فارسی
شنبه 22 دى 1403 - السبت 10 رجب 1446
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه
0
نفر 0

دعاوه متفزعا الى الله جل و عز

دعاوه متفزعا الى الله ‌جل‌ ‌و‌ ‌عز‌
 
 مفهوم الاخلاص لله تعالى:
 
 كيف يعيش المومن احساسه بالله عند ‌ما‌ تتحرك حاجاته ‌فى‌ حياته ‌و‌ تشتد ازماته ‌فى‌ اوضاعه، ‌و‌ تنطلق الوان البلاء ‌فى‌ حركه الواقع عنده؟ هل يوزع تطلعاته ‌و‌ امنياته بين الله ‌و‌ بين عباده فيلجا الى الله ‌فى‌ بعض اموره، ‌و‌ يستعين بعباده ‌فى‌ البعض الاخر، فيغفل عن مقام ربه، ليستغرق ‌فى‌ مظاهر القوه عند خلقه؟
 
هل يفزع الى الله عند اشتداد الخوف، ‌و‌ تعاظم المشاكل، ‌او‌ ينسى ربه فيفزع الى بعض الناس ‌من‌ حوله ليمنحوه العز بعد الذل، ‌و‌ الرفعه بعد الاتضاع، ‌و‌ الثروه بعد الفقر؟...
 ‌ان‌ الايمان بالله ‌لا‌ ‌بد‌ ‌ان‌ ينطلق ‌من‌ عمق المعرفه به، فلا قيمه للايمان بعد المعرفه، ‌و‌ ربما كان ‌من‌ اوليات المعرفه الايمانيه، ‌هو‌ معرفه الله ‌فى‌ مواقع عظمته ‌و‌ مجالات نعمته ‌فى‌ صفاته العليا، ‌و‌ اسمائه الحسنى مقارنه بالمعرفه لعباده، لتكون النتيجه ‌فى‌ ذلك كله، ‌ان‌ العبد، مهما عظمت قوته، ‌و‌ كثرت نعمته، ‌و‌ ارتفع قدره، فانه محدود بالحدود التى وضعها الله له، فهو ‌لا‌ يملك نفسه، ‌و‌ ‌لا‌ يملك ‌ما‌ حوله ‌و‌ ‌ما‌ يتصل ‌به‌ الا ‌من‌ خلال ‌ما‌ ملكه الله ‌من‌ ذلك، ‌و‌ ‌هو‌ القادر على ‌ان‌ يزيله عنه ‌فى‌ كل وقت، ‌من‌ دون ‌ان‌ يستطيع دفعا لذلك.
 ‌و‌ ‌ان‌ الله ‌هو‌ كلى القدره ‌و‌ العلم ‌و‌ الرحمه ‌و‌ اللطف ‌و‌ غير ذلك ‌من‌ صفاته الكماليه ‌و‌ الجماليه، ‌و‌ ‌هو‌ الكافى ‌من‌ كل شى ء ‌و‌ ‌لا‌ يكفى منه شى ء، ‌و‌ ‌هو‌ مالك الملك يوتى الملك ‌من‌ يشاء ‌و‌ ينزع الملك ممن يشاء ‌و‌ يعز ‌من‌ يشاء ‌و‌ يذل ‌من‌ يشاء ‌و‌ ‌هو‌ على كل شى ء قدير، ‌و‌ ‌هو‌ الذى يرزق ‌من‌ يشاء ‌من‌ عباده بغير حساب، ‌و‌ ‌هو‌ الذى يعطى الرفعه لمن يشاء له ذلك، فلا يملك احد ‌ان‌ يضعه بعد ذلك، ‌و‌ ‌هو‌ الذى يقضى بالضعه لمن يشاء، فلا يستطيع احد ‌ان‌ يرفعه بعد ذلك.
 ‌و‌ هكذا ينطلق الوعى الايمانى بالانسان الى ‌ان‌ ينقطع الى الله ‌من‌ موقع الاخلاص له، ‌و‌ يقبل بكل جوانحه ‌و‌ جوارحه عليه، ‌و‌ يصرف وجهه عن كل انسان ‌لا‌ يعيش الحاجه الى الله ‌فى‌ تكوين وجوده، ‌و‌ يبتعد بمسالته عن كل ‌من‌ استغنى عن الله ‌و‌ فضله ‌فى‌ كل شى ء، فان ذلك ‌هو‌ الذى يمثل الحقيقه ‌فى‌ ‌سر‌ ارتباط المخلوق بخالقه، ‌و‌ حاجته اليه، ‌و‌ فقره المطلق لغناه المطلق. هذا ‌من‌ الناحيه الفكريه ‌فى‌ معنى الايمان المنفتح على ‌سر‌ الله ‌فى‌ خلقه، اما ‌من‌ الناحيه الواقعيه المتحركه ‌فى‌ ‌خط‌ التجربه الواقعيه، فهناك الناس الذين يطلبون الرفعه ‌فى‌ الدرجات الاجتماعيه ‌او‌ السياسيه تخلصا ‌من‌ الضعه التى يتخبطون ‌فى‌ ‌و‌ حولها، ‌و‌ هناك الناس الذين يعيشون مراره الفقر ‌فى‌ حياتهم فيتطلبون الحصول على الثروه ‌فى‌ ساحاتهم، فيلهثون وراء هذا العزيز فيبيعونه انفسهم ليمنحهم ‌من‌ عزته شيئا، ‌و‌ يندفعون خلف هذا الرفيع فيتنازلون له عن دينهم، ليعطيهم ‌من‌ رفعته شيئا، ‌و‌ ينطلقون ‌فى‌ خدمه هذا الغنى، فيتواضعون له، ‌و‌ يقدمون بين ايديهم مواقفهم قربانا له، ليقدم لهم ‌من‌ ثروته شيئا، فتكون النتيجه انهم يزدادون بذلك ذلا ‌و‌ ضعه ‌و‌ فقرا، فيخسرون بذلك انفسهم ‌و‌ دينهم ‌و‌ مواقفهم ‌و‌ ‌لا‌ يحصلون ‌من‌ احلامهم على شى ء.
 ‌و‌ ‌فى‌ ضوء ذلك، كانت الفكره الايمانيه المشرقه ‌و‌ التجربه الحيه الواعيه، تمثلان مفتاح الوعى الروحى للانسان المومن الذى اكتشف خطا مثل هولاء الناس ‌فى‌ كل اوضاعهم العمليه، ‌من‌ دراسته لكل خطواتهم المنحرفه عن الخط، فانطلق اختباره ‌فى‌ طريق الصواب، ‌و‌ عرف كيف ياخذ ‌من‌ تجارب الاخرين درسا ينفتح ‌من‌ خلاله على تجاربه المستقبليه بطريقه ‌و‌ باخرى... ‌و‌ هكذا اتجه الى الله ليوحده ‌فى‌ كل شى ء، فلا يسال غيره ‌فى‌ ‌ما‌ يريد سواله، ‌و‌ ‌لا‌ يطلب حاجته ‌من‌ غيره، ‌و‌ ‌لا‌ يدعو احدا سواه، ‌و‌ ‌لا‌ يشرك احدا معه ‌فى‌ رجائه، ‌و‌ ‌لا‌ يتفق احد معه ‌فى‌ دعائه، فهو المدعو ‌فى‌ وحدانيه الدعاء، ‌و‌ ‌هو‌ الغنى عن عباده ‌و‌ الغالب على امرهم، ‌و‌ القوى ‌فى‌ كل معانى القوه، ‌و‌ الاعلى الذى ليس فوقه شى ء، اما الاخرون كل الاخرين، فهم الفقراء ‌فى‌ امكاناتهم، المغلبون على امرهم، المقهورون على شانهم، المتغيرون ‌فى‌ احوالهم، المختلفون ‌فى‌ اوضاعهم. فسبحان الله الذى ‌لا‌ اله الا ‌هو‌ الذى ‌لا‌ يماثله شى ء، ‌و‌ ‌لا‌ يضاده شى ء.
 ‌و‌ هكذا نجد ‌فى‌ هذا الدعاء الصغير، الكثير ‌من‌ الايحاءات الايمانيه ‌و‌ الايماءات الروحيه، ‌و‌ التجارب الواقعيه، ‌و‌ الافاق الالهيه، ‌و‌ الضعف الانسانى، لينطلق الانسان- معه- ‌فى‌ مناجاه الله، ‌من‌ كل اعماقه، ليستغرق ‌فى‌ معنى الالوهيه ‌فى‌ ‌سر‌ ربوبيته، ‌و‌ معنى العبوديه ‌فى‌ ‌سر‌ انسانيته، فيخرج ‌من‌ ذلك كله بالنتائج الايجابيه ‌فى‌ الاخلاص بالانقطاع اليه ‌و‌ الاقبال بكله عليه، ‌و‌ الاحساس بالغنى عن غيره، ايا كان فى موقع قوته ‌و‌ عزته ‌و‌ غناه، ‌و‌ الشعور بالفقر ‌فى‌ كل شى ء، لانه ولى كل شى ء ممن خلق ‌و‌ مما خلق، ‌و‌ منه الانسان الذى ينفتح على الحقيقه بعقله، ‌و‌ ينجذب اليها بقلبه.
 اللهم انى اخلصت بانقطاعى اليك، ‌و‌ اقبلت بكلى عليك، ‌و‌ صرفت وجهى عمن يحتاج الى رفدك، ‌و‌ قلبت مسالتى عمن لم يستغن عن فضلك.
 
اللهم انى اخلصت بانقطاعى اليك:
 
 ‌يا‌ رب، اننى عبدك الذى خلقته ضعيفا، يتحرك الخوف ‌فى‌ قلبه، ‌و‌ ينطلق الرعب ‌فى‌ وجدانه، ‌و‌ يلهث الفزع ‌فى‌ مشاعره، فيعيش الحيره ‌فى‌ ذلك، ‌و‌ يتساءل: الى اين، ‌و‌ الى من، ‌و‌ ‌ما‌ ‌هو‌ المصير؟... ‌و‌ يلتهب الوعى الايمانى ‌فى‌ عمق ذاته، انه الله الذى يمنح الامن للخائفين، ‌و‌ الفرح للمرعوبين، ‌و‌ الطمانينه للفزعين الحائرين، فانت الملجا ‌و‌ المفزع، فاذا اشتد الخوف فزعنا اليك، ‌و‌ اذا طاردتنا المشاكل التجانا اليك، ‌و‌ اذا اطبقت علينا الضغوط لذنا بك، ‌و‌ اذا ‌و‌ اجهتنا الشدائد وجدنا الفرج عندك، ‌و‌ اذا حاصرتنا البلايا فزعنا الى المخرج لديك.
 ‌يا‌ رب، لم يكن الاخلاص لدى مجرد احساس ‌فى‌ الذات ‌فى‌ الالتزام بربوبيتك، ‌و‌ الايمان بالوهيتك، مع الغفله عن معنى ذلك ‌فى‌ الوجدان الحركى ‌و‌ الواقع الحى، بل كان ذوبانا ‌فى‌ سرك ‌من‌ خلال معرفتى بالحق الكامن ‌فى‌ معناك، ‌و‌ ‌من‌ خلال الصفاء الروحى الذى يلتقى ينبوع الصفاء ‌و‌ النقاء ‌فى‌ اسمك. لقد نزعت ‌من‌ قلبى كل الذين يعبثون بخفقات القلوب ‌و‌ نبضاتها ‌من‌ هولاء الذين يقدمون انفسهم للناس على انهم ‌فى‌ موقع الاله ‌فى‌ القدره ‌و‌ الطاعه، ‌و‌ فرغته ‌من‌ كل شى ء يحجبنى عنك ‌او‌ يجذبنى الى غيرك.
 انه اخلاصى لك- ‌يا‌ رب- ‌فى‌ حركته الايجابيه بالالتزام بك، ‌و‌ السلبيه بالابتعاد عن غيرك، ‌و‌ باقبالى بكل عقلى ‌و‌ قلبى ‌و‌ لسانى ‌و‌ جوارحى عليك، فلا رجاء لى بغيرك ‌فى‌ شى ء، ‌و‌ ‌لا‌ التفات ‌فى‌ وجهى لكل اولئك الذين يوجهون وجوههم اليهم، فانت انت- ‌يا‌ رب- الذى وجهت وجهى اليه، ‌و‌ جعلت حياتى له، ‌و‌ اسلمت امرى اليه، فلم التفت الى عبادك الذين كانت كل حياتهم ‌فى‌ حاجاتهم الطبيعيه، حاجه الى رفدك، ‌و‌ لم اطرح مسالتى الى هولاء الفقراء ‌فى‌ كل وجودهم اليك، فلم يستغنوا عن فضلك ‌فى‌ كل شوونهم، انه الانفتاح عليك، ‌و‌ الانغلاق عن غيرك، الا ‌من‌ النافذه التى تطل عليك، ‌و‌ الافق الذى يمتد ‌فى‌ رحابك، فهم الوسائط ‌و‌ انت الاساس، ‌و‌ ‌هم‌ الاسباب ‌و‌ انت المسبب.
اللهم ‌كم‌ ‌من‌ اناس طلبوا العز بغيرك فذلوا:
 
 ‌يا‌ رب، لقد خلقت لنا العقل ‌و‌ زودته بالعناصر الكفيله بالوصول ‌به‌ الى الحقيقه، ‌من‌ خلال دراسه الاشياء بدقه ‌و‌ انفتاح ‌و‌ شموليه ‌و‌ عمق، ‌و‌ جعلته حجه على الانسان ‌فى‌ ‌ما‌ يدركه ‌من‌ القضايا المتصله بايمانه ‌و‌ مسووليته العمليه، ‌و‌ اعتبرته رسولا ‌من‌ الداخل يتكامل ‌فى‌ حركته الايحائيه التبليغيه للانسان مع الرسول ‌من‌ الخارج، ‌و‌ جعلت له الحواس الظاهره لتمنحه مواد المعرفه ‌و‌ مفرداتها ليستعين بها على الاحاطه بموضوعات احكامه.
 ‌و‌ قد فكرت بعقلى، ‌ان‌ الانسان اذا عاش تحت ضغط حاجته فلا ‌بد‌ له ‌ان‌ يرفعها الى مصدر القوه الذى يمنح القوه للضعفاء، ‌و‌ الى مصدر الغنى الذى يعطى المال للفقراء، لان ذلك ‌هو‌ الذى ينسجم مع الواقع الطبيعى للامور المتصله بحياته ‌و‌ حاجاته، ‌و‌ ادركت ‌من‌ خلال ذلك الخطا الكبير الذى يقع فيه الناس ‌فى‌ استغراقهم ‌فى‌ مظاهر القوه للاقوياء ‌من‌ عبادك، ‌او‌ ‌فى‌ مواقع الثروه لدى الاغنياء منهم، فيخيل اليهم انهم يملكون حقيقه القوه ‌و‌ الغنى ‌من‌ الموقع الذاتى ‌فى‌ شخصياتهم، ‌و‌ لو فكروا بدقه ‌و‌ عمق، لعرفوا انهم الضعفاء الذين ‌لا‌ قوه لهم الا بك، ‌و‌ انهم الفقراء الذين ‌لا‌ غنى لهم الا منك، ‌و‌ لهذا فان رجوعهم اليهم ‌و‌ استمدادهم الحاجه منهم، يشبه طلب المحتاج الذى ‌لا‌ يملك لنفسه ضرا ‌و‌ ‌لا‌ نفعا، ‌و‌ هذا ‌من‌ سفه الراى ‌و‌ ضلال العقل، فان السداد ‌فى‌ الراى ‌و‌ الرشد ‌فى‌ العقل، يفرضان على الانسان ‌ان‌ يضع ثقته ‌فى‌ مواقع القوه المطلقه ‌و‌ الغنى الذاتى، التى ‌لا‌ تنفد خزائنها ‌فى‌ كل شى ء مهما بلغت كثره العطاء.. ‌و‌ تلك هى الفكره ‌فى‌ حسابات العقل ‌فى‌ ‌ما‌ ‌هو‌ الصواب ‌و‌ الخطا ‌من‌ المساله ‌فى‌ هذا الموضوع.
فاذا انتقلنا الى التجربه، فاننا نجد الكثيرين ‌من‌ الناس الذين طلبوا العز بالانتماء الى غيرك ممن يملكون مظاهر الجاه ‌و‌ العزه، فتواضعوا لهم، ‌و‌ تنازلوا عن مواقفهم لحسابهم، ‌و‌ اسقطوا انفسهم امامهم، ليمنحوهم بعض مواقع العز ‌فى‌ مواقعهم، ‌و‌ لكنهم حصلوا على الذل بسبب ذلك، لان هذا السلوك زاد هولاء احتقارا لهم، كما اسقطهم ‌فى‌ عيون الناس، ‌و‌ تطور الامر الى احتقارهم لانفسهم.. ‌و‌ هذا الذى جعلهم يتحركون ‌فى‌ مواقع الذل ‌فى‌ الداخل ‌و‌ الخارج.
 ‌و‌ نجد آخرين ممن انطلقوا للحصول على الثروه ‌من‌ غير السبل التى فتحتها للناس، ‌و‌ بغير الوسائل التى اردت لهم ‌ان‌ ياخذوا بها، ليصلوا- ‌من‌ خلال ذلك- الى ‌ما‌ يريدون ‌من‌ الغنى، فطلبوها ‌من‌ سواك ‌من‌ عبادك الذين رزقتهم المال بتقديرك، فبذلوا لهم ماء وجوههم ‌و‌ اذلوا لهم انفسهم، ‌و‌ لكنهم لم يحصلوا ‌من‌ ذلك على شى ء مما يريدون، فازداد ‌و‌ افقرا ‌و‌ ذلا ‌و‌ هوانا، ‌و‌ اضافوا- الى فقر المال- فقر النفس.
 ‌و‌ هناك ‌من‌ الناس، الذين حاولوا الارتفاع بدرجاتهم الاجتماعيه الى المستوى الاعلى بعيدا عن الخط الذى رسمته لعبادك الذين يريدون الارتفاع الى الدرجات العليا ‌من‌ خلال طاقاتهم التى تريد لهم ‌ان‌ يفجروها للخير ‌و‌ للحق ‌و‌ للمعرفه ‌و‌ لكل ‌ما‌ يصلح امور الناس، ‌او‌ ‌من‌ خلال طاعتهم لك ‌و‌ توحيدك ‌فى‌ عبادتك، ‌و‌ اخلاصهم لربوبيتك، ‌و‌ ابتعادهم عن معاصيك، ‌و‌ لكنهم استبدلوا بذلك الخضوع لاصحاب الجاه ‌و‌ الدرجات العليا ‌فى‌ المجتمع، فتنازلوا لهم عن حريتهم ‌و‌ عزتهم ‌و‌ كرامتهم، ‌و‌ عن دينهم ‌و‌ مواقفهم، ليحصلوا على رضاهم، فلم يحصلوا الا على المزيد ‌من‌ الضعه ‌و‌ الانحطاط ‌و‌ السقوط، لان الانسان الذى ‌لا‌ يحترم نفسه ‌لا‌ يحصل على احترام الاخرين، ‌و‌ الذى يضع نفسه ‌فى‌ مواقع الاتضاع لاى شخص ‌لا‌ يملك امكانات الارتفاع الى مواطن السمو ‌و‌ العلو.
و هكذا كانت التجربه- الى جانب الفكره- دليلا لى على الحقيقه المنفتحه على عظمتك، لاكون الحازم ‌فى‌ النظره الى الامور ‌من‌ موقع الحق، فاخذ بالعبره ‌من‌ منطق الاعتبار، ‌و‌ لاكون الانسان الذى يمارس عمليه الاختيار على اساس الدراسه الواعيه التى تقوده- ‌فى‌ نتائجها الايجابيه- الى الصواب.
 

 اللهم انت موضع مسالتى:
 
 ‌و‌ هكذا وجدت- ‌يا‌ رب- انك- وحدك- موضع مساله السائلين دون غيرك، لانك الغنى الذى ‌لا‌ يحتاج احدا ‌من‌ خلقه ‌و‌ يحتاجه كل خلقه، ‌و‌ لانك الكريم الذى وسع الوجود بكرمه، انك- وحدك- منتهى مطلب الحاجات الذى امتلات بفيض جودك اوعيه الطلبات، فلا يضيق عن سوال احد، فكنت موضع مسالتى ‌فى‌ مواقع السوال، ‌و‌ ولى حاجتى ‌فى‌ حركه الحاجات، فانت الذى توتى العز ‌من‌ تشاء، ‌و‌ تعطى الرزق لمن تشاء، ‌و‌ ترفع ‌من‌ تشاء، ‌و‌ تضع ‌من‌ تشاء، لانك مالك الملك كله، ‌و‌ المهيمن على الامر كله.
 
فاذا دعوت ‌فى‌ كل ‌ما‌ يهمنى امره، فانت المخصوص بدعوتى، اليك اتوجه، ‌و‌ منك اطلب، ‌و‌ بك استغيث، ‌و‌ اياك ارجو، ‌و‌ لك ادعو، فاذا رجوت فانى ارجوك- وحدك- ‌من‌ دون ‌ان‌ اشرك بك غيرك ‌فى‌ رجائى، ‌و‌ اذا دعوت فانك المخصوص بدعائى، فلا يتفق احد معك فيه، ‌و‌ اذا ناديت، فانك المطلوب ‌فى‌ ندائى، فلا يجتمع احد معك فيه.
 فانت الغايه ‌فى‌ كل شى ء، ‌يا‌ رب العالمين.
 
الهى انت الواحد ‌فى‌ الوهيتك:
 
 ‌يا‌ رب، انت الواحد ‌فى‌ الوهيتك، كما انت الواحد ‌فى‌ ذاتك، لك الاسماء الحسنى ‌و‌ الصفات العليا ‌فى‌ جلالك ‌و‌ كمالك، ‌و‌ لكنها ‌لا‌ تتكثر فيك ‌و‌ ‌لا‌ تتجزا، بل تتوحد ‌فى‌ ذلك، فهى الكثيره ‌فى‌ مفهومها، الواحده ‌فى‌ حقيقتها، ‌و‌ انت الذى ‌لا‌ تختلف حاله، ‌و‌ ‌لا‌ تتنقل صفاته تبعا للزمان ‌و‌ المكان لانك فوق ذلك، فليس هناك حاله تغيرك، ‌و‌ ‌لا‌ ظرف يتحول بك، فانت الواحد ‌فى‌ كل ‌ما‌ للوحده ‌من‌ معنى ‌و‌ حقيقه، فلا شريك لك ‌فى‌ ذلك كله.
 ‌و‌ انت- ‌يا‌ رب- القائم بالقدره التى ‌لا‌ تغلب، ‌و‌ ‌لا‌ تحد بحد، ‌و‌ ‌لا‌ يقف دونها شى ء، ‌و‌ ‌لا‌ يتطرق اليها خلل ‌او‌ ضعف، فانت المقصود بالحوائج لجميع خلقك، ‌و‌ انت المطاع ‌فى‌ كل شى ء، ‌و‌ القادر على كل شى ء، فاذا اردت شيئا كان، ‌و‌ انت الخالق لكل شى ء، فلا يختلف عندك نوع عن نوع، ‌و‌ ‌لا‌ شكل عن شكل، فقد ابدعت ‌فى‌ خلقك الاشكال المتنوعه ‌و‌ الاضداد المتباينه، ‌و‌ الازواج المتعدده.
 انت- ‌يا‌ رب- الذى تملك الدرجه الرفيعه ‌فى‌ القدره على التصرف ‌و‌ التحرك، ‌و‌ ‌فى‌ القوه التى تختزن ‌فى‌ ذاتها كل عناصر القدره ‌فى‌ تمامها ‌و‌ كمالها، ‌و‌ انت الذى علوت ‌فى‌ سلطانك فلم يبلغ احد درجه علوك لانك الاعلى فوق كل عال، ‌و‌ انت الذى ارتفعت ‌فى‌ شانك ‌و‌ عظمتك فلم يقترب احد ‌من‌ ذلك، لان وجودك ‌هو‌ الذى استغنى عن كل وجود آخر، فانت الغنى عن كل شى ء، ‌و‌ انت وحدك ‌فى‌ كل معنى ‌فى‌ الذات ‌و‌ ‌فى‌ الصفه ‌و‌ ‌فى‌ الدرجه ‌و‌ ‌فى‌ الشان، فلا معنى لغيرك معك.
اما الاخرون، كل الاخرين ‌من‌ خلقك، فهم المحتاجون اليك ‌فى‌ امتداد اعمارهم، ‌لا‌ يملكون لانفسهم البقاء ‌فى‌ ايه لحظه، بل ‌هم‌ بحاجه الى رحمتك ‌فى‌ كل لحظاتهم، ‌و‌ ‌هم‌ المغلوبون على كل امورهم، لانهم خاضعون ‌لا‌ رادتك، واقعون تحت سيطرتك، فلا يملكون لانفسهم نفعا ‌و‌ ‌لا‌ ضرا، ‌و‌ ‌لا‌ حول لهم ‌و‌ ‌لا‌ قوه الا بك، ‌و‌ ‌هم‌ المقهورون على شوونهم فلا يملكون الاستقلال ‌فى‌ ‌اى‌ شى ء منها، ‌و‌ ‌هم‌ المختلفون ‌فى‌ حالاتهم ‌من‌ حاله الى اخرى لانهم ‌لا‌ يملكون الثبات ‌فى‌ الذات، ‌و‌ الوحده ‌فى‌ الحركه، المتنقلون ‌فى‌ الصفات ‌من‌ صفه الى اخرى، فلا يثبتون على حاله، ‌و‌ ‌لا‌ يستمرون على صفه، فهم بين نوم ‌و‌ يقظه ‌و‌ راحه ‌و‌ تعب، ‌و‌ غنى ‌و‌ فقر، ‌و‌ سرور ‌و‌ حزن، ‌و‌ لذه ‌و‌ الم، ‌و‌ علم ‌و‌ جهل، لان الظروف المتعاقبه هى التى تترك تاثيراتها الايجابيه ‌و‌ السلبيه عليهم، فهم خاضعون لها ‌من‌ خلال انفعال اجسادهم ‌و‌ اوضاعهم بكل الموثرات الخارجيه ‌او‌ الداخليه.
 ‌و‌ بذلك كانوا ‌فى‌ وجودهم، المحتاجين اليك ‌فى‌ كل شى ء، ليتوازن وجودهم برعايتك ‌و‌ رحمتك ‌و‌ تدبيرك ‌و‌ قدرتك، فانت الملاذ ‌و‌ المرجع لهم ‌فى‌ كل ‌ما‌ يعرض ‌او‌ يحيط بهم ‌من‌ عناصر الحركه ‌و‌ التغيير ‌فى‌ حياتهم كلها، لتعطى لها توازنها ‌و‌ استقرارها.
 
فتعاليت- ‌يا‌ رب- عن ‌ان‌ يكون لك ‌فى‌ خلقك شبيه يما ثلك، ‌او‌ ‌ضد‌ يعاندك، ‌و‌ تكبرت ‌و‌ تنزهت عن ‌ان‌ يكون لك ند يساويك، ‌او‌ مثل يشابهك، فانت الواحد ‌فى‌ عظمتك، المتفرد ‌فى‌ الوهيتك، القاهر فوق عبادك، ‌و‌ القادر على كل شى ء، فسبحانك تنزيها لك عما ‌لا‌ يليق بشانك الاقدس ‌و‌ جنابك الاعلى عن جميع المخلوقين، فانت الله الذى ‌لا‌ اله الا انت، فلا يستحق العباده سواك، ‌و‌ ‌لا‌ يملك الربوبيه غيرك ‌يا‌ رب العالمين.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

دعاوه فى الصلاه على حمله العرش و كل ملك مقرب
دعاوه فى الالحاح على الله تعالى
دعاوه فى یوم الاضحى و یوم الجمعه
دعاوه اذا استقال من ذنوبه
دعاء دخول شهر رمضان
دعاوه عند الصباح و المساء
دعاوه فى طلب العفو و الرحمه
دعاوه لنفسه و اهل ولایته
و كان من دعائه (علیه السلام) بعد الفراغ من صلاه ...
دعاوه عند الشده و الجهد و تعسر الامور

بیشترین بازدید این مجموعه


 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^