دعاوه لاهل الثغور
من هم اهل الثغور؟
للجهاد- الذى هو فريضه اسلاميه واجبه على المسلمين بشروطها الخاصه- مستلزماته العمليه فى خط المواجهه، فى الاعداد و التهيئه و مراقبه الظروف السياسيه و الامنيه و الاقتصاديه و العسكريه المحيطه بالساحه، التى يتحرك فيها الصراع بين المسلمين و الكافرين و المستكبرين، و من بين هذه المستلزمات الضروريه المرابطه على الحدود الفاصله بين المسلمين و بين اعدائهم، و التى يمكن ان ينفذ العدو منها الى المسلمين فى الداخل، الامر الذى يفرض وجود قوه كافيه للمراقبه و المرابطه، حتى يتعرفوا خطط الاعداء، و يرصدوا تحركاتهم، و يواجهوا عدوانهم، ريثما ياتى المدد القادم من جيش المسلمين فى الداخل.
و يطلق على افراد هذه القوه اهل الثغور، و هم المسلمون المرابطون بها، الملازمون لحفظها، سواء كانوا من اهل هذا الموقع او من بلاد اخرى.
الاجواء الفكريه للدعاء:
و هذا الدعاء وثيقه حيه للتصور الاسلامى الذى يحمله الانسان المومن عن الموقف مع المحاربين فى الفكره و التصور، مما يدخل فيه الكثير من المفردات المتصله بالمجاهدين من حيث استغراقهم فى المساله الجهاديه، و ابتعادهم عن كل خصوصياتهم العائليه و الذاتيه، على اساس انفتاحهم على الله فى ثوابه، هذا بالاضافه الى الفكر المضاد تجاه العدو، بتحريك التمنيات و الدعوات فى اسقاطهم نفسيا و عسكريا، بما يحقق الشلل الذاتى و العسكرى و العددى و الجسدى و الاجتماعى و الواقع الطبيعى من حولهم، و يقابل ذلك الايحاء بان مساله الحرب فى الاسلام ليست مساله حركه عدوانيه للسيطره على الناس تحت تاثير العنفوان الذاتى للتسلط و التجبر و التكبر، بل هى مساله وقائيه تاره، و دفاعيه اخرى، و حركيه ثالثه، من اجل ان يكون للاسلام دوره فى حريه الدعوه الى الله بالحكمه و الموعظه الحسنه من دون حاجز او مانع، لان المطلوب هو بسط سلطه الله على الارض من خلال رسالته، ليعرف الناس ربهم عندما تنفتح لهم الفرص الواسعه للمعرفه، و ليومنوا من خلال هذه المعرفه، لتكون المساله اقرب الى ايجاد الظروف الملائمه للاطلاع على الواقع الاسلامى فى الفكر و العمل، مما قد يفتح لهم آفاق التفكير و الحوار بعيدا عن الضغوط التى تفرضها سلطه الكفر عليهم لتمنعهم من المعرفه تاره، و من اتخاذ الموقف الايجابى للانتماء الى الاسلام اخرى.
ان القضيه فى الاسلام فى نظرته الى الواقع، هى ان الشرك مشكله كبرى للانسانيه، و لذلك فلا بد من مواجهتها بكل حزم، لانها تسى ء الى الواقع الانسانى من حيث تاثيرها السلبى على نظرته للكون و للحياه فى قضيه العقيده و السلوك.
و لم تكن القوه العسكريه هى السبيل للمواجهه، بل كان الحوار و الدعوه بالحكمه و الموعظه الحسنه، و لكن الشرك اعلن الحرب على التوحيد و منعه من ممارسه حريته، و اضطهد اتباعه، و عمل على الاجهاز عليه بكل الوسائل حتى ضاقت الارض على المسلمين بما رحبت، و اخرجوا من ديارهم بغير حق الا ان يقولوا ربنا الله، و استضعفوا فى انفسهم و اهلهم و اموالهم، و هذا ما جعل من الحرب الاسلاميه حربا دفاعيه و قائيه كما المحنا الى ذلك.
و قد تضمن الدعاء عنفا شعوريا ضد المشركين من اجل التطلع الى هزيمتهم بمختلف الوسائل الضاغطه التى تحاصرهم من كل جهه، حتى على مستوى مزج مياههم بالوباء و اطعمتهم بالادواء و انزال الخسف و المحل بارضهم، و ابعاد موونتهم عن متناول ايديهم، و اصابتهم بالجوع و المرض، و تعقيم ارحام نسائهم، و تيبيس اصلاب رجالهم، و قطع نسل دوابهم و انعامهم، و منع سمائهم من القطر و ارضهم من الانبات.
و قد يقف بعض الناس امام هذا العنف المدمر فى المساله الشعوريه بانه لا يتناسب مع انسانيه الاسلام الذى لا يريد اثاره الالام فى نفوس الناس، فلا يحب لهم الا الخير و الراحه و النمو و الازدهار، و لكن نظرتنا الى اجواء الدعاء و سياقه تودى بنا الى اكتشاف الجو الذى تتحرك فيه هذه المفردات فى دائره العنف، و هو جو الحرب المنفتح على كل الوسائل التى تمهد للنصر و تهزم العدو، فليست المساله مساله احساس عدوانى ضد هولاء الناس فى ذواتهم، بل هى مساله تطلع فكرى و عملى الى الاجواء التى تمنعهم من العدوان، فتحاصرهم باملاكهم الخاصه، و اوضاعهم المعقده، و تخفف من قوتهم، و تحصد شوكتهم، و تدمر قدرتهم، و تهزم باسهم.
و هكذا نجد ان هذا الدعاء يتحدث عن اشغال المشركين بالمشركين عن تناول اطراف المسلمين، و اخذهم بالنقص عن تنقيصهم، و تثبيطهم بالفرقه عن الاحتشاد عليهم، مما يوحى بان المساله لم تنطلق من عقده بل من شعور حى بالحاجه الى توفير الظروف الصعبه فى ساحاتهم بالدرجه التى تمنعهم من العدوان على المسلمين بتناول اطراف بلادهم و الهجوم عليهم و حشد الجنود عليهم، الامر الذى يجعل القضيه شبيهه باساليب الحرب الحاره فى تدميرها و عنفها و ضغطها على الاعداء، و ذلك فى الدائره المحدوده التى لا بد فيها من اثاره المشاعر، و شد الهمم، و تقويه العزيمه، و حسم الموقف.
نلاحظ فى هذا الدعاء- الى جانب ذلك- حديثا عن المجاهدين من حيث الايحاء بالهدف الاساس من عمليه الجهاد، فهم لا يجاهدون من اجل الحصول على غنيمه ماديه او سيطره عدوانيه، بل يجاهدون ليكون دين الله هو الاعلى، و حزبه هو الاقوى، و حظه هو الاوفى، فالقضيه تتصل بحمايه الانسان من خطوات الشيطان و انفتاحه على الله من اجل ان يكون الدين كله لله، كما هو الامر كله له.
و يتابع الدعاء النفاذ الى الواقع الداخلى للمجاهد بكل الامور التى تشد من عزيمته، و تقوى من موقفه، و تخفف من التاثيرات السلبيه عليه، و تدفعه الى روحيه الجراه و الاقتحام و الشده فى موقع المواجهه، و تفتح له ابواب النصر، و تنطلق به الى و عى الاسلام فى احكامه و سننه، و التسديد فى الحكم على الواقع الذى يتحرك فيه، و البعد عن الرياء و السمعه، و الاستغراق فى الله، ذكرا و حركه و هدفا، حتى لا يخضع للافكار الذاتيه التى تبعده عن الهدف الكبير فى الجهاد فى سبيله، و التحرك نحو العدو بروحيه الانسان الذى يرى عدوه قليلا فى عدده، صغيرا فى شانه، حتى ينطلق اليهم من خلال روحيه القوه الواعيه المتحديه التى تنزل بالعدو الخسائر الكبرى، و تحقق للمسلمين النصر العظيم، لتكون شهاده الشهداء، بعد الوصول الى الغايه من الجهاد فى امن البلاد الاسلاميه من غزو جديد، و فى هزيمه العدو و اضعافه بالدرجه التى لا يفكر معها فى عدوان جديد.
و تنطلق خاتمه الدعاء لتوكد على ضروره وقوف المسلمين جميعا و راء المجاهدين من اخوانهم و ابنائهم، بتعهد عيالهم فى غيبتهم، و تقديم المال و السلاح لهم، و الدعاء لهم بالنصر، و الاهتمام بكل ما يهمهم، و الاستعداد للمشاركه لهم عند حاجتهم الى المدد، حتى اذا قعد ببعضهم الضعف عن الجهاد او الحالات الصعبه التى لا يستطيعون تجاوزها او غير ذلك، فانهم يبقون فى حاله الاستعداد النفسى، و الهم القلبى، و التوتر الشعورى الذى يجعل منهم القوه الشعبيه التى تقدم الدعم الروحى و الشعورى و الامداد المادى، ليكونوا الجبهه الخلفيه المسانده بالفكر و الروح و العمل.
و هناك نقطه مهمه فى ايحاءات هذا الدعاء، و هى الوحده الاسلاميه امام التحديات الكبيره التى تواجه المسلمين جميعا من خلال عدوان الكافرين عليهم ، فلا مجال لاثاره الخلافات المذهبيه فى هذا المجال، اذا كان الفريق الذى يقود المعركه ضد العدو من مذهب يختلف عن مذهبنا، او من فريق يختلف عن فريقنا، من خلال مشكله داخليه او عقده سياسيه او ما الى ذلك، لان المساله ليست مساله المعركه، او اثاره السلبيات ضد الجهه التى تقودها، بل هى مساله انتصار الاسلام على الكفر، باعتبار ان هذه الجهه تمثل الاسلام فى حركته الامنيه او الجهاديه، مما يجعل من سقوطها سقوطا للاسلام كله و للمسلمين كلهم، و من انتصارها انتصارا له و لهم، فتكون المعركه واحده من وجه واحد لهدف واحد، حتى اذا وضعت الحرب او زارها امكن للخلافات و المواقف ان تاخذ دورها فى ساحه الصراع الفكرى و العملى.
و لا يقتصر الامر- فى المصلحه الاسلاميه العليا- على الدائره الجهاديه، بل يمتد الى الدائره السياسيه و الاجتماعيه و الاقتصاديه عندما تنطلق التحديات الكبيره فى مواجهه الواقع الاسلامى فى هذه الدوائر كلها، ليبقى الجميع فى صف واحد فى خط المواجهه للتغلب على الخطر الداهم على الجميع.
و هذا الذى عاشه الامام زين العابدين (ع) الذى كان يدعو لاهل الثغور الذين هم من فريق بنى اميه فى حربهم التى كانوا يخوضونها ضد العدوان الكافر، فلم يتوقف الامام (ع) امام هذا الواقع ليتذكر ما فعله بنواميه بابيه و اخوته و اقربائه و اوليائه فى كربلاء، من الفظائع الوحشيه، و ما فعلوه به و بنساء اهل بيته و اصحاب ابيه من السبى بالطريقه التى لا يصبر عليها الانسان و لا ينسى ذكرها فى حياته كلها، لما لذلك كله من التاثيرات الشعوريه و النفسيه فى هذا الواقع الماساوى الاليم، بل انطلق فى و عيه للمساله ليواجه مساله طبيعه المعركه، فيجد انها معركه الاسلام مع الكفر التى تتوقف على نتائجها قوه الاسلام و حريه المسلمين و عزتهم و كرامتهم و ثبات مواقعهم، لا معركه بنى اميه فى تثبيت سلطانهم و تاكيد سيطرتهم، لتكون الحسابات الخاصه وارده فى هذا الجو، على اساس انهم لا يمثلون- فى نظر الامام (ع)- السلطه الشرعيه الاسلاميه.
و هكذا رايناه يبتهل الى الله فى نصره جيش الاسلام على جيش الكفر، و يدعو المسلمين جميعا للوقوف معه، حتى تكون كلمه الله هى العليا و حزبه هو الاقوى، بقطع النظر عن طبيعه القياده و طبيعه النتائج الكبرى التى يحققها النصر لها فى الداخل.
و فى ضوء ذلك كله، نستوحى- من هذا الدعاء فى روحه و وحيه- الخطوط الكبرى لحركه المعارضه السياسيه او الفكريه فى الداخل فى موقفها من المعارك التى يخوضها الحكم الذى يراد اسقاطه من قبلها، فلا بد من دراسه طبيعه المعركه و علاقتها بالقضايا المصيريه سلبا او ايجابا ليتحدد الموقف على اساس ذلك، فلا يجوز- تحت اى اعتبار- الوقوف مع قوى الكفر و الاستكبار ضد السلطه المسلمه فى الداخل اذا كانت القضيه تتصل بالقضايا الكبرى المتصله بالواقع الاسلامى كله، لا سيما اذا كانت هذه القوى تمثل قوه كبرى تهدد الوجود الاسلامى و المصالح الاسلاميه العليا، بحيث يكون تدخلها فى البلاد الاسلاميه من خلال بعض القوى السياسيه او الاقتصاديه مما ينتج نتيجه عكسيه للمعارضه، لانها اذا كانت تعمل على التخلص من هذا الحكم او هذه السلطه للتخلص من ظلمهما، فان ظلم الاستكبار العالمى يتقدم عليه فى حجمه من حيث الاثار و النتائج، فلا يجوز للمعارضه القيام بذلك الا فى الحالات التى تتحول فيها الاوضاع الداخليه الى اختناق يودى الى الموت السياسى او الاقتصادى، فقد يمكن لها فى هذه الحاله ان تدرس مساله الاستعانه بالقوى الاخرى فى ضمن قيود معينه تحمى الاسلام و المسلمين من النتائج السلبيه المترتبه على ذلك.
ان الامام زين العابدين (ع) يبرز فى هذا الدعاء كامام عظيم يرتفع بامامته عن كل الاحقاد و العداوات، فلا يرى امامه الا ان هناك معركه للاسلام و المسلمين لا بد للامه كلها بجميع مذاهبها من الوقوف معها بكل قوه و ثبات، و انطلاقا من قوله تعالى: (ان الله يحب الذين بقاتلون فى سبيله صفا كانهم بنيان مرصوص) (الصف: 4).
اللهم صل على محمد و آله، و حصن ثغور المسلمين بعزتك، و ايد حماتها بقوتك، و اسبغ عطاياهم من جدتك.
اللهم و حصن ثغور المسلمين بعزتك:
يا رب، لقد اردت لنا كمسلمين، ان نعيش الحريه فى ارضنا و فى نفوسنا، فلا يستعبدنا احد لان عبوديتنا لك وحدك لا شريك لك، و اكدت لنا العزه كقيمه انسانيه سياسيه، من خلال كتابك، فى حديثك عنها الى جانب حديثك عن عزتك و عزه رسولك فقلت: «و لله العزه و لرسوله و للمومنين) (المنافقون: 8) و لما كانت قيمه الارض من قيمه الانسان، فان حريتها جزء من حريته، فهى تكتسب صفه انسانيتها من خلال ارتباط حريه وجوده بها، و بذلك فاننا لا نستغرق فيها لنتعبد لها، و لنحدق بها فى و عينا السياسى كما يحدق الانسان بالصنم الذى يعبده، بل ننظر اليها من حيث هى الارض التى نسكنها و نمارس فيها حياتنا، و نتحرك فى داخلها لنقرر مصيرنا، و نمشى فى مناكبها لنحصل على شروط استمرارنا فى الوجود، و لندفع عنها كل غاز و فاتح و ظالم و كافر، حتى لا تسقط فى الغز و الكافر و المستكبر، و لا تعيش تحت سلطه الظالم، فيسقط الناس تحت تاثير الكفر و الاستكبار و يعيشون فى سلطه الظلم و وحشيته.
ان ساحه الصراع الدائمه بين الكفر و الاسلام، و بين الاستضعاف و الاستكبار، و الحريه و العبوديه، و العدل و الظلم، يفرض علينا ان نخوض المعركه من اجل الدفاع عن ديننا و عن انسانيتنا و حريتنا و عداله الحكم فى واقعنا، لذلك كانت الحرب حرب دفاع كما صورت لنا فى كتابك الحرب المتحركه كسنه من سننك فى دفعك الناس بعضهم ببعض، التى لو لاها لانهار التوازن، و لهدمت صوامع و بيع و مساجد و صلوات يذكر فيها اسمك، و لا ننشر الفساد فى الارض، و هكذا كان جهاد المسلمين للكفار و للمنافقين حركه فى سبيل تحقيق التوازن فى الارض، و قد عشنا- يا رب- كمسلمين- فى خط العدوان علينا من الاقوياء الذين يريدون ان يفرضوا علينا الكفر و الظلم و الاستكبار و العبوديه، فكانت حربنا المستمره المتنوعه المتحركه فى اكثر من اتجاه من اجل الدفاع عن ارضنا و ديننا و انسانيتنا و حريتنا، و كان الاسترخاء فى كل مرحله و الضعف فى اى وقت، يفرضان علينا الذل و الهوان و السقوط تحت سيطره الكفر و الظلم و الاستكبار، و لهذا كانت مساله الجهاد الذى جعلته فرضا علينا من المسائل الحيه التى لها علاقه بحياتنا فى الصميم، فكان لا بد من المجاهدين و المرابطين و المساندين و المناصرين فى مختلف حاجات المعركه و ادوارها ليرابطوا على الثغور، و ليجاهدوا فى قلب المعركه، و ليساعدوا و يساندوا و يناصروا المسلمين فى معركه التحدى.
يا رب، اننا نتطلع اليك- و نحن فى قلب التحديات الكبرى فى ساحه المعركه- ان تحصن ثغور المسلمين بعزتك من خلال ما تهيئه لنا من اسباب القوه و النصر، فان عزتك لا تغلب، و لا تضعف، فهى الحصن الحصين الذى يحمى كل من اردت حمايته، و ان تحمى حماتها بقوتك التى قهرت بها كل شى ء و خضع لها كل شى ء و ذل لها كل شى ء، فانهم يجسدون- فى مواقفهم و مواقعهم- النهج الذى نهجته فى خط الجهاد للقوى الكافره المستكبره الذين يعملون على اضعاف دينك و اسقاط عبادك و اذلال بلادك، هولاء الذين يقفون ليرصدوا الافق الممتد امامهم بكل قوه، و يرابطوا فى الثغور التى ينفذ منها الكفر الى مواقع المسلمين بكل صبر، و يركزوا اقدامهم فى ساحه المعركه بكل ثبات، و يواجهوا التحديات بكل حزم، هولاء الذين يتحركون فى الليل و يكمنون فى النهار، و يعيشون المعاناه فى مواقفهم الصعبه فى البعد عن اهاليهم، و فى الاخطار المحيطه بهم، و فى الوحشه التى تطبق عليهم، و الوحده التى تثقل شعورهم، حبا لك، و ارتباطا بالحريه التى اردتها لعبادك من خلال توحيد العبوديه لك، و تاكيدا لعزه دينك و عبادك المومنين، هولاء الذين يتطلعون اليك فى آناء الليل و اطراف النهار، ليستمدوا القوه منك فى روحياتهم و اراداتهم، و مواقفهم و مواقعهم حتى يكونوا الاقوياء بك.
اللهم اعطهم الحمايه من حمايتك، و ارزقهم الثبات من لطفك و اوسع عليهم العطاء من غناك، لان فى حمايتهم حمايه الاسلام و فى ثباتهم ثبات الدين، و فى عطائهم عطاء الامه كلها.
اللهم و كثر عدتهم، و الف جمعهم، و اعضدهم بالنصر:
يا رب، اننا نبتهل اليك فى ساحه التحديات التى يواجه فيها الكفار المسلمين الذين يعدون العده من جماعاتهم بكل ما يملكون من طاقه، ليطبقوا على بلاد المسلمين و يحتلوها، و يحاولون تحريك قوتهم بالكثره، ان تكثر عدد هولاء المرابطين المجاهدين، فتدفع بالناس من خلفهم الى امدادهم بالعدد و العده، ليتحقق لهم التوازن مع القوى المضاده، او ليحصلوا على التفوق عليهم، لتكون لهم فرص النصر بافضل مواقعها و اوضاعها، و ان تجعل اسلحتهم على الحاله التى تفتك بالعدو فى جودتها و تقدمها و حدتها و تاثيرها القوى عليهم، فتنزل بهم الهزيمه و توقع بهم المزيد من الخسائر فى العده و الرجال، فان للسلاح- فى طبيعته و نوعيته و كميته- دوره فى حركه الحرب كوسيله من وسائل المواجهه من خلال السنن الطبيعيه التى جعلتها فى نظام حركه الصراع الانسانى بين موقع و آخر.
اللهم اجعل المنطقه التى يتحركون فيها فى حدود الاسلام و نواحيه امنع المناطق قوه و تحصينا، حتى لا يتجرا احد على اختراق حصونها و تهديد امنها و تدمير بنيانها، و هيى ء لهولاء المرابطين فيها الظروف النفسيه و الاجتماعيه التى تولف بين جموعهم، و تربط بين قلوبهم، و توكد العلاقه الوثيقه بينهم، حتى لا ينفذ الى جماعتهم الشقاق و الحقد و النزاع، لان الوحده و الالفه و الترابط فى مواقع التحدى و مواقف الجهاد تمثل اساس القوه، فى حركه الصراع فى كل مجالاته.
اللهم انك المدبر لامور عبادك لما يصلح شوون حياتهم كلها و يبعدها عن كل ما يفسدها، لطفا بهم و رحمه لهم، فهيى ء لهولاء المجاهدين الظروف و الاسباب و الاجواء التى تنظم من خلالها امورهم فى الخطه و الوعى و الحركه فى ساحه الجهاد، و الهمهم الفكر الذى يقودهم الى المواقف الثابته، و المواقع القويه، و الخطط المحكمه، و الاراء السديده التى تحقق لهم النصر و النجاح.
و تابع- يا رب- حالات الامداد الغذائى فى حاجاتهم للطعام، فلا ينقطع عنهم ذلك بين وقت و آخر من خلال بعض الحواجز و المشاكل و التعقيدات التى تحول بينهم و بين طعامهم الذى هو قوام قوتهم فى اجسادهم، فانت الذى تطعم عبادك فتهيى ء لهم من غامض علمك مما يتقوتون به و يستعينون به على استمرار حياتهم.
يا رب، ان للجهاد مونه، و للمجاهدين حاجاتهم من السلاح و الذخيره و غير ذلك من الامور التى تتوقف عليها حركتهم، و تقوى موقفهم، فكن- انت- وحدك- المتفرد فى كفايتهم امر ذلك كله، و لا تحوجهم الى غيرك فيضطهدهم و يضعفهم و يستغل حاجتهم اليه ليوجه الامور فى غير اتجاهها الصحيح، و يربك اوضاعهم باهوائه و اغراضه الذاتيه، فيسى ء اليهم و الى جهادهم.
و كن لهم المعين و المساعد و المعاضد فى مواقعهم و مواقفهم و حركتهم فى الحرب، لتحقق لهم النصر بتحقيق ظروفه و اسبابه من خلال جهدهم فى ما يملكونه من الامر، او من خلال الاسباب الاخرى التى تخرج عن نطاق قدرتهم، لانها قد ترتبط بالغيب من جهه، و بالواقع الخارجى المتصل بالناس و بالاوضاع العامه فى حركه الحياه الماديه من حولهم من جهه اخرى، اللهم فهيى ء لهم ذلك كله لتكون عضدهم الذى يمنحهم القوه فى نتائجها الكبيره فى النصر الكبير، و اعنهم بالصبر على مواجهه الحرمان الذى تفرضه تعقيدات الحرب، و الصعوبات التى تتجمع فى ظروفهم و دروبهم، و المشاكل المعقده التى تحيط بهم، و باس الاعداء الذى يتحداهم بالقوه المضاده، ليتحقق لهم صبر النفس على المخاوف و التهاويل، و الاراده عن حالات الاهتزاز، و صبر الجسد على الالام و المتاعب و الجراحات، فيستعينون به على الثبات فى الموقع، و القوه فى الموقف، فلا يجزعون من بلاء، و لا يسقطون من شده ضغط نفسى او جسدى.
و الطف بهم فى المكر الذى يضعون من خلاله خططهم نحو النصر ليفاجئوا به عدوهم، فلا يلتفت الى ما يدبرون له فى الخفاء لدقته و جودته، و سريته و نوعيته، و ابعدهم عن مكره حتى لا ينجح فى خططه المضاده لهم، فانك اللطيف بعبادك يا رب العالمين.
اللهم عرفهم ما يجهلون:
يا رب، ان للجهاد ثقافته فى فنون الحرب و حركه المواجهه و سياسه الموقف، و فى طبيعه العدو، و حجم القوه المضاده و نوعيه الظروف، و فى امتداد الساحه، و رعايه الموقف، و قد يجهل المجاهدون فى مفاجاه العدو لهم، او فى مواجهتهم له بعض ذلك او كله، فلا يملكون معرفته و لا يعلمون تفاصيله، و قد تخفى عليهم بعض الثغرات او المواقع او الاوضاع الايجابيه او السلبيه المحيطه بالساحه، و قد يحتاجون الى اعداد بعض اسباب المعرفه، و وسائل العلم، و عمق البصيره وحده البصر، فى ما يالفه الناس من ذلك مما يملكون الوصول اليه، او فى ما لا يالفونه منه مما قد يتصل بالغيب تاره، او بالاسباب غير العاديه تاره اخرى، مما لم يحتسبوه.
اللهم هيى ء لهم اسباب المعرفه فى ما يحتاجونه منها ليرتفع بذلك جهلهم، و الهمهم علم ذلك ليعلموا منه ما لا يعلمونه، و افتح لهم آفاق المعركه كلها ليبصروا و عى الجهاد فى كل شوونه و قضاياه، و فى كل مكائد العدو و مصائده، ليحذروا من كل ذلك، و ليعرفوا كيف يواجهون الموقف بوعى و قوه.
اللهم و اجعل الجنه نصب اعينهم:
يا رب، ان المجاهدين قد يعيشون نقاط الضعف البشرى التى تجتذب اغراءات الحياه الى قلوبهم، و تحرك غرائز الحس فى شهواتهم، و توحى بالمخاوف و التهاويل الى حياتهم، و تثير الاحلام الحلوه فى عيونهم، فتستغرقهم الدنيا بزخارفها، و تفتنهم باموالها، فيغيبون فى داخلها، و يتقلبون فى جنائنها، و يتنعمون فى لذاتها، و ينطلقون فى اطماعها و طموحاتها، و ينخدعون بالامال الطويله فى امتداداتها حتى كانهم خالدون فيها، فينسون الجهاد و التزاماته، و الرسالات و مسوولياتها، و ينشغلون عن ذكرك بذكر الاقوياء و المترفين و المستكبرين من عبادك، و يضعفون بذلك عن الانطلاق الى مواقع القوه التى تفرض عليهم ان يصنعوا القوه هنا، و يواجهوا القوه هناك، و تتعاظم خطوره ذلك فى داخل شخصياتهم لتبعدهم عن ساحات الصراع، و فى حركه التحديات من حولهم، لتسقطهم عن مواقف رد التحدى، مما ينعكس سلبا على الاسلام و اهله، و على الانسان و حريته و كرامته، تحت تاثير عوامل الضعف النفسى و الحركى امام قوه العدو و شراسته.
اللهم انك حدثت المجاهدين عما اعددت لهم عندك من الدرجه الرفيعه و المنزله العظيمه، و من النعيم الخالد فى جناتك الممتده امتداد الاحلام فى الزمن كله، مما لا عين رات و لا اذن سمعت و لا خطر على قلب بشر، و قلت لهم ان هناك- بينهم و بينك- بيعا و شراء فى انفتاح دنياهم على آخرتهم، لتكون الجنه ثمنا لما يقدمونه من انفسهم و احوالهم، فيقاتلون فى سبيل الله فيقتلون و يقتلون، و جعلت ذلك و عدا عليك فى التوراه و الانجيل و القرآن، و من او فى بعهده منك، و اردت له ان يكون بشاره فى حركه الجهد الذى يبذلونه و التضحيه التى يقدمونها، و الجهاد الذى يتحركون فيه، و الاهداف التى يحققونها فى انتصار رسالتك على الكفر و الضلال.
اللهم افتح قلوبهم على الاخره فى نعيمها الروحى و الجسدى، و اغلقها عن الدنيا فى غرورها و خداعها، حتى تنسيهم ذكرها فى احلامها الخياليه و لذاتها الفانيه و شهواتها الجامحه السريعه الانطفاء، و امح عن خفقات قلوبهم احلام المال و خطراته و فتونه التى تدفعهم الى نسيان الله و نسيان الاخره و الغفله عن القضايا الكبرى التى اردت لعبادك ان ينطلقوا نحوها ليواجهوا كل الاخطار التى تتحداهم فى دروبها و آفاقها، لينفتحوا عليها بقوه الموقف و صلابه التحدى.
اللهم اجعل الجنه امامهم فى امتدادات اعينهم الباحثه عن الجمال الاجمل و النعيم الاوفى، كمن قد رآها فى مساكنهم الخالده و لقاءاتهم المنفتحه، لوح لهم عندما تنطلق الفتنه فى اجتذاب الجمال الانثوى لمشاعرهم، فتتفح احلامهم عليها لذه و شهوه و حبا و هياما.
لوح لهم- يا رب- بالحور العين اللاتى يخشع الجمال لجمالهن، و يذوب كل السحر فى سحرهن، و كل لفتات الحب و الهيام فى لفتات اعينهن التى تشرق بالنور الالهى الذى يسبح الجمال فيه فينفتح على كل لذات الروح و الجسد. و اذا اصابهم الظما المحرق فى حراره العروق الباحثه عن الينابيع الصافيه و الانهار الجاريه، لترتوى منها، و ترتاح اليها، فذكرهم- يا رب- انها الجنه الجاريه بكل الاشربه المتنوعه من ماء و عسل و خمر و لبن مما لا يظما الانسان الذى يشربها ابدا، مع الحلاوه التى يعيش الجسد معنى السعاده فى لذته التى تتواضع امامها كل اللذات الماديه، و اذا اشتاقوا الى الفواكه الشهيه و الثمار الجنيه، فحدثهم- يا رب- فى نفوسهم، عن الاشجار المسترسله اغصانها و فروعها بانواع الثمر الذى تتنوع فيه الخصائص و تنفتح فى كل ثمره على طعم جديد.
اجعل- يا رب- آفاقهم فى آفاق الجنه، و افكارهم فى معناها، و احلامهم فى لذاتها و نعيمها، حتى تمتلى ء قلوبهم شوقا اليها، و تنطلق مشاعرهم فى الاحساس بها، ليواجهوا الموقف بقوه التحدى، و ثبات المواجهه، و شجاعه الحركه، و بروح الايمان المتحرك فى خط الشهاده، فلا يحدثون انفسهم بالهزيمه النفسيه، و الفرار الروحى و الاهتزاز الحركى، طمعا بما عندك، و رغبه فى ما يقبلون عليه من رضوانك.
اللهم هيى ء عناصر الهزيمه لعدوهم:
اللهم ان مساله النصر للمسلمين و الهزيمه للكافرين قد تنطلق من تعطيل حركه الاعداء فى ساحه الحرب فى عناصرها الداخليه و الخارجيه، فان ذلك هو الذى يهيى ء للمسلمين سهوله النصر من خلال ضعف عدوهم، و قد نصرت اولياءك بالرعب الذى القيته فى نفوس الاعداء و بالملائكه الذين نشرتهم فى فضاء المعركه و ساحاتها، و بغير ذلك.
اللهم امنح المسلمين القوه فى المعركه بابعاد كل عناصر الهزيمه، و ذلك بالانفتاح على مواقع رضاك و على ما اعددته للمجاهدين و للشهداء من الاجر العظيم و الثواب الجزيل، و اهزم بذلك عدوهم حتى يكسروا قوته، و يبطلوا فاعليته، و اضعف مواقعهم و مواقفهم حتى يمنعهم الضعف من العدوان و من الامتداد به، حتى تقلم اظفارهم فلا يستطيعون سبيلا الى الاضرار بالمسلمين، تماما كما هى الاظفار التى تقطع فلا تطول فتكف عن امكانيه الخدش و الحك و الالتقاط و نحوه.
اللهم فرق بينهم و بين اسلحتهم، ليغفلوا عنها فلا يستصحبوها معهم او ليلقوها و يضعوها بعيدا عنهم، و الهمهم ذلك فى نفوسهم، حتى لا يلاقى المسلمون فى قتالهم لهم شده و قسوه، فيسهل عليهم الانتصار من خلال تعطيل حركه سلاحهم فى الحرب.
اللهم فرغ قلوبهم من كل عناصر القوه، و من شجاعه الموقف و عزيمه الاراده و ثبات الموقع، حتى لا يملكوا و ثيقه تمسكها عن الاهتزاز، او تبعدها عن السقوط، ليكونوا فى موقع الخوف، و حاله الضعف، و خواء العزيمه، لان ذلك يمنعهم عن مواجهتنا بالشده او بالقوه. ابعدهم- يا رب- عن طعامهم او شرابهم، و باعد بينهم و بينه، حتى يشغلهم البحث عنه عن الاستعداد لقتالنا، و التخطيط للعدوان علينا، و يقعدهم الجوع الحاد او الظما المحرق عن التحرك العدوانى لحربنا، املا دروبهم بالحيره التى تثير فى عقولهم الشك، و تحرك فى وجدانهم التساول، و تنثر فى قلوبهم حبات الظلام، ليبتعدوا عن مواقع الهدى و وجوه الصواب فى غاياتهم التى يقصدون، و دروبهم التى يسلكون، و ضللهم عن وجهتهم التى يتوجهون اليها للايقاع بين المسلمين، فى الخطه و الحركه و الهدف، حتى لا يبصروا طريقهم، و لا يهتدوا فى حركتهم، و احبس عنهم كل المدد الذى يمدهم بالقوه، و انقص من عددهم الذى يوحى لهم بالثقه، فيعجزهم ذلك عن الاندفاع فى قتالنا نفسيا و عمليا.
و كف ايديهم عن الامتداد الينا، و اقبضها عن البطش بنا و امنعها عن الاساءه الى مواقع عزتنا و كرامتنا، حتى لا تملك حريه الحركه فى توجيه قوتها الى اهلنا و امتنا الاسلاميه لتسقطها بالعدوان.
اللهم امنع السنتهم عن النطق حتى لا تنطلق فى تعبئه جماعاتهم، و تحريك مشاعرهم، و توجيه جنودهم، و اثاره العصبيه الجاهليه فى ساحاتهم، بالكلمات الحاقده، و الالفاظ المثيره، و الاساليب المهيجه، فان الكلمات تحرك العواطف، و تدفع الناس الى الحرب، و تثير فيهم العصبيه، و تطلق الفتنه، و تدبر المكيده.
و انزل بهم- يا رب- بايدى عبادك المومنين، شر الهزائم و اشدها بالمزيد من القتل و النكال، حتى تشرد بهم من وراءهم من مددهم او من الذين ينتظرون نتائج المعركه من الاعداء الاخرين، فيمنعهم ما يرونه من هزيمتهم و نكالهم من عدوان جديد، فلا يقدمون على قتال المسلمين بعد ذلك.
اللهم اجعلهم عبره للاخرين فى ما تنزل بهم من النكال و التشريد ليعتبروا بهم، و اخزهم حتى تقطع اطماع من بعدهم فى التخطيط لحرب المسلمين و الكيد لهم، و المكر لهم فى كل الاوضاع المثيره فى ساحات الصراع.
اللهم قلل عدد عدوهم:
اللهم اننا لا نريد ظلم عبادك، و لا نستشعر الحقد الذاتى عليهم، و لا نفكر فى اسقاط انسانيتهم كرها و عدوانا، و لا نعمل على اهدار حقوقهم و كرامتهم من موقع العقده النفسيه ضد الناس، و لكننا نقف امام حركه الشر فى حركتهم، و امتداد العدوان فى عدوانهم، فى ما يتحركون به ضد الاسلام و المسلمين، و ما يثيرونه من الاخطار فى ساحه الحق و العدل، حتى تحولت قوتهم الى قوه للشر و العدوان، و انطلقت سيطرتهم الى سيطره حاقده مستكبره على المستضعفين، الامر الذى جعلهم مشكله للحياه و للانسان و للقيم الروحيه و الاخلاقيه، فاصبح سقوطهم سقوطا للاستكبار، و ضعفهم ضعفا للجريمه، و هذا يدفعنا الى ان نسالك و نبتهل اليك ان تنزل بهم الحرب و القتال.
اللهم قلل عددهم حتى لا يتكاثروا فى مواليدهم، و ذلك بان تعقم ارحام نسائهم عن الحمل، و تجفف اصلاب رجالهم حتى لا يبقى فيها من عناصر انتاج الحياه شى ء..
اللهم عطل حركتهم من خلال تعطيل الوسائل التى تساعدهم على الحركه و التنقل و السرعه فى الوصول الى الاهداف، و ذلك بقطع نسل دوابهم و انعامهم، فلا تتكاثر لديهم بواسطه الانتاج المتواصل، فتضعف قوتهم بذلك، و تتوقف حركتهم عن الانتشار فى الارض و التوسع فى العدوان.
اللهم انزل الجدب فى ارضهم حتى لا تمنحهم اى انتاج للقوت مما يتقوون به
على الاستمرار فى البغى، و ذلك بحبس المطر عنهم، و بمنع الارض من الانبات، حتى يذوقوا طعم الجوع، فيشغلون به عن القتال، و يضعفون به عن المواجهه.
اللهم و قو بذلك محال اهل الاسلام، و حصن به ديارهم، و ثمر به اموالهم، و فرغهم عن محاربتهم لعبادتك، و عن منابذتهم للخلوه بك، حتى لا يعبد فى بقاع الارض غيرك، و لا تعفر لا حد جبهه دونك.
اللهم هيى ء للمسلمين قوه الموقف و الموقع:
يا رب، ان للمسلمين فى صراعهم مع قوى الشرك و الكفر جولات و جولات تتتابع فى حركتها، و تتكاثر فى عددها، و تتنوع فى وسائلها، فهيى ء لهم من قوتك قوه الموقف و الموقع، و الكيد و المكر و التدبير فى ما يحتاجون اليه من ذلك للتخطيط للمعركه، فى مواجهه المكر بالمكر، و الحيله بالحيله، و الخطه بالخطه، و للايقاع باعدائهم من خلال قدرتهم الروحيه و الفكريه و القتاليه، و اجعل لهم من نتاج جهادهم حصنا منيعا فى المواقع العسكريه و السياسيه من خلال القوه التى يحصلون عليها فى الواقع الانسانى العام، بحيث يحصنون به ديارهم، حتى لا يفكر احد بالهجوم عليها خوفا منها، فلا يحتاجون الى تحصين ديارهم ماديا، لان الحصن الذى يملكه المسلمون فى نظره الاخرين اليهم يفوق اى حصن يحجزهم عن عدوانهم عليهم.
اللهم اجعل جهادهم فى نتائجه الايجابيه فى اعاده السلام الى بلادهم وسيله من وسائل تنميه اموالهم و تثميرها و تكثيرها عندما يندفعون الى تطوير اقتصادهم الزراعى و الصناعى و التجارى من خلال حاله السلم التى تمنحهم بركاتها فى الهدوء و الدعه و الظروف الملائمه، للتحرك فى اتجاه رعايه مصالحهم و تثبيت مواقعهم و تقويه اوضاعهم.
يا رب، ان المسلمين انطلقوا فى قناعاتهم الفكريه مع توحيدك فى العقيده فلا اله غيرك، و فى العبوديه فلا معبود سواك، و انفتحوا على آفاق القرب منك، حلما يحلمون به، و حركه يتحركون بها اليك، و خضعوا لك فى انحناء ظهورهم بين يديك ركوعا، و فى تعفير جباههم امامك سجودا، و تمردوا على كل ما استحدثه الناس من اوثان حجريه او بشريه، و ما عبدوه بالطاعه، من شهوات و لذات و اطماع.
انهم يحبون- يا رب- من مواقع ايمانهم. ان يعبروا عن حبهم لك بالخلوه بك للاستغراق فى مناجاتك و فى التفكير فى اسرار عظمتك و فيوضات نعمتك، ليزدادوا بذلك معرفه بك، و قربا اليك، و ليحصلوا على الصفاء الروحى و النقاء الفكرى و الطهاره القلبيه، من خلال ذلك.
انهم يتشوقون- يا رب- الى اللقاء بك و الانفتاح عليك، و التعبير لك عما يختزنونه فى صدورهم من الاخلاص لك، و ما يحملونه فى افكارهم من الايمان بك، و ما تخفق به قلوبهم من المحبه لك، و ما تنطلق به ذواتهم من الخضوع لك.
انهم يتطلعون الى الحصول على حاله الذوبان فيك، و الالتزام بعبادتك، و لكن الاعداء يشغلونهم عن ذلك بتحدياتهم و عدوانهم و حركاتهم المضاده، فيقطعون عليهم السبيل، و يهددون امنهم فى انفسهم و اموالهم و اعراضهم، و يخططون للسيطره على بلادهم، و تشريدهم من ارضهم، و الفتنه عن دينهم، فيضطرون الى الاستعداد لقتالهم، و للدفاع عن انفسهم و اهلهم و ارضهم و دينهم، حتى لا تقوم للشرك قائمه، و لا يكون للكفر سلطان، و لا تقوى للظالمين دوله، و لتكون كلمتك العليا و كلمه الشيطان هى السفلى، فلا يعبد فى الارض غيرك من خلال قوه التوحيد و الموحدين، و لا تعفر لاحد جبهه دونك.
انهم يعبدونك- يا رب- فى جهادهم، كما يعبدونك فى صلاتهم، و يستغرقون فى طاعتك عند لقاء العدو و منابذته و مجاهدته، و لكن حلاوه المناجاه، و صفاء الابتهالات، و روحانيه الدعاء، و نورانيه القلوب فى اجواء الصلاه، و عمق العبوديه فى حالات الركوع و السجود، و سر الروح فى الذكر فى التكبير و التحميد و التهليل و التسبيح، و حركه المشاعر الحانيه الخاشعه المتطلعه الى غفرانك فى كلمات الاستغفار الخائفه من عقابك الراجيه لثوابك، المنفتحه على الرجاء فى عفوك، و الامل برحمتك و مغفرتك، و السعاده بالحصول على رضوانك و نعيم جنتك، ان ذلك كله هو الذى يحبون- من خلاله- ان يتفرغوا لعبادتك، فلا يشغلهم عنها شى ء، حتى لو كان عباده اخرى، لان المساله ليست مساله طاعه يلتزمون فيها او امرك و نواهيك و يسعون من خلالها للاستقامه على دربك، و لتقويه مواقع طاعتك و رضاك، و لكن المساله مساله طاعه يلتزمون فيها اوامرك و نواهيك و يسعون من خلالها للاستقامه على دربك، و لتقويه مواقع طاعتك و رضاك، و لكن المساله مساله حب و انجذاب و عشق ينطلق به المحبون الى الخلوه بالحبيب فى حلاوه اللقاء، و ينجذب فيه الهائمون فى آفاق القرب، و يعيش فيه العاشقون سعاده الوصال، اللهم امنحهم النصر حتى يحققوا ذلك كله، فلا يشغلهم عن عبادتك شاغل، و لا يمنعهم عن الخلوه بك مانع.
اللهم اعز المسلمين لتكون كلمه التوحيد هى العليا:
اللهم انك اذنت لا نبيائك و اوليائك بالقتال من اجل اعزاز دينك و اعلاء كلمتك، و اردت للدعوه اليك ان تنفتح على الارض كلها، و على الانسان كله، حتى يسقط الشرك بكل مواقعه و ينهزم الكفر بكل قواه، فلا يبقى هناك موقع للشرك يهدد قوى التوحيد، و لا تعود للكفر سطوه تضعف بها مواقع الايمان، فدعوتهم الى ان يقاتلوا فى سبيل الله و المستضعفين، و اذنت للذين يقاتلون بانهم ظلموا و ان الله على نصرهم لقدير، و الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق الا ان يقولوا ربنا الله، فكانت شريعتك فى الجهاد، دفاعا من جهه، و تاكيدا للقوه التى تحمى حريه الدعوه الى دينك، و تفتح- من خلالها- للمستضعفين ابواب الانتماء اليه، اذا ضعف المستكبرون، من جهه اخرى، و تحقق للدعوه حريتها فى الانطلاق الى كل ارض من ارضك و الى كل عبد من عبادك، فلا يمنعها من ذلك مانع، و لا يقهرها قاهر، فلم يكن الغزو عدوانا لمطمع فى مال، او لشهوه فى الحصول على غنيمه، او لقهر لانسان فى حياته، او اذلال عزيز فى نفسه، بل لتكون كلمتك التى هى كلمه الحق، هى العليا، و كلمه الشيطان هى السفلى، فتنطلق الحريه الانسانيه من خلال تهيئه الظروف الداخليه و الخارجيه التى تمنح الاراده حريتها، التى يهدد بها الكفر من تمرد عليه او خرج عن نفوذه او ابتعد عن قناعاته.
ان الشرك لا يمثل العقيده فى خط الحريه الانسانيه، بل يمثل الخرافه فى خط سقوط الانسان فى التصور و الحركه و الموقف، و ان الكفر لا ينطلق فى آفاق الانفتاح الفكرى، بل يتحرك فى اجواء الانغلاق الروحى عن الله و الابتعاد عن الامتداد فى معرفته، الامر الذى يجعل الضغط هنا و هناك مساله لا تتصل بقهر الحريه، بل بقهر الظروف و الاوضاع التى تقود للعبوديه فى الضغوط الماديه و المعنويه فى كل جانب.
اللهم هيى ء للمسلمين العزيمه و القوه و الظروف التى تنطلق بهم نحو المواقع التى يسيطر عليها الشرك، و تتجمع فيها قوى المشركين، للدخول معهم فى معركه القوه، حتى لا يطمعوا فى تهديد مواقع المسلمين، و لا يمتدوا فى بلادهم، و لا يعبثوا باوضاعهم، و لا يفسدوا مشاريعهم، لا سيما الذين يحاذونهم و يقابلون مواقعهم منهم، باعتبارهم القوه العدوانيه التى تمثل التهديد لهم فى انفسهم و ارضهم، فى حاضرهم و مستقبلهم، اللهم امنحهم قوه الثبات فى الموقف، و حريه الحركه فى القتال، و امددهم بالملائكه الذين كنت تمد بهم المجاهدين الاولين من جنود الدعوه الاولى بقياده نبيك، ليتتابعوا فريقا بعد فريق و مددا بازاء مدد، لا ليقاتلوا معهم، لانك جعلت القتال مسووليه المجاهدين وحدهم، بل ليمنحوا جو المعركه قوه نفسيه، و حركه روحيه، فيشتد المسلمون- بذلك- فى قتال المشركين ليهزموهم الى خارج مواقع قوتهم، لينسحبوا من الارض كلها، فلا تبقى لهم ارض و لا يستقر لهم موقع، و لا يقر لهم قرار، من خلال القتل الذى يوقعونه بهم او الاسر الذى يقودونهم اليه، ليخضعوا لسيطره الاسلام التى تمثل سيطره التوحيد، فيقروا بانك الله الذى لا اله الا انت وحدك لا شريك لك، اقرار الخضوع له و الاستسلام اليه، و الانقياد لاوامره و نواهيه، فذلك هو السبيل الذى ينفتح للناس من خلاله الخير و البركه و الايمان.
اللهم اجعل خط الجهاد شاملا لجميع الامم:
اللهم انك ارسلت رسولك للناس كافه بشيرا و نذيرا، و دعوته للانطلاق برسالته الى كل امم الارض، من الهنود و الروم و الترك و الخزر و الحبش و النوبه و الزنج و الصقالبه و الديالمه و غيرهم من الامم و الشعوب التى انتشرت فى بقاع الارض الواسعه، للدعوه الى دينك، ليومنوا بك و بوحدانيتك، و ليعبدوك فى كل امورهم، فلا يشركون بك شيئا فى العقيده و فى العباده و فى الطاعه، حتى تكون الارض كلها مملوءه بعبادتك، و يكون الناس كلهم خاضعين لطاعتك.
اللهم اجعل الايمان المنطلق من خط الدعوه و الجهاد، شاملا لهولاء باجمعهم، و وفقنا للاستمرار فى هذا الخط، جماعه بعد جماعه، و جيلا اثر جيل، فلا نسترخى فى راحه، و لا نمل من دعوه، و لا نكل من تجربه، و لا نتراجع فى جهاد، لان قضيه امتداد الدعوه فى الارض تفرض امتداد المومنين فى الدعوه فى كل زمان و مكان، فان حجم الوجود الانسانى فى الارض بحاجه الى حجم كبير للحركه التبليغيه فى الاسلام، حتى لا يقصر الاستعداد عن الحاجه و لا يقل العدد عن الضروره.
اللهم اشغل المشركين ببعضهم البعض عنا:
يا رب، قد تكون القوه التى نحصل عليها قوه سلبيه، و ذلك من خلال عناصر ضعف العدو فى مواقعه، لا من خلال عناصر القوه لدينا، فقد نكون ضعفاء فى عددنا، او فى سلاحنا، او فى اوضاعنا السياسيه و الاقتصاديه و الاجتماعيه، و قد يكون العدو قويا فى ذلك كله، فلا نملك الوقوف على خط التوازن معه فى ميزان القوه، و لكنه قد يعيش الضعف من جانب آخر من خلال الخلل فى التوازن بين جماعاته، مما قد يودى الى الحروب فيما بينهم، فينشغلون عنا بذلك، فيضعف بعضهم بعضا، و يدمرون قوتهم و يستهلكون اسلحتهم، فلا يستطيعون تناول اطراف المسلمين بالهجوم عليها و السيطره على مقدراتها على اساس ضعفهم الطارى ء، و لا يملكون بسبب نقصهم فى العده و العدد، ان يتنقصوا المسلمين بالاستيلاء عليهم تدريجا بان يوخذ الاول فالاول حتى لا يبقى احد، و يقعدون بذلك عن الاحتشاد عليهم لانهم فى شغل شاغل عنه.
اللهم اشغلهم ببعضهم عنا، و اضعف- بذلك- قوتهم عن تدمير قوتنا، و صب عليهم المشاكل الداخليه صبا، و ثبطهم عن كل استعداد داخلى او خارجى للاستيلاء علينا، بالتمزق السياسى و الاجتماعى و الامنى بينهم.
اللهم اضعف قوه الاعداء عن مقارعه المسلمين:
انك- يا رب- الذى تملك السيطره على قلوب عبادك و ابدانهم، فانت الذى تضع فى داخل قلوبهم الخوف و الامن، و الوعى و الغفله، و انت الذى تضعف اعضاءهم عن القدره على المواجهه و القتال، و تثبت فيها الجبن عن مقارعه الابطال، فتتهاوى امام ايه مجابهه، و تسقط فى ايه ساحه مواجهه.
اللهم فرغ قلوب اعدائنا من الاحساس بالامن ليحل الرعب فى خفقاتها، و اشغل و عيها عن التفكير بالحيله و التخطيط بالمكيده للهجوم علينا، و اغلقها عن الوصول الى التدبير الدقيق فى ذلك كله، اللهم اضعف قوه ابدانهم عن التحرك نحونا لتضعف كل جارحه من جوارحها عن الحركه، و تجبن ارادتهم عن الاندفاع نحونا، فتهزمهم رجالنا، و يصرعهم ابطالنا فلا يملكون منازله الرجال منا و لا مقارعه الابطال من ابطالنا.
و اذا اشتد الضغط علينا منهم، و احدق الخطر بنا من خلالهم، فامدنا- يا رب- بالمدد الروحى من ملائكتك، فى ما يمثلونه من الباس الذى تعلم سره و لا نعلمه، ليكون باسهم قوه لنا تمنحنا الثبات و تعطينا القوه، كما فعلت يوم بدر بالمسلمين الاوائل بقياده رسولك، عندما كان الاعداء فى موقع القوه فى العده و العدد، و كان المسلمون فى موقع الضعف فى السلاح و الرجال، لتقطع دابرهم عنا كما قطعته عن المسلمين، و لتحصد بذلك شوكتهم الموجهه الينا كما حصدتها فى يوم بدر، و لتفرق عددهم فينهزموا شر هزيمه، كما هزمت المشركين فى انتصارك للمسلمين، فان المعركه هى المعركه بين الايمان و الكفر، و النتائج هى النتائج على مستوى المستقبل الاسلامى كله سلبا او ايجابا، لاننا نقاتل فى سبيلك و نجاهد لاعزاز دينك، لتكون كلمتك العليا و كلمه الشيطان هى السفلى.
اللهم اذقهم كل انواع البلاء:
اللهم اننا لا نريد الشر بالناس و ان كانوا من اعدائنا، لانك علمتنا على لسان رسولك ان نعفو عنهم و نفتح قلوبنا لهم، و ندعو بالهدايه لهم من الضلاله، و ان ناخذ بالتى هى احسن فى علاقتنا بهم، حتى يكون الذى بيننا و بينه عداوه كانه ولى حميم.
و لكن القضيه ليست قضيتنا بالذات فى دائره العداوه و الصداقه الشخصيه، بل هى- يا رب- قضيه اعداء دينك، و محاربى رسالتك، و السائرين فى خط التمرد عليك، و اضلال عبادك، و افساد بلادك، و هى القضيه التى تبلغ حد الخطوره فى مستوى الانسان كله، و الحياه كلها، و لذلك فاننا ندعوك و نبتهل اليك ان تنزل بهم اقصى انواع البلاء الذى يمنعهم عن تنفيذ مخططاتهم العدوانيه، و اشد حالات الاهتزاز و الخلل فى انفسهم و اوضاعهم.
اللهم اجعل مياههم موبوءه، و اطعمتهم مملوءه بعناصر الامراض، و اخسف بلادهم بالزلازل و الاهتزازات المتنوعه التى تبتعد بها عن الثبات و الاستقرار، و اقذفهم بالريح العاصفه، و الامطار الهائله، و الاحجار الثقيله، و ادم ذلك فيهم حتى يشغلوا بذلك عن الاستعداد للعداون.
و انزل بارضهم الجدب و امنعها من الخصب، فتمتنع عن العطاء مما تعطيه الارض من الفواكه و الحبوب و الثمار، و اجعل طعامهم فى اكثر المناطق جدبا و ابعدها طلبا عنهم، حتى لا يحصلوا على شى ء منه مما يزرعون او يحصدون، او حتى لا يبلغوا مداها و لا يستطيعوا الوصول اليها.
اللهم لا تمكنهم من السيطره على حصونها الطبيعيه التى يتحصنون بها فى اوضاعهم العدوانيه، و اجعلها منيعه عليهم بحيث لا يستطيعون الحصول على طعامهم الذى قد يختزنونه فى داخلها.
عطل- يا رب- حركتهم بالجوع المستمر من خلال استمرار القحط فى اراضيهم، و اجعلهم فى مرض دائم، من خلال تتابع البلاء فيهم.
انها ليست قسوه- يا رب- نبتعد بها عن الاحساس بالرحمه، و ليست عقده ننفس بكلماتنا من خلالها عن حقد، و ليست بعدا عن المعنى الانسانى فى مشاعرنا، فنحن لا نحب للمياه التى يشرب منها الناس ان تصاب بالوباء، و لا نريد لطعام الناس ان تحل فيه الادواء، و لا نحب ان تخسف الارض باهلها، و تقذف ارجاءها بالحجاره، و لا نتمنى لها الجدب، و لا لاهلها الجوع و المرض، و لكن الموقف قد يفرض ذلك عند ما نقف بين امرين احلاهما مر، فنختار ما تبعد به الحياه عن السقوط، و يسقط به الانسان فى هاويه الكفر و الضلال، و تتحول الدنيا الى ساحه للقهر و الظلم و الاستعباد و الاستكبار امام طغيان فئه قليله تريد ان تعيش على موت الناس، و تحصل على الغنى من فقرهم، و تصل الى الجاه و العز من ذلهم. انه موقف اختصار الماساه و المشكله عند ما يدور الامر بين الالم القليل و الالم الكبير.
اللهم وفر للمجاهدين كل عناصر القوه و النصر:
يا رب، ان حبنا لك، و ايماننا بك، و اخلاصنا لدينك، و انفتاحنا على المستضعفين من عبادك، يفرض علينا حب المجاهدين فى سبيلك من المومنين برسالتك، المنتسبين الى اهل ملتك، التابعين لسنتك، هولاء الذين يعملون بكل جهدهم و كل طاقتهم من اجل ان يكون دينك الاعلى و حزبك الاقوى و حظك الاوفى، لان حياتهم لم تتحرك فى دائره الذات لديهم، بل تحركت فى دائره الرساله فى ايمانهم، فهم يعيشون هم الرساله فى همومهم، و انتصاراتها فى خطواتهم، من اجل ان يواصلوا المسيره التى قادها رسولك الاكرم، و جاهد فيها المخلصون من صحابته و اهل بيته، لينطلقوا فى معاركها ضد اعدائها، ليبلغوا من خلال ذلك الاهداف الكبرى، لانها امانه الله لدى كل جيل، بان يبلغ بها مرحله جديده متقدمه، و يفتح لها افقا واسعا، و ينطلق بها فى الاتجاه السليم، اللهم اننا نحبهم و ندعو لهم، و نتابع خطواتهم، و نتحمس لهم، و ننفعل فى مشاعرنا بكل سلبياتهم و ايجابياتهم، لانهم جندك الغالبون، و حزبك المفلحون، و اولياوك الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون.
اللهم سهل عليهم امورهم، و اجعلهم فى يسر منك و عافيه، حتى لا يعسر عليهم شى ء منها، و اعد لهم الظروف و الاحوال التى تتم لهم ما يريدونه منا، و كن الولى لهم فى رعايه شوونهم، و القيام بها بالوسائل الخفيه التى تودى بهم الى تحقيق النجاح لهم فيها، و تخير الاصحاب من خلال الهامهم حسن الاختيار، و من الهام الاخرين من الصالحين الانتماء اليهم، و من تهيئه الاسباب لذلك كله، لتكون صحبتهم صحبه خير و عون و نجاح.
و اطلب لهم المركب القوى الذى يملك قوه التحمل على حمل الاحمال الثقيله، فيكون الظهر الذى يحملهم الى مقاصدهم و يحمل اثقالهم الى مواقع الجهاد.
و وسع عليهم فى النفقه حتى لا يحتاجون احدا غيرك، و لا تثقلهم الحاجه عن حريه الحركه فى الحرب، و لا تضيق بهم حاجاتهم من خلال ذلك، و هب لهم النشاط فى العمل فى حيويه القوه و حركيه الاراده و سرعه الحركه، و اطفى ء فى داخل كيانهم حراره الشوق الى الاهل و الاحبه و الاولياء، حتى لا يشغلهم ذلك عن الاهتمام بالغايه التى يتطلبونها، و ذلك بالانفتاح على الصبر فى مواجهه الذكريات الحميمه.
و اجرهم- يا رب- مما قد يطوف فى صدورهم من الغم، و يسيطر عليهم من الكابه فى الشعور بالوحشه النفسيه و الغربه الروحيه، عندما ينفصل الانسان عن بلاده التى هى مانس نفسه و موضع انسه، فيقوده ذلك الى السقوط الروحى الذى يترك تاثيره السلبى على الاراده، فيتحول الموقف لديه الى ما يشبه موقف الانسان الذى يلاحقه عدوه ليقتله فيستجير منه باقرب الناس اليه، و اقوالهم لديه، و هكذا حال المجاهدين الذين يفترسهم غم الوحشه، فيقتل فيهم العزيمه و الاراده و الثبات على الخط. فاجعلهم يستغرقون فى ذكرك و فى الهدف الذى يتحركون نحوه فى نصره الاسلام و اهله على الكفر و اهله، و انسهم ذكر الاهل و المال و الولد، لانهم انفتحوا على القضايا الكبرى التى تذوب امامها القضايا الصغيره، الامر الذى يجعلهم فى نسيان لما خلفوه وراءهم، و وعى لما يواجهونه امامهم،
و افتح لهم فى عقولهم و قلوبهم و مواقع الاحساس فى ذواتهم الفكر الذى يوحى اليهم بحسن النيه باعتبارها القيمه الروحيه التى تمنح صاحبها النتائج الكبرى من الفضل عند الله، من خلال ترشيدها للعمل و تحسين مضمونه و رفع مستواه، و تاصيل معناه، حتى يندفعوا اليه من موقع النيه الخالصه فى القرب الى الله و البعد عن مداه، حتى يكون الجهاد خالصا لوجهه، فان الله يعطى العمل ثوابه بمقدار النيه الخالصه الدافعه له.
اللهم كن وليهم بالعافيه من البلاء فى مسيرهم هذا، فانك ولى العافيه لعبادك، و اجعل السلامه الصاحب الذى لا يفارقونه، و ابعدهم عن الجبن الذى يهزم ارواحهم و يضعف عزيمتهم و يمنعهم من المواجهه، و الهمهم الجراه على اقتحام الصعاب، و منازله الرجال، و مقارعه الابطال من خلال الشجاعه الروحيه و الجسديه، و اجعلهم الاشداء على اعدائك الذين تنطلق الشده فى مواقفهم من موقع القوه فى ارادتهم و ايمانهم، و ايدهم بنصرك، و علمهم احكام الشريعه فى الجهاد حتى يستقيموا على خط رضى الله فى كل مواقعهم و مواقفهم، و افهمهم السنن التى تمثل الطريقه المحمديه، فى ما سنه الرسول عليه الصلاه و السلام من مكارم الاخلاق، و فضائل الاعمال، و المناهج القويمه، و الطرق المستقيمه، حتى ينطلقوا من اخلاق الاسلام فى اخلاقهم، و من سنه الرسول فى سنتهم، لان الجهاد فى حركه المسلم ليست حربا تضرى فيها الغرائز و تنطلق معها الاحقاد، و تنتشر فيها الفوضى، و يتحول فيها الانسان الى وحش يلهث شوقا الى الدم و رغبه فى القتل، و لكنها حرب تخضع للضوابط الاخلاقيه الاسلاميه، لان للحرب اخلاقها، كما للمسلم اخلاقه، و للمحاربين قواعدهم العمليه فى ما ياخذون و فى ما يدعون، كما للمسالمين ذلك، و لذلك فلا بد للمجاهدين من ان يكونوا مثقفين بثقافه الاسلام الفكريه و العمليه، ليعرفوا مواقع الحركه هنا، و الوقوف هناك، و الرافه هنا، و القسوه هناك.
اللهم الهمهم السواء فى الحكم من خلال الانفتاح على مواقع الصواب فى مضمونه، و الحق فى موارده، حتى يستقيم لهم الحكم، فلا يخطئوا فى ما لا يجوز الخطا فيه، و لا ينحرفوا عن الخط المستقيم، فان الحرب قد تضغط على الفكر و الاحساس، و تبتعد بالانسان عن وضوح الرويا للاشياء من خلال قسوه التحدى و ضغط الخطر، و ارتباك الوضع، الامر الذى قد يودى به الى الخطا فى التقدير او فى معرفه النتائج.
يا رب، ان الحرب فى الاسلام ليست عمليه استعراض للقوه، او مظهرا للقدره على فنون القتال، او للتعالى فى الذات، او للزهو فى حركه الشجاعه او صفه البطوله، او للحصول على مدح الناس و ثنائهم، او للوصول الى مطمع شخصى مما يتطلبه الناس من حاجاتهم الماديه، و لكنها- يا رب- عباده يتقرب بها المجاهدون اليك، ليحصلوا على ثوابك، و ينعموا برضوانك، و يحصلوا على جنتك، و ينالوا شرف محبتك، ليكونوا الابطال فى الاخلاص اليك، و الاقوياء فى مواقع الصراع بين اوليائك و اعدائك، من اجل اعزاز دينك، و تقويه رسالتك. فهى حرب القضيه لا حرب الذات، و ساحه الرساله لا ساحه المجد، فلا بد للمجاهدين من قصد القربه فيها كما لو كانت صلاه يصلونها، و صوما يصومونه، و حجا يقومون به، لان للجهاد صلاته و صومه و حجه، فى معنى العباده الذى تختزنه حركته و مواقفه و صبره و روحيته، و لكن النفس اماره بالسوء الا ما رحمت، مختاره للباطل الا ما وفقت، فقد تستيقظ نوازع الذات، فى مشاعر الرياء و فى خطرات السمعه، ليكون الجهاد، فى احساس الذات عملا يجتذب نظرات الناس و مشاعرهم، فيزداد حبا للمجاهدين و تقديرا لهم كما يستهوى عواطفهم، ليظهر ذلك فى احاديثهم فيحصل المجاهدون على السمعه الطيبه لديهم، فيكون الزهو بالمجد الدنيوى هو الذى يتطلعون اليه، لا المجد الاخروى الذى ينبغى لهم ان يعملوا له.
اللهم خلصهم من الرياء فى عبادتك، و من السمعه فى دينك، ليكون جهادهم جهاد العابدين، و عملهم عمل المتقين، ليكون القرب منك هو غايه حركتهم، و الحصول على رضوانك هو كل احلامهم فى الحياه، و اجعل- يا رب- تفكيرهم فى ما يفكرون به و ذكرهم فى ما يذكرون فيه، و سفرهم فى ما يسافرون اليه، و اقامتهم فى ما يقيمون فيه فى سبيل رضاك، تعظيما لك، و انفتاحا عليك، و وصولا الى مواقع القرب منك، من خلال الوعى العميق بان الجهاد يختلف عن غيره من الاعمال، لان فيه هلاك النفس، و فقدان الحياه كلها، فلا معنى لان يجاهد الانسان المسلم رياء او سمعه، لان ذلك لا يفيده شيئا بعد موته عند ما يفقد الاحساس بكل نوازع الذات، كما انه يقدم حياته قربانا لكلمه يقولها انسان، او لنظره اعجاب ينظر بها اليه انسان آخر، ممن لا يملكون له و لانفسهم نفعا و لا ضرا الا بالله، و تلك هى مساله بيع الغالى- و هو نفسه- بابخس الاثمان.
اللهم اضعف هيبه العدو فى صدورهم:
يا رب، لقد كانت المساله مساله اعداد المجاهد لمواجهه العدو حتى تكون روحيته روحيه الجهاد الواعى المنفتح على الرساله من خلال انفتاحه على الله، و السائر فى خطواته نحو الهدف بقوه المومن، و ثبات المجاهد الواثق بنفسه من خلال ثقته بربه، المخلص لله فى كل اعماله، السائر على خط التقوى فى حياته.
و نحن هنا ندعوك- يا رب- ان تمنح المجاهد فى ساحه المعركه الاجواء النفسيه التى تقوى روحه و تثبت موقفه، فاذا قابل الاعداء فى مواقع المجابهه من خلال ما يختزنه فى نفسه من عداوتهم لله، لانهم اختاروا الشرك على التوحيد، و لانهم اعلنوا الحرب على رسوله و رسالته، و من عداوتهم له، لانهم يضمرون العداوه له و يخططون للعداون عليه و يعملون لا هلاكه.
اذا وقف فى ساحه المواجهه، فاملا قلبه بالايحاءات الروحيه التى تصغر شانهم فى قلبه، و تحقر موقعهم فى وجدانه، و تقللهم فى عينه، حتى يدفعه ذلك كله الى الاندفاع نحوهم بالجراه الروحيه التى تقتحم الميدان بعيدا عن كل مشاعر الضعف، لان مشكله الكثيرين من المجاهدين هى ما قد يعانونه من نقاط الضعف فى ذواتهم، و هيبه العدو فى صدورهم، و كثرته فى اعينهم، مما يودى بهم الى الهزيمه النفسيه التى قد يخطط لها العدو بالحرب الاعلاميه التى تضخم قوته و تقلل قوه خصومه، و لذلك فان المساله الداخليه فى حركه الوعى الذاتى للمعركه، و للعدو فى وجدان المسلم، تمثل العنصر الكبير للاهميه فى الواقع، فى ثبات المواقف، و قوه المواقع. اللهم هيى ء له اسباب النصر من قوتك و لطفك و رعايتك، و انصره عليهم و لا تنصرهم عليه، لان انتصاره انتصار لك و لرسالتك، فاذا كانت الشهاده هى قضاءك له فى ارادتك السعاده الخاتمه لحياته، فليكن ذلك بعد اجتياح العدو و هزيمته بالقتل و الاسر، لتبقى قوه المجاهدين شاخصه فى ميدان المعركه للوصول الى الهدف الكبير و هو حصول البلاد الاسلاميه بكل نواحيها على الامن و المنعه و القوه، فلا تخاف من غاره، و لا تخشى من عدوان، من خلال هزيمه العدو و ادباره. ان عظمه الشهاده هى فى مدلولها فى روحيه المومن، و حركيتها فى واقع الناس، و فاعليتها فى تحقيق الاهداف الكبرى للرساله الالهيه فى الارض.
اللهم سدد كل من يساهم فى توفير اسباب النصر
يا رب، ان قضيه الجهاد- فى جمهوره البشرى- لا تقتصر على ساحه المعركه بل تمتد فى مقوماتها الحيويه الى كل موقع فيه للمجاهدين اهل او مال و علاقات، و الى كل موقف يتصل بالمجاهدين فى حرمانهم فى غيبتهم، و حاجاتهم فى الامداد المستمر بالسلاح و العتاد و المال، و الى المشاعر الجياشه التى تحتضن شعورهم و العواطف الصادقه الطيبه التى تنفتح على حركه جهادهم، و الكلمات الطيبه المويده و المتعاطفه التى توكد امتدادهم الاعلامى و السياسى فى حياه الامه..
ان الجهاد عند ما ينطلق معركه فى الساحه، و قتالا فى الميدان لا يقف عند اعداد المجاهدين لذلك، بل ينطلق ليشمل الامه كلها، لتكون- باجمعها- مجاهده بمشاعرها و مواقفها و اعلامها و حركتها السياسيه، حتى يشعر المجاهدون بالقوه من خلال تكامل الامه معهم، حتى لا تبقى هناك ثغره ينفذ منها العدو ليلتف عليهم من خلالها، لتقوم باغلاق المنافذ السلبيه كلها..
اللهم ان هناك فى المسلمين من يقفون فى المناطق الخلفيه وراء المجاهدين و المرابطين ليخلفوهم فى اهلهم و ديارهم فى عمليه رعايه و حمايه و عنايه حتى لا يضيعوا من بعدهم، و لا يتعرضوا للعدوان، و ليتعهدوهم فى غيبتهم، بما يتعهد به الانسان امور الغائبين فى احبائهم و اوليائهم.
و ان هناك من يعملون على اعانه المجاهدين و المرابطين بالمال الذى يقدمونه من اموالهم، او يجمعونه من اموال الناس، او يدعمونهم بالسلاح و وسائل النقل و آلات الحرب المتنوعه مما يحتاجه المحاربون فى اداره شوونهم القتاليه.
و ان هناك من يعمل على تشجيع الناس على الجهاد، و تاكيد عزيمتهم عليه، بمختلف اساليب التوعيه الروحيه و السياسيه و الثقافيه، من خلال اثاره و عى المسووليه فى وجدانهم، و تحريك المشاعر فى كيانهم، و توجيه الانظار الى ما يواجه الامه من الاخطار، و ما يحيط بالاسلام من المشاكل و الاعداء، و اثاره الحديث المتنوع حول ما اعده الله للمجاهدين فى ساحه المعركه و المرابطين على ثغور الاسلام، من الثواب الجزيل و الثناء الجميل، و الرضوان الكبير، و المغفره الدائمه، و الرحمه الشامله، و اللطف العظيم.
و هناك من يعمل على تهيئه الاجواء و الظروف الملائمه للجهاد، و مواجهه كل العوائق و الموانع، و القيام بكل الحاجات الماديه و المعنويه، و هناك من المسلمين من يعيش هم المجاهدين و المرابطين، فيفكر بهم فى الليل و النهار على اساس انهم من همومه الذاتيه التى يعيشها فى حياته فكرا و حركه و شعورا، فيدعو لهم بالحمايه و النصر كما يدعو لنفسه و لاقرب الناس اليه، او يرعى حرمانهم فى حقوقهم الخاصه و العامه، فيحافظ عليها و يقف عندها، و لا يسمح لاحد بانتهاكها و تجاوز حدودها، كما لو كان حاضرا فى مواقعه الخاصه.
اللهم اعط هولاء اجرا مثل ما تعطى المجاهدين و المرابطين من اجر، وزنا بوزن و مثلا بمثل، فلا تنقصهم شيئا منه، لانهم اذا لم يجاهدوا بانفسهم لمانع شرعى او واقعى، فقد جاهدوا باموالهم و جهودهم و مشاعرهم و كلماتهم و دعواتهم، و حمايه الخلفيات الامنيه او السياسيه من ورائهم، حتى عاش الناس، من خلال هولاء، اجواء المعركه فى الانفتاح على الجهاد كله و على المجاهدين كلهم.
اللهم عوضهم عن كل نشاطهم و جهودهم و اعمالهم عوضا كاملا من ثواب الدنيا و الاخره، ليتعرفوا فى ثواب العاجل المنافع لما قدموه و المسرات فى ما قاموا به، و ليمتدوا بذلك الثواب الدنيوى الذى اعددته للعاملين فى طاعتك من عبادك، لينعموا به فى الدنيا مده حياتهم انتظارا للثواب الاخروى الذى ينتظرونه عند ما يصلون الى الدار الاخره.
قال صاحب رياض السالكين: «يستفاد من قوله (ع): «و عوضه من فعله عوضا حاضرا» الى آخره، ان الاعمال الصالحه قد يستحق بها الثواب فى الدنيا و الاخره معا، و هو ظاهر قوله تعالى: (فاتاهم الله ثواب الدنيا و حسن ثواب الاخره) (آل عمران: 148) و من زعم ان الثواب لا يكون الا فى الاخره، و ان المراد بثواب الدنيا فى الايه: ما آتاهم تفضلا منه او لطفا بهم، و تسميته ثوابا على المجاز و التوسع، فقد تكلف، على ان الاخبار عن الائمه الاطهار (عليهم السلام) مستفيضه بان من الاعمال ما يوجب الثواب فى الدنيا و الاخره».
فمن ذلك ما رواه ثقه الاسلام فى الكافى بسنده عن ابى جعفر (ع)، انه قال: «صله الارحام تزكى الاعمال، و تنمى الاموال و تدفع البلوى، و تيسر الحساب، و تنسى ء فى الاجل، و عنه (ع) قال: «قال رسول الله (ص): اعجل الخير ثوابا صله الرحم».
و بسند صحيح عن ابى عبدالله (ع) انه قال: «من اغاث اخاه المومن اللهفان اللهثان عند جهده فنفس كربته و اعانه على نجاح حاجته، كتب الله عز و جل له بذلك اثنتين و سبعين رحمه من الله، واحده يصلح بها امر معيشته، و يدخر له احدى و سبعين رحمه لا فزاع يوم القيامه و اهواله.
اللهم ارزق المسلمين على صدق نياتهم اجر المجاهدين:
يا رب، قد يكون بعض المسلمين مشروع مجاهد، من خلال اهتماماته بامور الاسلام و المسلمين، و همومه المتصله بالهم الكبير المنفتح على قضاياه و قضاياهم، و مشاكله و مشاكلهم، و من خلال احزانه و احاسيسه الشعوريه المرتبطه بما يراه من تحزب اهل الشرك و اعدادهم و استعدادهم للعدوان على الاسلام و المسلمين، فتحرك من خلال روحه الايمانيه، و مشاعره الاسلاميه، ليغزو مع الغازين و ليجاهد مع المجاهدين، ليقوم بمسووليته فى نصره الدين و اهله و هزيمه الكفر و اهله، و لكن الظروف القاسيه لم تساعده على ذلك، فاصابه الضعف فى جسده، او عرض له الضيق فى امكاناته الماديه، او حدثت له بعض الحوادث المعقده فى نتائجها، او عرضت له بعض الموانع التى تقف حائلا دون تحقيق ارادته فى الجهاد... فوقف حائرا حزينا متحسرا كاولئك الذين تحدثت عنهم فى كتابك من المومنين الذين يعيشون بعض ذلك فرفعت عنهم الجهاد، و لكن بعضهم لم يطلب ذلك بل كان يتمنى ان ترتفع بعض الموانع الحائله بينه و بين الجهاد، و ذلك هو قولك- عز اسمك- فى سوره التوبه:
(ليس على الضعفاء و لا على المرضى و لا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج اذا نصحوا لله و رسوله ما على المحسنين من سبيل و الله غفور رحيم و لا على الذين اذا ما اتوك لتحملهم قلت لا اجد ما احملكم عليه تولوا و اعينهم تفيض من الدمع حزنا الا يجدوا ما ينفقون) (التوبه: 92-91).
اللهم ان مثل هولاء الذين عاشوا الجهاد هما و امنيه و هدفا لا يختلفون عن المجاهدين فى روحياتهم و اراداتهم، بل قد يكونون افضل من بعض منهم، و اشد ايمانا، و اقوى باسا، و لكن الظروف القاهره الداخليه و الخارجيه، اقعدتهم عن ذلك.
اللهم انك جعلت النيه الكامنه فى النفس هى سر العمل، اللهم فاعطهم على نياتهم اجرا فى مستوى اجر العاملين، و اكتبهم فى الغازين العابدين، و اوجب لهم ثواب المجاهدين، و اجعلهم فى دائره الشهداء و الصالحين، لانهم لا يختلفون عنهم فى الموقف، و ان اختلفوا عنهم فى الموقع من خلال الظروف البعيده عن قدراتهم و امكاناتهم، يا رب العالمين.
يا رب، و تبقى للصلاه على النبى محمد (ص) و اهل بيته مضمونها الايمانى الرسالى فى عقولنا و قلوبنا و السنتنا، لانها تثير فى نفوسنا كل الذكريات العطره لحركته فى الدعوه و الجهاد فى سبيلك، و لسيرته الشريفه فى اخلاقه و اقواله و افعاله، و لا خلاصه لك فى سره و علانيته، و لتحمله الاذى فى سبيلك. اللهم صل عليه بافضل صلواتك و اكثرها عددا، و اتمها كرامه و ارفعها درجه، بكل ما تمثله صلواتك عليه، من رضوانك عليه و محبتك له، و رفع منزلته، و علو درجته، فانت الله الذى تمن على عبادك بالطافك و تمنحهم الحمد من محامدك، و انت الذى تبدا الخلق ثم تعيده، و تفعل ما تريد يا ارحم الراحمين.