فارسی
شنبه 22 دى 1403 - السبت 10 رجب 1446
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه
0
نفر 0

دعاوه فى الاستخاره

دعاوه ‌فى‌ الاستخاره
 
 تحديد الاستخاره:
 
 الاستخاره، طلب الخيره، ‌و‌ هى الاختيار. ‌و‌ ‌فى‌ اساس البلاغه: «استخرت الله ‌فى‌ ذلك فخار لى، ‌اى‌ طلبت منه خير الامرين فاختاره لى».
 ‌و‌ الاستخاره هى الوسيله التى يستخدمها المسلمون للتعرف على المستقبل ‌فى‌ الامر الذى يتحركون نحوه فعلا ‌و‌ تركا، ‌و‌ يعيشون ‌فى‌ حيره ‌من‌ خلال احتمالات الصلاح ‌و‌ الفساد ‌او‌ الخير ‌و‌ الشر فيه، ‌و‌ ‌لا‌ يملكون طريقا الى معرفته، فيلجاون الى الله- بطرق متعدده- ليختار لهم ذلك ‌او‌ ليتعرفوا طبيعته ‌فى‌ المصلحه ‌و‌ المفسده فيه و قد شاع امرها بين المسلمين ‌و‌ استفاضت الاحاديث ‌فى‌ الدعوه اليها ‌و‌ التاكيد على شرعيتها.
 فقد جاء ‌فى‌ صحيح البخارى عن جابر ‌بن‌ عبدالله قال: «كان رسول الله (ص) يعلمنا الاستخاره ‌فى‌ الامور كلها كالسوره ‌من‌ القرآن، يقول: اذا ‌هم‌ احدكم بالامر فليركع ركعتين ‌من‌ غير الفريضه ثم ليقل: اللهم انى استخيرك بعلمك ‌و‌ استقدرك بقدرتك ‌و‌ اسالك ‌من‌ فضلك العظيم، فانك تقدر ‌و‌ ‌لا‌ اقدر، ‌و‌ تعلم ‌و‌ ‌لا‌ اعلم، ‌و‌ انت علام الغيوب، اللهم ‌ان‌ كنت تعلم هذا الامر- ‌و‌ تسميه- خيرا لى ‌فى‌ دينى ‌و‌ معاشى ‌و‌ عاقبه امرى فقدره لى، ‌و‌ يسره لى، ‌و‌ بارك لى فيه، ‌و‌ ‌ان‌ كنت تعلم انه ‌شر‌ لى ‌فى‌ دينى ‌و‌ معاشى ‌و‌ عاقبه امرى فاصرفه عنى، ‌و‌ اصرفنى عنه، ‌و‌ اقدر لى الخير حيثما كان، ‌و‌ رضنى به.
 ‌و‌ عن انس قال: قال رسول الله (ص): «يا انس، اذا هممت بامر فاستخر ربك فيه سبع مرات، ثم انظر الى الذى سبق الى قلبك، فان الخير فيه».
 ‌و‌ جاء ‌فى‌ الكافى، ‌فى‌ ‌ما‌ رواه الكلينى بسند صحيح، قال: قال ابوعبدالله: «صل ركعتين، ‌و‌ استخر الله، فو الله ‌ما‌ استخار الله مسلم الا خار له البته».
 
 اشكال الاستخاره:
 
 ‌و‌ قد تنوعت اشكال الاستخاره، فهناك الاستخاره بالدعاء ‌و‌ قد تقدم الحديث عنه ‌فى‌ روايه البخارى، ‌و‌ جاء ‌فى‌ الكافى عن الامام الباقر (ع) قال: «كان على ابن الحسين (عليهماالسلام) اذا ‌هم‌ بامر ‌حج‌ ‌او‌ عمره ‌او‌ بيع ‌او‌ شراء ‌او‌ عتق تطهر ثم صلى ركعتى الاستخاره، يقرا فيهما ‌و‌ سوره الرحمن، ثم يقرا سوره الحشر المعوذتين ‌و‌ ‌قل‌ ‌هو‌ الله احد، ثم يقول: اللهم ‌ان‌ كان كذا ‌و‌ كذا خيرا لى ‌فى‌ دينى ‌و‌ دنياى ‌و‌ آخرتى ‌و‌ عاجل امرى ‌و‌ آجله فيسره لى على احسن الوجوه ‌و‌ اجملها، ‌و‌ ‌ان‌ كان كذا ‌و‌ كذا شرا لى فى، ‌و‌ دنياى ‌و‌ آخرتى ‌و‌ عاجل امرى ‌و‌ آجله فاصرفه عنى على احسن الوجوه، رب اعزم لى على رشدى، ‌و‌ ‌ان‌ كرهت ذلك ‌او‌ ابته ‌فى‌ نفسى».
 ‌و‌ هناك الاستخاره بالمصحف، ‌و‌ قد جاء ‌فى‌ روايه الشيخ الطوسى ‌فى‌ التهذيب بسنده الى اليسع القمى، قال: قلت لابى عبدالله جعفر الصادق (ع): «اريد الشى ء فاستخير الله فيه، فلا يوفق فيه الراى، افعله ‌او‌ ادعه؟ فقال: انظر اذا قمت الى الصلاه، فان الشيطان ابعد ‌ما‌ يكون ‌من‌ الانسان اذا قام الى الصلاه، فانظر الى شى ء يقع ‌فى‌ قلبك فخذ ‌به‌ ‌و‌ افتح المصحف، فانظر الى اول ‌ما‌ ترى فيه فخذ ‌به‌ ‌ان‌ شاء الله تعالى».
 ‌و‌ هناك الاستخاره بالرقاع، ‌و‌ قد جاء ‌فى‌ روايه الكافى عن غير واحد بسنده عن هارون ‌بن‌ خارجه، عن ابى عبدالله جعفر الصادق (ع)، قال: «اذا اردت امرا فخذ ست رقاع، فاكتب ‌فى‌ ثلاث منها «بسم الله الرحمن الرحيم- خيره ‌من‌ الله العزيز الحكيم لفلان ابن فلانه، افعله» ‌و‌ ‌فى‌ ثلاث منها «بسم الله الرحمن الرحيم، خيره ‌من‌ الله العزيز الحكيم لفلان ابن فلانه، ‌لا‌ تفعل»، ثم ضعها تحت مصلاك، فاذا فرغت فاسجد سجده، ‌و‌ ‌قل‌ فيها مائه مره: «استخير الله برحمته خيره ‌فى‌ عافيه» ثم استو جالسا ‌و‌ قل: اللهم خر لى ‌و‌ اختر لى ‌فى‌ جميع امورى ‌فى‌ يسر منك ‌و‌ عافيه»، ثم اضرب بيدك الى الرقاع فشوشها ‌و‌ اخرج واحده واحده، فان خرج ثلاث متواليات «افعل» فافعل ذلك الامر الذى تريده، ‌و‌ ‌ان‌ خرج ثلاث متواليات «لا تفعل»، فلا تفعله، ‌و‌ ‌ان‌ خرجت واحده «افعل»، ‌و‌ الاخرى «لا تفعل»، فاخرج ‌من‌ الرقاع الى خمس، فانظر اكثرها فاعمل به، ودع السادسه ‌لا‌ تحتاج اليها».
 ‌و‌ هناك الاستخاره بالسبحه، ‌و‌ جاء الحديث عنها ‌فى‌ عده اخبار.
 ‌و‌ قد اختلف العلماء ‌فى‌ بعض هذه الاساليب ‌فى‌ اكتشاف المستقبل مما يريد الانسان فعله ‌و‌ تركه، فقد انكر محمد ‌بن‌ ادريس الاستخاره بالرقاع مطلقا، فقال ‌فى‌ السرائر: «اما الرقاع ‌و‌ البنادق ‌و‌ القرعه فمن اضعف اخبار الاحاد ‌و‌ شواذ الاخبار».
 ‌و‌ قال: «و المحصلون ‌من‌ اصحابنا ‌ما‌ اختاروا ‌فى‌ كتب الفقه الا ‌ما‌ اخترناه ‌من‌ الاستخاره بالدعاء، ‌و‌ ‌لا‌ يذكرون البنادق ‌و‌ الرقاع ‌و‌ القرعه الا ‌فى‌ كتب العبادات». ‌و‌ رده علماء آخرون كالعلامه الحلى ‌فى‌ المختلف، ‌و‌ الشهيد ‌فى‌ الذكرى.
 
 مواقع الاستخاره:
 
 ‌و‌ لسنا- هنا- ‌فى‌ مقام تحقيق المساله ‌من‌ الناحيه الفقهيه، فهناك اكثر ‌من‌ ملاحظه على بعض ‌ما‌ ذكروه ‌من‌ الاحاديث ‌من‌ حيث التوثيق ‌فى‌ السند ‌و‌ الدقه ‌فى‌ المتن، ‌و‌ لكننا نريد ‌ان‌ نوكد على نقطه حيويه مهمه، ‌و‌ هى ‌ان‌ الاستخاره ليست بديلا عن التفكير ‌فى‌ القضايا التى يريد الانسان القيام بها ‌او‌ الاعراض عنها، مما قد تختلف فيه وجوه الراى ‌من‌ حيث المصالح ‌او‌ المفاسد الكامنه ‌فى‌ داخلها ‌او‌ الاحتمالات المتنوعه ‌فى‌ هذا الموقف ‌او‌ ذاك، فان الله ‌لا‌ يريد للانسان ‌ان‌ يجمد تفكيره ‌فى‌ اختيار موقفه ‌او‌ موقعه ‌فى‌ اموره الخاصه ‌او‌ العامه باعتبار مسووليته ‌فى‌ عمليه الاختيار التى تحدد له عمله ‌و‌ خياره، فان الله سوف يساله عن ذلك ‌و‌ ‌لا‌ ‌بد‌ له ‌ان‌ يجادل عنه يوم القيامه، فلا ‌بد‌ له ‌من‌ دراسه الموضوع بكل جوانبه ‌و‌ خلفياته ‌و‌ معطياته ‌و‌ نتائجه ليتخذ قراره ‌من‌ خلال ذلك كله، ‌و‌ ليس بديلا عن الاستشاره، فان الله اراد للمسلمين ‌ان‌ يجعلوا «امرهم شورى بينهم»، حتى انه ادب نبيه محمد (ص) ‌ان‌ يشاور اصحابه كوسيله ‌من‌ وسائل تربيتهم على هذا النهج ‌فى‌ دراسه القضايا المهمه التى يتحركون فيها ‌فى‌ علاقتهم ببعضهم البعض، ‌و‌ ‌فى‌ علاقه القياده بالقاعده، حتى لو كانت القياده ‌فى‌ موقع النبوه التى ‌لا‌ تحتاج الى آراء الاخرين ‌من‌ خلال ارتباطها بوحى الله.
 ‌و‌ لهذا فان اللجوء الى الاستخاره ‌لا‌ ‌بد‌ ‌ان‌ يكون بعد استنفاد التفكير ‌فى‌ الموضوع، ‌و‌ عدم الوصول الى نتيجه فيه ثم الرجوع الى اهل الراى ‌من‌ اهل الخبره لا ستشارتهم، ‌و‌ عدم الحصول على نتيجه حاسمه فيه، بحيث تبقى القضيه بين احتمالين متساويين ‌او‌ متقاربين يفرضان الحيره ‌فى‌ حركه الانسان ‌فى‌ المستقبل نحو المساله المطروحه امامه، فيفزع الى ربه ‌فى‌ عمليه استلهام لما يختاره الله له، ‌و‌ استغاثه ‌به‌ ‌فى‌ انفتاحه على معرفه صلاح الامر ‌او‌ فساده مما يتوجه الى فعله ‌او‌ تركه، ‌و‌ بذلك ترتبطه المساله ‌فى‌ وعى الانسان المسلم بالايمان بالله ‌و‌ الثقه ‌به‌ ‌و‌ ارجاع الامر اليه ‌فى‌ الامور كلها، لتكون حركته ‌فى‌ اتجاه الانفتاح على الله ‌من‌ دون ‌ان‌ يبتعد عن نهج الله للانسان ‌و‌ سنته ‌فى‌ الواقع الفردى ‌و‌ الاجتماعى ‌فى‌ الاخذ بالوسائل الطبيعيه التى هياها الله له لياخذ بها ‌فى‌ حركته ‌فى‌ الوصول الى غاياته، ‌و‌ ليكون وعيه الوجدانى منطلقا ‌فى‌ الخط الايمانى الذى يختزن ‌فى‌ ذاته الروحيه التى توكل الامور الصعبه التى ‌لا‌ يملك معرفه طبيعتها ‌و‌ ‌لا‌ يملك حلها، الى الله، فيتوكل عليه ‌فى‌ ذلك كله.
 ‌و‌ ‌فى‌ ضوء ذلك ‌لا‌ ‌بد‌ للانسان ‌فى‌ الاستخاره ‌من‌ التوجه الى الله بقلبه، ‌و‌ استعطافه بدعائه، ‌و‌ الاستغاثه ‌به‌ ليكشف له الواقع الخفى ‌و‌ ليلهمه وجه الصواب ‌و‌ ليتحرك ‌فى‌ وضوح الرويا للاشياء، فلا يندفع اليها كما يفعل البعض بطريقه تقليديه جامده، ‌لا‌ روحانيه ‌فى‌ كلماتها ‌و‌ ‌لا‌ خشوع ‌فى‌ دعائها، لانها- ‌فى‌ هذه الحال- ‌لا‌ تمثل رجوعا الى الله بل تمثل استغراقا ‌فى‌ الادوات التى يستعملها ‌فى‌ هذه القضيه.
 ‌و‌ لعل اقرب اساليب الاستخاره الى مضمون الادعيه الوارده ‌فى‌ هذا الموضوع ‌هو‌ الاستخاره بالدعاء الذى يتوجه ‌به‌ الانسان الى الله بعد الصلاه ليختار له ‌فى‌ الواقع المستقبلى للحركه، ‌ما‌ يعلم وجه المصلحه ‌او‌ المفسده فيه، فتكون القضيه استسلاما لله ‌و‌ توكلا عليه، تماما كما ‌هو‌ الحال ‌فى‌ انطلاق الانسان نحو تفاصيل حياته ‌فى‌ مشاريعه الخاصه ‌او‌ العامه ‌فى‌ ‌خط‌ التوكل الى الله بعد توفير الاسباب ‌و‌ الوسائل التى توصله الى غايته، ‌و‌ وقوفه حائرا امام المستقبل المملوء بالمفاجات الطارئه، ‌او‌ الخفايا الغامضه، ‌او‌ نحو ذلك.
 
و على ضوء هذا، فلا تكون القضيه قضيه استكشاف للغيب، ‌او‌ استشراف للمستقبل، بل تكون قضيه استسلام لله ‌من‌ موقع الايمان الواعى ‌و‌ الوجدان الروحى، فيزداد الانسان بذلك ايمانا، لانه يزداد ‌فى‌ هذه التجربه استسلاما له.
 ‌و‌ قد يكون ‌فى‌ اسلوب استعمال القرآن الكريم ‌فى‌ الاستخاره بالطريقه التى يتداولها الناس، نوع ‌من‌ الابتعاد بالقرآن عن غايته، ‌و‌ تحويله الى كتاب لاستشراف الخفايا ‌و‌ استكشاف المستقبل، مما قد يدفع بالناس الى الاستغراق الى الجانب التقليدى ‌فى‌ العلاقه بالقرآن فيكون كتابا للبركه ‌و‌ الاستشفاء ‌و‌ الاستخاره فيودى ذلك الى فقدان الروحيه الثقافيه ‌و‌ الايمانيه ‌فى‌ الانفتاح على مضمونه ليكون نورا ‌فى‌ العقل، ‌و‌ صفاء ‌فى‌ القلب، ‌و‌ هديا ‌فى‌ الطريق، ‌و‌ استقامه ‌فى‌ الخط، ‌و‌ توازنا ‌فى‌ الخطى، ‌و‌ وضوحا ‌فى‌ الوسائل ‌و‌ الغايات، اننا ‌لا‌ نريد ‌ان‌ نرفض المساله ‌من‌ حيث المبدا، ‌و‌ لكننا نرفض الاستغراق الايحائى الذى قد يختزن الكثير ‌من‌ السلبيات التى تجمد القرآن ‌فى‌ وجدان المسلمين بدلا ‌من‌ ‌ان‌ يكون حركه متجدده ‌فى‌ حياتهم.
 ‌و‌ ‌فى‌ هذا الدعاء حديث الانسان المومن مع الله ‌فى‌ الطلب اليه ‌ان‌ يختار له ‌فى‌ ‌ما‌ يعزم عليه ‌من‌ فعل ‌او‌ ترك، الخير كله، لانه العالم بالخفايا ‌فى‌ الحاضر ‌و‌ المستقبل، فيقضى له بما يصلح امره ‌فى‌ واقع حياته ‌و‌ يلهمه معرفه اختياره للافضل ‌من‌ الامور عندما تتحرك الاحتمالات المتنوعه ‌فى‌ ذهنه فيحار فيها، ماذا ياخذ ‌و‌ ماذا يدع.
 فاذا انطلق الانسان ‌فى‌ خياره ‌فى‌ اجواء الايحاء بانه قضاء الله ‌و‌ حكمه، فليطلب ‌من‌ ربه ‌ان‌ يرضيه بما قضاه ‌و‌ ‌ان‌ يستسلم لما حكم له، ‌و‌ ‌ان‌ يبعد عنه ريب المرتابين ‌و‌ ‌شك‌ الشاكين، لتكون حركته ‌من‌ خلال عمق الاخلاص ‌فى‌ يقينه بالله ‌و‌ بما يلطف ‌به‌ ‌و‌ يرحمه ‌و‌ يسدده ‌فى‌ كل مواقع حياته، ‌و‌ وضوح الرويه ‌فى‌ ‌ما‌ يقبل عليه، فلا يكون عاجزا عن الاختيار حائرا ‌فى‌ امتداد الطريق، فان ذلك قد يودى الى ‌ان‌ يتنكر الانسان الذى يعيش ‌فى‌ الضباب الفكرى ‌و‌ الروحى لقدر الله ‌و‌ يكره مواقع رضاه، ‌و‌ ينحرف الى الاتجاهات التى تبتعد ‌به‌ عن العاقبه السليمه ‌و‌ النتيجه الخيره ‌و‌ تقترب ‌به‌ ‌من‌ المرض الروحى ‌و‌ الفكرى الذى يودى الى نوع ‌من‌ الموت العملى.
 ‌ان‌ هذا الدعاء يوكد الجانب الروحى ‌فى‌ المساله الفكريه ‌فى‌ الامور التى يريد الانسان وضوح الرويه فيها ‌فى‌ حركته، فيتجه الى الله ‌فى‌ عمليه استلهام ‌و‌ استيحاء للراى الاصوب ‌و‌ القرار الافضل ‌و‌ النهج الاقوم، ليبدا بالتوجه الى الله قبل البدء بدراسه احتمالات الامور المختلفه، فيكون تفكيره ‌فى‌ رعايه الله ‌و‌ ‌فى‌ ‌خط‌ عنايته، ثم ليحمل نفسه على الرضى بقضاء الله ‌و‌ قدره ‌و‌ الخضوع لحكمه اذا علم بموقع قضاء الله ‌و‌ حكمه ‌فى‌ حياته. ‌و‌ بهذا يكون الدعاء ‌و‌ ثيقه فكريه ‌و‌ حركه ثقافيه ‌فى‌ تاصيل المفهوم الاسلامى ‌من‌ موقع روحى مميز بالاضافه الى الجانب الروحى الذى يعيشه الانسان ‌فى‌ خشوعه بين يدى الله.
 اللهم انى استخيرك بعلمك، فصل على محمد ‌و‌ آله، ‌و‌ اقض لى بالخيره، ‌و‌ الهمنا معرفه الاختيار، ‌و‌ اجعل ذلك ذريعه الى الرضا بما قضيت لنا، ‌و‌ التسليم لما حكمت.
 
اللهم انى استخيرك بعلمك:
 
 ‌يا‌ رب، انا الانسان الحائر الذى تغرقه حيرته ‌فى‌ بحار الشكوك، ‌و‌ تتجاذبه اطراف الاحتمالات، فلا املك ‌فى‌ موقفى هذا وضوح الرويا للاشياء، ‌و‌ ‌لا‌ اعرف وجه الصلاح ‌او‌ الفساد ‌فى‌ ‌ما‌ اريد الاقدام عليه، ‌و‌ انت- ‌يا‌ رب- الهادى الى حقائق الامور، لانك الذى الهمت كل نفس هداها، ‌و‌ عرفت كل انسان طريق الخير ‌و‌ الشر ليختار لنفسه، ‌و‌ انا هنا اطلب منك ‌ان‌ تختار لى ‌ما‌ فيه صلاح امرى ‌فى‌ الدنيا ‌و‌ الاخره ‌من‌ خلال علمك بالامور ‌و‌ اشرافك على المستقبل، لانك الخالق لها، ‌و‌ العالم بخفايا الغيب، فليكن قضاوك لى بالخير ‌فى‌ وعى الوجدان للاشياء، ‌و‌ ‌فى‌ حركه الواقع ‌فى‌ اتجاهه ‌من‌ خلال الهامك للانسان الذى يشرق نورا ‌فى‌ العقل ‌و‌ القلب ‌و‌ يتحول الى حركه واعيه ‌فى‌ العمل، فاذا الهمتنا ذلك ‌و‌ عرفتنا السبيل الى الهدى فاجعل هذا الوضوح ‌فى‌ الرويا، ‌و‌ اليقين بالقرار، وسيله ‌من‌ وسائل الرضى بقضائك، لان قضاءك ‌لا‌ ينفتح الا على الخير كله، ‌و‌ التسليم لحكمك ‌فى‌ ‌ما‌ حكمت، لان حكمك ينطلق ‌من‌ الحكمه ‌فى‌ تقدير الامور ‌و‌ العدل ‌فى‌ مواقعها ‌من‌ خلال لطفك ‌و‌ علمك الذى ينفذ الى حقائق الواقع بعيدا عن منطقه الاحساس المادى بالحلاوه ‌و‌ المراره، فانت الذى يعيش الخلائق كلهم ‌فى‌ رعايتك ‌و‌ ‌فى‌ امتداد حكمك فيطمئنون لحياتهم ‌فى‌ حاضرها ‌و‌ مستقبلها ‌فى‌ استسلام كلى لك، لانك تعرف ‌من‌ مصالحهم الحقيقيه ‌ما‌ ‌لا‌ يعرفون.
 
 اللهم ايدنا بيقين المخلصين:
 
 ‌يا‌ رب، ‌ان‌ مشكلتنا ‌فى‌ وجودنا الانسانى ‌فى‌ حركه الاحساس ‌فى‌ داخلنا، ‌و‌ ‌فى‌ ادراك الفكر ‌فى‌ عقولنا، هى هذه الوساوس التى تنتابنا بين وقت ‌و‌ آخر، فتخلق ‌فى‌ ‌هو‌ اجسنا القلق ‌و‌ الحيره اللذين يوحيان لنا بالشك تاره ‌فى‌ ‌ما‌ نقبل عليه ‌من‌ قضايا ‌و‌ مشاريع، ‌و‌ بالتهمه لقضائك ‌فى‌ ‌ما‌ قدرت ‌او‌ تقدر لنا، فنفقد سلام الايمان بك ‌و‌ بان قضاءك ‌لا‌ يجرى الا بالخير لعبادك، لانك تعلم ‌ما‌ ‌لا‌ يعلمون.
 انها وسوسه الشيطان الذى ‌لا‌ يريد لنا الحصول على راحه اليقين، ‌و‌ طمانينه الوعى، ‌و‌ اخلاص الايمان، ‌و‌ استقرار الموقف، ‌و‌ ثبات الموقع.
 ‌و‌ نحن ‌لا‌ نريد ‌ان‌ نسقط تحت تاثيرها، ‌او‌ نتحرك ‌فى‌ ايحاءاتها، لاننا نعلم- ‌من‌ حيث علمتنا- انه العدو الذى يخطط لنا للابتعاد عنك، ‌و‌ التعرض لغضبك، ‌و‌ الانصراف عن الارتباط بك ‌فى‌ علاقه المومنين بربهم ‌من‌ موقع الاستسلام الكلى ‌و‌ الطاعه المطلقه.
 فاعنا على الوقوف ‌فى‌ مواجهته بالتمرد على وساوسه ‌و‌ الابتعاد عن حاله الشك الى حاله اليقين،
فندع ‌ما‌ يريبنا الى ‌ما‌ ‌لا‌ يريبنا، لنقف مع الاشياء التى تمر بنا ‌او‌ نعمل لها موقف الواعين لحقائقها المنفتحين على ارتباطها بالنظام الاسلامى ‌فى‌ نظام الكون ‌فى‌ سنن الله التى ترتكز على حكمته ‌و‌ علمه ‌و‌ رحمته، فلا نشك ‌فى‌ حكمك ‌و‌ ‌لا‌ نتهمك ‌فى‌ قضائك الذى قضيت علينا ‌و‌ خيرتك التى اخترت لنا، فلا معنى للشك ‌فى‌ حكمك ‌و‌ ‌هو‌ الحق الذى ‌لا‌ ريب فيه، ‌و‌ ‌لا‌ مجال ‌لا‌ تهامك ‌فى‌ قضائك لانك الرب الغنى عن عباده ‌فى‌ كل وجودهم ‌و‌ ‌هو‌ الرحيم بهم ‌من‌ موقع خلقه لهم، فايه حاجه ‌به‌ الى ‌ان‌ ينصرف معهم بغير الصلاح ‌او‌ يفرض عليهم الشر، تعاليت عن ذلك علوا كبيرا.
 ‌ان‌ المساله هى ‌ان‌ تقديرك للامور ‌فى‌ كل ‌ما‌ يتعلق بنا يرتبط ارتباطا كليا بما علمناه ‌من‌ جميع اوضاعنا العامه ‌او‌ الخاصه، ‌من‌ خلال العمق العميق لحركه الواقع ‌فى‌ الحياه، ‌و‌ لكننا ‌لا‌ ندرك اسرارها ‌و‌ خفاياها فنفكر فيها بطريقه اخرى، ‌و‌ نتعقد ‌من‌ بعض الوان القضاء التى قد تجلب الينا بعض المشاكل ‌و‌ الالام ‌و‌ المتاعب مما قد يكون له وجه باطنى الى جانب الوجه الظاهرى، فنستعجل الاحكام السريعه التى ترتكز على ‌ما‌ يظهر ‌من‌ ملامح الواقع، فيودى بنا ذلك الى التحرك نحو النتائج التى قد تكون لها ابعاد سلبيه علينا ‌فى‌ نهايات الامور بحيث يبتعد عن العاقبه المنتظمه على الخير المستقبلى للانسان، ‌و‌ يقترب ‌من‌ الاوضاع التى ‌لا‌ تلتقى بالعافيه ‌فى‌ الواقع الداخلى ‌و‌ الخارجى بل تتصل بالمواقف المضاده لها ‌فى‌ حركه الانسان ‌فى‌ الواقع.
 ‌ان‌ وعى ذلك كله ‌من‌ خلال ‌و‌ عينا لمقام الربوبيه ‌فى‌ علاقه الرب بالمربوبين ‌فى‌ موقع اللطف ‌و‌ الرحمه ‌و‌ الحكمه ‌و‌ الغنى عن كل ‌ما‌ يتصل بهم ‌من‌ خير ‌او‌ شر، ‌هو‌ الذى يجعلنا نفكر بالابتعاد عن هذه الوساوس الشيطانيه التى تريد ‌ان‌ تفصل بيننا ‌فى‌ مشاعرنا ‌و‌ بين الانسجام مع ‌خط‌ العقيده ‌فى‌ التوحيد الالهى ‌فى‌ انفتاحنا عليه ‌من‌ استسلامنا له ‌و‌ اتكالنا عليه.
اللهم خر لنا ‌ما‌ فيه صلاحنا:
 
 ‌يا‌ رب، اننى انا الانسان الخاضع ‌لا‌ حاسيسه ‌و‌ مشاعره المتاثره بالحالات الانفعاليه ‌فى‌ شخصيته ‌و‌ بالاوضاع الطارئه ‌فى‌ حياته، الذى ينظر الى الامور ‌من‌ خلال ذاته بعيدا عن الظروف الموضوعيه المحيطه بالناس ‌من‌ حوله، ‌و‌ يفكر فيها- غالبا- ‌من‌ موقع السطح الذى يمنح الفكر الصوره الظاهره، ‌و‌ ‌لا‌ ينفذ الى تجسيد الجانب العميق ‌من‌ الصوره، فيكره بعض الاحداث ‌و‌ الاوضاع ‌و‌ المواقع التى يفرضها عليه قضاوك الذى اخضعت له الحياه ‌من‌ خلال ‌ما‌ يصلح امرها ‌و‌ امر الانسان فيها، بحيث يتمثل الفرح ‌فى‌ النهايه ‌فى‌ قلب الحزن ‌فى‌ البدايه، ‌او‌ ينطلق الصلاح ‌فى‌ اول العمل بينما يختبى ء الفساد ‌فى‌ عاقبته.
 فهب لى- ‌يا‌ رب- ‌و‌ عيا بحقائق الحياه ‌و‌ بواطنها، ‌و‌ وفقنى للابتعاد عن العجله ‌فى‌ الانفعال بالظهور، ‌و‌ الوقوف عند البدايات بعيدا عن دراسه النهايات، حتى احب الالم الذى يعتصر قلبى، لان هناك نتائج للذه يختزنها عقلى، ‌و‌ ‌او‌ ازن بين قضائك الذى يجمع الحياه لها ‌فى‌ الصلاح ‌و‌ يربط بين الناس ‌فى‌ قضايا الخير، ‌و‌ يدفع بالنتائج ‌فى‌ غلبه الايجابيات على السلبيات، ‌و‌ بين نوازع مطامحى ‌و‌ مشاعرى المختنقه ‌فى‌ داخل الذات، لاختار ‌ما‌ قضيت، ‌و‌ ‌لا‌ بتعد عن الشعور بالكره له، ‌لا‌ كون ‌فى‌ الخط المستقيم الذى يشير الى الغايه الكبرى للسعاده التى تجمع لى الدنيا ‌و‌ الاخره ‌فى‌ ‌خط‌ واحد.
 ‌و‌ قد تواجهنى- ‌يا‌ رب- العقبات، ‌و‌ تقف ‌بى‌ الحواجز، ‌و‌ تطبق على المصاعب، امام حكمك الذى ‌لا‌ يخلو ‌من‌ الشده ‌و‌ الصرامه ‌و‌ الضغط على الاحساس، بحيث تقف نفسى امامه ‌فى‌ حاله تردد ‌و‌ توقف، لان النفس ‌لا‌ ترتاح للصعوبات ‌فى‌ الاشياء التى تقبل عليها فيقودها ذلك الى التنكر لحكمك.
 اللهم افتح قلبى لحكمك الصعب، حتى انفذ الى اسراره، فارى فيها العناصر التى تسهل لى النتائج الطيبه ‌فى‌ نهايات المطاف، اذا كانت تواجه الصعوبات ‌فى‌ دائره الانفعالات القاسيه ‌فى‌ النهايات.
 ارزقنى- ‌يا‌ رب- القدره على ترويض نفسى ‌و‌ تهدئه انفعالاتى ‌و‌ تعقيل مشاعرى حتى اقف على الارض الصلبه التى تنفتح عليك ‌فى‌ آفاق رحمتك ‌و‌ ساحات لطفك.
و هكذا تنمو ارادتنا ‌من‌ خلال ارادتك، ‌و‌ تنطلق حركتنا ‌فى‌ اتجاه حركه مشيئتك، فيكون الحب للاشياء تابعا لما يتمثل ‌من‌ حبك لها ‌من‌ خلال ‌ما‌ اوردته علينا ‌و‌ انزلته بنا، ‌و‌ يكون الكره لها خاضعا لكراهتك لها على اساس ‌ما‌ ابعدتنا عنه، ‌و‌ ابعدته عنا.
 اعطنا- ‌يا‌ رب- القدره على السيطره على انفعالنا لمصلحه ‌ما‌ تدركه عقولنا، وهب لنا وعى العمق للحياه ‌و‌ وعى الخبره ‌فى‌ التجربه، ‌و‌ ادراك المصالح ‌و‌ المفاسد، حتى نتحرك ‌من‌ خلال الواقع الذى رسمته ‌لا‌ ‌من‌ خلال الوهم الذى نخضع له ‌فى‌ غمره الانفعال.
و لتكن خاتمه حياتنا- ‌يا‌ رب- خاتمه محموده ‌فى‌ نتائجها فتكون احمد العقب، ‌و‌ مصيرا كريما فيكون اكرم المصائر، فان القضيه- كل القضيه- ‌فى‌ ايماننا هى ‌ان‌ حياتنا كلها هبه منك، ‌و‌ ‌ان‌ وجودنا عطاء ‌من‌ كرمك، ‌و‌ نحن- ‌يا‌ رب- ‌لا‌ نزال نطلب المزيد لتمنحنا ‌فى‌ نهايه عمرنا الفضل الكبير الذى اوليتنا اياه ‌فى‌ بدايته، فان عطاءك ‌هو‌ العطاء الكريم، ‌و‌ ‌ان‌ جودك ‌هو‌ الجود الجسيم، ‌و‌ انت الرب الذى يفعل ‌ما‌ يريد، فارادتك هى معنى فعلك، ‌و‌ انت قادر على كل شى ء فلا ‌حد‌ لقدرتك ‌فى‌ كل شى ء، فلا يعجزك شى ء ‌من‌ امور عبادك ‌فى‌ وجودهم كله ‌يا‌ رب العالمين.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

دعاوه فى الصلاه على حمله العرش و كل ملك مقرب
دعاوه فى الالحاح على الله تعالى
دعاوه فى یوم الاضحى و یوم الجمعه
دعاوه اذا استقال من ذنوبه
دعاء دخول شهر رمضان
دعاوه عند الصباح و المساء
دعاوه فى طلب العفو و الرحمه
دعاوه لنفسه و اهل ولایته
و كان من دعائه (علیه السلام) بعد الفراغ من صلاه ...
دعاوه عند الشده و الجهد و تعسر الامور

بیشترین بازدید این مجموعه


 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^