوده.. ‌و‌ ليعيش ‌فى‌ نهاياتها السلام على النبى ‌و‌ على جميع عباد الله الصالحين.. لتكون برنامجا روحيا عمليا متحركا مع آناء الليل ‌و‌ اطراف النهار، فتتحول الى حزام روحى يحيط بالانسان ‌فى‌ جميع اوضاعه ليقيه ‌من‌ الانحراف عن الخط المستقيم.
 انه الابتهال الخاشع الى الله ‌ان‌ يوفق الانسان للاخلاص للصلاه بجميع حدودها الزمنيه ‌و‌ العمليه، حتى ترتفع بروحه الى الله ‌من‌ خلال كل منازلها ‌و‌ مواقعها ‌و‌ فواضلها ‌و‌ طهورها الذى يجمع الى طهاره الروح طهاره الجسد، لتنفتح الصلاه المفروضه على الصوم المفروض فتزيده روحانيه ‌و‌ عبوديه لله فتقربه الى ‌خط‌ التقوى الذى ‌هو‌ الهدف الكبير للصوم، كما ‌هو‌ الهدف الكبير لجميع العبادات.
مضامين انسانيه:
 
 ‌و‌ هذا نداء ‌من‌ قلب الحياه لاجتذاب التوفيق الالهى ‌فى‌ حركه المسووليه ‌فى‌ نطاق بعض المواقف المتصله بالعلاقات الانسانيه ‌و‌ بالمبادرات الماليه الخيره ، ‌و‌ بالاعمال الزكيه التى تفتح للانسان ابواب الرحمه الالهيه، ليكون هذا الشهر المبارك شهر تصحيح العلاقات على الخط الذى يحبه الله ‌و‌ يرضاه، ‌و‌ تحريك الطاقات ‌فى‌ ساحات الانفاق على الفئات المحرومه ‌او‌ الجهات الخيره، ‌و‌ توجيه الاعمال ‌فى‌ اتجاه الحصول على غفران الذنوب، ‌و‌ على العصمه ‌من‌ العيوب.
 ‌و‌ هذا ‌هو‌ الذى يجعله منطلقا للمضمون الانسانى ‌فى‌ حركه المسووليه ‌فى‌ الانسان ، كما ‌هو‌ منطلق ‌فى‌ تحريك المضمون الروحى ‌فى‌ حركه العباده ‌فى‌ حياته، ليرتفعا ‌به‌ الى المستوى الاعلى ‌فى‌ رضوان الله.
 
 صله الرحم:
 
 «و وفقنا لان نصل ارحامنا بالبر ‌و‌ الصله» ‌و‌ الارحام جزء ‌من‌ الخلايا الاجتماعيه التى تتحرك ‌فى‌ الواقع الانسانى لتربط علاقات الانسان بالاخرين ‌فى‌ دائره التوازن المسئوول، فهم اقرب الناس اليه ‌فى‌ قرابه الدم، مما يجعل ‌من‌ العاطفه التى تشده اليهم حاله طبيعيه، ‌و‌ ‌هم‌ الاكثر اتصالا بحياته ‌فى‌ ‌ما‌ يمكن ‌ان‌ تصطدم فيه المواقف ‌و‌ المصالح ‌و‌ المشاعر، الامر الذى قد يخلق لونا ‌من‌ الوان التماس اليومى بفعل الاحتكاك الدائم، ‌و‌ يودى الى اثاره المشاكل ‌و‌ التعقيدات ‌فى‌ داخل هذا المجتمع الصغير المتشابك الاوضاع ‌و‌ العلاقات.. ‌و‌ هذا ‌هو‌ الذى جعل التخطيط الاخلاقى الاسلامى يمنح العلاقه بالارحام وضعا روحيا يمتص كل النتائج السلبيه التى قد تحدث ‌فى‌ داخل الوضع المعقد ‌فى‌ شبكه العلاقات، بحيث يفكر الانسان بالنتائج الالهيه على مستوى صله الارحام ‌فى‌ ايجابيات المغفره ‌و‌ الثواب ‌و‌ طول العمر وسعه الرزق، ‌او‌ على مستوى قطيعه الارحام ‌فى‌ سلبيات الغضب الالهى ‌و‌ العقاب الاخروى، ‌و‌ قصر العمر ‌و‌ ضيق الرزق، فلا تعود العلاقه بالارحام سلبا ‌او‌ ايجابا، مجرد علاقه شخصيه ‌او‌ عائليه، ‌فى‌ ‌ما‌ هى العلاقات الاجتماعيه العاديه، بل تتحول الى حاله سلوكيه ‌فى‌ ‌ما‌ ‌هو‌ الخط الالهى الذى يوكد للانسان المومن علاقاته باقربائه ‌فى‌ دائره المسووليه المتصله بنتائجها بقضيه المصير ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ الاخره. ‌و‌ ‌فى‌ ضوء ذلك، يمكن ‌حل‌ كثير ‌من‌ التعقيدات ‌و‌ السيطره على بعض المشاكل ‌من‌ خلال العنصر الروحى ‌فى‌ اخلاص الانسان لربه بدلا ‌من‌ العنصر الذاتى ‌فى‌ علاقه الانسان بارحامه، لتتحرك الاراده الايجابيه ‌فى‌ اتجاه صله الارحام بالبر ‌و‌ العطيه ‌من‌ موقع الارتباط برضوان الله، ‌لا‌ بنوازع الذات.
 ‌و‌ قد وردت الاحاديث الكثيره المنفتحه على آيات الله ‌فى‌ وصل ‌ما‌ امر الله ‌به‌ ‌ان‌ يوصل ‌من‌ حيث الوصول الى رضوان الله، ‌و‌ ‌فى‌ قطع ‌ما‌ امر الله ‌به‌ ‌ان‌ يوصل ‌من‌ حيث الوقوع ‌فى‌ موارد غضب الله، ‌و‌ قد جاء ‌فى‌ خطبه النبى (ص) التى استقبل بها شهر رمضان الامر بصله الارحام فيه ‌و‌ التاكيد على ‌ان‌ ‌من‌ وصل فيه رحمه ‌و‌ صله الله برحمته يوم يلقاه.
 
 تعهد الجيران:
 
 «و ‌ان‌ نتعاهد جيراننا بالافضال ‌و‌ العطيه» ‌و‌ الجيران، كالارحام ‌فى‌ طبيعه العلاقه الوثيقه المتصله بالحياه اليوميه الدائمه ‌فى‌ لقاء الجيران بعضهم ببعض، ‌و‌ ‌فى‌ ‌ما‌ يقتضيه ذلك ‌من‌ كثره السلبيات الناشئه ‌فى‌ المصالح المتشابكه ‌و‌ الاوضاع المعقده، ‌و‌ الحساسيات الدقيقه ‌و‌ العلاقات المتنوعه، الامر الذى ‌لا‌ يمكن السيطره عليه بالحلول العاديه المرتكزه على الاوضاع الماديه ‌فى‌ دائره العلاقات الانسانيه، ‌و‌ لذلك كان التخطيط الاخلاقى الاسلامى ينطلق ‌من‌ التركيز على حسن الجوار بالاحسان الى الجيران بالافضال ‌و‌ العطيه، ‌و‌ تحمل الاذى منهم، ‌و‌ بناء العلاقات بهم على اساس العفو ‌و‌ التسامح طلبا لرضى الله، ليكون العنصر الروحى الباحث عن مواقع القرب ‌من‌ الله ‌هو‌ الاساس ‌فى‌ احتواء كل السلبيات.
 ‌و‌ قد نص القرآن على الاحسان الى الجار، قال تعالى: (و اعبدوا الله ‌و‌ ‌لا‌ تشركوا ‌به‌ شيئا ‌و‌ بالوالدين احسانا ‌و‌ بذى القربى ‌و‌ اليتامى ‌و‌ المساكين ‌و‌ الجار ذى القربى ‌و‌ الجار الجنب ‌و‌ الصاحب بالجنب ‌و‌ ابن السبيل ‌و‌ ‌ما‌ ملكت ايمانكم ‌ان‌ الله ‌لا‌ يحب ‌من‌ كان مختالا فخورا) (النساء: 36).
 قيل: معنى «الجار ذى القربى»، القريب ذو النسب. ‌و‌ الجار الجنب الذى ليس بينك ‌و‌ بينه قرابه، ‌و‌ قيل: الجار ذو القربى منك بالاسلام ‌و‌ الجار الجنب المشرك البعيد ‌فى‌ الدين، فقد روى عن النبى (ص) انه قال: «الجيران ثلاثه، فمنهم ‌من‌ له ثلاثه حقوق، ‌حق‌ الاسلام ‌و‌ ‌حق‌ الجوار ‌و‌ ‌حق‌ القرابه، ‌و‌ منهم ‌من‌ له حقان: ‌حق‌ الاسلام ‌و‌ ‌حق‌ الجوار، ‌و‌ منهم ‌من‌ له ‌حق‌ واحد، الكافر له ‌حق‌ الجوار».
 ‌و‌ قد جاء ‌فى‌ الحديث عن رسول الله (ص): «ما زال جبرئيل (ع) يوصينى بالجار حتى ظننت انه سيورثه».
 
 تزكيه الاموال:
 
 «و ‌ان‌ نخلص اموالنا ‌من‌ التبعات ‌و‌ ‌ان‌ نطهرها باخراج الزكوات». المال مسووليه ‌فى‌ دائره الملكيه التى هى وظيفه فرديه ‌و‌ اجتماعيه شرعيه، فقد جعل الله له حدودا ‌فى‌ اسباب الملكيه ‌و‌ السلطنه، ‌و‌ ‌فى‌ حركه التصرف ‌و‌ ‌فى‌ طبيعه العلاقات بالاخرين، ‌فى‌ ‌ما‌ يتصل باوضاعهم الماليه المتصله به، ‌و‌ بماله.. ‌و‌ ‌لا‌ ‌بد‌ للانسان المومن الذى يخضع ‌فى‌ حياته لاحكام الله ‌من‌ ‌ان‌ يخلص ماله ‌من‌ التبعات، ‌و‌ هى الحقوق المتعلقه ‌به‌ لله ‌و‌ للناس.
 ‌و‌ للزكاه ‌حق‌ متعلق بالمال، ‌فى‌ ‌ما‌ افترضه الله على عباده ‌من‌ اخراجها منه بطريقه معينه، ‌و‌ ‌فى‌ حدود محدوده باعتبارها سبيلا لتطهير المال، كما ورد ‌فى‌ قوله تعالى: (خذ ‌من‌ اموالهم صدقه تطهرهم ‌و‌ تزكيهم بها) (التوبه: 103)، ‌و‌ هى ‌من‌ الفرائض الموكده التى دعت اليها الايات القرآنيه الكثيره، كما وردت الاحاديث التى تهدد مانع الزكاه بدخول النار.
 ‌و‌ هكذا يريد الله للانسان المومن ‌ان‌ يعيش هذا الهم الكبير ‌فى‌ مسووليه المال ‌فى‌ تخليصه ‌من‌ كل الحقوق اللازمه له، ‌و‌ ‌فى‌ تطهيره باخراج الزكاه منه، ليقف عند حدود الله ‌فى‌ نطاق العطاء المسوول الذى يوكد للانسان انسانيته ‌فى‌ انفتاحه على الناس، كما يوكد له عبوديته التى يتعبد فيها لله.
 
 الدفع بالتى هى احسن:
 
 «و ‌ان‌ نراجع ‌من‌ هاجرنا» فنبادله ‌فى‌ هجرانه لنا انفتاحا عليه ‌و‌ عوده الى صحبته، ‌و‌ رجوعا الى مواقع العلاقه الحميمه القديمه به. «و ‌ان‌ ننصف ‌من‌ ظلمنا»
 بان نسير معه ‌فى‌ طبيعه المساله التى تتصل بظلامتنا عنده بالعدل، فلا نميل عن حدود الحق معه، ‌و‌ ‌لا‌ نعمل على معاملته بردود الفعل النفسيه المليئه بالغيظ ‌و‌ بالحاجه الى التشفى، ‌و‌ باثاره الحميه الذاتيه.. ‌و‌ هذا ‌هو‌ الخط الشرعى ‌فى‌ زمام المبادره، فلا نقابل ظلم ظالم لنا بان نظلمه، بل ‌ان‌ ناخذ منه حقنا ‌من‌ دون زياده، انطلاقا ‌من‌ العقل الهادى ء المتزن الخاضع للشرع، البعيد عن نوازع الذات المنفعله الغاضبه.
 «و ‌ان‌ نسالم ‌من‌ عادانا» فنغلب جانب المسالمه على جانب المحاربه، على اساس المصلحه العامه الحيه ‌فى‌ ‌ما‌ ناخذ ‌به‌ ‌من‌ اسباب ذلك، ‌من‌ اجل ‌ان‌ نفسح ‌فى‌ المجال له للتراجع عن عداوته، ‌و‌ ذلك ‌من‌ خلال التوجيه الالهى الذى اراد لنا ‌ان‌ يكون عملنا، ‌فى‌ نطاق المشاكل الطارئه مع الاخرين، هادفا الى تحويل الاعداء الى اصدقاء، ‌و‌ ذلك قوله تعالى:
 (و ‌لا‌ تستوى الحسنه ‌و‌ ‌لا‌ السيئه ادفع بالتى هى احسن فاذا الذى بينك ‌و‌ بينه عداوه كانه ولى حميم) (فصلت: 34).
 
 الموقف الصلب:
 
 «.. حاشا ‌من‌ عودى فيك ‌و‌ لك، فانه العدو الذى ‌لا‌ نواليه، ‌و‌ الحزب الذى ‌لا‌ نصافيه»، ‌و‌ هذا ‌هو‌ الاستثناء الاسلامى للمساله الاخلاقيه القائمه على اساس تقديم التنازلات الشعوريه ‌و‌ العمليه لمصلحه تحويل العدو الى صديق، فان ذلك داخل ‌فى‌ نطاق العلاقات الشخصيه ‌فى‌ المشاكل الخاصه ‌او‌ العامه المتحركه ‌فى‌ الدائره الاجتماعيه.. اما ‌فى‌ المسائل المتصله بالموقف الرسالى الذى ينطلق فيه اعداء الرساله ‌و‌ اعداء الله ليثيروا المشاكل ‌فى‌ ساحه الرساله، ‌و‌ ليطلقوا التحديات ‌فى‌ مواجهه اولياء الله، ‌من‌ اجل اضعاف الموقف، ‌و‌ هزيمه الموقع، سواء تمثل وجودهم ‌فى‌ جماعات متناثره، ‌او‌ ‌فى‌ احزاب منظمه.. اما ‌فى‌ هذه المسائل، فلا ‌بد‌ ‌من‌ الحسم ‌فى‌ الموقف، لان المساله ليست مساله مشاعر يراد تبريدها ‌او‌ مشاكل معقده يراد حلها، بل هى مساله رساله يراد حمايتها، ‌و‌ مجتمع يراد تقويته، ‌و‌ خطه يراد
 اسقاطها، ‌و‌ لذلك فلا ‌بد‌ ‌من‌ الموقف الحاسم الذى يراقب العواطف الذاتيه ‌و‌ الانفعالات النفسيه التى قد تجعل الانسان خاضعا للموثرات السريعه التى قد تفتح القلب لاعداء الله ‌فى‌ لحظه ضعف شعورى.
 ‌و‌ هذا ‌هو‌ الذى ينبغى للانسان المسلم ‌ان‌ يستوعبه ‌فى‌ وعيه الرسالى العملى، ليجعل عواطفه خاضعه لحركه رسالته ‌فى‌ مساله السلامه العامه للرساله ‌من‌ الذين يكيدون لها ‌و‌ يتربصون بها الدوائر مستغلين بعض نقاط الضعف لدى الطيبين ‌من‌ اتباعها، فلا مجال للتسامح العاطفى ‌فى‌ هذا المجال.
 ‌و‌ لكن.. هل يعنى ذلك ‌ان‌ يتحرك الرساليون عشوائيا ‌فى‌ رده الفعل السلبيه ضدهم ليتحركوا ‌فى‌ فوضى انفعاليه، ‌ام‌ ‌ان‌ عليهم ‌ان‌ يحرسوا انفسهم ‌من‌ الانفتاح الروحى ‌او‌ العاطفى عليهم لئلا يسقطوا امامهم.. ليتابعوا السعى نحو تركيز الموقف بدقه؟
 ‌ان‌ القضيه تتحرك ‌فى‌ الخيار الثانى، لان التحرك ‌لا‌ ‌بد‌ ‌ان‌ يخضع للتخطيط الواعى ‌فى‌ مصلحه الرساله، ليكون الاسلوب مدروسا ‌و‌ الاجواء متوازنه ‌و‌ الحسابات دقيقه، لان ‌اى‌ خطاء ‌فى‌ الحسابات قد يسى ء الى الموقف كله.
العمل دليل الصدق:
 
 ثم تاتى الفكره العامه التى تلا ‌حق‌ الشخصيه الانسانيه ‌فى‌ طهارتها الروحيه، ‌و‌ ‌فى‌ سلامتها الاخلاقيه.. فلا ‌بد‌ للانسان ‌من‌ ‌ان‌ يدخل ‌فى‌ برنامج عملى، يختار فيه الاعمال الزاكيه التى تتميز بمواقع القرب ‌من‌ الله، لتترك تاثيرها الايجابى ‌فى‌ ايجاد حاله روحيه تتميز بالقوه العاصمه التى تتطهر فيها الشخصيه ‌من‌ ضغط الذنوب عليها، ‌و‌ تبتعد عن العيوب التى تثقل حركه الانسان عن السير ‌فى‌ الاتجاه السليم.. ‌و‌ ‌فى‌ ضوء ذلك نعرف ‌ان‌ مساله التصحيح السلوكى ‌لا‌ تتحدد بالتوبه الفكريه ‌او‌ الشعوريه، بل ‌لا‌ ‌بد‌ ‌من‌ ‌ان‌ تتمثل بالممارسه العمليه المضاده التى تصدم ضغط الانحراف بقوه الاستقامه، فينطلق العمل ‌فى‌ ‌خط‌ الله، فيرتفع منه الى الله، ‌فى‌ تقارير الملائكه، المستوى الذى يقل عنه عمل الملائكه ‌من‌ خلال ‌ما‌ نبلغه ‌من‌ الدرجه العاليه ‌فى‌ مواضع رضاك.
التطلع الى مواقع القرب:
 
 ... ‌و‌ اذا كان القلب ينفتح على الخير ‌فى‌ هذا الشهر لتتكامل كل عناصر الحق ‌فى‌ داخل الشخصيه الانسانيه المومنه، فانه يخضع ‌و‌ يرق ‌و‌ يبتهل ‌و‌ يرتفع بكل عمق الصوت الالهى ‌فى‌ روحه.. ‌و‌ يتوسل بحق هذا الشهر ‌و‌ بحق كل المتعبدين لله فيه ‌من‌ الملائكه ‌و‌ الانبياء ‌و‌ الصالحين، ‌ان‌ يوهله فيه لكرامته الالهيه التى تجمع كل الرحمه ‌و‌ الرضوان، ‌و‌ ‌ان‌ يوجب له كل الفيوضات ‌و‌ الالطاف التى تنساب ‌من‌ عطفه الالهى على الذين استغرق وجوده كل وجدانهم الروحى العملى حتى بلغ الدرجه العليا ‌من‌ طاعته، ‌و‌ ‌ان‌ يمنحه الارتفاع الى مواقع الذين ارتفعت درجاتهم الى الرفيع الاعلى ‌من‌ خلال رحمته..
 انه الابتهال الخاشع الذى ‌لا‌ يتطلع الى عمله الذى يقدمه بين يديه ليستحق عطاء ربه، بل يتطلع الى كل مواقع القرب ‌من‌ الله ‌فى‌ الزمن الذى منحه الله معنى القداسه ‌فى‌ روحانيته، ‌و‌ ‌فى‌ الملائكه ‌و‌ المقربين ‌من‌ الانبياء ‌و‌ الصالحين، ليقدمهم شفعاء بين يدى الله، ‌و‌ ذلك ‌فى‌ ‌ما‌ جعله الله لهم ‌من‌ الحق، ‌من‌ خلال اخلاصهم ‌و‌ طاعتهم له.. ‌و‌ لكن رحمه الله ‌و‌ راء ذلك، لان رحمته تمتد الى كل عباده ‌من‌ دون حاجه الى شفيع، غير انه- سبحانه- يمنح بعض عباده شرف الشفاعه ليكرمهم بذلك، ‌و‌ ليشفعهم ‌فى‌ ‌من‌ ارتضاه ‌من‌ خلقه.
الابتهال لمواجهه الانحرافات:
 
 ‌و‌ هذه جوله جديده ‌فى‌ اجواء السلبيات العقيديه ‌و‌ العمليه التى يمكن ‌ان‌ تحدث للانسان لتنحرف ‌به‌ عن الخط المستقيم ‌فى‌ وعى العقيده، ‌او‌ ‌فى‌ استقامه العمل، فقد يخضع لشبهه فكريه يهتز فيها يقينه بتوحيد الله، فتميل ‌به‌ نحو ‌خط‌ الشرك، ‌و‌ قد يستسلم لحاله نفسيه صعبه تسلب منه طمانينته ‌و‌ سكينته الروحيه المنفتحه على الله.. ‌و‌ قد يفقد احساسه بعظمه الله فيقصر ‌فى‌ تمجيده ‌فى‌ ‌ما‌ ‌هو‌ الذكر لله بصفاته ‌و‌ اسمائه الحسنى ‌و‌ آلائه العليا فيبتعد بذلك عن مواقع الاخلاص له.. ‌و‌ قد تطوف بالقلب ظلال ‌من‌ الشك ‌فى‌ دين الله ‌و‌ ‌هو‌ الاسلام، ‌من‌ خلال ‌ما‌ يداخله ‌من‌ الاحاسيس ‌و‌ الانفعالات، ‌و‌ قد يزول اشراق البصيره ‌فى‌ وجدانه ليتحول الى ظلمه تعميه عن تلمس السبيل السوى الذى يودى ‌به‌ الى الله ‌فى‌ مواقع رضوانه، ‌و‌ قد يغفل حرمه الله ‌من‌ حسابه، فيسى ء الى سمو قدسه ‌و‌ عظمه جلاله، فيتصرف ‌فى‌ افعاله ‌و‌ اقواله تصرف المتمرد الجاهل، ‌و‌ ينتهك حرمه ربه ‌فى‌ ذلك كله، ‌و‌ قد ينخدع بالشيطان الرجيم ‌فى‌ امانيه ‌و‌ غروره ‌و‌ تزيينه ‌و‌ تثبيطه ‌و‌ تهاويله، فيمتد ‌فى‌ طريقه الى غاياته الخبيثه، ‌و‌ يلتقى بمعصيه الله ‌فى‌ اوضاعه، فيسقط ‌فى‌ هاويه الهلاك.. ‌و‌ هنا تنطلق الابتهالات الروحيه ‌فى‌ نداء خاشع يستعطف الله ‌ان‌ يجنبه ذلك كله، لتسلم روحه ‌من‌ كل التهاويل التى تبتعد بها عن صفاء العقيده ‌و‌ استقامه الطريق.
انها دعوات العباد الذين يشعرون بثقل الخطايا على رقابهم حتى كان النار تطل عليهم لتملكهم، كما يملك صاحب الحق مورد حقه، فيتعلقون بوعد الله لهم بان يعتق ‌فى‌ هذا الشهر رقابا خاطئه ‌من‌ النار، ‌و‌ يبتهلون اليه ‌ان‌ يجعل رقابهم ‌من‌ تلك الرقاب، ‌و‌ ‌ان‌ يوثق صلتهم بهذا الشهر كما لو كانوا ‌من‌ اهله ‌و‌ اصحابه ‌فى‌ نتائج الخير ‌و‌ المغفره التى خص الله بها ايامه ‌و‌ لياليه.
 
قلق المصير:
 
 انه استيحاء الكلمه ‌فى‌ عنوان الزمن للكلمه ‌فى‌ مسووليه العمل، فسينمحق هلاله، ‌و‌ يذهب وجهه ‌و‌ نوره للناظرين... عندما يغيب ‌فى‌ قلب الظلام، فهل يمحق الله ذنوبنا، آنذاك، فلا يبقى لنا ذنب ‌فى‌ افق مصيرنا ‌فى‌ الحياه؟! ‌و‌ ستنسلخ ايامه ‌من‌ دائره الوجود لتفسح ‌فى‌ المجال لايام اخرى ‌فى‌ شهر آخر، فهل تنسلخ معه النتائج السلبيه لاعمالنا السيئه ‌فى‌ ‌ما‌ ينتظرنا ‌من‌ عقوبه، فلا نتحمل مسووليتها غدا بين يدى الله.. لنعيش صفاء الشخصيه فلا تعكرها الخطايا، ‌و‌ ‌لا‌ تشوهها السيئات؟!
 انه قلق المصير الذى يشغل فكر الانسان المومن ‌فى‌ ‌ما‌ يستقبله ‌فى‌ الاخره.
 
ثم يخشى هذا الانسان ‌ان‌ تتجمع العناصر القلقه لتميل ‌به‌ عن الحق ‌او‌ لتنحرف ‌به‌ عن ‌خط‌ الاستقامه، فيطلب ‌من‌ ربه ‌ان‌ يعدله اذا مال، ‌و‌ ‌ان‌ يقومه اذا زاغ عن الخط.. ‌و‌ اذا ذكر الشيطان الذى ‌هو‌ عدو الله ‌و‌ عدو الانسان، ‌و‌ خاف منه على نفسه عندما يشتمل على كيانه ‌فى‌ ‌ما‌ يمكن ‌ان‌ يسيطر عليه بغروره ‌و‌ خداعه، فانه يبتهل الى الله ‌ان‌ يستنقذه منه، لانه- وحده- المهيمن على كل شى ء.
 انه الانسان الباحث عن السلامه ‌فى‌ المصير، ‌و‌ الاستقامه ‌فى‌ الخط، ‌و‌ البعد عن الانحراف، ‌و‌ الخلاص ‌من‌ الذنوب... المومل بالله ‌فى‌ ذلك كله.
 
الزمن شاهد حى:
 
 .. ‌و‌ يعود الانسان المومن الى نفسه، ‌و‌ الى هذا الشهر الذى جعله الله فرصه له للتعبئه الروحيه المنطلقه ‌من‌ خلال الاقبال على الله ‌و‌ الانفتاح على عبادته.. ‌و‌ لهذا فانه يبتهل الى الله ‌و‌ يستعين ‌به‌ على ‌ان‌ يجعله مشحونا بعبادته اياه، فلا يخلو وقت فيه ‌من‌ اوضاع العباده الخاشعه، ‌و‌ ‌ان‌ يزين اوقاته بطاعته له، ‌فى‌ كل ‌ما‌ امر ‌به‌ ‌او‌ نهى عنه، فان الطاعه هى التى تمنح الزمن اشراقه ‌و‌ حسنه ‌و‌ زينته، ‌فى‌ المعنى العميق لهذه الكلمات.. ‌و‌ ‌ان‌ يعينه على صيامه ‌فى‌ النهار ‌و‌ قيامه ‌فى‌ الليل، باعتبار ‌ان‌ ذلك ‌هو‌ مظهر الطاعه، ‌و‌ عنوان العباده، ‌و‌ ‌لا‌ سيما الصلاه التى تمثل العباده المتحركه المتنوعه ‌فى‌ شكلها ‌و‌ مضمونها، ‌و‌ روحها المتمثل ‌فى‌ الخشوع ‌و‌ الخضوع ‌و‌ الذله بين يدى الله.. ‌و‌ بذلك يكون الزمن ‌هو‌ الشاهد الحى الذى يشهد له امام الله بانه لم يغفل ‌فى‌ نهاره، ‌و‌ لم يفرط ‌فى‌ ليله، بل قام بواجبه كما يريد الله له ‌فى‌ ذلك كله.
 
و ليست المساله مساله الشهر ‌فى‌ خصوصيته، بل المساله مساله الزمن كله ‌فى‌ امتداد العمر، ‌فى‌ ‌ما‌ يشاء الله له ‌من‌ الامتداد ‌فى‌ مدى الحياه.
 انها الرغبه العميقه ‌فى‌ الانفتاح على الله بعبادته ‌و‌ بطاعته ليكون الانسان بذلك قريبا الى الله مرضيا عنده، ‌فى‌ كل عمره.
 
 الشوق الى الجنه:
 
 ‌و‌ اخيرا.. يفكر هذا الانسان بان ينضم الى عباد الله الصالحين، فيطلب ‌من‌ الله ‌ان‌ يجعله منهم، لانهم يرثون الفردوس ‌هم‌ فيها خالدون، فيتقلبون ‌فى‌ نعيم الجنه ‌فى‌ رضوان الله، لانهم كانوا يمارسون اعمالهم ‌فى‌ قلق روحى عميق، ‌و‌ وجل نفسى كبير، فهم يفكرون برجوعهم الى الله، ‌و‌ وقوفهم بين يديه، ‌و‌ يخافون ‌ان‌ ‌لا‌ تكون اعمالهم مقبوله عنده، ‌و‌ لانهم كانوا يسارعون ‌فى‌ الخيرات بعد ‌ان‌ علموا ‌ان‌ الله ينال المسارعين فيها ‌و‌ السابقين لها برحمته ‌و‌ رضوانه.
 انه شوق الانسان الى ‌ان‌ يكون ‌من‌ المجتمع الصالح المنفتح على الله، الواصل الى جنه الله ‌من‌ خلال عمله ‌و‌ صلاحه.

 الوفاء للنبى:
 
 .. ‌و‌ يبقى للنبى محمد (ص) دوره الكبير ‌فى‌ وعى المومنين الذين يشعرون بفضله على الناس كلهم ‌و‌ على الحياه كلها، لانه قد ادى رساله الله خير اداء ‌و‌ جاهد ‌فى‌ سبيلها خير جهاد، الامر الذى يفرض عليهم ‌ان‌ يعبروا عن اخلاصهم له، ‌و‌ ارتباطهم ‌به‌ ‌و‌ اعترافهم بجميله، ‌و‌ ذلك بالطريقه التى علمهم الله اياها، ‌و‌ هى الصلاه عليه، ليحركوها ‌فى‌ كل وقت ‌و‌ ‌فى‌ كل اوان ‌و‌ على كل حال بكل الاعداد التى يمكن للصلاه ‌ان‌ تنطلق بها، فيمن صلى الله عليه ‌من‌ رسله ‌و‌ عباده، ‌و‌ ‌فى‌ اكثر ‌من‌ ذلك بالاضعاف التى ‌لا‌ يحصيها غيره.. ‌و‌ هكذا يدخل الانسان المسلم شهر رمضان بوعى، ‌و‌ يحضنه بمحبه، ‌و‌ يتحرك معه بمعرفه، ‌و‌ ينفتح على واجباته باخلاص.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

دعاوه فى الصلاه على حمله العرش و كل ملك مقرب
دعاوه فى الالحاح على الله تعالى
دعاوه فى یوم الاضحى و یوم الجمعه
دعاوه اذا استقال من ذنوبه
دعاء دخول شهر رمضان
دعاوه عند الصباح و المساء
دعاوه فى طلب العفو و الرحمه
دعاوه لنفسه و اهل ولایته
و كان من دعائه (علیه السلام) بعد الفراغ من صلاه ...
دعاوه عند الشده و الجهد و تعسر الامور

بیشترین بازدید این مجموعه


 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^