فارسی
شنبه 22 دى 1403 - السبت 10 رجب 1446
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه
0
نفر 0

دعاوه فى الاستعاذه من الشیطان و كیده

دعاوه ‌فى‌ الاستعاذه ‌من‌ الشيطان ‌و‌ كيده
 
 مفهوم الشيطان ‌فى‌ القرآن الكريم:
 
 للشيطان ‌فى‌ المفهوم القرآنى، معنى الكائن الحى الذى يمثل حركه الشر ‌فى‌ وسائله المتنوعه التى يملك القدره على اثارتها للنوازع النفسيه القلقه الكامنه ‌فى‌ الغرائز، المتحفزه للانفتاح على الشهوات المحرمه ‌و‌ الاطماع الحقيره، ‌و‌ العلاقات الفاحشه، ‌و‌ الاوضاع المنكره، ‌و‌ الافكار الخبيثه، ‌و‌ على تحريكها للوساوس الشريره ‌فى‌ الخيالات ‌و‌ الاوهام الخادعه ‌و‌ المشاعر الملتهبه، ‌و‌ الانفعالات الحاده، ‌و‌ العداوه المهلكه، ‌و‌ البغضاء الحاقده، ‌و‌ الظنون السيئه، ‌و‌ الاحكام الظالمه.
 ‌و‌ كان ابليس الرمز الاعلى للشيطان، ‌فى‌ تجربه الشر الاولى ‌فى‌ تمرده على الله فى رفضه السجود لادم حسدا، ‌و‌ ‌فى‌ اغوائه ‌و‌ زوجته لاخراجهما ‌من‌ الجنه بوسوسته ‌و‌ خديعته ‌و‌ مكره، بحيث استغل سذاجتهما التجريبيه ‌فى‌ نجاحه ‌فى‌ خطته، حتى ادى ذلك الى هبوطهما الى الارض ‌و‌ هبوطه معهما، لتبدا العداوه الخالده بين ابليس ‌و‌ آدم ‌و‌ بنيه ‌من‌ خلال ‌ما‌ منحه الله ‌من‌ المهله الطويله التى يستمر فيها الى يوم القيامه الخالده، ليعيش الانسان الصراع بين الخير الذى يوحى ‌به‌ العقل ‌و‌ توكده الرسالات ‌و‌ يدعو اليه الرسل، ‌فى‌ ‌ما‌ يتمثل ‌فى‌ ذلك ‌من‌ دعوه الله، ‌و‌ بين الشر الذى تهمس ‌به‌ الغرائز ‌و‌ يثيره الهوى ‌و‌ يحركه ابليس ‌و‌ جنوده ‌فى‌ تحسينه للقبيح ‌و‌ تقبيحه للحسن ‌فى‌ ‌ما‌ يتمثل ‌فى‌ ذلك ‌من‌ دعوه الشيطان.
 ‌و‌ ‌هو‌ شخصيه حيه معقده، تختزن ‌فى‌ داخل كيانها الرغبه الشريره ‌فى‌ الانتقام ‌من‌ بنى آدم، ليمنعهم ‌من‌ دخول الجنه، كما اخرج ابويهم منها، ‌و‌ لعل اصدق تعبير عن هذه العقده الحاقده ‌هو‌ ‌ما‌ حدثنا الله عنه ‌فى‌ كتابه، ‌فى‌ اعلانه الاول عن خطته العمليه ‌فى‌ ابعادهم عن الخط المستقيم الذى يودى الى طاعه الله، ‌و‌ ذلك ‌هو‌ قوله تعالى:
 (قال فبما اغويتنى لاقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لاتينهم ‌من‌ بين ايديهم ‌و‌ ‌من‌ خلفهم ‌و‌ عن ايمانهم ‌و‌ عن شمائلهم ‌و‌ ‌لا‌ تجد اكثرهم شاكرين)(الاعراف: 17 -16).
 ‌و‌ يتحدث القرآن الكريم عن ذريه ابليس (افتتخذونه ‌و‌ ذريته اولياء ‌من‌ دونى)(الكهف: 50) ‌من‌ دون ‌ان‌ يفصح عن طبيعه هذه الذريه ‌و‌ هل الكلمه تعنى المعنى العضوى الحى للانتماء النسبى، ‌او‌ تعنى المعنى المجازى الذى يعبر عن الخط العملى له ‌فى‌ المخلوقات التى تحتذى به.
 ‌و‌ يوكد القرآن على ‌ان‌ اضلال ابليس ‌و‌ اغواءه للانسان ليس امرا حتميا بحيث يشل القدره على الحركه، بل ‌هو‌ حاله ايحائيه تحريكيه قد تثير الاجواء المضله، ‌و‌ لكنها ‌لا‌ تفرضها، فيبقى للاراده الانسانيه المنطلقه ‌من‌ العقل الواعى، الامكانات الكثيره التى تتمرد بها على الاغراء، ‌و‌ تبتعد بها عن الاضلال، ‌و‌ هذا ‌ما‌ عبرت عنه الايات المتعدده كقوله تعالى:(ان عبادى ليس لك عليهم سلطان الا ‌من‌ اتبعك)(الحجر: 42) ‌و‌ المقصود بهم عباد الله الصالحون الذين يرفضون اتباع الشيطان ‌و‌ الاصغاء الى وسوسته ‌و‌ الخضوع لاغراءاته، ‌من‌ خلال ‌ما‌ يملكون ‌من‌ المناعه الروحيه ‌و‌ الفكريه ‌و‌ الاخلاقيه التى تتحول الى اراده قويه حاسمه ‌فى‌ اتجاه الرفض العملى له، جمله ‌و‌ تفصيلا.
 ‌و‌ كقوله تعالى، ‌فى‌ حوار الشيطان مع الناس يوم القيامه:
 (و قال الشيطان لما قضى الامر ‌ان‌ الله وعدكم وعد الحق ‌و‌ وعدتكم فاخلفتكم ‌و‌ ‌ما‌ كان لى عليكم ‌من‌ سلطان الا ‌ان‌ دعوتكم فاستجبتم لى فلا تلومونى ‌و‌ لوموا انفسكم)(ابراهيم: 22).
 فنحن نلاحظ ‌ان‌ اتباع الناس للشيطان كان نتيجه خضوع ارادى مسحور بالنداءات المثيره ‌و‌ الدعوات المغريه، ‌و‌ الايحاءات الساحره، ‌و‌ الوسوسات الحميمه، التى تضعف الاراده، ‌و‌ تمنح العقل غيبوبه مخدره بالذهول، مما يجعل المساله مساله اراده مغلوبه، ‌لا‌ مسيطره قاهره.
 ‌و‌ لم يعد الشيطان مجرد شخص كان ‌فى‌ بدايه الخليقه، بل تحول الى عنوان للنهج الابليسى، فهناك الانس ‌و‌ الجن (و كذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الانس ‌و‌ الجن يوحى بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا)(الانعام: 112) ‌و‌ هناك (... الوسواس الخناس الذى يوسوس ‌فى‌ صدور الناس ‌من‌ الجنه ‌و‌ الناس)(الناس: 6 -4).
 ‌و‌ ربما امكن لنا استيحاء تحول الشيطنه الى اسلوب فكرى ‌و‌ عملى يتحرك ‌فى‌ الواقع ليفسده، ‌و‌ لينحرف ‌به‌ عن الخط المستقيم، ‌و‌ ليحول الحياه الى جحيم ‌من‌ الفتن ‌و‌ الحروب ‌و‌ الظلم ‌و‌ الدماء، ‌و‌ ليدفع الانسان الى حاله ‌من‌ الوحشيه القاسيه التى تخرجه ‌من‌ انسانيته ‌و‌ تدمر فيه روحيته، ‌فى‌ اساليب الافراد ‌و‌ الجماعات ‌و‌ الدول.
 ‌و‌ ‌فى‌ ضوء ذلك، كان اطلاق «الشيطان الاكبر» على الدول المستكبره منطلقا ‌من‌ دورها التخريبى ‌فى‌ افساد البلاد ‌و‌ العباد.
 
و قد عملت التربيه الاسلاميه القرآنيه على التخطيط لمنهج تربوى تحذيرى، ‌من‌ خلال الاساليب الايحائيه، ‌و‌ الوصايا الوعظيه، ‌و‌ التوجيهات العمليه، التى تجعل الانسان واعيا للعبه الشيطانيه، منفتحا على المعرفه الشامله للدور الشيطانى ‌فى‌ حاضره ‌و‌ مستقبله على مستوى الدين ‌و‌ الاخره.
 فنلاحظ ‌ان‌ هناك ادبا اسلاميا ‌فى‌ الاستعاذه بالله ‌من‌ الشيطان الرجيم ‌فى‌ اكثر المواقع التى يمكن للشيطان ‌ان‌ ينفذ اليها ليعبث فيها بطريقته الخاصه، كما ‌فى‌ قوله تعالى:
 (فاذا قرات القرآن فاستعذ بالله ‌من‌ الشيطان الرجيم انه ليس له سلطان على الذين آمنوا ‌و‌ على ربهم يتوكلون انما سلطانه على الذين يتولونه ‌و‌ الذين ‌هم‌ ‌به‌ مشركون)(النحل: 100 -98).
 ‌و‌ ‌فى‌ قوله تعالى:
 (و انى اعيذها بك ‌و‌ ذريتها ‌من‌ الشيطان الرجيم)(آل عمران: 36).
 ‌و‌ ذلك ‌فى‌ تربيه اسلاميه ‌فى‌ تعويذ الاولاد ‌و‌ الاعزاء ‌من‌ الناس بالله ‌من‌ الشيطان الرجيم، ليكونوا تحت رعايه الله ‌و‌ عنايته، فيبتعدوا بذلك عن تاثيرات الشيطان، ‌و‌ هذا ‌ما‌ ‌لا‌ حظناه ‌فى‌ قوله تعالى ‌فى‌ الايه التاليه:
 (فتقبلها ربها بقبول حسن ‌و‌ انبتها نباتا حسنا ‌و‌ كفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال ‌يا‌ مريم انى لك هذا قالت ‌هو‌ ‌من‌ عند الله ‌ان‌ الله يرزق ‌من‌ يشاء بغير حساب)(آل عمران: 37).
 ‌و‌ قوله تعالى:
 (يا ايها الذين آمنوا ‌لا‌ تتبعوا خطوات الشيطان ‌و‌ ‌من‌ يتبع خطوات الشيطان فانه يامر بالفحشاء ‌و‌ المنكر)(النور: 21).
 ‌و‌ قوله تعالى:
 
(الم اعهد اليكم ‌يا‌ بنى آدم ‌ان‌ ‌لا‌ تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين ‌و‌ ‌ان‌ اعبدونى هذا صراط مستقيم ‌و‌ لقد اضل منكم جبلا كثيرا افلم تكونوا تعقلون)(يس: 62 -60).
 ‌و‌ قوله تعالى:
 (ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا انما يدعو حزبه ليكونوا ‌من‌ اصحاب السعير)(فاطر: 6).
 ‌و‌ قوله تعالى:
 (كمثل الشيطان اذ قال للانسان اكفر فلما كفر قال انى بربى منك انى اخاف الله رب العالمين)(الحشر: 16).
 ‌و‌ هكذا نجد ‌فى‌ هذه الايات ‌و‌ غيرها توضيحا لكل خطوات الشيطان ‌و‌ اضاليله ‌و‌ مكره ‌و‌ خدعه ‌و‌ كيده، ‌و‌ دعوه للوعى العميق لموقفه ‌من‌ الانسان كوسيله لتحديد الانسان موقفه الفكرى ‌و‌ العملى منه ‌من‌ دون ‌ان‌ يشعر بالخوف الكبير ‌من‌ السقوط تحت تاثيره، لان الله يوكد له ‌فى‌ قوله تعالى:(ان كيد الشيطان كان ضعيفا)(النساء: 76).
 ليعيش الانسان الايحاء الروحى بانه يملك القدره على التغلب على كيد الشيطان، لانه ‌لا‌ يملك القوه الساحقه، بل يمكن للانسان ‌ان‌ يكتشف نقاط ضعفه ليواجهها بنقاط قوته، لان قوه الشيطان ‌فى‌ كيده، ليست ناشئه ‌من‌ عناصر القوه الذاتيه، بل ‌من‌ ضعف الوعى الانسانى ‌و‌ الاراده الايمانيه، بحيث يستسلم الانسان له قبل الدخول ‌فى‌ المعركه، كما يوحى ‌به‌ قول الشيطان ‌فى‌ حديث الله عنه:(و ‌ما‌ كان لى عليكم ‌من‌ سلطان الا ‌ان‌ دعوتكم فاستجبتم لى)(ابراهيم: 22). فكانه يقول لهم ‌ان‌ مشكلتكم ‌فى‌ السلطان الذى منحتمونى اياه، ‌لا‌ ‌فى‌ السلطان الذاتى الذى املكه ‌من‌ ناحيه ذاتيه.
 ‌و‌ ‌فى‌ ضوء ذلك، كانت التربيه الاسلاميه تخطط للاسلوب الدعائى الذى تتنوع فيه الادعيه التى تستعرض خطط الشيطان ‌و‌ تستعيذ بالله ‌من‌ كل مفرداتها، كوسيله ‌من‌ وسائل التعبئه الروحيه ضدها، ليحس الانسان بالمدد الالهى للقوه التى تعينه على التماسك عند التعرض للاهتزازات الفكريه ‌و‌ الروحيه ‌و‌ السلوكيه التى يخطط لها الشيطان، ‌و‌ هذا الدعاء يمثل بعض نموذجات هذه الادعيه الهادفه التى تدخل ‌فى‌ جوله احصائيه لبعض مخططات الشيطان، كما تعيش الحاله الابتهاليه الخاشعه ‌فى‌ الاستعاذه بالله منه، ‌و‌ الاستعانه ‌به‌ عليه، ‌فى‌ بدايه ‌من‌ الذات مرورا بالاهل ‌و‌ الاقارب ‌و‌ الاصحاب ‌و‌ انتهاء بالمومنين جميعا.
 اللهم انا نعوذ بك ‌من‌ نزغات الشيطان الرجيم ‌و‌ كيده ‌و‌ مكايده، ‌و‌ ‌من‌ الثقه بامانيه ‌و‌ مواعيده ‌و‌ غروره ‌و‌ مصائده، ‌و‌ ‌ان‌ يطمع نفسه ‌فى‌ اضلالنا عن طاعتك، ‌و‌ امتهاننا بمعصيتك، ‌او‌ ‌ان‌ يحسن عندنا ‌ما‌ حسن لنا، ‌او‌ ‌ان‌ يثقل علينا ‌ما‌ كره الينا.
 
اللهم انا نعوذ بك ‌من‌ نزعات الشيطان ‌و‌ جنوده:
 
 ‌يا‌ رب، هذا ‌هو‌ الشيطان يزحف الينا ليجتذبنا الى مواقعه، ‌و‌ ليقودنا الى مخططاته، ‌و‌ ليسيطر علينا بوسائله، ‌و‌ ليمنعنا ‌من‌ الارتفاع الى آفاق السمو ‌فى‌ رحاب قدسك، ‌و‌ ليهبط بنا الى اسفل سافلين ‌فى‌ كهوف ظلمته.
 ‌يا‌ رب، ‌ان‌ هذا الشيطان يملك التجربه الطويله ‌فى‌ خداعنا ‌و‌ اضلالنا، حتى اصبحت تجاربه- ‌فى‌ هذا المجال- ‌لا‌ تعد ‌و‌ ‌لا‌ تحصى، فهو يجدد اساليبه تبعا لتطور اوضاع الانسان ‌فى‌ الحياه ليعمل على اخضاع التطور لمخططاته، ‌و‌ يسعى لتاكيد قوته بمختلف الوسائل ‌فى‌ ساحاتنا الداخليه ‌و‌ الخارجيه، ليصل الى مستوى الغلبه، ‌او‌ الى مستوى التوازن بين ‌ما‌ نستمده ‌من‌ قوه الايمان المنفتحه على ايحاءات قوتك، ‌و‌ بين ‌ما‌ يملكه ‌من‌ عناصر القوه.
 ‌و‌ قد تطورت نموذجات جنوده، حتى تحول الى قيادات كبيره مسيطره ‌و‌ جماعات كثيره متنوعه، ‌و‌ دول صغيره ‌و‌ كبيره، بحيث اصبحت مساله الصراع بيننا ‌و‌ بينه ‌من‌ المسائل الشائكه المعقده الصعبه التى تحتاج الى الكثير الكثير ‌من‌ الامكانات الفكريه ‌و‌ الروحيه ‌و‌ العمليه على امتداد العالم، ‌و‌ ‌فى‌ حجم الحياه كلها.
 لقد دخلت جماعاته ‌و‌ احزابه ‌و‌ جيوشه ‌و‌ قياداته الى مختلف مجالات الواقع الانسانى، فهناك شياطين الثقافه ‌و‌ السياسه ‌و‌ الاجتماع ‌و‌ الاقتصاد ‌و‌ التربيه، ‌و‌ هناك ابالسه الحرب ‌و‌ السلم، ‌و‌ هناك الكثيرون ‌من‌ اتباعه الذى يتلونون بالف لون، فمنهم الكافرون، ‌و‌ منهم المنافقون..
 اننا نعمل- ‌يا‌ رب- على الاستمرار ‌فى‌ الصراع معه، لتكون لنا القدره على حمايه انفسنا منه اولا، ‌و‌ لتكون لنا الغلبه عليه ‌فى‌ ساحاته المتنوعه، ‌لا‌ ‌فى‌ داخل ساحاتنا الذاتيه فحسب.
 اننا نخطط ‌ان‌ تكون لنا الثقافه العاليه التى تواجه ثقافته ‌و‌ تدخل معها ‌فى‌ كل مجالاتها الفكريه، ‌و‌ نتحرك ‌فى‌ ‌ان‌ تكون لنا السياسه الرشيده الخيره، التى تواجه سياسته الخبيثه الشريره.
 ‌و‌ هكذا نعمل للاجتماع الذى يمنح المجتمع عناصر القوه ‌و‌ الوعى ‌و‌ التوازن ‌فى‌ مقابل اسلوبه ‌فى‌ التخطيط لاجتماع يدمر البنيه الانسانيه للمجتمع، ‌و‌ للاقتصاد الذى يحول الامكانات الاقتصاديه لتكون سببا ‌فى‌ بناء القوه الاقتصاديه على اساس الحق ‌و‌ العدل، بدلا ‌من‌ ‌ان‌ تكون سببا ‌فى‌ تدمير الاقتصاد الانسانى ‌و‌ تحويله الى ‌ما‌ يشبه الفوضى، ‌و‌ ستكون لنا المناهج ‌و‌ الاساليب ‌و‌ الوسائل التربويه التى تدخل ‌فى‌ صراع مرير مع مناهجه ‌و‌ اساليبه ‌و‌ تربيته.
 ‌و‌ ستكون حربنا ‌من‌ اجل اقامه الحياه على اساس العدل، كما يكون سلمنا ‌من‌ اجل اعطاء الناس فرصه الامان الذى يوحى بالسلامه ‌و‌ القوه ‌فى‌ مواجهه حربه التدميريه ‌و‌ سلمه الخادع.
 
 اننا عازمون على التخطيط لذلك كله ‌و‌ على تحويل الحياه الى ساحه للهدى ‌لا‌ للضلال.
 ‌يا‌ رب، اننا قد نضعف امام الشيطان ‌و‌ قد ننساق الى النفس الاماره بالسوء، ‌و‌ قد تغلبنا شهواتنا ‌و‌ تدفعنا الى الانحراف، ‌و‌ لذلك فاننا نستعيذ بك ‌من‌ وسوسته التى تثير فينا الكثير ‌من‌ الهواجس ‌و‌ تحبب لنا الحرام، ‌و‌ تبعدنا عن حقائق الاشياء، ‌و‌ تسلمنا الى الاوهام، ‌و‌ ‌من‌ تدبيراته الخفيه التى تتجه بنا نحو الشر، ‌فى‌ كل انواعها المختلفه باختلاف الزمان ‌و‌ المكان ‌و‌ القضايا الخاصه ‌و‌ العامه ‌فى‌ ‌ما‌ يمثله كيده، ‌و‌ ‌فى‌ ‌ما‌ تتمثل فيه مكايده، ‌و‌ ‌من‌ الثقه بامانيه التى تثير فينا الاهواء ‌و‌ الاحلام الجوفاء، ‌و‌ طول الامل الذى يجعلنا نستغرق ‌فى‌ الدنيا فتكون هى كل ‌ما‌ نعيش له ‌و‌ نفكر له ‌و‌ نسعى نحوه، فننسى الاخره ‌و‌ يغرقنا الخيال الذى يدفع بنا الى التحليق ‌فى‌ الهواء، بعيدا عن كل منطق الواقع، فنتعلق بالاوهام الكاذبه، كما ‌هو‌ السراب الذى يجتذب فينا ظمانا الى الماء فاذا جئنا اليه لم نجده شيئا.. ‌و‌ هكذا نقف مع مواعيده، التى يحاول فيها ‌ان‌ يربطنا بالمستقبل المشرق الجميل اللذيذ الذى ‌لا‌ نعانى فيه ‌من‌ مشكله، ‌و‌ ‌لا‌ ننطلق فيه ‌من‌ خوف، فاذا خفنا ‌من‌ ترغيبه لنا بارتكاب الكبائر، ‌و‌ بالانحراف عن ‌خط‌ الله، ‌و‌ قلنا له: ‌ان‌ عذاب الله ينتظر المنحرفين الذين يرتكبون كبائر الاثم، ‌و‌ عدنا بمغفره الله ‌و‌ قال لنا: ‌ان‌ الله ‌لا‌ يمكن ‌ان‌ يعذبنا على ذلك، لنندفع نحو المعصيه ‌و‌ الانحراف ‌من‌ دون خوف.
 ‌و‌ اذا توقفنا امام بعض الاعمال التى تودى بنا الى اثاره الفتنه، ‌و‌ تدمير المجتمع، ‌و‌ اشعال الحروب، ‌و‌ عدنا النجاه ‌من‌ ذلك كله.
 ‌ان‌ دوره ‌هو‌ ‌ان‌ ‌لا‌ يعد بالحق، بل يحاول ‌ان‌ يجعل مواعيده ‌فى‌ دائره الباطل، اننا- ‌يا‌ رب- نستعيذ بك ‌من‌ غروره ‌و‌ خدعه، ‌فى‌ ‌ما‌ يعمل فيه على ايقاعنا ‌فى‌ المشاكل الكبيره تحت تاثير الايحاء بانه ‌لا‌ مشاكل هناك، ‌و‌ ‌من‌ مصائده التى ينصبها ‌فى‌ كل دروبنا، ليصطاد بها ايماننا ‌و‌ التزامنا ‌و‌ استقامتنا الفكريه ‌و‌ العمليه.
 ‌و‌ قد اكدت لنا ذلك ‌فى‌ اكثر ‌من‌ آيه، فقلت- سبحانك- (يعدهم ‌و‌ يمنيهم ‌و‌ ‌ما‌ يعدهم الشيطان الا غرورا)(النساء: 120). ‌و‌ قلت سبحانك:
 (و قال الشيطان لما قضى الامر ‌ان‌ الله وعدكم وعد الحق ‌و‌ وعدتكم فاخلفتكم)(ابراهيم: 22)، ‌و‌ قلت محذرا:
 (و ‌لا‌ يغرنكم بالله الغرور)(فاطر: 5).
اللهم ‌لا‌ تسلطه علينا ليطمع ‌فى‌ اضلالنا عن ‌خط‌ طاعتك، ‌و‌ ‌فى‌ تحويل طاقتنا الى معصيته.
 
 اللهم ارزقنا وضوح الرويا ‌و‌ قوه الاراده:
 
 اللهم ‌و‌ ارزقنا وضوح الرويا للاشياء، ‌و‌ ‌لا‌ تجعل للضباب سبيلا الى عقولنا ‌و‌ عيوننا، حتى ‌لا‌ ننظر الى القضايا ‌من‌ وراء غشاء، ‌او‌ ‌من‌ خلال الظلام، لنواجه الشيطان ‌من‌ نقطه الوضوح، فاذا حاول ‌ان‌ يحسن لنا القبيح، اكتشفنا قبحه ‌فى‌ ‌و‌ عينا الايمانى المنفتح على الحقائق فلا نسمح لافكارنا ‌ان‌ تلتزم حسنه، ‌و‌ اذا حاول ‌ان‌ يقبح لنا الحسن، اكتشفنا حسنه ‌فى‌ شعورنا الصافى فلا يملك ‌ان‌ يفرض قبحه على قناعتنا، فيبقى لنا الحس الصافى ‌و‌ الفكر المشرق بالحقيقه الناصعه البعيده عن كل لبس ‌و‌ تمويه.
 ‌ان‌ المشكله الانسانيه ‌فى‌ اغلب تعقيداتها هى مشكله اختلاف الرويا للاشياء ‌من‌ خلال حالات الغموض التى تطوف بالقضايا التى يختلف فيها الناس ‌فى‌ مفاهيمهم ‌و‌ عقائدهم ‌و‌ تشريعاتهم، مما قد تتدخل فيه عوامل البيئه ‌و‌ المزاج ‌و‌ الهوى الذاتى، ‌و‌ تختلط فيه العناصر الحيه بالجامده، ‌و‌ الامور الهامشيه بالامور الاساسيه، الامر الذى قد يفسح المجال للعصبيه الشيطانيه بان تحول الفكره الى حاله ذاتيه، ‌لا‌ حاله موضوعيه، فتتعقد المواقف حولها، ‌و‌ تدفع بالمساله بعيدا عن مواقع الحوار الفكرى، فتكون القضيه ‌ان‌ هناك اهواء تتصارع، بدلا ‌من‌ ‌ان‌ تكون هناك افكار تتحاور، ‌و‌ يعود اختلاف الاراء حاله وحشيه يفترس فيها الانسان الانسان ‌فى‌ مواقع الذات، بدلا ‌من‌ ‌ان‌ يعود حاله انسانيه يلتقى فيها الانسان بالانسان ‌فى‌ مواقع الفكر.. ‌و‌ هذه هى الحاله الشيطانيه التى تجعل اضطراب المفاهيم ‌فى‌ الذهنيه الانسانيه ‌و‌ تعقيدها مشكله معقده توجه الانسان نحو الباطل باسم الحق، ‌و‌ الضلال باسم الهدى، ‌و‌ الشر باسم العدل، فتتغير واجهات الاشياء على خلاف ‌ما‌ عليه حقائقها الاساسيه، فيقبح عندنا ‌ما‌ قبحه الشيطان بوحى عصبيته، ‌فى‌ الوقت الذى قد يكون فيه حسنا ‌فى‌ الواقع، ‌و‌ يحسن عندنا ‌ما‌ حسن لنا، ‌فى‌ الوقت الذى قد يكون فيه قبيحا ‌فى‌ طبيعته، ‌و‌ يثقل علينا ‌ما‌ كره الينا ‌فى‌ الحاله التى قد يكون فيه خفيفا طيبا ‌فى‌ ذاته. ‌و‌ قد اردتنا- ‌يا‌ رب- ‌ان‌ نفكر بصفاء، ‌و‌ نتامل بهدوء، ‌و‌ نتحاور بعقلانيه موضوعيه، ‌و‌ نتحدث بمسووليه، ‌و‌ ‌ان‌ نرجع اليك ‌و‌ الى رسولك اذا اختلفنا ‌فى‌ الامور، لنجد هناك الصفاء ‌و‌ الاشراق ‌و‌ الوضوح ‌فى‌ العمق كما ‌فى‌ السطح، ‌و‌ لكننا اتبعنا الشيطان الذى يخلط الامور ‌فى‌ عقولنا ‌و‌ يبعد عنا كل حالات الصفاء ‌فى‌ العقل ‌و‌ الروح ‌و‌ الحياه.
 اننا نتوسل اليك ‌ان‌ تهبنا العصمه ‌فى‌ الفكر، ‌و‌ التركيز ‌فى‌ الموقف، ‌و‌ الوضوح ‌فى‌ النظره، ‌و‌ الاراده ‌فى‌ جديه الحركه، ‌و‌ المسووليه ‌فى‌ الحياه، لننطلق ‌فى‌ افكارنا ‌و‌ مشاعرنا ‌و‌ مواقفنا ‌من‌ العمق الحقيقى للقضايا المتصله بالفكر ‌و‌ العمل، ‌و‌ ‌لا‌ تجعل للشيطان علينا سبيلا.
 اننا ‌لا‌ نطلب منك ‌ان‌ ترزقنا ذلك بشكل مباشر بحيث ‌لا‌ يكون لارادتنا فيه الحركه الفاعله التى تجعل مواقفنا تابعه لقناعاتنا، بل نطلب منك ‌ان‌ تساعدنا ‌فى‌ ‌خط‌ السير عندما نحرك الفكر ‌و‌ نبذل الجهد ‌و‌ نحدق بالافاق البعيده ‌فى‌ اضواء الشروق، ليكون فكرنا فكرا ذاتيا ‌فى‌ رحاب هدايتك، ‌لا‌ فكرا شيطانيا ‌فى‌ كهوف ضلاله.
اللهم اخساه عنا بعبادتك، ‌و‌ اكبته بدووبنا ‌فى‌ محبتك، ‌و‌ اجعل بيننا ‌و‌ بينه سترا ‌لا‌ يهتكه، وردما مصمتا ‌لا‌ يفتقه.
 اللهم اجعل بيننا ‌و‌ بين الشيطان سترا:
 
 كيف نستطيع ‌ان‌ ندفع الشيطان عنا، ‌و‌ ندفعه عن ساحاتنا ‌و‌ نطرده ‌من‌ عقولنا ‌و‌ قلوبنا؟
 ‌ان‌ الشيطان يشغلنا بلهوه ‌و‌ عبثه ‌و‌ تخيلاته ‌و‌ اوهامه، بحيث نغيب- معه- ‌فى‌ مشاعر الاحساس الغريزى ‌و‌ ‌فى‌ آفاق الفكر العبثى، ‌و‌ ‌فى‌ مجالات النشاط اللاهى، انه يستفيد ‌من‌ غفلتنا عنك، ‌و‌ ‌من‌ اوقات الفراغ الذى يحيط بالواقع، فيجرده ‌من‌ كل مسووليه ‌و‌ جديه، ليدفع ‌به‌ الى عبثيه التفكير ‌و‌ السلوك التى يعمل الشيطان على ‌ان‌ يحركها بطريقه ‌ما‌ كره خادعه بحيث تتعمق ايحاءاتها ‌فى‌ وجداننا، ‌و‌ تسيطر على مواقع حركتنا.
 انه يعمل على ‌ان‌ يجعل حياتنا ‌فى‌ ‌خط‌ الانحدار ‌لا‌ ‌فى‌ ‌خط‌ الارتفاع، ‌و‌ ‌فى‌ الاسافل ‌من‌ الامور بدلا ‌من‌ اعاليها، ‌و‌ ‌فى‌ دائره الاستغراق ‌فى‌ خلقك لنمنحهم المحبه الصنميه بدلا ‌من‌ الاستغراق ‌فى‌ الوهيتك لننفتح عليك ‌فى‌ آفاق الربوبيه، اننا نريد الانفتاح على عبادتك ‌من‌ خلال عبوديتنا لك التى توحى الينا بالاخلاص ‌و‌ الخضوع لك ‌و‌ الخشوع بين يديك، ‌و‌ الانجذاب الى ساحه رضوانك، لتكون عبادتنا لك نهجا تربويا يمنحنا الفكره ‌فى‌ مفرداتها، ‌و‌ الايحاء الروحى ‌فى‌ حركاتها، ‌و‌ الاحساس الطاهر ‌فى‌ آفاقها، حتى تمتلى ء عقولنا ‌و‌ قلوبنا ‌و‌ مشاعرنا بك، ‌و‌ تتحرك اعضاونا ‌فى‌ طاعتك، فيقترب الشيطان ‌فى‌ تلك المواقع ‌و‌ الاجواء، فلا يجد مجالا للدخول الى ساحاتنا، لان الساحه التى تمتلى ء بك- ‌يا‌ رب- ‌لا‌ يمكن ‌ان‌ يجد الشيطان فيها مكانا له، بل يعود خاسئا حقيرا مطرودا.
 ‌ان‌ الشيطان يستغرقنا- ‌يا‌ رب- ‌فى‌ الحديث الطويل عن الناس ‌من‌ حولنا، ممن ابعدهم الكفر ‌و‌ الضلال عن ساحه الحق الذى يطل على رحاب القدس عندك، ‌و‌ يغرينا بما يصدر عنهم ‌من‌ الافعال ‌و‌ الاقوال التى تحمل بعض الظواهر الخادعه ‌فى‌ محاوله منه لايجاد حاله ‌من‌ الخضوع النفسى ‌فى‌ وجداننا لهم، لنقع تحت تاثير ضخامه الموقع الذى يصوره لنا بعيدا عن الحجم الطبيعى للواقع، ‌و‌ نفتح قلوبنا لهم ‌فى‌ مشاعر حميمه مبهوره بمظاهر العظمه، لتمتلى ء بمحبتهم بعصبيه تودى الى ‌ما‌ يشبه عباده الشخصيه على ‌خط‌ الوثنيه، فنبتعد- بذلك- عن عمق محبتك، فيضلنا عن الطريق المستقيم.
 اننا نعمل على الاجتهاد الفكرى ‌و‌ الشعورى للوصول الى حاله الاستغراق ‌فى‌ محبتك، فتكون افكارنا ‌فى‌ آفاق وحيك، ‌و‌ مشاعرنا ‌فى‌ ايحاءات عظمتك ‌و‌ نعمتك، ‌و‌ خطواتنا ‌فى‌ ‌خط‌ رضاك، تماما كما هى روحيه المحب لحبيبه، لان الحب الذى نرفعه الى رحاب قدسك، ليس مجرد انفعال ‌فى‌ الذات، ‌و‌ ‌لا‌ خفقه ‌فى‌ القلب، ‌و‌ ‌لا‌ هزه ‌فى‌ الشعور، بل ‌هو‌ التزام بك ‌فى‌ كل اوامرك ‌و‌ نواهيك، ‌و‌ انفتاح عليك ‌فى‌ كل المفاهيم التى تتصل بمواقع الحق عندك، ‌و‌ انطلاق مع دينك ‌فى‌ الطريق المستقيم الذى يودى اليك.
 ‌ان‌ حركتنا نحو محبتك سوف ترده بغيظه، ‌و‌ تعطل كل خططه الراميه الى ابعادنا عنك، ‌و‌ تحول كل خطواتنا الى خطوات رحمانيه ‌لا‌ شيطانيه.
 ‌ان‌ الشيطان- ‌يا‌ رب- ياخذ حريته ‌فى‌ الدخول الى نفوسنا ‌و‌ بيوتنا ‌و‌ ساحاتنا العامه ‌و‌ دروبنا التى نتحرك فيها نحو غاياتنا، انه يجرى منا مجرى الدماء ‌فى‌ العروق، فيثير الحراره ‌فى‌ دمائنا، ‌و‌ الشهوه ‌فى‌ غرائزنا، ‌و‌ النزوه ‌فى‌ افكارنا، ‌و‌ الهزه ‌فى‌ احساسنا، ‌و‌ الرغبه ‌فى‌ اعضائنا.
 ‌ان‌ المشكله هى ‌ان‌ كل ساحاتنا مفتوحه له ‌و‌ لجنوده، ‌و‌ ‌ان‌ ارضنا مملوءه بحباله ‌و‌ مصائده، ‌و‌ ‌ان‌ اوضاعنا خاضعه لكيده ‌و‌ مكره، ‌و‌ نحن- هنا- ‌يا‌ رب- لنستعين بك على ‌ان‌ تجعل بيننا ‌و‌ بينه سترا يحمينا ‌من‌ تحديقه الطويل بنا، ‌و‌ تاثيره الشيطانى علينا، بحيث ‌لا‌ يكون ‌من‌ القوه بالمستوى الذى يملك فيه ‌ان‌ يزيله ‌او‌ يفتح فيه ثغره يطل بها علينا.
 ‌و‌ نتوسل اليك ‌ان‌ تنصب ‌فى‌ مواقعنا جدارا عاليا حصينا، ‌و‌ سدا قويا يفصل بيننا ‌و‌ بينه، بحيث يمنعه ذلك عن اختراق ساحاتنا بوسائله المتنوعه.
 انه ستر المناعه الروحيه التى تعيش ‌فى‌ روحياتنا، ‌و‌ جدار العصمه الذى يعصمنا عن الانجذاب اليه ‌و‌ الخضوع لضغوطه.
اللهم صل على محمد ‌و‌ آله، ‌و‌ اشغله عنا ببعض اعدائك، ‌و‌ اعصمنا منه بحسن رعايتك، ‌و‌ اكفنا ختره، ‌و‌ ولنا ظهره، ‌و‌ اقطع عنا اثره.
 
 اللهم اشغل الشيطان عنا، ‌و‌ اعصمنا منه:
 
 ‌يا‌ رب، اننا ‌من‌ عبادك المومنين بك، السائرين ‌فى‌ هدى دينك، التابعين لرسولك ‌من‌ خلال ايمانهم برسالته، الذين يعيشون الوعى ‌و‌ الاراده ‌و‌ العزم ‌و‌ يحركون الجهد ‌من‌ اجل ‌ان‌ تكون حياتهم خاضعه لك، منجذبه الى محبتك.
 ‌و‌ قد اصبحنا شغل الشيطان الشاغل ‌و‌ همه الكبير، ‌فى‌ خطته التى رسمها لاخراجنا ‌من‌ دائره الايمان الى دائره الكفر ‌و‌ ‌من‌ هدى دينك الى ضلال غوايته، ‌و‌ ‌من‌ الخضوع لك الى الخضوع له، ‌و‌ ‌ما‌ زلنا نعانى الكثير ‌من‌ ضغطه ‌و‌ تاثيره علينا ‌فى‌ النوافذ التى يطل منها على نفوسنا ‌فى‌ الداخل.
 اننا ‌لا‌ نريد التخفف ‌من‌ مسووليتنا ‌فى‌ الوقوف ضده، ‌و‌ العمل على هزيمته بكل ‌ما‌ نملكه ‌من‌ جهد، ‌و‌ لكننا نحب العافيه التى توفر علينا جهد مواجهته، لنبذلها ‌فى‌ مفردات طاعتك، ‌و‌ نطلب منك ‌ان‌ تصرفه عنا بان تشغله ببعض اعدائك الذين استسلموا له، ‌و‌ انقادوا لتعاليمه، فكفروا بك ‌و‌ آمنوا بالطاغوت، ‌و‌ اتبعوا خطواته، ‌و‌ عاشوا الحياه ‌فى‌ مواقعه.
 انت ولينا- ‌يا‌ رب- فامنحنا العصمه بحسن رعايتك، ليكون كل وجودنا ‌فى‌ حركته المتنوعه صوره لما تحب، فلا يقترب اليه الضلال، ‌و‌ ‌لا‌ يطوف ‌به‌ الهوى.
 اعطنا اشراقه الوعى ‌فى‌ عقولنا، حتى نكتشف خداعه الذى يحاول- به- ‌ان‌ يسيطر على طريقه رويتنا للاشياء، فيسحر اعيننا لنرى الابيض اسود ‌و‌ الصوره القبيحه جميله، ‌و‌ يجتذب عقولنا فيملاها بالاخيله ‌و‌ الاوهام التى تحول الحق الى باطل، ‌و‌ الباطل الى ‌حق‌ ‌فى‌ قناعاتنا الفكريه.. ‌و‌ اكفنا ذلك كله. امنحنا القوه التى نستطيع- بها- ‌ان‌ نهزمه ‌و‌ نخرجه ‌من‌ ساحتنا كلها، ليولينا ظهره، فلا يبقى له ‌اى‌ اثر عندنا ‌من‌ خلال زوال تاثيره علينا.
اللهم صل على محمد ‌و‌ آله، ‌و‌ امتعنا ‌من‌ الهدى بمثل ضلالته، ‌و‌ زودنا ‌من‌ التقوى ‌ضد‌ غوايته، ‌و‌ اسلك بنا ‌من‌ التقى خلاف سبيله ‌من‌ الردى.
 
 اللهم زودنا ‌من‌ التقوى ‌ضد‌ غوايته:
 
 ‌ان‌ مساله الشيطان ‌فى‌ قضيه سلامه المصير هى مساله السير ‌فى‌ عكس الاتجاه الذى يقود الناس اليه، لان دعوته تودى الى النار، بينما تمثل دعوتك الدعوه الى الجنه، ‌و‌ ذلك ‌هو‌ ‌ما‌ يمنح الانسان الاحساس بالامان ‌من‌ سخطك ‌و‌ عذابك. اننا- ‌يا‌ رب- نستنفر كل طاقاتنا، ‌و‌ نحرك عمق ارادتنا، ‌و‌ نوجه كل حركاتنا، ‌من‌ اجل ‌ان‌ تكون حياتنا صوره للهدى الذى اردتنا ‌ان‌ نسير عليه، ‌و‌ امتدادا للتقوى التى اكدت لنا انها سبيل الخلاص، ‌و‌ تخطيطا للدرب الذى يصل بنا الى مواقع رضاك.
 ‌و‌ نحن- هنا- نتطلع الى المدد الغيبى منك، حيث تتصاعد ‌فى‌ اعماقنا الروحيه التى تمنحنا قوه العزم ‌و‌ صلابه الاراده، ‌و‌ نلتفت الى توفيقك لنا ‌فى‌ اثاره كل الافكار الايمانيه النيره ‌فى‌ عقولنا، ‌و‌ كل المشاعر الطيبه ‌فى‌ احاسيسنا، ‌و‌ كل الخطوات الهاديه ‌فى‌ الدرب المستقيم ‌فى‌ دروبنا، لاننا نريد ‌ان‌ نكون ‌من‌ حزبك ‌لا‌ ‌من‌ حزبه، ‌و‌ ‌من‌ جندك ‌لا‌ ‌من‌ جنده، ‌و‌ ‌من‌ اوليائك ‌لا‌ ‌من‌ اوليائه، ‌و‌ لذلك فاننا نعمل على ‌ان‌ يكون برنامجنا ‌فى‌ اقوالنا ‌و‌ افعالنا ‌و‌ علاقاتنا، ‌هو‌ البرنامج الذى ارتضيته لنا ‌فى‌ ‌خط‌ رسالتك ‌و‌ مفردات شريعتك.
 اللهم اجعل كل شغلنا الفكرى ‌و‌ العملى ‌فى‌ كل مجالات الحياه ‌فى‌ ‌خط‌ الهدى، بالقوه نفسها التى يعمل فيها الشيطان لتاكيد الشغل ‌فى‌ ضلالته، لتكون قوه الهدى، ‌فى‌ الحركه الهاديه الفاعله لدينا، ‌فى‌ مستوى قوه الضلال لديه ‌فى‌ حركته الضاله.
 ‌و‌ امنحنا قوه التقوى التى تعطينا قوه الانضباط ‌فى‌ ‌خط‌ التوازن الروحى ‌و‌ العملى، لنواجه بها حشد قوه الانحراف لديه ‌فى‌ ‌خط‌ غوايته، لتكون التقوى اسقاطا لكل اساليب الغوايه، ‌و‌ اجعل طريقنا الذى يودى الى روحيه التقوى ‌و‌ نتائج الخير ‌و‌ سلامه المصير، على خلاف طريقه الذى يودى الى وحشيه الجريمه ‌و‌ نتائج الشر ‌و‌ موارد الهلاك.
اللهم ‌لا‌ تجعل له ‌فى‌ قلوبنا مدخلا:
 
 ‌يا‌ رب، للشيطان حركتان ‌فى‌ المواقع التى يحتلها ‌فى‌ وجودنا: حركه ‌فى‌ الداخل يحتل فيها قلوبنا، ‌و‌ يجتذب فيها مشاعرنا، ‌و‌ يفتح ‌فى‌ ثغرات الاحساس منها مدخلا يروح فيه ‌و‌ يجى ء كلما كان له شغل بتحريك نبضاتها ‌فى‌ الاتجاه المنحرف الذى يريد للعواطف ‌ان‌ تتجه اليه، ‌او‌ باثاره هواجسها ‌فى‌ الافق الذى يريد لها ‌ان‌ تنطلق فيه، ‌و‌ بذلك تتحول خفقات قلوبنا الى خفقات شيطانيه، ‌و‌ تعيش اوهامها ‌فى‌ دائره الاوهام الشيطانيه، فترى الخير شرا، ‌و‌ الشر خيرا، ‌و‌ ينتكس الانسان الداخلى فينا ‌فى‌ الاتجاه المعاكس، ‌و‌ حركه ‌فى‌ الخارج، يحتل فيها منازلنا ‌و‌ مواقفنا ‌و‌ دروبنا ‌و‌ ملاعبنا ‌و‌ محال عبادتنا، ليرتبها على طريقته، ‌و‌ ليبنى فيها قواعده، ‌و‌ لينصب فيها حباله ‌و‌ افخاخه، ‌و‌ ليزخرف فيها زينته، ‌و‌ ليحرك فيها وسائل لهوه ‌و‌ عبثه ‌و‌ مجونه، ‌و‌ ليثير فيها اجواء الضلال ‌و‌ تهاويل الشر.
 ‌و‌ نحن هنا- ‌يا‌ رب- ‌فى‌ ‌خط‌ الجهاد الداخلى الذى نريد فيه ‌ان‌ نجعل كياننا الفكرى
 ‌و‌ الشعورى ‌فى‌ ‌خط‌ رضاك، ‌و‌ ‌فى‌ ‌خط‌ الجهاد الخارجى الذى نعمل فيه ‌ان‌ تكون حياتنا ‌فى‌ نهج رسالتك، اننا نريد ‌ان‌ نطرد الشيطان ‌من‌ عقولنا ‌و‌ قلوبنا ‌و‌ مشاعرنا ‌و‌ ‌من‌ كل مجالاتنا العمليه ‌فى‌ حركتنا ‌فى‌ الواقع، لتكون- وحدك- القوه القدسيه التى تعيش ‌فى‌ كل مواقعنا الذاتيه ‌فى‌ الداخل ‌و‌ الخارج، ‌و‌ نحن- هنا- نستعين بك على تحقيق النصر عليه بلطفك ‌و‌ قوتك.
 اللهم اغلق عنه كل مداخل قلوبنا، فاننا قد اغلقناها بايماننا عنه، فلا تجعل له سبيلا الى فتح نافذه جديده عليها، ‌و‌ ابعده عن مواقع منازلنا، فاننا قد وضعنا الحواجز امامه لئلا يستطيع الوصول اليها بوسائله الخاصه، فلا تجعل له قدره على ‌ان‌ يحطم تلك الحواجز ‌من‌ خلال النفاذ الى مواطن ضعفنا ‌من‌ موطن قوته.
اللهم ‌و‌ ‌ما‌ سول لنا ‌من‌ باطل فعرفناه:
 
 ‌ان‌ بعض مشاكل الانسان مع الشيطان، هى ‌ان‌ الباطل الذى قد يثيره ‌فى‌ افكاره، ربما ياخذ صوره الحق، ‌فى‌ ملامح الحق التى يحشدها ‌فى‌ جوانب الصوره، ‌و‌ ‌فى‌ الضباب الذى يوزعه على اكثر ‌من‌ نافذه ‌من‌ النوافذ المطله على الواقع.
 ‌و‌ هناك مشكله اخرى، ‌و‌ هى مشكله الوسائل المضاده ‌و‌ الخطط المعارضه التى يحتاجها الانسان لابطال مكايد الشيطان ‌و‌ حبائله ‌و‌ افشال خططه، مما قد ‌لا‌ يملك الانسان معرفته ‌او‌ القدره على التخطيط له ‌و‌ الاعداد له، ‌او‌ مما قد يغفل عن الانتباه اليه، فيركن اليه ‌من‌ حيث ‌لا‌ يشعر ‌او‌ ‌من‌ حيث ‌لا‌ يريد.
 ‌و‌ ‌ها‌ نحن- ‌يا‌ رب- هنا ‌فى‌ ساحه صراعنا مع الشيطان ننفتح عليك، لتفتح عقولنا على كل آفاق الباطل الذى يدفع ‌به‌ الى افكارنا، لتكون له السيطره عليها، لنتحرك بالباطل على اساس انه الحق، ‌و‌ ذلك ‌من‌ خلال ‌ما‌ يحشده ‌من‌ الاباطيل المزخرفه، ‌و‌ الشعارات الزائفه، ‌و‌ الصور المثيره، ‌و‌ الاجهزه المتنوعه، على مستوى الخطوط الثقافيه ‌و‌ السياسيه ‌و‌ الاجتماعيه ‌و‌ الاقتصاديه التى قد تجتذبنا بالوانها ‌و‌ اشكالها ‌و‌ اساليبها ‌فى‌ ‌ما‌ تسحر ‌به‌ عيوننا، ‌و‌ تثير ‌به‌ غرائزنا، ‌و‌ تلهب ‌به‌ احساسيسنا، ‌و‌ تبعثر ‌به‌ خطواتنا، ‌و‌ تهز ‌به‌ مشاعرنا، ‌و‌ تربك ‌به‌ خططنا، ‌و‌ تعقد ‌به‌ حياتنا.
 اجعلنا نكتشف اصول اللعبه الشيطانيه الفكريه ‌و‌ الشعوريه ‌و‌ العمليه، ‌و‌ نتعرف كل خيوطها المتشابكه الخفيه ‌فى‌ طريقته العنكبوتيه التى توزع الخيوط على كل المواقع التى تتحرك فيها. ‌و‌ ارزقنا- ‌يا‌ رب- القدره على حمايه انفسنا منه، ‌و‌ عرفنا الوسائل المضاده التى نستطيع تحريكها ‌فى‌ مواجهه وسائله المضله، ‌و‌ الهمنا معرفه الخطط التى نعدها لافشال خططه، ‌و‌ افتح عيون البصيره ‌فى‌ داخلنا، ‌و‌ حرك الوعى ‌فى‌ عقولنا، ‌و‌ انقذنا ‌من‌ سنه الغفله حتى نقف بقوه امامه، فلا نركن اليه ‌فى‌ فكر ‌او‌ قول ‌او‌ فعل، بل نواجه الموقف بالحذر ‌و‌ الاستعداد ‌و‌ التحرك المضاد، ‌و‌ ارزقنا- ‌فى‌ ذلك كله- التوفيق على نجاح خطتنا ‌فى‌ الخلاص منه، ‌و‌ تحطيم كل مواقعه.
اللهم ‌و‌ اشرب قلوبنا انكار عمله:
 
 اللهم، ‌و‌ فجر لنا ‌فى‌ قلوبنا ينابيع الصفاء التى نشرب منها فنرتوى ‌من‌ سلسبيل حبك، ‌فى‌ ‌ما‌ نتحسسه ‌من‌ اخلاص قلوبنا لك، ‌و‌ نحس ‌فى‌ هذا الرى الروحى، بالشعور المضاد لكل وساوس الشيطان ‌و‌ اعماله ‌و‌ اقواله، لان القلب الذى يشرب حب رسالتك، ‌لا‌ ‌بد‌ له ‌من‌ ‌ان‌ يشرب بغض وساوسه ‌و‌ خططه، لان رسالتك هى رساله الحق ‌و‌ العدل ‌و‌ الخير ‌و‌ الاستقامه، ‌و‌ اما خططه فهى الباطل ‌و‌ الظلم ‌و‌ الشر ‌و‌ الانحراف.
 اللهم هب لنا الوعى ‌و‌ الاراده ‌و‌ الحركه التى نستطيع ‌من‌ خلالها اسقاط كل وسائل الضلال التى يحرك بها حيله، حتى ‌لا‌ ينجح ‌فى‌ اضلالنا بواحده منها ‌فى‌ الصغير ‌من‌ امورنا ‌و‌ الكبير،
اللهم ‌لا‌ تجعل له سلطانا علينا، بان تجعلنا ‌من‌ عبادك الصالحين الذين ابعدتهم عن سلطانه، ‌و‌ جعلتهم ‌فى‌ المنطقه الحره التى تعيش حريه القرار ‌فى‌ الاتجاه السليم الذى يودى اليك، ‌و‌ اجعلنا ‌من‌ الاقوياء ‌فى‌ عزيمتهم، الاشداء ‌فى‌ مواقفهم، الواثقين بنهجهم، المستقيمين ‌فى‌ دروبهم، حتى ‌لا‌ يجد املا واحدا ‌فى‌ الوصول الينا باى طريق، ‌و‌ بايه وسيله، ‌و‌ حول عواطفه عنا حتى يتعقد منا ‌من‌ خلال المواقف الصلبه التى نواجهه بها، ‌و‌ القوه الحاسمه التى نهزمه بها، فلا يتعلق بنا كما يتعلق بالخاضعين له، الساعين اليه، المولعين بوساوسه، المصغين الى نداءاته بقلوبهم ‌و‌ آذانهم.
 اننا نريد- ‌يا‌ رب- ‌من‌ موقع ايماننا، ‌ان‌ نرفضه جمله ‌و‌ تفصيلا، فنضع العقده المستعصيه منه ‌فى‌ داخل انفسنا، ليتعقد منا ‌فى‌ ذاته، فنطرده ‌من‌ حياتنا باثاره كل الياس لديه، حتى ‌لا‌ يطمع ‌فى‌ اضلالنا، ‌و‌ ‌لا‌ يفكر بالاقتراب منا، بلطفك ‌و‌ رحمتك ‌و‌ قوتك ‌و‌ توفيقك.
 
اللهم اجعل اهلنا ‌فى‌ حرز منه:
 
 اننا نستعيذ بك- ‌يا‌ رب- ‌من‌ الشيطان، ‌فى‌ ‌ما‌ يناله منا ‌و‌ يوثر ‌به‌ علينا ‌فى‌ حياتنا، ليصرفنا عن مواقع رضاك، لتجعلنا بعيدين عن تاثيراته، ‌و‌ آمنين ‌من‌ هجماته، ‌لا‌ ‌فى‌ انفسنا فحسب، بل ‌فى‌ كل مجتمعاتنا القريبه لنا، ‌من‌ آبائنا ‌و‌ امهاتنا ‌و‌ اولادنا ‌و‌ اهالينا ‌و‌ ذوى ارحامنا ‌و‌ قراباتنا ‌و‌ جيراننا ‌من‌ المومنين ‌و‌ المومنات، لان امتداداته ‌فى‌ مثل هذه الاجواء المرتبطه بكل المواقع الحميمه ‌فى‌ افكارنا ‌و‌ اقوالنا ‌و‌ اعمالنا، تفسح له المجال للامتداد الى حياتنا الخاصه، فنكون عرضه للضلال الاجتماعى الذى يشمل كل افراد المجتمع.
 هذا ‌من‌ جهه، ‌و‌ ‌من‌ جهه اخرى، فان العمق الشعورى الايمانى ‌لا‌ يتحرك ‌فى‌ ساحتنا الذاتيه، بما يفكر فيه ‌من‌ جلب الخير ‌و‌ دفع الشر، بل ينطلق ‌فى‌ شموليته ليتحسس مشاكل المجتمع الايمانى كله، بكل افراده ‌و‌ اتجاهاته، لاننا كمومنين ‌لا‌ نريد للشيطان ‌ان‌ يكون له سبيل على كل المواقع الايمانيه، الصغيره منها ‌و‌ الكبيره، لان الخط الذى نسير عليه ‌هو‌ الخط المستقيم الذى يبدا منك ‌و‌ ينتهى اليك، ليكون منفتحا عليك ‌فى‌ نهجك الفكرى ‌و‌ العملى، بعيدا عن نهج كل اعدائك ‌فى‌ خطهم الشيطانى المنحرف، الامر الذى يجعل مساله الشيطان ‌من‌ المسائل التى تتصل بالحركه المضاده للايمان ‌فى‌ المجتمع كله.
 اننا نريد لكل هولاء الذى يتصلون بحياتنا بالصله الخاصه ‌فى‌ الموقع الذاتى ‌من‌ الصله ‌و‌ القرابه، ‌او‌ ‌فى‌ الموقع الايمانى ‌من‌ العقيده ‌و‌ الخط، ‌ان‌ يكونوا ‌فى‌ حصنك الذى يحصنهم ‌من‌ الضلاله، ‌و‌ ‌فى‌ امنك الذى يبعد عنهم الخوف ‌من‌ تهاويله، ‌و‌ ‌ان‌ ترزقهم المناعه المنيعه التى تقيهم ‌من‌ تاثيراته، ‌و‌ الاسلحه الماضيه التى تدفعه عنهم ‌فى‌ ساحه الصراع بينه ‌و‌ بينهم ‌فى‌ قضيه الهدى ‌و‌ الضلال.
 اننا ‌لا‌ نفكر- فقط- ‌فى‌ هذه الدائره الخاصه القريبه هنا، بل يمتد التفكير بنا ‌فى‌ الاستفاده منه الى الدائره العامه التى تشمل كل الموحدين لك، الذين انفتحوا على نهج ربوبيتك، ‌و‌ انفتحوا على آفاق وحدانيتك، فعاشوا التوحيد ‌فى‌ عبوديتهم لك، ‌و‌ رفضوا كل الالهه الاخرى التى ارادهم الشيطان ‌ان‌ يعبدودها ‌من‌ دونك، ‌و‌ اخذوا بالنهج الربانى ‌فى‌ المعرفه الربانيه، فارتشفوا ‌من‌ ينابيع النور القدسى الذى يفيض على العقول ‌و‌ المشاعر، فيملاها ‌و‌ عيا ‌و‌ حكمه ‌و‌ ايمانا.
اللهم اهزم جنده، ‌و‌ ابطل كيده:
 
 اللهم، انك خلقت الشيطان ليكون فتنه لنا، ‌و‌ منحتنا الوسائل الفكريه ‌و‌ الروحيه ‌و‌ العمليه التى نستطيع- باستعمالها- ‌ان‌ نبتعد عن مزالقها ‌و‌ مهاويها المهلكه، ‌و‌ لكننا نحتاج الى عونك- ‌فى‌ ذلك كله- ‌من‌ خلال الطافك التى تضى ء عقولنا بنور المعرفه لكل اضاليله ‌و‌ تهاويله، ‌و‌ ‌من‌ قوتك التى تشد ارادتنا بالعزيمه الحاسمه، ‌و‌ كياننا بالقوه الضاغطه، لتسقط كل مواقعه، ‌و‌ تهزم كل جنوده، ‌و‌ تعطل كل مشاريعه، ‌و‌ تفسد كل خططه.
 اللهم انك تعلم انه يعمل على تعقيد الامور ‌من‌ حولنا ‌فى‌ خيوطه المتشابكه، ليدخلنا ‌فى‌ المشاكل المعقده التى تستنزف طاقاتنا ‌و‌ تعقد الحياه ‌من‌ حولنا.
 انه يحاول ‌ان‌ يرتق ‌و‌ يحكم المواقع الضاله التى تتيح له ‌و‌ لجنوده حريه الحركه ‌فى‌ اوضاعنا المتنوعه، حتى يسد علينا طريق الخلاص ‌فى‌ الجدار المسدود الذى يقيمه ‌فى‌ ساحاتنا، فاذا فتحنا ثغره فيه بادر الى سدها، ‌و‌ اذا مزقنا خطه سارع الى رتقها.
 انه يدبر لنا المكايد، ‌و‌ يخطط لنا الخطط، ليدفع بنا بعيدا عن مواقع رضاك،
 ‌و‌ يعزلنا عن ساحات طاعتك.
 ‌و‌ هكذا تشتد عزيمته اذا راى بعض النجاح ‌فى‌ مساعيه، فينطلق نحونا بقوه ليبرم الامر كله، فيحاصرنا ‌من‌ جميع الجوانب.
 اللهم، اعطنا الوعى الروحى الذى ينفذ الى كل نشاطاته، لنحل ‌ما‌ عقد، فلا تبقى له عقده ‌فى‌ قضايانا، ‌و‌ لنفتق ‌ما‌ رتق، فتتمزق كل استاره التى تحجب عنا آفاق الحق، ‌و‌ تتهدم كل الجدران التى تنتصب امامنا فتسد علينا طريق النجاه، ‌و‌ لنفسخ ‌ما‌ دبر، فلا يثبت ‌من‌ تدبيراته ‌و‌ مخططاته شى ء بما يحاوله ‌من‌ الاطباق على حياتنا ‌من‌ خلالها، ‌و‌ لنضعف عزمه، عندما يتمثل الفشل ‌فى‌ كل مشاريعه ‌فى‌ اضلالنا فلا يجد نجاحا ‌فى‌ شى ء منها، ‌و‌ لننقض ‌ما‌ ابرمه ‌من‌ الامور المتصله باحابيله ‌و‌ مصائده، فلا يسلم له ‌من‌ ذلك شى ء.
 اللهم انصرنا بالقوه الايمانيه التى تدخل ساحه الصراع معه، ‌و‌ تثير المعركه ضده، لنهزم بقوه جنود الايمان جنده ‌فى‌ مواقع الثبات، ‌و‌ اجعلنا ممن يكتشف الخفايا العميقه ‌من‌ حركه كيده، لنبطلها قبل ‌ان‌ تتحرك نحو ساحاتنا.
 ‌و‌ وفقنا لاكتشاف كهوفه الخفيه المظلمه التى يستتر بها، لياخذ حريته ‌فى‌ التدبير المضاد ‌و‌ التخطيط العدوانى، لنعمل على تهديمها بالقدره التى ترتبط بمواقع العز ‌فى‌ قدرتك.
 ‌و‌ اجعلنا ممن يتمرد عليه، ‌و‌ ينحنى لك، ‌و‌ يعصيه ‌و‌ يطيعك، ‌و‌ يبتعد عنه ‌و‌ يتقرب اليك، ليعيش حياته ذليلا خاسئا راغما ‌من‌ خلال فشل خططه ‌و‌ مشاريعه.
 اللهم اننا ‌لا‌ نستطيع مواجهته بقدراتنا الذاتيه بعيدا عن عونك، لان قوتنا مستمده ‌من‌ قوتك، ‌و‌ حياتنا مربوطه بارادتك، فليس لنا ‌من‌ الامر الا ‌ما‌ اردت، ‌و‌ ‌لا‌ ‌من‌ الخير الا ‌ما‌ قضيت، فاذا توسلنا اليك ‌ان‌ تفعل ‌به‌ كل ذلك، فاننا نتوسل اليك ‌ان‌ توفقنا للقيام بمسووليتنا ‌فى‌ مواجهته بعونك ‌و‌ لطفك- ‌يا‌ كريم-.
اللهم اجعلنا ‌من‌ اعدائه:
 
 اللهم ‌ان‌ للشيطان اعداء يعملون على محاربته بكل طاقاتهم، ‌و‌ يخططون لاسقاطه ‌فى‌ كل مواقعه بكل جهدهم، فاجعلنا منهم، ‌و‌ ‌ان‌ للشيطان اولياء ‌و‌ اتباعا ‌و‌ جنودا ‌و‌ حزبا يتحركون ‌من‌ اجل انجاح مشاريعه، ‌و‌ تقويه مواقعه، ‌و‌ تنفيذ خططه، ‌و‌ تحقيق اهدافه، فاعزلنا عنهم، ‌و‌ ابعدنا عن جماعاتهم، فلا نقترب منهم ‌فى‌ قليل ‌او‌ كثير، ‌و‌ ارزقنا المناعه الشعوريه التى تدفع احاسيسنا للتردد عليه بالرفض الشعورى لكل اساليبه العاطفيه التى تستهوى الغرائز ‌و‌ تثير المشاعر، فلا نطيعه اذا استهوانا، ‌و‌ ‌لا‌ نستجيب له ‌فى‌ وساوسه الخفيه ‌و‌ ‌فى‌ دعواته الصارخه اذا نادانا، بل نندفع- بدلا ‌من‌ ذلك- للعمل على ‌ان‌ نواجه كل وساوسه ‌و‌ دعواته ‌فى‌ عمليه توعيه تعبويه نحرك فيها كل علاقاتنا الانسانيه ‌فى‌ مواقع قوتنا ‌و‌ سيطرتنا، لنامر الناس الذين ياتمرون بامرنا ‌ان‌ يعلنوا العداوه له، ‌و‌ نعظ الناس الذين يتبعون نهينا ‌و‌ تحذيرنا ‌ان‌ يبتعدوا عن متابعته ‌فى‌ اوامره ‌و‌ نواهيه، فنكون الجماعه التى تندفع لملاحقته ‌و‌ محاصرته ‌فى‌ كل مجالات حركته تماما كما يندفع مع جماعته لملاحقتنا ‌و‌ محاصرتنا ‌فى‌ امورنا العامه ‌و‌ الخاصه، حتى نعيش طريقه الصراع بقوه، ‌و‌ روحيه المواجهه بثبات، لنحمى انفسنا ‌من‌ نزواته ‌و‌ خطراته، ‌و‌ نحمى واقعنا ‌من‌ خططه ‌و‌ خطواته.
اللهم اعطنا ‌ما‌ اغفلناه، ‌و‌ احفظ لنا ‌ما‌ نسيناه:
 
 ‌و‌ يبقى لنا- ‌يا‌ رب- ‌فى‌ نهايه المطاف، ‌ان‌ ننفتح على نبيك محمد ‌و‌ اهل بيته، لنصلى عليهم، ‌و‌ لتكون الصله انطلاقه وعى على الاسلام الذى ‌هو‌ نهجك ‌و‌ دينك ‌و‌ رسالتك التى تحدد لنا خطوط الدرب الذى نحارب فيه الشيطان بكل جهدنا، ‌و‌ نستعيذ منه لمجتمع مومن يرتكز على قاعده الايمان بك ‌و‌ برسولك، ‌فى‌ افراده الاقربين الينا ‌فى‌ النسب، ‌او‌ البعيدين عنا فيه، فاعذنا ‌من‌ كل شروره، ‌و‌ نستجير بك مما نخافه ‌من‌ اضاليله ‌و‌ حبائله ‌و‌ تهاويله ‌و‌ وساوسه، فاجرنا ‌من‌ ذلك كله، ‌و‌ ندعوك ‌ان‌ تجعلنا ‌فى‌ حمايتك بطرده عن مواقعنا الداخليه ‌و‌ الخارجيه، فاسمع لنا ذلك ‌و‌ استجب كل مطالبنا فيه.
 ‌و‌ اذا كانت هناك بعض الثغرات التى لم نكتشفها ‌فى‌ مواقعه منا ‌او‌ بعض القضايا التى لم نلتفت اليها ‌فى‌ افكاره المضاده لك، ‌و‌ بعض الطلبات التى قد تنقذنا ‌من‌ غوايته ‌فى‌ بعض الاوضاع المتصله بحياتنا، مما قد اغفلناه ‌او‌ نسيناه، فاعطنا منه ‌و‌ احفظه لنا عندك، ‌و‌ انزله علينا ‌فى‌ ‌ما‌ تنزله ‌من‌ بركاتك، ‌و‌ ارتفع بنا الى آفاق السمو ‌فى‌ آفاق الروحانيه لديك، ‌و‌ الى مواقع القرب عندك، حتى نتحرك ‌فى‌ الاعالى ‌فى‌ درجات الصالحين ‌و‌ مراتب المومنين.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

دعاوه فى الصلاه على حمله العرش و كل ملك مقرب
دعاوه فى الالحاح على الله تعالى
دعاوه فى یوم الاضحى و یوم الجمعه
دعاوه اذا استقال من ذنوبه
دعاء دخول شهر رمضان
دعاوه عند الصباح و المساء
دعاوه فى طلب العفو و الرحمه
دعاوه لنفسه و اهل ولایته
و كان من دعائه (علیه السلام) بعد الفراغ من صلاه ...
دعاوه عند الشده و الجهد و تعسر الامور

بیشترین بازدید این مجموعه


 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^