عربي
Sunday 19th of May 2024
0
نفر 0

المحبّة في القرآن الكريم

إنّ ادّعاء محبّة الله دون معرفة الرسول(ص) واطاعته ـ الذي هو هدف و غاية الثقافة الإلهية ـ هو ادّعاء واهي.
المحبّة في القرآن الكريم

كما أسلفنا سابقاً، فإن الحبّ والعشق هوحصيلة معرفة الحقائق والاطلاع عليها. 

والآن نذكر لكم الآيات والروايات التي لها ترتبط بهذا الموضوع:

{وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِْيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ}[1]. 

فالإيمان هو الخط الذي يربط الإنسان بالله سبحانه وتعالى. والله يشير في هذه الآية إلى هذا المعنى؛ أنه متى ما وفّقت لمعرفة الحقائق، فإن تلك الحقائق ستصبح محبوبة لديك. 

{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[2]. 

إنّ ادّعاء محبّة الله دون معرفة الرسول(ص) واطاعته ـ الذي هو هدف و غاية الثقافة الإلهية ـ هو ادّعاء واهي. 

ولطالماً دعا القرآن الكريم الناس إلى معرفة رسوله(ص)، هذا الرسول الذي تاريخ حياته قبل بعثته واضحة؛ وكانت لديه دلائل وبراهين واضحة منذ بداية بعثته. ولقد وضع الله سبحانه وتعالى جميع علائم النبوة مع رسوله(ص) حتى لا يبقي حجة وعذر لأحد. فالذين رأوا البراهين والدلائل والحجج وتوضح لهم بأن العامل الوحيد لسعادتهم في الدنيا والآخرة هو قبول دعوة الرسول(ص)؛ لذا أحبّوه. 

وعلامة عشقهم وحبهم للرسول(ص) هو اطاعتهم للقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة؛ والذي اصبحوا عن هذا الطريق الطاهر؛ عشاق الله؛ وضحوا في سبيل المحبوب بكل شيء، وعرفوا في تاريخ البشرية بأنهم من افضل عباد الله. 

فسلمان، وأبوذر، والمقداد، وعمار، وياسر، وسمية، وبلال كانوا من هؤلاء الذين عرفوا الرسول(ص) حق المعرفة وعشقوه. فهؤلاء بواسطة إرشادات الرسول(ص) عرفوا الله سبحانه وتعالى؛ وكانوا في الخط الأول من عشاق حضرة الحق. نعم، ان حب الله هو نتيجة لمعرفة الرسول(ص) ودين الله؛ وبدون هذه المعرفة فإن ادعاء عشق الإنسان لله سبحانه وتعالى لا يعدو أن يكون ادعاء واهياً وخيالي. 

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ}[3]. 

في الحقيقة، كيف يتحلى الإنسان بهذه الصفات المذكورة في الآية دون معرفة الله سبحانه وتعالى؟ فالإنسان مالم يصل إلى المعرفة عن طريق الصراط المستقيم، والفكر والتفكر والعشق؛ فإنه لن يصل إلى ما وصل إليه العارفين من مراتب. 

هذا الطريق، طريق الله سبحانه وتعالى. والإنسان بعد التأمل والتدقيق فيه، سوف يعلم بأنه السبيل الوحيد للنجاة، فكيف للإنسان بعد ان عرف الطريق؛ أن لا يعشقه وأن لا يتعلق قلبه به؟

طريق النجاة؛ هو طريق الله الذي ينتهي إليه، واجتياز هذا الطريق يعني المحبة لله، ومحبته من أهم الطرق للوصول إلى عشقه. العشق الذي يختص بدرجات العرفان وبمقام العارفين. لذا كلما تكثر المعرفة، فإن نار عشقه تتأجج أكثر، و لهذا يقول الله سبحانه وتعالى: {وَيُحِبُّونَهُ}. يعني اولئك الذين يعشقون الله عشقاً شديداً، وهذا العشق هو العامل المحرك لهم نحو الله ومركب هذا الطريق هو الأوامر المذكورة في الآية الشريفة. 

فهؤلاء يبدلون الفراق بينهم وبين الله سبحانه وتعالى إلى وصال بواسطة أداء أفضل الأعمال التي أمر بها حضرة الحق. 

{وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}[4]. 

لم لا يعشق المؤمنون الله عشقاً دون حدود؟ وهل يملك آخر، غير حضرة الحق هكذا صفات:

الخالق، البارئ، المصوّر، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الرازق، البديع، المقدّر، المدبّر، الحكيم، المطهّر، المنوّر، الميسّر، المبشّر، المنذر، المقدّم، المؤخّر، العاصم، القائم، الدائم، الراحم، السالم، الحاكم، العالم، القاسم، القابض، الباسط، الغنيّ، الوفيّ، العليّ، المَليّ، الحفيّ، الرضيّ، الزكيّ، البديّ، القويّ، الوليّ، الاحد، الواحد، الشاهد، الماجد، الحامد، الراشد، الباعث، الوارث، الضارّ، النافع، المانع، الدافع، الرافع، الصانع، السامع، الجامع، الشافع، الواسع، الموسع، الجليل، الجميل، الوكيل، الكفيل، الدليل، القبيل، المديل، المنيل، المقيل، المحيل، الغافر، الساتر، القادر، القاهر، الفاطر، الجابر، الذاكر، الناظر، الناصر، العفوّ، الغفور، الصبور، الشكور، الرؤوف، العطوف، المسئول، الودود، السبّوح، القدّوس، الناطق، الصادق، الفالق، الفارق، الفاتق، الراتق، السابق، السامق، السميع، الرفيع، المنيع، الكبير، القدير، الخبير، المجير. 

فالإنسان بمعرفته كل هذه الصفات ألا يصل إلى هذا المعنى بأن كل شيء الإنسان هو الله، ولا شيء غيره؟ ففي هذه الحالة لم لا يعشق الإنسان  حضرة الحق كل العشق؛ كما قالت الآية. 

ولا ننسى أن نقول: بأنّ اولئك عشقوا حضرة الحق؛ عن طريق المعرفة، فالله يعشقهم أيضاً. وفي الحقيقة هذا العشق هو من طرفين، عشق العبد للرب وعشق الرب لعبده، فقد أبدى الله العظيم العشق والمحبة في القرآن الكريم في عشر مواضع؛ لعباده الاعزاء الذين يحرقون انفسهم في حبه وطاعته. 

نماذج من محبة الحق لعباده في القرآن الكريم:

والآن نشير إلى موارد من حب الله لعباده ونذكر شرحه حسب مضمون الآية. 

{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[5]. 

في هذه الآية يجب ان ننتبه بأن المقصود من الطهارة، هي الطهارة التي يتم الحصول عليها عن طريق أوامر الله سبحانه وتعالى، وليس الطهارة التي يحصل عليها عن طريق الغسل، حتى يكون مورد محبة الله سبحانه وتعالى. 

{فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}[6]. 

{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[7]. 

ففي هذه الآية، جعل الله سبحانه وتعالى طاعة الرسول(ص) سبب حبه لعبده. 

{بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}[8]. 

{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[9]. 

{وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[10]. 

{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}[11]. 

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}[12]. 

{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ}[13]. 

 


[1]- الحجرات 49: 7. 
[2]- آل عمران 3: 31. 
[3]- المائدة 5: 54. 
[4]- البقرة 2: 165. 
[5]- البقرة 2: 222. 
[6]- آل عمران 3: 159. 
[7]- آل عمران 3: 31. 
[8]- آل عمران 3: 76. 
[9]- آل عمران 3: 134. 
[10]- المائدة 5: 42. 
[11]- آل عمران 3: 146. 
[12]- المائدة 5: 54. 
[13]- الصف 61: 4. 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الخوف الممدوح
من العبودية إلى الربوبية
نبع العرفان
الخوف من ضآلة النفس امام عظمة الخالق
النبّاش؛ سارق الأكفان
صفات الله في الأدعية
وصايا الإمام الصادق(ع) للمفضل
العرفان من لسان الإمام علي(ع)
مراحل الربوبية
طهارة القلب

 
user comment