فارسی
شنبه 22 دى 1403 - السبت 10 رجب 1446
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه
0
نفر 0

دعاوه لولده

دعاوه لولده
 
 مسووليه الابوين تجاه ولدهما:
 
 للولد ‌فى‌ حياه الوالدين امتداد الوجود ‌فى‌ حركه الحياه، ‌و‌ ‌فى‌ استمرار النوع الانسانى، ‌و‌ ‌فى‌ وعيهما لذلك ‌فى‌ حياته.
 ‌و‌ هو- ‌فى‌ الوقت نفسه- يمثل معنى المسووليه ‌فى‌ دورهما الابوى ‌و‌ الامومى، ‌فى‌ تربيه جسده ‌و‌ تنميته بما يحقق له الصحه ‌و‌ العافيه، ‌و‌ ‌فى‌ تربيه عقله، بما ينمى فيه ‌من‌ القوه التى يستطيع فيها ‌ان‌ يفكر ‌فى‌ ادارته لشوونه ‌و‌ شوون الحياه ‌و‌ الناس ‌من‌ حوله، ‌و‌ يمنح الحركه الفكريه قوه ‌و‌ نشاطا ‌و‌ عمقا ‌و‌ امتدادا، ‌و‌ ‌فى‌ تربيه روحه ‌من‌ خلال تربيه ايمانه بالله ‌و‌ بالرسالات ‌و‌ التزامه الدينى ‌فى‌ نفسه ‌و‌ اهله ‌و‌ مجتمعه بالمستوى الذى يكون فيه عبدا مومنا صالحا، ‌و‌ ‌فى‌ تاهيل وجوده بالطريقه التى يتحول فيها الى عنصر حى فاعل يحقق للحياه قوتها ‌و‌ حيويتها ‌و‌ نشاطها، ‌و‌ يمنحها ‌من‌ وجوده، وجودا ‌و‌ حيويه ‌و‌ اشراقا ‌و‌ فاعليه ‌فى‌ الحركه ‌و‌ القوه، ‌و‌ ‌فى‌ ضوء ذلك، كان ‌لا‌ ‌بد‌ للعاطفه الانسانيه ‌ان‌ تلتقى بالمسووليه الايمانيه، ‌و‌ تنفتح على كل مفردات وجوده ليكون امتدادا لهما ‌فى‌ ‌خط‌ الايمان كما ‌هو‌ امتداد لهما ‌فى‌ ‌خط‌ الحياه، فلا تكون المساله مساله لعب ‌و‌ لهو ‌و‌ متعه ‌و‌ زهو ذاتى، ‌فى‌ ‌ما‌ يوحى ‌به‌ الولد للابوين ‌من‌ ذلك، ‌و‌ قد جاء ‌فى‌ القرآن المجيد قوله تعالى:
 (يا ايها الذين آمنوا قوا انفسكم ‌و‌ اهليكم نارا وقودها الناس ‌و‌ الحجاره)(التحريم: 6).
 ‌و‌ جاء ‌فى‌ الحديث عن ابى عبدالله جعفر الصادق (ع) قال: قال رسول الله (ص): «رحم الله والدين حملا ولدهما على برهما».
 ‌و‌ عنه (ع)، قال: «قال له رجل ‌من‌ الانصار: ‌من‌ ابر؟ قال: والديك، قال: قد مضيا، قال: ‌بر‌ ولدك».
 ‌و‌ عنه (ع)، قال: «ان الله ليرحم العبد لشده حبه لولده».
 ‌و‌ هكذا نلاحظ ‌ان‌ الله يريد للمومنين- ‌و‌ منهم الابوان ‌فى‌ مسووليتهما الايمانيه- وقايه الاهل، ‌و‌ الاولاد منهم، ‌من‌ التعرض لعذاب النار ‌فى‌ الاخره، ‌و‌ ذلك ‌من‌ خلال التربيه الايمانيه ‌فى‌ العقيده ‌و‌ العمل، ليكونوا ‌فى‌ ‌خط‌ طاعه الله ‌و‌ رضاه، بحيث يتيسر لهم السير ‌فى‌ الخط المستقيم ‌فى‌ ذلك كله بطريقه متوازنه، فيتمثل البر ‌فى‌ ذلك، لان اعظم انواعه حمايه ذاته ‌من‌ العذاب، كما نلاحظ ‌ان‌ مساله البر ‌لا‌ تتناول علاقه الولد بوالديه، بل تشمل علاقه الوالدين بالولد، ‌و‌ ربما كان الاسلوب القرآنى ‌فى‌ تاكيد البر بالوالدين ‌و‌ الاحسان اليهما ‌من‌ قبل الولد، ‌و‌ عدم الالحاح على ‌بر‌ الوالدين بالولد ‌فى‌ اسلوبه التربوى، ينطلق ‌من‌ ‌ان‌ برهما ‌به‌ يتصل بالحاله العاطفيه لهما تجاه الولد، كما يجعل انفتاحهما على رعايته ‌و‌ برهما ‌به‌ امرا طبيعيا منسجما مع عفويه الابوه ‌و‌ الامومه ‌فى‌ روحيتهما الانسانيه. ‌و‌ لكن الاحاديث الوارده ‌فى‌ السنه قد دخلت ‌فى‌ بعض التفاصيل، فقد جاء ‌فى‌ روايه الكلينى بسنده عن يونس ‌بن‌ رباط عن ابى عبدالله (جعفر الصادق (ع)) قال: «قال رسول الله (ص): رحم الله ‌من‌ اعان ولده على بره، قال: قلت: كيف يعينه على بره؟ قال: يقبل ميسوره ‌و‌ يتجاوز عن معسوره ‌و‌ ‌لا‌ يرهقه ‌و‌ ‌لا‌ يخرق به، فليس بينه ‌و‌ بين ‌ان‌ يصير ‌فى‌ ‌حد‌ ‌من‌ حدود الكفر الا ‌ان‌ يدخل ‌فى‌ عقوق ‌او‌ قطعيه رحم».
 ‌و‌ ‌فى‌ الحديث عن الامام ابى الحسن (موسى ‌بن‌ جعفر (ع)) قال: «جاء رجل الى النبى (ص) فقال: ‌يا‌ رسول الله ‌ما‌ ‌حق‌ ابنى هذا؟ قال: تحسن اسمه ‌و‌ ادبه، وضعه موضعا حسنا».
 ‌و‌ جاء ‌فى‌ روايه زيد ‌بن‌ على عن ابيه عن جده (ع) قال: قال رسول الله (ص): «يلزم الوالدين ‌من‌ العقوق لولدهما ‌ما‌ يلزم الولد لهما ‌من‌ عقوقهما».
 ‌و‌ ‌فى‌ ضوء ذلك تنطلق المسووليه ‌فى‌ رعايه الوالدين للولد بدرجه اكثر خطوره ‌من‌ رعايه الولد لهما، لانهما يتحملان مسووليه بناء شخصيته على الايمان بالله، ‌و‌ الالتزام باوامره ‌و‌ نواهيه، ‌و‌ الانفتاح على مسووليته العامه ‌و‌ الخاصه ‌فى‌ الحياه، بالمستوى الذى يتصل بسلوكهما العملى ‌فى‌ نطاق قدرتهما، فيتحملان النتائج السلبيه ‌فى‌ اهمالهما له ‌و‌ انحرافهما عن توجيهه، كما يحصلان على النتائج الايجابيه ‌فى‌ اقبالهما على رعايته ‌فى‌ ذلك كله، لان تاثيرهما ‌فى‌ حركه حياته يفوق تاثيره عليهما ‌فى‌ علاقته بهما.
 ‌و‌ ‌لا‌ نريد الدخول ‌فى‌ تفاصيل المنهج التربوى الاسلامى الذى يجب عليهما ‌ان‌ يلتزماه ‌فى‌ وعيهما الايمانى ‌فى‌ تربيتهما له ‌و‌ رعايتهما لحياته، فان لذلك مجالا آخر، ‌و‌ لكننا نريد التاكيد على ضروره اعداد الابوين للابوه ‌و‌ الامومه ‌فى‌ حركه وعى المسووليه، تماما كما ‌هو‌ الاعداد للمواقع الاخرى ‌من‌ المسووليه ‌فى‌ الادوار الاجتماعيه ‌و‌ التربويه الاخرى، فان الاب الجاهل، ‌و‌ الام الجاهله، قد يساهمان ‌فى‌ تدمير حياه الاولاد ‌من‌ النواحى النفسيه ‌و‌ الدينيه ‌و‌ الاجتماعيه ‌فى‌ السلوك السلبى ‌فى‌ طريقتهما ‌فى‌ التعامل معه ‌فى‌ حياته العامه ‌و‌ الخاصه.
 اما مساله دعاء الوالد لولده، فقد ورد ‌فى‌ الاحاديث انه ‌من‌ جمله الدعاء الذى ‌لا‌ يرد ‌و‌ ‌لا‌ يحجب.
 فقد جاء ‌فى‌ الحديث عن الامام جعفر الصادق (ع) قال: قال رسول الله (ص): «اربعه ‌لا‌ ترد لهم دعوه حتى تفتح لهم ابواب السماء ‌و‌ تصير الى العرش: الوالد لولده، ‌و‌ المظلوم على ‌من‌ ظلمه، ‌و‌ المعتمر حتى يرجع، ‌و‌ الصائم حتى يفطر...»، ‌و‌ ‌فى‌ روايه اخرى عنه (ع) قال: كان ابى يقول: «خمس دعوات ‌لا‌ تحجبن عن الرب تبارك ‌و‌ تعالى: دعوه الامام المقسط، ‌و‌ دعوه المظلوم، يقول الله ‌عز‌ ‌و‌ جل: لانتقمن لك ‌و‌ لو بعد حين، ‌و‌ دعوه الولد الصالح لوالديه، ‌و‌ دعوه الوالد الصالح لولده، ‌و‌ دعوه المومن لاخيه بظهر الغيب فيقول: ‌و‌ لك مثله».
 
 مفاهيم الدعاء:
 
 إو قد جاء هذا الدعاء كوثيقه فكريه اسلاميه ‌فى‌ التصور الاسلامى للتطلعات الروحيه التى يتطلع فيها الوالدان الى ‌ما‌ يحبانه لولدهما ‌فى‌ روحه ‌و‌ جسده ‌و‌ حياته، ‌فى‌ استقامه خطه ‌فى‌ طاعه ربه، ‌و‌ سلامه عقله ‌و‌ تفكيره ‌و‌ جسمه ‌و‌ جميع اموره، كما نلاحظ ذلك ‌فى‌ الفصل الاول ‌من‌ الدعاء.
 اما ‌فى‌ الفصل الثانى منه، فهناك التطلعات المتصله بما يامله الوالدان ‌من‌ النتائج الطيبه ‌فى‌ علاقه ولدهما بهما ‌فى‌ القوه ‌و‌ الرعايه ‌و‌ العون ‌و‌ المحبه ‌و‌ الحنان ‌و‌ العاطفه ‌و‌ الطاعه ‌و‌ البر ‌و‌ الاحسان، ‌و‌ الابتهال لله ‌فى‌ العون على تربيتهم ‌و‌ تاديبهم ‌و‌ برهم.
 ‌و‌ ‌فى‌ الفصل الثالث، ينطلق الابوان، ‌فى‌ لهفه ‌و‌ خوف ‌من‌ الشيطان الرجيم الذى يعمل على اضلالهما ‌و‌ اضلال ذريتهما، فيستعيذان بالله منه، ‌و‌ يفيضان بالدعاء، ‌فى‌ الحديث عن مشاريعه الاضلاليه، ‌و‌ عن خطواته الشيطانيه ‌فى‌ وساوسه ‌و‌ تهاويله ‌و‌ ايحاءاته، ‌و‌ يستعينان بسلطان الله على سلطانه، ‌و‌ يوكدان على ‌ان‌ كثره الدعاء لله تودى الى حبسه عنهما ‌و‌ عن ذريتهما، ‌و‌ عصمتهما ‌من‌ كل كيده ‌و‌ مكره، لان الله يستجيب لعباده دعاءهم.
 ‌و‌ ‌فى‌ الفصل الرابع، يستغرق الدعاء ‌فى‌ الاجواء المتنوعه العامه ‌و‌ الخاصه للداعى ‌فى‌ كل ‌ما‌ يهمه ‌و‌ يثقل عليه امره ‌من‌ قضايا حياته الايمانيه ‌و‌ العمليه ‌و‌ ‌من‌ حاجاته المتصله بكل اوضاعه، ‌و‌ تتوسع آفاقه فلا يقف بالمساله عند حدود ذاته ‌فى‌ دعائه، بل يمتد ‌فى‌ ابتهالاته لربه ليطلب مثل ذلك لجميع المسلمين ‌و‌ المسلمات ‌و‌ المومنين ‌و‌ المومنات، لينفتح ‌فى‌ روحيته الايمانيه على الواقع الاسلامى كله، فلا يستغرق ‌فى‌ ذاته ‌و‌ ‌لا‌ يغيب ‌فى‌ خصوصياته ليتحول الى انسان عام ‌فى‌ روحيته بدلا ‌من‌ الانسان الخاص ‌فى‌ ذاتياته.
 اللهم ‌و‌ ‌من‌ على ببقاء ولدى، ‌و‌ باصلاحهم لى، ‌و‌ بامتاعى بهم.
 الهى امدد لى ‌فى‌ اعمارهم، ‌و‌ ‌زد‌ لى ‌فى‌ آجالهم، ‌و‌ رب لى صغيرهم، ‌و‌ قو لى ضعيفهم، ‌و‌ اصح لى ابدانهم ‌و‌ اديانهم ‌و‌ اخلاقهم، ‌و‌ عافهم ‌فى‌ انفسهم، ‌و‌ ‌فى‌ جوارحهم، ‌و‌ ‌فى‌ كل ‌ما‌ عنيت ‌به‌ ‌من‌ امرهم، ‌و‌ ادرر لى ‌و‌ على يدى ارزاقهم، ‌و‌ اجعلهم ابرارا اتقياء بصراء سامعين مطيعين لك ‌و‌ لاوليائك محبين مناصحين، ‌و‌ لجميع اعدائك معاندين ‌و‌ مبغضين.
 منهم حدث، ‌او‌ اصابته مصيبه، ‌او‌ ابتلى ببلاء، ‌و‌ هكذا كان دعائى لهم دعاء لنفسى.
 اللهم ‌من‌ على ببقائهم، ‌ما‌ دمت ‌فى‌ الحياه الى المدى الذى تشاء، ‌و‌ اصلحهم لى، ‌فى‌ برهم ‌بى‌ ‌و‌ طاعتهم لى ‌فى‌ ‌خط‌ طاعتهم لك، ‌و‌ اجعل الصلاح نورا ‌فى‌ عقولهم، ‌و‌ خفقه ‌فى‌ قلوبهم، ‌و‌ حركه ‌فى‌ خطواتهم، ‌و‌ غايه ‌فى‌ تطلعاتهم، فاكون ممن اصلحت له ‌فى‌ ذريته، ‌و‌ امتعنى بهم حتى استمتع بوجودهم ‌و‌ نموهم ‌و‌ نجاحهم ‌فى‌ الحياه، فتقر بذلك عينى ‌و‌ تطمئن له نفسى.
اللهم انى ابتهل اليك ‌ان‌ تمنحهم العمر المديد، ‌و‌ الاجل الطويل، حتى تستمر بهم الحياه ‌فى‌ امتدادها ‌فى‌ الزمن بما تشاء ‌و‌ كيف تشاء بالخير ‌و‌ البركه، ‌و‌ افتح لى ابواب العون على تربيه صغيرهم تربيه تكبر بها عقولهم، ‌و‌ تنمو بها طاقاتهم، ‌و‌ تتحرك فيها خطواتهم نحو الحق ‌و‌ الخير ‌و‌ العدل ‌فى‌ مواقع رضاك، ليرتفع بهم مستوى الحياه، ‌و‌ تنفتح ‌من‌ خلالهم على البركات.
 وهب لضعيفهم القوه ‌من‌ قوتك، ‌و‌ ارزقهم الصحه ‌فى‌ ابدانهم ‌و‌ اديانهم ‌و‌ اخلاقهم، فلا يصابون بالضعف ‌فى‌ الجسد ‌او‌ بالمرض ‌فى‌ العقل ‌و‌ القلب ‌او‌ بالانحراف ‌فى‌ الاخلاق، ‌او‌ بالانحطاط ‌فى‌ الدين، ‌و‌ ارزقهم العافيه ‌فى‌ ابدانهم، ‌و‌ ‌فى‌ كل عضو ‌من‌ اعضائهم، حتى تكون العافيه شامله وافيه ‌من‌ كل وجودهم، ‌و‌ ‌فى‌ كل اهتماماتى ‌و‌ شواغلى ‌فى‌ امورهم العامه ‌و‌ الخاصه ‌من‌ شوون الدنيا ‌و‌ الاخره، حتى اكون ‌فى‌ راحه نفسيه ‌و‌ جسديه ‌فى‌ ذلك كله.
 اللهم اجعل رزقهم دارا متجددا واسعا كثيرا، ‌من‌ خلال رزقك الذى تفيض ‌به‌ على، حتى اقوم بمسووليتى تجاههم ‌فى‌ ‌ما‌ حملتنى ‌من‌ المسووليه ‌فى‌ ولدى ‌و‌ اهلى، فلا يفتقرون عندى، ‌و‌ ‌لا‌ يجوعون ‌او‌ يظماون ‌او‌ يعرون ‌فى‌ رعايتى، فاكون الاب الذى يرعاهم ‌من‌ خلال ‌ما‌ تدره على يديه ‌من‌ رزقهم الذى فرضته لهم، فيزدادون محبه لى ‌و‌ برا بى، ‌و‌ طاعه لى، كما ازداد لك شكرا.
 
يا رب، اجعلهم ‌من‌ الابرار الذين يعيشون البر ‌فى‌ طاعتك ‌فى‌ ‌ما‌ كلفتهم ‌من‌ عبادتك، ‌و‌ البر ‌فى‌ خلقك ‌فى‌ ‌ما‌ حملتهم ‌من‌ مسووليه ذلك، ‌و‌ البر بوالديهم ‌فى‌ ‌حق‌ الوالدين على الولد، ‌و‌ اجعلهم ‌من‌ الاتقياء الذين يراقبونك ‌فى‌ السر ‌و‌ العلن، ‌و‌ يحسبون حساب رضاك ‌و‌ غضبك ‌فى‌ كل امورهم، فيقفون عند حدود امرك ‌و‌ نهيك، فلا يتجاوزونها الى معصيتك، وهب لهم البصر النافذ ‌فى‌ الامور ليكونوا البصراء ‌فى‌ كل ‌ما‌ يحيط بهم ‌من‌ اوضاع، ‌و‌ ‌ما‌ يتصل بهم ‌من‌ مسووليات، ‌و‌ ‌ما‌ يتطلعون اليه ‌من‌ مواقف، ‌و‌ اعطهم السمع الواعى المنفتح على الحق، الذى يصغى الى الكلمه الحقه الناصحه الراشده، ليعملوا بها ‌و‌ يسيروا عليها ‌فى‌ ‌خط‌ الله ‌و‌ رسوله، ‌و‌ اجعلهم ‌من‌ المطيعين لك المذعنين لحكمك، ‌و‌ ‌من‌ المحبين الناصحين لاوليائك ‌فى‌ الراى ‌و‌ النصره ‌و‌ الموقف، ‌من‌ موقع الاخلاص لك ‌و‌ النصح لعبادك المومنين، اللهم استجب لى ذلك كله حتى انعم بمحبتك ‌فى‌ اجابه الدعاء.
اللهم اعنى على تربيتهم:
 
 اللهم اجعل منهم قوه لى ‌فى‌ حاجتى الى القوه ‌و‌ الاستعانه بالاخرين، فاواجه بمساعدتهم صعوبات الحياه ‌و‌ اخطارها، ‌و‌ تحديات الاعداء ‌و‌ عدوانهم، ‌و‌ اقم بهم اعوجاج حياتى ‌و‌ اختلالها ‌و‌ ابتعادها عن ‌خط‌ التوازن، ‌و‌ اجعلهم وسيله لاصلاح حالى ‌فى‌ الحياه عندما تسوء الامور ‌فى‌ اوضاعى العامه ‌و‌ الخاصه، لانهم قد يمثلون العنصر الحى ‌فى‌ اكمال ‌ما‌ نقص، ‌و‌ اصلاح ‌ما‌ فسد، عندما ينفتحون على روح الخير ‌و‌ القوه ‌و‌ النجاح، ‌و‌ اجعلنى كثيرا بهم، ‌و‌ اجعلهم ممن يتحلون بالكمالات ‌و‌ الفضائل، ليكونوا زينه لى ‌فى‌ محضرى، ‌و‌ امتدادا لى ‌فى‌ الحياه ‌من‌ بعدى، فيحيا بهم ذكرى ‌فى‌ احساس الناس ‌من‌ خلالهم بانتمائهم لى ‌فى‌ ‌ما‌ يذكر ‌به‌ الناس الاباء بصلاح الابناء، فلا اموت ‌فى‌ الموت بل احيا بهم ‌فى‌ ذكرى الحياه، ‌و‌ اكفنى بهم ‌فى‌ غيابى فيقومون مقامى، فلا يشعر الناس بغيابى عنهم عندما يجدون ابنائى بينهم لانهم يتحركون ‌فى‌ ‌ما‌ اتحرك به، ‌و‌ يتحملون المسووليه ‌فى‌ ‌ما‌ احمله ‌من‌ المسووليه العامه ‌و‌ الخاصه، ‌و‌ اجعلهم عونا لى ‌فى‌ قضاء حوائجى ‌فى‌ ‌ما‌ يقدمونه لى ‌من‌ مساعده ‌و‌ اهتمام ‌و‌ انفتاح على كل ‌ما‌ يتصل بها ‌من‌ قريب ‌او‌ بعيد.
 ‌يا‌ رب، لقد رزقتنى اولادى لتكمل حياتى بهم، ‌و‌ لتنفتح آفاقى ‌من‌ خلالهم، فاجد لديهم الحب ‌و‌ العطف ‌و‌ الاقبال على ‌و‌ الاستقامه ‌و‌ الطاعه، فلا يعصوننى ‌فى‌ امر، ‌و‌ ‌لا‌ يبادروننى بالعقوق، ‌و‌ ‌لا‌ يخالفوننى ‌فى‌ خط، ‌و‌ ‌لا‌ يتحركون ‌فى‌ خطيئه، فهب لى ذلك منهم ‌فى‌ ‌ما‌ تلهمهم ‌من‌ الخير ‌و‌ البر ‌و‌ التوازن ‌فى‌ علاقتهم الروحيه ‌و‌ العمليه بى.
و وفقنى للاحسان ‌فى‌ تربيتهم ‌و‌ تاديبهم ‌و‌ برهم على افضل ‌ما‌ تكون التربيه ‌و‌ الادب ‌و‌ البر ‌فى‌ الشكل ‌و‌ المضمون ‌و‌ المنهج ‌و‌ الوعى ‌و‌ الحركه، وهب لى معهم اولادا ذكورا استعين بهم على مواجهه مشاكل الحياه ‌و‌ صعابها، لان الاولاد الذكور قد يكونون ‌فى‌ مستوى القوه الكبيره ‌فى‌ حريه الحركه، ‌و‌ صلابه الموقع، ‌و‌ انفتاح التجربه، ‌من‌ خلال التربيه ‌و‌ المعاناه ‌و‌ الظروف المتحركه ‌فى‌ اكثر ‌من‌ جانب ‌فى‌ واقع الانسان.
 ‌و‌ ليست المساله انتقاصا ‌من‌ شان البنت ‌فى‌ الذهنيه الجاهليه التى تثير العقده، ‌و‌ تثقل الروح، ‌و‌ ترهق الاحساس، ‌و‌ توحى بالعار ‌و‌ الخجل، فقد جعلت للانثى دورا تتكامل فيه مع الذكر ‌فى‌ حركه الحياه، فلا معنى للعقده ‌فى‌ ‌ما‌ قدرت، ‌و‌ ‌لا‌ معنى للحزن ‌فى‌ ‌ما‌ دبرت، ‌و‌ ليس العار ‌فى‌ طبيعه التنوع الانسانى ‌فى‌ الانوثه ‌و‌ الذكوره، بل ‌هو‌ ‌فى‌ الانحراف الانسانى عن الخط المستقيم.
 اللهم اجعل ذلك خيرا لى ‌فى‌ طبيعته ‌و‌ ‌فى‌ تفاصيله، ‌و‌ اجعلهم عونا لى على كل ‌ما‌ سالتك ‌من‌ الخير ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ الاخره.
 ‌و‌ اذا كان هذا الدعاء الصادر ‌من‌ امام ‌من‌ ائمه الحق، ممثلا للخط الاسلامى ‌فى‌ تصور الانسان المومن لقضيه الولد ‌فى‌ حياته، فنلاحظ ‌ان‌ هذا الانسان يهتم ببقائهم ‌و‌ طول عمرهم ‌و‌ تربيتهم ‌و‌ قوتهم ‌و‌ صحتهم ‌فى‌ ابدانهم ‌و‌ اديانهم ‌و‌ اخلاقهم، ‌و‌ ارزاقهم ‌و‌ صلاحهم ‌فى‌ ‌خط‌ البر ‌و‌ التقوى ‌و‌ الطاعه لله ‌و‌ المحبه لاوليائه ‌و‌ العداوه لاعدائه.
 ‌و‌ تنطلق الرغبه الذاتيه ليفكر الانسان بان يكونوا قوه له، ‌و‌ استقامه لامره، ‌و‌ تكثيرا لعدده، ‌و‌ زينه لمحضره، ‌و‌ احياء لذكره، ‌و‌ كفايه ‌فى‌ غيبته، ‌و‌ عونا على حاجته، ‌و‌ يكونوا محبين له، مقبلين عليه، مستقيمين على الخط، مطيعين له، بعيدين عن العصيان ‌و‌ العقوق ‌و‌ الخطاء ‌و‌ الخطيئه.
 ‌و‌ هذا ‌ما‌ يوحى بان المساله الذاتيه ليست بعيده عن تطلعات الانسان المسلم ‌فى‌ حاجاته ‌و‌ علاقته ‌فى‌ الحياه، لان الله يريد له ‌ان‌ يعيش حياته الطبيعيه ‌فى‌ رغباته، ‌و‌ لكن ‌من‌ دون الاساءه الى الاهداف الكبرى ‌فى‌ ‌خط‌ ايمانه ‌و‌ ‌فى‌ حركه اسلامه، لتكون الدار الاخره هى غايه الغايات التى تلتقى بكل مفردات الحياه ‌و‌ اوضاعها العامه ‌و‌ الخاصه.
اللهم اعذنى ‌و‌ ذريتى ‌من‌ الشيطان الرجيم:
 
 ‌يا‌ رب، ‌و‌ تبقى مشكله الشيطان المشكله الكبرى ‌فى‌ حياتنا ‌و‌ حياه اهلنا ‌و‌ اولادنا ‌و‌ كل الناس ‌من‌ حولنا، لانه المخلوق الذى يلتهب حقدا على بنى آدم كلما انطلقت ذكرياته نارا ‌فى‌ اللحظه الاولى التى سقط فيها ‌من‌ عليائه ‌فى‌ حاله الرفض الاستكبارى لتنفيذ الامر الذى وجهته اليه بالسجود لك تحيه لادم، فقال: (انا خير منه خلقتنى ‌من‌ نار ‌و‌ خلقته ‌من‌ طين)(الاعراف: 12).
 ‌و‌ عندما استمهلك الى يوم الوقت المعلوم امهلته، انطلاقا ‌من‌ حكمتك التى اردت ‌من‌ خلالها ‌ان‌ تدفع الانسان الى ساحه الصراع بين عقله الذى قويته بالوحى ‌فى‌ رسالاتك، ‌و‌ بين غريزته التى تثيرها وساوس الشيطان بين حين ‌و‌ آخر، ليختار الهدى ‌من‌ موقع وعيه ‌و‌ ارادته ‌و‌ حركه حياته، ‌و‌ ليكون ضلاله ‌من‌ خلال سوء اختياره، لانك لم تقهر ارادته ‌من‌ خلال قوه شيطانه، فليس له دور الا الوسوسه ‌و‌ التزيين ‌و‌ التهويل.
 ‌و‌ قد وقف بوقاحه، ليهدد ‌و‌ يتوعد عبادك ‌ان‌ يقعد لهم صراطك المستقيم، ‌و‌ ياتيهم ‌من‌ بين ايديهم ‌و‌ ‌من‌ خلفهم فلا تجد اكثرهم شاكرين، ‌و‌ لكنك انذرته بان عبادك ليس له عليهم سلطان الا ‌من‌ اتبعه بسوء اختياره. ‌و‌ هكذا انطلقت مسيره الانسان مع الشيطان الذى يعدهم ‌و‌ يمنيهم ‌و‌ ‌ما‌ يعدهم الا غرورا، ‌و‌ اضل الكثيرين ‌من‌ عبادك فانحرفوا عن توحيدك ‌و‌ عبادتك ‌و‌ طاعتك، ‌و‌ ‌لا‌ نزال نواجه وساوسه ‌و‌ تهاويله ‌و‌ ضغوطه ‌و‌ دسائسه ‌و‌ مكره ‌و‌ حيله، لنبقى ‌فى‌ ساحه الصراع ‌فى‌ حركه جهاد متحرك الجوانب متعدد الابعاد، حتى ننتصر عليه بقوه الايمان المنفتحه على عناصر الثبات ‌من‌ خلال قوتك ‌و‌ لطفك.
 اللهم انا نستعيذ بك ‌من‌ الشيطان الرجيم، لتعيذنا ‌و‌ ذريتنا منه، حتى ‌لا‌ نسقط ‌فى‌ حبائله ‌و‌ ‌لا‌ ننخدع بخداعه، لننطلق ‌فى‌ مواقع المسووليه للقيام لك ‌فى‌ حركه الطاعه لما امرتنا مما يصلح ‌به‌ امرنا، ‌و‌ لما نهيتنا عما يفسد حياتنا، لنحصل على ثوابك الذى وعدت ‌به‌ عبادك الطائعين، ‌و‌ نبتعد عن عقابك الذى توعدت ‌به‌ العاصين، ‌و‌ ننتصر بارادتنا الايمانيه على هذا العدو الحقود الذى سلطته علينا بالوسائل الخفيه التى ينفذ فيها الى العمق العميق ‌من‌ كياننا ‌من‌ دون ‌ان‌ تسلطنا عليه بما يماثل ذلك، فنحن ‌لا‌ نعرف شيئا عن ذاته ‌فى‌ حقيقه خصائصه ‌و‌ اسراره، ‌فى‌ الوقت الذى يملك فيه المعرفه الواسعه الشامله عنا ‌فى‌ كل خلجات مشاعرنا، ‌و‌ نبضات قلوبنا، ‌و‌ حركه عقولنا، ‌و‌ شهوات غرائزنا، ‌و‌ نزوات نوازعنا، ‌و‌ خطوات اعمالنا ‌و‌ اقوالنا ‌و‌ علاقتنا ‌فى‌ مواقفنا ‌و‌ مواقعنا العامه ‌و‌ الخاصه، فقد اسكنته صدورنا ليوسوس فيها ‌ما‌ شاء ‌من‌ وساوس الافكار ‌و‌ المشاعر، ‌و‌ اجريته مجارى دمائنا لينثر فيها بذور الشهوات الجامحه، ‌و‌ ليثير فيها النيران الهائجه، فنشعر بالحريق الذى يتاجج ‌فى‌ داخلنا كما لو كنا ‌فى‌ داخل المحرقه، فتتوتر بذلك اعصابنا، ‌و‌ تلتهب مشاعرنا، حتى نفقد استقرار الطمانينه الروحيه ‌و‌ الفكريه ‌فى‌ كياننا.
 ‌و‌ هكذا يبقى ‌فى‌ عمليه اثاره دائمه ‌فى‌ يقظه مستمره، فلا يغفل عن دوره ‌فى‌ اثارتنا نحو الضلال ‌ان‌ غفلنا عن مسووليتنا ‌فى‌ الاحتراس ‌من‌ كيده ‌و‌ مكره ‌و‌ وسوسته ‌و‌ تثبيطه، ‌و‌ ‌لا‌ ينسى كل مهمته ‌فى‌ اضلالنا ‌و‌ ابعادنا عن مواقع طاعتك اذا نسينا وجوده، ‌و‌ نسينا الله، ‌و‌ نسينا انفسنا ‌من‌ خلال ذلك، فيعمل على ‌ان‌ يثير ‌فى‌ نفوسنا الامن ‌من‌ عقابك، لنستهين بوعيدك، ‌و‌ نتهجم على حدودك، ‌و‌ يحرك فينا الخوف ‌من‌ عبادك الذين ‌لا‌ يملكون لانفسهم ‌و‌ ‌لا‌ لاحد ضرا ‌و‌ ‌لا‌ نفعا الا باذنك ‌و‌ ارادتك، فيبعدنا بذلك عن معرفه حقيقه الامور بالاشتغال بظواهرها، ‌و‌ يشغلنا عن عواقب القضايا باللهو ‌فى‌ بداياتها، فنستغرق ‌فى‌ ذاتيات ‌ما‌ حولنا ‌و‌ خصوصيات ‌من‌ حولنا عن الاستغراق ‌فى‌ عظمتك ‌و‌ قدرتك ‌و‌ حكمتك ‌و‌ تدبيرك، مما لو استغرقنا فيه، لعرفنا كيف نحصل على سعاده الدنيا ‌و‌ الاخره ‌من‌ اقرب طريق، لان الارتباط بالله يمثل الارتباط بالقوه العليا التى تمنحنا ‌سر‌ الحياه ‌و‌ روح الحركه ‌فى‌ كل مفرداتها ‌و‌ موجوداتها ‌و‌ قضاياها الكبيره ‌و‌ الصغيره، ‌و‌ حيويه الهدى ‌فى‌ كل الدروب التى نسير فيها ‌و‌ ننطلق منها الى الغايات الكبرى ‌فى‌ الحياه، فنتخلص بذلك ‌من‌ وساوس الشيطان ‌و‌ احابيله ‌و‌ امانيه ‌و‌ خدعه ‌و‌ غروره، عندما يتحرك ليشجعنا على الفاحشه اذا خطرت لنا افكارها، ‌و‌ تحركت فينا احاسيسها، ‌و‌ ليبعدنا عن العمل الصالح اذا انطلقت اهتماماتنا ‌فى‌ اتجاه الاقبال عليه، ‌و‌ الانفتاح فيه، فيزين لنا الفاحشه ‌من‌ خلال زخارفها، ‌و‌ يقبح لنا الطاعه ‌من‌ خلال تهاويلها ‌و‌ متاعبها، ‌و‌ يقف بنا ‌فى‌ الطريق ليقدم لنا الشهوات ‌و‌ يحرك فينا مشاعرها ‌و‌ غرائزها، ‌و‌ ينصب لنا الشبهات التى تثير الضباب امام الفكر، ‌و‌ التيه امام الحركه، فيشير علينا باتباعها ‌و‌ الاستغراق ‌فى‌ مشاكلها، ‌و‌ يدفع لنا بالوعود التى تجتذب المطامع ‌و‌ المطامح، حتى اذا انفتحنا عليها كذبنا، ‌و‌ ينطلق نحو الامانى التى تصنع الاحلام ‌فى‌ ‌و‌ عينا الشعورى فتقودنا نحو المجهول ‌فى‌ ‌ما‌ يريد ‌ان‌ يحركنا نحوه، حتى اذا اردنا ‌ان‌ نبلغ غايتها اخلفنا ‌و‌ دفع بنا بعيدا عن الخط المستقيم.
 ‌و‌ نحن هنا- ‌يا‌ رب- متعلقون بك، راجعون اليك، منفتحون عليك، لنستعين بك عليه عندما يستضعفنا، ‌و‌ نستعيذ بك منه عندما يلاحقنا، فان لم تصرف عنا كيده، ‌و‌ تبعد عنا مكره، فانه يضلنا ‌و‌ يبعدنا عن طريق هداك، ‌و‌ ‌ان‌ لم تقنا ‌و‌ تحفظنا ‌من‌ فساده، فانه يدفعنا الى الزلل ‌و‌ يقودنا الى الهلاك.
 اننا ‌لا‌ نريد ‌ان‌ نتخفف ‌من‌ مسووليتنا ‌فى‌ بذل الجهد، ‌و‌ ‌فى‌ مواجهه كيده ‌و‌ فساده مما اوجبته علينا ‌من‌ التكاليف المتنوعه ‌فى‌ السير على ‌خط‌ رضاك، ‌و‌ لكننا نفزع اليك لنشهدك اننا ‌لا‌ نتصور لنا حولا الا ‌من‌ خلال حولك، ‌و‌ ‌لا‌ قوه الا ‌من‌ خلال قوتك، فمنك المدد، ‌و‌ بك الاستعانه، ‌و‌ انت الملاذ. اللهم فاقهر سلطانه المتمثل بكل مواقع قوته ‌فى‌ ذاته ‌و‌ ‌فى‌ خيله ‌و‌ رجله، بسلطانك الذى علا كل شى ء فلا سلطان فوقه ‌او‌ معه، حتى تحاصره ‌من‌ بين يديه ‌و‌ ‌من‌ خلفه ‌و‌ عن يمينه ‌و‌ عن شماله ‌و‌ ‌من‌ جميع مواقعه، ‌و‌ توفقنا للبقاء ‌فى‌ انفتاحنا عليك بكثره الدعاء لك، لنرجع اليك ‌فى‌ ابتهالاتنا ‌فى‌ كل امورنا، ‌و‌ لنعتصم بك ‌من‌ كل سوء، فنكون ‌من‌ المعصومين ‌من‌ كيده ‌و‌ كيد غيره بك ‌يا‌ ارحم الراحمين.
اللهم امنن على بما يصلح دنياى ‌و‌ آخرتى:
 
 ‌يا‌ رب، ‌ها‌ انا عبدك بين يديك المنقطع اليك بكل حاجاتى ‌و‌ رغباتى ‌و‌ تطلعاتى، لانك- وحدك- الذى تملك العطاء كله ‌من‌ حيث تملك الوجود كله، اقدم اليك طلباتى، فاعطنى اياها، ‌و‌ اتوجه اليك بحاجاتى فاقضها لى، ‌و‌ ‌لا‌ تجعل بينى ‌و‌ بينك حاجزا ‌من‌ ذنوبى فيحبس دعائى عن الاجابه، فان رحمتك تحطم كل الحواجز التى تحول بين عبادك ‌و‌ بينك، فقد امرتنى بالدعاء ‌و‌ ضمنت لى الاجابه، كما قلت ‌فى‌ كتابك المجيد: (و قال ربكم ادعونى استجب لكم ‌ان‌ الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرين)(غافر: 60). فهل تحرمنى اجابه دعائى ‌فى‌ طلباتى ‌و‌ حاجاتى اذا دعوتك؟ اللهم انك تعرف ‌من‌ نفسى اننى اتطلع الى الكمال ‌و‌ السعاده ‌فى‌ الحياه، فلا اريد لها ‌ان‌ تتقلب ‌فى‌ الاوضاع التى تفسد اعمالها ‌و‌ علاقاتها ‌و‌ مشاريعها، ‌و‌ تخضع للاجواء التى تترك تاثيراتها السلبيه على وجودها ‌و‌ تودى الى هلاكها ‌فى‌ مصيرها، ‌و‌ تفسد عليها امر الدنيا ‌و‌ الاخره، بل اريد بدلا ‌من‌ ذلك ‌ان‌ تصلح امرى ‌فى‌ دنياى ‌و‌ آخرتى، ‌فى‌ كل القضايا المنفتحه على مسوولياتى، مما ذكرته ‌او‌ نسيته، ‌او‌ اظهرته ‌او‌ اخفيته، ‌فى‌ ‌ما‌ يسر ‌به‌ الانسان ‌من‌ اموره الخفيه، اللهم امنن على بذلك كله.
اللهم اجعلنى ‌من‌ المصلحين الذين يعيشون الصلاح فكره ‌فى‌ العقل، ‌و‌ نبضه ‌فى‌ القلب، ‌و‌ خفقه ‌فى‌ الشعور، ‌و‌ برنامجا ‌فى‌ الخط، ‌و‌ حركه ‌فى‌ الواقع، لتكون حياتى صلاحا كلها، ‌و‌ ذلك بسبب سئوالى اياك ‌و‌ رغبتى اليك، ‌و‌ استجابتك لى فيه.
 ‌و‌ اجعلنى ‌من‌ الذين يحققون لانفسهم النجاح، فيظفرون بطلباتهم ‌فى‌ شوونهم العامه ‌و‌ الخاصه ‌من‌ خلال الطلب اليك الذى تحققه لهم، ‌و‌ ‌لا‌ تجعلنى ‌من‌ الممنوعين عنك، الذين تبعدهم عن اقبالك عليهم، فقد توكلت عليك ‌و‌ انقطعت اليك، ‌و‌ عشت الياس عما ‌فى‌ ايدى الناس طلبا لما عندك، ‌و‌ انت الذى تكفى المتوكلين عليك كل موونه، ‌و‌ ترزقهم ‌من‌ حيث ‌لا‌ يحتسبون، ‌و‌ تمنحهم محبتك، و اجعلنى ممن حصل على العصمه ‌من‌ كل سوء بالتعوذ بك، فانك تعيذ ‌من‌ استعاذ بك ‌من‌ كل ‌شر‌ ‌من‌ خلال رحمتك التى تمنحها للمنقطعين اليك ‌فى‌ تعوذهم بك، ‌و‌ اجعلنى ‌من‌ الرابحين ‌فى‌ التجاره معك، فقد اردت لعبادك ‌ان‌ يدخلوا معك ‌فى‌ التجاره، ‌و‌ دللتهم عليها، ‌و‌ حدثتهم عن البيع الرابح الذى يستبشرون به، ‌و‌ دعوتهم الى ‌ان‌ يقرضوك ‌من‌ اموالهم ‌ما‌ رزقتهم اياه، ‌و‌ جعلت الايمان ‌و‌ العمل الصالح ‌و‌ الجهاد ‌فى‌ سبيلك ‌و‌ الانفاق مما يملكونه اساسا للنجاه ‌من‌ العذاب الاليم، ‌و‌ للحصول على نعيم الجنه ‌و‌ الاجر المضاعف، ‌و‌ وعدتهم- بذلك- رضوانك الذى ‌هو‌ الربح الاكبر ‌و‌ الفضل الاعظم. ‌و‌ اجعلنى ممن حفظته ‌من‌ الاسواء ‌و‌ الاعداء، ‌و‌ اجرته ‌من‌ كل كيدهم ‌و‌ مكرهم ‌و‌ مخططاتهم، بقوتك التى ‌لا‌ يقوم لها شى ء، لانها القوه التى ‌لا‌ يغلبها شى ء، ‌و‌ ممن وسعت عليهم ‌فى‌ رزقك الحلال ‌من‌ فضلك الواسع بجودك ‌و‌ كرمك، لاننى ‌لا‌ اريد رزقا استطيبه ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ اخضع ‌من‌ خلال اسبابه ‌و‌ مصارفه للسئوال الصعب ‌فى‌ يوم القيامه، لانى احب ‌ان‌ يكون وجودى ‌فى‌ كل حركته ‌فى‌ ‌خط‌ رضاك.
 هب لى العزه ‌من‌ خلال عزتك، فان العزه لله جميعا، ‌و‌ انت الذى تعز ‌من‌ تشاء
 ‌و‌ تذل ‌من‌ تشاء، ‌و‌ ‌لا‌ تجعل للذل بابا ‌فى‌ حياتى يدخل منه الى ذاتى ليسقطها عن العنفوان الذى انفتح عليه ‌فى‌ آفاق الايمان بك، ‌و‌ امنحنى وعى حركه العزه ‌فى‌ الحياه حتى ‌لا‌ اعيش الطمع ‌فى‌ تطلعاتى، ‌و‌ الانحراف ‌فى‌ خطواتى، ‌و‌ الاهتزاز ‌فى‌ مواقعى، فيقودنى ذلك الى السقوط ‌فى‌ رغبات الاخرين ‌و‌ ‌فى‌ مشاريعهم الذاتيه، فاذل نفسى لهم ‌من‌ خلال ذلك.
 حررنى- ‌يا‌ رب- ‌من‌ الخضوع للظالمين الذين يحركون الظلم ‌فى‌ واقع الناس على اساس القوه التى يملكونها، ‌و‌ السلطه التى يحركونها، ‌و‌ نقاط الضعف المتناثره ‌فى‌ حياه المستضعفين التى يستغلونها، اعطنى القوه لاهزم بها قوتهم، حتى احقق العدل لنفسى ‌و‌ للناس ‌من‌ حولى، ‌و‌ اجرنى ‌من‌ ظلمهم بعد ذلك حتى يدمر عدلك ‌ما‌ يتحركون ‌به‌ ‌من‌ الظلم، ‌و‌ عافنى ‌من‌ البلاء فاكون ‌من‌ المعافين الذى ينطلقون ‌فى‌ حياتهم ‌من‌ موقع انفتاح العافيه على كل امورهم ‌من‌ خلال رحمتك.
 ‌و‌ اغننى ‌من‌ الفقر الذى يثير المشاكل ‌فى‌ حياه الانسان فتدفعه الى بذل ماء وجهه للناس، ‌و‌ اسقاط عزته امام الاغنياء الذين ‌لا‌ يومنون بالعطاء السخى المتحرك ‌من‌ مسووليه الغنى عن الفقراء ‌فى‌ ‌ما‌ كلفه الله ‌من‌ ذلك، فلا ينطلقون ‌فى‌ سلوكهم الاجتماعى العملى ‌من‌ الايمان بكرامه الانسان الفقير ‌فى‌ انسانيته.
 ‌و‌ اعصمنى ‌من‌ الذنوب التى تنزل النقم، ‌و‌ تغير النعم، ‌و‌ تحبس الدعاء، ‌و‌ تنزل البلاء، ‌و‌ ‌من‌ الزلل ‌فى‌ دروب الحياه عن الطريق المستقيم، ‌و‌ ‌من‌ الخطاء ‌فى‌ الفكر عندما ينحرف عن توازنه الفكرى، ‌و‌ ‌فى‌ السلوك عندما تختل اوضاعه عن التركيز ‌فى‌ الموقع الثابت القوى، فان عصمتك لى هى القوه التى تجعلنى ‌فى‌ موقع الاستقامه على دربك ‌فى‌ ‌خط‌ رضاك، ‌من‌ خلال التقوى التى تفتح بها ذاتى على الطاعه الشامله ‌فى‌ امورى كلها، ‌و‌ وفقنى للخير ‌فى‌ عملى، ‌و‌ الرشد ‌فى‌ طريقى، ‌و‌ الصواب ‌فى‌ تفكيرى ‌و‌ حركتى ‌فى‌ الحياه ‌فى‌ ‌خط‌ طاعتك التى تقف ‌بى‌ ‌فى‌ مواقع الخير، ‌و‌ تبعدنى عن مواطن الشر، ‌و‌ تنهج ‌بى‌ سبيل الرشد، ‌و‌ تفتح لى آفاق الصواب، لان الانسان الذى يتحمل مسووليه طاعتك ‌لا‌ ‌بد‌ ‌من‌ ‌ان‌ يتحمل مسووليه ‌ما‌ يلتزمه ‌من‌ فكر، ‌و‌ ‌ما‌ يتحرك ‌به‌ ‌من‌ درب، ‌و‌ ‌ما‌ ينهجه ‌من‌ نهج، ‌و‌ ‌ما‌ ينفتح عليه ‌من‌ عمل ‌فى‌ آفاق الخير. ‌و‌ احل بينى ‌و‌ بين الذنوب عندما تتحفز غرائزى ‌و‌ نوازعى ‌و‌ نفسى الاماره بالسوء الى السير ‌فى‌ دروب الخطيئه، لتتدخل قدرتك فتضغط على ‌من‌ الداخل ‌و‌ الخارج، فتجمد ارادتى عن الحركه ‌فى‌ اتجاه المعصيه، لاكون التارك لمعصيتك، السائر اليك، القريب منك، الساكن غدا ‌فى‌ جوارك ‌و‌ ‌فى‌ اجواء نعمتك ‌و‌ رضوانك ‌يا‌ رب العالمين.

 اللهم اعطنا ‌و‌ جميع المومنين ‌و‌ المومنات:
 
-‌يا‌ رب- اننا نختصر كل ‌ما‌ سالناك لنتوجه اليك، ‌ان‌ تمنحنا توفيقك ‌و‌ رحمتك، لتستجيب لنا كل ذلك، فتوفقنا للخير كله، ‌و‌ للطاعه كلها، ‌و‌ للنجاح كله ‌فى‌ جميع الامور، ‌و‌ للنجاه ‌من‌ عذاب السعير، ‌و‌ ترحمنا بفيوضات الرحمه التى تهمى علينا بردا ‌و‌ سلاما، ‌و‌ لن اكون انانيا ‌فى‌ دعائى لك، فلا افكر بنفسى ‌فى‌ ‌ما‌ افكر ‌به‌ ‌من‌ الخير ‌و‌ النجاح ‌و‌ النجاه ‌من‌ الهلاك ‌فى‌ النار، بل افكر بجميع المومنين ‌و‌ المومنات ‌و‌ المسلمين ‌و‌ المسلمات بمثل ‌ما‌ سالتك لنفسى ‌و‌ لولدى ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ الاخره، فاعطهم ‌ما‌ تعطينى، ‌و‌ ارزق اولادهم ‌ما‌ ترزق اولادى، حتى ننعم جميعا بلطفك ‌و‌ رحمتك، انك القريب لعبادك المجيب للدعاء، السميع لما يطلبون ‌و‌ يشكون، العليم بما يضمرون ‌و‌ يريدون، العفو عن ذنوبهم، الغفور لخطاياهم، الرووف بهم، الرحيم ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ الاخره.
 
و ‌فى‌ الختام الذى يختصر الدعاء كله، ‌و‌ الحياه كلها:
 ربنا آتنا ‌فى‌ الدنيا حسنه، لتكون دنيانا كلها حسنات ‌فى‌ كل اوضاعها ‌و‌ شوونها، ‌و‌ آتنا ‌فى‌ الاخره حسنه، لتكون آخرتنا كلها حسنات ‌فى‌ كل نعيمها ‌و‌ رضوانها، ‌و‌ قنا عذاب النار، فانك الرب العظيم الذى ‌لا‌ يتعاظمه غفران الذنب العظيم.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

دعاوه فى الصلاه على حمله العرش و كل ملك مقرب
دعاوه فى الالحاح على الله تعالى
دعاوه فى یوم الاضحى و یوم الجمعه
دعاوه اذا استقال من ذنوبه
دعاء دخول شهر رمضان
دعاوه عند الصباح و المساء
دعاوه فى طلب العفو و الرحمه
دعاوه لنفسه و اهل ولایته
و كان من دعائه (علیه السلام) بعد الفراغ من صلاه ...
دعاوه عند الشده و الجهد و تعسر الامور

بیشترین بازدید این مجموعه


 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^