عربي
Sunday 1st of December 2024
0
نفر 0

الذكر

بحق أنوار كلماتك المباركة ساعدنا، ونوّر قلوبنا بأسرار وآيات كتابك الشريف، وطهّر نفوسنا من ظلماتها، وأخرجنا من ظلمات العالم إلى رؤية أنوارك، ولقاء اشراق نورك، ومجالسة المقرّبين لك، ومصاحبة سكان ملكوتك، وارفعنا مع ملائكتك الذين لا يغفلون عن تسبيحك لحظة، واحشرنا مع الأنبياء والصديقين(ع)، خصوصاً مع النبي محمد(ص) الذي بعثته رحمة للخلائق أجمعين، وأهل بيته الطاهرين عليهم أفضل صلاة صلاة المصلّين واطهر سلام المسلّمين. 
الذكر

 الله الذي ازال الظلمة وغبار الظلمات من قلوب العرفاء ونور قلوبهم بذكره. 

وربما نستطيع القول بأن معنى الذكر في هذه الجملة، هو القرآن الكريم، كما هو الحال في كثير من الآيات التي عبر عنها بالذكر: 

{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ}[1]. 

و لذا أن المعنى هو: تسليم العرفاء لكتاب الله سبحانه وتعالى بتوفيق منه، والتوفيق في معرفة مفاهيمه الملكوتية، وبعد حصول هذه المعرفة قاموا بتطبيق أوامره، وعن هذا الطريق أزالوا ظلمات الجهل وظلم النفس والكفر، وأناروا قلوبهم بنور ملكوت القرآن، وعلى وقع هذا النور الإلهي عاشوا بين الناس:

{. . . وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ. . .}[2]. 

ومن بركة هذا النور؛ وصلوا إلى اليقين، ومن آثار هذا اليقين، تحلوا بالأخلاق الحسنة، وبعناية الله تبارك وتعالى، فقد رُزقوا الحياة الطيبة:

{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِن ذَكَر أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}[3]. 

القرآن الكريم؛ مركز العرفان:

القرآن الكريم، هو النور الإلهي مثلما يشهد القرآن لنفسه؛ بهذا المعنى{. . . وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً}[4]. 

يقول رسول الله(ص):

«فَاِذَا الْتَبَسَتْ عَلَيْكُمُ الْفِتَنْ کِقَطْع اللّيلِ الْمُظْلِم فَعَلَيْكُمْ بِالْقُرآن»[5]. 

فالقرآن الكريم؛ نور الحياة؛ وذخر الآخرة؛ وشفيع يوم المحشر، والمنقذ من العذاب؛ ووسيلة رشد وتكامل الإنسان. 

القرآن الكريم؛ يجلب المعرفة، والنور، والكرامة، والأصالة، والشرف، وسعادة الدنيا والآخرة للإنسان. 

ان الارتباط الحقيقي بالقرآن، يصنع من الإنسان عارفا روحانيا؛ وحكيماً كبيراً، وسالكاً واصلاً. 

يقول صدر المتألهين الشيرازي في كتابه العظيم «أسرار الآيات»:

نحمدك يا من بيده ملكوت السماوات والأرض، ويا من الأشياء إليه في حركة شوقاً إليه. يا حقيقة الحياة ويا مقوّم الموجودات، هدفنا أنت والغاية من صلاتنا وصومنا أنت، أنت المقوّم للوجود ومنبع الخير والبركة، ومصدر الإشراق، ونهاية الأشواق، ومدبّر الأمور، وذاتك النور، وواهب الحياة للعالم، وخالق الأرض والسماء. 

بحق أنوار كلماتك المباركة ساعدنا، ونوّر قلوبنا بأسرار وآيات كتابك الشريف، وطهّر نفوسنا من ظلماتها، وأخرجنا من ظلمات العالم إلى رؤية أنوارك، ولقاء اشراق نورك، ومجالسة المقرّبين لك، ومصاحبة سكان ملكوتك، وارفعنا مع ملائكتك الذين لا يغفلون عن تسبيحك لحظة، واحشرنا مع الأنبياء والصديقين(ع)، خصوصاً مع النبي محمد(ص) الذي بعثته رحمة للخلائق أجمعين، وأهل بيته الطاهرين عليهم أفضل صلاة صلاة المصلّين واطهر سلام المسلّمين. 

فبعد هذه المقدمة؛ يقول العبد الحقير والمحتاج لكرم الله سبحانه وتعالى محمد الملقب بصدر الدين:

{هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ}[6]. 

{قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللَّهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[7]. 

هذه أنوار العلوم الإلهية، وأسرار المسائل الربانية والمقصود النهائي للقرآن الكريم؛ مستفيضة من آيات كتابه المنير الذي أرسله الله سبحانه وتعالى بلطف عنايته بخلقه لهم. 

هذه الأنوار هي المفاتيح التي بواسطتها؛ يُفتح أبواب الجنة والرضوان وتظهر كنوز الخزائن الرحمانية، ونشاهد جواهر وخفايا الملكوت، ويكشف لنا أنوار عالم الجبروت؛ يعني عالم العقول؛ التي تقر فيها العيون، وهي شفاء لصدور المؤمنين والموحدين. 

 


[1]- الحجر 15: 9. 
[2]- الأنعام 6: 122. 
[3]- النحل 16: 97. 
[4]- النساء 4: 174. 
[5]- الكافي: 2/599، كتاب فضل القرآن، حديث 2. 
[6]- آل عمران 3: 138. 
[7]- يوسف 12: 108. 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

حقيقة باطن العارفين
النبّاش؛ سارق الأكفان
الأمل في القرآن الكريم و الروایات
الذكر
الحجاب النوراني والحجاب الظلماني
الخوف من وقوع الخطر للناس
صفات الله في الأدعية
الإمام علي(ع)؛ هو القرآن الناطق
الخوف في الروايات
العرفان من لسان الإمام علي(ع)

 
user comment