عربي
Sunday 28th of April 2024
0
نفر 0

هداة الطريق

الأنبياء والأئمة الاطهار(ع) في بداية الأمر يسعون إلى جذب اهتمام الإنسان إلى مسألة التوحيد، وكل أملهم بأن يطهروا قلوب الناس من الشرك؛ ومن اجل ذلك فقد بذلوا قصارى جهدهم؛ وبعد ان هيئوا الظروف لتزكية النفس، قاموا بالإعداد والتخطيط لوصول الإنسان إلى ربّه.
هداة الطريق

الأنبياء والأئمة(ع) هم في رأس العارفين، لم يعرف الله أحدٌ مثل أولئك الطاهرين، او عمل بما وصلوا إليه، فلا أحد يصل إلى روحانيتهم أو علمهم. و قد عبّر القرآن الكريم عنهم بصفات كالصالحين والصدّيقين، والمقرّبين، والمتوكّلين. فعندما نقول: عباد الله، أصفياء الله، أولياء الله، فهم أتم المصاديق لها. 

فأولئك الذين هم أهل الكرامة والشرف والأصالة والمعرفة والعلم؛ راضون بقضاء الله تعالى، مسلّمون له الأمر، متوكّلون على الله، وهم هداة مهديون. 

فأولئك هم الذين بسبب عصمتهم وطهارة نفسهم وباطنهم وحسن اخلاقهم، وجهادهم النفس في الوصول إلى المحبوب، قد نالوا شرف النبوة والإمامة، كي ينوّروا جميع البشر بنور الحق، ويصقلوا قلوبهم وأرواحهم بمرآة أنوار الملكوت. 

الأنبياء والأئمة الاطهار(ع) في بداية الأمر يسعون إلى جذب اهتمام الإنسان إلى مسألة التوحيد، وكل أملهم بأن يطهروا قلوب الناس من الشرك؛ ومن اجل ذلك فقد بذلوا قصارى جهدهم؛ وبعد ان هيئوا الظروف لتزكية النفس، قاموا بالإعداد والتخطيط لوصول الإنسان إلى ربّه. 

الانبياء(ع) قد ضمنوا تطبيق المسائل الأخلاقية والعملية، عن طريق الإيمان بالله واليوم الآخر، وشجّعوا الإنسان في جميع شؤون الحياة بالعمل بأوامر الله، بالأخص الأوامر الروحية والأخلاقية. 

و في مجال تعاليم الوحي وسنن الأنبياء؛ كلّما كان الإنسان أكثر حرصاً على فهم الحقائق، كلّما زاد عطشه في الحركة تجاهها؛ وعشق الوصول إلى مقام القرب الإلهي. 

وهناك اناس مضوا على هذا الطريق و عشقوه، لدرجة أنهم نالوا علم المنايا والبلايا؛ واصبحت لديهم المعرفة لاكتشاف الإسم الأعظم لله سبحانه وتعالى:

«اَرْواحُ الاَحْبابِ في قَبْضَةِ الْعِزَّةِ يُكاشِفُهُمْ بِذاتِهِ وَيُلاطِفُهُم بِصِفاتِهِ»[1]. 

و لقد سئل أحدهم و كان في حالة عسرٍ، لكنه كان مسروراً جداً؛ فسألوه لماذا ا نت سعيد؟ فقال وما العجيب في هذا السرور!

«وَقَدْ قَرُبَ وِصالُ الحبيبِ وَفِراقُ الْعَدّوِّ»[2]. 

وعندما يصل الإنسان إلى مرحلة قد رسمها له الوحي، عندئذ؛ تكون جميع شؤونه إلهية. 

السير بأمر الله ومن اجل الله ومن الله والى الله؛ هو عاقبة الخلوص والاقتداء بالانبياء(ع). 

{إِنَّا للّهِِ وإِنّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ}[3]. 

وحينما ينجح الإنسان في سيره على الصراط المستقيم؛ بمساعدة الحق والاقتداء بتعاليم الأنبياء والأئمة(ع) وبهمّة عالية، وارادة قوية، فإنه سوف يصل إلى فهم هذه الحقيقة بأن الشيء الذي يتظاهر في عرصة الوجود، ما هو إلا علل واسباب ووسائل وهبة الله لعباده للوصول إليه؛ فلا يحتاج الإنسان إلى ان يختار هدفاً آخر، ويشغل نفسه بأشياء ثانوية، بل عليه أن يستثمر جميع الوسائل حتى ينال قرب المعشوق، وأكثر من هذا، أنّه يغضّ الطرف عن جميع العلل والأسباب فلا يرى سوى المحبوب. 

ان الله جل جلاله عرض أسماءه وصفاته على العالم، حتى انجذب العشاق، وبكل شوق طالبين رؤيته،  وبارادته، وبعزّته أسدل ستار الكبرياء، وبعظمته جعل العلم، وجعل المنة حجاباً لجلاله، كي تتألم قلوب احبائه، وتصبح عيونهم ينابيع للماء. 

وفي كل مرة يتركون فانهم يتوسلون ويهتف هاتف من السماء«بُعداً بُعدا». 

يا قبضة الطين يا أيها الإنسان! من الذي اجبرك ان تطوف حول ساحة الأحدية وكلما شربت كأس اليأس ولبست رداء  الافلاس وبقيت حيراناً، جاء نداء من سرادقات جمال الوهية بصوت جميل«صبراً صبراً»، وتطرقون باب الله بأمل ان تشاهدوا جماله وتقضون أيامكم، وتستمتعون بذلك ولو كنتم وسط النار في ليل مظلم، ولكنم تملكون  قلباً قوياً وان الصبح لقريب. 

إن الله جل جلاله ـ لم يستعمل مع الملائكة سيف قهره وقوته، ولكنه استعملها معكم، لأن حقيقة الحياة هي:

{وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[4]. 

ايها الملائكة أنكم تعمرون خزائن التسبيح والتقديس وترددون «سبحان الله» و «الحمد لله» في الوقت الذي نبتلي الإنسان مرة، ونسرّه أخرى، فحيناً نبتليه في إيمانه وحيناً نرحمه. 

كان عارف قد عانی في هذا الطريق، وقضى عمره في تعب ونصب الوصول؛ فمرض لأيام، ثم جاء اجله فوجدوا هذه الجملة «هذا قتيل الله» مكتوبةً على صدره. 

يجب ان لا ننسى؛ أنّه بعدما يصل العارف إلى بلوغ حالة العرفان، لا يجوز له التوقف في أي مرحلة من المراحل. بل عليه ان يتجه إلى المحبوب بكل وجوده و في غاية حركته حتى يصل إلى ذروة اللقاء، وان لا يغفل من خطرات هوى نفسه ويكون على حذر من ذلك حتى يخرج من الدنيا في حالة التسليم لله. 

 


[1]- روح الأرواح: 348. 
[2]- روح الأرواح: 348. 
[3]- البقرة 2: 154. 
[4]- الأنفال 8: 17. 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

وصايا الإمام الصادق(ع) للمفضل
العرفان من لسان الإمام علي(ع)
مراحل الربوبية
طهارة القلب
الحجاب النوراني والحجاب الظلماني
أوصاف العارفين في کلام امام العارفين(ع)
إجتناب المعاصي في الروايات
قصة المتخلّفين الثلاثة في القرآن الكريم
النفس ومراحلها السبعة
عاقبة الخائفين

 
user comment