فارسی
شنبه 22 دى 1403 - السبت 10 رجب 1446
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه
0
نفر 0

دعاوه اذا احزنه امر و اهمته الخطایا

دعاوه اذا احزنه امر ‌و‌ اهمته الخطايا
 
 قد يعيش الانسان حاله الحزن المفتوحه على المشاكل المحيطه به، ‌و‌ الحاجات التى تتحرك ‌فى‌ ساحته، ‌و‌ الهموم التى تتراكم ‌فى‌ داخله، ‌و‌ المصائب التى تحل به، فيشتد عليه الضغط النفسى، ‌و‌ الاختناق الذهنى، ‌و‌ الحيره الضاغطه، ‌و‌ هناك يتطلع الى ‌ما‌ يخرجه ‌من‌ ذلك.
 
و قد يواجه المومن الخطايا التى صدرت منه، ‌و‌ الذنوب التى احاطت به، ‌فى‌ شعور داخلى بالخوف ‌من‌ النتائج الصعبه التى تواجهه بين يدى الله، فيعيش الهم الكبير الذى ينفتح على الافق الذى يتخلص فيه ‌من‌ آثارها السلبيه على مصيره ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ الاخره. ‌و‌ هذا ‌ما‌ اراد الامام (ع) معالجته ‌فى‌ هذا الدعاء الذى يتحرك ‌فى‌ داخل الاحساس الانسانى بانعدام الوزن الذاتى ‌فى‌ حياته، لان الله- وحده- ‌هو‌ ‌سر‌ وجوده، ‌و‌ مصدر قوته، فكيف يتماسك امام الله، ‌و‌ ‌هو‌ الذى عاش السقوط الروحى الذى يبعده عنه، لذلك ‌لا‌ ‌بد‌ له ‌من‌ البحث عن الوسائل التى تقربه ‌من‌ الله ‌و‌ تمنحه رضاه ‌فى‌ اجواء الاعتراف بالضعف ‌و‌ الحاجه، ‌و‌ الرغبه ‌فى‌ ‌ان‌ يعيش الحضور الدائم معه، ‌و‌ ‌ان‌ يحقق له المزيد ‌من‌ مواقع القرب اليه، ‌و‌ ‌ان‌ تتغير نظرته الى الدنيا، لتكون القضيه لديه الحصول على الانفتاح على الله، بعيدا عما هى خصوصيات الربح ‌و‌ الخساره، ‌و‌ العطاء ‌و‌ المنع، ‌و‌ ‌ان‌ يفرغ قلبه لمحبته ‌و‌ خوفه، ‌و‌ يقويه بالرغبه اليه، ‌و‌ يتحرك ‌فى‌ الاتجاه الذى يجعل منه الانسان الذى يفكر بالله دون غيره ‌فى‌ كل الامور، ‌و‌ يقترب ‌من‌ اوليائه ‌و‌ يبتعد عن اعدائه، فيتحول الحزن لديه الى احساس واقعى بالحاله الطبيعيه لاسبابه، مما يجعل انفعاله بها خاضعا لحسابات دقيقه تبتعد ‌به‌ عن التاثر العنيف بنتائجها ليواجهها بشكل هادى ء متوازن دقيق، ‌و‌ تذوب الخطايا امام ابتهالات المومن ‌و‌ خشوعه لله ‌و‌ رجاء العفو ‌و‌ الرضوان منه.
 اللهم ‌يا‌ كافى الفرد الضعيف ‌و‌ واقى الامر المخوف.
 
اللهم انت الرب الكافى:
 
 ‌يا‌ رب، انا هذا الانسان الذى يعيش الضعف ‌فى‌ فرديته الذاتيه التى ‌لا‌ تملك عناصر القوه ‌فى‌ طبيعتها، ‌و‌ هناك اكثر ‌من‌ مشكله تحيط ‌به‌ ‌و‌ تضغط عليه، ‌و‌ انت الرب الكافى لعبدك الضعيف ‌من‌ كل شى ء، ‌و‌ هذا ‌هو‌ الامر المخوف الذى يتحدانى ‌فى‌ ‌ما‌ استقبله ‌من‌ البلاء واقع فيه ‌من‌ الخطيئه، فيقودنى الى السقوط ‌و‌ الياس، ‌و‌ انت- وحدك- الواقى منه.
 ‌و‌ انا ‌ها‌ هنا، اناديك ‌من‌ موقع عبوديتى ‌و‌ ضعفى، ‌و‌ ‌من‌ قلقى ‌و‌ خوفى، فكيف اتحدث اليك ‌لا‌ حصل على الرجاء المنشود؟!
 افردتنى الخطايا فلا صاحب معى، ‌و‌ ضعفت عن غضبك فلا مويد لى، ‌و‌ اشرفت على خوف لقائك فلا مسكن لروعتى، ‌و‌ ‌من‌ يومننى منك ‌و‌ انت اخفتنى، ‌و‌ ‌من‌ يساعدنى ‌و‌ انت افردتنى، ‌و‌ ‌من‌ يقوينى ‌و‌ انت اضعفتنى، ‌لا‌ يجير ‌يا‌ الهى الا رب على مربوب ، ‌و‌ ‌لا‌ يومن الا غالب على مغلوب، ‌و‌ ‌لا‌ يعين الا طالب على مطلوب، ‌و‌ بيدك ‌يا‌ الهى جميع ذلك السبب، ‌و‌ اليك المفر ‌و‌ المهرب، فصل على محمد ‌و‌ آله، ‌و‌ اجر هربى، ‌و‌ انجح مطلبى.
 
 الهى انت الصاحب، ‌و‌ بيدك السبب، ‌و‌ اليك المفر:
 
 ‌يا‌ رب، انا وحدى ‌فى‌ صحراء الخطايا مع كل التيه الروحى الذى اسير فيه ‌من‌ دون صاحب يشد ازرى، ‌و‌ يونس وحشتى، ‌و‌ يتحرك معى ‌فى‌ متاهات الطريق، ‌و‌ يتحمل بعض مسوولياتها عنى، ‌و‌ انا العبد الضعيف امام غضبك الذى يلاحقنى بتهاويله المرعبه، ‌و‌ يهددنى بنتائجه المهوله، ‌و‌ يقودنى الى مواقع الهلاك، فلا مويد لى يدعم موقفى، ‌و‌ يقوى موقعى، ‌و‌ يفتح لى ‌من‌ خلال قوته ابواب النجاه ‌و‌ آفاق القوه ‌و‌ الثبات.
 غير انى افكر- ‌يا‌ رب- كيف اتصور الحصول على الامن ‌من‌ الخوف بين يديك ‌من‌ خلال ايه قوه، ‌او‌ ‌اى‌ مخلوق، بطريقه منفصله عن امنك، ‌فى‌ الوقت الذى اعرف فيه ‌فى‌ وعى العقيده ‌و‌ ‌فى‌ روحيتها ‌و‌ امتدادها ‌و‌ انفتاحها على عظمتك، انك انت الذى ملات قلبى بالخوف ‌من‌ عقابك جزاء لمعاصيك، ‌و‌ انت الذى يهتز الكون ‌من‌ مخافتك، ‌و‌ يرتعد ‌من‌ غضبك، فهل يمكن ‌ان‌ اجد الامان منك لدى غيرك؟
و كيف احلم- ‌يا‌ رب- بان اجد العون ‌و‌ المساعده ‌من‌ غيرك ممن افكر به، ليكون الصاحب الذى يشد ازرى، فيخرجنى ‌من‌ وحدتى، ‌و‌ يخفف ‌من‌ وحشتى، ‌فى‌ الوقت الذى اتطلع الى الواقع الذى يمثله وجودى الذاتى ‌فى‌ عناصره الوجوديه الخاصه، لاجد انك وضعتنى ‌فى‌ الموقف الذى انا فيه الان، فجعلتنى اواجه الموقف فردا، كما اخرجتنى الى الحياه فردا.
 ‌و‌ كيف ابحث عن القوه ‌من‌ هنا ‌و‌ هناك، ‌من‌ مخلوقات تبحث عن القوه مثلى، لانها تعيش الضعف الذى جعلته ‌سر‌ الانسان ‌فى‌ ذاته، فليس لها ولى الا ‌ان‌ نستمد القوه منك، لانك اله القوه، فلك القوه كلها جميعا، فاذا لم تمنحنا القوه ‌من‌ عندك ‌فى‌ موقفنا هذا فمن الذى يمنحنا ذلك؟!
 ‌ان‌ الحقيقه التى تفرض نفسها ‌فى‌ هذا الموقف ‌و‌ امثاله، هى ‌ان‌ الذى يقف ‌فى‌ مستوى القوه التى تجير ‌لا‌ ‌بد‌ ‌ان‌ يكون ‌فى‌ موقع الربوبيه لتخضع الجهه المربوبه له، فيمنعها ‌من‌ تنفيذ ارادتها ‌ضد‌ الاخرين، ‌و‌ ‌ان‌ الذى يريد ‌ان‌ يعطى الامن ‌فى‌ مواقع الخوف التى تفرضها الغلبه المسيطره، ‌لا‌ ‌بد‌ ‌ان‌ يكون ‌فى‌ مستوى الغالب بالنسبه الى المغلوب، ليحقق للخائف الشعور بالامان ‌من‌ خلال الغلبه المطلقه الساحقه، ‌و‌ ‌ان‌ الذى يعطى المعونه ‌و‌ المساعده، ‌هو‌ الذى يملك القدره على ملاحقه الطالب له، ‌من‌ موقع قاهريته له.
 
و ليس هناك ‌فى‌ الكون رب غيرك، ‌و‌ ‌لا‌ غالب سواك، ‌و‌ ‌لا‌ مطلوب الا انت، فانت وحدك الذى يملك الاجاره للهارب، ‌و‌ الامن للخائف، ‌و‌ العون للضعيف، لان السبب ‌فى‌ ذلك كله بيدك، فاليك المفر، ‌و‌ عندك المهرب، ‌و‌ هانذا هارب منك اليك، فاجر هربى، ‌و‌ طالب ‌ما‌ احتاجه منك ‌من‌ العفو ‌و‌ المغفره ‌و‌ الرضوان، فانجح مطلبى ‌و‌ امنحنى ذلك كله- ‌يا‌ رب-.
 
اللهم ‌لا‌ قوه لى على الخروج ‌من‌ سلطانك الا بطاعتك ‌و‌ رحمتك:
 
 ‌يا‌ رب، انا هنا ‌فى‌ الرحاب الواسعه ‌من‌ آفاق توحيدك الممتده ‌فى‌ عقلى ‌و‌ روحى ‌و‌ قلبى ‌و‌ حياتى، حيث يصرخ كل عصب ‌فى‌ كيانى انك- وحدك- القادر على كل شى ء، ‌و‌ المهيمن على الامر كله، ‌و‌ الكافى ‌من‌ كل حاجه ‌و‌ مشكله، ‌و‌ ‌لا‌ يكفى منك احد شيئا، مما يقودنى الى الاحساس العميق بالاستسلام الكلى اليك ‌فى‌ كل احوالى ‌و‌ قضاياى ‌و‌ امورى، ‌و‌ الى الشعور بان القرب اليك ‌و‌ الحصول على رضوانك ‌لا‌ ‌بد‌ ‌ان‌ ينطلق ‌من‌ ‌خط‌ طاعتك ‌و‌ فيوضات رحمتك.
 انا هنا- ‌يا‌ رب- الاحق حركه الايمان ‌فى‌ قلبى ‌من‌ خلال حركه الواقع ‌فى‌ الحياه على اساس التجربه الحيه، فالاحظ، ‌فى‌ احساس الوعى، ‌ان‌ وجودى متصل بارادتك ‌فى‌ كل شوونه كاتصاله بها ‌فى‌ ذاته، ‌و‌ ‌ان‌ نظرتك الى بعين رحمتك هى التى تفتح قلبى على السعاده الكبرى ‌فى‌ الطافك، فلو انك اعرضت عنى بوجهك الكريم ‌و‌ ابعدتنى عن عين رعايتك ‌و‌ عنايتك، تعبيرا عن ابعادى عن ساحه رضوانك ‌و‌ مواقع القرب منك، ‌و‌ لو انك منعتنى فضلك العظيم المتمثل بالنعم الكثيره المتتابعه على عبادك، ‌او‌ منعتنى ‌من‌ رزقك الواسع، ‌او‌ وضعت الفواصل ‌و‌ الحواجز بينى ‌و‌ بين الاسباب التى تصلنى بفضلك ‌و‌ رحمتك فقطعت الصله بك، لو فعلت ذلك بى، فكيف احرك حياتى ‌و‌ اديرها ‌فى‌ كل مواقع حركتها ‌و‌ موارد حاجاتها؟ فهل اجد احدا غيرك يمكن ‌ان‌ يحقق لى بعض احلامى ‌و‌ آمالى؟ ‌و‌ هل املك القدره على الحصول على ذلك كله ‌من‌ خلال بعض مخلوقاتك؟ ‌و‌ ‌من‌ ‌هو‌ هذا المخلوق الذى يملك ‌ان‌ يمنحنى ‌ما‌ منعتنى، ‌او‌ يحقق لى ‌ما‌ لم ترده؟!
 ليس هناك ‌فى‌ الوجود احد يملك ذلك، فانت المالك لكل شى ء، فمنك يستمد المالكون ملكهم ‌و‌ وجودهم، ‌و‌ يحصل القادرون على وسائل قدرتهم، فمنك- وحدك- الحول ‌و‌ القوه، ‌و‌ بك الاستعانه ‌و‌ عليك التكلان، لذلك رجعت اليك، ‌و‌ وقفت بين يديك وقوف الاستسلام الكلى ‌فى‌ اقرارى ‌و‌ اعترافى بحقيقه العبوديه، فانى عبدك الذى ‌لا‌ يملك لنفسه نفعا ‌و‌ ‌لا‌ ضرا الا بك ‌و‌ بشموليه القدره، فانى ‌فى‌ قبضتك، كما ‌هو‌ الكون كله ‌فى‌ قبضتك، فلا استطيع الحركه الا ‌من‌ خلال ارادتك، ‌و‌ كيانى، بكل عنفوانه ‌و‌ قدراته، بيدك، فانت الذى تمسكه ‌او‌ تطلقه، ‌و‌ تجمده ‌و‌ تحركه بقدرتك،
و انا هنا، ‌فى‌ الدائره التى يشرف عليها امرك ‌فى‌ كل ‌ما‌ تريد لى ‌ان‌ يتحقق ‌فى‌ حياتى، فلا املك القيام باى امر امامه، لانك المهيمن على الامر كله، ‌و‌ حياتى كلها بكل ابعادها خاضعه لحكمك، فحكمك نافذ ‌فى‌ كل قضاياها، فلا استطيع رده ‌و‌ ‌لا‌ الخروج منه.
 ‌و‌ انا اقر- ‌يا‌ رب- ‌من‌ موقع ادراكى للحكمه ‌فى‌ كل ‌ما‌ قدرته ‌و‌ قضيته على ‌فى‌ وجودى المتحرك ‌فى‌ نطاق تدبيرك، ‌و‌ ‌فى‌ كل ‌ما‌ امرتنى ‌به‌ ‌او‌ نهيتنى عنه، بان قضاءك كله ‌هو‌ العدل، لانك تملك منى ‌ما‌ ‌لا‌ املكه، ‌و‌ تعلم ‌من‌ مصلحتى ‌فى‌ الدنيا ‌ما‌ ‌لا‌ اعلمه، غير انى ادرك انك الرب الحكيم الذى يتصرف ‌فى‌ عباده بالخير ‌و‌ الحكمه.
 ثم انى اعرف- ‌يا‌ رب- اننى العبد العاجز ‌فى‌ قدرته الذاتيه، فلا قوه لى على الخروج ‌من‌ دائره ملكك ‌و‌ سلطانك، فقد وضعت لى حدودا ‌فى‌ حركه القدره ‌فى‌ شوونى كلها، ‌و‌ اردت لى ‌ان‌ ابقى ‌فى‌ نطاق المساحه التى خلقتنى ‌فى‌ ابعادها، ‌و‌ الافق الذى قدرت لى ‌ان‌ انطلق فيه، فليس لى ‌ان‌ اتجاوز مدى قدرتك ‌او‌ امتنع عليها، لان القدره المطلقه لك وحدك، ‌و‌ ‌لا‌ خيار لى الا بالخضوع لها ‌فى‌ وجودى كله.
 اما قربى اليك، ‌و‌ حصولى على رضوانك، ‌و‌ انفتاحى على محبتك ‌و‌ على ‌ما‌ عندك ‌من‌ نعيم جنتك، فان الطريق الوحيد الذى وجهتنى اليه، كما وجهت اليه كل خلقك، ‌هو‌ التحرك ‌فى‌ ‌خط‌ طاعتك التى تجسد اخلاصى لك ‌و‌ انقيادى اليك ‌و‌ عبوديتى الخاضعه لارادتك، ‌و‌ التوجه الى آفاق رحمتك ‌و‌ مواقع لطفك، ‌يا‌ رب العالمين.
اللهم انى اعترف بضعف قوتى، فانجز لى ‌ما‌ وعدتنى:
 
 ‌يا‌ الهى، لى ‌فى‌ كل صباح ‌و‌ مساء وقفه بين يديك، ‌و‌ انطلاقه ‌فى‌ رحابك، ففى الصباح اتطلع الى اليقظه ‌فى‌ تحديقه الشروق ‌فى‌ الافق ‌و‌ حركه الحياه ‌فى‌ الكون، لاجد ‌فى‌ ذلك كله ‌سر‌ عظمتك ‌و‌ تدبيرك، ‌و‌ ‌فى‌ المساء اتطلع الى ايحاءات الظلام ‌فى‌ الليل الهائم ‌فى‌ الفضاء الغافى ‌فى‌ احضان الهدوء، المتطلع الى نقاط النور التى تشير الى الفجر ‌فى‌ قلب السماء الذى يمنح المخلوقات المتحركه غفوه الراحه، ‌و‌ احلام الهدوء، فارى ‌فى‌ ذلك ‌سر‌ نعمتك، ‌و‌ لطف رعايتك لعبادك.
 ‌و‌ ‌فى‌ هذا الجو المتنقل بين النوم ‌و‌ اليقظه، ‌و‌ الظلام ‌و‌ النور، ‌و‌ الهدوء ‌و‌ الحركه، اجلس بين يديك ‌فى‌ ابتهال خاشع ذليل، لاتحسس عبوديتى لك، ‌فى‌ معنى الوجود الذى يستمد حيويته ‌من‌ ارادتك، ‌و‌ ‌فى‌ ‌سر‌ النعمه التى تغمرنى بفيوضات لطفك، ‌و‌ ‌فى‌ عمق الفقر المطلق اليك الذى يربط كل ذاتى بالسر المطلق ‌فى‌ غنى ذاتك.
 ‌و‌ هكذا ارجع الى طاقاتى ‌و‌ قدراتى ‌فى‌ انفتاحها على الحياه ‌و‌ ‌ما‌ تشتمل عليه ‌من‌ ضر ‌او‌ نفع، مما تخافه الذات ‌او‌ تحتاجه، فتقودنى المعرفه الواعيه الى الحقيقه الكونيه، ‌و‌ هى اننى ‌لا‌ املك، بقدراتى الخاصه، لنفسى نفعا ‌و‌ ‌لا‌ ادفع عنها ضرا، الا ‌من‌ خلال قدرتك، فانت الذى اعطيتنى الاراده، فبارادتك اريد، ‌و‌ انت الذى منحتنى الحركه، فبقدرتك اتحرك، ‌و‌ انت الذى وهبتنى الوسائل التى اصل بها الى مقاصدى ‌و‌ حاجاتى، ‌و‌ النعم التى تغنى ابعاد وجودى، فبذلك كله اعيش، ‌و‌ لو منعتنى شيئا ‌من‌ ذلك لما كان لى سبيل الا ‌من‌ خلال لطفك ‌و‌ رحمتك، فانت السر فيه، ‌و‌ العمق ‌فى‌ كل تفاصيله، حتى ‌ان‌ حريتى ‌فى‌ تفكيرى ‌و‌ ارادتى ‌و‌ حركتى ‌لا‌ تبتعد عن قدرتك ‌و‌ تدبيرك، فانا حر ‌من‌ حيث اردت لى الحريه، ‌و‌ انا قادر ‌من‌ حيث اردت لى القدره، ‌و‌ انا مريد ‌و‌ متحرك ‌من‌ حيث اردت لى الاراده ‌و‌ الحركه، فلا املك ‌من‌ ذلك شيئا الا ‌من‌ خلالك.
 تلك هى شهادتى امامك على نفسى، التى تحمل الى ذاتى كل الايحاءات التى تعرفنى حجم ذاتى ‌فى‌ موقعها منك، ‌و‌ ‌فى‌ موقفها ‌من‌ اوامرك ‌و‌ نواهيك، ‌من‌ خلال عبوديتها المطلقه لك، لتتحرك دائما ‌فى‌ هذا الاتجاه، ‌و‌ ذلك ‌هو‌ اعترافى بضعف قوتى ‌فى‌ ذاتيتى الانسانيه، لتبقى ذاتى مبتهله اليك ‌فى‌ كل امورها ‌و‌ حاجاتها ‌من‌ خلال الوعى العميق المنفتح على حقيقتها، لتعود اليك ‌فى‌ كل حالات الضعف الطارى ء ‌فى‌ ادراكها بالضعف الطبيعى الذى تنطلق القوه فيه ‌من‌ ارادتك ‌و‌ قوتك، ‌و‌ اقر بقله حيلتى ‌و‌ تدبيرى ‌و‌ ضعفى ‌فى‌ التصرف ‌فى‌ الوصول الى الغايات التى اتحرك نحوها ‌فى‌ حياتى، ‌من‌ خلال قصورى الذاتى ‌فى‌ وجودى الذى يحيط ‌به‌ العجز ‌من‌ كل جانب.
 ‌و‌ لكن ذلك ‌لا‌ يجعلنى اسقط امام هذا الضعف ‌فى‌ القوه ‌و‌ قله الحيله ‌لا‌ تجمد ‌فى‌ دائره العجز البشرى، ‌و‌ لكنه يدفعنى للاحساس المستمر بحاجتى اليك، ‌و‌ باستمداد القوه منك، لاكون قويا بك، ‌و‌ مرتبطا بارادتك، لابقى ‌فى‌ ‌خط‌ الانفتاح عليك ‌فى‌ استيفاء وعدك الذى وعدت ‌به‌ عبادك المومنين ‌ان‌ تمنحهم كل الخير ‌من‌ عندك، ‌و‌ كل العطايا ‌من‌ نعمك.
 ‌و‌ هانذا اتوسل اليك ‌ان‌ تنجز لى ‌ما‌ وعدتنى مما يغنى حياتى ‌فى‌ قضاياها العامه ‌و‌ الخاصه، ‌و‌ ‌ان‌ تكمل لى النقص الذى يتجدد ‌فى‌ كل يوم ‌فى‌ النعم التى آتيتنى ‌من‌ فواضلك ‌و‌ عطاياك، فلا ينقص على شى ء منها ‌فى‌ ‌اى‌ حال.
 ‌و‌ انا- ‌يا‌ رب- ‌فى‌ موقفى هذا، احس احساسا عميقا- بين يديك- بانى عبدك المسكين الذى يضعف امام حاجاته، المستكين الضعيف الذى يقف ‌فى‌ موقف الذل امامك ‌من‌ خلال ضعفه، الضرير الحقير المهين، الذى ‌لا‌ يرى وجوده شيئا ‌فى‌ ساحه قدسك، الفقير الذى ‌لا‌ يرى لنفسه ‌اى‌ غنى ‌فى‌ ذاتها الا منك، الخائف الذى يخاف ‌من‌ عقوبتك ‌من‌ خلال ذنوبه، المستجير بك ‌فى‌ ذلك كله.
اللهم ‌لا‌ تجعلنى ناسيا لذكرك ‌فى‌ ‌ما‌ ابليتنى:
 
 ‌يا‌ رب، قد ينطلق الضعف الانسانى لدى الذى تضغط عليه شواغل الحياه، فتبعدنى عنك، فانسى ذكرك ‌و‌ شكرك على نعمك، فاذهب بعيدا عن ساحه محبتك، ‌و‌ قد تطبق على الغفله الروحيه ‌و‌ الذهنيه ‌و‌ الشعوريه، فلا التفت الى احسانك الذى تفضلت ‌به‌ على ‌من‌ عطاياك، ‌و‌ قد تبطى ء ‌بى‌ المطالب التى ارفعها اليك ‌فى‌ دعائى، فيحل ‌بى‌ الياس فيخيل الى انك لن تستجيب لى ‌فى‌ المستقبل، لانك لم تعجل لى ‌ما‌ اريده منها.
 اللهم فلا تنسنى ذكرك ‌فى‌ نعمك على، ‌و‌ ‌لا‌ توقعنى ‌فى‌ الغفله لاحسانك ‌فى‌ عطاياك الكثيره، ‌و‌ ‌لا‌ تبعث ‌فى‌ كيانى الياس ‌من‌ اجابتك، بل ارزقنى الوعى الشامل الذى يطوف ‌بى‌ ‌فى‌ آفاق المعرفه، لاذكرك ‌فى‌ كل نعمه ‌و‌ ‌فى‌ كل شى ء ذكر الشاكرين العارفين، ‌و‌ امنحنى اليقظه ‌و‌ الانتباه لكل مواقع احسانك عندى، لانفتح عليك ‌فى‌ يقظه المتقين، وهب لى الامل الكبير، ‌و‌ الرجاء المستمر، بالاجابه ‌فى‌ دعواتى كلها، حتى ‌و‌ لو ابطات عنى ‌فى‌ بعض مراحل العمر، لاننى اعرف ‌ان‌ قضاءك لم يجر الا بالخير، ‌و‌ ‌ان‌ حكمتك التى تنطلق منها استجابتك لدعوات عبادك، قد توخرها زمنا للمصلحه التى تعرفها ‌فى‌ امورهم ‌و‌ لكنهم يجهلونها ‌فى‌ وعيهم للواقع الذى يحيط بهم.
 اللهم اجعلنى الانسان المنفتح عليك بالوعى ‌و‌ اليقظه ‌و‌ الرجاء، ‌فى‌ كل حالاتى، فلا يختلف حال السراء عن حال الضراء، ‌و‌ واقع الشده عن واقع الرخاء، ‌و‌ حاله البلاء عن حاله العافيه، ‌و‌ البوس عن النعماء، ‌و‌ الضيق عن السعه، ‌و‌ الفقر عن الغنى، لان القضيه ‌ان‌ حاجتى اليك ‌فى‌ الحالات الرخيه ‌من‌ الحياه ‌لا‌ تقل عن حاجتى ‌فى‌ الحالات الشديده القاسيه، لانك ولى الامر كله ‌فى‌ الوجود كله.
اللهم اشعر قلبى تقواك:
 
 ‌يا‌ رب، هب لى وعى المعرفه بك حتى احصل على اليقين الذى ‌لا‌ يقترب اليه الشك، ‌و‌ الرضى الذى ‌لا‌ يطوف ‌به‌ السخط، حتى اعيش معك عيشه الواثقين بالحكمه ‌فى‌ كل قضائك، ‌و‌ الخير ‌فى‌ كل تقديرك، لانك تعرف ‌ما‌ ‌لا‌ اعرفه ‌من‌ مصلحه نفسى ‌فى‌ امورها الخاصه ‌و‌ العامه، لاكون الانسان الذى يتطلع اليك ‌فى‌ مواقع الثناء ‌و‌ المدح ‌و‌ الحمد، ليجدك اهلا لذلك ‌فى‌ كل حالات عبادك، ‌و‌ يتقبل كل ‌ما‌ يعرض عليه ‌من‌ شوون الحياه السلبيه ‌و‌ الايجابيه، بقلب مطمئن ‌و‌ نفس راضيه.
 فاذا اقبلت الدنيا على بكل رغباتها ‌و‌ لذاتها ‌و‌ طموحاتها، كنت الانسان الهادى ء المتوازن الذى يدرس المساله ‌فى‌ ابعادها الطبيعيه ‌فى‌ علاقه المسببات باسبابها ‌فى‌ خصائصها الذاتيه، ‌و‌ ‌فى‌ تقديراتها الالهيه المنطلقه ‌من‌ الحكمه ‌فى‌ كل دقائقها ‌و‌ تفاصيلها، فلا اواجه ذلك ‌من‌ خلال الفرح الطاغى الذى يبتعد عن التوازن ‌فى‌ نظرته الى الاشياء، بل اقف منه موقف الشعور الهادى ء الذى يرتاح لنعمه الله بهدوء ‌و‌ سكينه.
 ‌و‌ اذا منعت الدنيا بركاتها، ‌و‌ ضاقت مواردها، ‌و‌ جفت منابعها، ‌و‌ ضاعت احلامها، ‌و‌ ضاقت ‌بى‌ سبل الحياه، فلا يدفعنى ذلك الى الحزن الطاغى الذى يسقطنى عن التوازن، ‌و‌ يدفعنى الى الانحراف، ‌و‌ يقودنى الى التفكير بالاعتراض على قضاء الله ‌و‌ قدره ‌فى‌ ذلك، بل اتقبله ‌فى‌ رضى ‌و‌ اطمئنان، لان القضيه، ‌فى‌ وعى المعرفه لله ‌فى‌ فكرى، هى ‌ان‌ هذا الحرمان الدنيوى لم ينطلق ‌من‌ عقوبه ‌او‌ ‌من‌ ‌شر‌ يريده الله بى، بل انطلق ‌من‌ حكمه خفيه ‌فى‌ حركه الوجود ‌فى‌ طبيعه نظام السببيه ‌فى‌ الكون ‌من‌ خلال طبيعته الوجوديه ‌فى‌ تدبير الله للاشياء، تماما كما ‌هو‌ الليل الذى يعقب النهار، ‌و‌ الربيع الذى يعقب الشتاء، ليكون لكل واحد دور ‌فى‌ نظام الكون المتوازن على حسب مصلحه المخلوقات كلها.
 اللهم اجعلنى ممن يعيش التقوى ‌فى‌ قلبه احساسا ‌و‌ وعيا لمقام الربوبيه ‌فى‌ ذاتك، ليعيش التقوى ‌فى‌ حركته ‌فى‌ الحياه التزاما ‌و‌ انقيادا ‌و‌ انضباطا ‌فى‌ الخط، ‌و‌ خضوعا ‌فى‌ الموقف.
 ‌و‌ اجعل بدنى متحركا ‌فى‌ كل المواقع التى ترضاها، ‌و‌ ‌فى‌ كل الاعمال التى تتقبلها، لاكون مقبولا منك ‌فى‌ كيانى الجسدى كما ‌فى‌ كيانى الروحى، ‌و‌ اجعل كل اهتماماتى ‌و‌ اشغالى ‌فى‌ الحياه بطاعتك التى تمثل ‌فى‌ عمق المسووليه الشغل الشاغل، فلا التفت الى الطوارى ء التى تحدث لى ‌او‌ الشواغل التى ترد على، لتستغرقنى ‌فى‌ خصوصياتها، ‌و‌ لتشغلنى عن مسوولياتى ‌فى‌ اوامرك ‌و‌ نواهيك، لان ذلك ‌هو‌ الذى يحقق لى الانسجام الشعورى مع مواقع رضاك، ‌و‌ التعقيد النفسى ‌من‌ مواقع سخطك، فلا احب شيئا ‌من‌ سخطك ‌فى‌ ‌خط‌ معصيتك، ‌و‌ ‌لا‌ اسخط شيئا ‌من‌ رضاك ‌فى‌ ‌خط‌ طاعتك.
اللهم فرغ قلبى لمحبتك..
 
 ‌يا‌ رب، قد يطوف الشيطان ‌بى‌ ‌فى‌ تهاويله ‌و‌ تسويلاته ‌و‌ وساوسه، فيملاء قلبى بالعاطفه التى تدخل اليه الكثيرين ‌من‌ عبادك الذين انفتحت لهم ابواب الحياه بشهواتها ‌و‌ لذاتها، فيحبهم حب الاستغراق ‌فى‌ ذواتهم ‌و‌ اوضاعهم، فيثقلنى ذلك، لانه يثقل حس الطهاره ‌فى‌ روحى ‌و‌ معنى النقاء ‌فى‌ مشاعرى، ‌و‌ لانه يبعدنى عنك فلا اجد لك مكانا ‌فى‌ قلبى مع هولاء، لانك الرب الواحد الذى يريد لعباده ‌ان‌ يوحدوه ‌فى‌ الحب كما يوحدوه ‌فى‌ العقيده، فلا يقبل ‌ان‌ يشاركه احد ‌فى‌ حركه الشعور، كما ‌لا‌ يريد لاحد ‌ان‌ يشاركه ‌فى‌ حركه العقل، فاذا اراد الانسان ‌ان‌ يحب غيره فلا ‌بد‌ ‌من‌ ‌ان‌ يكون حبه لهذا الغير ‌من‌ خلال حبه له، بحيث يدخل الناس قلبه ‌من‌ خلاله ‌و‌ عن طريقه.
 ‌و‌ هذا ‌هو‌ ‌ما‌ اتوسل اليك فيه، ‌ان‌ تفرغ قلبى لمحبتك، فلا يعيش فيه احد غيرك، الا اذا كان حبه مستمدا ‌من‌ حبك، لانه ‌من‌ الذين يدعون لمحبتك ‌و‌ يعيشون فيها.
 ‌و‌ انا اعرف- ‌يا‌ رب- ‌ان‌ محبتك ليست عاطفه ينبض بها القلب، ‌و‌ ‌لا‌ شعورا يخفق ‌به‌ الاحساس، ‌و‌ لكنه انفتاح على كل معنى الوهيتك ‌فى‌ كل مواقع عظمتك ‌و‌ نعمتك، ليمتد حتى يتحول الى التزام برضاك ‌و‌ ابتعاد عن سخطك.
 ‌و‌ اذا كان القلب مملوءا بحبك، فلا ‌بد‌ له ‌ان‌ يكون مشغولا بذكرك ‌فى‌ الفكر الذى ينطلق ‌فى‌ آفاق معرفتك، ‌و‌ الحس الذى ينفتح على عظمه مقامك، فيذكرك ‌فى‌ كل ‌ما‌ تحبه ليحرك الذات نحوه ‌فى‌ الخط العملى، ‌و‌ ‌فى‌ كل ‌ما‌ تكرهه ليبعد الواقع عنه.
 ‌و‌ هكذا ينفتح الحب على وعى العظمه ‌فى‌ مقام الربوبيه، ‌و‌ موقع المسووليه ‌فى‌ موقعه ‌من‌ الله، فيدفعه ذلك الى الخوف الروحى ‌و‌ الوجل العقلانى، فينتعش القلب بذلك انتعاش المعنى الكامن ‌فى‌ اعماق الخير ‌فى‌ ‌خط‌ الاستقامه الذى يودى ‌به‌ الى الجنه ‌من‌ خلال دفع الذات الى المسووليه، ‌و‌ ابعادها عن الهوى ‌و‌ ‌فى‌ الحب لله معنى الرغبه اليه التى تنطلق ‌من‌ قوه المعرفه، ‌و‌ صلابه التقوى، فيمنعانه عن السقوط ‌فى‌ نقاط الضعف الذى يوحى بالاهتزاز ‌و‌ يودى الى السقوط، ‌و‌ يتجهان ‌به‌ الى الاقبال على الطاعه ‌فى‌ تعبيرها العملى، عن الجديه ‌فى‌ التوجه.
 اللهم حقق لى ذلك كله لاكون القلب الذى يحبك ‌و‌ يذكرك ‌و‌ يخاف منك ‌و‌ يرغب اليك ‌و‌ يتجه الى طاعتك.
 ‌و‌ اذا تعددت الطرق، ‌و‌ تنوعت المذاهب، ‌و‌ اختلفت السبل، فاجعل السبيل الوحيد الذى يتجه اليه قلبى ‌و‌ عقلى ‌و‌ روحى، ‌فى‌ المساله الفكريه ‌و‌ العمليه، ‌هو‌ السبيل الذى يرتفع ‌فى‌ رضاك عنه ‌و‌ محبتك له، ليكون احب السبل اليك، لاننى اريد ‌ان‌ يكون سبيلى ‌فى‌ كل حياتى ‌هو‌ السبيل الاحب الذى يودى ‌بى‌ الى مواقع رضاك، ‌و‌ ذلك ‌هو‌ الذى ينطلق ‌فى‌ منهجك القويم ‌فى‌ دينك ‌و‌ شريعتك.
 ‌و‌ قد يطغى القلب ‌و‌ يتمرد، ‌و‌ قد يقسو ‌و‌ يشتد، فيتعالى ‌فى‌ حركته امام الاحداث ‌و‌ الاوضاع ‌من‌ موقع احساسه بالقوه ‌من‌ خلال ‌ما‌ يملكه ‌من‌ مواقعها الماديه ‌او‌ المعنويه، ‌و‌ يتخلى بذلك عن مسووليته، رغبه ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ خيراتها، ‌و‌ لذاتها ‌و‌ شهواتها ‌و‌ مواقعها ‌و‌ مراكزها.
 اللهم فادفع قلبى الى ‌ان‌ يتذكر الاخره ‌و‌ خيراتها ‌و‌ ‌ما‌ اعددته فيها لعبادك المومنين، لتصغر عنده كل الدنيا، فلا يراها ثمنا لذاته، ‌و‌ بذلك ينفتح على ‌ما‌ عندك، فيخضع ‌و‌ يخشع ‌و‌ يقف موقف الذل بين يديك لتنعم عليه برضوانك ‌و‌ جنتك ‌يا‌ رب العالمين.
اللهم اجعل ‌فى‌ جنتك مثواى:
 
 ‌يا‌ رب، اننا- ‌فى‌ الدنيا- نفكر بالزاد الذى يحفظ لنا حياتنا ‌فى‌ كل حاجاتها عند الحاح الجوع ‌و‌ العطش ‌فى‌ حال السفر ‌و‌ الحضر، ‌و‌ نعمل على الارتحال الى المواطن التى نجد فيها طيبات الرزق ‌و‌ موارد العيش، ‌و‌ ندخل ‌من‌ كل الابواب التى تومن لنا الراحه ‌و‌ السرور ‌و‌ الطمانينه، ‌و‌ نبحث عن الماوى الذى ناوى اليه ‌و‌ نستقر فيه، ليحقق لنا الهدوء النفسى ‌و‌ الاستقرار الجسدى، ‌و‌ نعمل على الحصول على القوه التى تحقق لنا كل مسوولياتنا ‌و‌ تصل بنا الى اهدافنا، ‌و‌ نفر ‌من‌ مواقع الخوف الى مواقع الامن.
 ‌و‌ لكنى- ‌يا‌ رب- ‌فى‌ انفتاحى على الاخره ‌و‌ ‌فى‌ حركتى اليها، افكر ‌فى‌ هذا الاتجاه الذى يجعل همومى فيها منطلقه ‌فى‌ كل المفردات التى تمثل اهتماماتى ‌فى‌ الدنيا، لان للاخره شروطها ‌فى‌ الحياه الحقيقيه هناك، ‌و‌ لان للانسان قضاياه ‌و‌ اوضاعه ‌و‌ همومه ‌و‌ حركته ‌فى‌ آفاقها.
 فاذا كان زاد الانسان ‌فى‌ الدنيا طعامه ‌و‌ شرابه، فان زاده ‌فى‌ الاخره ‌هو‌ تقوى الله، ‌و‌ هذا ‌هو‌ قوله تعالى: (و تزودوا فان خير الزاد التقوى)(البقره: 197 فاعطنى- ‌يا‌ رب- القوه ‌فى‌ الحصول على ملكه التقوى ليكون توازن الموقف لدى ‌فى‌ الدنيا ‌فى‌ ‌خط‌ طاعتك، ‌هو‌ الذى يحقق لى التوازن ‌فى‌ الموقف ‌فى‌ الاخره ‌فى‌ آفاق رضوانك.
 اجعلنى الانسان التقى الذى ‌لا‌ يفكر الا بالحق ‌و‌ العدل ‌و‌ الخير ‌و‌ الاحسان، ‌و‌ ينطلق مع الطاعه ‌و‌ الالتزام ‌و‌ الخضوع ‌و‌ الانقياد لك ‌فى‌ كل حياته.
 ‌و‌ اذا كانت رحله الناس ‌فى‌ الدنيا لمال يطلبونه ‌او‌ لشهوه يرغبون فيها، ‌او‌ لشخص ياملون عطاياه، فان رحلتى الى رحمتك ‌من‌ خلال كل الاقوال ‌و‌ الاعمال التى تجعلنى ‌فى‌ مواقع الرحمه لديك، ‌و‌ ‌من‌ خلال الروح المنفتحه عليك ‌فى‌ كل آفاقها المتطلعه الى رحاب قدسك.
 ‌و‌ اذا كان لكل انسان مدخل يدخل اليه ليرتاح فيه، فان مرضاتك هى المدخل الذى يودى ‌بى‌ الى سعاده الدنيا ‌و‌ الاخره.
 ‌و‌ اذا كان الناس يرغبون ‌فى‌ الحصول على القوه ليحققوا بها مشاريعهم الدنيويه ، فان رغبتى ‌فى‌ الحصول على القوه الجسديه ‌و‌ الروحيه ‌و‌ الفكريه لتحقيق النتائج الحاسمه الناجحه ‌من‌ خلال استخدام هذه القوه ‌فى‌ تحمل كل المسووليات التى تودى الى رضاك، لان القيام بالواجبات الملقاه على عاتقى يحتاج الى القوه الجسديه بالاضافه الى قوه الوعى ‌و‌ الاراده، ‌و‌ الامتناع عن المحرمات يحتاج الى القوه الروحيه ‌و‌ الفكريه، ‌و‌ لعل مشكله الكثيرين ممن ينحرفون عن ‌خط‌ الاستقامه ‌و‌ يبتعدون عن مواقع المسووليه هى ‌فى‌ الضعف الجسدى ‌و‌ الفكرى ‌و‌ الروحى الذى يبتعد ‌به‌ الانسان عن حاله التوازن ‌و‌ التماسك ‌فى‌ الموقف ‌و‌ الموقع.
 ‌و‌ اذا كان الناس يفرون الى امثالهم ‌من‌ الناس ممن يملكون بعض الامتيازات الماديه التى تتيح لهم حمايتهم ‌من‌ كل عوامل الخوف، فان فرارى اليك، لانك- وحدك- غياث ‌من‌ ‌لا‌ غياث له، ‌و‌ حرز ‌من‌ ‌لا‌ حرز له.
 ‌و‌ انت- ‌يا‌ رب- وحدك، دون الناس، الرب الذى تتجمع كل رغباتى لتتوجه الى ‌ما‌ عندك ‌من‌ الخير الوافر الذى ‌لا‌ ينفد لعبادك المتقين.
 اللهم حقق لى ذلك كله، ‌و‌ اجعلنى الانسان الراحل الى رحمتك، ‌و‌ الداخل الى مرضاتك، ‌و‌ الساكن ‌فى‌ جنتك، ‌و‌ القوى ‌فى‌ طاعتك، ‌و‌ الهارب اليك، ‌و‌ الراغب بما عندك.
 
 اللهم البس قلبى الوحشه ‌من‌ شرار خلقك، ‌و‌ الانس بك ‌و‌ باوليائك:
 
 ‌يا‌ رب، قد تكون مشكله الكثيرين ‌من‌ الناس ‌ان‌ التزاماتهم الفكريه ‌و‌ الروحيه ‌و‌ العمليه ‌لا‌ تتصل بعلاقاتهم الاجتماعيه، فلا تترك ‌اى‌ تاثير سلبى ‌او‌ ايجابى ‌فى‌ طبيعه الواقع الاجتماعى الذى يعيش فيه الانسان، فقد تجد الانسان المومن التقى يقيم الصداقه مع الكافر الشقى، ‌من‌ دون ملاحظه لكفره ‌و‌ شقاوته، ‌و‌ ‌من‌ دون اعتبار لنتائجهما العمليه على حياته ‌فى‌ الجانب الاخلاقى ‌و‌ الاجتماعى ‌و‌ السياسى ‌و‌ الروحى.
 ‌و‌ قد تجد هذا الانسان- نفسه- يتخذ موقف المعاداه ‌و‌ المنافره ‌و‌ المواجهه مع المومن التقى، بحيث ‌لا‌ يتحمل اقامه العلاقات معه، ‌و‌ ‌لا‌ يطيق رويته ‌و‌ الحديث معه، ‌و‌ يستشعر الوحشه منه، بقدر ‌ما‌ يتحسس الانس بالكافر الشقى، ‌من‌ دون ‌ان‌ يرى ‌فى‌ ذلك غضاضه ‌فى‌ ايمانه ‌او‌ ‌فى‌ تقواه.
 ‌و‌ لكنك عرفتنا- ‌يا‌ رب- ‌فى‌ ‌ما‌ قراناه ‌فى‌ كتابك ‌و‌ ‌ما‌ بلغتنا ‌من‌ خلال نبيك، ‌ان‌ الدين ‌هو‌ الحب، ‌و‌ ‌ان‌ على المومن ‌ان‌ يوالى ‌من‌ واليت، ‌و‌ يعادى ‌من‌ عاديت، ليكون حبه ‌او‌ بغضه منسجما مع ايمانه، ‌فى‌ الجانب الايجابى ‌و‌ السلبى منه، ‌و‌ جعلت ذلك علامه ايمان المومن ‌فى‌ اخلاص الايمان ‌و‌ صلابته ‌و‌ استقامته، لان اختلاف الحب ‌و‌ البغض مع الايمان يوحى بان المضمون الايمانى ‌لا‌ يمثل اهميه كبرى لدى المومن، فلا يغير ‌من‌ نظرته الى الواقع شيئا، ‌و‌ ‌لا‌ يبدل ‌من‌ موقفه ‌من‌ الاشخاص، ‌فى‌ الوقت الذى تفرض عليه العقيده، ‌ان‌ ينظر الى العالم كله ‌من‌ خلالها، ‌و‌ الى الناس بمنظارها، لان ذلك ‌هو‌ معنى تحول الايمان الى حاله فكريه ‌و‌ روحيه ‌و‌ عمليه تتصل بالعنصر الاصيل للشخصيه، فيكون عنوانا لها، ‌و‌ تجسيدا لمضمونها الوجودى. هذا ‌من‌ جهه، ‌و‌ ‌من‌ جهه اخرى، فان الانس باعداء الله ‌و‌ الوحشه ‌من‌ اوليائه، يودى الى الالفه لاوضاعهم، ‌و‌ الانجذاب الى اخلاقهم، ‌و‌ القرب الى مواقفهم، الامر الذى يودى الى تقويه مواقعهم، ‌و‌ تثبيت خطواتهم ‌فى‌ الواقع العام، بحيث يجتذب المومنون الطيبون اليهم ‌من‌ خلال ‌ما‌ يلاحظونه ‌من‌ الرعايه العامه للخط الايمانى لهم ‌فى‌ العلاقات العامه ‌و‌ الخاصه، كما يترك تاثيراته الخفيه لمصلحه الانحراف ‌و‌ الكفر، ‌فى‌ الجانب الفكرى ‌و‌ الشعورى للمومنين.
 ‌و‌ هذا ‌ما‌ يدفعنى- ‌يا‌ رب- ‌ان‌ اتوسل اليك ‌ان‌ تجعلنى ‌فى‌ احساسى العميق، ‌فى‌ حاله الوحشه الطبيعيه ‌من‌ شرار خلقك، ‌من‌ الكفره ‌و‌ الفجره ‌و‌ الظالمين ‌و‌ المستكبرين، فاشعر بالنفور الذاتى منهم، ‌و‌ احس بالغربه الروحيه بينهم، انطلاقا ‌من‌ استغراقى ‌فى‌ وعيى لانحرافهم العقيدى ‌و‌ العملى ‌و‌ ابتعادهم عنك، ‌و‌ وفقنى للانفتاح عليك ‌و‌ على اوليائك ‌و‌ اهل طاعتك، ممن آمنوا بالحق ‌و‌ التزموا به، ‌و‌ اقتربوا اليك ‌و‌ اطاعوك ‌من‌ موقع عبوديتهم الخالصه لك، ‌و‌ اشعر قلبى حاله الانس ‌و‌ الفرح الروحى لاكون ‌فى‌ حاله انجذاب دائم اليك ‌و‌ اليهم، ‌و‌ ليدفعنى ذلك الى الاقبال على كل المعانى التى اتمثلها ‌فى‌ هذا الاحساس الايمانى، ‌و‌ لتكون علاقاتى ‌و‌ احساسيسى مرتبطه بالواقع الايمانى الذى يحيط ‌بى‌ ‌من‌ كل جانب، فيستقيم لى منهج العلاقات ‌فى‌ منهج العقيده ‌و‌ ‌خط‌ العاطفه ‌فى‌ ‌خط‌ الايمان.
اللهم ‌لا‌ تجعل لكافر على منه:
 
 ‌يا‌ رب، قد تطغى الحاجات على واقع الانسان ‌فى‌ حياته فتتنوع مصادرها ‌و‌ مواردها تبعا لتنوع مواضعها ‌و‌ الوانها، ‌و‌ قد تضغط عليه فتقوده الى ‌ان‌ يطلبها ‌او‌ يبحث عنها لدى الناس الذين يكفرون بك، ‌او‌ ينحرفون عن منهج طاعتك ‌من‌ الفاسقين ‌و‌ الفاجرين، فيودى ذلك الى ‌ان‌ تكون المنه لهم عليه، ‌او‌ تكون لهم اليد العليا فوقه، فيعملون على اذلاله ‌و‌ اخضاعه ‌و‌ استعباده، لان الحاجات قد تستعبد الانسان ‌فى‌ نفسه ‌او‌ ‌فى‌ موقعه ‌او‌ ‌فى‌ موقفه ‌و‌ حركته ‌فى‌ الحياه.
 ‌و‌ انت- ‌يا‌ رب- الهى ‌و‌ خالقى ‌و‌ رازقى ‌و‌ مرجعى ‌فى‌ الامور كلها، ‌و‌ انا عبدك الذى يرفض ‌ان‌ يكون عبدا لغيرك، بل يريد- كما علمته- ‌ان‌ يكون حرا امام الكون كله، ‌و‌ امام الناس كلهم.
 اللهم ابعدنى عن كل ‌ما‌ يسى ء الى طهاره الاحساس بالتوحيد ‌فى‌ نفسى ‌و‌ اوضاعى ‌و‌ حاجاتى، ‌و‌ الوقوف موقف العزه الايمانيه التى جعلتها لى ‌فى‌ كل امورى ‌و‌ حالاتى، فلا تجعل لفاجر ‌و‌ ‌لا‌ كافر على منه ‌و‌ ‌لا‌ له عندى يدا، ‌و‌ ‌لا‌ ‌بى‌ اليهم حاجه، ‌و‌ لكن اجعلنى ‌يا‌ رب اعيش ‌فى‌ وجدانى الايمانى السكون ‌فى‌ قلبى اليك، لتكون لى طمانينه الثقه، ‌و‌ انس النفس، ‌و‌ الشعور بالغنى ‌و‌ الكفايه بك- ‌يا‌ رب-، لانك- وحدك- الكافى لمن ‌لا‌ كافى له، ‌و‌ المعين لمن ‌لا‌ معين له، ‌و‌ اذا كان للمخلوقين ‌فى‌ حياتى الدور العملى ‌فى‌ الوسائل التى تتفضل على فيها بنعمتك، فليكن ذلك لخيار خلقك الذين يشعرون بالاخوه ‌و‌ بالعزه لاخوانهم، كما يشعرون بهما لانفسهم، فلا تكون هناك ايه سلبيه على مستوى الايمان ‌و‌ على مستوى الواقع.
 اننى اعرف- ‌يا‌ رب- ‌ان‌ الانسان مدنى بالطبع، ‌و‌ اجتماعى بالذات، فلا يمكن لاحد ‌ان‌ يستغنى عن المخلوقين ‌فى‌ اكثر حاجاته الطبيعيه الضروريه، لانك لم تجمع لاى مخلوق كل حاجاته ‌فى‌ نطاق قدراته ‌و‌ امكاناته، لذلك فانى ‌لا‌ اطلب الاستغناء عن كل خلقك، لان ذلك مخالف لسنتك ‌فى‌ الكون، بل اطلب الاستغناء عن شرارهم ‌من‌ الكافرين ‌و‌ الفجره، حتى ‌لا‌ اقع ‌فى‌ التجربه القاسيه الصعبه التى قد تودى ‌بى‌ الى الانحراف ‌و‌ الذله ‌و‌ السقوط، ‌و‌ هذا ‌ما‌ ‌لا‌ تريده لعبادك المومنين.
 ‌و‌ قد افكر- ‌يا‌ رب- اننى قد اعيش بعض الظروف الدقيقه التى تحوجنى الى امثال ذلك، ‌فى‌ مستوى الاوضاع الخاصه بى، ‌و‌ ‌فى‌ مستوى الاوضاع العامه للمسلمين، لانهم يملكون القدرات ‌و‌ الامكانات التى ‌لا‌ يملكها المومنون الخيرون، مما نحتاجه ‌فى‌ الاطار الخاص ‌و‌ العام ‌فى‌ قضايا العزه ‌و‌ الحياه.
 فاذا قدرت على ذلك، فارزقنى القوه على ‌ان‌ ‌لا‌ اتنازل عن عزتى ‌و‌ كرامتى الانسانيه، ‌و‌ ‌لا‌ انحرف عن ‌خط‌ الايمان الذى اسير عليه، ‌و‌ ‌لا‌ ابتعد عن مواقع رضاك.
 اعطنى- ‌يا‌ رب- الاراده القويه ‌فى‌ مواجهه ضغوطهم، ‌و‌ الموقف الثابت على الحق ‌فى‌ مقابل الزلازل النفسيه التى يحركونها ‌فى‌ حياتى، ‌و‌ وفقنى لابقى ‌فى‌ مواقع الاستقامه، فلا افقد ايمانى، ‌و‌ ‌لا‌ اتنازل عن حريتى، بفضل قوتك ‌و‌ رعايتك ‌و‌ رحمتك ‌و‌ لطفك ‌فى‌ الامور كلها.

 اللهم اجعلنى لاوليائك قرينا..
 
 ‌و‌ هكذا- ‌يا‌ رب- افكر، ‌ان‌ يكون مجتمع المومنين ‌هو‌ المجتمع الذى اعيش فيه ‌و‌ اتحرك ‌فى‌ داخله، فاكون الصاحب لهم، ‌و‌ القرين لهم ‌فى‌ كل اعمال البر ‌و‌ التقوى، ‌و‌ اكون الناصر لهم ‌فى‌ كل التحديات الكافره ‌و‌ المستكبره، لان ذلك ‌هو‌ الذى يحقق لنا، كمسلمين مومنين، القوه ‌و‌ المنفعه عندما يفكر كل واحد منا بهذه الطريقه، ‌و‌ يستعين بك على التوفيق لمثل هذا الموقف.
 ‌و‌ ختاما- ‌يا‌ رب- اننا نسالك ‌ان‌ تجعل قلوبنا ‌فى‌ شوق دائم اليك، لنسير اليك ‌فى‌ رحله المشتاقين الى قربك، ‌و‌ ‌ان‌ تمن علينا بالعمل لك بما تحبه ‌و‌ ترضاه ‌فى‌ ‌خط‌ الالتزام ‌و‌ الدعوه ‌من‌ اجل الحصول على محبتك، ‌و‌ الوصول الى رضوانك، انك على كل شى ء قدير ‌و‌ ‌هو‌ عليك يسير ‌يا‌ رب العالمين.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

دعاوه فى الصلاه على حمله العرش و كل ملك مقرب
دعاوه فى الالحاح على الله تعالى
دعاوه فى یوم الاضحى و یوم الجمعه
دعاوه اذا استقال من ذنوبه
دعاء دخول شهر رمضان
دعاوه عند الصباح و المساء
دعاوه فى طلب العفو و الرحمه
دعاوه لنفسه و اهل ولایته
و كان من دعائه (علیه السلام) بعد الفراغ من صلاه ...
دعاوه عند الشده و الجهد و تعسر الامور

بیشترین بازدید این مجموعه


 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^