دعاوه لابويه
دور الابوه و الامومه فى الحياه:
للابوه و الامومه فى الحياه معنى للامتداد الذى تتجدد فيه الفروع من خلال حركه الاصول فى الرغبه العميقه الواعيه فى الانسان، للاستمرار من خلال وجود اولاده، و ذلك هو سر بقاء النوع الانسانى فى المشاعر التى تمتزج فيها اللذه الجسديه بالحس الروحى الخفى.
و هما- فى الوقت ذاته- يمثلان قصه العطاء بلا حدود فى حياه الانسان الذى تكتشف فيه الام فى اعماق ذاتها، الاحساس العميق بالينبوع المتدفق الذى ينساب بالحنان فى روحها و عقلها و قلبها، فى اللبن الذى يرضعه وليدها، و فى الضمه التى تحضنه بذراعيها، و فى القبله الحبيبه و البسمه المشرقه، و فى النظره الحانيه، و اللمسه الهنيه، و الوداعه الرضيه، و فى هدهدات الليالى و غنائيه الاحلام، و لهثه القلق، و لهفه الحنين، و غير ذلك مما يمنح الولد فى عمق مشاعره الطفوليه، الاحساس بالامن و الطمانينه و الفرح الخفى الذى يدغدغ كل احلام طفولته فى الانفتاح اللاواعى على مرحله جديده.
كما يكتشف فيه الاب، فى احساسه بالابوه، سر انسانيته، فى الانسان الجديد الذى ولد منه، فيستعيد طفولته الاولى الجديده، و تختلط فى داخله مشاعر العاطفه الابويه باحاسيس المستقبل المسوول، و هكذا يتحرك فى رعايته المباشره او غير المباشره، ليعطى هذا المخلوق الحى شيئا من معنى القوه و الاستقرار النفسى، عندما يتحرك فى اجواء الابوه فى معانى الحركه القويه فى احتضانه و عنايته و انطلاقه فى الواقع الذى يمتد فيه كل وجوده فى كل تفاصيله بامتداد حاجاته فى حاضره و مستقبله.
و هكذا نجد فى غريزه الامومه فى الام، و غريزه الابوه فى الاب، سر الانسانيه التى تذوب فى الانسان الاخر، حتى كان وجوده يمثل حاله اندماجيه فى داخل وجودهما، و بهذا اراد الله للانسان ان يشكر لوالديه، كما يقدم الشكر له (ان اشكر لى و لوالديك)(لقمان: 14)، لان فى عطائهما معنى الايثار و التضحيه و الذوبان فى الاخر، و غياب الشعور الواعى بالتعويض، فاذا لم يشكر الانسان والديه، فانه لا يمكن ان يعيش الشكر لايه جهه ادت اليه الخدمه الانسانيه، لان خدمه الابوين تعلو على كل خدمه، لانها تنطلق من عمق وجودهما عندما ينطلق من الاخرين من طبيعه مصالحهم و حاجاتهم عنده.
العلاقه الايمانيه مع الوالدين:
و هذا ما نستوحيه من الايات الكريمه التى اكدت على الاحسان الى الوالدين، و ان كانا فى الخط المضاد للعقيده، بحيث لا يتاثر الموقف الاحسانى بالخلاف العقيدى، لان الله يريد للانسان ان يبقى مع المشاعر الانسانيه العميقه التى قد تتحول الى وسيله من وسائل الانفتاح الروحى و الموده القلبيه، بحيث يفتح القلب الطريق الى العقل فى المجال الذى لا يستطيع العقل ان يفتحه بشكل مباشر، لان الانسان قد تتاثر روحه بالاحسان بما لا تتاثر بالحجه و البرهان. و قد جاء ذلك فى قوله تعالى:
(و ان جاهدك على ان تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما و صاحبهما فى الدنيا معروفا و اتبع سبيل من اناب الى)(لقمان: 15).
و فى هذه الايه ايحاء بان هناك تاكيدا على الالتزام بالمصاحبه بالمعروف للوالدين و ان كانا مشركين يتحركان فى اتجاه الضغط على ولديهما بالانتماء للشرك، فان عليه ان لا يطيعهما فى ذلك، لانه لا معنى لطاعتهما فى الاشراك بالله فى العقيده و العباده، فان حق الله اولى من حقهما، و لكن ذلك لا يمنع من الاحسان اليهما من خلال الروحيه الايمانيه التى تفتح الانسان على الابعاد الشعوريه للعلاقات الانسانيه. و فى ضوء ذلك يمكن امتداد هذا الخط الاخلاقى الى كل الناس الذين يرتبط بهم الانسان فى علاقته بهم من ناحيه القربى او غيرها فى التعامل الانسانى الذى لا يبتعد عن الاحسان، فى الوقت الذى يضع فيه حدودا فكريه و عمليه للبقاء على التزامه العقيدى او العملى.
الاحسان الى الوالدين:
و هناك نقطه مهمه لا بد من اثارتها فى هذا المجال، و هى ان المطلوب فى علاقه
الانسان بابويه هو الاحسان اليهما فى رعايته لهما و التذلل اليهما، و الانسجام مع عواطفهما و مشاعرهما، و الابتعاد عما يوذيهما و يسخطهما، الى غير ذلك مما يتصل بالعنصر الانسانى من الحنان و العاطفه و الاشفاق، لان ذلك هو الذى تفرضه العلاقه الانسانيه التى تستجيب للعاطفه بطريقه ايجابيه، و للنعمه بالشكر العملى، لتكون المساله عاطفه فى مقابل عاطفه، و شكرا فى مقابل نعمه، وردا للجميل فى مقابل الجميل، و هذا ما اكده القرآن الكريم فى الايات المتفرقه كما فى قوله تعالى:
(و قضى ربك الا تعبدوا الا اياه و بالوالدين احسانا اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف و لا تنهرهما و قل لهما قولا كريما و اخفض لهما جناح الذل من الرحمه و قل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا)(الاسراء: 24 -23).
فاننا نلاحظ ان الله- سبحانه- يوكد على عبادته التى تشمل الطاعه، لانه- تعالى- هو اساس وجود الانسان فى خلقه له، و يوكد على الاحسان للوالدين فى احتضانهما و رعايتهما و خدمتهما حتى فى الحالات الصعبه عندما يتقدم بهما العمر، فيسوء خلقهما، و تتعقد اوضاعهما، و تكثر مشاكلهما، و يضيق صدرهما، مما قد يوثر تاثيرا سلبيا على حياه الولد، فيودى ذلك الى اهمالهما، و النفور منهما، و التضييق عليهما...، فيريد الله منه ان يحسن اليهما، و لا يسى ء اليهما بالفعل او بالكلام، و يتحمل الاذى منهما، و يخفض لهما جناح الذل من الرحمه، و يتذكر تربيتهما له و هو صغير، و يستعيد رعايتهما له و تحملهما الاذى الذى لا يتحمله الانسان من غيره، و تضحيتهما فى سبيله، فيدعو لهما بالرحمه الالهيه.
و ليس المطلوب اطاعتهما فى اوامرهما و نواهيهما، لان هذه المساله تتصل بالوعى و الرشد و مواقع المسووليه فى النظام الانسانى للحياه، و لا علاقه لها بالعلاقات العاطفيه من قريب او بعيد، فليس للابوين حق الطاعه على الولد، لان ابوتهما لا تفرض ذلك، و لا تمنحهما موقعا قياديا بعيدا عن الوضع العاطفى و التربوى، فلا يجب على الولد طاعتهما فى ما لا يرى لنفسه مصلحه فيه، او فى ما يرى ان هناك مفسده فى السير عليه، و لعل الاشاره فى قوله تعالى: (و ان جاهداك على ان تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما)(لقمان: 15)، تعطى الايحاء بالعنوان الكبير الذى يتجاوز مساله الشرك الى كل الاوامر و النواهى التى لا تحمل فى مضامينها العمليه الواقعيه للصلاح او الفساد، لتكون المصاحبه فى المعروف او الاحسان اليهما فى النطاق الذى يتجاوز ذلك.
المفاهيم الاساسيه للدعاء:
و فى هذا الدعاء حديث عن الوالدين فى ابتهالات الولد لربه فى ما يختص بوالديه، ليطلب لهما الكرامه لديه و الصلاه منه، و ليلهمه الله ما يجب عليه من حقوقهما من خلال و عيه الشامل لذلك كله، و ليوفقه بعد ذلك للقيام به من دون تقصير او اهمال، لان المعرفه المسووله هى التى تتحول الى عمل و ممارسه.
ثم ينفتح هذا الانسان على الروحيه الحانيه الخاضعه امام الوالدين فى الاحساس بالهيبه لهما، ليمتد ذلك الى الخضوع لهما كما يخضع الانسان لصاحب السلطه المهاب، و فى الشعور بالحنان ليبرهما بر الام الرووف، و فى الطاعه لهما بالدرجه التى تتحول الى حاله من الرضى الشعورى الذى يرتاح له الولد تماما كما يرتاح للنوم فى حاله النعاس او للماء فى حاله الظماء، فيستقل بره بهما و ان كان كثيرا، و يستكثر برهما به و ان كان قليلا، و يخفض لهما صوته و يطيب لهما كلامه، و يلين لهما عريكته و يعطف عليهما قلبه، و يرفق بهما و يشفق عليهما، و يدعو الله ان يشكر لهما تربيته و يثيبهما على تكرمته، و يحفظ لهما ما حفظاه منه فى طفولته، ثم يثير مساله الاذى الذى قد يصدر منه، و المكروه الذى يخلص اليهما منه، و الحق الذى يضيع لهما من قبله، ليطلب من الله ان يجعل ذلك حطه فى ذنوبهما، و علوا فى درجاتهما، و زياده فى حسناتهما، لانه الذى يملك امر ذلك كله و يبدل السيئات باضعافها من الحسنات، رحمه بعباده، و تخفيفا عنهم مما يثقلهم فى مصيرهم من خلال تعويضهم عما يصيبهم من آلام و مشاكل و ضياع حقوق، بما ييسره من امورهم، و يحققه من امنياتهم.
اما اذا كانت المساله السلبيه صادره منهما، فى ما يتعديان عليه، مما لا حق لهما فيه من قول يوذيه، او يسرفان فيه من فعل يضره، او فى ما يضيعانه من حق له من حقوقه اللازمه لهما تجاهه، او يقصران فيه من واجب شرعى من واجبات الولد على والديه، و اذا كانت المساله- فى هذا الاتجاه- مساله الاساءه له من قبلهما، فانه يطلب الى الله ان يسامحهما على ذلك، لان القضيه اذا كانت قضيه حقه عليهما، فانه يقدمه لهما هديه من كل قلبه و من كل عقله و علامه حب لهما، و يرغب الى الله ان يهبهما من رحمته الرحمه التى يتخففان فيها من مسووليه هذا العمل السيى ء تجاهه، لان ذلك لم يصدر عن سوء نيه، او رغبه فى الاساءه، او انحراف فى العاطفه، لان تاريخهما معه لا يوحى بذلك، بل يوحى بخلافه، فانه لا يتهمهما على نفسه، و لا ينسب اليهما التراخى فى البر به، و لا يكره ما تولياه من امره، و هو يدرك- الى جانب ذلك- ان حقهما عليه اوجب، و ان احسانهما اليه اقدم، و ان منتهما عليه اعظم، فكيف يمكن ان يفكر بالاقتصاص منهما فى ما يجب له عليهما من الحق، و هو يستذكر استغراق اوقاتهما فى تربيته، و استنزاف جهدهما فى حراسته، و جوعهما لكى يشبع، و ظماهما لكى يروى، و عريهما لكى يلبس، فهل يستطيع القيام بحقهما عنده، و ما يجب عليه لهما لديه؟ انه لا يستطيع بعض ذلك، فكيف يحصل على الوفاء بكله، و مبادله خدمتهما له بخدمته لهما.
و ينتهى الدعاء بالفصل الاخير الذى تتصاعد فيه الابتهالات الروحيه، بالابتعاد عن حاله العقوق للوالدين و استبدالها بحاله البر، ليقف يوم القيامه موقف البار بوالديه، فينال جزاء ذلك رحمه و رضوانا من الله، ثم بالدعاء لوالديه، فى اختصاص الله لهما برحمته، و بالذكر الدائم لهما فى كل اجواء العباده و فى كل حركه الزمن، و ان يجعل هذا الدعاء لهما- منه- سببا لمغفرته له، باعتباره علامه بر، كما يجعل برهما به سببا لمغفرته لهما، و ان يشفعه فيهما اذا كان من اهل الشفاعه و يشفعهما فيه- اذا سبقت مغفرته لهما، حتى يجتمع معهما، و يجتمعان معه فى دار الكرامه و المغفره و الرحمه عنده، لانه الرب الكريم صاحب الفضل العظيم و المن القديم.
ان هذا الدعاء يمثل وثيقه اسلاميه حيه فى النظره الى الوالدين، فى مشاعر الولد تجاههما، من حيث انفتاحها على الجانب الانسانى فى حياتهما، و فى رعايتهما، مما يفرض عليه ان يدرس كل مفردات حياتهما معه دراسه دقيقه موضوعيه للتعرف على عمق العاطفه، و دف ء الحنان، و عظمه المسووليه، و انفتاح الروحيه الانسانيه فى داخلهما على صنع الانسان الجديد بكل عفويه و محبه من دون تكلف او منه او احساس بحركه هذا العطاء فى شعور الذات بعملهما تجاه الاخر.
و هذا ما يترك تاثيره فى روحيه الولد، لتنطلق رعايته لهما، فى خط الامتداد الانسانى فى رعايه الاجيال لبعضها البعض، فاذا كان الاباء و الامهات يقومون برعايه الابناء فى انطلاق حركه الوجود فى بدايتها و امتدادها، فان على الابناء ان يقوموا برعايه آبائهم و امهاتهم فى حركه الحياه فى حاله تقدم العمر نحو النهايه، ليبقى الشعور الانسانى منطلقا فى عمليه التبادل فى عفويته هنا و عقلانيته هناك، ليبقى للحياه معنى الدف ء و الحراره و العمق الروحى فى حركه الانسان كله.
اللهم صل على محمد عبدك و رسولك و اهل بيته الطاهرين، و اخصصهم بافضل صلواتك و رحمتك و بركاتك و سلامك، و اخصص اللهم والدى بالكرامه لديك و الصلاه منك يا ارحم الراحمين.
اللهم اخصص والدى بالكرامه لديك:
يا رب، انك خلقت رسولك طاهرا مطهرا من كل دنس و رجس، منفتحا عليك بكل عقله و روحه و حركه حياته، داعيا بكل جهده، مبشرا عبادك بما رغبتهم به و اعددتهم له من الثواب و الاجر العظيم على اطاعه اوامرك و اجتناب نواهيك، منذرا لهم مما قد يقعون فيه من عذابك على عصيانك، و الابتعاد عن مواقع رضاك، رفيقا بهم، حانيا عليهم، يتعهدهم بالرعايه و العنايه، فى كل ما يرفع درجتهم عندك، و يقربهم اليك، و يشدهم الى ساحه هداك، و آفاق محبتك، فكان الاب لهم فى انفتاح رسالته عليهم فى كل امورهم، و كان الهادى و المرشد و الدليل و السراج المنير، فى حركه حياته فى حياتهم.
اللهم فصل عليه بكل ما تختزنه الصلاه من معنى الرحمه الواسعه التى تمنحها له فى امتداد وجوده عندك فى عليائك فى مواقع القرب منك، كما منحتها له فى حياته بين الناس، فجعلته رحمه للعالمين من خلال رحمتك فى عبوديته الخالصه لك المخلصه فى المحبه لك، و فى رسوليته المتحركه فى المعاناه من اجل تبليغ رسالتك و هدايه عبادك، و صل على اهل بيته الطاهرين الذين اذهبت عنهم الرجس و طهرتهم تطهيرا، فانفتحوا على عبادك من عمق طهاره الفكر و الروح و الحياه، و انطلقوا فى امانه الرساله ليكونوا الامناء فى خلقك، الحجه على عبادك، المندفعين فى الاخلاص لك، و الدعوه اليك، و الجهاد فى سبيلك.
اللهم و خص والدى بالكرامه لديك بالمزيد من الدرجه و الرفعه، و الصلاه منك بالمغفره و الرحمه، فانك الرب الرحيم الذى لا تبلغ ايه رحمه مواقع رحمته، لانها ارتفعت فوق كل شى ء و وسعت كل شى ء، فكان الوجود من بعض بركاتها، و كان الانسان من فيض الطافها.
اللهم الهمنى علم ما يجب اليهما:
اللهم انك جعلت لوالدى حقا عظيما على، من خلال ما قدرته من ارتباط وجودى بحركه وجودهما، فهما السبب المباشر له من حيث كنت انت السبب الاعمق للوجود كله، و من عناصر المحبه و الحنان و الروحيه المتدفقه بالروح الفياضه بالطهر كله، و الحب كله، مما كان يفتح لى فى مرحله من مراحل عمرى، فى طفولته و شبابه، الكثير من آفاق الامل فى امتداد حياتى بالقوه و الحركه و النمو و الانفتاح على كل خير و غنى و نجاح، فكانا يغذياننى بالحب و الحنان كما يغذياننى بما احتاج اليه من الطعام و الشراب، و يرعياننى بالتربيه و العنايه من عقلهما و روحهما و تجربتهما فى الحياه، و يجدان امتداد وجودى امتدادا لوجودهما، فيبتسمان اذا ابتسمت، و يبكيان اذا بكيت، و يذعران اذا مسنى السوء، او اصابنى المكروه، او اشتد بى الالم، و يبتهلان اليك، فى حاله تعرضى للخطر، ان تجعل حياتهما عوضا لحياتى، و عمرهما زياده فى عمرى.
لقد اودعت فى عمق وجودهما الانسانى الشعورى كل ينابيع العاطفه التى تشرب حياتى منها فى كل لحظه اصفى ما فى الحياه من حب، و اطهر ما فى الانسان من حنان، و اعمق ما فى الوجود من خير.
و من خلال ذلك كان حقهما على كبيرا كبيرا، و كان فضلهما على عظيما عظيما، الامر الذى يفرض على ان ابادلهما بالاحسان احسانا، و بالحب و الحنان حبا و حنانا.
و قد اقصر- يا رب- فى ذلك، لانى لا اعلم حدود هذا الحق، و قد ابتعد عن البر، لانى لا اعرف حجم هذا الفضل، فاقع فى العقوق من حيث اريد البر، و اقوم بالاساءه من حيث اقصد الاحسان، اللهم فالهمنى علم ذلك، حتى تعيش الفكره فى مشاعرى و احاسيسى التى تمتص ايحاءاتها، امتصاص الجسد للعطر فى الورده، و العشق فى الجمال، لانى اريد ان اتحرك نحوهما بعفويه و بساطه بعيدا عن كل تكلف و تعقيد، فيكون ذلك طبيعه فى كيانى، و خلقا فى حياتى.
و اجمع لى يا رب كل مفرداته العمليه، حتى لا يغيب عنى شى ء منه فى ما يفرضه فى مخاطبتى لهما من الكلمات، او فى ما اتحرك به من اعمال، و اجعلنى انطلق بالمعرفه الى خط الواقع، و بالفكر الى ساحه العمل، و بالاحساس الى عمق الحركه، حتى اكون من الذين يعملون بما يعلمون و يتحركون بما يفكرون، و ينطلق الاحساس لديهم الى واقع حى متجسد فى حياه الاخرين، و لا اكون من الذين تثقلهم المسووليه فيهربون من مستلزماتها و يبتعدون عن مواقعها، و يتخففون من اثقالها.
اللهم اجعلنى ابرهما و اهابهما:
يا رب، انك ارسلت محمدا و شرفتنا به من خلال شرف ذاته و رسالته و جهاده و قربه اليك و حبه لك و اخلاصه لعبادك، و اوجبت لنا- نحن المسلمين- الحق على الخلق بسببه من خلال ما شرعته من حقوق و قررته من علاقات، اللهم صل عليه صلاه ترفع درجته و تفتح له كل مواقع القرب اليك فتمنحه كل حبك و رضاك.
اللهم و املاء قلبى بالهيبه لهما كما يهاب الانسان السلطان الذى يملك القدره و البطش و القوه القاهره، و لكن لا على اساس الشعور بالمعنى السلبى للقوه الذى يوحى بالقهر و الخوف و التعقيد و الخشيه من الظلم و التعسف و سقوط الذات، بل على اساس التعظيم و التبجيل الذى يوحى بالقوه المنفتحه على المصلحه التى يتحسسها الابوان بفرض ارادتهما على ولدهما فى ما يصلحه و يقوى شخصيته و يركز اقدامه على ارض صلبه، فان احساس الولد فى مواقع ضعفه بقوه ابويه يشعره بالثقه و بالقوه، لانه يلجاء الى ركن وثيق، كما يوحى اليه بالانضباط و الالتزام الذى يحقق له التوازن فى حياته عندما يعيش فى داخل بيت قوى تتحرك فيه الاراده القويه الواعيه العاقله المسووله، لتركز له قواعده و اركانه على اساس ثابت قوى، انها هيبه الابوه فى مسووليتها تجاهه و هيبه الامومه فى رعايتها له، اللتان تفرضان الشعور بالخشيه فى مواقع الالتزام العملى.
اللهم وفقنى للبر بهما بر الام فى رافتها و رحمتها و حنانها لولدها، لاختزن فى داخلى شخصيه الام فى المعنى الانسانى المتمثل بالعطاء بلا حساب، و بالينبوع المتدفق من الروح بدون امتنان، لابادلهما حبا بحب و رافه برافه و حنانا بحنان، لان ذلك هو الذى يحقق لى عمق انسانيتى فى احتضان انسانيتهما التى غذتنى بكل شى ء فى روحى و جسدى.
اللهم اجعلنى استكثر برهما و ان قل:
يا رب، هب لى الاحساس الواعى بالحاجه النفسيه الى ان اعيش فى داخل كيانى البر بهما فى حاله شعوريه حميمه تقر بها عينى فى ابتسامه السرور و الرضى، تماما كما هى حال النعاس التى تجتذب النوم فى لذه و رغبه، و كما هى حال الظامى ء الذى ينفتح على الشراب فى لهفه و سرور، فيتصاعد ذلك الاحساس فى ذاتى الى مستوى الانفتاح على طاعتى لهما- حتى فى ما لا يجب على- فى ما يحبانه و يرغبانه مما يتصل بحياتى او بحياتهما، و الذوبان فى برى بهما، حتى اذا وقفت بين هواى و هواهما و رضاى و رضاهما كان هواهما و رضاهما اقرب لقلبى و نفسى من هواى و رضاى.
و ينطلق هذا الشعور بالامتنان لهما فى ما قاما به من تضحيه و ما قدماه من عطاء، فيتعاظم ذلك فى شعورى، حتى ارى ما فعلاه من برهما بى كثيرا فى مقداره، كبيرا فى حجمه، عظيما فى طبيعته، من دون حساب للعدد فى ذلك فى عالم القله و الكثره، و ارى ما فعلته قليلا حتى لو كان كثيرا، لان المساله هى ان الدفق الشعورى من عطائهما الروحى من الحب و الحنان و الرعايه و العنايه هو الذى يرفع مستوى العطاء و يمنحه حجه مما قد لا املك مثله فى حركه ذاتى فى البر بهما.
اللهم صيرنى بهما رفيقا:
اللهم عرفنى فى نفسى فى وعى حقهما و برى بهما كيف اوحى اليهما بالمحبه و الاجلال و عرفان الجميل و الحنان الكبير، و ذلك بان اخفض صوتى لهما عند مخاطبتهما للايحاء لهما باجلالى لهما و تعظيمى لموقعهما، و مراعاتى لجلال الابوه، كما يخاطب الانسان الشخص المهيب المعظم، و كيف اقدم لهما الكلام الطيب الذى يملاء قلبيهما بالسرور و المحبه، و يفتح لهما اجواء الطمانينه و الرضى، و كيف اكون سلس الخلق، لين النفس، منقاد السلوك فى تعاملى معهما، و كيف افتح قلبى لهما بالعطف و بالشفقه و الحنان، و كيف ارفق بهما و اشفق عليهما فى كل اوضاعى معهما فى حياتى الخاصه و العامه، حتى يشعرا بروح الابوه و الامومه منى فى رعايتى لهما و عنايتى بهما.
و جاء عن الامام جعفر الصادق (ع) فى قوله تعالى: (و اخفض لهما جناح الذل من الرحمه)(الاسراء: 24)، قال: «لا تملاء عينيك من النظر اليهما الا برحمه ورقه، و لا ترفع صوتك فوق اصواتهما و لا يدك فوق ايديهما، و لا تقدم قدامهما».
و قد تكون لهذه المفردات دلالاتها على عمق الاحساس بالرحمه الممتده الجذور من خلال الوعى الانسانى الذاتى للمعاناه الشديده التى عاشاها فى تربيتهما له، الامر الذى يوحى بان مساله العز و الذل لا مكان لها فى علاقته بهما، لانه جزء من وجودهما، مما يجعل القضيه قضيه الوحده التى يرحم بعضها بعضا، لا قضيه الاثنينيه التى يتخذ فيها احدهما الموقع المميز تجاه الاخر.
اللهم اشكر لهما تربيتى:
يا رب، لقد ربيانى فى مرحله العمر التى كانت قاسيه فى اثقالها، و تحملا منى الكثير من الهموم و الالام و المشاكل و الجهد الكبير فى سهر الليالى و تعب الايام، فى ملاحقه كل اوضاعى السلبيه و الايجابيه، فى ابتساماتى و دموعى، و فى عبثى و لهوى، و فى تمردى و انقيادى، مما يصعب على الانسان العادى تحمله، حتى بلغت مبلغ الشباب سويا فى فكرى و شعورى و عناصر شخصيتى، اللهم فاشكر لهما ذلك كما تشكر لاى عبد من عبادك تضحيته و بذله من نفسه و ماله فى سبيل الاخرين من عبادك من الاقربين و الابعدين، لانك اخذت على نفسك انك تمنح المحسنين جزاء احسانهم و تشكر لهم صالح اعمالهم، فقد جعلت لهم الحق بفضلك و لطفك فى ذلك كله، و لو لا ذلك لما كان لهم اى حق، لانهم يتحركون فى ملكك فى جهدهم الذى تملكه، اللهم فاشكر لهما ذلك لانى لا استطيع اداء شكر ما اسدياه الى فى تربيتى، و اثبهما على ما بذلاه من الوان الاكرام لى، و احفظ لهما جميل صنعهما لى فى صغرى من رعايه و عنايه فى احتضانهما لى، و سهرهما على، و انفتاحهما على كل حاجاتى، فانى لا املك اداء ذلك كله، و انت وحدك الرب القادر على ان تعطيهما من عطائك فى رضوانك و نعيمك ما تعوضهما به عن ذلك كله.
و قد جاء فى الحديث: ان رجلا جاء الى النبى (ص) فقال له: «يا رسول الله ان ابوى بلغا من الكبر و انى الى منهما ما وليا منى فى الصغر، فهل قضيتهما؟ قال: لا، فانهما كانا يفعلان ذلك و هما يحبان بقاءك و انت تفعل ذلك و انت تريد موتهما».
و شكا اليه آخر سوء خلق امه، فقال: «لم تكن سيئه الخلق حين حملتك تسعه اشهر؟ قال: انها سيئه الخلق، قال: لم تكن كذلك حين ارضعتك حولين؟ قال: انها سيئه الخلق، قال: لم تكن كذلك حين اسهرت لك ليلها و اظمات نهارها؟ قال: لقد جازيتها؟ قال: ما فعلت؟ قال: حججت بها على عاتقى، قال: ما جزيتها و لا طلقه».
اللهم زد فى حسناتهما:
يا رب، ربما يوذى الولد والديه بانواع الاذى الجسدى و الروحى، و قد يصل منه اليهما بعض المكروه الذى يثقل نفسيهما، سواء كان يسيرا او جليلا، و قد يقوم بالتعدى على حقهما عليه و تضييعه، اهمالا او تهاونا، او عدوانا، و ذلك من خلال جهله و غفلته و نسيانه للمعروف الذى اسدياه اليه، و الخير الذى قدماه له، و الجهد الذى بذلاه فى سبيله، فلم يعرف لذلك قيمه، و لم يجد له شانا، لان ذلك شى ء مالوف لديه لم يشعر بالفراغ فى حاجاته قبله ليتعرف معنى الاحسان فيه بعده.
و قد اكون- يا رب- مثل هذا الولد فى الاذى الصادر منى، او فى المكروه الواصل منى اليهما، او فى الحق الذى ضاع لهما لدى، فكان ذلك كله بلاء ابتليتهما به، و قد انطلقت رحمتك فى لطفك بعبادك انك تجعل البلاء حطه للذنوب و غفرانا لها، او رفعه للدرجه و اعلاء لها، او زياده للحسنات، لا لان البلاء يفرض ذلك للمبتلى كحق من حقوقه و اجر على عمله، لانه ليس شيئا اختاره او قام به، و ليس جهدا بذله من نفسه الا ما اعقب ذلك من صبر يلتزمه الصابرون على البلاء، و لكنك- يا رب- تفضلت على عبادك من اهل بلائك بذلك كله، رحمه منك و لطفا، فانت الذى تبدل السيئات باضعافها من الحسنات من خلال مغفرتك و عفوك و كرمك من دون استحقاق ذاتى لعبادك فى ذلك كله.
اللهم فافتح لهما- من خلال بلائهما الصادر من سلوكى السيى ء تجاههما- ابواب رحمتك، فاغفر لهما بذلك ذنوبهما، و ارفع درجاتهما، و زد فى حسناتهما، لتعوضهما عن معاناتهما النفسيه و الجسديه، و لتفتح لهما ابواب الخير و الرضى و الطمانينه الروحيه عند لقائهما بك يا ارحم الراحمين.
اللهم انى وهبت لهما حقوقى كلها:
يا رب، قد يخطى ء والداى فى سلوكهما معى فى قولهما و فعلهما، فيتعديان على بالكلمات، من سباب او اهانه بغير حق، و يتجاوزان الحد الذى فرضته لهما فى معاملتهما لى، بالضرب او الطرد او الايذاء او نحو ذلك مما لم ترخصهما فيه، و قد يقصران فى حقوقى التى جعلتها فى الرعايه و التربيه و الحفظ و العنايه بشوونى العامه و الخاصه فى حاضرى و مستقبلى، و هدايتى الى الصراط المستقيم، فيهملان امرى، و يضيعان حقى، و يبتعدان عن حدود الواجب الذى الزمتهما به فى ما يلزم الولى من حق للمولى عليه، لانك لم تجعل الولد ملكا للوالدين يعبثان به، و يلعبان بمصيره، و يتصرفان باوضاعه كيف شاءا، و يتحركان معه تبعا لمزاجهما، و يعاملانه كقطعه من اثاث البيت على اساس هواهما، بل جعلته امانه عندهما يحفظانه فى صحته و عقله و اخلاقه و آدابه، ليكون عبدا صالحا فى طاعته لك و فى مسووليته فى نفسه و فى الناس من حوله، و فى الحياه التى يتحرك فيها و ينطلق اليها، فليس الولد لعبه يلعبان بها، و لكنه مسووليه تحاسبهما عليها، فى ما يضيعانه منها، و ما يقصرانه فيها، و تمنحهما ثوابك فى ما يحفظانه من حق و يقومان به من واجب.
اننى- يا رب- اقف بين يديك لاسترجع تاريخهما فى تاريخى، و جهدهما فى تربيتى، و تعبهما فى حراستى، و تضحيتهما فى سبيلى، فقد كانا يبذلان كل طاقاتهما فى رعايتى، بحسب وعيهما لخطوط الرعايه، و كانا يتعبان فى سبيل راحتى فى نومى و يقظتى، فكانا يسهران الليالى حتى يمنحانى الهدوء فى النوم، و كانا يراقبان كل ما يحيط بى من مخاوف و تهاويل و اضرار و اعداء ليحرسانى من ذلك كله بعيونهما و بجميع امكاناتهما، و كانا يضيقان على نفسيهما ليوسعا على، فيجوعان ليشبعانى، و يظمان ليرويانى، و يعريان ليلبسانى، اننى استعرض ذلك فى خيالى لتنطلق الفكره الانسانيه المنفتحه على المقارنه بين اساءتهما الى فى بعض امورى، و احسانهما الى فى كل حياتى، فهل تتوازن المساله، و هل يستقيم الحساب؟!
ان النتيجه سوف تكون فى مصلحتهما فى احساسى الذاتى، لاجد ان حقهما على اوجب و احسانهما الى اقدم، و منتهما على اعظم، مما يجعل القصاص لا معنى له، و لا عدل فيه، و لا مجال للجزاء عليه، و هذا ما يفرض على ان اقف بين يديك لاعبر عن شعورى تجاههما و موقفى من اساءتهما الى، فانى لا اتهمهما على نفسى بنقصان فى العاطفه، و ابطاء فى البر، و لا اشعر بالكراهه و الحقد و الغضب على ما اسلفاه فى امرى من سوء، فلم يكن ذلك منهما تعمدا فى الايذاء، و تقصيرا فى الرعايه، و ابتعادا عن المسووليه، و لكنه الخطاء العابر و وسوسه الشيطان و اختلاف التقدير للامور، و لذلك فاننى اقدم حقى لهما هبه منى، و ابتهل اليك ان لا تحاسبهما عليه، و لا تحملهما مسووليه ذلك من خلال ما يستتبعه من العقاب، بل اغفر لهما ذلك، فاننى قد غفرت لهما كل ذلك، فى احساس منى باننى مهما فعلت من العفو عنهما، او الخدمه لهما، فاننى لا افيهما حقهما، و لا ادرك ما يجب على لهما، و لا استطيع ان اقضى ما يلزمنى من خدمتهما.
اننى ابتهل اليك ان تعيننى على ذلك، و على الوقوف فى خط التوازن، لان النفس اماره بالسوء الا ما رحمت، مختاره للباطل الا ما وفقت، فاعنى على نفسى بما تعين به الصالحين على انفسهم، فانك خير من استعان به المستعينون، و وفقنى- يا رب- فى هداك الذى تهدى اليه الراغبين فى هدايتك، لاكون من اهل البر لوالدى فى حياتهما و موتهما، و لا تجعلنى من اهل العقوق، حتى اقف- غدا- بين يديك فى موقف السائرين على هداك، المستقيمين على خطك، العاملين بطاعتك، يوم تجزى كل نفس ما كسبت و هم لا يظلمون.
ان هذه الفقره من الدعاء توحى بان مساله الحق فى علاقه الولد بوالديه و علاقه الوالدين به، هى من المسائل المتبادله، تماما كما هو الخط الاسلامى فى العلاقات الانسانيه التى تعطى لكل انسان حقه، فلا تمنح اى شخص حقا مطلقا تجاه الاخر، لان التوازن فى الحياه يفرض التبادل فى الحقوق و الواجبات، حتى لا يطغى انسان على انسان آخر من خلال ما يراه حقا مطلقا له، مع ملاحظه اختلاف الدرجه فى هذا الحق او ذاك من خلال طبيعه الامور فى خصوصيه هذا او ذاك، كما هو الحال فى مساله الحق فى الولد و الوالدين، فقد جعل الله للوالدين من الحق اكثر مما جعله للولد عليهما من خلال الجهد العظيم الذى يبذلونه فى حركه وجوده، و قد جاء ذلك فى الايات المتعدده و الاحاديث الكثيره النبويه، فى حق الوالدين على الولد فى الاحسان اليهما و عدم الاساءه اليهما.
اما حق الولد فيعبر عنه الحديث الذى روى عن الامام على بن الحسين زين العابدين (ع) فى رساله الحقوق، فقد جاء فيها قوله:
«و اما حق ولدك فان تعلم انه منك و مضاف اليك فى عاجل الدنيا بخيره و شره، و انك مسوول عما وليته من حسن الادب، و الدلاله على ربه عز و جل، و المعونه له على طاعته، فاعمل فى امره عمل من يعلم انه مثاب على الاحسان اليه، معاقب على الاساءه اليه».
و جاء فى كتاب الكافى للكلينى بسنده عن زيد بن على عن ابيه عن جده (عليهم السلام) قال: «قال رسول الله (ص): يلزم الوالدين من العقوق لولدهما ما يلزم الولد لهما من عقوقهما».
و هذا هو الخط المستقيم فى حركه الاسلام فى الانسان و الحياه، و هذا هو الذى ينبغى للدراسات الاسلاميه ان ترتكز عليها فى دراسات العلاقات الانسانيه فى الاسلام.
اللهم لا تنسنى ذكرهما و الدعاء لهما:
يا رب، ان مشاعرى تجاه والدى و انا بين يديك، تنفتح على الدعاء لهما بكل رفعه و فضل و كرامه و مغفره و رحمه منك.
اللهم اجعل لهما من خصوصيه الفضل ما تخص به الاباء و الامهات من عبادك المومنين، الهمنى ذكرهما فى اوقات استجابه الدعاء و قبول الذكر و نزول الرحمه و ذلك بعد الصلاه، ليكون ذلك جزءا من تعقيباتها، و فى آناء الليل و ساعات النهار، حتى يكون ذكرهما بالخير و دعائى لهما شاغلا لى، و شاملا لكل اوقاتى.
وهب لى مغفرتك بدعائى لهما، لان ذلك جزء من برنامج طاعتك فى حياتى، و امنحهما مغفرتك ببرهما بى، لان البر بالولد من مواقع رضاك و خطوط طاعتك.
اللهم، اقبل شفاعتى لهما برضاك عنهما رضى لا تسخط بعده ابدا، و بلغهما بالكرامه مواطن السلامه فى دار قدسك و نعيم جنتك.
اللهم شفعهما فى اذا سبقت مغفرتك لهما و الهمهما ذلك لى، و شفعنى فيهما اذا سبقت مغفرتك لى و الهمنى الشعور بذلك، حتى نلتقى فى الاخره على محبتك و رضاك كما التقينا فى الدنيا على طاعتك و الرغبه فى الحصول على رضاك.
اننا يا رب عطاشى لرافتك و حنانك، مفتقرون الى رحمتك و مغفرتك، و انت ذو الفضل العظيم الذى لا يبلغ احد درجه عظمته، و صاحب المن القديم الذى وسع الدنيا بلطفه، و انت ارحم الراحمين فى الدنيا و الاخره.