عربي
Saturday 23rd of November 2024
0
نفر 0

التوسل بأهل البيت

التوسل بأهل البيت

التوسل بأهل البيت

التوسل ظاهرة طبيعية في حياة الإنسان هذا فيما يخص التوسل بالأسباب الطبيعية، فالإنسان يتوسل بالماء لرفع الظمأ ويأكل الطعام توسلاً لسد الجوع ونحن نستخدم وسائل كثيرة في حياتنا.

أما التوسل بالأسباب غير الطبيعية فهناك آيات قرآنية تشير إلى هذا الجانب في حياة الناس كقوله تعالى:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}([1]).

وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَْسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها}([2]).

وقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً}([3]).

وكذا ما جاء في القرآن الكريم على لسان أخوة يوسف: {يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ}([4]).

وقول يعقوب لهم: {قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}([5]).

وهكذا فإن هذه الظاهرة الإنسانية لا تتنافى مع عقيدة التوحيد أبداً، كما أن الشفاعة التي أشار إليها القرآن في مناسبات عديدة تؤيد التوسل بشكل ما.

ومحبو أهل البيت^ يعتقدون بالشفاعة وأن رسول الله’ وآل بيته يشفعون لهم يوم القيامة.

وعندما تواجه الإنسان مشكلة ما ولا يمكنه حلّها بالأسباب والوسائل الطبيعية فإنه يلجأ إلى التوسل بآل البيت مع يقين صادق وقاطع أن كانت له مصلحة في حلّ تلك المشكلة.

رعاية ولي العصر#

أودّ أن أروي هذه الحكاية التي وقعت لي: لقد أمضيت من عمري ما يناهز الثانية والعشرين عاماً في الدراسة في الحوزة العلمية بقم. وكنت أدرس معارف أهل البيت^، وكنت أذهب إلى طهران أيام العطلة الدراسية لزيارة أرحام لي هناك.

وذات يوم ذهبنا لعيادة العالم الكبير المدافع عن حريم الولاية سلطان الواعظين الشيرازي مؤلف كتاب >ليالي بيشاور<.

وفي محضره رأيت شخصاً فعرّفني إليه العالم الشيرازي على أنني طالب أدرس في قم وأنني آتي أيام العطلة لعيادة (الشيرازي) ثم عرّفه إليّ بأنه من الحضّار الدائميين في المجالس الوعظية وأن اسمه السيد حسيني وبعدها التفت إليه وقال: أودّ أن تروي لي حكايتك فقال السيد الحسيني: كانت لي أضبارة في مستشفى بارس، ورغبت في الاطلاع على ما فيها .. وعرفت أن تقارير الأطباء تشير أن لا علاج لحالتي وأنني مصاب بقطع النخاع الشوكي وأنني سأبقى مشلولاً العمر كلّه.

وكانت قصتي قد بدأت هكذا ذات يوم استيقظت صباحاً وأردت أن أنهض للوضوء فوجدت نفسي عاجزاً فطلبت من زوجتي أن تساعدني على النهوض وأداء الصلاة فلم يمكني هذا أيضاً فأديت


الصلاة وأنا متمدد على الفراش.

فلما انكشفت ظلمة الفجر قلت: احضروا لي طبيباً فجاء طبيب وفحصني ثم قال: للأسف أنت مصاب بالشلل بسبب أضرار في النخاع وهذه الحالة لا يوجد لها علاج أبداً وستبقى طيلة حياتك عاجزاً.

فأخذوني إلى المستشفى وكانت نتائج الفحوص هي هي لم تتغير وذلك بعد فحوصات كثيرة فلما أعلن الطب والأطباء عجزهم عدت أدراجي إلى البيت.

قلت لزوجتي وهل انحصر الطب في إيران وأمريكا وأوربا: قالت زوجتي الأمر يبدو كذلك قلت: سأذهب إلى طبيب غير أولئك. قالت: ومن يكون؟ قلت: سيدي ومولاي الحسين، فاستصدري لنفسك جواز سفر.

فلما حان وقت السفر قلت لزوجتي أرجو أن يكون مقصد سفرنا إلى كربلاء سراً فلا تحدثي أحداً بذلك، فربما لا تكون مصلحة في شفائي وربما عدت إلى إيران مشلولاً كما سأذهب فإن ذلك سيؤثر على ضعاف الإيمان، فإن سألك أحد أين ستسافرون فقولي سنذهب إلى إسرائيل للعلاج؟!.

فلما أردنا السفر استخرت في ركوب الطائرة أو السفر إلى خرمشهر ثم عبور شط العرب ثم استخرت في العبور من الحدود البرية في خسروي فجاءت الاستخارة بالإيجاب.

وكانت محطتنا الأولى كربلاء وكانت أيام رجب الأصب فأمضينا رجب كله وما من خبر عن الشفاء.

قلت لزوجتي لا تيأسي من رحمة الله، إن أخلاق أهل البيت من أخلاق الله عزّ وجلّ وهم يحبون أن نمكث قربهم وندعوا  الله ونمجده ونحمده.

فلما انطوى شهر رجب ومضت ثلاثة أيام من شعبان توجهنا إلى زيارة أمير المؤمنين في النجف ومنها إلى الحلّة وقلت لزوجتي سنذهب إلى سامراء وبعدها إلى الكاظمية ثم نعود إلى إيران ثم نقول لمن زارنا أن الأطباء لم يجدوا لي علاجاً.

فذهبنا إلى الحلّة وبعد زيارة السيد محمد ركبنا سيارة ميني باص كان كرسيي وراء السائق وكانت زوجتي خلفي وكان إلى جانب السائق كرسي خشبي لم يشغله أحد، وسارت بنا السيارة وفي  الغروب رأينا شخصاً واقفاً عند الشارع يلوح لنا وكانت المنطقة فلاة ليس فيها عمران، فأوقف السائق السيارة بمحاذاته فركب شاب عليه سيما الوقار والأدب والجلال وجلس على الكرسي الخشبي ثم قرأ قوله تعالى:

{وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً}

قلت في نفسي: إلهي من يكون هذا الشاب بهذا الوقار وهو يقرأ كتابك بهذا الصوت الشجي.

ولما انهى تلاوة آيات من سورة الدهر التفت إلى السائق وقال: أتنوي السفر إلى خراسان وزيارة الإمام الرضا×؟ قال السائق: نعم فهذي أمنيتي منذ سنين.

فمدّ الشاب يده وأخرج مبلغاً من المال وقال له:  إذا وصلت إلى مشهد فأنك ستجد شخصاً بهذه الصفات فسلّمه المال وقل له: إنك لم تطلب أكثر من ذلك، ثم التفت إليّ ولاطفني وقال بلغة فارسية حلوة: يا سيد حسيني كيف حالك؟ قلت: نخاع مقطوع وشلل وعاجز عن العمل وقد بذلك ما بوسعي للعلاج من دون نفع.

فنهض من كرسيه قليلاً ومسح على ظهري وقال: ما أرى بك من علّة.

وكان الظلام قد نشره ستائره على الفلاة فقال للسائق توقف لأنزل قال السائق: ولكن هذه أرض جرداء وما بها من عمران فأين تقصد؟ قال بلهجة فيها حزم: قلت لك هنا.

توقف السائق ونزل له احتراماً وأنا أيضاً نسيت ما بي فنهضت وترجلت فجأة رأيت السائق يحدق فيّ والمسافرون أيضاً وإذا أنا صحيح وما بي من علّة ولا شلل ولا قطع نخاع.

وغاب عن عيني الشاب فصحت وصاح معي بعض المسافرين:

يا صاحب الزمان! يا صاحب الزمان.

ولكن المحبوب قد غاب في ظلمة الليل.

أهل البيت^ والتجلي العلمي في رجل زاهد

كان المرحوم آية الله الحاج السيد جمال الأصفهاني من العلماء المبرزين وكان الزهاد العرفاء ومن شاق آل البيت^.

وبعد أن بلغ الاجتهاد وكانت دارسته في النجف الأشرف غادرها إلى أصفهان ومنها إلى طهران فتولّى إدارة الشؤون الدينية في أحد المساجد المعروفة في طهران ـ مسجد الحاج السيد عزيز الله ـ واشتغل في التدريس في مدرسة مروي بطهران.

وازدهرت الحياة العلمية مع مجيء هذا العالم الكبير وما أسرع أن ذاع صيته فكان الحضور في مجالسه يزداد كماً وكيفاً.

ولم يتحمل الحسّاد ذلك وخاصّة من المغرورين والمتكبرين الذين لا يرون إلا ذواتهم المريضة فلم يرق لهم وجود هذا العالم الرباني بين أظهرهم.

فاحتالوا بإرسال اثنين لامتحانه وكان أحدهما الفيلسوف والفقيه الكبير المرحوم السيد كاظم العصّار.

فطلبوا منهما أن يحضرا درسه وأن يطرحا عليه أسئلة معقدة في الحكمة والفلسفة ثم دفعوا بفقيه آخر لامتحانه في الفقه ولكي يتضح للملأ ضحالة مستواه العلمي ومن ثم يسلبوه كرسي التدريس ولم يكن المرحوم العصّار مطلعاً على كيد هؤلاء الحسّاد ومآربهم في هذا الامتحان فوافق على حضور درس العالم الربّاني وتوجيه أسئلة صعبة في الحكمة والفلسفة.

يقول العلامة العصّار: أخذت معي الأسفار التي تعدّ من أكثر المسائل الفلسفية تعقيداً وأكثرها دقّة وعمقاً؛ عندما وصلت المجلس كان آية الله السيد جمال قد بدأ درسه، فطلبت أن أسأله فأذن لي فسألته سؤالاً صعباً للغاية من الأسفار، فاتجهت الأنظار إلى فم السيد جمال كيف سيجيب؟

وكان الله قد منحه فراسة المؤمن الذي ينظر بنور الله وأدرك ما وراء هذا السؤال فقال: أغلق كتاب الأسفار ثم افتحه وسل عما شئت يقول العصّار فأغلقت الكتاب ثم فتحته على طريقة الاستخارة فقال الأستاذ أقرأ الكلمة الأولى من هذه الصفحة فلما قرأت الكلمة الأولى إذا به يقرأ عن ظهر قلب تمام الصفحة ثم قال: أتريد أن أشرح لك هذه الصفحة؟!

أجبت: لا حاجة لذلك، ثم رأيته يبكي وقال: إن كان عندكم سؤال في الفقه والأصول فاسألوا.

واحتبست الأنفاس في الصدور ولم ينبس أحد ببنت شفة فقال بعد لحظات من الصمت: لا ضرورة لامتحاني فما من كتاب من كتبنا إلا وأنا أحفظه عن ظهر قلب.

ثم قال: يا طلبة يا علماء يا أفاضل أيها الناس إني ما وصلت إلى هذا المقام بسعي ودراسة وتحصيل ولكني لما كنت أدرس في النجف الأشرف ابتليت بمرض الحصبة وبقيت أربعين يوماً في حالة الإغماء وقد يئس الأطباء مني ثم شملني لطف الله ورحمته فشفيت من المرض ونجوت من الموت ولكني أحسست بأن ذاكرتي قد انتهت وأنني لا أحفظ شيئاً مما درست.

ولما كان السحر نهضت من نومي وانطلقت إلى حرم الإمام أمير المؤمنين× وقلت في حضرته بأي وجه أعود إلى إيران وقد درست أربعين سنة في جامعتكم جامعة أهل البيت^ وبلغت ما بلغت من المراتب الرفيعة وكان علمي في خدمة الإسلام والمسلمين وها أنا الآن ليس إلاّ امرئ جاهل فيا من اصطفاه الله لخلافة المصطفى ويا باب مدينة علم الرسول ويا حلاّل المشكلات أن ماء وجهي في خطر وهكذا كنت أتوسل وأتوسل حتى شعرت بالإعياء وأخذتني سنة من النوم.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الخوف من سوء العاقبة
النفس ومراحلها السبعة:
حديث من العرفاء:
أهل البيت^ والعبودية-2
وَالْحُبُّ فَرْعُ الْمَعْرِفَةِ
أهل البيت النور المطلق
التوسل بأهل البيت -2
10. علل اختفاء النعم
11.استكمال البركة
مراحل عبادة العارفين:

 
user comment