فارسی
يكشنبه 17 تير 1403 - الاحد 29 ذي الحجة 1445
قرآن کریم مفاتیح الجنان نهج البلاغه صحیفه سجادیه

0
نفر 0

الدعاء 47- 3

مشيئته هنا: بمعنى ارادته يعنى انه اذا اراد وقوع شى ء ‌او‌ ‌لا‌ وقوعه فلا يرد ‌ما‌ اراده شى ء، فالمشيئه بمعنى المشى اعنى ‌ما‌ تعلقت ‌به‌ المشيئه، ‌و‌ المراد بها المشيئه الحتميه ‌لا‌ التخييريه التكليفيه، لانه تعالى شاء ‌من‌ آدم ‌و‌ زوجه ‌ان‌ ‌لا‌ ياكلا ‌من‌ الشجره، ‌و‌ ‌من‌ ابليس السجود لادم، ‌و‌ ‌من‌ الكفره الايمان، ‌و‌ ‌من‌ العصاه الانابه، ‌و‌ لم يقع ‌ما‌ شاء ‌و‌ لذلك قسمت المشيئه على نوعين:
 مشيئه حتميه قطعيه: ‌لا‌ يجوز تخلف المراد عنها كما ‌هو‌ شان ارادته ‌و‌ مشيته بالنسبه الى افعاله تعالى.
 ‌و‌ مشيئه تخييريه غير قطعيه: يجوز تخلف المراد عنها كما ‌هو‌ شان ارادته ‌و‌ مشيئته بالنسبه الى افعال العباد، ‌و‌ يجوز ‌ان‌ يكون المعنى انه اذا شاء ‌و‌ اراد شيئا فلا راد لارادته ‌و‌ مشيئته له بحيث يكون اراده خلافه، ‌و‌ هذا المعنى اظهر بالنسبه الى ظاهر العباره ‌و‌ ‌ان‌ كان الاول اشهر ‌فى‌ المراد منها، ‌و‌ الله اعلم.
 قوله عليه السلام: «و ‌لا‌ مبدل لكلماتك» اقتباس ‌من‌ قوله تعالى ‌فى‌ سوره الانعام: «و تمت كلمه ربك صدقا ‌و‌ عدلا ‌لا‌ مبدل لكلماته» ‌و‌ قرى كلمات ربك.
 قال الراغب: الكلمه هنا القضيه ‌و‌ كل قضيه تسمى كلمه سواء كان ذلك مقالا ‌او‌ فعالا، ‌و‌ وصفها بالصدق لانه يقال: قول صدق ‌و‌ فعل صدق، ‌و‌ تمامها اشاره الى نحو قوله: «اليوم اكملت لكم دينكم» ‌و‌ نبه بذلك على انه ‌لا‌ نسخ للشريعه  بعد هذا.
 ‌و‌ قيل: اشاره الى ‌ما‌ قال عليه السلام: «اول ‌ما‌ خلق الله القلم فقال له: اجر بما ‌هو‌ كائن الى يوم القيامه»، ‌و‌ قيل الكلمه هى القرآن ‌و‌ تسميه كلمه كتسميه القصيده كلمه، فذكر انها تتم ‌و‌ تبقى بحفظ الله تعالى اياها، فعبر عن ذلك بلفظ الماضى تنبيها على ‌ان‌ ذلك ‌فى‌ حكم الكائن.
 ‌و‌ قيل: عنى بها ‌ما‌ وعد ‌من‌ الثواب ‌و‌ العقاب.
 ‌و‌ قيل: عنى بالكلمات الايات ‌و‌ المعجزات فنبه على ‌ان‌ ‌ما‌ ارسل ‌من‌ الايات تام، ‌و‌ فيه بلاغ ‌و‌ قوله: «لا مبدل لكلماته» ‌رد‌ لقولهم: «ائت بقرآن غير هذا ‌او‌ بدله».
 ‌و‌ قيل: اراد بكلمه ربك: احكامه التى حكم بها ‌و‌ بين انه شرع لعباده ‌ما‌ فيه بلاغ.
 ‌و‌ قال العلامه الطبرسى ‌فى‌ مجمع البيان: تمت ‌اى‌ كملت على وجه ‌لا‌ يمكن احدا الزياده فيه ‌و‌ النقصان، ‌و‌ كلمه ربك: القرآن، عن قتاده ‌و‌ غيره، ‌و‌ معنى تمامه: انزاله شيئا بعد شى ء حتى كمل على ‌ما‌ تقتضيه الحكمه.
 ‌و‌ قيل: المراد بالكلمه دين الله كما ‌فى‌ قوله: «و كلمه الله هى العليا» عن ابى مسلم.
 ‌و‌ قيل: المراد بها حجه الله.
 ‌و‌ معنى صدقا ‌و‌ عدلا: ‌ان‌ ‌ما‌ ‌فى‌ القرآن ‌من‌ الاخبار فهو صدق ‌لا‌ يشوبه كذب، ‌و‌ ‌ما‌ فيه ‌من‌ الامر ‌و‌ النهى ‌و‌ الحكم ‌و‌ الاباحه ‌و‌ الحظر فهو عدل.
 ‌و‌ قوله: «لا مبدل لكلماته» ‌اى‌ ‌لا‌ مغير لاحكامه عن قتاده، لانه ‌و‌ ‌ان‌ امكن التغيير ‌و‌ التبديل ‌فى‌ اللفظ كما بدل اهل الكتاب التوراه ‌و‌ الانجيل فانه ‌لا‌ يعتد  بذلك، قال: ‌و‌ قد يطلق الكلمه بمعنى الحكم قال سبحانه: «و كذلك حقت كلمه ربك» ‌اى‌ حكم ربك، ‌و‌ يقال: عقوبه ربك.
 ‌و‌ ‌فى‌ الحديث النبوى: استحللتم فروجهن بكلمه الله، ‌اى‌ حكمه.
 ‌و‌ قيل معناه: ‌ان‌ القرآن محروس عن الزياده ‌و‌ النقصان فلا مغير لشى ء منه، ‌و‌ ذلك ‌ان‌ الله تعالى ضمن حفظه ‌فى‌ قوله: «و انا له لحافظون» ‌و‌ ‌لا‌ يجوز ‌ان‌ يعنى بالكلمات الشرائع كما عنى بقوله: «و صدقت بكلمات ربها» لان الشرائع قد يجوز فيها النسخ ‌و‌ التبديل، انتهى.
 ‌و‌ قال النظام النيسابورى: قوله تعالى: «و تمت كلمه ربك» اى: القرآن، ‌و‌ قوله: «صدقا ‌و‌ عدلا» مصدران منتصبان على الحال ‌من‌ الكلمه ‌و‌ معنى تمامها انها وافيه كافيه ‌فى‌ كونها معجزه داله على صدق محمد صلى الله عليه ‌و‌ آله، ‌او‌ كافيه ‌فى‌ بيان ‌ما‌ يحتاج المكلفون اليه الى يوم القيامه علما ‌و‌ عملا، ‌و‌ المراد بالتمام انها ازليه ‌لا‌ يحدث فيها بعد ذلك شى ء.
 ‌و‌ اعلم: ‌ان‌ كل ‌ما‌ حصل ‌فى‌ القرآن نوعان الخبر ‌و‌ التكليف، فالخبر كل ‌ما‌ اخبر الله تعالى عن وجوده ‌او‌ عن عدمه كالخبر عن وجود ذاته ‌و‌ حصول صفاته اعنى كونه تعالى قادرا سميعا بصيرا ‌و‌ يدخل فيه الخبر عن صفات التقديس ‌و‌ التنزيه كقوله تعالى: «لم يلد ‌و‌ لم يولد» ‌و‌ «لا تاخذه سنه ‌و‌ ‌لا‌ نوم» ‌و‌ يدخل فيه الخبر عن اقسام افعال الله تعالى ‌و‌ كيفيه تدبيره لملكوته ‌فى‌ السماوات ‌و‌ الارض ‌و‌ ‌فى‌ عالمى الارواح ‌و‌ الاجسام، ‌و‌ يدخل فيه الخبر عن احكام الله ‌فى‌ الوعد ‌و‌ الوعيد ‌و‌ الثواب ‌و‌ العقاب، ‌و‌ يدخل فيه الخبر عن اقسام اسماء الله تعالى، ‌و‌ الخبر عن النبوات ‌و‌ اقسام المعجزات، ‌و‌ الخبر عن احوال النشر ‌و‌ القيامه ‌و‌ صفات الجنه ‌و‌ النار ‌و‌ اهلهما، ‌و‌ الخبر عن احوال المتقدمين ‌و‌ عن المغيبات، ‌و‌ اما التكليف فيدخل فيه كل امر ‌و‌ نهى توجه منه سبحانه الى
 
عبيده سواء كان ملكا ‌او‌ بشرا ‌او‌ شيطانا ‌و‌ سواء كان ذلك ‌فى‌ شرعنا ‌او‌ ‌فى‌ شرائع الانبياء المتقدمين ‌او‌ ‌فى‌ مراسم الملائكه المتقربين الذين ‌هم‌ سكان السماوات ‌و‌ الجنه ‌و‌ النار ‌و‌ العرش ‌و‌ ماوراءه مما ‌لا‌ يعلم احوالهم الا الله تعالى.
 فاذن المراد «و تمت كلمت ربك» صدقا ‌ان‌ كان ‌من‌ باب الخبر ‌و‌ عدلا ‌ان‌ كان ‌من‌ باب التكاليف ‌و‌ هذا ضبط حسن.
 ‌و‌ قيل: ‌ان‌ كل ‌ما‌ اخبر الله تعالى عنه ‌من‌ وعد ‌و‌ وعيد ‌و‌ ثواب ‌و‌ عقاب فهو صدق لانه لابد ‌من‌ وقوعه، ‌و‌ ‌هو‌ بعد وقوعه عدل لان افعاله تعالى منزهه عن ‌ان‌ تكون بصفه الظلم ‌و‌ معنى «لا مبدل لكلماته» ‌ان‌ هولاء الكفار يلقون الشبه ‌فى‌ كون القرآن دالا على صدق محمد صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌و‌ سلم، الا ‌ان‌ تلك الشبهات ‌لا‌ تاثير لها ‌فى‌ هذه الدلاله البته لجلاء الدلاله ‌و‌ وضوحها، ‌او‌ المراد ‌ان‌ كلماته تبقى موصوفه بصفتها، مصونه عن التحريف ‌و‌ التغيير كما قال تعالى: «انا نحن نزلنا الذكر ‌و‌ انا له لحافظون» ‌او‌ الغرض انها مبراه عن التناقض، كما قال: «و لو كان ‌من‌ عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا».
 
بهره بهرا ‌من‌ باب- نفع-: غلبه فهو باهر، ‌و‌ منه: قيل للقمر: الباهر، لغلبه ضوئه ضوء الكواكب.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: البهر الاضاءه كالبهور ‌و‌ الغلبه.
 ‌و‌ الايات: جمع آيه، ‌و‌ هى العلامه الظاهره، ‌و‌ آيات الله دلائله ‌و‌ كتبه المنزله على رسله، ‌و‌ يقال للمصنوعات: آيات ‌من‌ حيث دلالتها على الصانع ‌و‌ قدرته، ‌و‌ قد  اسلفنا الكلام على بيان الايه لفظا ‌و‌ معنى بما ‌لا‌ مزيد عليه فلا نعيده، ‌و‌ اضافه باهر الى الايات ‌من‌ باب اضافه اسم الفاعل الى مرفوعه ‌فى‌ المعنى بعد تحويل الاسناد، ‌و‌ سوغ ذلك قصد ثبوت معناه لاحدوثه فعومل معامله الصفه المشبهه، ‌و‌ ‌ان‌ جعلته ‌من‌ بهر بمعنى اضاء على ‌ما‌ ‌فى‌ القاموس فلا خلاف ‌فى‌ صحته لصوغه ‌من‌ لازم، ‌و‌ ‌ان‌ جعلته ‌من‌ بهر بمعنى غلب كان مصوغا ‌من‌ متعد.
 ‌و‌ اختلف النحاه ‌فى‌ جواز مثل ذلك فذهب الفارسى ‌و‌ تبعه ابن مالك الى جوازه بشرط امن اللبس، ‌و‌ قال ‌فى‌ التسهيل: ‌و‌ ‌ان‌ قصد ثبوت معنى اسم الفاعل عومل معامله الصفه المشبهه ‌و‌ لو كان ‌من‌ متعد ‌ان‌ امن اللبس وفاقا للفارسى، انتهى.
 ‌و‌ ذهب كثير الى منعه ‌و‌ فصل قوم فقالوا: ‌ان‌ حذف مفعوله اقتصارا كعباره الدعاء جاز ‌و‌ الا فلا.
 قال الدمامينى ‌فى‌ شرح التسهيل: ‌و‌ خص بعضهم الخلاف بحال ذكر المفعول فاما اذا لم يذكر فقال: ‌لا‌ خلاف ‌فى‌ جوازه نحو: راحم القلب، ‌و‌ مثله عباره الدعاء، ‌و‌ معنى غلبه آياته سبحانه: غلبه دلائله ‌و‌ حججه التى تدل على الوهيته ‌و‌ وحدانيته ‌و‌ قدرته ‌و‌ سائر صفاته لمن جحد ‌و‌ الحد، ‌و‌ ظهورها على جميع دلائل المبطلين ‌و‌ حججهم كما قال تعالى: «بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فاذا ‌هو‌ زاهق ‌و‌ لكم الويل مما تصفون» ‌اى‌ نورد الايات الباهره ‌و‌ الادله القاهره على الشبه الباطله فتعلوها ‌و‌ تمحقها فاذا هى ذاهبه هالكه، ‌و‌ لكم الهلاك مما تصفونه ‌به‌ مما ‌لا‌ يليق بشانه سبحانه ‌و‌ تعالى.
 ‌و‌ الفطر: الشق عن الشى ء باظهاره للحس، ‌و‌ قيل: الشق طولا.
 
و فاطر السموات: ‌اى‌ مبدعها ‌من‌ غير مثال يحتذيه ‌و‌ ‌لا‌ قانون ينتحيه، كانه شق العدم باخراجها منه، ‌و‌ ‌ما‌ قيل: ‌من‌ احتمال معنى شقها لنزول الارواح منها، فلا يخفى بعده، ‌و‌ اضافه فاطر السماوات محضيه لانه بمعنى الماضى.
 ‌و‌ السماوات: قيل جمع سماوه ‌و‌ هى واحده السماء ايضا، كسحابه ‌و‌ سحاب، ‌و‌ قيل: جمع سماء ‌و‌ هى اسم جنس يطلق على المطلق ‌و‌ المتعدد.
 ‌و‌ قال الجوهرى: السماء يذكر ‌و‌ يونث ‌و‌ يجمع على سماوات.
 ‌و‌ البارى: الخالق ‌من‌ برا الله الخلق، بمعنى خلقه.
 ‌و‌ ‌فى‌ النهايه: البارى: ‌هو‌ الذى خلق الخلق لاعن مثال، ‌و‌ لهذه اللفظه ‌من‌ الاختصاص بخلق الحيوان ‌ما‌ ليس لها بغيره ‌من‌ المخلوقات، ‌و‌ قلما تستعمل ‌فى‌ غير الحيوان، فيقال: برا الله النسمه، ‌و‌ خلق السماوات ‌و‌ الارض انتهى.
 ‌و‌ النسمات: جمع نسمه بفتحتين، ‌و‌ هى النفس بالسكون، ‌و‌ تجمع على نسم ايضا.
 قال الفيومى ‌فى‌ المصباح: النسيم: نفس الريح، ‌و‌ النسمه- محركه- مثله، ثم سميت بها النفس بالسكون ‌و‌ الجمع نسم مثل قصبه ‌و‌ قصب ‌و‌ الله بارى النسم ‌اى‌ خالق النفوس انتهى.
 ‌و‌ ‌فى‌ القاموس: النسمه محركه: الانسان، ‌و‌ الجمع نسم ‌و‌ نسمات. ‌و‌ اضافه بارى الى النسمات محضيه، لانها اما بمعنى الماضى ‌او‌ بمعنى الاستمرار، ‌و‌ الله اعلم.
 
الدوام ‌فى‌ الاصل السكون، ‌و‌ منه الحديث: نهى ‌ان‌ يبول الانسان ‌فى‌ الماء الدائم، ثم استعمل ‌فى‌ امتداد زمان الشى ء فقيل: دام الشى ء اذا امتد زمانه، ‌و‌ اذا وصف ‌به‌ الله سبحانه فالمراد ‌به‌ استمرار وجوده بلا انقطاع، فهو الدائم الذى ‌لا‌ ينتهى تقدير وجوده ‌فى‌ المستقبل الى آخر. فمعنى قوله عليه السلام: «يدوم بدوام ملكك» ‌اى‌ يستمر وجود ثوابه ‌و‌ اجره ملتبسا باستمرار وجود ملكك، ‌و‌ الغرض عدم انقطاعه ‌و‌ انتهائه، اذ كان ملكه تعالى دائما ‌لا‌ ينتهى الى آخر، ‌و‌ قد سبق ‌فى‌ الروضه الثانيه ‌و‌ الثلاثين بيان دوام ملكه عند قوله عليه السلام: «اللهم ‌يا‌ ذا الملك المتابد بالخلود» فاغنى عن الاعاده ‌و‌ الخلود هنا دوام البقاء، ‌و‌ ‌ان‌ قيل: ‌هو‌ ‌فى‌ الاصل الثبات المديد دام ‌او‌ لم يدم، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يراد ‌به‌ دام الحمد دوامه حقيقه بان يكتبه ‌من‌ الحامدين ‌فى‌ ابد الابدين، فكانه صدر ‌من‌ الحامد بهذه العباره حمد دائم ‌لا‌ انقطاع ‌و‌ ‌لا‌ انتهاء له.
 
و «الباء» ‌فى‌ «بنعمتك» للملابسه ايضا، ‌اى‌ خالد بخلود نعمتك ‌و‌ المراد خلود افاضتها اذ كان تعالى لاينفك منعما ‌و‌ ‌هو‌ كقول جده سيد الاوصياء صلوات الله عليه ‌من‌ خطبه له: «الحمد لله غير مقنوط ‌من‌ رحمته، ‌و‌ ‌لا‌ مخلو ‌من‌ نعمته الى ‌ان‌ قال: الذى ‌لا‌ تبرح له رحمه، ‌و‌ ‌لا‌ تفقد له نعمه».
 
و وازاه موازاه: حاذاه ‌و‌ قابله، ‌و‌ منه الاثر: وازينا العدو ‌و‌ صاففناهم. قال ابن الاثير: الموازاه: المقابله ‌و‌ المواجهه، ‌و‌ الاصل فيه الهمزه يقال: آزيته، اذا حاذيته. قال الجوهرى: «و ‌لا‌ تقل: وازيته» ‌و‌ غيره اجازه على تخفيف الهمزه ‌و‌ قلبها ‌و‌ هذا انما يصح اذا انفتحت ‌و‌ انضم ‌ما‌ قبلها نحو: سوال، فيصح ‌فى‌ الموازاه ‌و‌ ‌لا‌ يصح ‌فى‌ وازينا، الا ‌ان‌ يكون قبلها ضمه ‌من‌ كلمه اخرى، كقراءه ابى عمرو «السفهاء ‌و‌ ‌لا‌ انهم» انتهى كلام ابن الاثير.
 ‌و‌ عليه فيصح ‌فى‌ يوازى ايضا لانفتاحها ‌و‌ ضم ‌ما‌ قبلها، ‌و‌ عليه اتفاق النسخ ‌من‌ الصحيفه الشريفه.
 ‌و‌ ‌فى‌ المصباح المنير للشهاب الفيومى: وازاه موازاه: ‌اى‌ حاذاه ‌و‌ ربما ابدلت الواو همزه فقيل: آزاه انتهى، فجعل الهمزه بدلا ‌من‌ الواو ‌و‌ ‌هو‌ غريب، ‌و‌ الصحيح ‌ما‌ ذكرناه اولا.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الفائق: الموازاه: المقاومه ‌من‌ قولك: ‌هو‌ ازاء مال، ‌اى‌ قائم به.
 ‌و‌ قال ‌فى‌ الاساس: يقال جلس ازاءه ‌و‌ بازائه ‌اى‌ بحذائه، ثم قالوا على سبيل المجاز ‌هو‌ حافظ ماله ‌و‌ ازاوه، للقيم به.
 
و قالوا: بنو فلان يوازون بنى فلان، اى: يقاومونهم ‌فى‌ كونهم ازاء للحرب، ‌و‌ فلان ‌لا‌ يوازيه احد، انتهى.
 ‌و‌ الصنع بالضم: مصدر صنع اليه معروفا ‌من‌ باب- نفع- ‌و‌ يطلق على الصنيعه ايضا ‌و‌ هى الاحسان يقال: ‌ما‌ احسن صنع الله عندك اى: صنيعته.
 ‌و‌ ‌فى‌ المحكم: الصنع: الرزق، ‌و‌ صنع اليه عرفا صنعا بالضم ‌و‌ اصطنعه كلاهما قدمه ‌و‌ الصنيعه ‌ما‌ اصطنع ‌من‌ خير، انتهى. ‌و‌ قد تقدم ‌فى‌ الروضه الاولى معنى موازاه الحمد لصنعه ‌و‌ احسانه تعالى، ‌و‌ ‌فى‌ الحديث القدسى: انى رضيت الشكر مكافاه ‌من‌ اوليائى.
 
و الرضا: سكون النفس بالنسبه الى ‌ما‌ يلائمها ‌و‌ يوافقها عند تصور كونه موافقا ‌و‌ ملائما لها، ‌و‌ اذا اطلق على الله سبحانه فيعود الى علمه بموافقه امره ‌و‌ ارادته ‌و‌ طاعته، قيل: ‌و‌ معنى يزيد على رضاك اى: يزيد على ‌ما‌ يرضى ‌به‌ منا ‌من‌ الحمد، فرضاك بمعنى مرضيك.
 ‌و‌ قيل: ‌اى‌ يزيد على رضاك بعملنا لكونه تعالى يرضى ‌من‌ عباده بالقليل ‌من‌ العمل.
 
و مع: اسم ظرف لمكان الاجتماع ‌و‌ زمانه، ‌و‌ قد يراد ‌به‌ مجرد الاجتماع ‌و‌ الاشتراك ‌من‌ غير ملاحظه المكان ‌و‌ الزمان نحو: «و كونوا مع الصادقين» ‌و‌ ‌هو‌ ‌فى‌ عباره الدعاء كذلك، غير ‌ان‌ الظاهر ‌ان‌ المراد بها هنا الاجتماع ‌فى‌ الشرف ‌و‌ الرتبه ‌من‌ جهه الكثره.
 قال الراغب: مع: تقتضى الاجتماع اما ‌فى‌ المكان ‌او‌ ‌فى‌ الزمان ‌او‌ ‌فى‌ الشرف
 
و الرتبه، نحو: هما معا ‌فى‌ العلو، فالمعنى حمدا يشارك ‌و‌ يجامع حمد جميع الحامدين ‌فى‌ كثرته، ‌او‌ المعنى يجازى حمد كل حامد فيكون معه ‌لا‌ يقصر عنه ‌و‌ ‌لا‌ يقف دونه، ‌و‌ يويد ذلك معنى الفقره الثانيه حيث ترقى الى طلب كون شكره فائقا ‌و‌ فائتا شكر كل شاكر.
 ‌و‌ قصر عن الامر قصورا ‌من‌ باب- قعد-: عجز عنه، ‌و‌ منه قصر السهم عن الهدف قصورا: اذا لم يبلغه. ‌و‌ انتصب شكرا على ‌ما‌ انتصب عليه حمدا اعنى المفعوليه المطلقه لنيابته عنه اذ كان مرادفا له لغه نحو: شنيته بغضا، ‌و‌ ‌فى‌ القاموس الحمد: الشكر.
 على ‌ان‌ الشكر اللغوى مرادف للحمد العرفى قطعا ‌و‌ العامل المصدر ‌و‌ ‌هو‌ الحمد ‌او‌ ‌ما‌ فيه ‌من‌ معنى الفعل ‌او‌ فعل محذوف ‌دل‌ عليه الحمد ‌و‌ التعميم ‌فى‌ كل حامد ‌و‌ كل شاكر مخصوص بمنفصل كما ‌لا‌ يخفى.
 
ينبغى: مطاوع بغى، يقال: بغيته ‌اى‌ طلبته فانبغى كما يقال: كسرته فانكسر، غير ‌ان‌ بعضهم صرح بان استعمال ماضيه مهجور.
 ‌و‌ قال الجمهور: ‌هو‌ ‌من‌ الافعال التى ‌لا‌ تتصرف فلا يقال: انبغى، فقيل ‌فى‌ توجيهه ‌ان‌ انبغى مطاوع بغى، ‌و‌ ‌لا‌ يستعمل انفعل ‌فى‌ المطاوعه الا اذا كان فيه علاج، ‌و‌ انفعال مثل كسرته فانكسر، ‌و‌ كما ‌لا‌ يقال: طلبته فانطلب ‌و‌ قصدته
 
فانقصد، ‌لا‌ يقال: بغيته فانبغى لانه ‌لا‌ علاج فيه ‌و‌ اجازه بعضهم، ‌و‌ حكى عن الكسائى انه سمعه ‌من‌ العرب.
 قال الفيومى: ‌ما‌ ينبغى ‌ان‌ يكون كذا: ‌اى‌ ‌ما‌ يستقيم، ‌او‌ ‌ما‌ يحسن.
 ‌و‌ قال الراغب: ينبغى يستعمل على وجهين:
 احدهما: على معنى الاستيهال نحو: فلان ينبغى ‌ان‌ يعطى لكرمه.
 ‌و‌ الثانى: ‌ما‌ يكون مسخرا للفعل نحو: النار ينبغى ‌ان‌ يحرق الثوب ‌و‌ منه: «و ‌ما‌ علمناه الشعر ‌و‌ ‌ما‌ ينبغى له» فان معناه ‌لا‌ يتسخر ‌و‌ ‌لا‌ يتسهل له، الا ترى ‌ان‌ لسانه لم يكن يجرى به، انتهى.
 فقوله عليه السلام: ‌لا‌ ينبغى الا لك اى: ‌لا‌ يحسن الا لك ‌و‌ ‌لا‌ يساله غيرك، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يراد ‌لا‌ يتيسر ‌و‌ ‌لا‌ يتسهل الا لك حتى لو اراد ‌ان‌ يحمد ‌به‌ غيره لم يجربه لسانه، ‌و‌ قد يراد بينبغى: الاذن الشرعى.
 قال الفخر الرازى: لفظ ينبغى تاره يراد بها الحسن العقلى كما يقال: العلم مما ينبغى، ‌و‌ تاره الاذن الشرعى كما يقال: النكاح مما ينبغى انتهى.
 ‌و‌ على هذا فيحتمل ‌ان‌ يراد بقوله عليه السلام: ‌لا‌ ينبغى الا لك، عدم الاذن الشرعى ‌اى‌ ‌لا‌ يسوغ شرعا ‌ان‌ يحمد ‌به‌ غيرك.
 ‌و‌ تقرب الى الله بكذا: فعله طلبا للقربه عنده.
 قال ‌فى‌ الاساس: تقربت الى الله بكذا، ‌و‌ فعلت ذلك تقربا الى الله ‌و‌ قربه، ‌و‌ طلبت بذلك القربه ‌و‌ الحسبه انتهى.
 قال بعضهم: ‌و‌ المراد بالقربه اما موافقه اراده الله تعالى ‌او‌ القرب منه المتحقق
 
بحصول الرفعه عنده، ‌و‌ نيل الثواب لديه تشبيها بالقرب المكانى، ‌و‌ قد تفسر بالطاعه.
 
و استدمت الشى ء: طلبت دوامه، ‌اى‌ بقاءه ‌و‌ امتداد زمانه، يقال: انا استديم الله نعمتك، ‌اى‌ اطلب دوامها.
 ‌و‌ استدعيت الشى ء: طلبته ‌و‌ التمسته، ‌و‌ اصله ‌من‌ الدعاء بمعنى النداء، ‌و‌ ‌هو‌ طلب الحضور لان المستدعى للشى ء يطلب حضوره، ‌اى‌ يطلب ‌به‌ دوام الاخر.
 قال بعضهم: ‌اى‌ حمدا يستدام بسببه الحمد الاول بان يكون خالصا مقبولا بحيث يكون ثوابه باقيا، ‌او‌ يحصل بسببه التوفيق لدوام الحمد، ‌و‌ يكون سببا لدوام الاخر.
 ‌و‌ قال آخر: حاصل المعنى ‌من‌ ظاهر العباده: حمدا يكون ‌به‌ اول الحمد ‌و‌ آخره دائما ‌او‌ (لعل) اول الحامد ‌و‌ آخره.
 ‌و‌ قال آخر: المراد بالاول النعمه الدنيويه، ‌و‌ بالاخر النعمه الاخرويه، ‌و‌ كل ذلك ‌من‌ المقصود بمعزل، بل الظاهر الذى يقتضى مقياس كلامهم، ‌و‌ معيار بيانهم، ‌ان‌ المراد بالاول القديم ‌من‌ النعم، ‌و‌ بالاخر الحديث منها ‌من‌ قولهم: ‌ما‌ تركت له اولا ‌و‌ ‌لا‌ آخرا، ‌اى‌ قديما ‌و‌ ‌لا‌ حديثا، ‌و‌ يعبر عنهما بالتالد ‌و‌ الطارف.
 ‌او‌ يكون المراد بالاول: ‌ما‌ حصل عنده ‌من‌ النعم، ‌و‌ بالاخر: المستقبل منها، فيكون كقول جده سيد الاوصياء عليه السلام: اذا وصلت اليكم اطراف النعم فلا تنفروا اقصاها بقله الشكر.
 قال الشيخ العلامه كمال الدين ‌بن‌ ميثم ‌فى‌ شرحه: نبه على على وجوب الشكر على النعمه لغرض دوامها، ‌و‌ نفر عن قلته بما يستلزمه ‌من‌ كونه تنفيرا لما يستقبل منها، ‌و‌ فيه ايماء الى ‌ان‌ دوام الشكر مستلزم لدوامها انتهى.
 
و ‌من‌ كلام بعض اجواد العرب: ‌ما‌ توسل الى احد بوسيله اقرب ‌من‌ تذكيرى يدا سلفت منى اليه اتبعها اختها ‌ان‌ منع الاواخر بقطع شكر الاوائل، فعبر عن سوابق النعم ‌و‌ لواحقها بالاوائل ‌و‌ الاواخر، ‌و‌ الله اعلم بمقاصد اوليائه.
 
تضاعف الشى ء: زاد على اصله فحصل مثلاه ‌و‌ اكثر، ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ الضعف بالكسر، ‌و‌ المراد ‌به‌ هنا زياده غير محصوره، ‌و‌ قد تقدم الكلام عليه غير مره.
 ‌و‌ كرور الازمنه: ‌اى‌ عودها مره اخرى ‌من‌ ‌كر‌ يكر كرا ‌و‌ كرورا ‌من‌ باب- قتل-: اذا عاد ‌و‌ رجع بعد الذهاب، يقال: افناه ‌كر‌ الليل ‌و‌ النهار ‌اى‌ عودهما مره بعد اخرى اذا عاد ‌و‌ رجع بعد الذهاب، ‌و‌ منه تكرير الشى ء: ‌و‌ ‌هو‌ اعادته مرارا.
 ‌و‌ تزايد الشى ء: ‌من‌ الزياده، ‌و‌ تفاعل هنا بمعنى تفعل الذى ‌هو‌ للعمل المكرر ‌فى‌ مهله.
 قال ‌فى‌ الاساس: تزايد السعر ‌و‌ تزيد ‌و‌ تزابدوا ‌فى‌ ثمن السلعه حتى بلغ منتهاه انتهى.
 ‌و‌ المعنى تزايد شيئا فشيئا، ‌و‌ نصب اضعافا: اما على التمييز المحول عن الفاعل ‌و‌ الاصل يتزايد اضعافه بدليل قوله قبله: «يتضاعف على كرور الازمنه» ثم جعل الاسناد الى الحمد ‌و‌ نصب اضعافا على التمييز، ‌او‌ على المفعوليه المطلقه لنيابته عن مصدر الفعل، ‌و‌ الاصل تزايد اضعاف، فحذف المصدر ‌و‌ انيبت اضعافا منابه ‌او‌ على الحاليه، ‌اى‌ حال كونه اضعافا.
 ‌و‌ مترادفه: ‌اى‌ متتابعه متلاحقه ‌من‌ ترادف القوم: ‌اى‌ تتابعوا ‌و‌ تلاحقوا، ‌و‌ ردفته ردفا ‌من‌ بابى- سمع- و- قتل-: لحقته ‌و‌ تبعته.
 
و احصاء الشى ء: تحصيله بالعدد ‌و‌ منه: «و احصى كل شى ء عددا» ‌اى‌ حصله ‌و‌ احاط به.
 ‌و‌ الحفظه: جمع حافظ ‌من‌ حفظت الشى ء اذا رعيته ‌و‌ تعهدته، ‌و‌ المراد بهم هنا: الملائكه الذين يحفظون اعمال العباد ‌و‌ يحصون حسناتهم ‌و‌ سيئاتهم، ‌و‌ ‌هم‌ ايضا الكتبه الذين يكتبون الاعمال بدليل قوله تعالى: «و ‌ان‌ عليكم لحافظين كراما كاتبين» ‌و‌ قد استوفينا الكلام عليهم ‌فى‌ الروضه الثالثه فليرجع اليه.
 ‌و‌ اضافه الكتاب الى ضمير الخطاب للتعظيم ‌و‌ التفخيم، ‌و‌ الله اعلم.
 
قال الزمخشرى ‌فى‌ الاساس: وازن الشى ء الشى ء: ساواه ‌فى‌ الوزن.
 ‌و‌ عرشه تعالى: قيل: عباره عن علمه المحيط بجميع الاشياء ‌من‌ باب التشبيه لاستقرارها فيه، ‌و‌ قيل: ‌هو‌ مطاف الملائكه، ‌و‌ قيل: ‌هو‌ الفلك التاسع المسمى بالفلك الاعظم ‌و‌ الفلك الاعلى، ‌و‌ قيل: ‌هو‌ كنايه عن سلطانه ‌و‌ ملكه تعالى.
 ‌و‌ قال الراغب: عرش الله تعالى مما ‌لا‌ يعلمه البشر الا بالاسم على الحقيقه.
 ‌و‌ المجد: السعه ‌فى‌ الكرم، وصف ‌به‌ العرش لسعته ‌و‌ جلالته ‌و‌ عظمته، ‌و‌ ‌فى‌ عباره الدعاء تاييد لقراءه ‌من‌ قرا «ذو العرش المجيد» بالجر صفه للعرش فيبطل قول ‌من‌ ضعفها بان المجيد لم يسمع ‌فى‌ غير صفه الله.
 
و روى عن ابن عباس انه قال: يريد بالمجيد: العرش، ‌و‌ حسنه.
 قال العلامه الطبرسى: ‌و‌ يويده ‌ان‌ العرش وصف بالكريم ‌فى‌ قوله تعالى: «رب العرش الكريم» فجاز ايضا ‌ان‌ يوصف بالمجيد لان معناه الكمال ‌و‌ العلو ‌و‌ الرفعه، ‌و‌ العرش اكمل كل شى ء ‌و‌ اعلاه ‌و‌ اجمعه لصفات الحسن انتهى.
 ‌و‌ عدل الشى ء عدلا ‌من‌ باب- ضرب- ‌و‌ عادله معادله ساواه ‌فى‌ وزنه ‌و‌ مقداره.
 ‌و‌ كرسيه تعالى قيل: مجاز عن علمه ايضا كالعرش.
 ‌و‌ ‌فى‌ الحديث عن الصادق عليه السلام ‌و‌ قد سئل عن قوله ‌عز‌ ‌و‌ جل: «وسع كرسيه السموات ‌و‌ الارض» قال: علمه.
 ‌و‌ قيل: مجاز عن ملكه ‌و‌ سلطانه على التشبيه بكرسى الملك.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ جسم بين يدى العرش، محيط بالسماوات السبع.
 قيل: ‌و‌ لعله الفلك الثامن المسمى بفلك البروج.
 ‌و‌ عن ابى عبدالله عليه السلام: قال: كل شى ء خلق الله ‌فى‌ جوف الكرسى خلا عرشه فانه اعظم ‌من‌ ‌ان‌ يحيط ‌به‌ الكرسى.
 ‌و‌ عنه عليه السلام انه قال: الكرسى عند العرش كحلقه ‌فى‌ فلاه قى ‌و‌ القى بكسر القاف: قفر الارض.
 ‌و‌ ‌من‌ طرق العامه عنه صلى الله عليه ‌و‌ آله: «ما السموات السبع ‌و‌ الارضون السبع مع الكرسى الا كحلقه ‌فى‌ فلاه ‌و‌ فضل العرش على الكرسى كفضل تلك الفلات على تلك الحلقه».
 
و ‌فى‌ بعض الروايات عن اهل البيت عليهم السلام ‌ما‌ يدل على ‌ان‌ الكرسى اعظم ‌من‌ العرش، ‌و‌ ‌هو‌ ‌لا‌ ينافى الروايات الداله على ‌ان‌ العرش اعظم منه، لان المراد بالكرسى ‌فى‌ الروايات الداله على انه اعظم ‌من‌ العرش علمه المحيط بجميع الاشياء، ‌او‌ ملكه ‌و‌ سلطانه، ‌و‌ بالعرش الجسم المحيط فهو بهذا المعنى داخل ‌فى‌ الكرسى، فكان الكرسى بهذا المعنى اعظم منه، ‌و‌ ليس المراد ‌به‌ فلك البروج كما توهمه بعضهم، فانه يستحيل ‌ان‌ يكون اعظم ‌من‌ العرش بمعنى الفلك الاعظم.
 ‌و‌ الرفيع: فعيل ‌من‌ الرفعه بمعنى العلو فان حمل الكرسى على معنى الجسم المحيط فالرفعه حسيه ‌و‌ الا فعقليه، ‌و‌ المراد بموازنه الحمد ‌و‌ معادلته للعرش ‌و‌ الكرسى التعظيم ‌و‌ التفخيم لشانه، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون المراد انه لو وزن ‌و‌ عدل بهما لوازنهما حقيقه بناء على القول بتجسم الاعمال ‌فى‌ الاخره كما مر.
 
و كمال الشى ء: حصول ‌ما‌ فيه الغرض منه ‌و‌ يقال: كمل الشى ء يكمل بضم العين فيهما كمالا، ‌اى‌ حصل ‌ما‌ ‌هو‌ الغرض منه.
 ‌و‌ الثواب: ‌ما‌ يرجع الى الانسان ‌من‌ جزاء اعماله ‌و‌ اصله ‌من‌ ثاب ثوبا ‌من‌ باب- قال- ‌اى‌ رجع فسمى جزاء العمل ثوابا على تصور انه هوهو، ‌و‌ قد اسلفنا ‌فى‌ الروضه الاولى ‌ان‌ الصحيح ‌ان‌ الجزاء ‌فى‌ الاخره ‌هو‌ عين العمل هنا خيرا كان ‌او‌ شرا، فالاعمال الصالحه تظهر ‌فى‌ النشاه الاخره انوارا ‌و‌ روحا ‌و‌ ريحانا ‌و‌ ثمارا ‌و‌ حورا ‌و‌ ولدانا، ‌و‌ الاعمال القبيحه تبرز هناك ظلمات ‌و‌ كربات ‌و‌ عقارب ‌و‌ حيات.
 فاذن الجزاء ‌هو‌ عين العمل سمى ثوابا لثوبه، ‌اى‌ رجوعه الى صاحبه ‌ان‌ خيرا فخيرا ‌و‌ ‌ان‌ شرا فشرا لكنه ‌فى‌ صوره اخرى فان الحقيقه الواحده تختلف صورها باختلاف المواطن فتتحلى ‌فى‌ كل موطن بحليه ‌و‌ تتزيا ‌فى‌ كل نشاه بزى، ‌و‌ الثواب يقال: ‌فى‌ الخير ‌و‌ الشر لكن الاكثر استعماله ‌فى‌ الخير.
 ‌و‌ استغراق الشى ء: استيعابه ‌و‌ ‌هو‌ اخذه جميعه.
 ‌و‌ الجزاء: مصدر جزاه الله على فعله خيرا ‌او‌ شرا اثابه عليه ‌و‌ قضاه له، ‌و‌ معنى
 
استغراق جزائه كل جزاء اشتمال جزائه على مثل جزاء جميع الاعمال فلا يكون جزاء عمل ‌من‌ الاعمال الصالحه الا ‌و‌ اشتمل جزاء هذا الحمد على مثله، ‌و‌ نظير هذه العباره قول ابى جعفر الثانى عليه السلام ‌من‌ قرا «انا انزلناه ‌فى‌ ليله القدر» عشر مرات بعد العصر مرت له على مثل اعمال الخلائق ‌فى‌ ذلك اليوم اى: مرت قرائته لها مشتمله على مثل ثواب اعمال الخلائق ‌فى‌ ذلك اليوم.
 
و ظاهر الحمد: ‌ما‌ اعلى منه، ‌و‌ باطنه: ‌ما‌ اسر منه كما قال تعالى: «و ذروا ظاهر الاثم ‌و‌ باطنه» اى: ‌ما‌ يعلن ‌من‌ الذنوب ‌و‌ ‌ما‌ يسر ‌او‌ ظاهره ‌ما‌ عمل بالجوارح، ‌و‌ باطنه ‌ما‌ عمل بالقلب ‌و‌ بذلك فسرت الايه ايضا، ‌و‌ لما كان ‌ما‌ يسر ‌من‌ العمل خالصا ‌فى‌ الغالب عن الرياء ‌و‌ السمعه سال عليه السلام: ‌ان‌ يكون ظاهر حمده موافقا لباطنه ‌اى‌ ‌فى‌ الخلوص ‌من‌ شائبه تشوبه ثم لما كان الباطن ‌من‌ العمل قد يخلو عن صدق النيه ‌اى‌ حسنها، ‌و‌ ‌هو‌ الاقبال على العمل ‌من‌ صميم القلب ‌او‌ تزكيتها عن جميع النقائص ‌و‌ تصفيتها ‌من‌ غير وجه الله تعالى سال عليه السلام ‌ان‌ يكون باطن حمده موافقا لصدق النيه ‌و‌ حسنها فيه فيكون ظاهره كباطنه، ‌و‌ باطنه مشتملا على صدق النيه فيه.
 
و قوله عليه السلام: «لم يحمدك خلق مثله» ‌اى‌ كيفيه ‌و‌ كميه فلا يكون حمدا ازكى ثوابا ‌و‌ ‌لا‌ اكثر عددا منه.
 ‌و‌ فضله: ‌اى‌ فضيلته ‌و‌ كماله، ‌او‌ خيره ‌او‌ زيادته على غيره ‌من‌ الحمد ‌من‌ فضل فضلا ‌من‌ باب- قتل- ‌اى‌ زاد، ‌و‌ خذ الفضل: ‌اى‌ الزياده.
 
حذف الفاعل ‌من‌ قوله: «يعان» ‌و‌ «يويد» ‌و‌ اسندهما الى مفعوليهما للعلم ‌به‌
 
و تعينه حقيقه كقوله تعالى: «و خلق الانسان ضعيفا» ‌و‌ اعانته تعالى: عباره عن افاضه قوه على استعداد العبد يقوى بها على تحصيل الكمالات الموصوله الى السعاده الاخرويه.
 ‌و‌ تاييده: عباره عن تقويته ‌و‌ امداده بما يقوى ‌به‌ على فعل الخيرات ‌من‌ فتح بصيرته ‌و‌ شرح صدره ‌و‌ الهامه رشده الى غير ذلك ‌و‌ اشتقاقه ‌من‌ الايد ‌و‌ ‌هو‌ القوه، ‌و‌ منه: «و اذ ايدتك بروح القدس».
 ‌و‌ الاجتهاد ‌فى‌ الشى ء: اخذ النفس ببذل الطاقه ‌و‌ تحمل المشقه فيه ‌من‌ الجهد بالفتح ‌و‌ الضم بمعنى الطاقه ‌و‌ المشقه، ‌و‌ قيل: ‌هو‌ بالفتح المشقه ‌و‌ بالضم الطاقه ‌و‌ الوسع.
 ‌و‌ التعديد: مصدر عدده اذا جعله ذا عدد.
 قال الفارابى ‌فى‌ ديوان الادب ‌فى‌ باب التفعيل ‌من‌ كتاب المضاعف: عدد ماله: ‌اى‌ جعله ذا عدد انتهى.
 ‌و‌ العدد هنا: كنايه عن الكثره.
 قال الراغب: قد يتجوز بالعدد فيقال: شى ء معدود للقليل مقابله لما ‌لا‌ يحصى كثره. ‌و‌ يقال: على الضد ‌من‌ ذلك نحو: جيش عديد: ‌اى‌ كثير، ‌و‌ انهم لذو عدد: ‌اى‌ ‌هم‌ بحيث ‌ان‌ يعدوا لكثرتهم. ‌و‌ يقال: ‌فى‌ القليل ‌هم‌ شى ء غير معدود، ‌و‌ قوله تعالى: «فى الكهف سنين عددا» يحتمل الامرين انتهى.
 
و قال الزجاج: يجوز ‌ان‌ يكون عددا ‌فى‌ الايه نعتا لسنين ‌اى‌ ذوات عدد، ‌و‌ الفائده ‌فى‌ قولك عددا ‌فى‌ الاشياء المعدودات انك تريد توكيد كثره الشى ء، لانه اذا ‌قل‌ فهم مقداره، ‌و‌ مقدار عدده فلم يحتج ‌ان‌ يعد ‌و‌ اذا كثر احتاج الى العد فالعدد ‌فى‌ قولك: اقمت اياما عددا، تريد ‌به‌ الكثره، انتهى.
 اذا عرفت ذلك، فالمراد بتعديده هنا تكثيره ‌و‌ توفيره لاعده ‌و‌ احصاوه، ‌و‌ المعنى حمدا تفيض المعونه على ‌من‌ بذل وسعه ‌و‌ طاقته ‌و‌ تحمل المشقه ‌فى‌ تعديده ‌و‌ تكثيره ‌او‌ حمدا اذا اجتهد الحامد ‌فى‌ تعديده ‌و‌ توفيره اخذت المعونه بصنعه ‌و‌ ادركته تقويتك عليه، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون المراد بتعديده، الطاقه له بايفاء حقه ‌من‌ الاخلاص فيه ‌و‌ المداومه عليه ‌و‌ القيام بادابه، فان التعديد ‌و‌ الاحصاء يستعملان بهذا المعنى ‌من‌ حيث استلزامهما لضبط الشى ء المعدود ‌و‌ المحصى ‌من‌ غير اراده حصر آحاده ‌و‌ ‌من‌ ضبط شيئا فقد اطاقه، ‌و‌ منه قوله عليه السلام: استقيموا ‌و‌ لن تحصوا.
 قال الزمخشرى ‌فى‌ الفائق: ‌اى‌ لن تطيقوا الاستقامه حتى ‌لا‌ تميلوا ‌من‌ قوله تعالى: «علم ‌ان‌ لن تحصوه» ‌و‌ معنى التركيب الضبط فالعاد يضبط ‌ما‌ يعده ‌و‌ يحصره، ‌و‌ كذا المطيق للشى ء ضابط له انتهى كلام الزمخشرى.
 ‌و‌ ‌من‌ ذلك ايضا قوله عليه السلام: ‌من‌ طاف بهذا البيت فاحصاه.
 قال الطيبى ‌فى‌ شرح المشكاه: ‌اى‌ طاف ‌به‌ ‌حق‌ طوافه بان يوفى واجباته ‌و‌ سننه ‌و‌ آدابه ‌و‌ منه: ‌لا‌ احصى ثناء عليك، ‌اى‌ ‌لا‌ اطيق ‌ان‌ اثنى عليك كما تستحقه.
 
فالمعنى على هذا حمدا تنزل المعونه على ‌من‌ اجتهد ‌فى‌ الطاقه عليه ‌و‌ القيام ‌به‌ ‌و‌ المواظبه عليه كما ذكرنا، ‌و‌ خفى معنى التعديد الذى بيناه ‌و‌ شرحناه على اصحابنا الذين ترجموا الصحيفه الشريفه ‌و‌ علقوا عليها، فجعلوا التعديد بمعنى احصاء الكميه ‌و‌ حملوا ذلك على معنى غريب فقالوا: حمدا ‌لا‌ يستطيع احد احصاءه ‌و‌ ‌ان‌ اجتهد فيه الا بمعونتك له على عده ‌و‌ احصاء كميته ‌و‌ هذا ‌و‌ ‌ان‌ كان ‌فى‌ نفسه معنى صحيحا الا انه مما تتجافى عنه مضاجع الكلام ‌و‌ تنبو عنه مساق العباره، الا ترى انه عليه السلام سال اولا عجز الحفظه عن احصائه ‌و‌ زيادته على ‌ما‌ احصته الكتبه ‌فى‌ كتابه فكيف يسال بعد ذلك ‌ان‌ يكون احصاوه لمن اجتهد فيه ميسرا بمعونته تعالى ‌و‌ ‌اى‌ مبالغه ‌فى‌ هذا السوال بعد ذلك حتى يكون ‌من‌ باب الترقى اليه، ثم قوله عليه السلام ‌فى‌ الفقره التاليه: ‌و‌ يويد ‌من‌ اغرق نزعا ‌فى‌ توفيته، بعين ‌ما‌ ذكرناه على ماجرت ‌به‌ عادته عليه السلام ‌فى‌ فقرات دعائه ‌من‌ كون الفقره الثانيه موافيه للفقره الاولى ‌فى‌ معناها ‌و‌ موافقه لها ‌فى‌ غرضها، ‌و‌ اما ‌من‌ حمل التعديد على انه مصدر عدد الشى ء اذا جعله عده ‌اى‌ ذخرا لنوائب دهره فما ابعد، غير ‌ان‌ سياق الكلام يقتضى ‌ما‌ ذكرناه ‌و‌ الله يقول الحق ‌و‌ يهدى السبيل.
 ‌و‌ اغرق ‌فى‌ الشى ء: بالغ فيه ‌و‌ اطنب.
 ‌و‌ نزع القوس نزعا ‌من‌ باب- ضرب- مدها، يقال: اغرق الرامى نزعا، ‌اى‌ استوفى مد القوس ‌و‌ بالغ فيه، ‌و‌ نزعا: تمييز محول عن المفعول، الاصل اغرق نزع القوس، ‌اى‌ بالغ ‌و‌ اطنب ‌فى‌ مدها ‌و‌ بلغ غايته، هذا ‌هو‌ الاصل فيه ثم استعير لكل ‌من‌ بالغ ‌فى‌ شى ء ‌و‌ منه قول اميرالمومنين عليه السلام: لقد اغرق ‌فى‌ النزع، ‌اى‌ بالغ ‌فى‌ الامر ‌و‌ انتهى فيه ‌و‌ قول الكميت ‌بن‌ زيد:
 
اخلص الله لى هواى فما
 اغرق نزعا ‌و‌ ‌لا‌ تطيش سهامى
 ‌و‌ وفاه حقه توفيه: اعطاه اياه وافيا، ‌اى‌ تاما، ‌و‌ المعنى حمدا تويد العنايه الالهيه ‌من‌ بالغ امره ‌فى‌ ايفائه حقه الذى يجب له ‌من‌ الاداب ‌و‌ السنن ‌و‌ اخلاص النيه ‌و‌ صدق الرغبه الى غير ذلك، ‌و‌ ‌فى‌ نسخه قديمه ‌فى‌ توقيته بالقاف ‌من‌ وقت الشى ء توقيتا ‌و‌ وقته وقتا ‌من‌ باب- وعد- اذا حددت له وقتا، ‌و‌ منه: «ان الصلاه كانت على المومنين كتابا موقوتا» اى: مكتوبه محدوده باوقات اذا حضر وقتها ‌لا‌ يجوز اخراجها عنه، فمعنى توقيت الحمد: ‌ان‌ يجعل له اوقاتا مخصوصه يوديه فيها ‌و‌ ‌لا‌ يرخص لنفسه اخراجه عنها كما ‌هو‌ المتعارف ‌فى‌ سائر الاوراد.
 ‌و‌ ‌فى‌ نسخه ابن ادريس ‌فى‌ توقيه بكسر القاف ‌و‌ فتح المثناه ‌من‌ تحت ‌و‌ هى مصدر وقاه بالتشديد توقيه: ‌اى‌ حفظه ‌و‌ المراد حفظه ‌و‌ وقايته ‌من‌ ‌ان‌ يقع ‌فى‌ شى ء ‌من‌ لفظه ‌و‌ معناه، ‌و‌ القيام ‌به‌ زيغ ‌و‌ خلل.
 
و جمعت الشى ء جمعا ‌من‌ باب- نفع-: ضممته بتقريب بعضه ‌من‌ بعض.
 ‌و‌ ‌فى‌ الحديث: «حمدت الله بجامع الحمد» ‌اى‌ بكلمات جمعت انواع الحمد ‌و‌ الثناء على الله تعالى
 ‌و‌ خلقه تعالى للحمد اما بمعنى تقديره له فيعم حمده تعالى لنفسه، ‌و‌ حمد عباده له ‌او‌ بمعنى ابداعه ‌و‌ احداثه فيختص بحمده تعالى لنفسه.
 ‌و‌ ينتظم: ‌اى‌ يجمع ‌و‌ يشمل ‌و‌ اصله ‌من‌ نظم اللولو، ‌و‌ ‌هو‌ جمعه ‌فى‌ سلك يقال: طعنه فانتظم ساقيه: ‌اى‌ شملت الطعنه ساقيه ‌و‌ جمعت بينهما بحيث اصابتهما كليهما.
 ‌و‌ ‌فى‌ الاساس: طعنه فانتظم ساقيه ‌او‌ جنبيه. ‌و‌ قال الافوه:
 تخلى الجماجم ‌و‌ الاكف سيوفنا
 ‌و‌ رماحنا بالطعن تنتظم الكلى
 
و هذان البيتان ينتظمهما معنى واحد، انتهى.
 ‌و‌ ‌ما‌ توهمه بعض المترجمين ‌من‌ ‌ان‌ ينتظم هنا مطاوع نظم فقال: يقال نظمه ‌فى‌ سلك فانتظم فينتظم لازم ‌و‌ مطاوع فلابد ‌من‌ تقدير معه ‌فى‌ الكلام ضبط صريح ‌لا‌ تعويل عليه.
 ‌و‌ «بعد»: ظرف مبهم قطع عن الاضافه لفظا ‌لا‌ معنى فمبنى على الضم ‌و‌ الاصل ‌من‌ بعد ذلك ‌و‌ انما بنى لابهامه مع تضمنه معنى الاضافه الذى ‌هو‌ معنى الحرف ‌و‌ كان البناء على حركه فرارا ‌من‌ التقاء الساكنين، ‌و‌ كانت ضمه ‌و‌ هى اقوى الحركات جبرا لما لحقه ‌من‌ الوهن بحذف المضاف اليه مع انه مقصود.
 
قوله عليه السلام: «حمدا لاحمد اقرب الى قولك منه» الجمله المصدره ب«لا» ‌فى‌ محل نصب نعت للمفعول المطلق قبلها ‌و‌ ‌لا‌ لنفى الجنس، ‌و‌ حمد اسمها ‌و‌ الفتحه فيه فتحه بناء لتركيبه معها تركيب خمسه عشر.
 ‌و‌ قيل: لتضمنه معنى «من» الاستغراقيه ‌و‌ وجب تنكيره ليدل بوقوعه ‌فى‌ سياق النفى على العموم، ‌و‌ اقرب خبرها ‌و‌ وجب تنكيره ايضا اذ ‌لا‌ يخبر بمعرفه عن نكره ‌و‌ اقرب بمعنى ادنى ‌و‌ الى قولك: ‌اى‌ الى ‌ما‌ توثره ‌و‌ تعنى ‌به‌ ‌من‌ الحمد ‌من‌ قولهم: «فلان يقول بكذا» ‌اى‌ يعتنى ‌به‌ ‌و‌ يهواه.
 قال الراغب: قد يستعمل القول ‌فى‌ العنايه الصادقه بالشى ء كقولك: فلان يقول بكذا.
 ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يراد ‌به‌ الحكم ‌اى‌ الى حكمك بان تحمد، ‌و‌ القول بهذا المعنى مشهور، ‌و‌ منه ‌فى‌ التنزيل «لقد ‌حق‌ القول على اكثرهم» ‌اى‌ حكمه تعالى عليهم.
 ‌و‌ احمد ‌من‌ قوله: «و ‌لا‌ احمد» افعل تفضيل ‌من‌ الحمد، ‌و‌ ‌هو‌ اما بمعنى فاعل، ‌اى‌
 
لا اكثر حمدا منه لله تعالى، ‌او‌ بمعنى مفعول ‌و‌ المعنى ‌لا‌ اكثر منه ‌فى‌ الناس محموديه، ‌و‌ بكلا المعنيين فسر اسمه صلى الله عليه ‌و‌ آله احمد غير ‌ان‌ المعنى الاول انسب بالمقام هنا.
 
قوله عليه السلام: «يوجب بكرمك المزيد بوفوره» ‌اى‌ يثبت ‌و‌ يقتضى المزيد بان يكون معدا للحامد ‌به‌ لقبول افاضه مزيد النعم عليه فان الجود الهى ‌لا‌ بخل فيه ‌و‌ ‌لا‌ منع، ‌و‌ انما النقصان ‌من‌ جهه العبد لعدم الاستحقاق ‌و‌ القابليه فاذا استعد لقبول نعمه تعالى افاضها عليه فكلما توفر الاستعداد توفر المزيد فلا يزال بسبقه بالحمد على النعم السابقه للمزيد بالنعم اللاحقه الى ‌ان‌ يخرج كل كمال له بالقوه الى الفعل فيترقى الى اعلى المراتب ‌و‌ اشرف المنازل، ‌و‌ لما كان لزوم المزيد للحمد انما ‌هو‌ بجعل الله تعالى كرما منه تعالى ‌و‌ ملاحظه لعباده بعين عنايته ‌و‌ شمولا لهم بسعه رحمته، كما قال تعالى: «لئن شكرتم لازيدنكم» فعلق زياده النعمه بمجرد الشكر اشار عليه السلام الى ذلك بقوله: «بكرمك» ‌و‌ «الباء» فيه للسببيه.
 ‌و‌ المزيد: مصدر ميمى بمعنى الزياده.
 ‌و‌ وفر المال يفر ‌من‌ باب- وعد- و- كرم- وفورا: كثر ‌و‌ اتسع فهو وفر ‌و‌ وافر، ‌اى‌ بكثرته ‌و‌ اتساعه، ‌و‌ «الباء» فيه للسببيه ايضا، ‌و‌ هى متعلقه بالمزيد ‌لا‌ بيوجب اذ ‌لا‌ مساغ لتعلق حرفى جر بمعنى واحد بفعل واحد حيث ‌لا‌ يصح الابدال ‌و‌ ‌لا‌ وجه للابدال هنا.
 ‌و‌ وصلت الشى ء بالشى ء وصلا ‌من‌ باب- وعد-: لامسته ‌و‌ الحقته به.
 ‌و‌ الطول بالفتح: الفضل ‌و‌ المن ‌اى‌ فضلا منك ‌و‌ منا، ‌و‌ انتصابه على التمييز المحول
 
عن الفاعل، ‌و‌ اصله يصله طولك ‌او‌ على المصدريه ‌اى‌ وصل طول، نحو: جاء زيد رغبته اى: مجى رغبته ‌او‌ على الحاليه ‌و‌ صاحبها مصدر الفعل، ‌اى‌ حال كون وصلك اياه بمزيد بعد مزيد طولا منك.
 
قوله عليه السلام: «حمدا يجب لكرم وجهك» ‌اى‌ يحق ‌و‌ يثبت ‌من‌ حيث انه ‌لا‌ يليق ‌و‌ ‌لا‌ يحسن بغيره ‌و‌ وجهه تعالى هنا اما بمعنى ذاته كقوله تعالى: «كل شى ء هالك الا وجهه» ‌او‌ صفاته ‌من‌ حيث توجه كل شى ء اليها ‌فى‌ جميع الامور.
 ‌و‌ كرمه: عباره عن اتصافه بجميع المحامد ‌و‌ تنزهه عن جميع النقائص.
 ‌و‌ العز: الغلبه ‌و‌ القهر.
 ‌و‌ الجلال: العظمه، ‌و‌ معنى مقابله الحمد لعز جلاله كونه لائقا بعز جلاله ‌و‌ قهر عظمته بحيث يصلح ‌ان‌ يكون قبالته ‌اى‌ تجاهه ‌من‌ المقابله بمعنى المواجهه خلاف المدابره، ‌و‌ منه: قعدت قباله الكعبه، ‌اى‌ مقابلا لها، ‌و‌ الله اعلم.
 
حذف حرف النداء ‌و‌ ‌هو‌ «يا» خاصه ‌اى‌ ‌يا‌ رب ‌و‌ ‌لا‌ يقدر غيرها كما تظافرت عليه نصوصهم لانها اعم ‌و‌ اغلب ‌فى‌ الاستعمال، ‌و‌ الحذف نوع ‌من‌ التصرف فلا يليق الا بما كثر دوره ‌لا‌ بما قل، ‌و‌ النكته ‌فى‌ حذفه استشعار كمال قربه تعالى، ‌و‌ كمال اقباله سبحانه عليه ‌من‌ حيث سبق علمه ‌جل‌ شانه بالغرض ‌من‌ النداء الذى ‌هو‌ لسوال الصلاه على حبيبه ‌و‌ آله، ‌و‌ ‌هو‌ مما يقبل الله سبحانه على الداعى له اتم الاقبال، كيف ‌و‌ ‌هو‌ القائل: «ان الله ‌و‌ ملائكته يصلون على النبى ‌يا‌ ايها الذين
 
آمنوا صلوا عليه ‌و‌ سلموا تسليما» ‌و‌ وضع الظاهر موضع المضمر.
 ‌من‌ قوله: ‌و‌ ‌آل‌ محمد ‌و‌ لم يقل ‌و‌ آله تبركا بذكر اسمه عليه السلام مره اخرى ‌و‌ استلذاذا له ‌و‌ بسطا للكلام حيث الاصغاء مطلوب مع تضمنه مزيد تعظيم لشان المضاف ‌و‌ تحريض لاكرامه.
 ‌و‌ المنتجب: المستخلص، ‌و‌ اصله ‌من‌ النجب محركه ‌و‌ ‌هو‌ لحاء الشجره ‌و‌ قشرها، يقال: انتجب العود اذا اخذ قشره ‌و‌ جعله خالصا منه كانه ابقى خلاصته ‌و‌ نقاه مما يشوبه.
 ‌و‌ المصطفى: المختار ‌من‌ الاصطفاء ‌و‌ ‌هو‌ اخذ صفوه الشى ء، كما ‌ان‌ المختار ‌من‌ الاختيار ‌و‌ ‌هو‌ اخذ خيره الشى ء ‌و‌ انتجابه ‌و‌ اصطفاوه صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌من‌ وجهين:
 احدهما: ‌من‌ جهه شرف نسبه ‌و‌ طهاره اصله كما قال صلى الله عليه ‌و‌ آله: لم يزل الله ينقلنى ‌من‌ اصلاب الطاهرين الى ارحام الطاهرات لم يدنسنى بدنس الجاهليه، ‌و‌ كما قال اميرالمومنين عليه السلام: كلما نسخ الله الخلق فرقتين جعله ‌فى‌ خيرهما لم تسهم فيه عاهر ‌و‌ ‌لا‌ ضرب فيه فاجر.
 ‌و‌ الثانى: ‌من‌ جهه افاضه الكمال النبوى عليه دون سائر الخلق ‌و‌ اكرامه باعداد نفسه الشريفه لقبول انوار النبوه ‌و‌ اسرار الرساله ‌و‌ تخصيص العنايه الالهيه له بذلك.
 ‌و‌ المكرم: المبالغ ‌فى‌ اكرامه بجليل الكرامات ‌و‌ رفيع المقامات.
 ‌و‌ المقرب: الذى قربت مرتبته عند الله تعالى ‌و‌ ادنيت منزلته منه تعالى كما قال سبحانه: «ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين ‌او‌ ادنى» ‌و‌ هذا القرب ليس بالمكان ‌و‌ ‌لا‌ بالزمان، بل انما ‌هو‌ بحسب الذات قربا معنويا روحانيا ‌و‌ ‌هو‌ المشار اليه
 
بقوله تعالى: «فى مقعد صدق عند مليك مقتدر» ‌و‌ يسمى ‌فى‌ عرف القوم بالمكانه قالوا: ‌و‌ هى المنزله التى هى ارفع المنازل عند الله تعالى.
 ‌و‌ افضل الصلوات: اشرفها ‌و‌ اعظمها كما ‌و‌ كيفا، فصلاته تعالى، قيل: رحمته، ‌و‌ قيل: ثناوه، ‌و‌ قيل كرامته، ‌و‌ قيل تزكيته، ‌اى‌ تطهيره لمن ارتضى ‌من‌ عباده بحيث يستحق ‌فى‌ الدنيا الاوصاف المحموده، ‌و‌ ‌فى‌ الاخره الاجر ‌و‌ المثوبه.
 ‌و‌ بارك عليه: ‌اى‌ افض عليه بركاتك، ‌و‌ بركاته تعالى نعمه الدائمه ‌و‌ خيراته الناميه حالا بعد حال.
 ‌و‌ ترحم عليه: ‌اى‌ بالغ ‌فى‌ افاضه انفع رحماتك عليه يقال: متعه الله بالشى ء ‌و‌ امتعه به: ‌اى‌ نفعه ‌به‌ ‌و‌ منه المتاع ‌و‌ ‌هو‌ كل ‌ما‌ ينتفع به، ‌و‌ يحتمل ‌ان‌ يكون امتع بمعنى اجود ‌من‌ متع الشى ء: ‌اى‌ جاد ‌و‌ الماتع الجيد ‌من‌ كل شى ء، ‌و‌ الاول اشهر.
 
زاكيه: ‌اى‌ زائده الخير، ‌من‌ زكى الشى ء يزكو زكاء بالفتح ‌و‌ المد: اذا زاد.
 ‌و‌ ‌لا‌ تكون: ‌اى‌ ‌لا‌ تحصل صلاه ‌فى‌ المستقبل ازيد منها دائما مستمرا فان المضارع كما يفيد الاستمرار ‌فى‌ الاثبات يفيده ‌فى‌ النفى بحسب المقام.
 ‌و‌ ناميه: ‌اى‌ كثيره ‌من‌ نمى الشى ء ينمى ‌من‌ باب- رمى- نماء بالفتح ‌و‌ المد، ‌اى‌ كثر، ‌و‌ ‌فى‌ لغه ‌من‌ باب- قعد-.
 ‌و‌ راضيه: ‌اى‌ ذات رضاء على النسبه بالصيغه فان النسبه نسبتان: نسبه بالحرف كقرشى ‌و‌ بصرى، ‌و‌ نسبه بالصيغه كلابن ‌و‌ تامر للمنسوب الى اللبن ‌و‌ التمر، ‌اى‌ ذى لبن ‌و‌ ذى تمر، ‌و‌ دارع ‌و‌ نابل نسبته الى الدرع ‌و‌ النبل، ‌اى‌ ذى درع ودى
 
نبل، ‌و‌ يجوز ‌ان‌ يكون ‌من‌ باب الاسناد المجازى كقولك: «نهاره صائم» جعل الصوم للنهار ‌و‌ ‌هو‌ لصاحبه، ‌و‌ كذلك هنا جعل الرضى للصلاه ‌و‌ ‌هو‌ لصاحبها، ‌و‌ الغرض ‌من‌ ذلك المبالغه على الوجهين فانه ‌لا‌ يجعل الفعل فاعلا الا اذا كان الفاعل مبالغا فيه كما نص عليه ائمه البلاغه.
 ‌و‌ قال ابوالبقاء ‌فى‌ قوله تعالى: «عيشه راضيه» فيه ثلاثه اوجه:
 احدها: هى بمعنى مرضيه مثل دافق بمعنى مدفوق.
 ‌و‌ الثانى: على النسب اى: ذات رضا مثل لابن ‌و‌ تامر.
 ‌و‌ الثالث: هى على بابها ‌و‌ كان العيشه رضيت بمحلها ‌و‌ حصولها ‌فى‌ مستحقها ‌او‌ انها ‌لا‌ اكمل ‌من‌ حالها فهو مجاز، انتهى.
 قال ابن جنى: اذا حملت راضيه على معنى ذات رضى كانت بمعنى مرضيه، ‌و‌ ينبغى ‌ان‌ تعلم ‌ان‌ التاء فيها حينئذ ليست هى التاء التى يخرج بها اسم الفاعل على التانيث ذلك الفعل ‌من‌ لفظه، لانها لو كانت تلك لفسد القول، الا ترى انه ‌لا‌ يقال: رضيت العيشه على هذا المعنى ‌و‌ اذا لم تكن اياها وجب ‌ان‌ تكون التى للمبالغه كداهيه ‌و‌ راويه مما لحقته التاء للمبالغه ‌و‌ حسن ذلك جريانها صفه على مونث، انتهى.
 ‌و‌ هى فائده غريبه ‌قل‌ ‌من‌ نبه عليها.
 ‌و‌ قوله عليه السلام: «لا تكون صلاه فوقها» ‌اى‌ اعلى ‌و‌ ارفع منها منزله ‌و‌ رتبه عنده تعالى لتناسب المصلى عليه ‌فى‌ شرف القدر ‌و‌ علو المكانه لديه سبحانه، ‌و‌ الله اعلم.
 
ارضاه الشى ء فرضيه ‌و‌ رضى به: ‌اى‌ اقنعه فقنع ‌به‌ ‌و‌ اختاره ‌و‌ لم يطلب معه غيره.
 ‌و‌ تزيد على رضاه: ‌اى‌ مرضيه ‌من‌ قولهم: «هذا شى ء رضا» ‌اى‌ مرضى ‌اى‌ تزيد ‌ما‌ يرضاه ‌من‌ الصلاه، ‌و‌ لما كانت مراتب استحقاق كرامته سبحانه غير متناهيه ‌و‌ كان صلى الله عليه ‌و‌ آله احب خلقه اليه ‌و‌ اكرمهم عليه ‌و‌ كان جديرا ‌ان‌ ‌لا‌ يكتفى ‌فى‌ الصلاه عليه ‌و‌ الرحمه له بما يرضاه ‌هو‌ بل بما يزيد على رضاه سال عليه السلام: «ان يصلى عليه صلاه يرضى ‌هو‌ بها بل تزيد على رضاه سبحانه» اذ كان مقتضى وفود احسانه ‌و‌ كمال امتنانه ‌ان‌ يبلغ نفسا هى محل الرساله اقصى مراتب الخيرات ‌و‌ اعلى درجات الرحمات، ثم لما استشعر عليه السلام انه تعالى ‌لا‌ يرضى له الا بالصلاه التى هى اتم الصلوات، ‌و‌ الرحمه التى هى اكمل الرحمات، سال ‌ان‌ يصلى عليه صلاه ‌لا‌ يرضى له الا بها، فلا تكون صلاه اشرف منها اذ لو كان فوقها صلاه لم يرض له بما دونها، ‌و‌ ‌لا‌ ينافى ذلك ‌ان‌ مراتب استحقاق كرامته تعالى غير متناهيه، لان المسوول ‌ان‌ يصلى عليه صلاه غير متناهيه، ثم لما كان صلى الله عليه ‌و‌ آله ‌فى‌ الرتبه التى ‌لا‌ يشاركه فيها احد ‌من‌ الشرف ‌و‌ الكمال سال عليه السلام ‌ان‌ يصلى عليه صلاه ‌لا‌ يشاركه فيها احد، فقال: «لا ترى غيره لها اهلا».
 ‌و‌ الرويه: هنا بمعنى العلم فان الرويه اذا عديت الى مفعولين اقتضت معنى العلم ‌او‌ رجحان الظن، ‌و‌ منه قوله تعالى: «انهم يرونه بعيدا ‌و‌ نراه قريبا»
 
الاولى للرجحان ‌و‌ الثانيه لليقين، ‌اى‌ ‌لا‌ تعلم غيره لها اهلا، ‌اى‌ مستحقا لها، يقال: فلان اهل لكذا، ‌اى‌ مستحق له ‌و‌ خليق به، ‌و‌ اصله ‌من‌ اهل الرجل، ‌و‌ ‌هو‌ ‌من‌ يجمعه ‌و‌ اياهم نسب، كان ‌ما‌ استحقه اختص ‌به‌ اختصاص اهل الرجل به، ‌و‌ الله اعلم.
 
جاوزت الشى ء ‌و‌ تجاوزته: تعديته.
 ‌و‌ الرضوان بكسر الراء ‌و‌ ضمها: لغه قيس ‌و‌ تميم، بمعنى الرضى.
 ‌و‌ قال الراغب: الرضوان: الرضى الكثير، ‌و‌ لما كان اعظم الرضى رضى الله خص لفظ الرضوان ‌فى‌ القرآن بما كان ‌من‌ الله تعالى، انتهى.
 ‌و‌ رضى الله تعالى عن العبد: قيل: ‌هو‌ عباره عن ‌ان‌ يراه موتمرا لامره ‌و‌ منتهيا عن نهيه.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ عباره عن ثوابه كما ‌ان‌ سخطه عباره عن عقابه.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ مدحه على الطاعه ‌و‌ ثناوه عليه.
 ‌و‌ قيل: ‌هو‌ معنى يستحقه العبد ‌من‌ ربه بالاحسان ‌فى‌ طاعته، ‌و‌ لعل هذا المعنى انسب المعانى المذكوره هنا فيكون المراد بتجاوز الصلاه رضوانه تعالى تجاوز المقدار الذى استحقه عليه السلام باحسانه ‌فى‌ طاعته ‌من‌ رضوانه ‌جل‌ ‌و‌ علا، ‌و‌ الغرض طلب الزياده له على منتهى الاستحقاق.
 ‌و‌ اتصل الشى اتصالا: استمر ‌و‌ لم ينقطع، ‌و‌ اتصل بغيره: التام به.
 ‌و‌ بقاوه تعالى: عباره عن عدم انتهاء تقدير وجوده ‌فى‌ الاستقبال الى آخر، ‌و‌ يعبر عنه باستمرار وجوده بلا انقطاع ايضا، ‌و‌ المعنى صلاه تستمر باستمرار وجودك فلا يكون لها آخر تنتهى اليه.
 
و نفد الشى ء ينفد بالدال المهمله ‌من‌ باب- تعب- نفادا: فنى ‌و‌ انقطع ‌و‌ ‌فى‌ هذه الفقره تلميح الى قوله تعالى ‌فى‌ سوره لقمان: «و لو ‌ان‌ ‌ما‌ ‌فى‌ الارض ‌من‌ شجره اقلام ‌و‌ البحر يمده ‌من‌ بعده سبعه ابحر ‌ما‌ نفدت كلمات الله ‌ان‌ الله عزيز حكيم».
 ‌و‌ كلماته تعالى: قيل: المراد بها صفاته، ‌و‌ معنى عدم نفادها عدم تناهى تعلقاتها بمعنى ‌ان‌ تعلقاتها ‌لا‌ تنتهى الى ‌حد‌ ‌لا‌ يتصور فوقه آخر، ‌لا‌ بمعنى ‌ان‌ ‌ما‌ ‌لا‌ نهايه له يدخل ‌فى‌ الوجود فانه محال.
 ‌و‌ قيل: المراد بها مقدوراته التى هى ‌فى‌ المقدور دون ‌ما‌ خرج منها الى الوجود.
 ‌و‌ قيل: معانى كلماته ‌و‌ فوائدها: ‌و‌ هى القرآن ‌و‌ سائر كتبه، ‌و‌ لم يرد بذلك اعيان الكلمات لانه قد فرغ ‌من‌ كتابتها.
 ‌و‌ قيل: المراد بها عجائب مصنوعاته الموجوده بكلمه كن.
 ‌و‌ قيل: كلمات علمه ‌و‌ حكمته.
 ‌و‌ قال العلامه الطبرسى: الاولى ‌ان‌ تكون عباره عن معلوماته ‌و‌ مقدوراته لانها اذا كانت ‌لا‌ تتناهى فكذلك الكلمات التى تقع عباره عنها ‌لا‌ تتناهى.
 ‌و‌ عن الصادق عليه السلام: ‌فى‌ معنى عدم نفاد الكلمات: ‌ان‌ كلام الله ‌عز‌ ‌و‌ ‌جل‌ ليس له آخر ‌و‌ ‌لا‌ غايه ‌و‌ ‌لا‌ ينقطع ابدا.
 ‌و‌ المراد بكلامه: متعلق علمه تعالى لانه غير متناه بالبرهان فكذلك التابع له قالوا: ‌و‌ تقدير الايه لو ‌ان‌ الاشجار اقلام ‌و‌ الحال ‌ان‌ البحر المحيط بسعته تمده الابحر السبعه مدا ‌لا‌ ينقطع ابدا ‌و‌ كتبت بتلك الاقلام ‌و‌ بذلك المداد كلمات الله ‌ما‌ نفدت كلمات الله ‌و‌ نفدت تلك الاقلام ‌و‌ ذلك المداد.
 قيل: ‌و‌ اسناد المد الى الابحر السبعه دون البحر المحيط مع كونه اعظم منها ‌و‌ اطم
 
لانها هى المجاوره للجبال ‌و‌ منابع المياه الجاريه ‌و‌ اليها تنصب الانهار العظام اولا، ‌و‌ منها تنصب الى البحر المحيط ثانيا.
 ‌و‌ قيل: المراد بالبحر: جنس البحار، ‌و‌ بالسبعه الابحر: التكثير ‌لا‌ التقرير فان السبعه ‌و‌ السبعين: يجريان مجرى المثل، ‌من‌ حيث ‌ان‌ السبعه اكمل الاحاد لاشتمالها على جمله اقسام العدد، لانه اما زوج ‌او‌ فرد، اما منطق ‌او‌ اصم، اما اول ‌او‌ غير اول، ‌و‌ اما مجذور ‌او‌ غير مجذور، ‌و‌ اما تام ‌او‌ زائد ‌او‌ ناقص، ‌و‌ اما زوج الزوج ‌او‌ زوج الفرد، ‌و‌ قد اشتملت السبعه على هذه الانواع الا الزائد ‌و‌ الفرد غير الاول.
 ‌و‌ ‌فى‌ الكشاف: فان قلت: لم قيل: «من شجره» على التوحيد دون اسم الجنس الذى ‌هو‌ الشجر؟
 قلت: اريد تفصيل الشجر ‌و‌ تقصيها شجره شجره حتى ‌لا‌ يبقى ‌من‌ جنس الشجر ‌و‌ ‌لا‌ واحده الا ‌و‌ قد بريت اقلاما.
 فان قلت: الكلمات جمع قله ‌و‌ الموضع موضع الكثره ‌لا‌ التقليل فهل ‌لا‌ قيل: كلم الله؟.
 قلت: معناه ‌ان‌ كلماته ‌لا‌ تفى بكتبها البحار فكيف بكلمه؟ انتهى.
 قال ابوحيان: ‌و‌ على تسليم ‌ان‌ «كلمات»: جمع قله، فجموع القله اذا تعرفت بالالف ‌و‌ اللام غير العهديه ‌او‌ اضيفت عمت ‌و‌ صارت ‌لا‌ تخص القله، ‌و‌ العام مستغرق لجميع الافراد انتهى.
 ‌و‌ ‌فى‌ معنى الايه آيه الكهف ‌و‌ هى قوله تعالى: «قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى لنفد البحر قبل ‌ان‌ تنفد كلمات ربى ‌و‌ لو جئنا بمثله مددا».
 قال صاحب الكشف معناه لنفد البحر ‌و‌ الكلمات باقيه، ‌و‌ عدل الى المنزل
 
لفائده المزاوجه ‌و‌ ‌ان‌ ‌ما‌ ‌لا‌ ينفد عند العقول العاميه ينفد دون نفادها، ‌و‌ كلما فرضت ‌من‌ المدد فكذلك.
 ‌و‌ زعم بعضهم ‌ان‌ قوله: «قبل ‌ان‌ تنفد» يدل على ‌ان‌ «ثم نفادا» ‌فى‌ الجمله محققا ‌او‌ مقدرا.
 ‌و‌ رد: بان نفاد شى ء قبل نفاد شى ء آخر ‌لا‌ يدل على نفاد الشى ء الاخر ‌و‌ ‌لا‌ عدم نفاده، فلا يستفاد ‌من‌ الايه الا كثره كلمات الله بحيث ‌لا‌ يضبطها عقول البشر، اما انها متناهيه فلا دليل ‌فى‌ الايه على احد النقيضين، لكن ثبت بالبرهان ‌ان‌ معلوماته تعالى غير متناهيه ‌و‌ كلماته تابعه لمعلوماته فهى غير متناهيه ايضا كما ‌هو‌ صريح آيه لقمان ‌و‌ الله اعلم.
 
تنتظم: ‌اى‌ تنظم ‌و‌ تجمع، ‌و‌ صيغه الافتعال هنا للمبالغه ككسب ‌و‌ اكتسب.
 قال الرضى: لابد لزياده البناء ‌من‌ معنى ‌و‌ لو لم يكن الا التاكيد.
 ‌و‌ ‌ما‌ وقع ‌فى‌ بعض التراجم: ‌ان‌ انتظم ‌و‌ مضارعه لم يرد الا لازما ‌و‌ لم يسمع متعديا، ‌لا‌ التفات اليه، ‌و‌ مازعمه ‌ان‌ تنتظم هنا بمعنى تختل ‌من‌ قولهم: انتظمه بالرمح: ‌اى‌ اختله، ‌و‌ نفذ الرمح فيه، ‌و‌ المعنى صلاه تنفذ ‌فى‌ صلوات
 
ملائكتك ‌و‌ انبيائك، ‌اى‌ تزيد على صلوات جميعهم خبط صريح، بل معنى تنتظم ‌ما‌ ذكرناه، ‌و‌ المعنى صلاه تجمع المطلوب. ‌و‌ الغرض ‌من‌ صلوات ملائكتك ‌و‌ انبيائك الى آخره: ‌و‌ ‌هو‌ الاعتناء بما فيه خيره ‌و‌ صلاح امره ‌و‌ الاهتمام باظهار شرفه ‌و‌ تعظيم شانه، ‌و‌ الا فالصلاه ‌من‌ الله تعالى مغايره للصلاه ‌من‌ الملائكه ‌و‌ ‌من‌ الادميين على ‌ما‌ ‌هو‌ المشهور: ‌من‌ انها ‌من‌ الله سبحانه الرحمه، ‌و‌ ‌من‌ الملائكه الاستغفار، ‌و‌ ‌من‌ الادميين دعاء بعضهم لبعض، فلا تكون صلاته سبحانه بمعنى صلوات غيره حتى تجمعها.
 هذا ‌ان‌ حملنا اضافه الصلوات الى الملائكه ‌و‌ غيرهم على معنى الصلوات منهم فتكون الاضافه الى الفاعل، ‌و‌ ‌ان‌ حملناها على معنى الصلوات ‌من‌ الله عليهم فالمعنى تحتوى على مقدار صلواتك عليهم ‌و‌ تجمع ثواب جملتها ‌و‌ الغرض ‌ان‌ يصلى عليه صلوات تعادل ‌و‌ توازى جميع صلواته على الطوائف المذكورين.
 ‌و‌ قد اسلفنا الكلام على الفرق بين النبى ‌و‌ الرسول فليرجع اليه.
 ‌و‌ اشتمل على الشى ء احاط به، ‌و‌ منه اشتمال الرحم على الولد.
 ‌و‌ اضافه عباد الى كاف الخطاب مع ‌ما‌ ‌فى‌ ذلك ‌من‌ التشريف: للايذان بان المراد بهم عباده الذين وصفهم بقوله تعالى: «و عباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا ‌و‌ اذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ‌و‌ الذين يبيتون لربهم سجدا ‌و‌ قياما» الى آخر ‌ما‌ وصفهم ‌به‌ ‌لا‌ مطلق العباد، بدليل عطف اهل الاجابه عليهم فانه ‌من‌ عطف العام على الخاص.
 ‌و‌ قال بعض المفسرين: لفظ العباد يختص بالمومنين ‌فى‌ اكثر القرآن: «فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه» «عينا يشرب بها عباد الله»
 
«قل ‌يا‌ عبادى الذين اسرفوا على انفسهم» «و ‌قل‌ لعبادى يقولوا التى هى احسن» «فادخلى ‌فى‌ عبادى».
 ‌و‌ اهل اجابته تعالى: ‌هم‌ الذين اجابوا داعيه ‌من‌ الانس ‌و‌ الجن لقولهم: «يا قومنا اجيبوا داعى الله».
 ‌و‌ الجمع: ضم الشى ء بتقريب بعضه ‌من‌ بعض، يقال: جمعته فاجتمع، ‌و‌ عدى الاجتماع هنا بعلى لتضمينه معنى الاشتمال كما يقال: انطوى على الامر، ‌اى‌ تجتمع مشتمله على صلاه ‌من‌ ذرات ‌و‌ برات ‌اى‌ خلقت، يقال: ذرا الله الخلق ‌و‌ براهم بمعنى فهو ‌من‌ باب عطف الشى ء على مرادفه نحو: «انما اشكو بثى ‌و‌ حزنى» ‌و‌ الفى قولنا كذبا دينا ‌و‌ الغرض التاكيد، فان الفائده التاكيد ‌به‌ معتبره ‌فى‌ الاطناب.
 ‌و‌ قال الطيبى ‌فى‌ شرح المشكاه: ذرا: ‌اى‌ بث الذرارى ‌فى‌ الارض، ‌و‌ برا: ‌اى‌ اوجد بريئا ‌من‌ التفاوت.
 ‌و‌ الاصناف: جمع صنف بالكسر كحمل ‌و‌ احمال، ‌و‌ قد يفتح ‌فى‌ لغه فيجمع على صنوف كفلس ‌و‌ فلوس.
 قال ابن فارس: الصنف فيما ذكر عن الخليل: الطائفه ‌من‌ كل شى ء.
 ‌و‌ قال الجوهرى: ‌هو‌ النوع ‌و‌ الضرب.
 ‌و‌ المراد بصلاه ‌من‌ ذرا ‌و‌ خلق: دعاءهم ‌ان‌ اريد الصلاه منهم، ‌و‌ رحمته تعالى
 
لهم ‌ان‌ اريد الصلاه عليهم فان رحمته تعالى وسعت كل شى ء، ‌و‌ الغرض ‌من‌ هذه الفقره التعميم بعد التخصيص، ‌و‌ الله اعلم.
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخرین مطالب

الدعاء 47- 5
الدعاء 16
الدعاء 2- 1
الدعاء 1- 2
اسناد الصحیفه السجادیه- 2
الدعاء 53
الدعاء 45- 1
الدعاء 52
الدعاء 20- 1
الدعاء 1- 5

بیشترین بازدید این مجموعه

الدعاء 47- 5

 
نظرات کاربر

پر بازدید ترین مطالب سال
پر بازدید ترین مطالب ماه
پر بازدید ترین مطالب روز



گزارش خطا  

^